قصص

قصه شارع الصنادقية

قصه شارع الصنادقية
مسكت القلم وكتبت عنوان في اول الورقة.. (قصة مزرعة الكلاب).. وبعد ما كتبت، بصيت لجدتي وسألتها بتركيز…
-احكي يا ستي بقى حكاية مزرعة الكلاب.
سكتت جدتي لفترة، ف فضلت باصصلها وانا ساكت لحد ما صبري نفذ بصراحة..
-يا ستي.. يا حاجة، ايه.. روحتي فين؟!
بصت لي وبعد كده بصت للورقة وقالتلي..
-اقلب الصفحة يا واد واكتب قصة شارع الصنادقية.
-استغفر الله العظيم يارب، صنادقية ايه بس، انتي مش قولتي هتحكيلي حكاية مزرعة الكلاب!
ابتسمت وهي بترد عليا..
-يا واد ما انا كده كده هحكيهالك ماتخافش، انا مابنساش، بس قبلة، خليني احكيلك حكاية شارع الصنادقية قبل ما انساها.
قلبت الصفحة وكتبت اللي قالتلي عليه، وبعد ما كتبت العنوان بصيتلها وانا حاطط إيدي على خدي..
-وايه حكاية شارع الصنادقية ده كمان.
ريحت جدتي ضهرها على ضهر السرير وبصت قصادها..
-الحكاية قديمة.. قديمة اوي، لكن على قد ما هي قديمة، فهي مرعبة للدرجة اللي تشيب.
مسكت القلم وابتديت اكتب ورا جدتي اللي ابتدت تحكي..
الحكاية بدأت ايام زمان، زمان اوي.. زمان لدرجة إن اللي حكوها مش فاكرين هي حصلت امتى بالظبط، لكن اللي فاكرينه كويس، إن في وقت ما حصلت الحكاية، كان في شارع في الازهر اسمه شارع الصنادقية، وقبل ما اقولك الشارع ده، اتسمى بالأسم كده ليه، فانا الأول هحكيلك على بيت من بيوت الشارع، في البيت ده كان عايش الحاج نور تاجر القطن المعروف هو ومراته وابنه الوحيد يوسف، وقتها يوسف كان عنده ٢٢ سنة، وبما إنه كان شاب زي الورد وبيساعد ابوه في شغله وكسيب، فكان لازم يجي عليه يوم ويتجوز، ولما جه اليوم ده، قعد يوسف مع ابوه وامه وقال لهم..
-بص ياحاج انت والحاجة، انا مجمعكوا دلوقتي عشان عاوز اقولكوا حاجة مهمة اوي.. بصراحة كده، انا نويت اتجوز.
لما يوسف قال كده، امه قامت وقفت وزغرطت زغروطة سَمعت في الشارع كله..
-الف مبرووك يا حبيبي، اخيرًا يا واد هشيل عيالك زي ما شيلتك وانت صغير.
وبعد ما امه قالت كده، بص لها ابوه الحاج نور وقال لها..
-يا ولية اصبري لما نعرف الأول الواد عينه على مين.
وكمل كلامه وهو بيبص ليوسف..
-ها.. مين اللي عليها العين يا واد؟!
اتحرج يوسف ورد على ابوه بابتسامة كده وهو خجلان..
-البت فاطمة.. فاطمة بنت عم سليمان.
اتعدل ابوه في قعدته وضحك بفخر..
-فاطمة بنت سليمان غلباوي المحاكم!
-ايوة يا ابا.. هي فاطمة بنت عم سليمان الغلباوي.
-عفارم عليك يا واد.. والله ووقعت واقف يا ابن الحاج نور، البت بصراحة ماتتعيبش، مافيهاش غلطة، عالفبريكة بصحيح.
زغدته مراته في دراعه وهي بتقوله بضيق..
-جرى ايه يا راجل.. انت هتبصبص لعروسة ابنك ولا ايه؟!
بصلها الحاج ونور وضحك وهو بيرفعلها حاجبه..
-يا ولية ابصبص ايه، انا فرحان اكمنه بيعرف يختار زي ابوه، وبعدين حد يبقى جنبه المدبح ويبص لمحلات الجزارة.
ضحكت ام يوسف والبيت اتملى بالفرح بعد كلامهم، لكن بعد ما هزارهم خلص، اتكلم يوسف مع ابوه بجدية وقال له..
-حلو اوي يا ابا.. حيث كده بقى عاوزين نحدد معاد ونروح نزورهم فيه.
بص نور لمراته وقالها..
-ده دور امك بقى.. شوفي يا ام يوسف، انتي بكرة تعملي زيارة للست ام فاطمة وتجسي نبضها، ولو تمام ومرحبة، خديلنا منهم معاد.
واللي قاله الحاج نور نفذته مراته، تاني يوم الصبح راحت لام فاطمة اللي رحبت هي وبنتها وجوزها بالموضوع، وبعد ترحيبهم وسعادتهم بجوازة بنتهم من الشاب المحترم يوسف ابن تاجر القطن، حددوا معاد وراحت ام يوسف ومعاها جوزها وابنها وخطبوا البت.. ومش بس كده، دول كمان حددوا معاد الفرح واتفقوا ان الواد هيقعد في البيت مع ابوه وامه، بس في الدور التاني، وكان الاتفاق ما بينهم ان الجواز هيتم في خلال ٤٠ يوم لأن الواد والبت يعتبر كانوا جاهزين من مجاميعه، إنما تعرف.. المشكلة ماكانتش لا في الواد ولا في البت، المشكلة كانت في نفيسة، ونفيسة دي تبقى اخت فاطمة الكبيرة.. نفيسة اللي بعد يومين من خطوبة اختها على يوسف، خدت بعضها ونزلت من بيتها وراحت على محل الحاج نور.. وقتها المحل كان تقريبًا فاضي وماكنش فيه حد غير يوسف لأنه كان الصبح بدري اوي.
دخلت نفيسة المحل، ومع دخولها، قام يوسف وقف وهو بيرحب بيها…
-اهلًا اهلًا.. اهلًا وسهلًا بالغالية اخت الغالية.. اتفضلي يا ست الناس.
لكن وش نفيسة كان متغير على عكس يوسف اللي كان مبسوط بمجيتها، وسبب تغيير وشها وزعلها وعصبيتها، اتعرف لما بصت ليوسف من فوق لتحت وقالتله..
-مش جاية اتضايف يا ابن الحاج نور يا خطيب اختي، انا بس جايالك في سؤال بقالي ايام هموت واعرف اجابته.. هي فيها ايه زيادة عني؟!
الواد يوسف اتاخد اول ما سمع الكلام ده من نفيسة ورد عليها باستغراب..
-مين دي؟!.. انا مش فاهم حاجة!
قربت منه والدموع في عينيها..
-البت فاطمة اختي الصغيرة.. فيها ايه زيادة عني عشان تتقدملها هي، وازاي اصلًا انا ماجيتش في بالك رغم ان عيني عليك من زمان.. فاكر!.. فاكر يا يوسف لما كنا بنتجمع قصاد بيتكوا في رمضان ونفضل نلعب سوا، طب فاكر واحنا صغيرين لما كنت بتقف لأي حد يتعرضلي.
برقلها يوسف وهو مش مصدق اللي بتقوله..
-فاكر ايه ونيلة ايه.. ده كان زمان وولى، وبعدين احنا دلوقتي كبار وانا بقيت خطيب اختك، ثم تعالي هنا يا نفيسة، انتي ليه محسساني اني وعدتك بحاجة وخليت بيكي، ده احنا من يوم ما كبرنا وانا وانتي تقريبًا ماتكلمناش الا مرتين تلاتة، وكانوا بالصدفة.
-اه.. معاك حق.. هم اه مرتين تلاتة، بس انا عمري ما نسيتهم، فاكر لما في مرة منهم بصيت في عنيا وقولتلي الله يسلمك يا نفيسة!.. فاكر قولتها بحنية ازاي؟!
ضرب يوسف كف بكف..
-يا وقعة مطينة بطين، هو كل واحد قال لجارته الله يسلمك بذوق، يبقى خلاص كده لازم يكتب عليها!.. جرالك ايه يا نفيسة، ما تفوقي من اللي انتي فيه ده، فوقي كده واعرفي كلامك ده نتيجته ايه.. وعلى كل حال، انا هعتبر نفسي ماسمعتش حاجة، ويلا اتفضلي على بيتكوا بقى خليني اشوف اللي ورايا عالصبح، وبالنسبة لزياراتك دي، فانا هعتبرها ماحصلتش.. يلا اتكلي.. نهارك ابيض، وابقي سلميلي على فاطمة، فاطمة اختك اللي كلها كام يوم وهتبقى مراتي.
بصت له نفيسة بغل وخرجت من عنده وهي شايطة يا ابني، وفي نفس الوقت يوسف هو كمان كان متضايق ومش مصدق اللي سمعه، هو عمره ما فكر فيها ولا حبها من اصله، هو قلبه كان مع فاطمة.. فاطمة اللي ماعرفتش بالزيارة دي وقتها ولا حتى بعد كده.. ومع الوقت ومرور الايام، ابتدا يوسف يحضر بيته ونفسه للفرح، وبعد ما جهزوا كل حاجة وكتبوا الكتاب، عملوا الفرح.. والفرح طبعًا كان زيه زي كل الافراح الشعبية في مناطقنا زمان، زمامير وكارتة وطبل ورقص بالعصيان.. وبعد ما الزفة خلصت والعرسان قعدوا على الكوشة، وقفت نفيسة تبصلهم بحسرة من بعيد، اه.. ماهي لما ماقدرتش تداري دموعها، وقفت بعيد وفضلت بتبص عليهم وهي جواها نار من اختها، وفي نفس الوقت نار من يوسف اللي حبته من صغرها وهو عمره ما بصلها، لكن في نفس الوقت برضه، كانت سلوى خالة العريس، قاعدة مع اختها، عينيها كانت مليانة غيرة وحقد، والغيرة والحقد دول ظهروا اوي لما قالت لاختها بتريقة…
-بقى الواد يسيب بناتي وبنات خاله حسن ويبص برة!.. اما عجايب!
طبطبت ام يوسف على رجلها وقالتلها بابتسامة صفرا عشان تكسر سمها..
-ونبي يا اختي احنا في فرح والواد مبسوط، يعني يا تباركي وتهيصي زي بقية الخلق، يا تنقطينا بسكاتك، ده نصيب والواد اختار اللي قلبه حبها.
ومن بعد كلام ام يوسف ده، اتكسفت سلوى وفضلت ساكتة وشالت جواها، زيها زي نفيسة بالظبط، وبرغم الحقد والغيرة من جوازة يوسف من فاطمة، إلا إن الليلة عدت على خير والاتنين طلعوا شقتهم، لكن من بعد طلوعهم ومن بعد ما اتقفل عليهم باب واحد، وهم حياتهم ابتدت تتغير.. ومش للأحسن، لا، ده للأسوء!
ليلتها بص يوسف لفاطمة وقال لها..
-والله ونورتي بيت الحاج نور يا زينة بنات الازهر.
ضحكت فاطمة وقالتله بكسوف..
-ده نورك يا سيد الرجالة.
قرب منها يوسف وقالها بغمزة..
-طب ما لما انا سيد الرجالة وانتي بقيتي مراتي، ما تقربي بقى يا ساكنة القلب والروح.
بعدت فاطمة عنه وهي بتقوله بإحراج..
-طب اطلع برة الأوضة عشان اغير هدومي، وبعد ما اغير هنقرب وهقضي الليلة كلها جنبك.
ضحك يوسف وخد بعضه وخرج من الأوضة وهو بيقولها..
-أمرك يا ورد الورد.
خرج يوسف وطلعت فاطمة صندوق خشب كبير، والصندوق ده اسمه صندوق الشوار، وهنا بقى خليني اشرحلك شارع الصنادقية اتسمى بالأسم ده ليه.. الشارع ده هو الشارع اللي بيعملوا فيه الصناديق الخشب من كل الأحجام والاشكال… يعني صناديق الدهب وصناديق الشوار وغيرهم وغيرهم من الصناديق اللي الناس زمان كانوا بيستعملوها في تخزين الحاجات المهمة، ومن ضمن الصناديق الخشب اللي اتعملت في شارع الصنادقية، كان الصندوق اللي فتحته فاطمة وطلعت منه هدوم البيت بتاعتها ولبستها لجوزها، وبعد ما خلصت لبس ندهت عليه بحنية..
-سي يوسف.. اتفضل يا سي يوسف.
دخل يوسف الاوضة، واول ما دخل بص لفاطمة وهو مبرق..
-اللهم صلي على كامل النور، ربنا يحفظك ويباركلي فيكي ويقدرني واسعدك يا نور العين.
وبعد كلامهم وملاطفتهم سوا، غَير يوسف هدومه وقعدوا اتعشوا، وبعد ما خلصوا كل حاجة ممكن تتعمل قبل الدُخلة، واول ما جه يوسف يقرب من فاطمة، فجأة لقاها قامت وقفت قالتله بصوت عالي..
-ايه ده.. ايه اللي بيمشي على الحيطة ده!
بصلها وهو مبرق وبعد كده بص للحيطة اللي هي بتبص عليها..
-في ايه اللي بيمشي على حيطة، تقصدي صرصار يعني ولا..
قاطعته فاطمة بسرعة..
-صرصار ايه.. انا اقصد خيوط الدم اللي نازلة من السقف دي، انت مش شايفها!
قام يوسف وقف وهو بيبص للحيطة باستغراب..
-خيوط دم ايه بس يا حبيبتي، انتي بيتهيألك ولا ايه؟!
بعد ما قالها كده كان بيحاول يقرب منها، لكنها فجأة زقته وقالتله بصوت عالي..
-ابعد عني.. انت شكلك بقى عامل كده، يا اباا.. الحقني يا ابا، انت مش يوسف.. انت شيطان.
وفضلت البت تصرخ وتتشنج لما وقعت من طولها وأغمى عليها.
عدى على اللي حصل ده ساعتين تقريبًا، وبعد الساعتين، كان يوسف قاعد هو وامه جنب فاطمة اللي كانت نايمة على السرير!.. فتحت عينها بالراحة وهي بتبص على حماتها باستغراب..
-هو ايه اللي حصل؟!
قربت منها ام يوسف وطبطت عليها..
-ماتقلقيش يا حبيبتي، انتي بس اتخضيتي عشان تلاقيكي خايفة بس من الدُخلة وكده، إنما انتي بخير وزي الفل.. ده انا لما يوسف نزلي جري وقالي وقال ابوه انك صرختي ووقعتي من طولك، قلبي كان هيقف من الخوف عليكي، بس اديكي الحمد لله اهو فوقتي زي ما قولتله.. ما انا لما طلعت وبصيت عليكي، قولت للواد يوسف انك تلاقيكي اتخضيتي وخوفتي بس، وعشان كده غيبتي عن الدنيا، بس اديكي اهو زي الفل، يلا بقى يا حبيبتي اسيبك مع عريسك عشان..
وقبل ما تكمل ام يوسف كلامها، صرخت فاطمة وهي بتبص ليوسف..
-عريس مين، ده مش عريسي ولا ده يوسف اللي انا اعرفه، انا كنت شايفة شيطان قدامي، ده ده.. ده وشه اتغير وكان هيموتني.
اتخضت ام يوسف اول ما سمعت الكلام ده وقالت لفاطمة..
-لا يا حبيبتي شيطان ايه بس، ده عريسك يوسف.. انتوا شكلكوا اتحسدتوا، وعشان كده بقى انا من الصبح بدري هروح للست ام النوبي واجيبها ترقيكوا.
قام يوسف وقف وبص لامه بزهق وهو بينفخ..
-ماشي.. ومن هنا لحد الصبح انا هنام برة، وانتي يا اما معلش خليكي جنبها لحد الصبح، حاكم انا على اخري ومش ناقص بصراحة، كفاية ليلة العُمر اللي اتضربت.
سمعت ام يوسف كلام ابنها لأنها كانت مقدرة خنقته ومضايقته من بعد اللي حصل، اما فاطمة بقى، فحطت راسها على المخدة وغمضت عينيها وراحت في سابع نومة، وبالنسبة ليوسف، فده نزل لابوه وحكى له اللي حصل وقال له ان امه هتبات مع فاطمة، بس يوسف بعد ما خلص كلامه، بص له الحاج نور ابوه من فوق لتحت بضيق..
-انت ياض عبيط!.. اتغاشمت ليه، انا مش قولتلك خدها واحدة واحدة وبالمسايسة!
-اتغاشمت!.. اتغاشمت فين بس يا حاج، ده انا مالحقتش المسها حتى، ده انا اول ما جيت اقرب منها حصل اللي حصل، وبعدين كلام امي صح.. اللي حصل لفاطمة ده مش طبيعي، احنا نستنى لبكرة وبعد ما ام النوبي تيجي وترقينا وترقي البيت، هنشوف هيحصل ايه.
خبط الحاج نور على كتف ابنه قبل ما يدخل اوضته وهو بيقوله..
-طيب يا ابن امك.. اتخمد على الكنبة هنا لحد الصبح، وانا هدخل اتخمد انا كمان، ربنا يستر بس وموضوع ليلة دخلتك اللي باظت دي مايتعرفش وسيرتنا تبقى على كل لسان.
دخل الحاج نور اوضته وساب يوسف قاعد على كنبة بيفكر في اللي حصل، وبعد تفكير وخنقته، تعب يوسف وحط راسه على مخدة الكنبة الاسطنبولي اللي في الصالة وراح في النوم، واول ما نام، ابتدا يسمع صوت غريب!
كان صوت قطط.. بس مش قطط بتتخانق ولا بتزعق زي ما بيحصل من قطط الشوارع بالليل، لا.. صوت القطط اللي سمعه يوسف كان صوت قطط صغيرة بتعيط!.. ايوة يا ابني، الصوت اللي سمعه يوسف كان اقرب للعياط لكنه ممزوج بنونوة لقطط!
فتح عينه بالراحة عشان يشوف الصوت ده جاي منين، وبمجرد ما فتح، شاف تحت الكنبة وعلى الأرض، قطة حجمها ضخم اوي، والقطة دي كان حواليها قطط كتير صغيرين، وكأنهم عيالها اللي لسه ولداهم، اجسامهم كان الشعر فيها بسيط اوي والدم ماليهم.. بس تعرف، مش القطط ومناظرهم مش هي الحاجة الغريبة الوحيدة اللي يوسف شافها، ده الاغرب من ده كله بقى إن القطة قامت وقفت على حيلها وبصت للقطط اللي حواليها وابتدت تاكل فيهم واحدة ورا التانية!
كانت بتنهش في جلدهم وبتقطعهم حتت بسنانها وسط صراخهم واصواتهم المرعبة، كل ده كان بيحصل ويوسف نايم مبرق على الكنبة، ومرة واحدة وقبل ما يتحرك او يقوم من مكانه او حتى يقول كلمة، كانت القطة الضخمة دي مقربة منه، وفي لحظة وبدون أي مقدمات، نطت في وشه!
(اعوذبالله من غضب الله.. اعوذبالله من غضب الله)
قام يوسف من النوم وهو بيبص حواليه بخوف وبقلق، وبعد شوية من الذهول والرعب، اكتشف يوسف انه كان بيحلم، وان الحمد لله يعني كل اللي شافه ده ماكنش حقيقة، بعد الشوية دول قام يوسف من مكانه وراح ناحية القولة اللي على الترابيزة اللي في اخر الصالة، وبعد ما شرب منها فجأة الفجر أذن… دخل اتوضى وصلى، وبعد ما خلص ودعى ربنا بأن الازمة اللي هو فيها دي ماتطولش وتعدي على خير، رجع للكنبة من تاني، بس وهو راجع فجأة حس بحاجة غريبة!.. يوسف داس على حاجة ملزقة على الأرض، وكانت المصيبة السودة لما اكتشف ان الحاجة الملزقة او اللزجة دي، هي نقط دم بسيطة جنب الكنبة على الأرض!
وطبعًا نقط الدم مع الكابوس والقلق اللي اتعرضله، كل دي حاجات خلته صاحي لحد ما على الساعة ١٠ الصبح كده، راحت امه لبيت ام النوبي، وام النوبي دي هي ست مبروكة، بيقولوا انها كانت من حي الازهر زمان وياما عالجت ناس وبعدت عنهم الأذية، المهم ان ام يوسف لما راحت لها وحكتلها اللي حصل، قامت الست وراحت معاها عشان ترقي البيت.. إنما بقى لما ام النوبي وصلت البيت، حست بحاجة غريبة، الست من وهي طالعة على السلالم كانت حاسة ان خطواتها تقيلة ورجليها بتوجعها، وكأن حد بيحاول يمنعها من إنها تطلع او حد بيأخر طلعوها مثلًا.. إنما بالرغم من كده.. الست قاومت وطلعت وهي بتقرا قرأن وادعية، وقبل ما تدخل الأوضة على فاطمة، فجأة الولية اتسمرت في مكانها..
-سلام قول من رب رحيم.. اعوذبالله من ولاد ابليس.
-في ايه يا اختي.. مالك اتخشبتي كده ليه؟!
ده كان سؤال ام يوسف بعد ما سمعت كلام ام النوبي، ام النوبي اللي بصت لام يوسف بخوف وقالتلها..
-البت اللي رايحة في دنيا تانية على السرير دي ممسوسة، واللي ماسسها مخلي حراسة كتير حواليها، انا ماقدرش عليهم يا ام يوسف.. دول ملبشين البيت، انا هبعت للحاج ابو عبد الله بتاع شارع المغربلين.. هو الوحيد اللي هيقدر يقولك البيت فيه ايه والبت دي مالها، انما انا، لا، انا ماقدرش على اللي معاها، ده يموتني فيها لو فكرت اقرا على البت.
وبعد كلام ام النوبي الغريب ده، سمعت ام يوسف كلامها وسابتها مشيت، وده بعد ما قالتلها انها هتبعتلها الحاج ابو عبد الله بعد صلاة العصر، بس بعد ما ام النوبي مشيت وطبعًا اهل البت جُم ولقوها نايمة نوم غريب وكأنها متخدرة، قعدت ام فاطمة وابوها وام يوسف وابوه مع يوسف نفسه، كلهم كانوا قاعدين وهم بيبصوا لبعض بإحراج وقلق، الموقف يا ابني كان غريب ومحرج، موقف انسب حل فيه هو السكوت، لكن قطع السكوت ده صوت ام يوسف اللي قالت..
-وحدوا الله يا حبايب، ان شاء الله عروستنا هتبقى زي الفل، كلها شوية وابو عبد الله يجي ويرقيها و..
لكن في اللحظة دي اتكلمت ام فاطمة وقالتها…
-ولو مابقتش زي الفل وفضلت تعبانة، انا هاخدها بيت ابوها لحد ما تتحسن، ماهو الله اعلم ابنكوا عمل معاها ايه.
بص يوسف لحماه وقال له بضيق..
-جرى ايه يا عمي، هي حماتي جاية تهزقنا في بيتي يوم صباحيتي ولا ايه، هي دي الاصول؟!
بص له حماه بخيبة أمل وقال له بأسلوب فيه شوية تريقة..
-صباحيتك ايه بس يا ابني، هي الدخلة تمت عشان يبقى فيها صباحية!
اتعصب الحاج نور من كلام سليمان وقال له بصوت عالي..
-جرى ايه يا سليمان يا غلباوي، انا ابني زي الفل، اه.. ابني وانا مربيه وطالع لابوه، عصب.. الدور والباقي على بنتك اللي شكلها ملبوسة ولا فيها بلوة ايه، ربنا وحده اللي يعلم.
اتحرج سليمان وحاول يهدي الموقف لما رد بصوت واطي..
-انا ماقصدتش لا اعيب في ابنك ولا اقول عنه حاجة مش ولابد يا حاج نور، انا كل اللي قصدته ان اللي حصل ده غريب ومش مفهوم، وبعدين انا مقدر كويس الموقف وعارف اللي يوسف فيه ومصدقه في اللي حكاه، بس برضه دي بنتي يا عالم، اعذروني واعذروا امها، دي اول فرحة لينا برضه.
وفي وسط كلامهم كلهم مع بعض، فجأة الباب خبط، ولما قام يوسف فتح، لقاه الحاج ابو عبد الله، شيخ طيب من شارع المغربلين، دقنه بيضا وخفيفة وعلى وشه سماحة وابتسامة تطمن.
دخله يوسف ورحبوا بيه، وبعد ما حكوا له اللي حصل بالتفاصيل، قام وقف ووجه كلامه لام العروسة..
-طب يا ست ام يوسف، خشي انتي وحماتها لبسوها لبس واسع وحاجة تغطي شعرها، وبعد ما تعملوا كده اندهولي عشان ادخل انا وعريسها وابوها.
وفعلًا.. دخلت امها وام يوسف ولبسوها زي ما الشيخ قال، وبعد ما خلصوا ودخل ابو عبد الله ومعاه يوسف وسليمان، ابتدا يرقيها، وقف جنب سريرها وحط ايده على طرف السرير وهو بيقول بصوت عالي…
(اعوذبالله من الشيطان الرچيم.. بسم الله الرحمن الرحيم.. اعوذبالله من الشيطان الرچيم.. بسم الله الرحمن الرحيم، قل اعوذ برب الناس.. ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناث، الذي يوسوس في صدور الناس، من الچِنة والناس)
وفضل يقرا يا ابني في أيات من القرأن الكريم لحد ما البت ابتدت تعمل حاجة غريبة اوي؛ البت ابتدت تزوم زي القطط.. يتبع
(ده الجزء الأول من قصة شارع الصنادقية، .. دمتم طيبين)
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية
٢
دخلت امها وام يوسف ولبسوها زي ما الشيخ قال، وبعد ما خلصوا ودخل ابو عبد الله ومعاه يوسف وسليمان، ابتدا يرقيها، وقف جنب سريرها وحط ايده على طرف السرير وهو بيقول بصوت عالي…
(اعوذبالله من الشيطان الرچيم.. بسم الله الرحمن الرحيم.. اعوذبالله من الشيطان الرچيم.. بسم الله الرحمن الرحيم، قل اعوذ برب الناس.. ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، من الچِنة والناس)
وفضل يقرا يا ابني في أيات من القرأن الكريم لحد ما البت ابتدت تعمل حاجة غريبة اوي؛ البت ابتدت تزوم زي القطط، وياريتها جت على كده وبس، دي فضلت تطلع اصوات غريبة وكأن جواها اكتر من واحد بيتألموا، لكن وسط كل الأصوات اللي ترعب دي، برق الشيخ لفاطمة اكتر واكتر واتكلم بصوت أعلى..
(انطق بحق من خلقك من نار وخلق أدم ونسله من طين، انطق وألا هعذبك بأيات الله وبذكره لحد ما تتحرق.. انطق يا رَچيم يا ساكن الخراب ومفرق الأحباب، انطق يا..)
لكن فجأة.. سكت الشيخ ابو عبد الله لما البت فاطمة سكتت وقامت قعدت.. عينيها كانت بيضا ووشها ملامحه كانت متغيرة، ضحكتله ضحكة أبالسة وقالتله بصوت غريب وكأنه صوت ٢٠ راجل بيتكلموا مع بعض..
-مين ده اللي ينطق!.. احنا كتير.. كتير اوي يا ابن أدم، ومهما عملت، اللي هي فيه ده مش هيخلص، انت لو حرقتنا هيجوا غيرنا وهيكملوا اللي احنا بنعمله.
لما البت قالت كده بصوتها الغريب ده، كل اللي واقفين بعدوا عنها من الخضة، إلا الشيخ ابو عبد الله.. الراجل لا اتهز ولا خاف ولا اتحرك من مكانه، بل بالعكس يا ابني، ده فضل ثابت ومسك في طرف السرير بقوة وهو بيبص في عين البت وقالها بصوت عالي وبثبات…
-انتوا مين ومين اللي باعتكوا، وباعتكوا ليه من اساسه؟!
ضحكت البت بنفس صوتها الغريب، بس المرة مابصتش لابو عبد الله، دي بصت لجوزها يوسف اللي كان واقف ميت في جلده…
-مش هتطولها.. طول ما احنا هنا، مش هتطولها.
ورغم كلامها ده، إلا إن ابو عبد الله ماهمهوش وابتدا يقرا قرأن بصوت عالي، ومع قرايته، ابتدت البت تصرخ وتشد في شعرها زي المجانين، ولما استمر صراخها وقرايته اكتر واكتر، واستمر خوف ورعب كل اللي واقفين، فجأة الدولاب اللي قصاد سريرها اتفتح بقوة والهدوم اللي جواه اترمت لبرة، بس الهدوم اللي اترمت من الدولاب دي ماكانتش اي هدوم.. دي كانت هدوم البت اللي المفروض هتلبس منها لجوزها ليلة دخلتهم، ومع خروج الهدوم دي بالتحديد من الدولاب، بص الشيخ ابو عبد الله للمكان اللي هدوم خرجت منه، وكان هو هو نفس اللي انت ممكن تكون بتفكر فيه.. الهدوم خرجت من الصندوق اللي كان جوة الدولاب، وده كان معناه بالنسبة للشيخ، أن الصندوق ده فيه حاجة، ماهو اللي فتح الدولاب وخلى الهدوم اترمت بالشكل ده من الصندوق، اكيد حاجة ليها علاقة باللي بيحصل لفاطمة، وعشان كده وقف الشيخ عن القراية وسكت خالص، ومع سكوته… سكتت البت هي كمان واترمت على السرير وكأنها غابت عن الوعي، بعدها راح الشيخ ناحية الدولاب وخد الصندوق وخرج برة الأوضة، ووراه خرجوا الرجالة اللي كانوا واقفين، يوسف جوز فاطمة، وسليمان الغلباوي حماه وابوه الحاج نور، اما بقى ام البت وام يوسف ونفيسة اختها اللي كانت معاهم بالمناسبة بس ماكانش ليها أي تعليق على اللي بيحصل، فدول قربوا من البت وحاولوا يفوقوها، وفي نفس الوقت اللي كانوا بيحاولوا يفوقوها فيه، كان الشيخ ابو عبد الله خرج هو والرجالة وحط الصندوق على الأرض بره الأوضة وقعد قصاده، وبعد ما قعد ومسك الصندوق، بص للتلات رجالة اللي كانوا واقفين حواليه وقال لهم..
-السر هنا.. الأذية جاية من هنا.
قال الكلمتين دول ومد إيده جوة الصندوق وابتدا يشيل البطانة الحمرا اللي جواه، واللي حسبه وقال عليه لقاه يا ابني.. الراجل اول ما شال البطانة وكشف الخشب الداخلي بتاع الصندوق، لقى عليه طلاسم وكلام غريب مكتوب بلون أحمر، وفي وسط الكلام الغريب والطلاسم والرسومات اللي لقاهم، قرا أسم فاطمة وأسم امها!
كل ده كان بيحصل ويوسف وابوه وحماه واقفين وهم مش فاهمين اي حاجة، وقبل ما يسألوا ايه ده او حتى يتكلموا، اتكلم ابو عبد الله وقال لهم..
-العروسة معمولها عمل جوة صندوق الشوار بتاعها، والعمل ده واضح اوي إنه معمول بالأذية وبعدم تكملة الجوازة، وطبعًا اللي عمل البلوة دي، اكيد رابطها بحرز وعمل تاني مدفون في مكان ما ولازم نطلعه عشان الهم ده كله ينزاح.. بس في سؤال مهم عشان نقدر نوصل للحرز او للعمل اللي مربوط بالطلاسم دي، هو مين اللي عمل الصندوق ده ولا انتوا جايبينه منين من أصله؟!
سرح يوسف لثواني وبعد كده قال للشيخ..
-منصور.. منصور بتاع الصناديق اللي على أول شارع الصنادقية، منصور هو اللي عملي علبة الدهب الخشب اللي اديتها لفاطمة وقت الشبكة، وكمان هو اللي عملها الصندوق ده عشان تحط فيه هدومها اللي مش عاوزاها تبان وقت نقل الشوار، ايوه انا فاكر كويس إني لما عديت عليه من فترة قبل جوازي، قالي إن صندوق الشوار خلصان وحاطه عنده في البيت لحد معاد فرحي يجي.
قام الشيخ وقف وقفل الصندوق وقال ليوسف بسرعة..
-طب يلا.. احنا لازم نروح لمنصور ده دلوقتي، اكيد هو عارف حاجة، ماهو مش معقول يعني يكون صندوق معمول عمولة ومكتوب تحت بطانته طلاسم، واللي عمله بإيده مايعرفش اللي اتعمل، أكيد منصور ده يعرف حاجة، إذا ماكانش مشارك في اللي اتعمل ده من أصله.
وبمجرد ما خلص الشيخ كلامه، نزلوا كلهم بسرعة من البيت وراحوا على دُكان منصور بتاع الصناديق، وطبعًا ام فاطمة وام يوسف، طلعوا يجروا ورا الرجالة بعد ما نزلوا من البيت، اما الرجالة بقى، ف بعد دقايق كانوا واقفين قصاد دكانة منصور وبيسألوا عليه، لكن الواد اللي شغال معاه بص لهم بخوف وقال لهم..
-عم منصور مش هنا، عم منصور قال إنه راح البيت عشان يتغدا ويجيب كام صندوق لزباين من هناك، ماهو بيته هو المخزن اللي بيخزن فيه الصناديق.
وطبعًا بعد ما يوسف والشيخ وسليمان ونور سمعوا الكلام ده، خدوا بعضهم وراحوا جري على بيت منصور اللي كان في شارع بعد الشارع الصنادقية بشارعين، واول ما وصلوا قصاد البيت وخبطوا، فتحلهم منصور وبص لهم باستغراب..
-خير يا جماعة، في ايه.. الحاج نور وعم سليمان الغلباوي واستاذ يوسف!.. ايه اللمة والهوليلة دي كلها!
وقبل ما أي حد من اللي واقفين يتكلم، كان فتح الشيخ ابو عبد الله الصندوق ووراه لمنصور وهو بيقوله..
-احنا جاينلك بخصوص السحر اللي جوة الصندوق ده، هو الصندوق مش من عندك برضه!
مسك منصور الصندوق بإيديه اللي كانت بتترعش وهو بيقولهم بصوت مهزوز..
-يا وقعة مطينة!.. سحر ايه ونيلة ايه، هو اه الصندوق من عندي وانا اللي عامله بإيدي، بس عليا الطلاق انا ما اعرف مين اللي عمل كده!
وقتها يوسف اول ما سمع الكلام ده من منصور، زقه لجوة البيت ومسك فيه..
-انت هتستعبط ياض يا ابن الحرام، الصندوق ده من عندك انت، وانت الوحيد اللي شوفت الخشب اللي جواه قبل ما البطانة تتركب فيه، يعني أكيد انت عارف مين اللي عامل البلوة دي، انطق ياض.. انطق بدل ما ورب الكون اجيب أجلك.
حاول منصور يدافع عن نفسه بأي كلام، لكن وسط اللي كان بيحصل ده كله كانت ام فاطمة ومعاها ام يوسف وصلوا لبيت منصور لأنهم خرجوا ورا الرجالة زي ما قولتلك، وفي نفس الوقت برضه، كانت خرجت ام منصور الست العجوزة اللي خدت ابنها من إيد يوسف وهي بتقوله..
-جرى ايه، سيب الواد، اوعى إيدك دي، ابني مالوش ذنب، اسأل اللي من دمك ومن قبلهم حماتك، هم السبب.
لما الست قالت كده، كل اللي واقفين بصوا لام فاطمة ماعدا الشيخ ابو عبد الله، هو الوحيد اللي كان باصص لام منصور بغضب وهو بيقولها..
-ياه.. ياه يا روحية، ده انا كنت نسيت شكلك، قال وانا اللي كنت فاكر إنك بعد ما سيبتي بيت ابوكي في المغربلين واتجوزتي وسكنتي في الازهر، إنك خلاص توبتي وبطلتي شغلانتك وشغلانة أهلك.. بس صحيح، بيت الأهل أساس المصايب، واللي فيه طبع نجس مابيبطلوش.
سندت ام منصور ابنها ووقفت قصاد ابو عبد الله وقالتله..
-لم لسانك يا محمد يا عبد التواب بدل ما اطردك انت واللي معاك من بيتي، وبعدين انا مالي، الناس يا اخويا هم اللي بيطلبوا وبيدفعوا وانا بس اللي بنفذ اللي هم عايزينه، لعبة وانت فاهمها من زمان.
قرب منها يوسف وقال لها بزعيق..
-يعني انتي اللي عملتيلي العمل لما ابنك خزن الصندوق هنا في البيت بعد ما عمله؟!
-ايوه.. انا اللي عملت العمل، بس ماعملتوش من دماغي، دي هي السبب.
بص يوسف ناحية حماته اللي اتكلمت والدموع في عينيها..
-ورحمة الميتين يا ابني انا كان قصدي خير، انت من بعد ما خطبت فاطمة، وانا قلبي كان متوغوغوش وحاسس إن الجوازة دي مش هتكمل او هتتنظر بسبب كلام قرايب امك عن إنهم كانوا عاوزين ياخدوك لبناتهم، وبسبب خوفي وقلقي عليكوا، جيت لام منصور المبروكة وطلبت منها إنها تعملكوا حجاب يبعد عنكوا العين في صندوق الشوار، وده عشان ماحدش يلاقيه ولا يضيع ويبقى في مكان أمان، وبس كده.. انا ماعملتش حاجة ولا طلبت منها تعمل اسحار ولا نيلة.
لف ابو عبد الله وشه وبص لام منصور..
-بقى دي مبروكة وممكن تعمل حجاب ضد الحسد!.. دي هي واهلها من زمن الزمن وهم شغالين بالسحر والأعمال، دي شيطان متصور في صورة بني أدم.
لكن وسط كل الكلام ده، اتدخل سليمان ابو فاطمة وضرب مراته بالقلم وهو بيقولها..
-ملعون ابو دماغك اللي ودت بنتك في داهية وفضحتنا وسط نسايبنا، اقسم بالله لما نخلص من اللي احنا فيه ده لاهكون معلمك الأدب شكله ايه.
اتدخل ابو عبد الله وبَعد سليمان عن مراته، وفي نفس الوقت برضه بص لام منصور او روحية الدجالة اللي قالتلهم..
-هي ماكدبتش، هي فعلًا كانت نيتها خير وانا كنت هعملها اللي هي قالتلي عليه بعد ما ادتني اللي فيه النصيب، بس في اليوم اللي هي كانت عندي فيه وبعد ما خرجت على طول، جت لي واحدة معرفة بتبيعلي جبنة قريش وبيض، والواحدة دي بالصدفة شافت ام نفيسة وفاطمة وهي خارجة من عندي، ولما سألتني عنها، قولتلها إنها كانت جاية لي عشان اعملها حجاب لبنتها اللي هتتجوز يوسف ابن نور تاجر القطن، وطبعًا الست المعرفة دي اول ما سمعت اسم نور بتاع القطن، ركبها مليون عفريت، اصلها.. اصلها تبقى عارفاه كويس وهو كمان عارفها، اه يا ابن نور.. الست دي تبقى زهرة مرات عمك الصغير، عمك وجدي اللي ابوك اشترى منه هو واخواته المحلات اللي ورثوهم عن ابوهم برخص التراب، بحجة إنهم مش هيعرفوا يديروها، اه ماتستغربش اوي كده يا حاج نور.. ماهي زهرة حكتلي كل حاجة عن مصايبك معاهم، وطالما بقى المستور اتكشف وكل واحد بقى بيلعب على المكشوف، فانا هقول.. هقول إنها حكت لي عن الظلم اللي شافته هي وجوزها بعد ما اتضحك عليه منك، وبسبب اللي عملته فيه يا ولداه، الولية اتمرمطت هي وهو وبقوا بيشتغلوا في نقل الجبنة القريش والبيض للبيوت عشان يدوب يلاقوا مصاريفهم ومصاريف عيالهم، وطبعًا بعد ما حكت لي، قالتلي إنها مستعدة تديني الجبنة والبيض اللي معاها ببلاش لو عملت العكس.. يعني لو أذيت ابنك وعروسته بدل ما اعملهم حجاب يحميهم، وبصراحة كده الولية صعبت عليا وماخدتش منها الجبنة والبيض ببلاش، انا عملتلها اللي هي عايزاه من غير ما تديني اي حاجة لأنها مظلومة هي وجوزها، ونور وابنه عايشين في نعيم بسبب ظلمهم ليهم، وفعلًا.. بعد ما منصور خلص الصندوق وجابه البيت هنا، شيلت البطانة بتاعته وعملت اللي المفروض يتعمل، نفذت العمل وجيبت دم القطط اللي بيتكتب بيه الطلاسم وكتبتهم جوة الصندوق.
-لا حول ولا قوة إلا بالله.. بقى انتي يا سحارة عاوزة تفهميني إنك قال ايه يعني، باللي عملتيه ده، تبقي بحققي عدل ربنا، لا والله.. العدل مابيتحققش بالسحر والدجل، بس ده مش موضوعنا، انا اللي يهمني العمل، العمل نفسه فين يا سفيرة ابليس.
لما ابو عبد الله قال لها كده، بصت لنور وليوسف ابنه وقالتلهم..
-الحاج يشخشخ جيوبه هو وابنه وانا ادلكوا على مكان العمل.
وقتها زاح الحاج نور كل اللي واقفين وقرب من ام منصور ومسكها من رقبتها..
-وحياة أبني اللي مابترجاش غير سعادته في الدنيا، لو ما قولتيلي العمل فين يا انجس الخلق، لا هكون جايب أجلك انتي والمحروس ابنك قدام مراته عياله.
قرب ابو عبد الله من نور وبَعده عن ام منصور، لكنه بعد ما حاشه عنها قالها بغضب مافارقوش من اول دخل بيتها..
-الواد والبت مالهمش ذنب، اعملي حاجة واحدة عدلة لوجه الله قبل ما تقفي بين إيديه، البت انا سايبها وحواليها عشيرة بحالها، طب لو مش خايفة على العرسان دول، ايه.. مش خايفة على روحك ولا على روح المحروس ابنك؟!
قامت ام منصور وقفت ومشيت لحد سلم بيطلع لسطوح البيت، غابت في السطوح دقايق وبعد كده نزلت وهي في إيدها لفة ورق لونها اصفر جواها قماش أكفان وجلد قطط ميتة، رمت اللفة على الأرض وهي بتبص لهم بقرف..
-العمل اهو.. غوروا من هنا وعلى الله رجليكوا تعتب عتبة بيتي تاني، وقسمًا عظمًا يا ابو عبد الله ويا نور انت وابنك، لو انا او ابني بس اتلمسنا او حد فكر يأذينا، لا هيكون اخر يوم في عمركوا.. انا من ورايا عيلة وأهل يولعوا فيكوا واحد ورا التاني، وخلوا في بالكوا، انا بس جيبتلكوا العمل عشان البت فعلًا مالهاش ذنب، اللي يستاهل الأذية هو نور اللي خد حق اخواته في دكاكين ابوهم بملاليم، وابنه اللي متنعم في خيره.
ووسط كلام روحية، كان قام منصور ابنها وخد مراته وابنه وبنته وقربهم منه، وبعد ما خلصت وسكتت، بص لها بقرف وقالها بحزن وفي نفس الوقت ب كُره..
-ما كفاية بقى، كفاية بقى سحر ونجاسة وقرف، ايه، لحد امتى هتفضلي كده، مش مكفيكي ابويا اللي رماني من وانا عيل صغير وسابك وطفش بسبب عمايلك.. انتي ايه، انتي مش ممكن تكوني بني أدمة، ده انا بس اللي كان مسكتني عليكي هو إنك امي وكمان كلامك بأنك توبتي وبطلتي، بس الظاهر ان ابويا كان عنده حق، انا هسيبلك البيت انا ومراتي وعيالي عشان تاخدي راحتك في القرف اللي انتي بتعمليه.
بعد ما خلص منصور كلامه، خد مراته وعياله وخرج من البيت وسط صويت وعياط روحية، اما الشيخ بقى، فخد العمل وحرقه وحرق معاه الصندوق وعالج فاطمة بجلسات رقية وقراية قرأن بعد كده، وبالنسبة لام فاطمة، فجوزها فضل غضبان عليها فترة كبيرة اوي لحد ما أثبتتلوا إنها اتعدلت وبعدت سكة السحرة والدجالين، اما بقى الحاج نور نفسه وابنه يوسف، فبعد اللي حصل ده وقبل ما نور يروح يولع في اخوه وجدي وفي مراته زهرة اللي اتسببت في الأذى ده كله، فيوسف ابنه قعد معاه وقال له..
-بص يا ابا.. انا ممكن اروح دلوقتي واخد رجالة بالأجرة واتخانق مع عمي ومراته واعلمهم الأدب شكله ايه، بس انا مش هعمل كده ولا انت هتروح تمسك فيهم ولا هتولع في بيتهم زي ما بتقول.. انا مسامح، مسامح وبحمد ربنا إنه نجاني انا ومراتي من الوحلة اللي كنا هنتغرس فيها قبل فوات الأوان، ومش بس كده.. انا كمان شايف إن اللي حصل ده كان رسالة من ربنا عشان نرَجع لاعمامي وعماتي اللي انت اشتريت منهم محلات جدي برخص التراب، لأنهم مابيعرفوش يديروها، حقوقهم.. ايوه يا ابا ماتبصليش، دي حقوقهم، انا هروح لواحد واحد وهديله فرق الفلوس بتاعت المحلات اللي انت اشتريتها زمان، وصدقني يا ابا.. انا مش هرتاح ولا انت كمان هتعرف تنام بعد كده لو ماعملناش اللي انا بقول عليه ده، وبعد بقى ما نعمل الصح واللي كان المفروض يتعمل من زمان، فانا هقول لعمي اللي مراته عملته وهو يتصرف معاها، ولو كان عارف.. فحسبي الله ونعم الوكيل، ولو مش عارف، فمنه ليها بقى.
وبس يا ابني.. اللي قاله يوسف عمله، راح لعمامه وعماته وادالهم حقوقهم وطلب منهم يسامحوا ابوه، وبعد ما عمل كده، حكى لعمه وجدي اللي حصلء واتفاجئ إنه مايعرفش باللي زهرة عملته، وكانت نتيجة معرفته إنه طلقها لأنها لجأت لام منصور عشان تأذي ابن اخوه، وبالفلوس اللي خدها من يوسف، اشترى دكان بقى بيبيع فيه جبنة وبيض وعسل، وكمان اتجوز واحدة تانية تربي عياله، اما روحية بقى، فدي اتجننت بعد ما ابنها منصور سابلها البيت، وفضلت سنين تكلم نفسها بعد ما بطلت مشيها في السحر والأعمال، وفي الأخر ماتت، وابنها رجع البيت تاني بعد ما دفنها، وبالنسبة ليوسف، فربنا كرمه وخد دكانة في الغورية جنب دكاكين ابوه وشغلها في تجارة القطن برضه، وفي ضهر الدكانة الجديدة دي، اشترى بيت وعاش فيه هو ومراته ومن بعدهم عيالهم اللي خلفوهم، وبالنسبة لنفيسة اخت فاطمة، فربنا كرمها هي كمان وجالها عدلها واتجوزت، وبس.. مشيت الحياة والدنيا، واللي عاشوا الحكاية دي ماتوا وجم بعدهم ناس وعاشوا حكايات تانية، واهي ساقية وبتلف يا ابني.
-الله ينور عليكي يا ستي والله، حكاية مليانة عبر بصحيح، بس.. هو مين الشيخ ابو عبد الله ده، انتي عمرك ما ذكرتيه قبل كده زي التيجاني او نصرت مثلًا!
سكتت جدتي شوية وبعد كده قالتلي..
-صح.. انا ماحكتلكش عنه قبل كده، بس اديني اهو حكيتلك، ولسه كمان هحكيلك اكتر واكتر عن ناس زي ابو عبد الله، ناس ياما عاشوا حكايات ومصايب، ومن ضمن المصايب دي، كانت حكاية مزرعة الكلاب.
قلبت الصفحة وابتديت اكتب ورا جدتي حكاية مزرعة الكلاب اللي حكتهالي، حكاية مزرعة الكلاب اللي اوعدكوا إني قريب اوي هرجع وهحكيهالكم، بس قبل ما امشي، عاوز اطلب منكوا انكوا تدعوا لجدتي بالرحمة هي وجميع أموات المسلمين، واستنوني عشان هرجع قريب اوي وهحكيلكوا حكاية جديدة من حكايات جدتي… سلام.
تمت
محمد_شعبان
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية
قصه شارع الصنادقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى