

المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين، ومش كل المكتوب بيرضينا، أوقات بيكون شر، وماحدش يعرف الغرض منه في النهاية هيكون خير ولا أذى، بس أهو في الآخر كله مقدر ومكتوب.
قومت من نومي مخضوضه، بصيت يمين وشمال، بلعت ريقي بخوف، وناديت على أمي بصوت مبحوح، في اللحظة دي باب الاوضة اتفتح ودخل منه أبويا، قرب من السرير وقالي…
-مالك يا نجاة يا بنتي؟ ايه اللي مصحيكي مفزوعة كده في عز الليل؟
-هي أمي فين؟ ناديلي عليها، خليها تيجي تقعد جنبي وتنيمني زي امبارح، أنا بشوف كوابيس كل ما عيني تغمض.
-ربنا يكملك بعقلك، أمك ايه اللي اناديهالك! أنتي ايه اللي جرالك يا ضنايا؟
– خليها تيجي تقعد جنبي زي امبارح عشان أعرف انام.
-يا بنتي انا مش عارف انتي ايه اللي صابك، امك ماتت وانتي عندك 5 سنين.
-مستحيل تكون ماتت، أنت بتكدب عليا، دي كانت سهرانة معايا وقاعده جنبي هنا على السرير، وكانت بتحكيلي عن اللي كنت بعمله فيها وانا صغيرة، فضلت قاعدة جنبي لحد ما روحت في النوم لكن لما صحيت مالقتهاش.
-واللي خلق الخلق أنا هتجنن، يا نجاة امك ميته من وانتي عندك خمس سنين، ودلوقتي كلها كام شهر وتكملي ال18 هاترجع من الموت ازاي؟ قولي كلام افهمه، ده أنا اللي دافنها بايدي يا بنتي.
حسيت ساعتها انه بيقلل مني ومفكرني مجنونة، عشان كده مابقتش احكيله حاجه من اللي بتحصلي وبسكت، مع ان أمي كانت بتجيلي من وقت للتاني وتقعد معايا، وفي يوم رجعت البيت من عند عمتي وأنا مخنوقه، وده لان طبعا بنات عمتي كانوا بيتريقوا عليا لما بحكيلهم الكوابيس اللي بشوفها، في الفترة دي كنت حاسه اني ماليش ضهر ولا حد احكيله ويسمعني من غير ما يتهمني بالجنون، نظراتهم ليا ماكنتش مريحاني ابدا، وعشان كده بقيت اتجنبهم، قعدت في البيت لا بقيت بخرج ولا بكلم حد، ومع اول عريس اتقدملي وافقت، رغم اني ماكنتش عايزة اتجوز ولسه صغيرة، بس وقتها فكرت اني ممكن كده ابقى بهرب من اللي بيحصلي، ابويا كان مستغرب من موافقتي، وفكر اني أعرف العريس من قبل كده، واما اتاكد ان ماليش علاقه بيه لا من قريب ولا من بعيد.. وافق وتمم قراية الفاتحة، وبعد قراية الفاتحة العريس مشي على بيته، دخلت اوضتي وكنت حاسه ان الدنيا اخيرا بتبتسملي، غيرت هدومي واترميت على السرير، غمضت عينيا وكلمته شوية قبل ما انام، ماعرفش انا قفلت معاه امتى ولا نمت ازاي، بس لما صحيت الصبح، لقيته متصل بيا فوق العشرين مرة، رنيت عليه من قبل ما أقوم من السرير، ولما رد عليا سمعت صوته متعصب…
-هو مين اللي كلمني امبارح؟
-هو ايه اللي مين اللي كلمك، ده انا ما اتحركتش من مكاني ونمت وانا بكلمك.
-والاخ اللي كان جنبك؟
– اخ مين، انا ماحدش كان قاعد جنبي.
-انا ليا كلام تاني مع ابوكي، وعمتا مفيش نصيب.. انتي من سكة وانا من سكة.
-انت بتقول ايه ده احنا لسه قراية فتحتنا كانت امبارح، عايز تضحك علينا الناس!
-واللي كان جنبك ومعاكي امبارح مين؟ أنتي مفكراني بقرون!
-اتعصبت لاني ماكنتش فاهمة حاجة من اللي بيقولها، اخر حاجة فكراها اني نمت وانا بكلمه، كلامه فضل يتردد في وداني وهو مستمر في تلميحاته اللي زي الزفت، وفي اللحظة اللي استوعبت فيها انه بيتهمني ان كان معايا واحد، قفلت في وشه التليفون، بعدها على طول طلعت حكيت لابويا اللي حصل، وساعتها هو اللي كلمه وهو متنرفز ومش شايف قدامه، فضلوا يزعقوا قصاد بعض، هو يحلف لابويا ان كان في حد معايا وكلمه وقاله يبعد عني، وابويا يحلفله اني نمت بعد مامشوا من عندنا وماحدش دخل ولا خرح من البيت، وفي الاخر بلغ ابويا ان كل شيء قسمة ونصيب، أول ما ابويا قفل معاه قام ضربني حتة علقة مش قادرة انسى وجعها لحد دلوقتي، ومع ضربه ليا كنت بصرخ وبنادي على الجيران عشان يغيتوني من تحت ايديه، فضل يضرب فيا لحد ما غيبت عن الوعي، ولما فوقت كنت حاسه ان جسمي كله مكسر ومفيش حته فيه سليمه، فتحت عيني نص فتحه وبصيت حواليا، مكنش موجود في الصالة، اتحاملت على نفسي وقومت دخلت أوضتي، اترميت على السرير وفضلت أعيط، لحد ما سمعت جرس باب الشقة، مسحت وشي وطلعت أشوف مين، لقيت واحد جارنا بيقولي ان أبويا وقع من طوله في الشارع ونقلوه المستشفى، ماكنتش مستوعبة اللي بيحصلي، شديت باب الشقة ونزلت جري وراه، وأول ما وصلت المستشفى دخلت عشان أشوفه، الدكتور طمني عليه وقالي ان ضغطه كان واطي بس وركبوله محاليل ودلوقتي بقى أحسن، فضلت قاعده جنبه ولما فاق فتح عينيه وبصلي وقالي:
نجاة يا بنتي أنتي هنا؟
-أنا جنبك أهو، مالك ايه اللي حصل لكل ده يا حج؟
-لما اخرج من هنا لازم أخدك لشيخ معرفة يبص عليكي.
-بس اللي حصل قدامي بيقول غير كده.
-هو ايه اللي حصل يا بابا؟
-لما كنت بتصوتي وانا بضربك، فجأة، وقفتي وزقتيني على الأرض بعزم ما عندك، ولما حاولت أبعدك عني، ثبتيني في الأرض، بعدها فضلتي تزعقي وتصرخي في وشي، كان صوتك متغير وانتي بتهدديني عشان ابعد عنك وما امدش ايدي عليكي تاني، خوفت من شكلك، خدت نفسي وهربت من البيت، ماصدقت اني نفدت بجلدي وماكنتش عارف هارجع ازاي، وأول ما نزلت الشارع سمعت صوتك بيهمس في ودني، كان صوت ضعيف جاي من بعيد..
-ماتسبنيش يا أبا لوحدي في الضلمة دي.
ساعتها ماكنتش عارف أعمل ايه، الدنيا لفت بيا، ماشوفتش قدامي ولا حتى كنت قادر آخد نفسي، وقعت من طولي ولما فوقت لقيت نفسي هنا في المستشفى، بعت حد ينادي عليكي عشان استسمحك ماتزعليش مني، وقولت اني لما اخرج على خير هاوديكي لشيخ يبص عليكي.
-ايه يا أبا الكلام الغريب اللي بتقوله ده! أنا مش فاكرة حاجة منه خالص، كل اللي حصل انك كنت بتضربني وأنا بصرخ ووقعت من طولي، لما فوقت مالقيتكش وبعدها على طول الراجل جه قالي أبوكي في المستشفى.
-مش عايز أخوفك يا نجاة، بس أنا شاكك ان معاكي حاجة يا بنتي، انتي ماكنتيش طبيعية خالص.
-معايا حاجة؟ تقصد ايه بكلامك ده!
-هيبان لما أخرج من المستشفى.
وفعلا مع خروجه من المستشفى ماطلعش على البيت، صمم نروح لواحد صاحب شيخ، كان اسم سيد، أول ما دخلنا عليه خده على جنب وسمعته وهو بيحكيله على اللي حصل، فضلت مرقباهم بعينيا، سيد كان متابعني وماشلش عينيه من عليا، وبعد أبويا ما خلص كلامه قاله…
-واضح ان معاها فعلا حاجة، نظراتها مليانة تحدي وغضب، اللي معاها بيهددني اني لو حاولت أخرجه هيأذيني ويأذيها.
-طيب وايه العمل دلوقتي، أسيب بنتي تروح من ايدي؟
-مش عايزك تقلق ولا تشيل هم حاجة خالص، أنا هاتصرف وهصرفه عنها.
قرب مني لحد ما وقف قدامي، حط ايده على راسي وبدأ يتمتم بكلام ماكنتش فاهمة منه حاجة، جسمي ساعتها اتنفض، وبعدها بص لأبويا وقاله…
-بدأت اسيطر عليه وهاديك أماره، بص في عينيا…
-ارفع ايديك الشمال.
غصب عني لا اراديا لقيت ايدي الشمال بتترفع لوحدها.
ومع رفعتها صرخت من الخضة وأغمى عليا، وبعدها لما فوقت لقيت نفسي نايمة على كنبة عربي وأبويا قاعد جنبي، أول ما خد باله اني فتحت..
-ألف سلامة عليكي يا نجاة، مش قولتلك عليكي حاجة، الحمد لله يا بنتي قدر ولطف، ان شاء الله الشيخ هايساعدك تتخلصي منه من غير ما يأذيكي.
-أنا حاسة اني تعبانة وعايزة أروح البيت، في عرضك رجعني البيت، ساعدني أخرج من هنا.
استأذن من الشيخ ووعده انه هايجبني وقت تاني، طول الطريق كنت سامعه أصوات كتيرة لكن شايفه الناس طشاش من غير ملامح لوشوشهم، بمجرد ما وصلنا للبيت دخلت أوضتي، مددت على السرير وشديت عليا البطانية، مانمتش، فضلت غصب عني أعيط، ماكنتش عارفه أتحكم في نفسي ولا كنت لاقيه سبب لعياطي بالشكل ده، الليل كله اتقضى على الحال ده، وأول ما سمعت آذان الفجر قررت أقوم أصلي، بس كنت حاسه ان في حاجة منعاني، قاومت الإحساس ده واتوضيت، رجعت أوضتي وفردت سجادة الصلاة وبدأت أصلي، وفجأة، باب الأوضة اتفتح، سمعت أبويا وهو بيقولي..
-جرى ايه يا نجاة هو انا مش بنادي عليكي من ساعتها، انتي كويس…
الكلام اتعقد على طرف لسانه، ماكملش جملته، لقيته بيشاورلي على سجادة الصلاة، بصيتلها وبصيتله باستنكار، ماكنتش فاهمة حاجة لحد ما اتكلم…
-انتي بتصلي عكس القبلة، وكمان قالبه المصلية.
حسيت ساعتها بدوخه رهيبه لدرجة اني كنت هقع، بالعافية اتماسكت ورديت عليه…
-ربنا يسامحني، ماخدتش بالي عشان كنت دايخه.
-طيب اعدليها وصلي يا حبيبتي ربنا يهديكي.
نفذت كلامه وبدأت الصلاة تاني، ومع كلمة الله أكبر.. سمعت همس جنب ودني الشمال، كان حد بيقرا قرآن، غصب عني لقيت نفسي بردد وراه، بس ثانية لا الآيات مش بتقول كده، القرآن اللي بيقوله ده غلط في تحريف، كل ما كنت بحاول أوقف ترديد، كنت بحس بوجع وتقل في لساني، الكلام اللي بيقوله بشع، الايات محرفة بشكل يخوف، أنا نفسي مش عايزه أفتكره ومش هاقدر أقوله خوفا على حضرتك والمستمعين، المهم اني وقعت على الأرض وصوت الهمس فضل معايا، ومع وقوعي حسيت ان في حد بيجلدني على ضهري بخرزانه، كأن ضهري كان متعري والضرب بيوجع جدا، غمضت عينيا وحاولت أصرخ يمكن أبويا يسمعني، بس صوتي كان مكتوم، فين وفين الضرب وقف والهمس اختفى، ومع فتحت باب الأوضة عينيا اتعلقت بأبويا اللي دخل، وبمجرد دخوله زعقلي…
-انتي برضه بتصلي غلط.
-لا أنا غيرت..
بصيت للمصلية لقيتها اتقلبت بعد ما كنت عدلاها في اتجاه القبلة، ماكنتش عارفه أقوله ايه ولا أحلفله بمين، هو كده أو كده مش هايصدقني أصلا، رزع الباب بعزم ما عنده وخرج وهو بيبرطم وبيقول…
-عليه العوض ومنه العوض، بتصلي غلط ومش عايزة تتلبسي، هات العواقب سليمة يا رب.
من بعدها حاولت أرجع أصلي، بس يا كنت بقف وأنا بقرا وبنسى اللي كنت بقراه، أو بشوف خيال قدامي لحاجه كبيرة بتتحرك، حاولت مرة واتنين وتلاته.. ولما تعبت استسلمت واترميت على السرير، ومع رميتي على السرير لما ضهري اتخبط في المرتبة حسيت بوجع في ضهري، نطيت من مكاني من الوجع، وقفت قدام التسرحة رفعت هدومي وبصيت على ضهري، وساعتها بلعت ريقي بخوف، ضهري كان مليان خرابيش، نزلت التيشرت بسرعة وقعدت على طرف السرير بالراحة، كنت مخضوضه وخايفه، مش عارفه مفروض أعمل ايه، الموضوع بيتطور بشكل مرعب، مش بيتحل زي ما الشيخ اللي أبويا وداني ليه قال، النوم غلبني من كتر التعب، استسلمت ليه وروحت وأنا عارفه ان اللي جاي هيبقى مخيف أكتر من اللي فات.
المكان كان بارد، في صوت طبل وخبط، حاولت أحرك ايدي وأقوم من مكاني، لكني اكتشفت اني متكتفه، فتحت عينيا، في البداية الدنيا كانت ضلمة ومش شايفه حاجة، لما ركزت واحدة واحدة، بدأت أشوف نور ضعيف في المكان، ومع تركيزي أكتر سمعت صوت أمي، كانت جنبي من على الناحية اليمين…
-شوفي واسمعي عشان تفهمي.
-أما، هو أنا فين؟ ايه اللي بيحصل؟
صوتها اتكتم وبعدها الطبل والخبط صوتهم وقف هو كمان، في باب اتفتح ساعتها سمعت واحدة صوتها غليض بتقول…
-الموت لنجاة بنت عزيزة، أمرتك وليا عندك الطاعة، ماترجعش غير بخبرها، موت، جنون، مرض.
حرارة المكان بقت بتزيد، والريحة اللي كانت ملياه زي ريحة الخشب المحروق، بعدها مسكت ورقه وكتبت عليها حاجات غريبة ماكنتش فهماها، وجابت ديك أسود دبحته من غير ما تسمي وخدت دمه وبدأت تكتب كلام غريب على الورقة تاني وبعدها جابت ابرة وقفل وطرحة كان شكلها مش غريب عليا، حطت الورقه في الطرحة وطبقتها وفضلت تخيط فيها، ومع كل غرزة كانت بتقرأ آية من القرآن بشكل معكوس، في الاخر لما خلصت عملت خرم كبير وحطت فيه القفل وقفلته، وناولته واحد جنبها ماكنش باين منه ملامح، قالتله ادفن العمل ده في المقابر، ومفتاح القفل ارميه في مايه جاريه مش بتقف، ماعداش ثواني وحسيت ان روحي بتتسحب مني، دوخت، غمضت عينيا وفتحتها وأنا حاسه ان ده آخر نفس ليا من كتر الألم، بس لما فتحت لقيت نفسي في أوضتي وعلى سرير، حسست على جسمي بخوف وأنا بقول..
-الحمد لله، الحمد لله.
طلعت لأبويا ودورت عليه في الشقة بس مالقتهوش، فضلت مستنياه لحد ما رجع، ومع رجوعه جريت عليه…
-كنت فين يا أبا؟
-هكون فين يعني يا بنتي، كنت في الشغل.
-طيب أنا عايزة احكيلك حاجة شوفتها، بس سايقه عليك حبيبك النبي ما توديني للشيخ ده تاني.
-وغوشتيني، هو الموضوع ده مااتقفلش؟ انتي لسه بيحصلك حاجات غريبة ولا ايه؟
-اوعدني بس الأول.
-اخلصي يا بنتي، وقعتي قلبي في رجليا.
-بصراحة كده مفيش حاجة اتغيرت من بعد زيارة الشيخ، ده الموضوع بقى ألعن.
-قولي يا بنتي ايه اللي حصل؟
حكيتله كل اللي شوفته، بصلي باستغراب وقالي:
-وانتي مين اللي هايعوز يأذيكي يا ضنايا، وخد حاجة من قطرك ازاي؟ معقول حد من قرايبنا؟ بس ماحدش فيهم بيدخل بيتنا.
-مش عارفة يا أبا، هاتجنن، الطرحة دي كانت عندي وفجأة اختفت.
-طيب أنا هسأل الشيخ على…
-خصيمك النبي ما تسأله ولا تحكيله حاجة، انا مش مرتحاله، قلبي مقبوض من أول ما شوفته، ماتصعبهاش عليا كفاية اللي بعدي بيه وبشوفه طول الليل والنهار.
-بس يا بنتي احنا لازم نتصرف ونلاقي حد يساعدك.
-أي حد الا الراجل ده، أنا مارتحتلوش.
-خلاص يا بنتي مش هغصب عليكي، هاشوف حد تاني وربنا يقدملك اللي فيه الخير، ماتقفليش الباب عليكي بالليل وانتي
نايمة عشان لو جرالك حاجة.
-حاضر يا أبا.
حط الاكل اللي كان جايبه معاه على السفرة، غصب عليا آكل معاه، طعم الاكل كان غريب في بوقي، ومع أول قطمة، جريت على الحمام وفرغت كل اللي في بطني، ولما خلصت غسلت وشي وخرجت، كنت شايفه نظرته ليا اللي كان كاسيها الحزن والحسرة، حاولت أحسسه اني كويسة، قعدت على الكنبة اللي في الصالة، وشوية لما حسيت بالتعب فردت جسمي، كان قاعد على الكرسي اللي قدامي وباصصلي وساكت، فجأة، فضل يكحكح، وقام وقف وقرب مني..
-مالك يا أبا انت كويس؟
ماردش، مد ايده ولفها حوالين رقبتي، كان بيخنقني، زقيته وبعدت عنه وانا مش قادرة اخد نفسي، ومع زقتي ليه وقع على الأرض، خوفت لما لقيت راسه بتنزف، فتحت باب الشقة وفكرت اهرب، لكن هاهرب فين ده أبويا، خبطت على الجيران عشان يلحقوني، ساعدوني ونقلناه المستشفى، وهناك لما فاق أول ما عينيه جت في عيني فضل يصرخ ويقولهم…
-ابعدوها عني، ها تقتلني.. هاتمزتني، دي مجنونة.
الغريب في الموضوع ان اللي حكاه كان عكس اللي حصل، هو اللي قام وحاول يخنقني، مش عارفه ازاي قال اني أنا اللي خنقته، ولما البوليس جه وعملوا فيا محضر قالهم اني دايما أغلب الوقت بقعد أكلم نفسي، ولما بيحاول يتكلم معايا ويفهم بعمل ايه بشتمه وأوقات بهجم عليه، ماكنتش فاهمة أبويا بيعمل كده ليه، مفيش أب ممكن يعمل في بنته كده، ولما وكيل النيابة كان بيحقق معايا حكيتله كل اللي حصل وساعتها شك في قوايا العقلية وحولني هنا، أنا مش مجنونة، أنا عاقلة، أوقات بتوه ومش بحس ولا بفتكر اللي بعمله، لكن مش مجنونة، ممكن أكون ممسوسه أو معمولي عمل زي ما شوفت في الحلم قبل كده، بس مش مجنونة والله.
****
دي كانت الجلسة الوحيدة اللي عملتها لنجاة، فتحت قلبها وحكت كل حاجة، كنت فعلا خلاص اتفقت مع شيخ يجي يبص عليها، وهو اللي يقدر يفيدني لو عليها حاجة قبل ما أبدأ معاا في طريق العلاج النفسي، ماحبتش أحسسها اني مش مصدقها، كنت عايز أديها مساحة أمان اني مصدقها عشان تستجيب معايا للعلاج، خصوصا ان كلامها كان أوقات وبنسبة كبيرة يتسم بالعقلانية، بس للأسف انتحرت، ماشوفتهاش تاني ولا قدرت اساعدها، ماعرفتش أرتاح بعد موتها، كل ما كنت بغمض عيني بشوفها وهي قاعده قدامي، كانت بتبقى ساكتة بس بصالي ويعينها كلها دموع، عشان كده دورت على أبوها وروحتله، حكيتله كل حاجة، لأن المستشفى سلمته الجثة على الدفن ومايعرفش ايه اللي حصلها، يادوب خدها دفنها، وقتها لما عرف انها انتحرت، عيط وقالي وهو متأثر…
-أنا كنت بحاول أحميها، كنت فاكر ان ده الصح، اخترت انها تفضل جوه عشان تبعد عن الشر اللي بره، انا عارف ان نجاة ماكنتش موجودة، بس هم اختاروا يأذوني في ضنايا، أنا نفسي بقى ممكن أأذيها، عشان كده لما فوقت قولت انها مجنونة واتهجمت عليا عشان تتحبس في المستشفى وتبقى بعيدة عنهم.
-بعيدة عن مين؟
-عن اللي حاطينها في دماغهم وعايزين يأذوها.
-وأنت عارفهم وساكت؟
-ماكنتش اعرف مين اللي عمل كده في الأول، بس بعد الحلم اللي شافته والعمل اللي قالت انه معمولها روحت للشيخ صاحبي وحكيتله من وراها، وقالي ان اللي اتعمل مش هيتفك، لازم الخادم ينفذ الطلبات اللي مأمور بيها، أو تتحصن، وبنتي ماكنتش قادرة تصلب طولها وتصلي.
-وانت فاكر ان الجن مش بيدخل المستشفى ومش هايقدر يوصلها!
-أنا مليش في العلام، ومعرفش ايه اللي بيحصل جوه، بس كنت عشمان تحموها.
-مين اللي آذى نجاة وعملها العمل؟
-خلاص يا ابني الموضوع اتقفل بموتها، ربك ستار.
-انت ازاي بالهدوء ده وكمان مش راضي تقول مين اللي آذى بنتك وخلاها تنتحر.
-أنا مش هادي يا ابني، يمكن وشي يبين اني رايق ولا على بالي، لكن من جوايا بتقطع على بنتي، بس ما باليد حيلة، لا الكلام هايفيد ولا السكوت هايريح.
-هو لغز يا عم الحج ماتقول مين اللي عملها العمل؟
-مراتي التانية اللي متجوزها عرفي ومسكنها تحتنا، نجاة ماكنتش تعرف بحاجة من الكلام ده، وأنا نفسي كنت مستغرب ازاي وصلت للطرحة وخدتها قطر، بنت المركوب شدت الطرحة من على الحبل وهي متنشره وخدتها من غير ما حد يحس، وعملت عليها العمل.
-وانت واجهته باللي عرفته ولا لا؟
-قولتلها، كان نفسي تنكر، بس هي قالتلي انها عايزة تخلص منها عشان حامل وهتجيبلي الولد اللي يعوضني عن كل اللي فات.
-وعملت ايه؟
-ماعملتش؟ لأنها حامل، لو انت مكاني كنت هاتعمل ايه؟
-انت ماكنلكش خير في بنتك، اللي خلصت عليها دي بكره هاتخلص عليك.
خرجت من عنده وأنا مش شايف قدامي من الغضب، ماكنش بايدي حاجة أعملها، غير اني أبعتلك القصة من غير ما أقول اسمي، أنا عايزك انت وكل المتابعين تقرولها الفاتحة وتدعولها ربنا يرحمها.
تمت بحمد الله.