قصه فتاة الدور الرابع
النهاردة أول يوم ليا في الشغل الجديد، متوتر، خايف، خاصةً وأني بقالي يومين بحلم بكوابيس غريبة بالشغل ده منهم كابوس أن في حد نايم جنبي في السرير وبحاول يخنقني وأنا نايم!
طول عمري مش اجتماعي، ويمكن ده سبب الكوابيس، تجربة جديدة، شغل مختلف، عرق بارد ودقات قلب مضطربة وتنميل في أطرافي، كلها حاجات بحس بيها لما أدخل تجربة جديدة.
المدير قال إن شغلي سهل، هقعد بس في الشيفت بتاعي بليل أراقب الكاميرات اللي بتكشف أدوار الشركة، ولو لقيت حاجة غريبة أروح أشوف الوضع. كل ده تمام، بس الغريبة أنه حذرني من الدور الرابع وقالي نصًا: “إياك تروح الدور ده مهما شوفت”!
الدور الرابع عبارة عن طرقة طويلة وعلى الجانبين مكاتب مقفولة وفي الوش مكتب ضخم.
حاليًا، أنا قاعد قدام الشاشات، جنبي كوباية شاي خلصت نصها، وسيجارة بتحاول تكمل معايا لأقصى درجة وهي في بقي. شايف قدامي الشاشات ومنهم شاشة الدور الرابع المعطلة، انعكاس وشي عليها واضح. دقن مش محلوقة، عينين جاحظتين وبق رفيع فوقه شنب خجول. ابتسمت بسخرية على منظري وأنا بقول بيني وبين نفسي بتريقة “شاب مثالي وفتى أحلام أي مُزة”.
الأنوار اتذبذت فجأة بدون سبب، وظهرت بنت بتجري في شاشة قدامي ووقعت على وشها!
قمت زي المسروع وشهقت، كانت بتجري بخوف! اتشنكلت في طرف سجادة ووقعت وبصت للكاميرا كأنها بتبص ليا أنا كأنها بتستغيث! قالت كلمة مش واضحة وقامت بعدها طلعت السلم لفوق وهي بتبص وراها بخوف!
الكاميرا دي بتجيب الدور الثالث، البنت طلعت الرابع!
صوت المدير ضرب في ودني “متطلعش فوق مهما حصل”!
بلعت ريقي، جسمي منمل، ريقي ناشف، البنت دي جت منين وطلعت فين، فكرت أتصل بالمدير بس ده أول يوم ليا في الشغل هيبقى شكلي زفت ومش بعيد يفتكرني هايف أو ضعيف ويمشيني أخر الشهر!
عقلي بيروح ويجي، الكاميرا قدامي ثابتة، جامدة، استمرت كده لثواني وبعدها ظهر ظل لراجل ضخم شوية بيمشي رايح
الدور الرابع، وشه مش باين، جسمه قوي وواضح أنه هيأذيها!
الراجل قرب للدور الرابع، مش هعرف أشوفه، لازم أعرف اللي بيحصل، لفيت شاشة الكاميرا المتعطلة لقيت الكابل متشال، حطيته، لقيته طلع. البنت على الأرض واقعة برضه، شافته، واضح أنها بتصرخ، بتزحف بضهرها لورا، الراجل بيقرب بثبات، البنت بترجع لورا أكتر، أنا واقف هعيط، متكتف، خايف، الراجل مد إيده من ضهره طلع سكي..نة!
مستحملتش أكتر من كده، طلعت أجري برا أطلع أنقذها، أنا مش اجتماعي بس مش جبان، وكتير بيكونوا فاكرين أنهم ضعاف بس في المواقف الحقيقة بيطلعوا أرجل من ناس كتير، واكتشفت وأنا بجري أني من الشخصيات دي، طلعت السلم الأول، الأسانسير يعطلني وممكن يفقدني عامل الصدمة ومقدرش أنقذ البنت. الدور التاني، أنفاسي بتتقطع، بنهج جامد، الإدرينالين زاد في جسمي بغباء، الدور الثالث، مفيش وقت أرتاح، البنت في خطر ولازم انقذها، قلبي بيدق بسرعة من المجهود والتوتر، العرق البارد غرقني.
مديت إيدي لحزامي وطلعت عصايا استملتها عهدة علشان الظروف، هستخدمها وأنقذ البنت.
وصلت الدور الرابع، الدنيا ضلمة، طلعت الموبايل ومش سامع قدامي أي صوت!
الدور هادي! مفيش حد!
بصيت حواليا زي المجنون، أنا لوحدي! أوضة المكتب ظاهرة قدامي في الآخر مقفولة بترباس ضخم يمنع أي حد يدخلها، الخوف بدأ يتملكني، بلعت ريقي بالعافية، سمعت صوت جنبي لقيته الأساسنير!
في حد طلب الأسانسير رغم أني لوحدي في المكان!
روحت ناحيته، فتحت الباب وضغطت زرار النزول بهيستريا وخوف. سمعت صوت ورايا لحاجة بتتحرك، بصيت لقيتها هي!
بنت عشرينية جميلة، قربت مني ببطء، على وشها الرقيق إبتسامة جميلة، قربت مني بمنتهى الهدوء ووقفت قدامي وأنا مصدوم، مذهول، بتنفس بس!
“كنت مستنياك” قالت الكلمة واتنفض جسمي، مش فاهم!
كملت بثقة ولسه الإبتسامة على وشها: “كنت واثقة أنك هتيجي تنقذني لما استغيث بيك، أنت شهم وهتساعدني”.
تمتمت بذعر والكلمات بتهرب مني بسبب الخوف: “مش فاهم، إنتي مين وعايزة إيه”!
قربت مني أكتر وهمست بحنان في ودني بشكل خلى جسدي يقعشر:
“حبسوني هنا من أسبوع بعد ما حصلت الحادثة، رغم أني الضحية بس الحل بالنسبة ليهم كان قفل الدور، وطول ما أنا حقي مرجعش مش هعرف أرتاح، ومن وقتها عايزة أخرج ومش عارفة”.
عايز أرد بس مش قادر، لساني مش مطاوعني يتحرك. كملت وهي بتقرب أكتر وبتهمس تاني وشامم ريحة غريبة خارجة منها: “الشاب الأمور اللي كان شغال قبلك مكانش شهم زيك، حاولت اللفت انتباهه زي ما عملت معاك بس كان جبان، لما شافني هرب ومرجعش تاني”.
حطيت صوابعها النحيلة الباردة على وشي فارتجفت. كملت برقة: “إنما أنت شهم حقيقي”.
كنت واقف على طرف الأسانسير وهي قدامي، لقيتها بتقول بدلال وأنا جسمي لسه متجمد من الصدمة: “مش هتخليني أدخل معاك”؟!
زي المتاخد اللي مش مسؤول عن أفعاله لقيت نفسي بدخل شوية يمين وقولت بصوت مخنوق، خايف: “اتفضلي”.
نطقت الكلمة وحسيت أن في هواء بارد جدًا ضرب جسدي، وألم حارق في أطرافي، الرؤية اتشوشت حولي فجأة، لقيت نفسي فجأة قدام الأسانسير!
حاولت أحرك جسمي ناحيتها حسيت زي ما يكون في حائط سد مانعني، بصيت للبنت ملقتهاش!
لقيت نفسي!
كنت هقع لقدام من الصدمة بس جسمي خبط في حاجة لينة، مرنة، زي حائط صد منعني أقع جوا الأسانسير. لقيت جسدي النحيل بيبتسم ليا!
كنت شايف نفسي!
البنت احتلت جسمي!
بصت ليا بامتنان وأنا مش مستوعب حاجة:
قالت بدلال مستفز: كنت مستنية تخليني أدخل معاك في مكان واحد، ومن حقي أشكرك على ده علشان هو اللي كان مطلوب علشان استخدم مرايا الأسانسير في أني أطردك من جسمك وأخده.
وكملت بصوتي الرفيع، بس بثقة: “المرايا بالذات كنز للأشباح المعذبة اللي زينا، بتسهل عليهم حاجات كتير أوي، بس كان لازم أنت اللي تخليني اتحرر من سطوة الدور الرابع وتخليني أدخل، مش قولتلك إنك شهم”.
ضغطت على زرار الأساسنير لتحت وقالت والباب بيقفل: “دلوقتي أخيرًا هطلع من الدور الرابع، بس متقلقش هرجعلك جسمك تاني بس بعد ما انتقم من اللي موتني”.
الباب قفل وسابتني لوحدي.. طيف وحيد في الدور الرابع!
……………..قصه فتاة الدور الرابع
الغلاف من تصميم صديقي الكاتب المبدع: #كيرلس_عاطف
#تمت
#عبدالرحمن_دياب
قصه فتاة الدور الرابع