قصص

قصه كلب مزرعة جبران

كلب مزرعة جبران، بيظهر بمزاجه ويختفي بكيفه، مخالبه نار، وحوافره موت، ونابه مالهوش علاج. إن شوفته إياك تهرب وإن قرب منك غمض عينك واذكر ربك؛ هو اللي قادر بس ينقذك منه!
قالتها جدتي بخوف وهي على الكنبة، بصت برا من الشباك المفتوح وكملت: “ابوك باعتلك تقضي يومين معايا فخد بالك”. وشاورت بصباعها بتحذرني “مزرعة جبران لا يا صادق”.
رغم اني مش بقتنع باللي هي بتقوله بس قولتها بصدق “حاضر”. انا فعلا جاي اقضي يومين وارجع القاهرة تاني، جيت علشان بابا وماما سافروا السعودية يخلصوا إجراءات وراجعين على طول.
جدتي عايشة لوحدها، صحتها كويسة ماشاء الله وقادرة تخدم نفسها وعلشان كده رافضة تيجي تعيش معانا، بحبها لاني عيشت معاها احلى ذكريات الطفولة، بس دلوقتي بتتكلم في حاجات غريبة زي موضوع كلب المزرعة والروح الغضبانة اللي بتطوف المكان بليل وتخوف اللي يفكروا يقربوا بليل من المكان ده.
مزرعة جبران جنبنا على طول، الضفة التانية من الشارع، كبيرة وواسعة بس بقت مهجورة من سنين زي ما بتقول تيتا بسبب حادثة حصلت هناك، بيقولوا إن حرامية موتوا سعد جبران وشكري جبران ولاد الحاج ممدوح الجبران وسموا الكلب اللي بيحرس المكان ومن وقتها الناس بتشوف الكلب ده!
اول يوم لطيف، اكل وشرب وكرم، ببص من الشباك كل شوية ناحية المزرعة الاقي هدوء وصفاء، المكان لسه اخضر شوية وشايف الفيلا بتاعتهم من بعيد اخر المزرعة، بس لفت نظري حاجة غريبة، أن الفيلا بيظهر فيها نور فجأة ويختفي، زي ما تكون لمبة بتنور وتطفي!
العشاء أذنت وجدتي دخلت تنام كعادتها، وانا مسكت اللاب فتحت فيلم اتسلى فيه لحد بليل لاني متعود على السهر، جبت فيلم لسه في السينما وقعدت في وش الشباك علشان اشم هوا المكان، الفيلم بدأ، وسمعت صوت عواء غريب جاي من بعيد!
قومت بصيت من الشباك لقيت وسط المزارع حاجة منورة احمر! زي ما تكون عين حيوان!
اتوترت واستغربت، العين بتتحرك لحد ما وصلت لحدود مزرعة جبران وبعدها اختفت!
ركزت شوية ملقتش حاجة تاني ظهرت، دقائق والعينين الحمرا ظهرت تاني وسط المزارع! حيوان بيجري لاني شوفت الزرع بيتحرك جامد!
اكيد دي الحاجة اللي تيتا بتقول عليها! فكرت اقفل الشباك بس وقفت لما لقيت عربية ربع نقل ركنت قريب من المزرعة، صاحبها نزل بص حواليه وقرب من المزرعة ودخل!
وقف على حدود المزرعة وقلع!
شكله مش من المنطقة وحظه جابه هنا علشان يتزنق!
شايف من بعيد العين الحمرا ظهرت تاني! بتقرب ناحية الراجل اللي واقف بيعمل ومش واخد باله، العين بتقرب اكتر، شايف ظهر الراجل بيتمايل! شكله بيغني الغبي!
قربت اكتر بقت على بعد أمتار قليلة! سمعت صوت عواء اقوى من اللي فات! الراجل اتنفض، لف وطلع يجري وبدأ يلبس بنطلونه بسرعة وهو خارج، العين بتجري وراه! بتقرب منه! وصل لحدود المزرعة! ضوء عواميد النور كشف ملامحه، بيصرخ، وشه عليه خوف، ظهر من وراه المخلوق اللي بيطارده! شهقت، صرخت، رجعت لورا من الخوف، شوفته!
العواء وقف، الراجل ركب العربية وبدأ يدور بيها وطار والمخلوق وقف على حدود المزرعة. محستش بنفسي غير وانا برفع الموبايل بسرعة واعمل زوم واصور المخلوق ده.
احيييه!! الفلاش ضرب! المخلوق بص ناحيتي كأنه شايفني! طلع صوت غريب وحفر برجله في الاسفلت وظهرت شرارة من تحته، ورجع!
وقفت متسمر، المخلوق شافني!
وانا شوفته! مش قادر انسى منظره!
كلب ضخم اسود، ودانه طويلة جدا نازلة جنب وشه المربع، صدره عريض، أنفه غريبة مجدوعة، وعنده ناب طويل نازل من بقه وكان بيلمع!
اترعشت بمجرد ما جه شكله في عقلي، رجعت بصيت ملقتش حاجة، المكان رجع هادي وصويت الراجل شكله عادي في المنطقة علشان محدش راح أو اتجمع!
قفلت الشباك من الخوف وفضلت قاعد شوية، وانتبهت على صوت خربشة جاية من البلكونة!
قربت بخوف وبصيت من فتحة الشيش، لقيت خيال حاجة ماشية على أربعة وصوت خوار خفيف وغريب، استنيت ثواني لمحت ضوء احمر منعكس على الازاز!
الكلب!
رجلي مش شيلاني، منملة، روحي بتتسحب مني وحسيت بهبوط مفاجئ، صوت خطوات تقيلة ورا الشيش، حاجة سودا شايف ملامحها! رجعت بضهري ودخلت اوضة تيتا، كانت نايمة. حاولت بكل هدوء اصحيها، “ستي، ستي” خبطت على كتفها براحة. فتحت عينها “مالك يا واد”؟!
قالتها باستغراب وقامت قعدت. شاورت برا وقولتها بصوت بيترعش “الكلب برا في البلكونة”!
عينها لمعت، وشها قلب، قامت بسرعة وهي بتقولي “عملت ايه يا ابن رأفت”؟! حكيت لها اللي شوفته لقيتها فتحت الدولاب بسرعة وطلعت منه حزمة اعشاب غريبة مربوطة في بعضها ومسكت ولاعة كانت جنبها وولعتها!
ريحة الاعشاب غريبة! مسكتها ولفت بيها فوق راسي ومسكت أيدي وقالتلي بخوف “مسمعش صوتك خالص مهما شوفت أو سمعت”! رددت “حاضر” وسيبت نفسي ليها، خرجنا برا لقيت النور مطفي وعينين حمرا في الصالة وصوت زمجرة غريبة.
حزمة البخور لسه مولعة، بدأت جدتي تشوح بيها في المكان، والعين الحمرا بتراقبها، مشيت براحة وانا جنبها، هعيط من الخوف وماسك نفسي بالعافية، الريحة بقت خانقة، الدخان ملى المكان، زمجرة الكلب بقت عالية. “غمض عينك لو قرب منك” قالتها ستي بصوت واطي سمعته بالعافية.
شوفتها بتقرب من الكلب والبخور في أيدها بتهزها براحة خالص، وصلنا لقدام العينين، حسيت بأنفاس حارة قريبة من وشي، غمضت عيني وبدأت اذكر ربنا بكل اللي فاكره من اذكار، حسيت بمخالب بتتحسس صدري، حاجة بتلمس رقبتي، قلبي هيقف من الخوف، انفاس سخنة في وشي وحاجة لزجة نزلت على دراعي وحسيت انها سخنة مولعة، كتمت صرختي، الدخان خنق صدري، جدتي بدأت تتحرك تاني بيا وانا مغمض عينيا.
خطوات بطيئة، وورايا حاسس بحاجة ماشية وتقيلة، حسيت بباب البلكونة بيتفتح براحة، زمجرة من الكلب، بخور اكتر وسامع انفاس ستي بقت سريعة من التوتر والخوف، هوا بارد ضرب وشي، شكلنا طلعنا البلكونة، سمعت صوت جدتي بيقول براحة ووبطء “انصرف إلى بيتك، ولنا الامان” فتحت عيني لقيتها بتحدف البخور في الشارع ناحية المزرعة وحاجة تقيلة بتمر من جنبي، بصيت لقيته دخان اسود تقيل جدا وفي نصه عينين حمرا!
…….
“كنت هتموتنا يا ابن رأفت” قالتها جدتي وهي بتولع بخور تاني في الشقة وبتمشي بيها في أركان المكان.
“حقك عليا يا ستي مش عارف اللي حصل ده حصل ازاي”.
ردت وهي بتديني الموبايل بتاعي “أتأكد أن الصورة اختفت”. مسكت الموبايل وقولتلها باستغراب “بس انا ممسحتهاش”. ردت “بس هو اكيد عمل، ولو معملش يبقى هيرجع”.
فتحت لقيت الصورة فعلا مش موجودة! الصورة اختفت! بدل منها لقيت شاشة سودا!
قولتها بخوف “مش فاهم يا ستي ايه ده؟! ايه الكلب ده وليه البخور دي خليته يروح”؟!
قالت بنبرة حانية: “الكلب حارس المزرعة من بعد ما مات أصحابها، بيمنع اي حد يقرب منها وضع يد أو يسرق خيرها علشان خيرها بيأكل غلابة كتير، المزرعة دي بالنهار الناس شغالة فيها بس بليل محدش يهوب منها، وفي يوم راح كذا عامل علشان يشتغلوا بليل ويزودوا رزقهم، ومكانوش يعرفوا قصة الكلب، ولما ظهرلهم كانوا هيموتوا وفجاة شبت نار في حوض محدش يعرف مين زرعه وطلع دخان خلى الكلب يهدى ويختفي. النار أنقذت الغلابة دول ومن وقتها عرفنا أن دي رسالة أصحاب المزرعة لينا، ادي الداء وده الدواء، الحوض كان اعشاب مختلفة عرفنا سرها وعملنا زيها بحيث لو القدر وقع الكلب في سكتنا نقدر ندافع عن نفسنا ونحمي اللي بنحبهم. وكملت “زي ما عملت معاك”.
جسمي قعشر من القصة، حسيت أن العالم بتاعنا فيه حاجات كتير محدش يعرف عنها حاجة، تفاصيل ومواقف محدش يصدقها الا لو عاشها، ابتسمت ليها وفتحت الشباك وبصيت على المزرعة لقيت العينين الحمرا بتتحرك وتحمي المكان. همست بيني وبين نفسي “فهمت”. ورد عليا الكلب من بعيد بعواء طويل!
#تمت
#عبدالرحمن_دياب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى