قصص

قصه شنطه الالماني (كامله)

حكايات المسجون
١
(شنطة الألماني)
٢١+
للكبار فقط..
انا كاتب شاب، دخلت مجال الكتابة من حوالي اربع سنين.. واربع سنين في عُمر المجال ده، تعتبر فترة قصيرة جدًا عشان تتعرف او تتشاف.. بس على الرغم من كده، انا اتشافت، الناس حسوا باللي بكتبه، وبشكل ما بقت قصصي ورواياتي، روتين بالنسبة لهم.. وبس.. كفاية اوي الجزء ده للتعريف عن نفسي، اه.. ماهو ببساطة كده، الحكاية اللي جاي احكيهالك مش حكايتي انا ولا حكاية كتاباتي، الحكاية اللي جاي احكيها بدأت من يوم كنت قاعد فيه ماسك القلم وبفكر اكتب قصة جديدة.. يومها، وعلى بعد المغرب كده، حسيت بملل، سيبت القلم ونزلت عشان اشتري أكل، وبحكم إن انا عايش لوحدي يعني، فنزولي عشان اشتري متطلبات المعيشة، تعتبر حاجة عادية… لكن في اليوم ده لما نزلت، اتفاجأت بصاحب السوبر ماركت اللي جنب بيتنا وهو بينده عليا..
-يا أستاذ.. يا عم انت.
وقفت في مكاني وبصيتله باستغراب.. انا اه عارفه وبشتري منه حاجات، بس في العادي… ماليش كلام معاه اوي يعني، لأن انا اصلًا علاقاتي الاجتماعية محدودة حبتين.
-انت بتنده عليا انا؟!
-اه، انت.. تعالى، خد ياجدع..
روحتله وانا على ملامحي الاستغراب والدهشة، وقبل ما اسأله عن اي حاجة، مد لي ايده بظرف ورقي كبير وهو بيقولي..
-اتفضل.
مسكت الظرف وقريت اللي مكتوب عليه من برة، ده اسمي!
-ايه ده؟!
لما سألت البقال السؤال ده، جاوبني بسرعة ومن غير ما يفكر..
-الظرف ده جابه واحد طويل واسمراني كده وسابه عندي، وقالي انك لما تنزل من البيت ابقى اديهولك.
قلبت الظرف ومسكته كويس.. ومن مسكته، قدرت اعرف ان جواه ورق كتير!.. فتحته وبصيت فيه، واللي حسيت بيه من مسكتي كان صح، انا لما فتحت الظرف، لقيت جواه ورق ابيض مكتوب فيه كلام!… استغرابي زاد وبصيت للبقال..
-طب وهو ماقالش اسمه ايه ولا قال الورق ده فيه ايه؟!
-لا والله.. هو سابهولي وقالي اديهولك، وقالي كمان انك لما تفتحه وتقرا اللي جواه، هتفهم كل حاجة.
شكرت البقال وروحت اشتريت اكل ورجعت البيت، وبعد رجوعي للبيت وقبل ما اعمل اي حاجة، فتحت الظرف وابتديت اقرا الورق اللي جواه، وهبدأ معاكوا من محتوى الورقة الأولى، واللي كانت مترقمة من فوق برقم ١… وإليكم بداية الكلام المكتوب..
(استاذنا الفاضل.. انا واحد من متابعينك، بداية متابعتي ليك كانت من فترة.. اصل انا واحد من الناس اللي حضروا لك اول حفلة توقيع، لأول رواية ليك بمعرض القاهرة الدولي للكتاب.. يومها انت كنت مبهدل وقلقان وعرقان وعيونك كانت زايغة، لما شوفتك.. قولت مين الشخص ده اللي الناس ملمومة عليه، بس لما اشتريت الكتاب بتاعك وقريته، حسيت انك مختلف، شبهنا.. شبه الناس الحقيقية، بتكتب مشاكلنا واوجاعنا، بتكتب زي ما احنا بنتكلم.. ومن اليوم ده ياسيدي وانا بقيت بتابعك من خلال صفحتك على الفيسبوك، وفضلت بتابعك وبقرا قصصك لحد ما حصل اللي خلى حياتي تتشقلب.. اتسجنت.. ايوه انا مسجون، حصلتلي ازمة كبيرة وبسببها ارتكبت جريمة واتسجنت، لكن مش أزمتي ولا مشكلتي هي الحكاية اللي هحكيهالك.. انا ياسيدي كان نفسي اكتب زيك بس ماعرفتش، او تقدر تقول اني مالحقتش اتعلم، انا شبهك في حاجات كتير على فكرة.. بدور على القصص الواقعية والغريبة وبحب اسمعها، وبما اني مسجون ومافيش اي حاجة مهمة في حياتي ممكن اعملها، فانا قعدت وابتديت اسمع حكاوي المساجين والعاملين في السجن كمان.. ومن هنا ابتدت الفكرة… الحكايات اللي سمعتها في السجن ماينفعش ماتتكتبش، ولا ينفع تمر مرور الكرام عليا ولا عليك، الحكايات دي لازم تتكتب وتتحكي والناس تعرفها، وعشان كده خدت القرار.. طلبت من ادارة السجن ورق وقلم، وابتديت اكتب.. وكتبت في البداية حكايتين، حكايتين بعد ما خلصتهم قررت اني ابعتهملك عشان تنشرهم للناس، وصدقني.. دول مش هيبقوا اخر حكايتين، انا كل فترة والتانية هبعتلك قصص كتير.. ومن ضمنهم اكيد هتكون قصتي، بس هحكيها فيما بعد لأني مش جاهز نفسيًا إن انا اكتبها دلوقتي.. وبالنسبة لأسمي، فانا مش هقولك اسمي الحقيقي.. ممكن تسميني ابو الرجال.. وبالنسبة للطريقة اللي بيوصلك بيها الورق ده، فماتتعبش نفسك في التفكير.. انا ببعت الورق عن طريق مصلحة السجون لواحد قريبي، وقريبي ده انا مفهمه يوصلك الورق ازاي او يسيبهولك فين، وده عشان ماتعرفش شخصيته ومن خلاله تعرفني.. ولذلك.. ف الورق في كل مرة هتلاقيه او هيجيلك بشكل مختلف.. وبس ياسيدي، هي دي المقدمة.. المقدمة اللي من بعدها هبدألك اول حكاية، وهي في الحقيقة حكاية مختلفة شويتين، انا مش هحكيهالك على لسان المتهم او المسجون اللي حكهالي، انا هحكيهالك بشكل عام، وده ببساطة لأن انا من بعد ما سمعت منه، سألت ناس من اللي بيشتغلوا في السجن وعرفت منهم تفاصيل كتير عن القضية، تفاصيل المتهم نفسه مايعرفهاش.. ولحد هنا بتخلص الورقة الأولى، ومن بداية الورقة التانية هتبدأ الحكاية، واه.. ماتقلقش.. الورق مترقم من فوق عشان ماتتوهش..)
ولحد هنا فعلًا كانت انتهت الورقة الأولى!
انا مش فاهم حاجة، ده حد بيهزر ولا ايه.. لكن لا.. مين اللي هيهزر بالشكل ده، الورق ده اللي كاتبه، كاتبه بصدق اوي.. طريقته واضح إنها طريقة حد مش بيألف ولا بيكدب، ده شخص حقيقي وصادق اوي وبيتكلم بجدية.. وعشان احكم الجدل الداير بيني وبين نفسي، مسكت الورقة التانية وابتديت اقرا بداية الحكاية الأولى، واللي كانت مكتوبة بعنوان.. (شنطة الألماني!).. ومن بعد الورقة التانية قريت التالتة والرابعة والخامسة وغيرها كتير من اوراق، لحد ما خلصت.. وإليكم الحكاية زي ما ابو الرجال كتبهالي..
(بتبدأ الحكاية من نهار يوم عادي في مكان هادي في حي المقطم، في اليوم ده، عدى عامل النظافة بالعربية اللي بيلم فيها القمامة، واثناء ما كان معدي، وقف قصاد بيت قديم، بيت من دور واحد مهدود.. وطبعًا بما إنه دور واحد ومهدود، فأهالي المنطقة قلبوه مزبلة، او خرابة زي ما بيتقال…
وقف الراجل بعربيته ونزل منها كعادته وراح ناحية البيت، اصله متعود كل ما يعدي على المكان ده، يقف ويلم القمامة اللي فيه، إنما المرة دي بقى.. واول ما دخل، فجأة وقف.. برق.. وفي لحظة خرج من المكان ووقف في نص الطريق وصرخ بعلو صوته وهو مُنهار..
-يا عاالم.. يا خلق.. يا عااالم.. ياهوو.. في جثة متقطعة جوة الخرابة، يا نااس..
وفضل يصرخ لحد ما الناس اتلمت عليه، وفي لحظة.. فقد الوعي!
فتح عامل النظافة عينيه بعد ما فاق، كان قاعد على كرسي قصاد الخرابة والناس والبوليس حواليه، وقبل ما يتكلم او يسأل أي سؤال.. كان قرب منه الظابط أدهم وسأله..
-حمد لله عالسلامة.. انت كويس؟!
هز الراجل راسه بالإيجاب، بعد كده شاور ناحية حُطام البيت وقال بتعب وارهاق..
-جوة.. جوة في الخرابة.. جوة في..
قاطعه الظابط قبل ما يكمل..
-جثة.. جثة متقطعة ومحطوطة جوة شنطة، الناس اللي اتلموا على صوتك واكتشفوا المصيبة، اتصلوا وبلغونا.. ودلوقتي جه دورنا.. انا عاوز اتكلم معاك واعرف انت اكتشفت الشنطة ازاي؟!
طلب الراجل مايه، فجابوله مايه وشرب.. وبعد ما شرب وأخد نَفسه، حكى كل اللي شافه من البداية.
-في الأول يابيه انا خرجت من بيتي زي كل يوم الصبح، خدت عربيتي وطلعت بيها على الأماكن اللي متعود الم منها الزبالة، ومن ضمن الأماكن كانت الخرابة دي، بس لما نزلت من عربيتي وروحت ناحيتها، وقفت شوية.. كان في ريحة غريبة خارجة من جوة، مش ريحة زبالة ولا حاجة بتتحرق، ده زي ما يكون ريحة جتة معفنة!.. دخلت جوة وانا ببص بحذر، واول ما دخلت.. لفت نظري كلبين واقفين حوالين شنطة كبيرة سوستتها مفتوحة، هشيت الكلاب وقربت من الشنطة، وكل ما كنت بقرب، كل ما الريحة كانت بتبقى ابشع، لكن يابيه مش الريحة وبس اللي طلعت بشعة، لا.. ده المنظر اللي انا شوفته كان ابشع وافظع حاجة شوفتها في حياتي، الشنطة كان جواها اكياس، والاكياس دي جواها اعضاء بني أدم.. وقفت قصادها وانا مذهول لمدة ثواني، بعد كده ماحسيتش بنفسي إلا وانا خارج من الخرابة وبصرخ في الناس، ومن بشاعة المنظر ومن الخضة، تقريبًا كده دماغي عطلت وغيبت عن الدنيا، ومافوقتش غير دلوقتي.
بعد ما خلص عامل النضافة كلامه، آمر الظابط أدهم إنه يروح عالقسم عشان الاقوال دي تتكتب في محضر رسمي ويروح النيابة، وبعد كده، راحت الشنطة باللي جواها على المشرحة.. وفي المشرحة بقى، بدأ الطبيب الشرعي، دكتور عبد الغفار محفوظ، يشرح الجثة عشان يلاقي اي حاجة تدله على شخصية القتيل، بس مافيش.. الجثة معالمها مطموسة، دي حتى الراس كانت متشوهة ومش باين منها اي ملامح.. وبعد ما خلص الدكتور تشريح في الجثة وكتب تقريره اللي هيروح للنيابة، خد بعضه وراح لصديقه، الظابط أدهم.. الظابط المسؤول عن التحريات في القضية.
-صباح الفل ياابو الأداهيم.. صباح الفل ياعم عوض.
لما دخل دكتور عبد الغفار مكتب أدهم، وسلم عليه وعلى عم عوض أمين الشرطة، بص له أدهم باستغراب وضرب كف بكف..
-انا مش عارف ايه البرود اللي انت فيه ده كله؟..وبعدين صباح ايه ياابني!.. احنا داخلين المغرب.
ضحك عم عوض، ومع ضحكته بص عبد الغفار لأدهم..
-ياباشا انا بالنسبة لي صباح، طالما شمس ربنا لسه ماغابتش، نبقى لسه الصبح.. وبعدين سيبك من صباح والمسا وقولي، عرفت مين الراجل اللي لقتوه متقطع في الشنطة؟
حط أدهم إيده على راسه ورد على عبد الغفار بضيق..
-اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكني اسألك اللطف فيه، الطف بيا يارب.. يارب الطف بيا وخفف عني قضاك.. انا مش حمله يارب، ده هيجلطني في مرة ببروده ده.
قرب منه عوض وهو بيحاول يهديه..
-اهدى ياباشا، اهدى.. ما انت عارف دكتور عبد الغفار، بيحب تملي يهزر معاك.
شاور عبد الغفار لعوض..
-سيبه ياعوض سيبه.. هو تلاقي اعصابه تعبانة بسبب إنه شاف الجثة وكده، معذور ياعيني، اصله لسه متخرج امبارح واول مرة يشوف جثث.. البيه جاي النهاردة ويتفاجئ.. بعد ما اشتغل سنين وشاف جثث ياما.. جاي يتفاجئ النهاردة… جرى ايه ياأدهم، ما انت متعود.
-ياأخي حرام عليك بقى، انت عاوز تنقطني.. انا كل يوم بشوف جثث اشكال والوان، بس بتعامل معاهم برهبة، مش زيك.. بتتعامل معاهم على إنهم اصحابك.
-لا ياسيدي، مابتعاملش معاهم على إنهم اصحابي ولاحاجة، انا مش عاطفي زيك، لا.. انا قلبي جامد كده وبتعامل معاهم على إنهم شغل، بس مجرد شغل.
-حلو.. خلينا في الشغل، بطل هزار بقى واتكلم جد شوية، عرفت حاجة من قطع غيار البني أدم اللي راحتلك؟
-تؤ.. الجثة متشلفطة، مالهاش معالم، الملامح مطموسة بماية نار والجسم متقطع بعشوائية، يعني من الأخر كده.. مش هنعرف نطلع بحاجة من الجثة.
اتعصب أدهم وقام وقف..
-ولما هي متشلفطة ومش هنعرف نطلع منها بحاجة، جايلي ليه يابني أدم؟!
-جاي عشان اساعدك.
-وانت باللي قولته ده تبقى بتساعدني؟… ده انت بتعقدها اكتر ما هي متعقدة.
اتدخل عوض وحاول يهدي أدهم للمرة التانية..
-اهدى ياباشا.. اهدى عشان صحتك.
-ياعوض سيبني الله يرضى عليك، سيبني اشوف المصيبة اللي انا فيها دي.
رد عبد الغفار ببرود..
-مصيبة؟.. مصيبة ايه كفى الله الشر؟.. ربنا ما يجيب مصايب ياأخي… تف من بوقك.
-ربنا ما يجيب مصايب!.. وهو انت طول ما بتشتغل على القضايا المهمة والجثث الغريبة، المصايب هتتمنع ازاي فهمني؟.. انا وربنا مش عارف انت طبيب شرعي ازاي!
-زي الناس.. ذاكرت واجتهدت وبقيت دكتور.. عقبالك… بس انا بقى ياحضرة الظابط مش جايلك بمصيبة، انا جايلك بالحل، والحل بقى مش في الجثة.
قعد أدهم وركز مع عبد الغفار..
-اومال الحل فين؟
-في الشنطة ياابو الأداهيم.. في الشنطة ياصاحب عمري وقدري الاغبر.
-في الشنطة!.. في الشنطة ازاي يعني؟.. انت عايزني اخد الشنطة واشممها لكلب من الكلاب اللي عندنا، واقوله ونبي روح اعرفلي شخصية القتيل!
-شوفت.. شوفت بقى مين اللي بيهزر.
اتدخل عم عوض وبص للدكتور عبد الغفار بترقب..
-معلش يا دكتور.. بلاها هزار دلوقتي وقول على طول، الحل في الشنطة ازاي؟
مد عبد الغفار إيده في شنطته وطلع كيس أحراز جواه ورقة، حطه على مكتب أدهم وهو بيقوله بثقة..
-افتح الكيس.. هتلاقي جواه ورقة، والورقة دي كانت جوة جيب سحري في الشنطة.
مسك أدهم الكيس وفتحه، بعد كده مسك الورقة وبص فيها، وبعد ثواني بص لعبد الغفار..
-دي ورقة حوالة من شخص عايش في المانيا لشخص تاني عايش في مصر.
يتبع
شنطة الالماني
٢
مسك أدهم الكيس وفتحه، بعد كده مسك الورقة وبص فيها، وبعد ثواني بص لعبد الغفار..
-دي ورقة حوالة من شخص عايش في المانيا لشخص تاني عايش في مصر.
هز عبد الغفار راسه..
-ايوه ما انا عارف، ما انا كمان بعرف اقرا انجليزي على فكرة، بس اللي لازم تاخد بالك منه بقى إن الشخص اللي في المانيا ومحول حاجات للشخص اللي عايش في مصر، يبقى اخوه.. يعني اخ الماني عايش في بلده، باعت لاخوه الألماني حاجات، واخوه ده يبقى ألماني برضه بس عايش هنا في مصر.
ساب أدهم الورقة من إيده وسرح..
-يعني ممكن اوي تكون الجثة اللي في الشنطة، هي جثة..
قاطعه عبد الغفار..
-صح.. جثة الراجل الألماني اللي عايش هنا، عيش بقى، انا كده عملت اللي عليا.
قام أدهم بسرعة والورقة في إيده وخرج جري من المكتب، ووراه خرجوا عبد الغفار وعوض.. وبعد خروجهم من المكتب، راح أدهم جري عشان يعرف معلومات عن الراجل الألماني ده، وفعلًا.. أدهم عن طريق البحث وورقة الحوالة، قدر إنه يعرف شخصية الراجل الألماني، بس ده ماكنش أي راجل كده والسلام، لا.. ده كان دكتور، ومعلوماته كالأتي..
الأسم/ والتر فيليب.
السن/ ٥٨ سنة.
المهنة/ دكتور في جامعة من الجامعات الخاصة في مصر.
عنوانه/ فيلا في التجمع الخامس.
لما أدهم عرف المعلومات دي، خد معاه قوة وراحوا على الفيلا، واللي توقعه لقاه، الراجل متغيب عن بيته وشغله بقاله اربع أيام، ومش بس كده، ده كمان الدنيا مقلوبة عليه، وبتربيط الخيوط مع بعضها، اتأكد أدهم إن الجثة المتقطعة تبقى جثة الدكتور الألماني المُختفي، ومن هنا ابتدت القضية تاخد شكل تاني خالص.. ماهو أصل أدهم بعد ما اتأكد من شخصية القتيل، فتش الفيلا بتاعته وحاول يدور على اي حاجة تدله على القاتل، بس مافيش.. الكاميرات بتاعت الفيلا متكسرة والهاردات بتاعتها مسروقة، وحتى متعلقات الدكتور الشخصية، ماكانتش موجودة هي كمان، لكن مع التدوير كويس اوي، قدر أدهم بمساعدة الرجالة اللي معاه، إنه يلاقي موبايل صغير موجود في خزنة سرية جوة دولاب الدكتور.. وصدقني، الموبايل الصغير السري ده، كان نقطة فاصلة في القضية، لأن أدهم فهم منه حاجات مهمة اوي.
أدهم بعد ما لقاه وشحنه وفتحه، لقى عليه باسوورد، ساعتها خده وراح بيه لمتخصص في الوزارة، وطلب منه يفتحله الباسوورد من غير ما أي حاجة تتمسح، وفي وقت قصير، قدر المتخصص إنه يفتح التليفون وخده وراح بيه لأدهم المكتب..
-ادهم باشا.. الموبايل ياأدهم باشا.
-ايه ياقنديل.. فتحته؟
-ايوه ياباشا فتحته، بس المشكلة مش في فتحه، فتحه أمر سهل ومايخضش، إنما اللي يخض بجد، هو اللي لقيته عليه.. بص كده ياباشا.
قرب قنديل من أدهم وابتدا يوريه كل اللي لقاه، أدهم كان مصدوم ومش عارف ينطق، الموبايل كان عليه بلاوي، حرفيًا بلاوي.. محادثات بين الدكتور وبين ناس، صور وفيديوهات ومصايب خلت أدهم يبص بقرف للتليفون وهو بيقول باشمئزاز..
-اعوذبالله من غضب الله، ايه ده؟.. يانهار اسود ومنيل، الراجل ده كان دكتور وبيدرس لطلبة ازاي؟
بص له قنديل وحط التليفون على المكتب..
-عادي ياباشا.. الناس دول عندهم الحوار ده عادي، هم اصلًا بيعترفوا بيه وبيدافعوا عنه كمان.
-بيدافعوا عن ايه الله يقرفك ويقرفهم في يوم واحد، انا بطني قلبت، ثم إن موضوع يعترفوا بيه وعادي ده عندهم هناك، انما عندنا هنا لأ.. دي كارثة، الراجل ده مدورها وعامل شبكة علاقات مع الطلبة الشباب عنده في الجامعة… يعني بيحرض العيال على الفجور وعلى حاجات برة فطرة ديننا ومجتمعنا.
-وياريتها جت على الطلبة الشباب وبس ياباشا، ده مشترك في جروبات عالواتس وعلى الفيس، كلها متعلقة بالحوار ده… يعني الموضوع مش مجرد حاجة هو بيحب يعملها، ده مرض، هووس ياباشا.
-طبعًا مرض وهووس وجنان كمان، ومش بس كده.. ده قرف وزفت على دماغه، الله يجحمه مطرح ما راح، بس ده مش موضوعنا، احنا لازم نعرف مين من اللي يعرفهم عمل فيه كده، انا عاوز تفريغ بكل المحادثات اللي على التليفون ده، وكمان عايز قايمة واضحة بأخر ناس تواصل معاهم على كل التطبيقات.
-حاضر يافندم.. دقايق وتكون التقارير على مكتبك.
وبعد دقايق كانت التقارير على مكتب أدهم، ومن خلال التقارير، قدر يوصل لكل الشباب اللي الدكتور كان بيكلمهم في الفترة الأخيرة او كان على علاقة بيهم، واستدعاهم واحد واحد وحقق معاهم، وكانت بداية التحقيقات من عند طالب بيدرس في الجامعة اللي بيشتغل فيها الدكتور.. قعد الشاب قصاد أدهم وبص في الأرض، وقتها بص له أدهم بقرف وهو قاعد بعيد عنه وقال له..
-انت ايه علاقتك بدكتور والتر زفت القتيل؟
-نورمال.. علاقة طالب بدكتوره… عادي يعني.
خبط أدهم على المكتب بعصبية..
-انت هتستعبط يالا!.. عادي ايه؟.. انا شوفت بعيني المحادثات اللي مابينكوا، وياريتها جت على محادثات وبس، ده في صور وفيديوهات وبلاوي.. وطبعًا انت عارف الصور والفيديوهات دي لو اهلك عرفوا بيها ممكن يعملوا فيك ايه.
ابتدا الشاب ينهار، اسلوب ضغط أدهم عليه خلاه يفقد اعصابه وابتدا يتكلم وهو بيعيط..
-يافندم انا ماقتلتوش.. انا علاقتي بدكتور والتر كانت كويسة جدًا جدًا.
-اه طبعًا.. علاقة كويسة من النوع الوسخ اللي انا شوفته.
اتحرج الشاب وحط وشه في الأرض، لكن في اللحظة دي قام أدهم وقف وزعق فيه..
-انت هتعملي فيها مكسوف ياروح امك.. ما تنطق ياض، قتلته ليه؟.. هددك بصور وفيديوهات، ولما خوفت لا يفضحك قتلته؟.. ولا هددك بإيه بالظبط عشان تقتله؟
ابتدا الشاب يعيط وهو بيرد على الظابط أدهم..
-والله انا ما قتلته.. انا علاقتي بيه كانت كويسة جدًا، من وقت ما اتكلمنا وبقينا مع بعض، واحنا عمرنا ما اختلفنا ولا اتخانقنا.. وحتى الصور والفيديوهات اللي لقتوها على موبايله، عمره ما هددني بيها.
سكت أدهم وفضل يسمع الكلام الشاب وهو مركز معاه، كلامه كله كان بيقول إن اه الدكتور والتر ده كان على علاقة بالشاب ده، لكن لا.. الشاب من طريقته، قدر أدهم يعرف إنه مالوش دعوة بموضوع القتل، وعشان كده استدعى أدهم الباقين وابتدا ياخد اقوالهم، وكلهم تقريبًا قالوا نفس كلام الشاب الأولاني، وكلهم برضه ماكنش عليهم أي حاجة ولا كان في دليل واحد يثبت إن حد منهم قتله، بس ده مش مبرر عشان يخرجوا، هم اتحولوا للنيابة في قضايا تانية خالص.. وطبعًا انت عرفت من خلال اللي حكيتهولك طبيعة القضايا اللي اتحولوا للنيابة بسببها، ايوه.. قضايا فجور وخروج عن الفطرة.. ولحد هنا القضية الأساسية ماتحلتش، بل بالعكس، دي القضية اتأزمت اكتر واكتر.. ماهو بكده تبقى النيابة بتدور على ابرة في كوم قش، وفي نفس الوقت أدهم ماكنش عارف يتصرف ازاي لحد ما قعد مع عوض أمين الشرطة اللي تحت إيده وقاله..
-بقولك ايه ياعوض.. احنا بندور على القاتل في الاتجاه الغلط، احنا لازم نلاقي تسجيلات لمحيط الفيلا في الفترة اللي قبل ما الدكتور يختفي فيها على طول.. وكمان لازم نعرف مين كان بيدخله وبيخرج من عنده.. ماهو بالتأكيد في ناس اتعامل معاهم وارقامهم مش موجودة على التليفون السري ده، وعقبال بقى ما توصلنا تفريغات تليفونه الاساسي اللي تسرق من شركة الاتصالات، فيها ايام.. وبعدين وارد يكون اللي عمل فيه كده مجرد حرامي، بس ذكي ومرتب كويس اوي للي ناوي يعمله.
سرح عوض مع كلام أدهم وسكت لثواني، بعد كده بص له بيأس وقال له..
-طب واحنا هنلاقي تسجيلات منين بس ياباشا.. كاميرات الفيلا كلها متفورة، والفيلا كمان في مكان مقطوع، يعني لا حواليها فلل تانية ولا محلات ولا اي مكان ممكن يكون بيستخدم كاميرات.
-مش شرط ياعوض يكون المكان اللي بيستخدم كاميرات قريب اوي من الفيلا.. ممكن يكون في نفس الشارع مثلًا.
سرح عوض تاني، بس المرة دي سرح في الفراغ، وبعد سرحان وسكوت داموا لفترة صغيرة، قام وقف وقال لأدهم وعيونه بتلمع..
-لقيتها ياباشا.. لقيتها.. على اول الشارع اللي فيه الفيلا، في كشك بقالة، والكشك ده أكيد عنده كاميرات، ومش بس كده.. ده كمان في بنك قصاد الكشك.
ابتسم أدهم وهو بيبص لعوض..
-ايوه كده.. هو ده عم عوض اللي انا اعرفه، احنا بكده هنقدر نعرف مين دخل او خرج من الشارع يوم ما الراجل ده اختفى.. وقبل اليوم ده وبعده كمان… بس عشان نعمل كده، لازم نتحرك بسرعة ونطلع على النيابة، احنا هنحتاج تصريح عشان نفرغ الكاميرات دي.
وفعلًا.. جاب أدهم التصريح وابتدا يفرغ الكاميرات هو وعوض ومعاهم اتنين ظباط كمان، وطبعًا مافرغوش غير الأيام اللي بعد اختفاء والتر على طول.. او بالتحديد يعني، ابتدوا تفريغ من قبل اليوم اللي لقوا فيه الشنطة اللي جواها الجثة بحوالي اربع أيام، ووسط الفيديوهات، لاحظ أدهم حاجة مهمة اوي.. حاجة خلته يبص للي قاعد بيفرغ الكاميرة بتاعت كشك البقالة ويقوله باهتمام..
-وقف هنا.. وقف.. شايف العربية الحمرة دي؟
رد عليه الشخص اللي بيفرغ الكاميرا..
-اه شايفها يافندم… النص نقل.. انا ملاحظ انها واقفة بقالها كتير اوي والسواق جواها؟!
-ايوه.. مظبوط.. رجع بقى الفيديو وهاتلي من اول ما وقفت.
رجع الراجل الفيديو لحد لحظة وقوف العربية بالظبط، ومع وقوفها، نزلت منها ست منقبة ودخلت الشارع اللي فيه الفيلا.. والست دي بعد ما مشيت، فضلت العربية واقفة وقت طويل اوي والسواق بتاعها قاعد جواها، وبعد فترة كبيرة، رجعت الست المنقبة تاني ناحية العربية، بس المرة دي كانت بتجر شنطة سفر كبيرة بإيد.. وفي الإيد التانية كانت ماسكة شنطة تانية، بس الشنطة الكبيرة، كانت نفس الشنطة اللي كانت الجثة متقطعة جواها!
قربت الست من ضهر العربية ورفعت الشنطة الكبيرة وحطتها في الكابينة بتاعة النقل، بعد كده ركبت جنب السواق بالشنطة الأصغر منها، والعربية مشيت!
بص أدهم لعوض وهو بيبتسم، وقتها عوض بص له هو كمان وقاله بلهفة..
-الله ينور عليك ياباشا.. خطوة تفريغ الكاميرات دي كانت في محلها.
-الحمد لله.. ده توفيق من ربنا، المهم دلوقتي، احنا نوصل للعربية وللسواق اللي كان سايقها، انا متأكد إننا لو وصلناله هنبعت القضية دي للنيابة متقفلة.
بص أدهم للشاشة وقال للشخص اللي بيفرغ الفيديو..
-بص بقى.. انا عاوزك تعملي زووم على العربية وتطلعلي صورة فيها شكلها بالكامل، واعمل حسابك إن النِمر لازم تكون واضحة.
هز الراجل دماغه لأدهم، وبعد دقايق كان أدهم في إيده صورة للعربية، صورة واضح فيها اوي شكل لوحة الِنمر، وعن طريق الِنمر، قدروا يوصلوا لصاحب العربية، وعن طريقه، وصلوا للي شغال عليها، وهو راجل من منطقة الأباجية.. استدعاه أدهم وابتدا التحقيق معاه، وبعد ما خد بيانته ابتدا يسأله..
-قولي بقى ياشبراوي.. ايه اللي وداك التجمع مع الست المنقبة من كام يوم؟!
ده الجزء التاني من قصة شنطة الالماني
شنطة الألماني
٣
هز الراجل دماغه لأدهم، وبعد دقايق كان أدهم في إيده صورة للعربية، صورة واضح فيها اوي شكل لوحة الِنمر، وعن طريق الِنمر، قدروا يوصلوا لصاحب العربية، وعن طريقه، وصلوا للي شغال عليها، وهو راجل من منطقة الأباجية.. استدعاه أدهم وابتدا التحقيق معاه، وبعد ما خد بيانته ابتدا يسأله..
-قولي بقى ياشبراوي.. ايه اللي وداك التجمع مع الست المنقبة من كام يوم؟!
بلع شبراوي ريقه وقال لأدهم..
-ست منقبة مين عدم اللامؤاخذة ياباشا؟!
-انت هتستعبط ياض؟.. وديني وما أعبد لو ما اتكلمت لا تكون لابسها لوحدك.. اعترف ياض، قتلته ليه ومين شريكتك في الجريمة.
ارتبك شبراوي وحاول يتوه في الكلام..
-انا.. انا.. انا ماقتلتش حد ياباشا ولا عملت جريمة، انا راجل بشتغل على عربية نقل، وانا يعني.. انا.. روحت مع الست دي عشان كانت عايزة تنقل شنطة كبيرة من التجمع للمقطم.
ابتسم أدهم بخبث لما شبراوي قال له كده، ورد عليه وهو بيبص في عينه بالظبط..
-طب والشنطة التانية ياشبراوي، كان فيها ايه؟
-شنطة تانية؟.. انهي شنطة تانية ياباشا؟
-ماشي.. شكلك كده مش عايز تيجي دوغري، بس انا بقى اجدع منك.. انا هجيبهالك من الأخر، الشنطة اللي انت نقلتها من التجمع للمقطم، كان فيها جثة واحد ألماني، والجثة كانت متقطعة ومحطوطة جوة اكياس، ولما واحد لقى الشنطة بالصدفة وبلغنا، عرفنا شخصية الراجل وابتدينا نتحرى عنه وندور حوالين فيلته.. ومن حظك المنيل وحظنا الكويس، إن كاميرا كشك البقالة اللي على اول الشارع اللي فيه فيلا الراجل الألماني، ظهرت في تسجيلاتها صورتك وانت واقف، من اول ما ركنت، لحد ما الست حطت الشنطة في عربيتك ومشيت، يعني بالبلدي كده انت ملطوط في الحوار، ف تحب بقى تبقى ملطوط وتاخد حكم تقضيه وتخرج لمراتك وعيالك، ولا تحب تشيلها لوحدك وتلبس الاحمر؟
حط شبراوي إيده على رقبته وبص لأدهم بخوف..
-لا لا ياباشا.. احمر ايه، بلا احمر بلا اخضر.. انا هقولك على كل حاجة، الواد جمال جمولي بتاع عين شمس.. هو.. هو اللي عمل كل حاجة، وشهادة لله يعني هو كان مفطمني ع الحوار بتاع السرقة من أوله، بعد كده لما الحوار اتقلب لقتل، طاوعته.. بس انا طاوعته في نقل الجثة.. نقل الجثة وبس، وقصاد النقلة خدت منه عشر بواكي زيادة.
رجع أدهم ضهره لورا وابتسم بثقة..
-ايووه.. الله ينور عليك، كده انت فهمت حجم المصيبة اللي انت فيها.. عاوزك بقى تهدا وتركز كده وتحكيلي، مين جمال ده وايه حكايته بالظبط؟
-حاضر ياباشا.. جمال ده كان صاحبي، اتعرفت عليه في مرة وانا بنقل نقلة فاكهة من محافظة لمحافظة القاهرة، كان ساعتها هو بيصلح الكهربا اللي في مخزن الفاكهة اللي نقلت له النقلة، ومن يوم ما عرفته وخدت رقمه واحنا بقينا صحاب، اوقات كنا بنتقابل عنده في عين شمس، واوقات كان بيجيلي هو الأباجية.. بس كانت صحوبيتنا اساسها السيجارتين، ساعات هو يجيبلي، وساعات انا اتصرف واجيبله، وفضلنا على كده لحد ما كلمني جمال في مرة وقالي إنه اشتغل عند واحد الماني في التجمع، عمل له شغل كهربا كتير في الفيلا بتاعته والراجل كَل عليه فلوس.. وكان الاتفاق ما بيننا على اني هوصله عشان يسرق فيلا الراجل، وبعد ما يخلص، يحط الحاجات اللي هيسرقها في العربية، وقالي إن هيطلعلي من الحوار ده حوالي ٢٠ الف جنيه، لأن الفيلا مليانة حاجات غالية، وبصراحة وقتها الفلوس زغللت عنيا وطاوعته، بس اللي ماكنش في الحسبان حصل، الراجل طَب على جمال وقفشه، فاضطر جمال إنه يقتله زي ما قالي، وبعد ما قتله قطعه وحطه في شنطة سفر كانت عنده، ووقتها لما قالي كده، كنت عامل زي المجنون لأن الحوار دخل في سكة القتل، بس جمال طمنني لما قالي إننا هنروح نرمي الشنطة اللي جواها الجثة في مكان مقطوع، وطمنني اكتر لما قالي إنه هيديني عشر تلاف جنيه زيادة فوق نفحتي.
-نفحتك!.. هي توصيلة ولا نقلة عشان تقولي نفحتي؟.. بس عمومًا دي مش قضيتي، خلينا في المهم، انت بكلامك ده تقصد تقول إن جمال هو اللي لبس النقاب عشان وشه مايبانش للناس… صح كده؟
-ايوه ياباشا.. جمال هو اللي كان لابس النقاب.
-طب تمام.. اديني بقى عنوان جمال ده.
بعد ما شبراوي قال عنوان جمال وراح للحجز، اتجاب جمال من بيت كان مستخبي فيه من بعد الجريمة، وفي خلال ساعات، كان قاعد قصاد أدهم اللي قال له بغضب..
-بقولك ايه ياجمال.. القضية خلصانة، يعني لو راحت النيابة زي ما هي كده وباعترافات شبراوي صاحبك، كده كده انت هتروح في داهية حتى لو ما اعترفتش، بس انا بقى قبل ما احولك للنيابة عاوز افهم حاجة، احنا في الفترة اللي كنا بندور عليك فيها، قدرنا نوصل من شركة الاتصالات، لسجل مكالمات الدكتور في اخر اسبوع له في الدنيا، ومن ضمن الارقام اللي كان بيكلمها كتير، كان رقم متسجل بإسمك.. يعني رقمك، ودي حاجة مخلياني شاكك بصراحة في موضوع إنه كَل عليك فلوس ده، الراجل تقريبًا كان بيكلمك يوميًا وانت كنت بترد عليه، ف ازاي بقى كَلك في فلوس اول مرة.. وانت بنفسك رديت عليه؟!
بص جمال لأدهم وقال له والدموع في عينيه..
-لا ياباشا.. انا ماقتلتوش عشان كَل عليا فلوس، موضوع الفلوس ده كان حوار عملته على شبراوي، إنما الحقيقة بقى إن انا قتلته لإنه راجل نجس، يستاهل الولعة مش بس القتل والتقطيع.
-طب وانت عرفت منين ياجمال إنه راجل نجس؟!
-هقولك ياباشا.. هقولك على كل حاجة.. من شهور جه واحد صاحبي سباك وطلب مني اروح اعمل شوية حاجات في كهربة فيلا في التجمع، وقالي إن في واحد لسه شاريها جديد، والواحد ده يبقى الدكتور الألماني.. ف بصراحة شوفتها فرصة وشغلانة ممكن اطلع منها بقرشين خلوين، فروحت.. بس من اول يوم شوفت الراجل ده فيه وانا مارتاحتلوش، واللي خلاني مارتاحلوش اكتر، نظراته ليا.. كانت نظرات غريبة ومش مفهومه، ومع الوقت ومع مرور الايام، اضطريت اروحله اكتر من مرة لأن الشغل كان كتير، وفي مرة من المرات قرب مني وحاول يلمسني من.. من.. من مكان كده ياباشا، وقتها اتفزعت وبعدته عني وكمان ضربته بالقلم، بس هو ماهموش وطلع من جيبه كبشة دولارات، انا اول ما شوفت الكبشة وبسبب فقري وحوجتي، ماحستش بنفسي الا وانا باخدها منه، ومن وقتها كانت البداية لكل حاجة وسخة في حياتي، من يومها وانا بقيت طوع له.. بعمل اللي بيقولي عليه من غير ما افتح بوقي، وبقت المعاملة ما بيننا ياباشا كأنه هو مراتي وانا متجوزه عشان يصرف عليا، وفي مقابل كل ده، كان بيديني فلوس كتير.. فلوس كتير اوي خلتني مكمل معاه بإرداتي، ولما قابلت بني أدمة حبتها وقرفت من اللي انا بعمله معاه، قررت اوقف.. روحتله وقولتله اني خلاص هتجوز ومش حابب اعمل كده تاني، بس هو يومها هددني وقالي إنه مصورني واحنا مع بعض، وقالي ان الفيديوهات دي لو نزلت عالنت، انا اللي هتفضح مش هو.. وبصراحة هو كان معاه حق، انا لما دورتها في دماغي لقيت إن الموضوع مش هيأذيه، هو كده كده راجل ألماني، يعني لما تحصل في الأمور أمور.. هياخد طيارة ويرجع على بلده، وهناك.. الموضوع ده بالنسبة لهم عادي زي ما قالي، وعشان كده بقى وبسبب خوفي من الفضيحة، قررت اخلص منه ومن كل الفيديوهات اللي مصورهالي بكاميرات الفيلا.. ومن بعدها حطيت الخطة وجهزت السكاكين، وفضلت اجاريه كذا مرة بعد كده عشان اعرف مكان الهاردات الاحتياطي بتاعت الكاميرات، ولما عرفت كل حاجة وجهزت الأسلحة ورسمت اللي هعمله في دماغي، كلمت شبراوي وقولتله على اللي قالهولك، وقتلته ياباشا.. دخلت عليه الفيلا وقلعت النقاب قبل ما ادخله، واول ما دخلت جيت من وراه ودبحته، وبكل غل قطعت رقبته وسيبته بيفرفر زي الدبيحة، وبعد ما خلصت عليه دخلت جيبت الشنطة الكبيرة بتاعته من جوة، وطلعت الاكياس اللي كنت شايلها جوة هدومي هي والسكاكين، وابتديت اقطعه وغلفته وحطيت الاكياس اللي غلفته فيها في الشنطة، وبعد ما خلصت، مسحت المكان كله ودخلت سرقت الهاردات وبوظت الكاميرات، وطبعًا سرقت كل حاجة تخصه لقيتها قدامي، وبعد ما حطيت الهاردات والحاجات اللي سرقتها في شنطة اصغر رمتها بعد كده في النيل، خرجت جيبت النقاب اللي كنت راميه في مكان متداري جنب الفيلا، وبسرعة دخلت وخدت الشنطتين وخرجت، ولما وصلت للعربية، قولت لشبراوي ان راجل قفشني، بس انا قتلته وقطعته وحطيته في شنطة، وقولتله كمان اننا هنروح نرميه في مكان مقطوع في المقطم، والمكان ده كنت محدد اني هرمي فيه الشنطة من قبل ما ارتكب الجريمة، ورميته.. رميته وانا مظبط كل حاجة ومتأكد إن اللي خططت له مايخرش المايه، بس الظاهر كده انكوا لما لقيتوا الشنطة قدرتوا تعرفوا شخصيته، وبعد كده وصلتوا لشبراوي ووصلتوا لي.. بس تعرف ياباشا.. مش مهم ان انا اتمسكت، انا كده كده خلاص، جوزت اخواتي البنات اللي ابويا سابهملي ومات هم وامي، ولو على البت اللي بحبها، فدي كمان سابتني لما لقتني متغير معاها وماتقدمتلهاش، وبعدين هو راجل ديله نجس ويستاهل، هو اللي غلطان من البداية، هو اللي استغل فقري وحوجتي وخلاني ادخل في سكته الشمال، ده انا والله ريحت الدنيا منه ومن قرفه.
بص أدهم لجمال بقرف..
-انت مصدق نفسك؟.. طب هو ابن كلب ودي حاجة مفروغ منها، إنما انت بقى، انت ازاي اديت مبرر لنفسك عشان تحلل اللي كنت بتعمله معاه، لا ومغلطه هو بس، وقال ايه.. استغل حوجتي وفقري عشان امشي في سكته الشمال.. ياابني لو كل واحد محتاج عمل زيك كده، كان زمان البشرية انقرضت، بس خلاص.. ماعادش منه لازمة الكلام.. انت هتتحول عالنيابة بالصور والفيديوهات بتاعت الكاميرا، وباعترافاتك انت وشبراوي وبسجل المكالمات، والنيابة بقى تبقى تحولك للمحكمة وهي اللي تحكم في أمرك، بس تعرف.. انا مش صعبان عليا حد قد امك واخواتك البنات، الله يكون في عونهم لما يعرفوا تفاصيل القضية.. ياعسكري.. شيل كوم الزبالة ده من قدامي وارميه في الحجز.
خد العسكري جمال ودخله الحجز، وبعدها بشوية وقت اتحول هو وشبراوي للنيابة، وطبعًا اتحبسوا.. ومع حبسهم وحبس جمال بالذات، شوفته في مرة جوة السجن، ولما سألت الناس عن قضيته، حكولي وقدرت اعرفها كلها من اللي بيشتغلوا في السجن، واللي من ضمنهم اخو الأمين عوض اللي حكاله تفاصيل القضية زي ما حكيتهالك بالظبط، وبعد كده جمال اترحل من السجن، وحقيقي انا ماعرفش اتحكم عليه بإيه، بس على ما أظن يعني إنه خد إعدام لأن القضية قتل مع سبق الاصرار، ولحد هنا بتخلص قضية او قصة شنطة الألماني، وفي الورق اللي بعد كده.. هتلاقي قصة جديدة بعنوان (الجن الابيض).. والقصة دي انا كتبتهالك لما عرفت تفاصيلها من بطلها.. زميلي في السجن، بس قبل ما تبدأ في قراية القصة التانية، خليني اسألك سؤال.. تفتكر الحكومات اخترعت فكرة السجن دي ليه، ياترى عشان تحمي المجتمع اللي برة منهم، ولا عشان تحميهم هم من الناس بعد ما بلاويهم بتتعرف؟.. فكر في السؤال وحاول تلاقيله أجابة قبل ما تبدأ في قراية القصة التانية.. إمضاء.. ابو الرجال)
ولحد هنا بتخلص القصة الاولى من قصص ابو الرجال، وقريب اوي هرجعلكوا واحكيلكوا القصة التانية اللي لقيتها في ورق تاني كان موجود في نفس الظرف.. وماتقلقوش.. مش هتأخر عليكوا.. ولحد ما ارجع فكروا في إجابة للسؤال اللي سأله ابو الرجال.. سلام مؤقتًا..
تمت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى