قصص

قصه نار فارس

القصة مستوحاة من أحداث حقيقية
+21
النهارده النار المقدسة اتكلمت!
لحد اللحظة دي مش قادر استوعب، خيوط النهار قربت تظهر في الأفق وأنا لسه النوم مخاصمني، واقف في شرفة أوضتي في القصر، ببص في الفراغ، مش عارف مستني إيه بالظبط؟ مستني إجابات؟ وإجابات من مين؟ وإيه هي الأسئلة الصح؟ أنا تايه، تايه تمامًا…
الأكيد إن من 22 ساعة مكنتش أتخيل أبدًا إن اليوم كان هيمشي بالشكل ده، اللي حصل آخر حاجة كنت أتوقعها…
في نفس المعاد من كل سنة في فارس بنتجمع حوالين النار المقدسة العظيمة، اللي بنفضل نغذيها على مدار السنة عشان مينفعش تطفي، وبنستنى يوم العيد بفارغ الصبر، كلنا، كل الشعب، الفروقات ما بين الطبقة المالكة والعامة بتدوب في اليوم ده، كلنا بنسرح في النار وبنقيم حواليها الاحتفالات…
صحيح النار بالنسبة لنا مقدسة، وأنا مؤمن بيها، حقيقي مؤمن، لكن لما اتكلمت النهارده، اتهزيت، مش عشان المعجزة، عشان مصدقتش إن ده ممكن يحصل، مفيش نار كانت هتتكلم، دي مجرد جماد!
لكن مش أنا كده أبقى متناقض، منافق؟ لو أنا فعلًا مؤمن بالنار المقدسة ليه الاندهاش اللي صابني ده وليه فضلت صاحي بعدها؟ قلبي بيدق جامد، براجع شريط حياتي كله قدامي، بشكك في اعتقداتي…
البداية كانت لما قمت من النوم وأنا في منتهى الحماس….
فتحت الباب ودخلت الخدم بتوعي، اللي دورهم يلبسوني التوب الفخم اللي اخترته للمناسبة دي…
بعد ما لبسته خرجت من الأوضة لساحة القصر وورايا عدد كبير من الخدم عشان اقابل أبويا الملك، حاكم فارس، وشه كان منور، متحمس زيوا زيي، زي كل فرد في شعب فارس، غير التحمس كان باين عليه الفخر، فخور بيا، أنا الإبن الأكبر، ولي العهد، اللي هحكم أكبر مملكة في الكون من بعده، مملكة فارس…
للأسف مش بيبقى لينا دور في الاحتفالات اللي بتبقى على مدار اليوم قبل ما الليل يخيم، العامة هم اللي بيفضلوا يحتفلوا طول اليوم حوالين القصر وفي كل مكان، إحنا بنخرج بس ساعة ما الشمس بتغوص في محيط السما، بنتوجه بموكب كبير لحفرة النار المقدسة وجموع الشعب بتزفنا من كل ناحية، العامة حقيقي محظوطين عشان وقت الاحتفال عندهم ممتد ، إحنا بس بنلحق كام ساعة عشان إحنا الملوك، ساعات بسأل نفسي مين فينا سعيد أكتر إحنا ولا الشعب، مين المسجون ومين الحر؟
وقد كان…
فضلنا جوه جدران القصر لحد ما السما لونها اصطبغ بالبرتقاني الهادي ومعاه اتداخلت درجات تانية، خلت المنظر بديع…
ودي كانت إشارتنا عشان نخرج، أول ما خرجنا من البوابة الرئيسية الكهنة جم علينا من يميننا وشمالنا عن طريق ممرات طويلة كالعادة زي اليوم ده من كل سنة…
الكهنة عددهم كبير وسطوتهم أكبر، كلنا عارفين إن الحاكم الفعلي لفارس هم الكهنة مش الملك والأمراء والوزرا….
من وسط الكهنة كان راجل إسمه “برجيس”، ملوش شأن، مش مميز، هو اه بينتمي لأهم طبقة في المجتمع اللي هم الكهنة، لكن مش كبير الكهنة ولا من الصفوف الأولى، مكنش حتى بيدخل القصر زي بعض الكهنة المقربين لأبويا…
اتجمعنا حوالين النار العظيمة، في اللي كان ماسك شعلة، واللي ماسك أدوات بتعمل أصوات زي شخللة، واللي بيرقص ويغني، الملك قعد على الكرسي المهيب على مسافة من النار وأنا وقفت جنبه وجنبي كانوا باقي إخواتي…
كلنا فرحانين، بنضحك ونتكلم وناكل لحد ما كل الأصوات سكتت لما سمعنا صوت عالي جي من ناحية النار…
الصوت قال:
-أنا النار المقدسة، النار اللي شعلتها من شعلة فارس، ومحياها من حياة فارس وموتها من موت فارس، أنا اللي بضفي النور والقوة، أنا روح المحبة والحياة والحرب والغض.ب والان.تقام، وببشركم بقدوم المنتظر، الراجل اللي هيمثلني، لازم تسمعوا ليه، تسمعوا لكل اللي بيقوله وتنفذوه من غير جدال، الراجل ده هو ” برجيس”، الكاهن “برجيس”…
كلنا سكتنا، صوت اللهيب كان مجسم ومعاه الصوت اللي أتكلم، الأنظار كلها اتجهت ل”برجيس” اللي كان مش باين عليه الدهشة زينا، كان ثابت، واثق من نفسه، كإنه مش متفاجيء!
أتقدم خطوات وبص للجموع الملتفة حواليه:
-أديكوا سمعتوا النار المقدسة، هتتصرفوا إزاي؟
نتصرف في إيه؟ هو إيه اللي حصل أساسًا؟
أنا متأكد إن موقفي مكنش مختلف عن موقف الباقي، كلنا كنا مش مستوعبين اللي حصل، مش قادرين نترجمه، هو النار المقدسة فعلًا اتكلمت؟ وهل أمرتنا نتبع “برجيس” اللي محدش كان سمع صوته قبل كده؟
وده اللي وصلني للي كنت فيه، واقف في شرفة أوضتي، براجع أحداث الليلة مرة ورا التانية ومش أحداث الليلة بس، براجع كل ليالي الاحتفال بالنار المقدسة، وبراجع طقوسنا وصلواتنا وعاداتنا كل السنين اللي فاتت…
عملت شوية إجراءات لا كانت هتقدم ولا هتأخر لكن على الأقل كانت هتشبع فضولي وهو إني سألت الكهنة عن “برجيس” واتضح إنه مكنش صامت أوي زي ما كنا متخيلين، “برجيس” كان ليه آراء متمردة، نظرة مختلفة للدين والحياة، فلسفة خاصة بيه، وكان بيقول أفكاره للكهنة اللي حواليه، طب إيه هي الأفكار دي؟
الكهنة مرضوش يقولولي، مش من باب العند والتمرد، كان باين عليهم محرجين أو قلقانين من حاجة، عامة يا خبر بفلوس، أفكاره كده كده كان هيعبر عنها في أقرب وقت، مهو بقى ممثل النار المقدسة وهيخرج للناس، مفيش مفر…
“برجيس” وقف قصاد النار وكلنا اتجمعنا حواليه…
رفع إيديه الاتنين في حركة استعراضية وقال:
-اللي عندي منهج مش بتاع إمبارح ولا النهارده، بتاع المستقبل، والمستقبل بيبدأ من دلوقتي، النظام اللي احنا ماشيين بيه، بيربي وحش إسمه الكبت، والكبت ده بيولد ابش.ع الصفات اللي بدورها بتنتج ابش.ع الجر.ايم، نظامنا القايم على الانانية، حب النفس والذات، التملك والتسلط، ليه كل واحد يبقى عنده أكتر من اللي يكفيه بكتير، هيستفيد إيه من المِلك الزايد عن حاجته، هياخده معاه القبر مثلًا؟ ليه يبقى عند حد أرض تهلكه وتهلك صحته، لما ممكن يدي جزء منها للغير والأحسن يشاركها كلها مع غيره، ولما يعمل كده هيحس بالتحرر بطريقة محسهاش قبل كده، خلاص مبقاش في قيود وهمية، مش هيشيل هم الأرض لوحده، واحد واتنين والف هياخدوا بالهم منها ويراعوها، ده غير إنه هيبقى أغنى من قبل كده بكتير، لإنه زي ما شارك أرضه مع غيره، أي حاجة تانية برضه هتبقى ملكه، بيوت غيره هي بيوته، فلوسهم، أتوابهم، كل حاجة، مفيش ممنوع، مفيش محظور..
الكلام يبان حلو، كلام عن الإيثار، حب الخير للغير والمشاركة والتفكير في الناس التانية والبعد عن الأنانية، لكنه في رأيي كان كلام خبيث، مش زي ما هو باين، في جواه حشو، رسايل وزوايا مبطنة، مش باينة…
ولأول مرة كنت أخاف من النار المقدسة، إحساسي بيها بقى مختلف، هي طول عمرها ليها هيبة، لكن المرة دي الموضوع تعدى كده، كنت حاسس إن في وش ليها تاني، إنها ممكن تخرج من حفرتها، تتسلل وتحر.قنا كلنا، إنها ش.ر…
ده غير الضل اللي شفته واقف جنب “برجيس”، للحظة واحدة شفت ضل واقف جنبه، نفس شكله بالظبط، بيتحرك نفس حركته، لكن كان زي الخيال، جايز يكون ده بسبب النار والضوء بتاعها، لكن معرفش، كنت حاسس إنه حاجة تانية، مش مجرد إنعكاس أو ضل…
ومن هنا الناس بدأت ترضخ…
مكنش عندهم اصلًا إختيار، النار قالت نتبع “برجيس” فهنتبع “برجيس”، هنرمي كل تعاليمنا وندوس عليها ونتبنى تعاليمه، وأول واحد رضخ كان أبويا، الملك!
اللي كان شاغل بالي، غير كل الكلام اللي “برجيس” قاله، حاجة معينة، جملة ” اللي عندي منهج مش بتاع إمبارح ولا النهارده، بتاع المستقبل، والمستقبل بيبدأ من دلوقتي”، إيه الكلام العجيب ده، معناه إيه؟
بتاع المستقبل؟ والمستقبل بيبدأ من دلوقتي؟ كلام يبان مرسل للي مش مركز، لكن زي ما يكون شعار، مد هينتشر ويغمر الناس، مش بس في الوقت الحالي، كمان في المستقبل، خطة ممنهجة للسيطرة على العالم كله، والمستقبل بيعتمد على حجرة صغيرة بتترمي في الزمن اللي كان بيقول فيه الخطبة، حجرة هتوقع حجرة، والحجرة التانية هتوقع حجرة، لحد ما جبال تتهد!
اليوم اللي بعد الخطبة كان غير كل الأيام اللي قبل كده، فاصل ما بين عهد وعهد…
قمت على دوشة جامدة، إيه النشاط اللي دب في القصر في الوقت البدري ده؟
لبست أي توب وخرجت من أوضتي، لقيت زحمة رهيبة في القصر، كنت مذعور، مش فاهم اللي بيحصل، إحنا بنتعرض لغزو ما؟
وهناك لقيت الملك قاعد على كرسي العرش وابتسامته من هنا لهنا…
جريت عليه، سألته، قال لي:
-بطبق تعاليم “برجيس”، هو مش قال نشارك ملكنا وارضنا مع غيرنا، النهارده أنا فتحت القصر لأي حد عايز يدخل، كل الناس ضيوفي، من حقهم يستمتعوا بالقصر زي ملكهم…
بصيتله بذهول، مكنتش عارف أرد أقول إيه، ده في يوم واحد “برجيس” نجح إنه يسيطر على الملك بحاله، أيوه، هي دي الفكرة اللي كانت بتطاردني، “برجيس” كان بيحاول يسيطر لمصالحه الشخصية مش عشان دي رغبة النار المقدسة، لكن هل أنا بكده أبقى متمرد، خارج عن الجماعة؟ بشكك في رغبة النار المقدسة؟؟
كل اللي كنت شايفه هو عملية متقنة لغسيل الدماغ، مفيش شك في اللي سمعته وكلنا سمعناه من النار المقدسة، لكن برضه، في حاجة غلط…
-تعالى يا إبني، يا ولي العهد، تعالى شاركني النشوة، لحظة الخلاص والتحرر…
بصيت لأبويا وبصيت لجموع الناس بصة فارغة ببق مفتوح وبعدين سبته وسبت القصر ومشيت!
ومن هنا بدأت سلسلة الخطب…
“برجيس” ألقى خطبة كل إسبوع في نفس الميعاد قدام النار المقدسة…
الخطبة التانية كان نصها كالتالي:
“الملكية مش أرض وبس، لأ دي حاجات كتير، حاجات كل ما نتمسك بيها بوعي وبدون وعي الأنا عندنا بتعلى والروح بتنطفي وتدفن، الأموال ملك، المجوهرات، الأواني، الأدوات، عدة التجميل، الأسرار، الإنجازات و…الستات!”
وهو ده المسمار اللي دق في نعش ثقتي في “برجيس”، الراجل ده ش.ر مطلق، ومتبوع محتال!
مش ممكن أي دين حقيقي يدعو لمشاركة الستات، وياريت وقف لحد كده، أنا كنت متأكد إن دي كانت بس البداية، رمى كلمة “الستات” من غير ما يبرر ويغوص في الموضوع ده، أكيد بعد كده كان هيقول تفاصيل أكتر، يدي للناس تفسيرات حكيمة للفعل الشنيع ده ومكنش هيبقى آخر فعل من.حرف يحرض عليه، متأكد…
في الأول، كانت مشاركة أراضي، ودعوة للزهد في بريق الدنيا والعطف على الغير وبعدين مشاركة قصر وزوجات، يا ترى إيه اللي كان مستخبي، إيه اللي “برجيس” كان ناوي عليه…
إزاي عرفت نص الخطبة التانية؟ ده عشان أنا كنت من الحضور، كنت متخفي بعباية بغطا للراس، استخبيت وسط الزحمة وكنت حريص إن محدش يعرفني زي ما كنت حريص أنعزل عن الملك والقصر والمدينة، عشت في كهف في جبل بيطل على المدينة، مكان مش مأهول، يدوبك كام شخص عايشين فيه، رعاة أغنام على صيادين، محدش فيهم اتعرف عليا، مكنتش مخطط هقعد هناك قد إيه، أو إيه خطواتي اللي جايه، لكن كان عندي يقين إن هو ده التصرف الصح..
وزي ما توقعت، في الخطب اللي بعد كده “برجيس” أتكلم اكتر في موضوع مشاركة الزوجات، قال إنهم مش من أملاك رجالتهم وبس، لأ، دول من حق أي راجل، ومش حكر على طبقة الحكام أو كبار رجال فارس او التجار، كمان من حق عامة الشعب، من رعاة الأغنام والبياعين البسطا للحدادين والمزارعين، مينفعش يبقى في تفرقة بناء على المستوى الاجتماعي، وكمان الراجل اللي يرفض مشاركة مراته مع الغير هيتحاكم ويتع.دم فورًا! والست ملهاش رأي، لو راجل اختارها واتمنعت من حق اللي اختارها يعمل فيها اللي عايزه حتى لو قت.لها لإنها بكده تبقى متمردة، عدوانية، عايزه تعكر سلام الشعب الفارسي وتهدم النظام الإنساني المثالي…
الخطبة دي بقى معجبتش ناس كتير لكن برضه عجبت ناس كتير تانيين، الموضوع كان صادم وجديد، عشان كده رجالة وستات اعترضوا، مرضوش إن شرفهم ينتهك بالشكل ده ومقتنعوش بتبرير “برجيس”..
على الناحية التانية، في بشر بطبيعتهم منح.رفين، اللي بيقيدهم بس هي القوانين والخوف من العقاب، أول ما الحواجز دي تتشال بيطلقوا الحيوان اللي جواهم، بيبقوا من غير شرف، من غير رادع، من غير ضمير، أو بمعنى اصح بيشيلوا القناع لإنهم من الأول من غير ضمير، اللي كان ناقصهم بس هي الفرصة…
عشان كده الفئة التانية أيدت “برجيس” وقوت من شوكته، دعموه لمصالحهم الدنيئة، والفئة اللي كانت بتستنكر أوامره اتداس عليهم…
في يوم كنت يدوبك لسه قايم من النوم، الشمس مكنتش لسه قوية كفاية، اتفاجأت بشاب بيجري ناحية الكهف، بيقرب مني وبيستنجد بيا…
بيكلمني بصفتي، عارف أنا مين! أنا مكنتش غير مرئي زي ما أنا متخيل، في اللي عارف هويتي وعارف إني قاعد في الكهف، المهم إن الشاب ده قصدني أنا بالذات عشان أنجده، قال إنه أمه كانت خارجة للسوق ويدوبك أول ما رجعت البيت لقوا حد اقتحم المكان وشدها، وكان عايز يتعدى عليهم، راجل كان متابعها من السوق ومشي وراها لحد البيت، الراجل كان قوي جدًا والأب ضعيف والشاب كمان مش قادر عليه، مش قادر يحمي أمه، والمصيبة إنهم لما استنجدوا بجيرانهم، عدد منهم هاج.موا المعتدي وكانوا خلاص هيغلبوه لولا إن عدد تاني ظهر وبدأوا يضربوا في المدافعين، وقالوا إن الراجل من حقه يعت.دي على الأم، دي تعاليم “برجيس” ولازم يلتزموا بيها ، والشاب ملقاش غير إنه يجري عليا عشان عارف موقفي وإني مش مقتنع بالتعاليم الجديدة.
جريت معاه وأخدت سي.في ، نزلنا من الجبل وتخطينا الساحات الفاضية ووصلنا للعمار، لكن البيت كان هادي…هادي أوي، في زحمة، بس الكل كان ساكت…
السكوت ده مكنش سكوت يطمن، مش كل الهدوء سلام…
“يتبع”
“الجزء الثاني”
دخلنا البيت ولقينا جث.ث مترمية على الأرض غرق.انة في د.مها، منهم جث.ة الأب والأم اللي جسمها مكشوف وواضح إنها قبل ما تتق.تل اتعرضت للاع.تداء، الولد خر على ركبته وفضل يبكي بح.رقة، أما أنا فحسيت بغض.ب رهيب، بركان انفجر جوايا، زعقت في اللي موجودين، سألت عن الراجل اللي اتع.دى على الست، كان من ضمن المتفرجين، وشه منتفخ، عنيه مش باينين من الد.م اللي بي.نزف منهم والورم، بس على وشه كانت ابتسامة انتصار وفخر، مسكته من رقبته وغرزت السيف فيه…
في المشهد ده محستش إن الست اللي لا حول لها ولا قوة هي بس اللي تم الإعت.داء عليها، دي مملكة فارس كلها، شرف الضحية من شرف فارس اللي اتمرمغ في التراب…
بعدها خرجت السيف تاني منه وفصلت راسه عن جسمه، وشلت الراس ولفيت بيها وأنا بقول بتحدي:
=أهو ده مصير أي حد يعمل عملة زي دي بعد كده، ومش بس اللي هيتع.دى على الستات، اللي هيتع.دى على أرض مش بتاعته أو فلوس مش ليه أو أي حاجة مش ملكه، تعاليم “برجيس” مش هتمشي في مملكة فارس، و“برجيس” نفسه هجيب راسه على طبق وأبسط خادم عندي هيمشي بيها في كل مكان في المملكة يفرجها للناس وبعدين هتتعلق على سور قصرنا…
الناس كانت بتشهق، بتحط إيديها على بوقها، أنا مش بس تحديت “برجيس” المبارك أنا كمان بخالف أوامر النار المقدسة، أنا كده مه.رطق…
رجعت على الكهف، بس كنت ناوي اليوم اللي بعده أرجع على القصر من تاني، لازم كنت أواجه وأدف.ن سلطة اللي اسمه “برجيس” حتى لو ده معناه ح.رب، لو معاه جيش كامل، ولازم كنت أفوق ابويا من الوهم اللي عايش فيه..
مكنتش لسه الشمس غابت للآخر ومع ذلك اول ما دخلت الكهف الدنيا قلبت عتمة، من كتر ما الكهف غويط يستحيل خيوط النور كانت تتسلل جواه، فضلت صاحي ساعات، كنت في قمة حزني، حاسس إني بقيت شيخ، زاهد للدنيا وكل أشكال الحياة، برغم العرض البطولي اللي قدمته قدام الناس، والإعد.ام الفوري للمت.عدي إلا إني كنت جوايا مهزوز، والحقيقة مش واثق إني هقدر على اللي إسمه “برجيس” وبير الش.ر اللي رفع غطاه وأطلق اللي جواه في مملكة فارس…
وبعد شوية مبقتش لوحدي!
كنت سامع نفس جنبي في الكهف، نفس تقيل، سخن، مديت إيدي لكن مكنش في حد، بس أنا متأكد، في وجود كان معايا، وأخيرًا استسلمت للنوم بالهدوم اللي كانت متلطخة بالد.م واللي مغيرتهاش…
صحيت وأنا حاسس إني مش مرتاح، مش عارف إيه السبب بالظبط، غير طبعًا الكارثة اللي احنا فيها، لكن أنا بتكلم على الليلة نفسها، يجوز كابوس، لكن مش فاكره، مش فاكر أي تفاصيل عن نومي أو أي حلم شفته…
كنت حاسس بألم في منطقة المعصم في إيديا الاتنين… خرجت للكهف والنور كان قوي بزيادة ، بتلقائية حركت راسي عشان اتفاداه لإنه حرق عنيا وساعتها شفت…
إيدي الاتنين كانوا مجروحين، الجرح كان غزير، كإني كنت مربوط جامد بحبال متضفرة!
مكنتش قادر أمشي، استأذنت واحد من السكان القليلين حوالين الجبل في الفرس بتاعته ووعدته إني هرجعهاله، ركبتها وانطلقت على القصر…
أبويا مكنش فرحان لما شافني، اللي قاله:
-إيه اللي جابك؟ كان لازم تختفي بعد العملة اللي عملتها!
=عملة؟ أنا اللي عملت عملة؟
-أيوه ق.تلت راجل كان بيطالب بحقه.
=حق إيه؟ هو إحنا في أنهي زمن؟ ميزان الحق والصح والغلط اتبدل ولا إيه؟ ده اتعدى على ست وقت.لها وقت.ل جوزها وهو وأتباعه عملوا مج.زرة، ق.تلوا كل اللي وقف قصادهم.
-مش الستات من ضمن الأملاك؟ والأملاك مشاع ما بين رجالة فارس؟ وأي راجل من حقه يطلب اللي عايزه في الوقت اللي عايزه؟ وعشان اتحدوه ووقفوا قدام مطالبه اللي هي من حقه قت.لهم وده برضه من حقه، دول انتهكوا حقوقه.
=أنت هتكف.رني بالنار المقدسة نفسها، لو هو ده منهجها، تبقى مش مقدسة ولا حاجة.
اتنفض من كرسي العرش، وحط صوابعه على بوقي، كان مرع.وب عليا، وشايف إني قلت كلام زود من موقفي اللي مش ولابد.. أول حاجة لاحظتها لما قرب هي ريحته البش.عة ومنظره البائس، ده مكنش منظر ملك أبدًا، ولا منظر بشر سوي، هدومه مش نضيفة، دقنه مش مهندمة وكمان في… رسوم على جسمه، رسوم بش.عة في أماكن كتير، رسم للنار المقدسة ورسومات خلي.عة لستات، أما أكبر رسمة كانت لبرجيس..
الملك اتهوس ببرجيس ورسم وشوم على جسمه وواضح إنه مبقاش يستحمى، ده غير ريحة بوقه اللي لا تطاق لإنه أكيد مبقاش بيسيب الكاس وعلطول بيشرب خمور…
الملك “إيفان” رفع راسه كإنه انتبه لحاجة، وكمان كل الحضور، بقوا يوسعوا لحد، وسمعت صوت خطوات جايه من بعيد…
الحاكم الحقيقي وصل، “برجيس”…
قعد على كرسي جنب كرسي العرش، أنا أعرف ليه مقعدش على كرسي العرش؟ ما أنا وهو وكل الناس عارفين إنه هو الحاكم الفعلي وابويا “إيفان” بقى مجرد دمية في إيده يحركها زي ما هو عايز، لكن أهو العرض التمثيلي كان مستمر..
بصلي بتحدي وشماتة وبعدين قال بنبرة حنونة:
-عايز اعرف يا ابني، أنت ليه عد.و الحياة؟
=أنت اللي عد.و، أنت عد.و فارس وبتسعى لخ.رابها.
نزل من على كرسيه واتقدم ناحيتي ببطء، شبك إيديه ورا ضهره، فضل باصص ليا شوية من غير كلام وبعدين قال:
-أنت نموذج لكل العقد البشرية والانح.طاط، كار.ه للتغيير والإنسانية والحرية، بس مهما عملت التغيير موجات مش بتتقاوم، مفيش حاجة هتقف قصادها، مش فاهم اللي زيك دماغهم شغالة إزاي، إزاي تكره الفلوس تتوزع ما بين الناس؟ ميبقاش في فقير، والغني يتحرر من قيوده، من مخ.اوفه على فلوسه وملكه، الكل يتشارك الستات والمتعة تعم وتبقى في عرض مستمر ليل ونهار، من غير قيود زي منظومة الجواز والشكل الاجتماعي والتقاليد، أي حد يعمل اللي عايزه في أي مكان واي وقت، زي ما رغبته توديه، حتى الستات…الست دلوقتي بقت بتدوق من كل كاس، مبقتش تحت سطوة راجل واحد، تقدر تاخد اجازات وترجع لمسؤولياتها وشرفها مبيتقاسش بمساس جسمها…
ضحكت باستهزاء وقلت:
=تحرر؟ احنا فعلًا أحرار؟ طب واللي مش عايز؟ اللي عايز يفضل محافظ على التقاليد، الست اللي مش عايزه تُنتهك والراجل اللي مش عايز يشارك مراته؟؟ ولا في دي مفيش حرية؟
-لأ ده رجوع لعصور مظلمة وتعدي على الحريات وهدم للمتعة، أنا جايلكم بعقيدة تحرركم، تحارب الكبت الج.نسي والرغبة الأنانية في التملك والسلطة.. عشان كده اللي يحاول يخالف التعاليم ويمتنع عن المشاركة، والست اللي ترفض راجل يستحقوا العقاب…
بعدها أمر اتنين عساكر جروني لحد السجن واتقفل عليا الباب
منافذ الهوا كانت صغيرة أوي، كنت مخ.نوق، مش قادر أتنفس كويس، الزنزانة ضيقة عليا والقيود النفسية أضيق وأضيق، كنت حاسس إني وحيد، مفيش غيري على الأرض، يا ترى أنا صح ولا غلط، معقول كل دول غلط وأنا بس اللي صح؟ القائد، والنار المقدسة والملك، وأتباعهم، كل دول غلط؟
لكن لأ، أنا مكنتش لوحدي، في غيري معترضين، وشايفين إن ده مش تحرر، ده انح.طاط وإهانة للبشرية، وإننا بالتعاليم دي هنبقى حيوانات أو أقل كمان، والدليل على ده الناس اللي دافعوا عن الست وجوزها ومنهم ما.توا وهم بيدافعوا عنهم، في لسه عندهم نخوة ووعي، أنا مش لوحدي…
فات يوم والتاني، وبعدين بطلت أعد…
مبقتش عارف أنا قضيت كام ليلة جوه الزنزانة، من وقت للتاني في حد كان بيفتح الباب ويقدملي وجبة أو ياخدني ونروح لدورة المية وأرجع علطول لضلمتي وسج.ني…
لحد ما وش جديد طل عليا في يوم…
“برجيس”…
كان ماسك شعلة، قرب مني أوي ووقف وباب الزنزانة اتقفل علينا…
-كل ده ممكن يبقى مجرد كاب.وس، إيه رأيك في اللي يصحيك من النوم، وتلاقي حياة أحسن من حياتك لما كنت أمير..
=أنا لسه أمير!
-إسمعني بس وبطل عند، أنا عارف إن جواك واحد محبوس، مستني الفرصة عشان يطلق كل رغباته المدفونة، يعمل ما يحلو له وقت ما يحلو له من غير حساب، مش ده بذمتك حلم كل إنسان؟
=كل إنسان من.حرف.
-كل إنسان سوي، بيقدر الحياة وبيقدسها، أنت مستنيك الإع.دام عشان قتل.ت روح بريئة، كل اللي عايزاه تمارس حقها وتغرف من المتعة اللي من غير حدود، لكن ممكن ده يتغير، ممكن تعيش، لو خضعت ليا وركعت قدامي في حضور الناس..
بصيت الناحية التانية، دموعي كانت بتنزل من غير تحكم مني…
-متبقاش عنيد، مركب التغيير هلت خلاص، وبيك من غيرك هتمشي، إحنا لسه سايبينلك مكان، المستقبل بيبدأ من دلوقتي…
برضه مبصتش ليه ومردتش…
-هاه، أنت حر…
لف وراح لحد الباب
لاحظت إن في تشويش لصورته وده بسبب ضل لازق فيه، شفت ضهرين مش ضهر واحد، “برجيس” مشي وقفل الباب، والضل فضل…
المفروض الدنيا عتمة ومكنتش أشوفه، بس كنت شايفه وكان واضح كمان…
ضل بنفس مقاييس “برجيس” بالظبط، نفس طوله وعرضه، فضل مديني ضهره ومتوجه لباب الزنزانة وبعدين لفلي وبدأ يمشي ناحيتي!
خطواته كانت تقيلة ومزعجة، صوتها رهيب كإنها صوت خطوات وحش ضخم، كنت شايف ملامح “برجيس” لكن متوحشة، مرع.بة أكتر بكتير، وصل لعندي وتنى ركبته وفضل يقرب وشه من وشي، لعابه سال على الأرض، أنفاسه كانت بش.عة شبه أنفاس الكلاب، غمضت عيني، شفايفي كانت بتترعش وفضلت حاسس بوجوده لوقت طويل…
…………………………..
وجه يوم المحاكمة…
مشيت لحد ساحة كبيرة متجمع فيها عدد مهول من الناس، شفت الجلاد جي عليا، ده مش نفسه الجلاد اللي كان بيعدم المج.رمين قبل كده، كان جلاد جديد، ضخم، ملامحه جامدة، كافية ت.موت المحكوم عليه من الر.عب قبل ما الحكم يتنفذ…
رفع سيف مشفتش في حجمه، النصل بتاعه كان بيلمع تحت ضوء الشمس، أحد من أي سيف تاني على أرض فارس، السيف اتصنع مخصوص عشاني، عشان اتع.دم بيه..
ما بين لحظة والتانية راسي كانت هتتدحرج وسط الناس، ومعرفش مصيرها كان هيكون إيه، هتتعلق على أنهي باب ولا تتقدم على أنهي طبق..
صحيح، أنا مقامي إيه؟ راسي هيعاملوها إزاي وهيودوها فين؟
لكن في اللحظة اللي الجلاد بينزل بالسيف على رقبتي، “برجيس” ظهر، هلل وعمل دوشة، أمر الجلاد يبعد السيف عني…
بصلي بصة خاطفة وبعدين بص للحشد وقال:
-إحنا مش وح.وش، مش بنتلذذ بم.وت الآخرين، حتى لو كانوا مج.رمين..
بعدها بص بسرعة ليا بخبث ورجع بص للناس وكمل…
-اه، يستحق الم.وت عشان حارب واحد بس كان عايز يعيش، قت.ل البراءة والحرية وحب الحياة، عشان كده ده بيمثل كل شيء شي.طاني، ش.ر مطلق، لكن موته مش هيزود ولا هينقص مننا، هو اتحاكم خلاص، تهمته اللي هي عار ثبتت عليه وبقت وصمة هيعيش بيها طول عمره، لكن أنا قررت أعفو عنه، عشان أنا قوي، وموقفي قوي، وأعز ما عندي، شعلة الحياة، عايز اشاركها معاه، عايز اشاركه الهوا اللي بتنفسه، أصل ده مش هينقص من نَفَسي ولا هيزاحم مساحتي، يا أمير “أنفار”، عفوت عنك…
وياريتني كنت اتعد.مت.,.
موقف “برجيس” بقى أقوى، ناس أكتر آمنت بيه والتفوا حواليه، بالطريقة دي بان إنه إنسان متسامح، رسالته السلام والسماحة والحب، إزاي الناس كانت هتقتنع إنه شي.طان متجسد في صورة إنسان؟ إن نواياه خب.يثة وإنه محترف، عارف إزاي يلعب كويس، متحكم وذكي لأبعد الحدود…
لا وكمان إيه، ده تفضل وسمحلي بليلة أخيرة أقضيها في القصر، في أوضتي، قبل ما اتنفي للجبال، للكهف اللي كنت عايش فيه مدة…
مكلمتش حد من ساحة الإع.دام لحد أوضتي، كنت شايف ابويا بطرف عيني، عينه مليانة دموع، فرحان إني عشت وحزين عليا، وأمي اللي جت تجري عليا وحضنتني وانا معملتش أي رد فعل لحد ما سابتني وخدم كتير، منهم اللي كانوا قريبين مني قبل كده، وإخواتي، تجاهلتهم كلهم وطلعت للأوضة…
عديت من قصاد المراية، مرضتش أقف وأبص فيها، مش قادر أواجه نفسي ولا أشوف انعكاسي، أنا مبقتش عارف نفسي، كل حاجة اتلخبطت ، المباديء اتشقلبت، حتى الزمن وقف أو بقى يمشي بالعكس، مبقتش واثق، في أي عالم أنا عايش، في أي كون وأي كوكب، نايم ولا صاحي، بحلم ولا ده واقع…
لكن اللي غير رأيي هي بقع الد.م اللي لمحتها على قميصي في المراية…
رجعت تاني خطوات لورا، لفيت وبصيت في المراية، دي فعلًا بقع د.م، البقع كانت في منطقة الرقبة، داير ما يدور…
قلعت القميص، لقيت خط حوالين رقبتي، خط د.م، ولسه كنت بن.زف!
كإن…كإن في س.لاح حاد مر على المنطقي دي، سيف مثلًا؟؟
كنت شاكك، بس في اللحظة دي اتأكدت، في كيان بيساعد “برجيس”، كيان مش بشري، قوى مظل.مة، الكيان اللي بشوفه ملازم ليه، اللي كان معايا في الكهف وفي الزن.زانة، كيان بنفس شكله وملامحه، بس معرفش مين فيهم أخ.بث من التاني، “برجيس” ولا ضله…
رجعت تاني يوم الجبل، قمت قبل ما الشمس تطلع، مكنتش عايز أشوف حد، لا مستحمل وداع ولا عتاب، ولا أي نوع من المشاعر والتصرفات..
خرجت والكل نايم ورجعت كهفي، الكهف اللي بقيت أحس فيه بالأمان أكتر من القصر ومن أهلي…
لكن مقدرتش أقاوم، بعد كام يوم نزلت من الجبل وأنا لابس التوب اللي بيخبي وشي عشان أحضر خطبته، برضه، برضه كنت عايز أعرف أكتر عنه، عن اللي بيدور في دماغه…
المرة دي نص الخطبة كان:
“الحب ملوش شكل معين، أنا بتكلم عن العشق، العشق الحقيقي ملوش قوالب محددة، مش لازم يبقى ما بين زوج وزوجته، مش لازم نقيده في المنظومة دي، عقد اجتماعي والتزامات…ممكن يبقى برا إطار الجواز، لإنه أصلًا بييجي من غير ميعاد وإلا ميبقاش هوى وعشق، مينفعش المشاعر الجميلة دي تخضع لخطط، في الأول احتفال، وناس تشهد وبعدين بيت وشغل وشقى للراجل وتنضيف بيت وطبيخ للست وعيال لازم ييجوا، ده إسمه خطة مش حب، وبعدين ليه لازم يبقى راجل وست؟ هو الحب ليه قاعدة، هو ده كمان نكبته ونشكله حسب عُقدنا والموروثات بتاعتنا؟؟ ما ممكن تقع قي حب واحد من نفس جنسك، ليه لأ، ليه تكبت المشاعر دي، وليه الأخ ميقعش في هوى أخته والأب ميقعش في هوى بنته، ليه نحاكم الحب ونحب.سه ونعد.مه، بدل ما نطلقه زي الطيور المهاجرة اللي متحبش تتحط في أقفاص؟”…
خطوات…خطوات…
من خب.ثه بدأ الخطب بتاعته بإسلوب معين جر بيه رجل الناس، مقلش كل اللي عنده مرة واحدة، كل لما الناس تقتنع أكتر، تؤمن بيه، كل أما يطلع بشاعات أكتر، تبان في عيونهم جواهر وحكم!
بقى الحب ملوش شكل معين وبيتقيد بمنظومة الجواز؟ وينفع حد يحب من نفس جنسه، ويبقى في علاقات ما بين الإخوات والآباء وولادهم؟ الراجل ده جمع كل شرور الدنيا فيه، ياما نفسي أعد.مه بإيدي، هو ده اللي أنا مؤمن بيه، إن الرؤية دي هتتحول لواقع في يوم من الأيام برغم إنه يبان مستحيل…
هي دي القشة اللي هتخليني أتمسك بالحياة، تحقيق الرؤية…
بس أنا معملتش حاجة، مسعتش عشان أحقق الرؤية، ولمدة سنة كاملة فضلت منعزل في الجبل، بطلع وأخرج من الكهف، عايش على رعاية الأغنام والزراعة، زيي زي السكان القليلين اللي عايشين حوالين الجبل…
الفرق بس إن هويتي مبقتش سر، جيراني عارفين إني الأمير، يمكن ده سبب المعاملة الطيبة اللي شفتها منهم، ويمكن بسبب موقفي من الن.صاب اللي حاكم فارس بالتعاليم المن.حرفة، أظن إنهم كانوا شايفينه شي.طان زي ما أنا شايفه ورافضين تعاليمه ومتعاطفين معايا
“يتبع”
“الجزء الثالث والأخير”
اللي خلاني أرجع للعمار تاني، الخادم اللي طلعلي الجبل…
خادم من اللي كانوا مقربين ليا في القصر، بلغني إن في حدث عظيم، وإن ناس كتير موجودة في القصر عشان الملك هيعمل إعلان مهم وسط أجواء احتفالية…
يا خوفي!
بس قبل ما يمشي قال لي على حاجة تانية… حذرني من مناظر هشوفها في الطريق للقصر، بس المفروض متخضش، ده جزء من فعاليات، ومفيش خط.ر على فارس…
الحقيقة الكلام اللي قاله خو.فني مطمنيش، إيه اللي هشوفه في الطرقات وممكن أفهمه غلط، إيه هي الفعالية، وإيه الإعلان اللي الملك هيعمله؟
اتحركت بعد ما مشي بوقت…
أول ما وصلت للعمار اتشل.يت مكاني، رجلي مشالتنيش، وده لإن الطرقات كانت مليانة ج.ثث!
وفي نهر جاري من الد.م، روايح رهيبة من كم المي.تين المقت.ولين بطريقة بش.عة…
الأغرب والمر.عب أكتر إن المارة كانوا ماشيين وسط الج.ثث وعليهم، كل واحد رايح لمساره وبيشوف مصالحه ولا كإن..
هم شايفين الجث.ث أصلًا ولا ده من تأثير الصدمة ولا إيه؟
هو إيه اللي حصل؟ غزو؟ ح.رب؟ فتنة؟
وقفت واحد من المارة وسألته:
=إيه اللي حصل هنا؟
-نعم؟
=في ح.رب ولا إيه؟ حد من أعد.ائنا غزوا المدينة؟
-حر.ب إيه؟ مبقاش في حر.وب خلاص، إحنا بنعيش أزهى عصور السلام.
=أزهى؟ أمال إيه كل الد.م ده والأش.لاء، الأم.وات دول حصل فيهم إيه؟
-أنت مش عايش هنا؟ ده الطقس!
=طقس إيه يا راجل أنت؟ ما تقول الكلام على بعضه، هتقعد تنقطني.
-ده طقس التحرر، “برجيس” جمعنا عند النار المقدسة من فترة وقال إن الوح.شية والقس.وة مصدرهم الكبت، منع نفوسنا من ممارسة المتع اللي بنشتهيها، عشان كده قرر يخصص يومين، اللي هم اليومين اللي فاتوا لإطلاق الغرايز والرغبات، أي حد نفسه في حاجة يعملها، من غير حسابات لعواقب ونتايج، عشان نفوسنا تهدى ونحس بإشباع وفارس يعمها السلام..
=طقس التحرر؟ اه، فهمت ومن ضمن الغرايز غري.زة الق.تل مش كده؟ ودي أول غريزة تتطلق لما الإنسان يلغي عقله ويجري ورا شه.واته، عشان كده كم الجث.ث دي، مجز.رة، الكل بقى ماشي يق.تل في الكل..
-نق.تل، بعدها نعت.دي على الج.ثث ونع.تدي على الأحياء، نع.ذب، نتجمع في فرق ونعمل مصايد، نخوف الفريسة ونشم ريحة خوفها قبل مو.تها، لعب كتير ومتعة تفوق الوصف، “برجيس” هو المخلص بجد، هو القائد اللي كل البشر محتاجينه، مش كده؟
كنت واقف في بقعة فاضية حواليا دايرة من الج.ثث حواليها دايرة أكبر من الج.ثث حواليهم دايرة أكبر وأكبر، وفي الأفق ج.ثث مرصوصة فوق بعض، ووراهم خيالات!
مش بشر، خيالات بتتحرك جامد، كإنها بترقص وبتحتفل، متهيألي أنا بس اللي كنت شايفهم، زي ما أنا بس اللي شايف الخراب وشايف الناس اتحولت وحوش وهم شايفين نفسهم أجمل المخلوقات، نفوس حرة، تفعل ما يحلو لها…
مكنش قدامي غير إني أتقدم، معرفش إذا كنت هستحمل مفاجأة تانية، بس لازم كنت أفهم إيه هو الإعلان اللي ملك هيقوله…
كنت بمشي بالعافية في القصر من الزحمة، الريحة كانت بشعة برضه فيه، الناس بقت مهملة في نضافتها، غير الد.م اللي مغرق أتوابهم، مهم دول أكيد شاركوا هم كمان في الطقس…
لما أبويا شافني هلل…
-“أنفار”، إيه المفاجأة الحلوة دي، يسعدني إنك هتحضر كلمتي، في حدث عظيم جي…
مردتش، مشيت معاه لحد كرسي عرشه ووقفت جنبه…
قام ورفع كاسه وقال:
-“برجيس” قرر إنه يباركني ويبارك القصر والأسرة الملكية، المتبوع، المخلص طلب مني أشاركه مراتي! ده شرف عظيم، عظيم، قال لي إني لازم أكون قدوة لكل سكان فارس، لو الملك مشاركش ملكه يبقى منافق، أنا سعيد إني هنول الشرف ده، شرف مكنتش أتخيل إني أستحقه…
=مين دي اللي هتشاركها مع النص.اب، “أمي”؟ بتتكلم عن أمي؟
بتلقائية لفيت بعيني بدور لحد ما عيني وقعت على أمي، كانت قاعدة على الأرض! مش على الكرسي بتاعها ولا على أي كرسي، كانت قاعدة وداف.نة راسها في حجرها، مقهورة…
-أنا مش باخد رأيك يا كا.فر، يا خارج عن الأعراف.
=أنهي أعراف؟ بقى دي أعرافنا؟
-أيوه أعرافنا من ساعة ما شوفنا النور، أنت ليه بتكره الحياة يا إبني، وعايز إثبات إيه أكتر من إن النار المقدسة اتكلمت وأمرتنا بإتباعه؟
أديته ضهري وبدأت أكلم الناس بنبرة حماسية:
=يا ناس فوقوا، فين الشهامة والشرف، أموال وستات إيه اللي نشترك فيهم؟ اه إحنا ملزمين نفكر في غيرنا، نستغنى عن جزء من فلوسنا وخيرنا لغيرنا، ونفتح بيوتنا للي معندوش بيت، لكن ده ميبقاش غصب عننا، تبقى بلطجة وسرقة، وبعدين إزاي شايفين التحرر والتطهر في إننا نسفك الد.م ونطفي أرواح بني آدمين، والستات، بتشاركوا ستاتكم؟ فين غيرتكم وشرفكم، بقى دي عقيدة، شغلوا دماغكم!
“برجيس” ظهر أخيرًا والناس بقت توسعله… قال بنبرته المعتادة الخبيثة:
-مشاركة الملك لمراته مكنش ينفع تتم كده سكيتي زي المشاركات التانية، كان لازم يبقى حدث نحتفل بيه، كل مملكة فارس تحتفل بيه، عشان كده حددنا يوم، كمان 3 أيام بالظبط، على فكرة في من الحضور اللي اتأثر بخطبتك المعمول فيها مجهود دي، عشان ميولهم مريضة زي ميولك، لكن ميتجرأوش يصرحوا بأفكارهم، زيك كده عايزين يرجعوا لعصور الضلمة والكبت والجهل، عصور الحرمان والأنانية، ولو جتلهم الفرصة هيكشفوا عن نواياهم وجلدهم الحقيقي، لكن ده مش هيحصل عشان النهارده وبكره بتاعنا، كمان 3 أيام هيبقى في احتفال مهيب ويا تبقى جزء منه يا تقعد في كهفك، مفيش اختيار تالت وعلى فكرة أنا صبري كبير أوي بس بالنسبة لك قرب ينفد…
قال جملته الأخيرة وهو بيقرب مني وبيبصلي بتحدي…
3 أيام، 3 أيام بس اللي كانوا قدامي عشان أحاول أنقذ فيهم أمي وشرف مملكة فارس كلها…
خرجت من القصر وأنا راسي مدلدلة وضهري محني من الهم…
وبعد خطوتين بس راسي اترفعت، عيني لمعت، صورته جت في بالي، الحكيم!
حكيم المدينة، كاهن قديم، كان الكل بيلجأ ليه عشان كان معروف بحكمته، لكن مستبعد يكون لسه عايش، ده زمانه عدى التسعين وأنا مسمعتش عنه حاجة من أيام طفولتي، الراجل أكيد م.ات، لكن اهو، مكنتش خسران حاجة، أنا عارف كويس مكان المسكن بتاعه، كل المدينة تعرفه، سيرته كانت بتتجاب كتير قدامي وعرفت منها سكنه…
المكان كان بعيد شوية عن العمار، مسافة نص يوم مشي، يعني كان لازم أتوجه لبيته فورًا عشان معنديش وقت كتير..
كل ما أبعد أكتر عن العمار كل لما أحس بوجود معايا، والوجود بيتركز وبيبقى واضح أكتر، لكن كل أما اتلفت ملقيش حاجة، بس أنا متأكد، في كيان بيتبعني، وقفت عند شجرة، سندت ضهري عليها، مكنش فاضل كتير على المسكن، لكن جسمي كان تعبان واحتجت أسند على الشجرة شوية…
المرة دي إحساسي بالكيان كان أقوى، كان ورايا مباشرة، خيال إسود، شفت إنعكاسه على الأرض قدامي، طول وعرض “برجيس”، القري.ن بتاعه!
اتلفت بسرعة، عايز القطه لكن ملقتوش… صرخت بأعلى صوتي وده لإني اتلدغت في رجلي…
بصيت تحت لقيت عقرب بيجري قدامي، لدغني وجري، القرين! هو، اتشكل في صورة عقرب ولدغني، أنا…هم.وت…
مش هصمد، مش هيطلع عليا نهار تاني، وغالبًا مش هقدر أوصل أصلًا لمسكن الحكيم…
ده كان يقيني، ومع ذلك فضلت أمشي ببطء، الدنيا كانت بتلف بيا، كل شوية اقع وأقوم من تاني، لحد ما وصلت لباب المسكن، مديت إيدي وخبطت بالعافية…
مقدرتش أقف بعدها، السما بقت أرض والأرض سما، فقدت التوازن بتاعي ووقعت…
فقت على ضرب على وشي، وش مكرمش، التجاعيد اللي فيه خافية ملامحه، الحكيم!
الحكيم طلع لسه عايش وعنده القدرة يضربني على وشي كمان..
سألني أنا مين وإيه حصل لي، وإيه جابني لعتبة بابه، في الأول حكتله قصة الخيال اللي اتحول لعقرب ولدغني وقلتله إن ده من عمايل “برجيس”، أطلق شي.طانه يمشي ورايا واتحول لعقرب ولدغني…
رد عليا:
-“برجيس”؟ “برجيس” ليه شي.طان بيخدمه؟ ده هو في حد ذاته شي.طان، عامة متقلقش قوم اقعد…
=أنت تعرف “برجيس”؟ وأقوم إزاي؟ أنا اتلدغت، أنا بم.وت..
-لأ، إنت متلدغتش، أنت موهوم! “برجيس” وهمك، أو شي.طانه، هيألك إنه اتحول لعقرب ولدغك عشان يأخرك في الوصول ليا، السؤال بقى ليه؟ إيه قصتك؟
لما قال كده لقيت نفسي بتحرك ومش موجوع، بصيت في رجلي ملقتش أي اثر للدغة…
قلتله إني الأمير “أنفار” وحكيت عن المأساة اللي بنعيشها من وقت لما النار المقدسة نطقت وظهور اللي إسمه “برجيس” والانحلال والقت.ل وأخيرًا اللي هيحصل مع أمي…
الحكيم قال إنه يعرف “برجيس” من زمان، وإنه كان يتيم، محدش يعرف مين أبوه وأمه، ظهر فجأة من العدم، ومحدش يعرف هو اصلًا منين، واتربى مع الكهنة ودايمًا كان عنده أفكار غريبة، منح.رفة، ضد الفطرة والطبيعة، لكن كان بيرجع ويبان مكسور الجناح لما كاهن كبير كان بيعن.فه…
سألته:
=إيه تفسيرك لظاهرة النار المقدسة، إنها اتكلمت لأول مرة وقالت نتبعه؟ وإيه…إيه رأيك في تقديس النار من الأساس، تفتكر إحنا على عبادة صح؟ تعاليمنا صح؟
ضيق عنيه أوي وقال:
-أنت جريء أوي…
بعدين ملامحه ارتخت وفي شبح ابتسامة بانت عليه وكمل:
-أنا مش مقتنع إن النار المقدسة اتكلمت، متأكد إن في حاجة غلط، وبالنسبة لسؤالك عن النار نفسها وإذا كنا على الطريق الصح، فهقولك اتبع قلبك، إسمع للصوت الخفي جواك، هل النار أحق إننا نتبارك بيها ولا قوة أكبر خلقت النار والسما والميه وكل مصادر القوة وكل الكون؟
ضحكتله وقلت:
=طب وأمي يا حكيم؟
-أمرها سهل، أنا هاجي معاك عند الملك ومش هكلمه في أمور العقيدة و”برجيس”، ليا مدخل تاني…
وفعلًا جه معايا لحد القصر وقابلنا الملك…
الملك مكنش مصدق، ده الحكيم بنفسه داخل عليه، واضح إنه هو كمان كان فاكره م.يت.. الحكيم ليه هيبة رهيبة تخلي حتى أبويا يتنفض من على كرسيه..
الحكيم قال له:
-أنا سمعت بالبركة اللي هتحل عليكوا، وأنا مش عايز أنغص الفرحة لكن في أمر واحد قالقني…
-خير يا حكيم..
-من وقت انتشار التقاليد الجديدة والأنساب اتخلطت ببعض، مواليد كتير محدش يعرف آبائهم، افرض ده حصل مع مراتك، افرض حملت، معقول نسب الملوك يختلط بغيره، متبقاش عارف إذا كان المولود إبنك ولا إبن “برجيس”؟
الملك سرح، أول مرة اشوف لمحة، لمحة من وعيه، كإنه فاق للحظة من الوهم اللي كان عايشه…
حواجبه اتعقدت وقال:
-صح، ده مش ممكن يتم، الأنساب مينفعش تتخلط في القصر، لكن…
بصلي بملامح جدية وقال:
-أنا عندي أمر للأمير وأنت هتبقى الشاهد يا حكيم، إحنا هنروح للنار المقدسة ، قبلها هنطلب من “برجيس” ييجي معانا وتحصل معجزة للمرة التانية والنار تتكلم… لو ده حصل، لو اتكلمت، يبقى الأمير لازم يسلم، لازم يخضع لبرجيس ويعترف إنه الأحق بالاتباع وإن تعاليمه صحيحه ومنهجه سليم…
وده اللي حصل، “برجيس” برغم إحباطه وغضبه من إمتناع الملك عن مشاركة مراته بس فرح جدًا بتحدي النار المقدسة، والمصيبة إن النار اتكلمت مرة تانية وأمرتني في حضور الملك والحكيم و”برجيس” إني أتبعه ومبقاش قدامي غير إني أخضع…
كنت على وشك إني استسلم لولا إني أخدت بالي من حاجة…
في حاشية معينة، عدد من التابعين لبرجيس مش بيفارقوه، من البداية وهم معاه، من قبل ما أي حد يتبنى تعاليمه، وفي يوم اصطدت أقرب واحد ليه وأخدته في زنزانة القصر…
هددته إني هم.وته لو مقالش الحقيقة ووعدته إني هكافئه لو اتكلم…
قال:
-النار…النار المقدسة متكلمتش! اللي اتكلم واحد من أتباع “برجيس”…الأرض اللي ورا النار المقدسة ملك “برجيس”، وفي حفرة عميقة قرب حفرة النار، مرشوش عليها شوية تراب تحتيهم شبكة وده عشان الحفرة متبانش، وجواها التابع اللي “برجيس” أمره يتكلم على أساس إنه النار المقدسة!
لأول مرة من وقت طويل روحي تترد لي، ابتسامتي وسعت وحسيت بالد.م بيجري من تاني فيا…
قلت للملك على كل حاجة وخليت التابع الح.قير يحكي قدامه خدعة النار المقدسة، كان هيم.وت فيها، حس بالعار وبالندم لكل العك اللي حصل من وقت ما “برجيس” ظهر وسيطر عليه، مملكة فارس بقت مملكة الغاب، مفيهاش بشر، كرامة الإنسان فيها اختفت عشان الشهوات اللي اطلقها برجيس وشي.طانه…
قررنا نعمل خدعة عشان نقضي على “برجيس” وأتباعه المقربين كلهم اللي كانوا 200 واحد، الحاشية بتاعته والجيش الصغير اللي كان ابتدا يبنيه…
روحت لبرجيس بنفسي وركعت على ركبي، فهمته إني آمنت برسالته وتعاليمه وأني ندمان وعايز أعلن عن خضوعي في احتفال مهيب بحضور الحاشية بتاعته وضيوفه…
استنيته في ساحة من ساحات القصر، ساحة فيها أرض واسعة، أمرت الخدم يحفروا 200 حفرة، الحفرة فيها تسيع بتي آدم واحد، ولما وصلوا الحفلة ابتدت…
الجيش بتاعي حاوطهم من كل اتجاه، وصفيناهم بالسي.وف والر.ماح، ودف.ناهم كلهم، كل واحد في حفرة، أمرتهم إن طريقة الدفن تكون مختلفة عن المعتاد، الراس لتحت والرجلين لفوق بالطول، وخلينا الخدم يخرجوا للساحات بره القصر، يدعوا الناس ييجوا يتفرجوا…
الناس جم من كل مكان وشافوا المنظر، كل التابعين المقربين وفي مقدمتهم “برجيس” بقوا مجرد أجسام من غير روح، من غير حول ولا قوة، وقفت أخطب في الناس اللي حضرت، قلت إن أي حد تسول له نفسه يطلق الوحش اللي جواه تحت مسميات تعاليم وحب الحياة والتحرر من الكبت مصيره هيبقى من مصير “برجيس” وأتباعه، وجه الوقت اللي نرجع فيه لفطرتنا السليمة، وكل راجل يحفظ بيته وماله وشرفه…
عزلت أبويا وأنا اللي مسكت مكانه الحكم، وفارس عاشت أزهى العصور، المشكلة إني في ليالي كتير كنت بشوفه متجسد قدامي، خيال “برجيس” اللي بيفضل يردد “موج التغيير جي جي، هنحرك البشر زي ما إحنا عايزين، وهيفتكروا إنهم هم أصحاب القرار، هم المتحكمين، هنقلب الموازين، الخير شر والشر خير، الطاهر منبوذ، والفاسد روح حرة ليها السلام، المستقبل بيبدأ من دلوقتي”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى