الفقدان أمر مش سهل… كتير بنفقد ناس بنحبهم أو يحبونا، بس بنبقى على أمل أنهم هيرجعوا.. واللي يوجع إن ساعات منهم ناس بترجع وساعات تانية ناس لأ..لكن الأصعب إن طفلك يضيع منك وتعافر مع الزمن عشان تلاقيه.. مش سهلة على أي حد يتقبلها..
طب هو التسول مهنة ولا التسول بيحصل عشان الإحتياج؟ عمري ماحسيت إن الشحاتين أو اللي بنسميهم المتسولين شخصيات مريحة أبداً…
هو أنا ليه بحس بكدة؟!… طب هل أنا بحس كدة لوحدي ولا كتير بيحسوا نفس إحساسي لما بيشوفوهم؟.. طب هل هما ليهم علاقة بعالم الجن والشعوذة والأسحار؟
ماتيجو أحكيلكو اللي حصلي يمكن يطلع حد مر بتجربة شبه اللي هقوله دة …
إسمي أحمد، طالب في تالته علوم..
ساكن في مدينة فيصل ومن عادتي إني في ليالي الأمتحانات الأخيرة بروح أذاكر عالقهوة وأراجع الملخصات اللي قدامي وألم المنهج، وتاني يوم أروح الإمتحان وأنا ضامن إنه في جيبي..
بس يومها كنت ماسك مادة رزلة شوية مبحبهاش في العادة وسرحان فيها وعمال بحاول أخلصها وأساساً كنت متعصب ومش طايق نفسي، والأرخم والأغرب موقف كدة بايخ حصل عالقهوة قفلني وخلاني قمت لميت الورق والكتب اللي قدامي ومشيت..
روحت البيت عشان أرتاح شوية قبل الإمتحان، لكن على مايبدو إني مش هنام النهاردة.. والسبب في دة كان ابن أختي، ابن أختي اللي لما بيبقى موجود بيعمل دوشة وهيصة في البيت وبيخليني ولا بعرف أقعد في هدوء ولا أنام براحتي ولا أي حاجة..
ساعة ماشوفته إستقبلته أحلى إستقبال بطريقتي الخاصة اللي متعود عليها معاه..
_أهلا أهلا بالدوشة والرخامة.. هو انت هنا ياقرد ياصغير؟
صرخ في وشي وقعد يقولي بشقاوة الاطفال المعتادة..
_خالووو.. حبيبي وحشتني..
_أهلا وسهلا ياسيدي، بقولك ايه… أنا عندي امتحان الصبح ودماغي مصدعة وقد كدة.. هاه هتنام ساكت ولا هتصدعني؟
_لأ انام إيه؟… دا انا عاوز احكيلك على حكاية غريبة قوي..
بصيت له وأنا عارف ان الليلة كدة مش هتعدي.. عاوز أمشيه بأي طريقه بس مش عارف أمشيه إزاي عشان أنام،وعشان انا عارف انه مش هيمشي غير لما يتكلم..قلتله بهدوء..
_حاجة إيه ياحبيبي؟.. إرغي ياهيثم..
_أرغي؟.. لأ كدة تبقى مخنوق مني وهندهلك ماما، ياماما؟.. يامء..
حطيت إيدي على بقه وخدته في حضني وقعدنا نضحك احنا الأتنين مع بعض.. بس الولد كان مصمم فعلا يوصلي حاجة حصلت، بعد مابطلنا ضحك كمل كلامه..
_لا بجد والله ياأحمد.. النهاردة قابلنا واحدة ست غريبة جدا، يمكن في منتهى الغرابة.. وقفت ماما وكل اللي في الشارع مفيش منهم حد عدى منها الا ووقفته وقعدت تتكلم معاه،مش عارف فإيه بس كل واحد بقت توقفه وتخلص كلام معاه كان بيبقى باين عليه متعصب جدا ..
كلامه لفت أنتباهي جداً.. إتشديت لكلامه وقومت قعدت وقولتله..
_وبعدين ياهيثم؟.. وقفتكوا كلمتكوا انتو كمان ولا إيه ؟
_لأ.. ماما مارضيتش ترد عليها ولا توقفلها وشخطت فيها جامد، وهي تستاهل الصراحة..
_أحسن ياهيثم.. تستاهل، وانت كمان لما تشوف حد غريب في الشارع ماتروحش تتكلم معاه إنت فاهمني؟
_أنا عارف ياخالو اكيد.. ماتقلقش، انا قايم أشوف ماما بتعمل إيه..
_تصدق وأنا كمان هقوم أغلس عليها وأعرف هي بتعمل إيه؟
_يلا بينا…
روحت قعدت مع اختي وقعدنا نهزر ونضحك للصبح وعدت ليلتنا كلها واحنا بنتكلم مع بعض،الكلام الحلو بين الإخوات مابيخلصش.. وبعدين نمنا لما الوقت إتأخر ، والصبح كل واحد فينا قام على مصالحه.. أختي ودت ابنها مدرسته وراحت على شغلها، وانا رحت على امتحاني.. وبابا نزل طبعاً.. وفضلت ماما بس اللي في البيت..
بعد ساعات النهار ما إنقضت وخلصت الإمتحان روحت، بس روحت على مشكله كبيرة ولقيت الدنيا مقلوبة في بيتنا..
_ يعني الأنسيال يمكن يكون وقع مني وقولت يمكن اكون نسيته في البيت ولا حاجة… وروحت أدور عليه مالقيتهوش هناك، أرجع أدور عليه هنا ألاقي كمان الفلوس اللي كانت متشالة في الأوضة بقالها فترة راحت؟… طب إزاي بقى يعني؟
بصيتلها وأنا بتعجب وقولتلها..
_ايه اللي حصل يابنتي مالك؟
_مفيش ياسيدي.. الأنسيال ومبلغ من الفلوس مش موجودين..
_الله؟.. دة حصل إمتى وإزاي؟
ردت عليا ماما قاطعتني..
_مانعرفش ياسيدي .. الغريب كمان إني طول النهار موجودة وماروحتش في حته، إنت عارف أختك دماغها مش فيها تلاقيها رميتهم هنا ولا هنا..
سألتها..
يعني انتي ماروحتيش في حته مافتحتيش لحد غريب!.. مالاحظتيش أي حاجة مش مظبوطة في البيت؟… وبعدين هترمي حاجتها فين بس ياماما؟.. مانتي عارفة إنها بتحط دهبها وكل حاجة في الأوضة ومش بتضيع على طول ..
_والله يا أحمد أنا قاعدة من الصبح ومافيش حاجة غريبة خالص غير إن بعد مابابا نزل بشوية لقيت البيت فيه هوا جامد..حاجة عامله تيار مع الشباك لغايت ماسقعت وقمت أدخل أقفل البلكونة لقيت الباب هو اللي مفتوح، قفلته وقعدت وبس..
بصينالها احنا الاتنين واحنا متعجبين وقولتلها وانا متضايق ..
_ودي حاجه مش غريبة ياماما؟.. الله يسامحك ياشيخة..
أختي قعدت تعيط وخدت بعضها وراحت عالأوضة وروحت وراها وانا بحاول أهديها شوية..
_خلاص يابنتي فداكي انتي وإبنك أهم حاجة هيثم وانتي تبقوا كويسين..
_يا أحمد أسكت بالله عليك.. الدهب اللي راح يساوي كتير ولو جوزي عرف هيبهدلني وانت عارف الدنيا بايظة مابيننا ومش ناقصة ..
_لاماتقلقيش أنا هاجي معاكي اتكلم معاه بس يلا عشان تجيبي هيثم لأنه ميعاده قرب..
بصت في الساعة اللي في إيدها وقالتلي..
_آه صحيح.. دة الوقت دة ميعاد خروجه من المدرسة، معلش يا أحمد تعالى معايا نروح نجيبه ونرجع.. لاحسن أنا مش مركزة خالص النهاردة..
_تعالي يلا ياسارا.. أنا كدة كدة كنت عاوز أتمشى معاكي.. هنجيب الولد ونرجع نتمشى..
_يلا ياحبيبي…
نزلنا أنا وأختي لحد مدرسة هيثم وفضلنا واقفين على البوابة نستنى الولد يطلع.. بس ماطلعش.. بدأت أقلق وأستغرب وأختي كمان بدأت تتلفت حواليها يمين وشمال، بس الولد مطلعش..
بصتلي وقالتلي..
_أحمد؟… الولد ماطلعش مع زمايله..شكله لسه جوة هدخل أشوفه..
_طيب تعالي ندخل مع بعض..
_تمام..يلا بينا..
دخلنا بصينا عليه ودورنا في المدرسة كلها وفتشناها فصل فصل بس الولد مش موجود جوة، وقفت اسألها وانا في حالة ذهول..
_ابنك مش جوة إزاي؟.. مش انتي جبتيه الصبح بردو ولا إيه؟
_أيوة طبعاً أنا جبته ودخل قدامي، انا مش فاهمة حاجة على فكرة، هو فيه ايه النهارده؟!
_ والله منا عارف.. استني يمكن يكون باباه أخده وروح ولايكون طلع وراح عندنا ولا حاجة بعد مانزلنا…
_لأ طبعاً وده معقول!.. هو البيت قريب اه بس هو مايعرفش يروح لوحده ولا بباه ممكن يجي ياخده غير لو أنا قولتله روح خده مثلا عشان أنا ورايا مشوار..
لقيت نفسي برد عليها بإرتباك..
_أء.. طب تعالي تعالي، تعالي نشوفه يمكن طلع برة البوابة قبل مانيجي بيجيب حاجة حلوة ولا حاجة..
ردت وبدأت عنيها تدمع وإتوترت..
_طيب تعالى يلا بينا.. ربنا يستر..
طلعنا نسأل في كل مكان.. مخليناش مكان غير وسألنا فيه.. وكل مانسأل حد، يقولنا مانعرفوش أو ماشوفناهوش قبل كدة.. وفي لحظة الولد فص ملح وداب..
أختي من يوم ما إبنها إختفى وهي قاعدة عندنا في البيت ورافضة تروح بيتها غير لما ابنها يرجع معاها، عدى أيام وإحنا كل واحد فينا بيدور عليه في مكان مختلف كل يوم بس مش واصلين لحاجة.. وفجأة بعد أسبوع عدى من إختفاء هيثم وإحنا قاعدين كلنا بنتكلم حصلت حاجة غريبة..
_يعني ايه ياماما؟.. خلاص كده الولد راح؟ ماندورش تاني؟
_يابنتي إحنا بندور ومش هنيأس والشرطة معانا هما كمان بعد مابلغناهم .. ولو فيه حاجة وصلولها هيبلغونا…
_إحنا بندور بقالنا أسبوع..
بصيتلها وقولتلها..
_معلش يعني لو هتسمعي مني، انا شاكك في جوزك..
بصولي هي وماما وردت ماما بغيظ ..
_هو احنا ناقصين؟.. بتشكك اختك في جوزها ليه؟ إنت عارف إن الدنيا بايظة بينهم لوحدها..
رديت..
_ماهو عشان الدنيا بايظة بقول كده.. ممكن قوي يكون عامل كده نوع من الضغط عليها عشان تسيب الشغل تاني..
بصتلي ماما وقالتلي تاني بشخطه..
_ماتسكت يابني.. أسكت بلاش هري..
ردت أختي..
_أحمد تفكيره وارد ياماما.. إحنا اصلا مشاكلنا الأخيرة كانت على إنه يخليني أسيب الشغل وأنا رافضة المبدأ..
_قوم يابني شوف مين..ياترى مين اللي هيجيلنا دلوقتي؟
ردت أختي..
_إستنى ياأحمد، أنا هشوف مين..
_هو حد طالب حاجة من برة ياجماعة؟
رديت عليها..
_حاجة ايه يابنتي فيه ايه؟… إيه الصندوق دة؟
_مش عارفه ياأحمد تعالى إفتحه أنا خايفة..
_حاضر.. حاضر ياسارة… إوعي كدة وانا أشوف إيه دة..
قربت من البوكس اللي قدامي..كان بوكس هدايا زي بتاعت أعياد الميلاد كدة بس شكله شيك قوي، وطيت عليه وفتحته كان مليان من الكور الصغيرة الفلين دي واللي كانت مغطية على اللي جوة الصندوق.. بدأت أبص لسارة وبصتلي واحنا مش فاهمين حاجة ومَطِت شفايفها دليل على انها مش عارفة ايه دة وغُصْت بإيدي جوة الصندوق وطلعت إيدي تاني وكانت أول مفاجأة… ورقة مكتوب فيها (ماتستهونش بحد) بعد ماقريت الرسالة أخدتها سارة مني وبصت فيها وهي بتسأل..
_يعني ايه ياأحمد اللي مكتوب دة؟
_ماعرفش والله ياسارة أصبري..
مديت إيدي في الصندوق تاني وقلبت يمين وشمال وكانت تاني مفاجأة.. اللي ساعة ماأختي شافتها صرخت بعزمها..
_ده قميص ابني بتاع المدرسة.. ابني مش بخير..
إتلبخت ومسكت القميص بصيت فيه لقيته متقطع وفيه حتت ناقصة مش موجوده.. دورت تاني في الصندوق والمرادي طلعت بإيدي فيها ظرف فيه حاجة شكلها رزمة كدة، بسرعة فتحت الظرف وطلعت اللي فيه… لقيتها مجموعة صور.. كلها صور لهيثم، صور لهيثم وهو متعذب ومتبهدل وقالع قميص مدرسته والدم مغرق هدومه من كذا مكان.. حاولت طبعاً أخفي الصور عن سارة بأي حركة غير ملحوظة بس هي كانت مركزة معايا أكتر من اللزوم وأخدت بالها طبعاً، وخصوصاً لما حاولت أداريهم عنها.. وبعدين مرة واحدة شدت من إيدي الصور كلها وبدأت تتفرج… ساعة ما سارة شافت الصور فضلت تبص فيهم والدموع جريت من عنيها وقعدت تصرخ بإسم ابنها لحد ماوقعت في الأرض منهارة ومغمى عليها..
يوم غريب مرينا بيه..مش فاهمين مين اللي بعت الصندوق دة ولا وصل لنا إزاي، ولا حتى مين اللي صور الولد وفعلا دة هو؟.. ولا ممكن حد يكون بيتلاعب بينا لما عرف إن الولد إختفى في ظروف غامضة.. كل دي حجات كانت بتعدي قدام عنينا ومش عارفين نتصرف لحد مانطقت وقولت لأختي…
_وبعدين ياسارا؟.. مش هنفضل قاعدين كدة حاطين إيدنا على خدنا..
بصتلي ودموع القهر جوة عنيها وقالتلي بصوت مخنوق..
_طب اعمل إيه ياأستاذ أحمد؟.. ممكن تحلهالي؟.. أعمل ايه الأول وإيه قبل إيه؟
_نعمل اللي المفروض يتعمل ياسارا..
ردت ماما..
_هتعمل ايه يعني؟.. هتنزل بالصور عالشرطة؟
_آه طبعاً… المفروض دة اللي يحصل ياماما..
_طب وإفرض اللي بيعمل كده مراقبك وعارف إنك روحت سلمت الحاجة دي للشرطة؟… عارف الولد هيحصله إيه وقتها؟
ردت سارا عليها بسرعة..
قولتلها…
_وأنا هاخد للصندوق دة لقطات بالموبايل وأروح بالصور عالقسم.. اقولك على حاجة، أنا هاخد الصور دي كمان معايا..
ردت سارا..
_روح ياأحمد يمكن يوصلوا لمكانه من الصور دي..
_تمام ياسارا.. أرجوكي بس تهدي لو سمحتي..
_تمام.. يلا إجهز وروح..
أخدت الصور في جيبي وصورت الصندوق بالموبايل وأخدته بردوا ونزلت على القسم.. وهناك عرفت إنهم بيدوروا عليه في أماكن كتيرة بس لسة بردو ماوصلوش لحاجة..
وده اللي دار بيني وبين ظابط المباحث وقتها..
_كدة جميل طبعا لإننا إتأكدنا بالأدلة أن هيثم عايش وده بادرة أمل..
_ولو كانت الصور دي متفبركة ياحضرة الظابط؟.. وقتها نتصرف أزاي؟
_ماتقلقش ياأستاذ أحمد.. إحنا هنبعتهم حالا للفحص وهنتأكد من حقيقتهم .
_تمام ياحضرة الظابط.. أنا هسيبهم لحضرتك هنا ولو فيه أي حاجة جديدة بلغنا بالتليفون.. سلام عليكم..
سبته ومشيت وأنا عندي أمل إن أي حاجة جديدة تحصل تفرحنا أو حتى تساعدنا نوصل لهيثم.. لكن شكلنا كدة مش هنعرف نوصله بالساهل..
بعد كام يوم…
كإن بيتنا اتحول لبيت للخناق والمشاكل وبس.. أختي مصممة ماتمشيش من عندنا وبتروح شغلها وترجع ودة اللي خلى جوزها جه عشان يشوفها أو بمعنى أصح يعمل معاها مشكلة، ويومها دة اللي حصل…
_يعني ايه هتفضلي قاعدة هنا لحد ماإبنك يظهر يعني؟… وبيتك وجوزك؟
_إعتبر نفسك سبتني خلاص..
_عاجبك الكلام دة يعني ياطنت؟
ماما بصيتله بعصبية وقالتله..
_لأمش عاجبني يابني طبعا دة حقك.. بس بردوا هي أعصابها تعبانة ومش هتقدر تمشي وإبنها مش معاها..
_طب والحل ايه؟
_الحل إنك تروح دلوقتي وهي هتجيلك بكرة.. وعد مني..
سارا بصت لماما وقالتلها الجملة اللي زادت الطين بله..
_أنا مش هرجع ياماما.. ماتوعديش بحاجة مش هتحصل..
جوزها بصلها بغضب ومانطقش ولا كلمة وأخد بعضه ومشي، وبعد ماخرج من باب البيت بدقيقة.. أختي وقعت في الأرض من طولها..
وبعد أيام جالها إخطار بإن معمول فيها محضر بخطف إبنها وإخفاؤه عن ابوه…وقتها اللي حصلها مكنش سهل..
_كان عندك حق ياأحمد لما قولت شاكك فيه.. أنا كمان إتأكدت دلوقتى انه هو..
_الله أعلم ياسارا.. بردو مانعرفش هو ولا لأ..
في نفس اللحظة..
بابا جاي من برة وفتح الباب ودخل علينا وفإيده شنطة..
دخل علينا الأوضة وبدأ يحط الشنطة اللي فإيده في الأرض.. في لحظة قامت سارة من مكانها وبصت للشنطة وقالتله..
_بابا؟.. انت جايب الشنظة دي منين؟
رد عليها..
_لقيتها قدام الباب حسيتها شكل بتاعة هيثم قولت أدخلها.. يمكن تطلع هي..
سارة راحت ناحية الشنطة والدموع مالية عنيها وفتحتها بالراحة كإنها خايفة تكون هي بجد… يمكن تكون شنطة شبهها واللي جواها هو اللي هيبين، بدأت تفتح السوستة بالراحة وقالت بصدمة وهدوء..
_هي شنطته.. كراريسه وكتبه برصِة إيدي..
قولتلها..
_هاتي الشنطة وتعالي…
عطيتني الشنطة في إيدي فتحتها وقلبت اللي جواها كله في الأرض وفعلا زي ماظنيت.. الشنطة جواها رسالة جديدة مع اللي عمرنا ما توقعنا وجوده..بعد ما مسكت الرسالة بدأت أقراها..
_كانت غلطة كبيرة إنك روحت للشرطة.. الشرطة مش هتعرف توصلنا للأسف.. انا مين!… بعمل كدة ليه!.. ماتسألوش أحسنلكوا.. وأسلم حل ممكن يتعمل.. سيبوا الشقة بالشارع كله وامشوا وماترجعوش تاني.. ولاحتى تدوروا على الولد..الولد ببساطة بقى ملك لقوى عظمى مش هتعرف تهزمها ..
سارا شدت مني الورقة اللي مكتوب فيها الكلام وفضلت تقراه وهي بتعيط، مرة واحدة ببص في الشنطة لقيت فيها حتة قماش ملفوفة ومربوطة ربطة مديت إيدي جبت الربطة دي وفكيتها ولقيت فيها صدمة عمري واللي كانت جزء من حتة لحم، لحم بشري شبه الشريحة الفيليه… القطعة القماش بالحتة اللحم اللي فيها ملفوفين على صورة لهيثم.. بفرد الصورة لقيتها للولد وباين على جسمه أثر لقطوع في جزء من جسمه.. مسكت اللي لقيته في ايدي وأنا بحاول أداريهم عن سارة اللي ممكن لو شافتهم تموت من الصدمة .. وبحركة سريعة قبضت عليها بإيدي وداريت ايدي ورا ضهري.. لكن بسرعة سارة خدت بالها وقالتلي وهي بتعيط ..
_داريت إيه ورا ضهرك.. وريني..
قولتلها بإرتباك..
_مء..مفيش حاجة ياسارة، مش حاجة مهمة والله..
قالتلي والدموع مغرقة وشها..
_ولما هي مش حاجة مهمة بتخبيها عني ليه؟.. وريني ياأحمد اللي فإيدك..
_مفيش حاجة وسعي بس كدة والله مافيه..
_وريني ياأحمد اللي فإيدك..
قربت مني ومسكت إيدي حاولت اتبت على الصورة باللي فيها بس اخدتها مني وبصت فيها وحطت إيدها على قلبها وفضلت تتوجع جامد وتبكي..
_آااه ياقلبي.. ابني ياناس هيموتوه..
بصتلنا كلنا وقالت..
_هتسيبوه يموت يعني ولا إيه؟…هتسيبه يموت يابابا؟
بابا قرب منها وخدها في حضنه وقعد يطبطب عليها وهو كمان بيعيط وقالها
_لأ ياقلب بابا..أنا هتصرف وهلاقيلك إبنك بأي طريقة..
عدت أيام وإحنا بندور على الولد بس مافيش جديد..
ويومها..
جوز أختي جه تاني البيت وكأنه كان مبيت النية يعمل مشكلة.. وده اللي حصل وقتها..
_ابني راح فين ياسارة؟.. أنا مش همشي من غير الولد..
ردت عليه..
_ابنك اللي سبتلي تربيته كلها لوحدي؟.. دلوقتي جاي تسأل عليه وتقول هو فين؟.. أنا عاوزة ابني انا كمان..
_هو مش كان معاكي وكنتي مودياه المدرسة؟
شدها من إيدها وبيقولها بزعيق..
_يلا بينا على بيتنا عشان نعرف نتكلم، يلا..
وقفله بابا وصوته علي عليه وقاله بزعيق..
_مايصحش ياحاتم اللي بتعمله دة.. سيب مراتك وأتعامل بأخلاق معاها..
في لحظة شد وجذب بين بابا وجوز أختي ومرة واحدة.. الجرس رن وطلعت أجري عالباب وكل الموجودين بصوا ناحية الباب بترقب، وبسرعة فتحت الباب عشان ألاقي عيل صغير رمى موبايل قدام الباب وجري.. بسرعة نزلت أجري ورا الولد اللي رمى الموبايل وحاولت الحقه لكنه فص ملح وداب هو كمان.. نزلت وراه لحد الشارع وبصيت عليه يمين وشمال.. لكنه اختفى..
طلعت على فوق تاني ووقتها التليفون كان في إيد سارة.. كانت بتتفرج على فيديو وعمالة تصرخ، ولما خدت الفيديو منها وبصيت عليه… لقيته فيديو برده لهيثم عمال يصرخ فيه على آخره وواضح ان حد بيوجهه يعمل ايه وكل اللي قاله..
_ياماما.. إلحقيني ياماما.. قولي لجدو يبيع الشقة دي وسيبوا الشارع كمان وإنقذيني.. إديهم فلوس كتير عشان يسيبوني بليز.. وفجأة الفيديو خلص..
الفيديو كانت مدته حوالي ٣دقايق ومحتواه كلام الولد بس.. وساعة ماشافته سارة فضلت تزعق في جوزها وهجمت عليه وفضلت تخبطه في كتفه وتقوله..
_أنا دلوقتي أتأكدت انه انت اللي عملت كدة.. ليك عين تيجي وإنت عامل كدة وعاوزني أمشي؟.. أطلع برة، برة..
رد عليها بزعيق..
_والله ماعملت حاجة.. انتي مجنونة؟..أوعي يامجنونة انتي..
أتدخل بابا بسرعة..
_باااس..بس يابني انت وهي فرجتوا علينا الناس.. أتفضل ياسيدي كدة لو سمحت.. إحنا مش هنسكت على الموضوع دة ولو كان ليك فعلا دعوة بأن الولد إختفى ياريت تلحق نفسك قبل فوات الأوان وترجعه بأي شكل، واحنا هنتقبل ياسيدي.. بس المهم ماتخفيهوش اكتر من كدة..
رد عليه قاله بمنتهى الغضب..
_انت بتقول زيها ياعمي؟.. يعني أنا بقول انت اللي هتهديها وتعقلها..
_خلاص يابني.. سيبها خالص دلوقتي، سيبها وأنا وعد مني لو عرفنا أي جديد عن هيثم.. أنا اللي هاجي أبلغك..
_تمام ياسيدي.. أما نشوف..
نزل وسابنا، بس بعد مكالمات مابينه وبين بابا قدروا يوصلوا لأننا كلنا هندور عليه في مصر كلها مش في منطقة واحدة، وفعلا رجعنا تاني ندور كلنا على الولد وقوات الشرطة كمان كانت بتدور معانا بأقصى جهدها..
وبعد ماتعبنا كلنا من التدوير عليه.. أتصدمنا صدمه جديدة لما جالنا إتصال من واحد قالنا إنه عرف مكان هيثم وطبعًا ماصدقنا جرينا عليه في المكان اللي قالنا هيقابلنا فيه… بس لما كلمنا طلب مننا طلب غريب، طلب مننا مانجيبش ولا أمه ولا جدته..وطبعاً بالعافية خبينا عليهم اللي قاله وأقنعناهم ان فيه حدشافه في بلد تانية ولازم نسافر لوحدنا نتأكد هو ولا لأ… واللي حصل لما قابلناه أنا وبابا وأبو هيثم كان أصعب من اللي بحكيه لأختي وأمي بمراحل.. ووقت ماشوفناه..
_ أدينا جينا زي ماأنت طلبت في مكان بعيد عن العين والزحمة… فين الولد بقى؟
رد عليه الراجل اللي كلمنا وسأله..
_هو حضرتك بقى أبو الولد؟!
رد عليه أبو هيثم..
_اه ياسيدي أنا أبوه..وانت بلغتنا بتليفونك اللي عملتهولنا إنك لقيت الولد…هاه؟!… هو فين ابني؟
رد على جوز أختي بحزن كدة ووطى راسه في الارض وقاله..
_والله ماعارف أقولك إيه يا أستاذ ابو هيثم!! .. معلش يعني ياجماعة أصل الموضوع صعب شويه..مش عارف ابدأ ازاي..
قلتله بعصبية وأنا مش طايق نفسي..
_ماتنطق ياسيدي على طول.. أيه هو اللي الموضوع صعب ومش عارف اجيبها إزاي واوديها إزاي؟! .. أتكلم على طول..
طلع تليفونه من جيبه فتحه وبدأ يورينا صور..بصينا فيها انا وجوز أختي بسرعة، وبدا الراجل يتكلم ويسألنا..
_هو ده ابنك ياافندي؟
بصينا في التليفون بسرعة أنا وهو وبابا وبدأ بابا يقوله..
_هو لبسه.. بس إحنا هنحكم من الصور إزاي بالعقل يعني؟
رديت وقولتله..
_صحيح.. الولد فين؟.. انت جايبنا على ملا وشنا عشان نتفرج على صورتين؟ ماتنطق وتقول فين الواد؟
رد عليا..
_طب خليكو مؤمنين بالله بقى، عشان اللي جاي صعب.. تعالو ورايا..
روحنا وراه لحد مكان بعيد شوية عن اللي قابلناه فيه.. والمكان كان عبارة عن جراچ بعيد لجرارات حرت في أراضي زراعية كدة وبعدين دخلنا معاه وطلعلنا كيسه سمرة.. الكيسة فيها شيكارة،طلع الشيكارة وحطها قدامنا وقال باللفظ اصعب جملة سمعتها في حياتي..
_البقاء لله ياجماعة.. إحنا كلنا أمانات عالدنيا وربنا أخد منكوا الأمانة اللي عطهالكو..
ومرة واحدة الدموع جريت من عيني وابو الولد وقع من طوله وفضل يخبط بإديه على دماغه ويلطم على وشه ويقول في عز عياطه..
_أنا السبب يابني.. أنا السبب في موتك..
ماقدرتش أمسك نفسي من الأنهيار وحالي هو حال ابوه بالظبط بس قولت للراجل بغيظ..
_إنت بتقول إيه ياجدع انت؟..هو جنان وخلاص؟!
رد عليا بنرفزة..
_لا ياأستاذ مش جنان.. أتفضل إفتح الشبكارة وبص عليه وشوف هو إبنكم ودي جتته ولا لأ.. لو هو أبقى مش مجنون ويبقى ربنا يسامحك، ولو مش هو هنروح القسم ونعرف دة مين وابن مين..
قلتله..
_آه طبعاً هو دة اللي هيتعمل..
وطيت عالأرض عالشيكارة اللي قدامي وبدأت أفك الرباط وأيديا بترتعش،وبعدما فكيتها بدأت أبص بالراحة..الريحة اللي طالعة من الجثة قفلتني ومقدرتش أكمل بص عليها.. وقعت في الأرض وفضلت أصرخ بعزم مافيا..
حاتم بدأ يلمس الشيكارة اللي فيها الجثة وهو بيترعش ووقع منهار في الأرض..
_آاااه.. إبناااي..
وقتها عرفت إن هو دة هيثم، شعور الأب بابنه مش هيخيب أبداً…
بعد ساعات عدت واحنا بنحاول نستوعب اللي حصل لابن اختي وأبوه في حالة انهيار ومش قادر يتحكم في مشاعرة، ولا أنا كمان قادر أستوعب اللي حصل..
بعد شويه وصلت الشرطة وأخدت أقوال الراجل اللي لقى الولد..
وإتاخد عالمشرحة وحالة الجثة كانت تقطع القلب..
الجثة مفقودة الراس ومتقطعة كذا جزء وآثار التعذيب باينه عليها جداً.. ماحدش فينا قدر يتحمل يبص عليها بالكامل.. ماحدش فينا استحمل يشوف طفل في السن دة بالشكل الفظيع دة، وعشان أختي ماتشوفش المنظر المؤذي دة طبعاً جوزها طلع الولد من المشرحة بعد ماأخد تصريح بالدفن ودفنه على طول..
وقت دفنته أختي مقهورة على موت إبنها طبعاً، حالة هستيرية مسكاها، صريخ وعياط وبعد ماتتعب تقع من طولها، وبعد ماتفوق تفضل تنادي عالولد من غير رد وترجع تاني تعيد الكَرة، لحد ماوقعت آخر مرة وإتنقلت عالمستشفى في حالة صدمة وأنهيار عصبي..
بعد اللحظة دي كل حاجة حصلت للولد كانت غامضة..
مش عارفين إيه اللي حصل.. ولا عارفين ليه اللي حصل.. ومرة واحدة بدأنا نسمع ان فيه أطفال كتير من شارعنا مختفيه وبرده مش عارفين مكانها فين…
ومرة واحدة بردوا.. شقتنا بقى بيحصل فيها حجات غريبة وأغرب من الأول بكتير.. حجات بتاعتنا بتختفي، وحجات مش بتاعتنا نلاقيها موجودة في البيت من غير ولاحد بيطلع ولا حد بينزل..
رجعت حجات زي الدهب والمنقولات في البيت تختفي ومش لاقيينها ومش لاقيين تفسير لأختفائها..
حتى البيوت اللي حوالينا.. بدأو يشتكوا من حجات غريبة بتحصل، والأغرب أن فيه ناس بدأت تبيع شققها برخص التراب وتمشي من الشارع والشارع قرب يبقى مهجور كله بالكامل بعد مابقاش فيه غير كام عيلة فيه منهم احنا كمان..
أختي كمان من ساعة ماطلعت من المستشفى مابتنطقش ولا بكلمة واحدة.. كل اللي بتعمله إنها ماسكة هدوم هيثم وبتشم فيها وتضحك ولما يجي حد يكلمها ماتردش.. ومع الحجات الغير طبيعية اللي بتحصل في البيت دي… البيت كله بقى عبارة عن بيت أشباح..
وفيوم..
كنت واقف بكلم ماما يومها عالكلية وبعرفها إن السنة الجديدة خلاص قربت تبدأ.. وفجأة طلعت سارة من جوة وبصتلنا انا وماما واتكلمت وعيونها فيها حزن ومرارة..
_ماما.. أحمد.. إحنا لازم نمشي من هنا.. أنا عاوزة أعزل من البيت دة..
ماما بصيتلها وحضنتها وقالتلها بفرحة..
_حمد الله عالسلامة يابنتي.. الحمد لله يارب.. الحمد لله..
زي ماكون ماصدقت إن أختي إتكلمت تاني.. فضلت أحضنها والدموع مش عاوزة تفارقني وكل اللي كان طالع عليا أنا وماما وقتها..
_حمد الله عالسلامة يابنتي..حمد الله عالسلامة يا حبيبتي..
بس ردها كان زي ماهو مع إنهيارها..
_بالله عليكوا مشوني من هنا… مش قادره استحمل وجودي في مكان فيه ذكرى لهيثم وهو مش معايا ..
ردت ماما عليها..
_حاضر ياحبيبتي حاضر.. هنعملك كل اللي انتي عوزاه.. أنا أصلا مابقيتش طايقة الشقة دي باللي فيها ولاحتى الشارع اللي بقى مقرف دة، أنا كمان مش قادرة استنى هنا بعد موت هيثم زيك بالظبط..
بعد فترة..
قررنا نبعد عن الشارع باللي فيه.. وقولنا هنبيع الشقة وفعلا بدأنا ندور على شقق تانية جوة وبرة المحافظة..
بدأنا فعلا ندور في محافظات تانية، من ضمن المحافظات دي كانت محافظة إسكندرية .. وإحنا في طريقنا لهناك عشان نشوف شقه من الشقق اللي اتفرجنا عليها عالنت ورايحين عشان نشوفها عالطبيعة..
عالطريق.. وإحنا في العربية الي بتوصلنا لإسكندرية.. طفل متسول بيخبط على إزاز العربية، خبط كتير جداً ومكنتش مركز معاه وبعدين بدأت أبص ناحيته واسمعه بيقول..
_يابيه، يابيه إشتري مني وحياة والدك.. يابيه بص..
بصيت ناحيته وركزت في تفاصيل وشه.. الولد وقف يبصلي جامد وعنيه بتدمع وقالي الجملة اللي جمدت الدم في عروقي..
_وحياة حبيبك ياأحمد بيه تشتري مني..
بصيتله بإستغراب ودققت تاني.. هو وش ابن اختي بس خاسس كتير ومتبهدل.. وبدأ صوته يتردد في وداني وعقلي يجمع الصورة اللي قدامي ولقيت نفسي عقلي بيقولي الله؟! .. دة صوت هيثم؟!… معقولة دي؟…لقيت نفسي بنادي عليه وبقوله..
_هيثم.. إنت هيثم؟
وفجأة طلعت العربية بينا وصرخت في السواق
_أقف ياسطا نازلين اقف..
صرخت في بابا وجوز اختي..
_هيثم أهو.. الولد أهو هيثم مامتش..
بصولي الأتنين بدهشة ومن لهفتي نطيت من شباك العربية اللي كان مفتوح على آخره، الولد كان معاه مجموعة كبيرة من الأطفال اللي في سنه وفيه ناس كبيرة وقفالهم بعيد بتشاورلهم يجروا ناحيتهم ، كل الأطفال أتوجهوا ناحية اللي واقف بيشاورلهم ماعدا الولد اللي نده عليا وقف يبصلي وقالي اللي أكدلي انه هو..
_خالو..إنجدني أرجوك..
بسرعة شده طفل تاني سن ١٤سنة وجريوا بعيد..لكني ماأستسلمتش وطرت وراهم جري وبابا وجوز اختي حصلوني ولأني انا وجوز اختي أخف من بابا طبعا ماقدرش يكمل جري وجوز أختي هو اللي كمل ورايا لحد ماحصلني ولحقني وهو بيقولي..
_إنت متأكد ان هو الولد المرادي؟
قولتله بكل حماس واحنا بنجري..
_أيوة هو ابنك انا متأكد..المهم ماتوقفش وحاول تمسك أي عيل فيهم هيجيب الباقي..
_تمام إتفقنا..
_مش هنروح غير بيه ياحاتم..
_مش هنروح غير بيه ياأحمد..
بعد مادخلو كل واحد منهم في ناحية كان عيني على هدفي وهو هيثم.. هيثم اللي كان من ناحيته بيحاول يعطلهم وفجأة راح خابط برجله في الأرض وعمل نفسه إتكعبل ونتش إيد من اللي بيجري بيه، وفي لحظة بقى في إيدي وكأني لقيت كنز، وبسرعة قومته من الأرض وبصلي في وشي وهو بيقولي كلام يدبح..
_خالو..وحشتني قوي انت وماما وكلكوا..ليه سبتوني الوقت دة كله أتعذب ياخالوا؟!
وراح مرمي في حضني ونافورة العياط عندي قد اللي عنده مرات.. بعد شوية لحقنا أبوه وساعة ماشافه فضل يحضنه ويعيط وخدناه وجرينا على بابا اللي كان خلاص كلم الشرطة…
غريبة حكاية هيثم مش كده؟.. لأ والأغرب اللي مش هتصدقوه هو بقيت الحكاية.. إزاي إتخطف.. مين اللي خطفه.. واللي حصل دة كله حصل إزاي؟ طب إزاي مات ورجع تاني؟…طب لو هو مش ميت لمين الجثة التانية دي؟..
الحقيقة بقى واللي حصل فهو أغرب من الخيال..
اللي حصل إننا طبعا بعد ماإكتشفنا إن الولد لسه عايش إتوجهنا بيه للشرطة وبدأ هناك يحكي كل حاجة ودة اللي قاله لما سأله الظابط..
_هاه ياحبيبي.. قولي إسمك واسم ماما وبابا بالكامل..
_إسمي هيثم.. هيثم حاتم إبراهيم.. وماما إسمها سارة..
_تمام ياحبيبي تقدر تحكيلي أيه اللي حصل معاك بالظبط؟… يعني ايه اللي حصل من يوم ماسبت ماما وخالو لحد دلوقتي.. فاكر يومها حاجة حصلت؟
_ اه طبعا فاكر.. يومها ماما وخالوا وصلوني ومشيوا.. وبعد مامشيوا بشوية، لقيت واحد زميلنا من برة الفصل بيقول هيثم حاتم ينزل يكلم والدته واقفه برة عالبوابة.. نزلت أجري عشان أشوف فيه ايه.. بس مالقيتش ماما ولقيت واحدة قالتلي إن هي تعبت قدام شوية عند السوبر ماركت وخالي بعت الست دي تقولي وتناديني عشان ألحقهم..أنا صدقت كلامها لأن ماما وخالو كانوا لسة ماشيين ماكملوش ساعة.. طلعت أجري ناحية المكان اللي قالت عليه وقالتلي أستنى بالراحة خدني معاك، خدني في إيدك.. خدتها في إيدي وفي ثانية لقيت منديل بيتحط على بوقي، ومحسيتش بعدها بحاجة غير وأنا هناك.. في مبنى كبير قوي شبه البدروم.. لقيت الست اللي خطفتني فكت الطرحة الغريبة اللي كانت حطاها على وشها وفجأة أكتشفت إني أعرفها وشوفتها قبل كدة..
الظابط سأله بإهتمام..
_تعرفها إزاي بقى ياأستاذ هيثم؟.. إحكيلنا..
كنت قاعد أنا وأبوه وبابا وقتها في المكتب معاهم وبدأ الولد يجاوب على السؤال..
_ماهي دي كانت الشحاته اللي حكيت لخالوا عليها قبل كده.. الست دي قابلتني مرة أنا وماما ووقفتنا وطلبت من ماما ١٠٠جنية بس ماما زعقتلها عشان كانت شاعتها مستعجلة.. فاكر ياخالوا الست اللي قولتلك عليها قبل كده؟
لقيت نفسي بقوله..
_لحظه لحظه.. الست دي سمره قوي ولابسه هدوم مش نضيفة وشكلها يخوف؟
قالي..
_ أيوة أيوة هي دي.. إسمها شفيقة كعابيش ياخالوا..
لقيت نفسي برجع بالزمن لورا حوالي يجي شهرين تلاتة كدة.. وبالتحديد ليلة الإمتحان إياه..
لماكنت قاعد عالقهوة بخلص المادة… قولتكوا وقتها إن فيه موقف حصل ضايقني.. بس ماقولتش هو ايه..
واللي حصل ليلتها إني في عز ماكنت قاعد عالقهوة مشغول وبذاكر وعاوز ألم المادة وفجأة .. ببص لقيت واحدة شحاتة ظهرتلي من العدم، وقفت جنبي على الترابيزة اللي أنا قاعد فيها وفضلت تزن بطريقة مستفزة..
_يابيه.. ربنا يسعدك هات ١٠٠جنية..
بصيتلها بكل هدوء وقولتلها:
_الله يسهلك ياحجة.
ردت عليا:
_١٠٠ جنية بس وحيات مامتك، يارب تنجح.
_ياستي الله يسهلك إتفضلي من هنا.
_طب يارب تاخد اللي بتحبها هما ١٠٠جنيه وهمشي.
هنا بدأت أتعصب وأنا لسة متمسك بصوتي الواطي وقولتلها:
_ياستي الله يهديكي هي أي طلبات وبس؟
روحي ياستي الله يسهلك بقى من هنا.
_يوووه؟! .. مصمم برده؟
_آه مصمم، ومش فاضي للي بتعمليه ده، إتفضلي عشرة جنيه أهوم خديهم وإمشي..
خدت العشرة جنية من إيدي وقعدت تقلب فيهم ومش عاجبينها وفضلت تبرطم وراحت راجعة تتكلم تاني..
_عشرة جنية يتعمل بيها إيه ياباشا؟ دنتا لو خدت بنت أخوك ولا أختك تجيبلهم حاجة حلوة مش هتكفي..
بدأ الناس ياخدوا بالهم والراجل بتاع القهوة أتعصب عليها ووقف يزعقلها..
_ماخلاص بقى ياست إنتي، مش إداكي اللي ربنا قسمهولك؟ خلاص بقى أتوكلي على الله..
وقفت تبجح فيه وتقوله:
_وإنت مالك إنت؟ إيه الغلاسة دي؟ هو هيديني.
رديت بسرعة:
_هما دول اللي معايا خديهم وإمشي احسن والله العظيم أطلبلك الشرطة.
_طيب حاضر.. حسبي الله ونعم الوكيل.
مشيت من قدامي بس كانت محسساني إني غلطت غلطة عمري في حقها وفضلت تبصلي وكأنها بتستحلفلي مثلا وكل شويه ترجع تتلفت وتبص عليا، الست دي فضلت نظراتها معلقة في عقلي ومش ناسيها..
****
معقولة؟… معقول تكون هي الست دي.. هي هي اللي قابلت هيثم وسارة ووقفتهم هما كمان يومها؟..
بعد ما الشرطة سمعت أقوال الولد كلها وبسرعة
طلعت قوة ناحية الأماكن اللي قال عليها هيثم.. إتضح إن المجرمة اللي إسمها شفيقة كعابيش دي صاحبة أكبر تشكيل عصابي وبيديروا التشكيل تحت ستار التسول، اللي يديهم المبلغ اللي يطلبوه يبقى حبيبهم ويعدوه من الشارع .. بس بيستلموه في الرايحة والجاية ياخدوا منه فلوس.. إنما اللي يرفض زي حالاتنا.. لازم يعلموا عليه وياإما يخطفوا ولاده.. ياإما يرعبوه من المكان لحد مايطفش ويسيب المكان وبعد كده يستولوا عالمكان بتاعه سواء شقة أو بيت ..
وطبعًا مكان مسكون وهما وصلوا عدد كبير من سكان الشارع إنه يمشي منه للسبب دة، مين هيروح يدور فيه لو حد إستولى على الشقق اللي فيه؟!… أي حد هيخاف يطلع الشقق بعد اللي حصل فيها وبعد إشاعة انها مسكونة بالجن..
بعد أسبوع الشرطة قبضت عليها هي وكل أفراد التشكيل العصابي وإعترفت إنها هي اللي قامت بتعذيب الولد وانها كانت بتستعمل الأطفال اللي بتخطفهم عشان تطفش الناس من بيوتهم بكل الطرق عشان تبيعها لبلطجية بياخدوا الشقق بوضع اليد وتاخد فلوسها… وكانت بتستعمل الأطفال التانية في التسول… أما اللي بيموت عندها فا مكانش بيتدفن لأ.. دة كان بردو بيبقى له وظايف تانية زي الجثة اللي اتبعتتلنا وشوفناها واللي طلع برده اللي وراهالنها واحد من اللي شغالين معاها، واللي خلاها عملت كدة.. انها عرفت إننا مابطلناش ندور عليه..
ورجع هيثم اللي كنا فاقدين الأمل في رجوعه..
ورجعت اختي تاني تضحك وتشتغل ورجعتلها الحياة من تاني هي وجوزها…
أما عن اللي حصل لمجرمة شارع كعابيش..
فابعد شهر واحد تم إعدامها هي وشركائها بالجرايم اللي كانت بتعملها من خطف الأطفال وترويع الناس والنصب عليهم والسرقة وحالات القتل اللي أثبتوها عليها… معظم الأطفال اللي كانت خطفاهم رجعوا لأهاليهم… ومعظمهم ماحدش عرف يوصل لأهله لإن ماحدش طبعا يعرفهم غيرها هي وإتحطوا في مراكز رعاية وبقى مصيرهم أطفال ملاجئ…
ودي كانت حكاية وكر كعابيش…..
تمت…
متسولة_كعابيش..
سكريبت..
إيمان_صالح