قصه شارع العايق بيقولوا إن شارع العايق ده كان عبارة عن ترعة قديمة بناها محمد علي ومات فيها العشرات غرقانين بدون سبب، الناس كانت بتصحى من النوم تلاقي جثث طافية على مايتها لحد ما في الاخر واحد غني جدا اسمه امين العايق اتفق مع الأهالي أنهم يردموها ومن وقتها كل عيلته ماتت في ظروف غامضة بس الترعة اتردمت والشارع اتسمى باسمه، وفي حالات اختفاء كتير يتحصل في المنطقة لدرجة أنها بقت مهجورة تقريبا.
دي المعلومات اللي قدرت اجمعها عن المكان اللي الشيخ طلب مني اقابله فيه لما صحيت الساعة واحدة الظهر لقيته قاعد على كرسي قدام سريري، وقالي كلمة واحدة بس “شارع العايق، كمان ساعة”. واختفى أو اتحول لتعبان وملحقتش استفسر منه عن حاجة.
الجو حر، شكلي غريب وانا ماشي بطبلة المسحراتي في الوقت ده، نظرات الفضول بتنهشني، بس انا عارف ان مفيش وقت، الشيخ قالي امبارح لما الست حررت عمارة الميتين إن الحرب بدأت، وعدت اول ليلة من ٣ ليالي قال عنهم الشيطان.
الشارع على أطرافه بيوت قديمة، غالبيتها مهجورة بعد ما الناس سابت المكان وراحت العمران والحضر، الأرض رملية، وفي حجارة كتير كبيرة ومقلب زبالة
“حمدالله على السلامة يا ابن سالم”. سمعت الجملة من ورايا، لفيت، كان الشيخ، واقف بثقة وفي ايده العصايا بتاعته، وتحت منه لقيت تعابين بتزحف حواليه، اكيد حراسة ليه وليا.
“احنا هنا ليه يا شيخ”؟! سألته. بص حواليه وقالي “علشان تفهم”. ومشي شوية وانا وراه لحد ما وصل بيت من دور واحد على الطوب الاحمر، وقف قدامه وخبط بالعصايا على الأرض خبطتين لقيت الرملة بتنزل من على حدود السور كأنها بتتسحب لتحت وبيظهر باب خشب صغير جدا مش بيعدي قطة وحواليه كلمات كتير ورموز غريبة.
قالي بصوت آمر، حاسم، “اقرا الطلاسم على طبلتك يا يعقوب”. نفذت اللي أمر بيه حسيت بجسمي قايد نار والأرض بتدور واتحولت لحية زي ما حصل معايا في المقابر. بصيت جنبي لقيت حية سودا اكبر مني، عرفت انها الشيخ. زحف ودخل من فتحة الباب الصغيرة اللي واضح انها معمولة خصوصي للتعابين بس.
الرملة بتفرك في جسمي، الجو حر اكتر من لما كنت بشري، دخلت ورا الشيخ اللي في جسم حية، لقيت الباب بيفتح على نفق وفضلت ازحف لحد ما وصلت لنور في اخره وبعدها حاجة ضخمة في وسطها نار.
سمعت فحيح في كل مكان حواليا، فحيح فهمته! الالاف التعابين موجودين في المكان ده وكلهم بينادوا باسمي “يعقوب ابن سالم، يعقوب ابن سالم”!
سمعت الشيخ بيقولي بفحيح “ده جيشك يا ابن سالم”. وزحف لحد ما طلع فوق حاجة ضخمة من الرخام مرسوم عليها طلاسم كتير وصور غريبة لمخلوقات ومسوخ ورفع راسه وجسمه العلوي واتكلم ولسانه المشقوق بالطول بيتحرك “يعقوب ابن سالم، المختار، ابن القبور اللي نال قوتنا وقوته واختار يقودنا علشان نمنعهم من الرجوع يوم الحسم”.
مفهمتش، حاولت اقول اني مش عارف دوري ايه لقيت طلع مني فحيح بس واضح انهم فهموه، التعابين بصتلي، الشيخ قالي بغضب “دورك انك تحرر العايق وتاخد قوته علشان تقدر تحارب الست أمينة”.
“ومين الست أمينة”؟! سألته بخوف، رد عليا بسرعة “اللي اتولدت في قبر زيك بس اختارها الشيطان تكون عينه ومصدر قوته، اللي هزمتك”!
سمعت كلمة “هزمتك” وحسيت بغضب، دمي فاير، طلعت فحيح مخيف غريب لقيت الصمت ساد المكان، الخوف واضح عليهم، فحيحهم ضعيف، مستسلم، حسيت أنهم بيصغروا قدام قوتي وغضبي، لا لا أنا اللي جسمي كبر وبقيت حية ضخمة! نظرة فخر حسيتها في الشيخ وهو بيبصلي، حاولت أهدى لقيت جسمهم بيرجع تاني طبيعي، جسمي صغر! انا أقدر اتحكم في قوتي! اكبر وابقى اشرس واقوى!
“فين العايق” سألت بفحيح قوي، واثق. الشيخ قالي: “في بر الموت”. معلقتش، عيني كلها تساؤل. كمل وهو بيزحف بجسمه وبينزل على الأرض “تحت القاعة”.
زحفت وقربت منه ولقيت فتحة سودا بيخرج منها دخان رمادي غريب تحت الرخامة الضخمة، وصلت ليها وحسيت بخوف رهيب كسى جسمي، زحفت بسرعة لورا وأنا بطلع فحيح مرعب. الشيخ قالي “بر الموت هو الجنب التاني من عالمنا، منفذ بين الأرضين، أرض البشر وأرض الجن، هناك الخوف هو اللي سايد، بجسمك البشري مش هتقدر تدخل، وبجسم الجن هيبقى سهل تقع في فخ الأقوى منك”.
مفهمتش، فكرت في حل ولقيت لساني المشقوق بيطلع وبيتهز. كمل كلامه “لازم تدخل وانت تعبان، ركز في كلامي، تدخل وانت تعبان وتقاوم خوفك وفزعك لحد ما توصل لقوة العايق ولما تنالها هيتحرر وأنت هتطلع للبر هنا”.
سألته بتردد “ولو وقعت في فخ الخوف”؟ سكت شوية وقال “هتخسر جسمك برا وروحك هتفضل في بر الموت للأبد زي العايق، وزي تانيين حاولوا يحطوا حد وفشلوا”.
قربت راسي من الفتحة، شميت الدخان الرمادي، حسيت أني بقع في دوامة بتلف بيا، جسمي بيدوب، شوفت وشوش شياطين حواليا، حسيت بنار بتحاصرني وتلج بيكتسح جسمي مش عارف ازاي. حاولت أصرخ طلعت بحة مكتومة، غمضت عيني من الألم ولما فتحتها لقيت نفسي في أرض بور، تربتها رمل احمر بحبيببات كبيرة زي البلور، والشمس برتقالي حواليه طوق بلون الدم، السحب رمادية فيها خطوط حمرا رفيعة جدا، وقدامي على امتداد بصري جبال بالوان مختلفة. حواليا صوت أنين وصراخ في كل مكان، وبوم وغربان كتيرة لونها أسود وأجنحتها رمادي نهايتها مسنونة زي السكاكين، بتبصلي من فوق جذوع أشجار ميتة وبتنعق بشراسة.
“أهلَا بيك في بر الموت”. سمعت الجملة من حد ورايا، لفيت بسرعة لقيت واحد واقف جذعه عاري وصدره عليه طلاسم سودا محفورة وعينه ممسوحة.
لسه هرد عليه لقيته بيقرب مني وبيحط إيده على عينه بحركة مسرحية ويشيلها ورجعت عينه سليمة قدامي. صرخت من الصدمة.. كان أنا!
قصه شارع العايق
عبدالرحمن_دياب
قصه شارع العايق