قصص

قصه مستشفي النسا

قصه مستشفي النسا
قصه مستشفي النسا
مهما عيشت او شُفت ليالي صعبة، عمري ما هعيش ليلة اصعب من الليلة الدموية اللي قضتها في مستشفى النسا…!
مش مهم اسمي.. انا عندي ٤٢ سنة، من القاهرة، ليا اخوات صبيان وبنات، اصغرهم كانت عايدة اللي اتجوزت اخر واحدة.. عايدة اللي بعد جوازها بحوالي سنة ونص، بقت حامل.. وبعد ما فاتوا التسع شهور بتوع الحمل، ولدت اختي في مستشفى للنسا، وطبيعي وقت الولادة إن انا واخواتي نكون جنبها، بس اللي مش طبيعي هو اللي حصل معايا بعد كده!
وبداية اللي حصل من بعد ما خرجت من أوضة الولادة على طول؛ وقتها الدكتورة اللي ولدتها قالتلنا احنا وجوزها، إن عايدة مش هينفع تمشي النهاردة، يعني لازم تبات لحد تاني يوم، وبعد كده ممكن ناخدها ونمشي، وبعد ما الدكتورة قالت كلامها ده، بصلها جوز اختي وقالها بلهفة..
-عادي يا دكتورة مافيش مشكلة، انا مستعد ابات معاها النهاردة.
لكن الدكتورة ساعتها قالتله..
قصه مستشفي النسا
-لا.. للأسف مش هينفع، موضوع المرافق ده صعب شويتين لأن الأوضة فيها سرير واحد، وبعدين كل اللي محجوزين حريم، يعني حضرتك مش هينفع تفضل هنا لغاية بالليل من أصله.
اول ما قالت كده، اتدخلت انا بسرعة وسألتها..
-يعني ينفع إن واحدة ست تبات معاها يعني عشان لو احتاجت أي حاجة، تلاقي حد مننا جنبها؟!
بصت لي الدكتورة وبعد كده بصت لجوزها وقالتلنا..
-اه ممكن.. بس زي ما قولت، مافيش سراير، يعني اللي هتبات معاها، هتفضل طول الليل قاعدة على الكرسي اللي جنب سريرها ده.
قصه مستشفي النسا
وقبل ما اي حد من اللي واقفين يتدخل او يقول انا هبات معاها، رديت عليها بسرعة..
-ماشي يا دكتورة.. انا موافقة، انا اختها الكبيرة وممكن افضل قاعدة جنبها لحد ما تخرج.
هزت الدكتورة راسها بالموافقة وخرجت، بعد كده قولت لجوزي اللي كان معايا، إنه يروح البيت ويجيبلي بطانية اتغطى بيها وانا قاعدة جنبها، وده لأن الجو كان ساقعة اوي يومها، وفعلا.. راح جوزي جابلي البطانية اللي بعد ما خدتها منه، وعلى بالليل كده.. مشي هو وكل اللي كانوا موجودين، وطبعا في الوقت ده.. ماتبقاش غيري معاها.
قعدت على الكرسي اللي جنب عايدة وهي رايحة في سابع نومة والمولود جن

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

قصه سرداب الموت (كامله)

رواية الشادر الفصل الثامن

بها، الساعة تقريبًا كانت قربت على ٢ بعد نص الليل، اتغطيت بالبطانية وحاولت انام، بس ماعرفتش.. انا أصلًا مش متعودة انام في اي مكان غير سريري اللي في بيتي، فما بالك بقى بكرسي في مستشفى!

وعشان كده فضلت صاحية وانا ببص على اختي والمولود لحد ما حسيت إني بردانة اوي رغم اني كنت متغطية، وقتها شيلت البطانية وقومت، حطيتها على الكرسي وروحت ناحية باب الأوضة وفتحته عشان اخرج، ولو هتسأل نفسك انا ليه خرجت من الأوضة رغم إني حسيت بالبرد!.. فانا هقولك ان انا خرجت اصلًا عشان اجيب اي حاجة سخنة اشربها، اهو.. ممكن بعدها أدفى شوية، وكمان عشان تفوقني بدل ما انا قاعدة بسقط كده، لا مني عارفة اروح في النوم، ولا مني عارفة افضل صاحية.
خرجت من باب الأوضة، اتمشيت في الطُرقة اللي ماكنش فيها حد، كنت بتلفت حواليا على أمل إن الاقي أي ممرضة او عاملة اخليها تعملي كوباية شاي واديها اللي هي عايزاه، بس مافيش.. أضاءة الدور كانت قليلة جدًا ومافيش حس لأي حد!
كملت مشي في الطُرقة وانا بدور على أوضة التمريض لحد ما لفت نظري صوت باب بيتفتح، بصيت ناحية الباب وقربت منه، كنت مستنية اي حد يخرج عشان اسأله عن مكان أوضة التمريض، بس ماحدش خرج!
لكن خليني اقولك إن باب الأوضة اتفتح فتحة بسيطة وماحدش خرج منه!.. ف استغربت بصراحة وقولت اقرب من الباب، او بمعنى أصح، انا كنت حاسة إن في حاجة بتشدني عشان اروح ناحيته، سميها فضول، سميها تطفل.. سميها اي حاجة، مش مهم تسميها ايه، المهم إن انا بالفعل روحت لحد الباب اللي مسكت أوكرته وابتديت ازقه بالراحة وانا بقول بصوت واطي…
قصه مستشفي النسا
-في حد في الأوضة دي؟!
ولما ماحدش جاوبني، زقيت الباب اكتر عشان اكتشف إن الأوضة ضلمة كُحل، ولما بقول ضلمة، فانا ماقصدتش إن نورها مش منور، لا.. انا اقصد إن ضلمة الأوضة كانت ضلمة غريبة، ضلمة بتبلع جواها النور البسيط اللي داخل من الطُرقة، لكن اللي لَفت نظري ماكنش بس ضلمة الأوضة، انا اللي خلاني ارتبكت وحسيت إن جسمي بيقشعر، هو الصوت المش مفهوم اللي سمعته جواها!.. كان صوت أشبه بناس بتتخانق، بس صوتهم كان واطي اوي وكلامهم ماكنش مفهوم، عارف انت لما تبقى نايم وتصحى على صوت ناس بتزعق تحت بيتك!.. اهو ده التشبيه الاقرب للصوت اللي كنت سامعاه، ورغم إني كنت سامعة زي خناق وزعيق بنبرة واطية اوي، إلا إن الكلام اللي بيتقال ماكنش مفهوم!
بلعت ريقي وبعدت خطوتين عن الأوضة، ومع رجوعي لورا.. سحبت الباب في إيدي وانا بقول بصوت مسموع..
-اعوذبالله من الشيطان الرچيم.. بسم الله الرحمن الرحي..
وماكملتش الجملة، فجأة لساني اتعقد وحسيت إنِ اتشليت في مكاني، مابقتش عارفة اخد نفسي ولا انطق، وكل ده كان بسبب الصهد اللي حسيته في ضهري، وكأن فجأة كده حد ظهر في الطُرقة الفاضية دي، وجه وقف ورايا!
لحظات.. لحظات مرت عليا سنين، كنت حاسة كأني بحلم او خوفي هو اللي خلى احساسي بالوقت معدوم، حقيقي مش عارفة ولا لاقية تفسير للي حسيت بيه، ولا حتى فاكرة كويس انا في الوقت ده كنت بفكر في ايه، كل اللي انا فاكراه.. هو إنِ التفتت بالراحة وانا حرفيًا رجليا بتترعش، وطبعًا تلاقيك بتقول لنفسك دلوقتي إنِ اول ما لفيت شوفت عفريت بقى ولا جن.. بس لا، انا لما لفيت ما شوفتش اي حاجة، مافيش حد كان واقف في ضهري من أصله، وصدقني.. انا لو كنت لقيت حد كان هيبقى أهون عليا من إنِ مالاقيش حد، وفي نفس الوقت افضل حاسة بنفس الصهد، الصهد اللي مع وجوده بقيت حاسة بحركة وكأن حد رايح جاي بسرعة في نفس المكان اللي جاي منه، وعشان كده في اللحظة دي، كنت خلاص بقى.. نَفسي ابتدى يروح وحسيت إن روحي بتتسحب مني، وكل اللي كنت قادرة اعمله هو قراية القرأن بيني وبين نفسي بصوت عالي، لحد ما مرة واحدة جمدت قلبي ولفيت وبسرعة سحبت أوكرة الباب عشان اقفله، وده على أمل يعني انِ اخلص وبعد كده ابقى اروح مكان ما اروح بقى، المهم إن انا امشي من هنا.. بس مع شدتي لأوكرة الباب اللي كان بيتفتح لجوة وبيتقفل لبرة، حسيت بحد بيشد الأوكرة من جوة!
سيبتله الأوكرة ولفيت وشي عشان امشي من قدام الأوضة المتعفرتة دي، واول ما لفيت وشي ناحية الطُرقة من تاني، لَمحت على يميني، حاجة بتجري بسرعة ناحيتي، حاجة من كتر سرعتها لا عرفت احدد هي ايه، ولا حتى عرفت احدد هي بتجري ناحيتي ليه، انا كل اللي عملته اني انكمشت في نفسي وغمضت عيني قبل ما تخبط فيا، وكأني بكده يعني هبقى بحمي نفسي.. بس انا.. انا كنت هحمي نفسي من ايه او من مين، ده انا لما فَتحت عيني بعد كام ثانية، مالقتش حاجة خبطت فيا ولا لقيت حد في الطُرقة من أساسه!
حمدت ربنا وخدت نَفسي بالراحة، وقبل ما اتمشى ناحية الأوضة اللي فيها أختي عشان ارجعلها تاني، سمعت باب الأوضة اللي بقت على يميني وقتها، وهو بيتفتح بالراحة….
بعدت كام خطوة عن الأوضة، وساعتها ماقدرتش اجري.. انا اه كنت عايزة اجري من مكاني، لكني ماعرفتش، الفضول خلاني لفيت رقبتي وبصيت ناحية باب الأوضة عشان اشوف مين بيفتحه، ويارتني ما كنت بصيت، لأن بصتي خلتني اشوف منظر عمري في حياتي ما هنساه!
قصه مستشفي النسا
انا شوفت حد خارج وهو بيزحف من الأوضة، في الأول ماكنش شكله باين بسبب الضلمة اللي جوة والأضاءة الضعيفة اللي بره، إنما اول ما خرج وبدأ يقرب مني.. ابتديت احدد هيئته وشكله؛ كان راجل لابس بالطو ابيض غرقان دم بشكل يخض.. لدرجة إن من كتر الدم اللي على البالطو او الدم اللي هو بينزفه، الأرض من حواليه ظهر فيها بقعة دم كبيرة اوي ماعرفش لحق يكونها امتى ولا ازاي!
بعدت كام خطوة كمان لورا عشان ضهري يبقى في الحيطة اللي قصاد الأوضة بالظبط، وهنا بقى الشخص او الدكتور او العفريت ده، فجأة قام وقف بحركة غريبة.. حركة لا تتناسب مع جسمه ولا حتى مع الحالة اللي هو فيها، ومرة واحدة وبدون أي مقدمات، لقيت وشه بقى في وشي، وفي ثانية.. لا ثانية ايه، ده في جزء من الثانية، رفع إيديه اللي غرقانة دم وحطها على وشي!!
زقيت إيده وطلعت اجري… وفضلت اجري في الطُرقة وانا مش عارفة رايحة فين، انا كل اللي جه في بالي وقتها، هو إني افضل اجري لحد ما العفريت او الجن اللي شوفته ده يبعد عني… لكن بعد شوية من الجري، اتخبطت في حاجة وقعتني على الأرض، حاجة ماقدرتش احدد هي ايه لأني ماشوفتهاش بسبب إني كنت بمسح الدم من على وشي وانا بجري..
-حاسبي يا حبيبتي.. حاسبي.. في ايه، مالك.. بتجري كده ليه؟!
لما سمعت الكلام ده من صوت أنثوي وانا واقعة على الأرض، بصيت ناحية مصدره.. وساعتها اطمنت لما لقيتها بنت، وباين من لبسها إنها دكتورة.
مدت لي إيديها وقومتني من مكاني وانا باخد نفسي بالعافية، قعدتني على كرسي من الكراسي اللي موجودة في الطُرقة وحاولت تهديني.. وبالفعل بعد شوية ابتديت اهدى، واول ما حَست إني بقيت كويسة نوعًا ما، سألتني عن السبب اللي كان بيخليني اجري في الطُرقة بالشكل ده، فبصراحة حكيتلها كل حاجة، من اول خروجي من أوضة اختي عشان عايزة اشرب اي حاجة سُخنة، ومرورًا بقى بكل اللي اتعرضتله قصاد الأوضة دي، والغريب إن وانا بحكي.. الدكتورة الشابة دي ملامحها كانت ثابتة، يعني لا كانت خايفة من اللي بقوله ولا كانت مستغرباه مثلًا، ولا حتى كان واضح من ملامحها إنها مكدباني!.. دي كانت بتسمعني وكأني بحكيلها حكاية عادية، او حاجة هي متعودة عليها، وعشان كده بعد ما خلصت كلامي وقبل ما هي تفسرلي اللي شوفته، غصب عني لقيت نفسي بسألها..
-ألا هو انتي يا دكتورة شكلك عادي كده ليه، يعني لا مستغربة اللي بقوله ولا حتى خايفة، ولا مثلًا قولتيلي تعالي نروح نشوف مين اللي في الأوضة!
قصه مستشفي النسا
بصت لي بتركيز وقالتلي بكل ثبات..
-وليه نروح ونشوف، ما انا عارفة كويس مين اللي في الأوضة.
برقت لها وبسرعة سألتها..
-مين؟!!
قعدت جنبي وابتديت تتكلم وتحكي…
-الحياة زي ما فيها الكويس، فيها الوحش.. والمستشفى هنا عاملة زي الحياة بالظبط، فيها من كل الأصناف، الدكتور المحترم اللي بيراعي ربه وضميره في حياته وشغله، والدكتور الشمال اللي لا يعرف ضمير ولا رب.. ومن ضمن الدكاترة الشمال دول كان هو.. دكتور عادل مرزوق، عادل كان بيشتغل هنا في المستشفى من سنين، كان عنده ٣٨ سنة وماكنش متجوز.. وبسبب عدم جوازه في سِنه ده، كل اللي شغالين في المستشفى كانوا مطلعين عليه سُمعة زي الزفت، في اللي يقول إنه بتاع حريم وعشان كده ماتجوزش، لأنه مابيثقش في أي واحدة.. وفي اللي كان بيقول إنه قالب عيادته الخاصة ماخور.. عمليات إجهاض بقى وممارسة علاقات مع الستات اللي بتجيله، وكلام كتير من النوع ده.. لكن كل اللي بيتقال، كان مُجرد كلام مافيش عليه إثبات، وطالما الكلام فارغ ومافيش عليه أي دليل، فعادل فضل شغال في النستسفى لحد ما في يوم حصلتله كارثة!.. الممرضين والدكاترة والعمال اتلموا قصاد أوضة الدكاترة اللي في الدور هنا، وسبب لمتهم كانت صرخات دكتورة شابة إسمها سلمى، وقبل ما تسأليني هي شافت ايه وخلاها تصرخ بالمنظر ده!.. فانا هقولك إنها ماشافتش.. الناس اللي اتلموا هم اللي شافوا.. شافوا سلمى وهي ماسكة في إيديها مشرط كبير غرقان دم، وعلى الأرض قصادها، كان عادل واقع وسايح في دمه!.. اتلموا الناس زي ما قولتلك على صوتها وهي بتصرخ وبتقول “قتلته.. قتلته زي ما قتلني”.. وطبعًا بسبب المنظر، الناس بلغوا البوليس اللي جه وقبض على سلمى، وفي نفس الوقت نقلت الأسعاف جُثة دكتور عادل للمشرحة.. ايوة، عادل مات، وسبب الوفاة كانت طعنة في القلب بمشرط من المشارط الطويلة اللي بيتم استخدامها هنا في المستشفى، وأكيد اللي طعنته كانت سلمى.. سلمى اللي كانت في حالة هيستريا لحد ما راحت القسم، بس بعد ما ابتدت تهدى وابتدوا معاها التحقيقات عشان يعرفوا هي عملت في عادل كده ليه، حكت كل حاجة.. سلمى قالت في التحقيقات إنها دكتورة شابة وشغالة في المستشفى مابقلهاش كام شهر، اتعرفت على عادل وحبته، قالها إنه اتغير على إيديها ووعدها بالجواز بعد فترة، وفي فترة حبهم لبعض.. حصلت ما بينهم علاقة فقدت بسببها عذريتها، لكنه طمنها وقالها إنه هيتجوزها ومش هيسيبها في المصيبة دي لوحدها، لكن في الحقيقة.. عادل كان بيكدب، هو اصلًا ماحبهاش، هو بس كان بيقولها كده عشان ماتفضحوش، وكمان عشان تفضل معاه اطول فترة ممكنة، وفضلوا على الحال ده لفترة.. شوية يعشمها، وشوية يطمنها، لحد ما عرفت في يوم من دكتورة زميلتها إن الدكتور عادل جاي له سفرية وهيقعد فيها كام سنة برة مصر، ده غير الكلام اللي كانت بتسمعه من اللي شغالين عن سلوكه وعن علاقاته، إنما كل ده كانت بتكدبه وبتقول لنفسها إنه كان كده قبل ما يعرفها، وبعد ما حبها اتغير عشانها، لكن اللي ماكنش ينفع تكدبه وكان لازم تسأله عنه، هو خبر سفره.. وفعلًا راحتله في اليوم اللي قتلته فيه بعد ما خلص عمليات، كان قاعد في أوضة الدكاترة لوحده، ولما سألته عن سفره وعن جوازهم، حاول يتهرب.. فاتعصبت عليه وقالتله يجاوبها جواب صريح، وساعتها انفجر فيها وقالها إنه مستحيل يتجوز واحدة غلط معاها، وبسبب كلامه ده، اتعصب عليه وابتدت تهدده بإنها هتقتله، ووصل الكلام بينهم إنها شتمته بأهله، وطبعًا عادل اول ما سمع شتيمته، قام من مكانه وضربها بالقلم، وسلمى بقى خدت القلم من هنا، وطلعت تجري من الأوضة.. راحت ناحية الأوضة اللي بيبقى فيها المعدات المتعقمة اللي بتدخل العمليات، وسحبت مشرط كبير وجريت عليه، ماتكلمتش معاه ولا كلمة، دي قربت منه بسرعة، وقبل ما يتحرك او يعمل أي رد فعل.. كانت طعنته في قلبه بالمشرط.. وبس، مات عادل وسلمى اتجننت، ومن بعدها ماحدش عرف عنها حاجة لحد ما قتلت نفسها في مستشفى المجانين، اما الأوضة بقى، فكل الدكاترة اللي بقوا بيباتوا فيها او حتى بيقعدوا فيها بالليل، من بعد اللي حصل لعادل، وهم بيقولوا إنهم بقوا بيشوفوه فيها كل ليلة، بيشوفوه وهو غرقان دم وشكله يشيب شعر الرضيع، وطبيعي وبسبب اللي كانوا بيشوفوه، إنهم يهجروا الأوضة دي ويتجمعوا كلهم في الأوضة اللي في الدور اللي تحته، ومع الوقت.. ابتدت الأوضة تبقى مهجورة، ولما جه دكتور من الدكاترة الكبار اللي بيشتغلوا في المستشفى هنا، عشان يريح فيها ساعتين بالليل بعد عملية ولادة كان بيعملها، عادل طلعله.. شافه بنفس شكله اللي انتي شوفتيه عليه من شوية، وبعد ما كان مكدب كلام الدكاترة، صدقهم وخرج يجري من الأوضة بالليل وهو بيصرخ، ولأن الدكتور ده كان صاحب مدير المستشفى، فلما حكاله قفلها، واهي.. لسه مقفولة ومهجورة لحد النهاردة، والدكاترة كلهم بيتجمعوا في اوضة الدكاترة اللي في الدور اللي تحت، لكن تعرفي.. الأوضة بعد ما اتقفلت، العمال والممرضات والدكاترة اللي بيعدوا من قصادها بالليل، بيحلفوا بالله إنهم بيشوفوها مفتوحة، وفي منهم اللي حلف إنه شاف عادل طالع منها، ولما راحوا ناحيتها، لقوها مقفولة!.. وبس.. من الوقت ده وماحدش بيعدي من قدامها بالليل، او بالظبط يعني، من بعد ما الدنيا تبقى هادية في الدور ده، وصدقيني.. كل اللي شوفتيه أكيد مالوش أي أثر، يعني انا دلوقتي لما اقوم انا وانتي ونعدي من قدام الأوضة، لا هنلاقي دم ولا هنلاقي حاجة، ولا حتى هنلاقيها مفتوحة، فانتي احمدي ربك إنك عديتي من اللي مريتي بيه على خير، وبالنسبة للدم.. فمافيش دم على وشك.. انتي سليمة.
فوقت من سرحاني مع حكاية الدكتورة وحطيت إيدي على وشي، والغريب بقى إني مالقتش دم ولا اي حاجة، بعدها الدكتورة خدتني من إيدي ووصلتني لحد باب أوضة اختي وقالتلي خليكي قاعدة فيها وماتخرجيش لحد الصبح، وفعلا.. دخلت الأوضة وفضلت قاعدة وانا بقرأ قرأن لحد ما النهار طلع، ومع طلوع النهار، الممرضة جت وقالتلنا إن الدكتورة جاية تكتب لاختي على خروج لأنها فاقت وبقت كويسة، ولحد هنا المفروض الحكاية تخلص، لكن لا.. انا اه لما رجعت مع الدكتورة للأوضة بالليل، لقيت بابها مقفول ومافيش أي أثر لأي حاجة من اللي شوفتها، بس قبل ما نمشي ولما سألت الممرضة عن الدكتورة اللي شوفتها بالليل عشان اشكرها على اللي عملته معايا.. الممرضة بصت لي باستغراب وقالتلي..
-دكتورة مين؟!.. مافيش دكتورة كانت في نبطشية امبارح بالمواصفات دي!
ماخدتش في بالي وقولت ممكن الممرضة دي ماتعرفهاش ولا حاجة، بس المصيبة بقى إن وانا خارجة انا واختي ومعانا جوزها وجوزي وبقية اخواتي من الدور، لمحت الدكتورة دي وهي ببتمشى في الطُرقة، وقفت في مكاني ثانية عشان اروح اشكرها، لكنهاااا.. لكنها بصت لي وابتسمت وشاورت على البالطو بتاعها، كان عليه بادچ مكتوب عليه اسم واضح اوي.. اسم قدرت اقراه كويس.. دكتورة سلمى سعد الدين، وقبل ما اتكلم او اقول اي حاجة، راحت ناحية الأوضة وفتحت بابها اللي كان مقفول.. ودخلت جواها واختفت!،
فوقت من سرحاني على صوت جوزي اللي قالي..
-في ايه؟!.. مالك.. واقفة مبرقة كده ليه؟
ماردتش عليه، انا مشيت معاه وروحنا اختي لبيتها، اختي اللي كنا فرحانين بيها اوي هي وابنها، وبسبب فرحتنا بيها والسبوع وكل الحاجات الحلوة اللي بتبقى بعد الولادة دي، فانا حقيقي تناسيت اللي حصل.. اه تناسيته، بس عمري.. عمري ما نسيته، لأني مهما عيشت من ليالي صعبة، فبالتأكيد، عمري ما هعيش ليلة زي الليلة اللي قضتها في مستشفى النسا…
تمت
قصه مستشفي النسا
محمد_شعبان
قصه مستشفي النسا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى