قصص

قصه شبح بير السلم

ليلتها كُنّا نايمين على الأرض، أنا و أمي و أبويا و أخواتي، كُنّا بنجدِّد دِهان الشَّقّة، عَفش البيت كُلّه كان ملموم، و مكانش في بَديل غير إنّنا نِفرش على الأرض في الصّالة ونّنام، الجو كان نار، الشَّمس طول النّهار على السطح، عَشان كِدَه حرارة السَّقف بتفضل مرتفعة حتّى بعد ما الشَّمس تغيب، صوت المروحة عالي؛ ورغم كِدَه مكانِتش عاملة حاجة في الحَر دَه، عَشان كِدَه مَعرِفتِش أنام، عيني كانت على شِبّاك الصّالة الصغيّر اللي بيفتح على مَسقط البيت، كان مفتوح، و دِي في حدّ ذاتها حاجة غريبة، عُمرنا ما نِمنا وسِبناه مفتوح!
كُنت أنا اللي نايم على الطَرف، وكانوا كلّهم ما بيني وبين الحيطة، كانِت كُل حاجة بتحصل في البيت دَه بتخوِّفني، بس كُنت كل ما أشتكي لأمي تقول لي:
-عيب تِخاف .. أنت بقيت راجل.
عَشان كِدَه كمّلت نومي، بفتح عيني واقفِلها من وقت للتاني، كل دَه مكانش من فراغ، الصوت اللي كُنت بسمعه ناحية المَطبخ والحمّام هوّ اللي كان مطيّر النوم من عيني.
لغاية ما عيني غمّضت فترة طويلة، كُنت نايم على جنبي الشمال، وِشّي لأمّي اللي كانت جنبي، وضَهري بَرَّه، ساعِتها حسِّيت بإيد بتهزّني من كِتفي، انتبهت بَسّ مّفتحتش عيني، وكانت الإيد لسّه بتهزّني، فَتحت عيني وانتظَرت إنّ اللي بيحصل ينتهي، يمكن كُنت بَحلم أو كنت في كابوس، لَكن الموضوع فِضشل مُستمر، قرَّرت أرفع عيني وأشوف مين اللي بيهزّني، وكانت الصَّدمة اللي حوّلت جسمي لِلوح تَلج.
كان خيال أسود، عينه لونها أبيض مفيهاش أي لون تاني، وكانت بالطول مُش بالعرض، حاولت ألمح الخَيال كويس، كان خيال طويل ومُنحني علشان يطول كِتفي ويصحّيني، حاولت أندَه على أمي أو أبويا لكن صوتي كان مكتوم، بَعدَها الخيال بدأ يِبعِد عنّي، وَقَف في نُصّ الصالة وكان بيبُص ناحيتي، كانت راسه تقريبًا لامسة السَّقف، بَعدَها بدأ يتحرَّك ناحية المطبخ والحمام.
لَقيت نَفسي بَقعُد وعيني بتبُص ناحيته، كانت نظراتُه ليّا غريبة، بَعدها لقيته بيتحرَّك وِدَخل الممر اللي قُدَّام المطبخ والحمّام، لَقيت نفسي بقوم من مكاني ورايح وراه، أوِّل ما دخلت الممر لمحتُه وهو بيدخل الحمام، باب الحمّام كان بيتهزّ لمّا فَتَحُه بإيده عَشان يعدّي، وأنا بكُل جُرأة دَخلت الحَمام وراه، لكنّي ما لقِتش حاجة، قُلت يِمكن كابوس غريب أوّل مرَّة أمُر به، لَكن أنا شايف قُدّامي باب الحمّام لسّه بيتحرَّك.
رِجعت مكاني والخوف مكتِّفني، مكانش قُدَّامي غير إنّي أصحّي أمّي وأقول لها:
-خليني أدخُل جوَّه .. أنا خايف.
أُمّي بصوت ما نَعسان قالت لي:
-أدخُل .. مُش عارفة هتفضل خايف لغاية امتى!
***
دي مُش أوّل مرة أحس فيها بإن في شيء غريب في المكان، لَكن أوّل مرّة أشوف حاجة بعيني، كُنت دايمًا بسمع صوت حد بيتكلّم، أو حد بيتنفّس، أو صوت رِجلين ماشية، إنّما أشوف حاجة بعيني كِدَه، دي اللي كانت أوّل مرة تِحصل.
الموضوع بدأ من خَمس سنين، من ساعة ما عدّيت سَبع سنين وبدأت أسمَع وأحس حاجات غريبة في البيت، دِلوقت أنا عندي 12 سنة، ونَفس الحاجات اللي بحس بيها هيّ هيّ، بتزيد مُش بِتقِلّ.
أنا فاكر عيد ميلادي وأنا عندي سبع سنين، كان في حفلة في بيت جدّي اللي قُريّب من بيتنا، وكُنّا كُلّنا هناك، ساعتها أمي طلبت منّي أروح بيتنا أجيب بُوك الفلوس بتاعها عشان كانت نسياه، جريت بسرعة عشان أجيبه وأرجع للحفلة اللي كل عيال الشارع موجودين فيها، بمجرّد ما دخلت بير السلّم في البيت وباب السلّم الخشب اترزع ورايا، أنا دايمًا كُنت بترعب من بير السّلم عَشان قديم، البيت كلّه كان قديم بس بير السّلم أكتر حاجة كانت بتخوّفني عشان الضلمة والكراكيب اللي تحت قَلبِة السلّم.
وقَفت في مكاني في الضلمة، زي ما تكون درجات السلّم اختفت من قُدّامي، مُش عارف ليه بدأت أبُص تحت بير السلّم في الضلمة، لقيت كُرة قديمة كانت عندي بتتنطّط كأن حد بينطَّقها، بدأت أرجع بضهري لورا، الكُرة دي وَقعِت منّي في الترعة من 3 شهور وتيّار المياه أخدها وجِبت كُرة تانية مكانها، يا ترى إيه اللي جابها دلوقت ومين بينطّقها كِدَه.
جريت ناحية باب البيت عَشان أخرج الشارع، لكن الباب كان مقفول بطريقة غريبة معرفتِش أفتحه، بدأت أصرخ عشان حد من الشارع يسمعني، لكن فجأة الباب اتفتح بعنف لدرجة إنه خَبَطني فوقَعت على ضَهري، لكنّي بسرعة قُمت من الأرض وجريت في الشارع.
رُحت على بيت جدّي، أمّي لمّا سألتني عن البوك معرِفتش أقول لها إيه، لكنّها ما اتكلّمتش، راحت هي جابِته ورجعت، وأنا حاولت أنسى اللي حصل، عَشان محدّش ياخُد باله من حاجة.
عيد الميلاد انتهى، روّحنا بعد نُص الليل، أبويا يومها كان عنده ورديّة شُغل بالليل، كان الجو مَطر شديد وبَرد، الشَّبابيك كانت بتخبَّط من الهوا، وكالعادة أنا لواحدي اللي صاحي، كان باب أوضتي في وِش باب الشَّقّة، كان نور الصالة مفتوح، و دَه اللي خلَّاني أشوف إزاز باب الشَّقة بوضوح والدُنيا ضلمة بَرَّه، لكن مع الوقت بدأت أحس إن في خيال بيتحرك برَّه قُدَّام الإزاز، أنا قُلت يمكن في برق، لكن فجأة الخيال وقف قُدَّام إزاز الباب، وبدأت أحس كأن في عيون بتبص من الإزاز.
حطّيت الغَطا فوق وشّي ونِمت، كان ملازمني إحساس إن الغًطا هيتشال من فوقي فجأة وهلاقي الخيال دَه قُدَّامي، عشان كِده كُنت مرعوب، كُنت بحسد اخواتي الصغيّرين اللي نايمين مُش داريين بحاجة، وفي نفس الوقت لو رُحت لأمي صحّيتها هتقول لي إيه اللي مصحّيك في وقت زي ده، عَشان كِده حاوِلت أكتم خوفي وأنام.
“تاني يوم الصبح”
طلبت من أمّي إنّي أعيش عند جدّي وجدّتي، لكنّها رفضت، قُلت لها إن البيتين جنب بعض كل الحكاية إنّي عايز أبات هناك، وساعِتها قالت لي: إن جدّي وجدّتي كُبار في السّن ومُش هيقدروا يصحوا بالليل لو احتَجت حاجة، لكنّها سألتني:
-ليه عاوز تبات هناك؟
-بصراحة .. أنا خايف من البيت هنا.
-ليه خايف من البيت .. أنت اتولدت هنا وبقى عندك سبع سنين .. وأنا ما شوفتش حاجة في البيت.
-أنا بخاف من بير السلّم.
-عشان بس البيت قديم وبير السّلم ضلمة .. أنا هخلّي باباك يبلّط المدخل ويركّب فيه إضاءة كويسة.
بَعدها سابتني ودَخلت المطبخ، لكنّها لمّا دخلت زعَّقت ونَدَهِت عليّا:
-علي .. إيه اللي أنت عملته دَه؟!
أنا دخلت المطبخ بسرعة ومُش عارف هي تقصد إيه:
-عملت إيه .. أنا معملتش حاجة.
-أنت ازّاي أبقى مجهّزة السُّكّر في الكوبّايات عشان أصُب الشاي وتحط فوق السُّكّر شطّة وفلفل؟!
-مَحصَلش.
-بَطّل كذب .. أنت هتتعاقب على اللي أنت عملته.
مُش عارف ليه كان عندي إحساس إن الحاجة اللي خايف منها هي اللي عملت كده، بَس مَقدِرتِش أقول كِدَه عَشان عارف اللي هسمعه.
تاني يوم اتكرَّر نفس الموضوع، بَس أمي كانت لواحدها، باب الشقة كان مقفول، وكانت بتجهّز كوباية شاي، وعلى ما التفتت للبوتاجاز ورجعت للكوبّاية تاني لقت الشَّطّة والفلفل فوق السُّكر في الكوباية.
من ساعِتها وأمي بدأت تتعاطِف معايا، وبدأت تسمع لي، وبدأت تشغّل قرآن كتير، بَس مكانش في تأثير، كان الراديو بيتقفل لواحده، لغاية يوم كُنّا قاعدين في الشارع، مفيش حدّ في الشَّقة وفجأة لقيت خيال بيبُص علينا في الشارع من ورا الشيش، تقريبً نفس العينين اللي كانت بتبُص عليا من ورا إزاز باب الشَّقة بالليل، حاولت ساعتها أطلع أشوف اللي في الشَّقّة، لكن وقفت في بير السّلم لما لقيت تِعبان كبير، رافع راسه كأنه بيستعد للهجوم على اللي هيقرّب منّه، لمّا صرخة دخل اختفى تحت بير السّلم، أنا صرخت وقُلت:
-تِعبان.
الناس دخلت البيت، جارنا جاب كشّاف وبدأ يدوّر في الكراكيب اللي تحت بير السّلم، لكن التِّعبان فصّ ملح وداب.
يومها أبويا اشترى شِيح، وغرّق به تحت بير السّلم، على أساس إن ريحة الشّيح بتطرد التعابين، لكن تاني يوم أبويا قرَّر إنه يبلّط مدخل البيت وبير السلّم، كان لنا جار صنايعي بلاط، هو اللي تولّى المهمة دي، اتعاونّا كلّنا وخرَّجنا الكراكيب، حاجات قديمة مُش عارف ليه كانت مركونة هنا، لكن الغريب إن كان في مادة سودا زي البلانك كده، كانت ريحتها مقزِّزَة جدًّا، ومحدش عارف هي إيه ولا جايه منين.
كُل دَه طِلع من بير السلّم، وآخر النهار كان البلاط متركّب، والإضاءة النيون شغّالة في المدخل كله، أنا كنت مبسوط جدًا، ساعتها كُنت طالع ونازل بالليل ومفيش خوف، بس قبل ما ننام أبويا قال لي:
-يا علي .. انزل اقفِل نور المدخل.
أنا رفضت أنزل، ورفضت إن نور المدخل يتقفل، وللمرة الأولى أمي توافقني في رأي، وساعِتها نِمنا ونور المدخل مفتوح، لكن سِمعنا صوت فرقعة شديد في المدخل واحنا نايمين، صحينا لقينا الدنيا ضلمة قدام باب الشقة، أبويا نِزل وأنا نِزلت معاه، ولقينا اللمبات النيون واقعة في الأرض ومكسورة، كأن حد ضربها بحاجة كسرها!
أبويا أخدني وطلع، لكن لقيتني بدوس في حاجة لزجة، لمّا طلعت الشقة فوق لقيتها نفس المادة السودا اللي ريحتها مقزِّزة اللي لقيناها وإحنا بنشيل الكراكيب من تحت بير السلم.
***
في اليوم اللي بعدها أمي طلبت منّي ودّي أخويا الصغيّر عند جدتي، شِيلته على إيدي ونزِلت به السلّم، كُنا بعد العِشا علطول، وكان أبويا صلّح اللمبات النيون والمدخل منوّر عادي، لكن وأنا نازل على السلّم النور انطفا، ساعتها حسّيت بإيد بتمسكني من رجلي، ومحسّيتش بنفسي غير وأنا واقع، وأخويا راسه مفتوحة والدم بينزل منها.
أمي نِزِلت على صوت أخويا، وطبعًا زعَّقِت عشان وقع منّي، لكنّي قلت لها:
-مَوَقَعش منّي .. أنا في إيد مسكت رجلي كعبلتني لمّا النور انطفا.
أمي بصّت حواليها وقالت:
-نور إيه اللي انطفا .. النور مالي المدخل أهه!
حسّيت إنّي في صدمة، أومال إيه الضلمة اللي شوفتها والإيد اللي مسكتني لغاية ما وقعت بأخويا دي؟!
***
طول عُمري وأنا بخاف من بير السلّم، لمّا كبرت شويّة جار لنا كبير في السن قال لي:
-بيتكم ده كان من سنين أرض فاضية .. وكان فيه قبر .. القبر كان مكان بير السلّم كده .. لكن كان في صيّاد اشترى الأرض .. وهدم القبر .. وبنى البيت ده .. ومن ساعتها والبيت دورين كده على حاله.
خوفي زاد من البيت عمومًا مش بير السلّم بس، لو كان كلام جاري صحيح، فممكن يكون شبح الميّت اللي كان في القبر اللي اتهدم ساكنة في مكان القبر، اللي هو بير السلّم حاليًا.
الغريبة إنّي لمّا قعدت مع جدّتي أكدت لي كلام جارنا، وحذّرتني من بير السلّم، جدّتي روحها طيبة، بتحسّ بالمكان كوّيس ولا لا، وقالت لي حاجة غريبة:
-عارف ليه أنا مبجيش كتير عندكم رغم إنّكم جنبي.
قُلت لها:
-ليه؟
لقيتها بتقول لي:
_عِشان أنا بتعب وأنا معدّية من مدخل البيت .. أنا بسمع صوت غريب تحت بير السّلم في الطالعة والنازلة .. عَشَان كِدَه مبحبّش آجي .. بس ماتبلَّغش أمك بحاجة عشان ما تلفِتش نظرها .. طالما ما اشتكَتش من حاجة.
الموضوع بقى مُقلق جدًّا، أحداث كتير بتحصل كل يوم بتخوّفني أكتر، لغاية ما بقيت في رابعة ابتدائي، بدأت أتغلّب على خوفي شوية، وبدأت أطلع وانزل وأنا بتجاهل أي صوت بسمعه في بير السّلّم، لغاية في يوم كنت بعمل شاي، لمّا الشاي غَلى على النار قفلت البوتاجاز وبشيل البرّاد عَشان أصُبّ الشاي، وزي إيد مسكت إيدي اللي فيها البرّاد، كانت قويّة جدًّا مقدرتش أقاومها، وكانت النتيجة إنّها قلبت فوقي البرّاد وصدري كله اتحرق.
أمي و أبويا دخلوا المطبخ على صرختي، لمّا أبويا شاف المنظر جرى على الصيدلية، وأمي شالت القميص من عليّا، كان جلد صدري كلّه مِتشال، ولقيتها بخوف بتقول لي:
-أنت صغيّر يا علي؟ .. مُش عارف تِمسِك البرّاد!
قُلت لها وكنت خايف إنها متصدقنيش:
-في حاجة مسكت إيدي وحدفت البرّاد فيّا.
السّكوت اللي كان على وِش أمي كان بيقول إنّها مصدّقاني، هي برضو كانت بدأت تسمع حاجات في بير السلّم في المطبخ، والغريبة إنها في يوم قالت لي:
-هقول لك على حاجة بس متقولش لأبوك .. أنا بشوف خيال أسود طويل راسه واصلة للسقف ماشي في الشقة بالليل .. بيلف عند المطبخ والحمام .. وبعدها بيفتح الباب وبينزل على السلّم.
قُلت لها:
-فاكرة لمّا كنا بندهن الشقة وأنا عندي سبع سنين .. هو ده نفس السبب اللي خلّاني طلبت منك إني أنام جوَّه مُش على الطرف.
بدأنا ما حدّش فينا ينزل تحت من المغرب .. كان أبويا عِرِف .. وقتها مقدرش يكذّبني أنا و أمي .. لغاية ما اتأكّد من كلام جارنا و كلام جدّتي .. الناس الكبيرة تقريبًا عارفة الحكاية .. بس محدّش كان بيتكلّم عشان ميوقَّفش حال البيت، كان صاحِب الأرض الأساسي راعي غنم، أيام ماكان المكان كله هنا أراضي زراعية، قبل البيوت والعَمَار، وكان بيرعى غنمه في المكان ده، في ليلة هجم عليه لصوص عشان يسرقوا الغنم منّه، حاول يقاومهم فقتلوه وهربوا، ولمّا الناس شافوه قرّروا يعملوا قبره في المكان اللي اتقتل فيه، اللي هوّ للحظ السيء مكان بير السلّم.
عشان كده كل الأراضي اتبنى عليها لمّا وريث راعي الغنم باعها، ماعدا الأرض اللي عليها بيتنا، الكل كان عارف إن فيها قبر راعي الغنم، لغاية ما جه الصياد اشترى الأرض، وهدم القبر، وبنى فوقها.
بيقولوا برضو إن الصيّاد باع البيت برُخص التراب لنا من اللي كان بيشوفه، حصل معاه كوارث، لدرجة إنه كان بيموت هو وعياله، أكيد ده عشان هو اللي هدم قبر راعي الغنم بإيده.
الغريب في الموضوع كمان، إن اللي وصفوا راعي الغنم، قالوا إنه كان طويل جدًا وبشرته سمرا، لمّا سمعت الوصف اتخيّلت شكل الشبح، اللي تقريبًا كان مطابق للوصف.
كنت كل ما أكبر الموضوع يكبر معانا، أنا بدأت أشوف الشبح يوميًّا في المدخل، حتى الناس في الشارع قالت إنها بتشوفه بالليل قُدّام الباب، لدرجة إن الكل بقى بيخاف من بيتنا.
مافيش حد جِبناه يقرأ في بير السلّم وقِدِر يعمل حاجة، كانوا كلّهم بيتعبوا وبيجيلهم حُمّى، لدرجة إن محدش بقى راضي ييجي يحاول يخلّصنا من الكابوس ده، لغاية في ليلة كُنت جاي من مراجعة قبل الامتحانات، دخلت من باب المدخل واترزع ورايا، درجات السلّم اختفت زي ما حصل معايا وأنا صغيّر، النور انطفا والضلمة كانت شديدة، ساعتها صرخت بصوت عالي:
-أنا مُش خايف.
زي ما يكون في صوت تعابين كبيرة كانت بتزحف فوق ورق شجر واقع على الأرض، نفس الصوت اللي بسمعه علطول، بعدها بدأت أحس بهوا سُخن بيتحرك بسرعة من حواليا، وصوت بيهمس في وِدني:
-امشي .. قُل لأبوك يِمشي .. يِعمل زي ما الصيّاد عمل.
جسمي كله كان بيرتجف، حسّيت فجأة انّي تلّجت .. فجأة الضلمة اختفت، وكل حاجة رجعت لطبيعتها، طلعت أجري على أمي وحكيت لها اللي حصل، وكان رأيها من رأيي، إحنا لازم نسيب البيت.
عرضنا البيت للبيع، لكن محدش كان راضي يشتريه، ساعتها اشترينا شقّة في عمارة قرّيبة واتنقلنا فيها، وفِضِل البيت على ماهوّ عليه، حتى الحكاوي عنّه زادت، لدرجة إن الجيران كانوا بيقولوا إنهم بيسمعوا صوت غنم في البيت بالليل وصوت حد بيجري وراها، وإنهم بيشوفوا أحيانًا نور بير السلّم شغّال بالليل، بالرغم من إنه بيكون مطفي بالنهار.
***
أخدني الفضول في ليلة وقُلت أروح أشوف بنفسي، كُنّا في نُص الليل، وكانت الدنيا بتمطّر، الشارع كان فاضي خالص، فعلًا نور بير السلّم شغّال رغم إننا فاصلين الكهربا عن البيت، صوت حد جوّه بيتحرّك، الفضول أخدني أكتر فقرَّبت من باب المدخل، حطّيت وِدني عليه عشان أسمع إيه اللي بيحصل جوّه، الصوت سكت وقت طويل، لغاية ما الباب اتخبط فجأة، حد رزع عليه من جوّه، بعدها سِمعت الصوت نفسه، لكنه كان أعلى في المرة دي وهو بيقول:
-امشي…
***

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى