نداهة سيوة
١
ساعات قراراتك المُتسرعة بتبقى سبب كبير في موقف صعب هتعيشه، وأنت وحظك بقى، هتطلع من الموقف ده حي، ولا هتكون كتبت شهادة وفاتك بإديك، مع العلم إن الموضوع كله هيبتدي من قرار أنت فاكر بأنه هيكون سبب في سعادتك، ومش أنت بس.. أنت وصحابك، بس في النهاية من الممكن أنك تكون سبب في موت أعز وأقرب الناس ليك، ومن هنا تبتدي قصتي، أو المغامرة اللي أنا عيشتها، ده عن طريق اقتراح بسيطة اقترحته على صحابي المقربين، سمر، عمر، شهاب، أمير.. افتكروا الأسماء دي كويس، عشان دول يبقوا أقرب الأشخاص لي قلبي، لأني من ساعة موت أبويا وأمي، ومابقاش ليا في حياتي غيرهم.. غير صحابي، أنما أنا مين بقى، فأنا مي شاكر، هحكيلكم النهاردة مغامرتي المرعبة مع نداهة الصحراء في أراضي سيوة، تحديدا في قرية من القرى السياحية المتطرفة في الصحراء، واللي بتعتمد على نظام بيئي لوحدها، يعني لا شبكة، ولا انترنت، ولا حتى كهرباء، منك لربنا زي ما بيقولوا، حتى التهوية هناك اعتمادها الأول والأخير على التصميم المعماري للشاليهات اللي معمولة من الطوب اللبن، لكن قبل ما أخش في التفاصيل لازم تعرفوا الموضوع جه ازاي، والبداية كانت منين.
بعد موسم امتحانات طويل، واخيرآ وليس أخرآ خلصت 16 سنة تعليم، قررت أنا واصدقائي اللي عرفتكم بأسمائهم من شويه أني عايزة أسافر، أغير جو.. ماهو مش معقولة حدث زي ده يعدي تعدية الكرام كده، حتى الإحتفال في كافيه من الكافيهات، ولا حتى خروجة على النيل ماكنتش هتكفيني، أنا اللي كان هيكفيني، وهيبسطنى، هو سفرية رايقه، ومش بس كده، ده كمان لازم تكون في مكان مختلف، جديد.. أول مرة نروحه، أينعم المصاريف هتبقى غالية، بس زي ما قولت.. الإحتفال المرة دي لازم يكون مختلف، لغاية ما اقترحت عليهم الإقتراح الملعون، واللي كان سبب في كل حاجه حصلت بعد كده، وهو أننا نروح سيوة، في البداية سمر رفضت عشان المكان هيبقى بعيد، لكني قدرت أقنعها في النهاية، لأن خالتها ماكنتش مهتمه بيها، الود ودها أن سمر كانت تموت وتريح من مصاريفها، لدرجة أن سمر كانت بتيجي تبات عندي أيام بسبب خناقتها المتكرره مع خالتها، لغاية ما سمر اشتغلت وقدرت تصرف على نفسها وتسكن في شقة لوحدها، بالنسبة لأهل سمر بقى فهما مسافرين بقالهم اكتر من عشر سنين، ومن ساعة سفرهم وماحدش يعرف عنهم حاجه، بالرغم أنهم من المفترض كانوا يرجعوا بعد سفرهم بسنة، نحط نقطة عند سمر ونعديها عشان التفاصيل اللي قولتها دي مهمة شويه، أما بالنسبة لباقي الشباب فهما صحابنا من ابتدائي، لدرجة أنهم دخلوا معانا نفس الجامعة، مع اختلاف الكليات، في جامعة القاهرة، ومن هنا بقى نكون كلنا موافقين على السفرية دي، وبالفعل ماستننناش الصبح، وكل واحد رجع بيته جهز شنطته ، بعدها طلعنا على سيوة، وهنا نكتشف أننا كنا لازم نحجز قبل ما نوصل، لأن الشاليهات اللي في القرى كلها كانت محجوزة عدا قرية واحدة هي اللي ماكنتش محجوزة، مش بس كده، ده ماحدش كان قاعد فيها يعتبر، في البداية تخوفنا من المكان وأننا هنبقى قاعدين لوحدنا، لكن لما فكرنا في الموضوع لقيناه هيبقى ممتع، وهو أن المكان كله هيبقى بتاعنا، يعني الرملة كلها هتبقى ملكنا، وهنقدر نعمل اللي احنا عايزينه، لكن الاكتشاف اللي اكتشفناه بعدين كان مريب اكتر، مش هقول مرعب لأنه وارد، بس مريب الحقيقة، لأن كل اللي كان شغال في القرية ستات بس، يعني مافيش أي راجل في القرية غير عمر وشهاب و أمير، لدرجة أننا كنا فاكرين بأنهم هيرفضوا أي شباب يخشوا القرية، لكن لما واحده من العمال والمسئولة عن استقبال أي فوج جديد وقفت معانا واستقبلتنا قالت:
– مساء الخير، أنا شاهندا، المسئولة عن استقبال أي فوج جديد، ومن الواضح انكم شوفتوا ستات بس في القرية وانتم في الطريق، وأنا من هنا بأكد المعلومة أننا عملنا مشروع صغير كستات مع بعض، من غير مساعدة أي راجل، زي مابيقولوا كده الستات مابيعرفوش يعملوا حاجه لوحدهم، بس أحنا قدرنا نعمل مشروعنا البسيط ده.
حاولت اقاطعها واسألها عن أنه عادي وجود شباب هنا، لقيتها ابتسمتلي وقالت:
-عارفه هتقولي ايه، وأه عادي وجود شباب في القرية، بس يبقوا في غرفة لوحدهم، حتى لو زوجين، فكل واحد فيهم يقعد في اوضة لوحده، وكده هيبقى ممتع أكتر على فكره، يعني كل واحد يفك شويه.
قاطعتها وقولت:
-طب متشكرة جدا، احنا لو هنقعد هناخد اوضتين ماتقلقيش.
حسيت وقتها أني سخيفة، لكنها ردت بابتسامة هاديه وقالت:
-تحت أمرك، ممكن تشوفوا تحبوا إيه بالضبط واحنا تحت امركم.
-متشكرة جدا.
خلص الكلام بنا على كده، بعدها أخدنا جنب، عمر اتحمس للموضوع وقال:
-انا شايف باننا نقعد هنا، المكان حلو وكبير، كمان هنقعد لوحدنا مافيش حد هيضايقنا، ولا ايه؟
قاطعته سمر:
-بقولكم ايه، المكان ده مش حلو خالص، أنا شايفه اننا نمشي من هنا، هو في حد عاقل يقعد في قرية لوحده؟
هنا جه رأي أمير اللي خلص الموضوع وقال:
-واديها جات الفرصة، قرية لوحدنا، وبنفس سعر القرية المليانة ناس، يعني مافيش أجمل وأرخص من كده استرخاء، بقولكم ايه، انا شايف اننا جو اون الخطوة الرايقة دي، احنا اتخرجنا وعايزين بارتي مختلفة، فا يلا بينا.
رأيي كان من رأي أمير بالضبط، اما شهاب فكان معانا في أي حاجه، بالنسبالة كده ولا كده الموضوع بيس أوي، من هنا قولت للأستاذة شاهندا اننا عايز اوضتين، بالتحديد شاليهين، لأن كل شاليه هناك بتبقى من دور واحد، وده شيء جامد، و اللي راح سيوة فاهم أنا أقصد ايه كويس.
بالفعل استلمنا مفاتيح الشاليهات بتاعتنا، بعدها كل واحد راح اوضته عشان ننام كام ساعة قبل يوم جديد هنبتدي فيه حفلتنا المختلفة، لكن اللي حصل في الليلة دي كان مريب، بدايته من موقف عمر اللي عرفناه بعدين، او قبله وانا قاعدة مع سمر في الأوضة سهرانين، و بنتكلم شويه عن ذكرياتنا في أربع سنين الجامعة، وعن الدكاترة واللي كانوا بيعملوا فينا من تكاليف و امتحانات تخلي شعر الواحد يشيب منه، وسط ده كله سمعت صوت حد بيمشي قدام الشاليه بتاعنا، ومش مجرد ماشي والسلام، ده كان بيلف حوالين الشاليه بطريقة منتظمة، ومرعبة في نفس الوقت، و الطبيعي ان ماحدش في القرية غيرنا، يعني الشخص ده اللي أنا بتكلم عليه ده مش هيطلع برا الناس اللي شغالين هنا، و اصحابنا اللي جايين معانا، ونيجي بقى لنقطة اصحابنا اللي جايين معانا، واللي منها فهمت أنهم عاملين مقلب فينا بالذات أنهم عارفين اننا بنخاف من ضلنا، يعني مقلب زي ده ياكل عيش معاهم، صريخ ضحك من الأخر.
جمعت الخيوط دي كلها في دماغي عشان أهدي نفسي وماخفش، منها خدت نفس عميق وقولت لنفسي(اهدي يا بت يا مي، جمدي قلبك وفاجئيهم).. فعلا فتحت باب الشاليه وأنا باخد نفس عميق، بس مالقتش حد، كنت شايفة عمر من بعيد وهو بيجري ورا حاجه، اتأكدت انهم كانوا بيعملوا فينا مقلب، ولما لاقونا مافتحناش، قالوا يكملوا سهرتهم بعيد، ومن ساعتها الليلة كانت طبيعية جدا، مش بس كده، ده كمان كانت مريحة بسبب المرتبه الفرو اللي كنت نايمة عليها، وتاني يوم الصبح ابتدت المتعة لما سيبنا القرية وفضلنا نلف في سيوة، تحديدا الاماكن المشهورة هناك، زي كهف الملح وغيره، ومع اقتراب غروب الشمس اخدنا بعضنا ورجعنا القرية مرة تاني، والمرة دي كانت بداية المتاعب، والرعب بمجرد اختفاء عمر من وسطنا، بعد ما أخد بعضه وراح الحمام، لكن من نظرات الشباب اللي معانا حسينا ان في حاجه غلط، او بمعنى اصح هما عارفين اللي بيحصل، و زي ما كنت متوقعة كان في حاجه ورا اختفاء عمر ده، فسألت أمير عن مكان عمر، لقيته ضحك وقال:
-هو بيقضي مصلحة وجاي ماتخفيش عليه، عمر يسد عين الشمس، واضح أنه لقى نصه التاني.
منها شهاب ضحك وقال:
-بس يا رب يطلع اللي بيقولوا صح، انت عارف زوقه.. نيله خالص يا صاحبي.
قاطعتهم بفضول:
-لا مانا عايزة أفهم قصدكم ايه، مش هنبقى قاعدين زي الأطرش في الزفة أنا وسمر.
سمر قاطعتني وقالت:
-لا يا حبيبتي انتى الطرشة الوحيدة اللي في الزفة.. تلاقي عمر عجبته واحدة من اللي شغالين هنا، وانتي عارفاه ما بيصدق.
أمير ضحك وقال:
-تفهميها وهي طايرة يا بت يا سمر.
زي مانتم عارفين في موقف زي ده سمر فرحت بنفسها وبذكائها وهي بتقول:
-ده متخرجة بجيد جدا يا حبيبي.
-يهودية من يومك نقول ايه بقى، ولا ايه يا مي.
رديت عليه بخبث:
-سمر دي مافيش منها اتنين.
فضلنا نحفل شويه على سمر لغاية ما الوقت اتأخر، كل ده وعمر مارجعش، وأنا كنت تعبت وعايزة أنام، و سمر هي كمان ماكنتش قادرة، فقولنالهم اننا هنقوم ننام، أما هما قالوا هيقعدوا شويه لغاية ما عمر يجي، اصله اكيد مش هيتأخر عن كده، بصراحه أنا سيبتهم يتكلموا ويتناقشوا في اختفاء عمر وطلعت أنام، و سمر هي كمان حصلتني وجات ورايا الشاليه، الليلة كانت طبيعية ومافيش أي حاجه حصلت، لكن بمجرد ما نور ربنا نوّر المكان، وطلعت عشان أجري شويه على الرملة كرياضة، لقيت شهاب وأمير قاعدين مكانهم من امبارح، كل واحد فيهم كان نايم نوم عميق، قربت من شهاب وفضلت اصحي فيه ماصحاش، كان نايم زي القتيل، حتى أمير ماقدرتش احركه من مكانه حتى، ماكنش قدامي غير أني اخد شويه رملة وادلقها عليهم، وفعلا النتيجة كان مرضيه لانهم قاموا مخضوضين، وانا اخدت كام خطوة لورا تحسبا لأي حركة غدر ممكن تطلع منهم في اللحظة دي:
_مش هزار ده يا سمر، الرملة دخلت في بوئي، كنتي هتموتينا بالهزار بتاعك.
دي كانت ردة فعل شهاب أول ما فاق، أما أمير فكان لسه بيستوعب الدنيا حواليه، ومش فاهم ايه اللي بيحصل، بس أنا سهلت عليهم كل ده وقولت:
-فين عمر؟
لقيت أمير فاق مرة واحده وفضل يبص حواليه، بعدها خبط راسه بايده وقال:
-هو لسه مارجعش!!.. ده احنا فضلنا قاعدين هنا من امبارح مستنينه يظهر، وفي الأخر راحت علينا نومه وهو مارجعش!!
بعدها وهو متوتر فضل يقوم في شهاب عشان يروحوا يشوفوه في الشاليه بتاعهم، يمكن يكون رجع بعد ما لقاهم نايمين، وفعلا قاموا جري على الشاليه، و زي ما كنت متوقعة، مالقناش حد، معنى كده أن عمر اختفى.. اختفى فين بقى دي اللي شهاب وأمير لازم يكونوا عارفينها، لأنهم كانوا عارفين هو كان رايح فين ليلة امبارح، فقولت وانا متعصبة:
-امير.. انت عارف هو راح فين، ولاااا؟؟
لقيته قعد على كرسي من الكراسي اللي قصادي وهو بيحط ايده على راسه:
-ولا.. بالضبط كده، ماحدش فينا انا وشهاب نعرف هو راح فين، بس احنا عارفين هو مشي ليه، او على الأقل لمين، بس مانعرفش الشخص نفسه.
كلام امير كان متلغبط، مايتفهمش، يعني ايه عارف هو راح فين، ومع مين، بس مايعرفش مين الشخص ده، وده اللي سألته بالفعل لما سمعت الكلام ده:
-هو ايه اللي ماتعرفش الشخص ده، اومال كنتم بتتضحكوا على ايه امبارح؟!!
بدأ شهاب يحكي اللي حصل في الليلة الأولى لينا في المكان على لسانه.. قال أنه لما كنا نايمين امبارح في سابع نومه، لغاية ما حسيت بحد بيدوس عليا، ولما فوقت.. لقيت عمر ماشي ورا حاجه، بمعنى أصح، ورا صوت، والصوت ده كان بينده بأسمه، ده لأنه كان بيسأل عن اللي بينده عليه وهو ماشي، الموضوع كان مريب جدا بالنسبالي، وقتها افتكرت واحده منكم اللي بتكلمه، ماهتمتش اوي وقولت أكمل نوم لأني كنت مطبق بقالي كذا يوم، ولما صحيت الصبح لقيت عمر نايم جنبي عادي جدا، ولما سألته على اللي حصل امبارح، لقيت عينه بدأت تلمع، مش تلمع لمعان حقيقي، اقصد لمعان الحب، الشوق يعني يا مي ،ولما سألته مالك، قالي انه شاف واحدة امبارح احلى ما يمكن، وقال ان الستات اللي هنا مش كلهم كبار يعني، ده في منهم زي مابيقول الكتاب، وان البنت دى كانت بتنده عليه بليل، لغاية ما وصل عند الشاليه بتاعكم، والبنت دي فضلت تلف منه يمين وشمال، وهو كان زي الأهبل ماشي وراها، كان بيقول انه ماشفش احلى منها، والطلب اللي طلبته منه كان جايله على الطبطاب زي ما بنقول.. الطلب ده كان انهم يتقابلوا بليل في الشاليه بتاعها، عشان هي سمعت واحده من اللي شغالين هنا بينده عليها، وهو صدقها، رجع الشاليه هنا ونام، وتاني يوم لما كنا قاعدين مع بعض ومشي قالنا انه شايفها بتنده عليه، فمشي وراها لغاية ماختفى.
شهاب خلص كلامه لحد هنا، وأمير كمل على كلامه:
-طالما البنت دي من هنا، يبقى نسألهم، اصل كل اللي شوفناهم كبار في السن، والبنت دي على كلامه صغيرة وحلوه، يعني اننا نعرفها مش هيبقى صعب علينا، ومعنى انها في شاليه من الشاليهات دي، يبقى محلوله.
كلام أمير كان منطقي وموزون، وده اللي عملنا بيه فعلا، روحنا للأستاذة شاهيندا وحاكينا كل اللي حصل.. نظرات استاذة شاهيندا وقتها كانت ماتطمنش، وردها كان يرعب:
-احنا ماعندناش بنت بالمواصفات دي، احنا كلنا عيلة واحده، وتقريبا كلنا قريبين في السن، حتى مافيش واحدة فينا متجوزة عشان نقول دي بنت واحدة مننا، بس كل اللي اقدر اساعدكم بي اننا هندور معاكم على عمر، وبإذن الله قبل شروق يوم جديد، هيبقى وسطينا، انا هبعت حد للشرطة دلوقتي عشان يدور معانا، وانتم بردو مشطوا المنطقة معانا، يمكن يكون هنا ولا هنا، ماحدش عالم، بس خير.
كلام الأستاذة شاهيندا كان مطمئن، وأنا احترمتها جدا في مساعدتها، لكن لما سمر عرفت باللي حصل طلبت اننا نمشي، نهرب من المكان ده، على الرغم ان مافيش حاجه تاني حصلت، بس هي كانت قلقانه وانا مع قلقها ده، بس حتى لو مشينا، هنقول لأهل عمر ايه، هنقولهم ابنكم مشي ورا واحده في الصحراء واختفى!!.. كلام مايوزنوش عقل، بس اللي قررناه وقتها اننا نستنى لبكرة بعدها ربنا يحلها من عنده، ونشوف لو كنا هنمشي، ولا هيبقى في كلام تانى، وده بالفعل اللي حصل.
الليل ليل علينا، بعدها ولعنا نار وقعدنا حواليها وقررنا نسهر للصبح، لكن واحنا قاعدين و مطولين نسينا أننا مش معانا ماية تكفي للصبح، وقتها شهاب تطوع أنه هو اللي هيروح المطبخ يجيب ماية، وفعلا اخد ازازتين الماية اللي معانا، وقام يملاهم، لكنه اتأخر علينا هو كمان، لدرجة أننا قلقنا عليه وقولنا هو كمان اتخطف من وسطنا، و بعد ساعتين زمن لقينا شهاب جاي من غير ازازتين الماية، و كان واضح عليه أنه دايخ، و ده بان أكتر لما قعد جنبنا مرة تاني وهو ماسك راسة و بيهبد نفسه على الأرض:
-مالك يا شهاب، أنت كويس؟.. اتأخرت كده ليه؟
دي كانت اسئلة بديهيه سألتها لشهاب في موقف زي ده، وأظن أي حد غيري كان هيسأل الأسئلة دي ، لكن شهاب فضل يحكي اللي حصل بالتفصيل، من أول ما قام، لغاية ما بدأ يسمع صوت صفارة جاي من بعيد، في البداية كان فاكر الصوت ده يشبه صوت الدبان، لكن لما ركز لقاه صوت منتظم، ودندنه لأغنية(دندنة لأغنية انت عمري أم كلثوم ).. لما ركز أكتر لقى الصوت ده يبقى صوت اغنية أنت عمري أم كلثوم، و اللي ماتعرفهوش عن شهاب أنه من محبين الست أم كلثوم جدا، لدرجة أنه بدأ يدندن مع الأغنية ويقول:
-اللي شفته، اللي شفته.. قبل ما تشوفك عينيا.. عمري ضايع إزاي يحسبوه عليا!
من استمتاع شهاب مع الست ام كلثوم ساب ازايز الماية على الأرض ومشي ورا الست، وصوت الدندنة بقى صوت غناء واحدة صوتها حلو جدا، ولما قدر شهاب يوصل للصوت ده لقى بنت أقل ما يقال عليها أنها جميلة، شعرها اسود ناعم، وعنيها سودة واسعة، ده غير مفاتنها، شرح مفصل اكتر من ده شرحه شهاب لكني اكتفيت بدول، لأنهم كانوا كافيين جدا اننا نعرف ان البنت دي هي هي اللي ظهرت لعمر امبارح.. وده السؤال اللي سألة شهاب ليها لما قال:
-انتي اللي كنتي مع عمر امبارح صح.
في اللحظة دي شهاب حس بمشاعره بتتحرك، كان حاسس انه مبسوط على الرغم من ان الموقف عادي وطبيعي، لكنها بدأت تتكلم وتقول وهي مبتسمة، وجسمها بيفوح منه ريحة عطر حلوة:
– أنا من ساعة ما شوفتك امبارح وأنا عايزة اكلمك.
في اللحظة دي شهاب حس بأن جسمه كله بقى ملكها.
تتبع.
نداهة سيوة
٢
شهاب حس بأن جسمه كله بقى ملكها، مشاعرة كلها بقت مُتجهة ناحية البنت دي، لكن شهاب حاول يتمالك نفسه وقال:
-عمر فين؟
بدأت تتكلم بصوت رقيق:
-تعالى معايا وانا هقولك مكان عمر.
في اللحظة دي بدأ شهاب يحس بالرعب، بالذات أنه لاحظ بأنه اتمشى حبه حلوين لقلب الصحراء من غير ما يحس، أكن رجل غير رجله شيلاه، في اللحظة دي شهاب حاول يهرب، لكن جسمه اتجمد، والبنت او الشيطانة اللي واقفة قصاده دي قالت:
-عايز تهرب مني؟.. صدقني أنا عندي اللي مش عند حد تاني، كانوا دايمآ بيجروا ورايا بس انا كنت برفضهم، المرة دي انا اللي اخترتك، حبيتك، وانت بترفضني؟
بتلقائية رد عليها شهاب بصوت واطي:
-ماقدرش ابعد عنك، انا.. انا بحبك.
بس قوة شهاب على مقاومتها كانت اشد منها، لأنه قدر يهرب منها، بس هي قالت كلمة غريبة وهو بيجري وبيهرب من سيطرتها:
-ماحدش بيقول لسلمى لأ.
وفعلا شهاب قدر يهرب وجه عندنا، وبمجرد ما وصل وحكى كل اللي حصل طلب مننا نهرب، لأنها في عقلة، بتنده عليه بصوت يجذب أي انسان، منها وقع على الأرض وفضل يصرخ بصوت عالي، ويطلب النجدة مننا، كلنا خوفنا من اللي حصل، ومن غير تفكير قررنا نهرب، العربية بتاعة أمير مركونة على بعد 5 كيلو من هنا، يعني لو جرينا مش هناخد عشر دقايق وهنوصل، وده اللي حصل فعلا، من غير حتى ما نلم هدومنا من المكان هربنا، لكن واحنا في نص الطريقة تقريبا على بعد 3 كيلو من القرية، لقينا شهاب وقع على الأرض وهو بيتشنج، كان ماسك دماغة وعمال يصرخ:
-سيبيني في حالي، سيبي دماغي، انتي عايزة مني ايييه!!
ميلت لشهاب وانا مرعوبة من شكلة وقولت:
-مالك يا شهاب؟.. هي عايزه منك ايه؟.. ومين اللي بيكلمك؟..احنا مش سامعين حد.
عين شهاب ابيضت تماما، كان بيطلع لعاب من بوئة، و زق ايدي وهو بيقول بنبرة صوت اتخن كتير من صوته الطبيعي، ده غير انه كان بيزوم عليا زي الكلب:
-ابعدي عني.. ابعدي عنييي.
أمير شدني، و شهاب كان لف راسه 180 درجة بشكل مرعب ورجع جري على القرية، كنت حاسه وقتها اني مش سامعة أي حاجه، ببلع ريقي وانا مرعوبة من اللي شايفاه قدامي، وقتها سمعت صوت جاي من بعيد، حد بينادي بأسمي:
-مي، فوقي يا مي.
بعدها حد قومني من الأرض، ببص مين جنبي لقيت سمر كانت بتقومني وبتطلب مني اننا نهرب، أول ما سمعت كلمت نهرب اتعصبت بتلقائية وقولت:
-هنلحقه، هنرجع وهنلحقه.
سمر ردت عليا هي ومرعوبة:
-نلحقه ايه يا مي، شهاب مش في وعيه، الكائن ولا الشيء ده مسيطر عليه، احنا لازم نهرب.
امير خرج عن صمته وقال:
-زي ما خليناه يقعد هنا على الرغم انه كان عايز يمشي، يبقى هنطلع من هنا احنا الأربعة على الأقل، أنا هرجعله، مين هيجي معايا؟
رديت عليه وانا واثقة من اجابتي وقولت:
-وانا كمان هرجعله.
بصيت لسمر وانا مستنيه اجابة، راحت بصت على الأرض وقالت:
-كده كده ماعنديش اللي يسأل عليا، انا معاكم.
وبالفعل رجعنا القرية مرة تاني، فضلنا ننده على شهاب مرة، اتنين، الف، بس ماحدش كان بيرد، لغاية ما ظهرت استاذة شاهندا معاها مجموعة من الستات اللي شغالين في القرية، و كانوا واقفين حوالينا زي نص دايرة، بعدها شاهندا قالت :
-رايحين على فين؟
خدت خطوة لقدام ورديت عليها وأنا متعصبة:
-بندور على هشام، وبعد اذنكم تمشوا من قدامنا قبل ما يختفي هو كمان.
لقيتهم اتفرقوا لمجموعتين حوالينا، وشاهيندا كانت الكبيرة بتاعتهم، بعدها قالت:
-يختفي!.. احنا ماعندناش حد بيختفي في المكان هنا، انا شايفة انكم تمشوا، وده افضل لسمعة المكان.
أمير ضحك على كلامها وهو بيقول:
-سمعة!.. هي فين السمعة دي، ده سيوة كلها كانت محجوزة، وانتم القرية الوحيدة اللي فاضيه، انتي مصدقة نفسك؟
ردت على كلامه بكل برود، اكنها مش هاممها القرية تبقى مليانة ولا لأ:
-السمعة مالهاش علاقة بالعدد، واحنا عشان اكرام الضيف هندور معاكم، طالما صاحبكم مابعدش يبقى هنلاقيه.
رديت عليها بغضب:
-واحنا مش عايزين مساعدة، احنا هنلاقي صاحبنا لوحدنا.
سمر خبطتني ف جنبي وقالت:
-بس هما عارفين المكان احسن مننا، وكده هندور اسرع، انا من رأئيّ يساعدونا لغاية ما نلاقي هشام ونمشي.
ردت عليها شاهيندا وقالت:
-كلام صاحبتك موزون، وعاقل في موقف زي ده، بس لو مش محتاجين مساعدة، القرية تحت أمركم، تقدروا تدوروا براحتكم وماحدش هيضايقكم.
رديت عليها وانا باخد نفس عميق:
-هنتقسم كذا مجموعة، والمجموعة بتاعتي هتضم انا وأمير وسمر، وعايزينك انتي معانا ،اما باقي العمال يتقسموا مجموعتين زي مانتم متقسمين كده، وكل مجموعة تدور في حتة.
-ماشي كلامك، نقدر نتحرك دلوقتي.
شاهيندا جات معانا فعلا، وبدأنا عملية التدوير، لغاية ما لاحظنا واحنا ماشيين خيال حد يشبه هشام داخل شاليه من الشاليهات، صرخت فيهم بصوت عالي وقولتلهم اني شوفته، وشاورت على الشاليه، كلنا جرينا على الشاليه، وأول ما طلعنا على السلالم شوفنا هشام فعلا، بس نط من الشباك، لسه كنا هنطلع نجري وراه لاقيت أمير واقع بيتشنج على الأرض، طلبت من شاهيندا وسمر يجروا ورا هشام، وأنا هشوف أمير ماله، لكني كنت متوترة، ده لأن أمير أول مرة يحصله كده، وده خلاني أخاف من اللي بيجرا حوالينا، وفعلا زي ماكنت متوقعة اللي بيحصل في أمير ده مش صدفة، وبمجرد ما جسمة بطل يتشنج لاقيته قام وعينة بقت بيضة تماما، ده غير أن بوئة كان بيطلع رغوة بيضه وهو باصص على زواية الأوضة اللي احنا فيها، وكان مبتسم ابتسامة مرعبة، حرك وشه أكنه بيتفاعل مع حاجه مش شايفاها، لغاية ماتكلم وقال:
-أنتي انسانة جميلة أوي.
بعدها وشه اتغير وهو بيقول:
-يعني ايه مش انسانة؟؟
ملامحة رجعت طبيعية، واتكلم مرة تاني أكن في حديث داير بينه وبين واحدة واقفة في زاوية الأوضة:
-سلمى، أسم جميل، بس مش في جمالك، وجمال فستناك، بس مش مفتوح شويه الفستان ده.
كمل كلام أكن في حديث داير بينه وبينها:
-أنا مش غيران عليكي، انا بس عشان احنا في الاوضة لوحدنا والشيطان شاطر، ولا انتي شايفة ايه؟
قربت من أمير وفضلت أخبط على كتفه عشان أفوقه، بس من الواضح انه كان في عالم تالت، مش حاسس بوجودي اصلا، لكني فضلت أصرخ في عشان يسمعني:
-أمير، فوق يا أمير، هي دي اللي خطفت عمر.. حاول تتغلب عليها.
بحركة ايد زقني وقعت على الأرض، دماغي اتخبطت وجسمي كله اتكهرب، لكن أمير كان طلع على السرير، واحده واحده وبدأ يقرب من حد على السرير، المرعب أني كنت شايفه حاجه فعلا على السرير بس مش ظاهرة، يعني في تقل على السرير فعلا مع أمير، واللي أكدلي ده أكتر لما الفوط اللي على السرير كلها وقعت من غير ما أمير يلمسها، أكن في حد هو اللي وقعهم، وقتها سمعت صوت واحدة بتتكلم في ودني وبتقول:
-انا مش عايزة أؤذيكِ، انتي مالكيش ذنب في أي حاجه، لكنهم هما السبب، وعشان كده ليكي فرصة الهروب، لأني كده كده هاخده.
سمعت صوت حاجه بدأت تزن في ودني، منها حطيت ايدي على ودني وصرخت فيها بالرغم اني مش شايفاها:
-سيبينا في حالنا، أرجوكي سيبينا.
ضحكت ضحكة شيطانية وهي بتقول:
-بس مش أنا اللي عايزاه، هو اللي عايزني.
في اللحظة دي أمير دور وشه ليا وهو شكله بشع، عينه بيضه تماما، وابتسامته عريضه بشكل مبالغ فيها، كان بيمشي على ايديه ورجليه زي الحيوان، منها بدأ يقرب مني، أكنه ماكنش شايفني ودلوقتي لاحظ وجودي، لكن شكله ماكنش مبشر ان يكون في حوار بنا، منها رجعت كام خطوة لورا برعب شديد، حاولت أهرب لكن مافيش مفر، و أمير كان هجم عليا زي كلب مسعور، حاول يغتصبني لكني قاومت، فضلت أصرخ بصوت عالي وأحاول أخليه يبعد عني، لغاية ما بعد عني ورجع على السرير تاني، منها خرج من الأوضة خالص:
-مش قولتلك هما السبب دايما، كلاب مسعورة عايشين معانا، ونهايتهم لازم تقرب.. وأنا عند وعدى مش هؤذيكِ، بس هما اللي هيؤذوكم.
الصوت اختفى، وباب الأوضة اتفتح، شاهيندا دخلت، من بعدها مجموعة من الستات، وسمر وراهم بس كانت مربوطة ورموها جنبي، أول حاجه سألتها:
-أنتم مين؟
شاهيندا كانت محضرة الإجابة ، أو كانت متوقعة السؤال ده مني.. بس قبل ما تجاوب خيرتني بين حاجتين:
-تحبي تعرفي الحقيقة ورا اللي بيحصل ده وبعدها تموتي، ولا تموتي وانتي ماتعرفيش الحقيقة؟
كررت السؤال بتاعي تاني:
-أنتم مين؟
فضلت تبص حواليها يمين وشمال، من بعدها قالت:
-تفتكري احنا مين؟
تفافتي كانت جات على وشها، ولما بدأت تمسح فيها قولت:
-أنتم قتالين قتلة.
قربت مني، وشدتني من شعري، وشها اتحول من وجه بريء لوجه غاضب، ساخط على البشر ومش عاجبه حاله، وده اللي بان أكتر لما زقتني وقالت:
-احنا عمرنا ما عملنا الغلط غير لما اتحطينا في ظروف تخلينا نعمل الغلط، قتلنا بدافع حمايتنا من فضيحة، و دارينا على جريمة عاشت سنين عشان بس نقدر نعيش.
قومت مرة تانية وأنا بعدل هدومي، و عيني كان في عين شاهيندا وأنا بسألها أخر سؤال:
-جريمة ايه؟
من الواضح انها كانت مستنية السؤال ده بالذات، واللي كانت مرتباله اجابة من بدري، من قبل وصولنا، ومن قبل ما حتى تعرف اننا جايين، لانها قالته لناس كتير غيرنا دخلوا القرية دي وماطلعوش منها، وده اللي احنا ماكناش فاهمينه من ساعة ما جينا هنا ولقينا الأجواء مرعبة.
شاهندا بدأت تحكي قصة من عشرين سنة عن بنت اسمها سلمى.. سلمى السيد أحمد، بنت جميلة، عندها عشرين سنة، زيها وزي المجموعة من البنات اللي شغالين في القرية دي، اللي هما احنا بمعنى اصح، كلنا كنا مقطوعين من شجرة، حتى الرجالة اللي كانوا شغالين هنا، واللي بالمناسبة هتعرفي راحوا فين بعدين.. أما المجموعة بتاعتنا كلها اتجمعت من الشارع يعتبر، عشان نتفرغ كلنا للشغل هنا على ايد استاذ عماد صاحب القرية، واللي يشكر في الحقيقة انه لمنا من الشارع عشان نشتغل هنا يعني، وبدأ يعلمنا من الصفر كل حاجه عن السياحة، واحدة واحدة اتعلمنا، وفي منا اللي اتعلم القراية والكتابة، وأنا منهم، لغاية ما اترقيت وبقيت ماسكه استقبال كل فوج جديد يجي، وبعد ما كلنا اتعلمنا واتثبتنا في شغلانة شكل،استاذ عماد استغنى عن التيم اللي كان بيدربنا، وبقينا احنا اللي ماسكين القرية يعتبر، بمعنى اصح هو انتشلنا من الفقر والجهل والمرتبات ماكنتش قليلة، بالعكس.. كانت تكفينا والحمدلله، واحنا يعني ماكناش نعمل بالفلوس حاجه، يعني لا لينا اهل نبعتلهم فلوس، ولا احنا في مكان مستدعي نجيب حاجات كتير، احنا في صحراء زي مانتم شايفين، لكن الميزة الوحيدة اللي ميزت سلمي عننا كانت جمالها المُلفت، وطريقتها المدلعة وهي بتشتغل، لدرجة أن في نزلاء كانوا بيجوا هنا بدل المرة اتنين عشان سلمى وعيون سلمى، وزي أي فيلم عربي سلمى عجبت استاذ عماد صاحب القرية، بصراحه مش هنقول انها اتدلعت عليه عشان تغريه والكلام القديم ده، لأنها كانت ماليا عينيه من الأول، يعني هو كان حاطط عينه عليها من أول يوم شغل، وأنا كنت أول واحدة قولتلها أنه حاطط عينه عليها، لغاية ما في يوم قرر يعينها مديرة علينا، و من هنا بدأت سلمى تتغير علينا، وبدأت فعلا تتدلع على استاذ عماد، و في يوم لقينا استاذ عماد طالع يبلغنا ان في حفلة هتتعمل قريب في القرية، وتعدي الأيام لغاية ما معاد الحفلة اتحدد، واتعلقت يافطة كبيرة بتفاصيل الحفلة، وهنا تيجي المفاجئة لكل العمال، ماعدا أنا لأني كنت متواقعها، وهي جواز استاذ عماد من سلمى، وهنا قررت اقابل سلمى لأول مرة واواجهها باللي هي بتعملة، بالذات انها كانت بتحب خالد شاب شغال معانا، ولما قولتلها ليه عملتي كده، ردت بكل برود وقالت أن خالد مش هيقدر يعيشها العيشة اللي هي عايزاها، و هنا اتأكدت فعلا أنها اتغيرت، وبقت انسانة مختلفة عن اللي جات القرية أول يوم.
جات الحفلة وعدت، و سلمى اتجوزت وأنا بقيت مديرة المكان مكانها، وهي باشرت العمل في القرية بدل استاذ عماد اللي تعب فجأة وقعد في السرير قعيد لفترة، في الحقيقة هي كانت مثال للزوجة الصالحة، وماسبتهوش لحظة واحدة، ومن هنا بدأت المقابلات السرية معاها ومع خالد حبيبها القديم، و بعد مدة صغيرة استاذ عماد مات، واول حد شكينا فيه كانت سلمى، ولما عيلة استاذ عماد جات عشان تشوف الجثة طلبوا تشريحها، لكن لما عرفوا اللي مكتوب في الوصية وانه كتب كل حاجه بأسم سلمى، أصروا اكتر على موقفهم في التشريح، لكن النتيجة كانت موته طبيعية جدا، و هنا سيطرت سلمى على كل حاجه، وشكي فيها كان بيزيد يوم عن يوم انها سبب في قتل استاذ عماد، لأن الموتة اللي ماتها ماكنتش طبيعية، وبعد فترة مش كبيرة لقينا سلمى هي كمان ميته، والمرة دي انا اللي طلبت أننا نشرح الجثة، لكن بردو الموتة كانت طبيعية، والصدمة كانت ان سلمى قبل ما تموت هي كمان كانت كاتبه القرية دي باسمي، عن طريق وصية سابتها مع المحامي بعد ما حست بالخطر، وبعد ايام من مقتل سلمى خالد اختفى من القرية، ويوم عن يوم الرجالة كانت بتختفي عن القرية، لدرجة اننا بلغنا الشرطة والناس بقت بتمشي من المكان، وبعد ايام سلمى ظهرتلي وحاكتلي على كل حاجه، عرفت منها بأن خالد كان لسه بيحبها، وقتل استاذ عماد عشان تفضل جنبه، و لما صارحها بالحقيقة هددته انها هتبلغ عنه، لكنه هددها بأنه هيشيلها الجريمة كلها، وأهل استاذ عماد ما هيصدقوا انها تلبس الجريمة، وفعلا بعد يومين قتلها بنفس الطريقة عن طريق الزرنيخ، لكن روح سلمى كانت روح غاضبة، و عايزة تاخد حقها وحق جوزها بأي طريقة حتى لو ماحبتهوش، وهنا بتقتل كل الشباب اللي بيخشوا القرية عن طريق النده، زي النداهة بالضبط، ولو فاكرين انها كانت طيبة معانا، فهي طلبت مننا نفضل ونجيب الشباب ليها عشان تقتلهم، انما هي هتقدر توصلهم للقرية وتخلص عليهم، احنا اللي علينا اننا نقنعهم بالإقامة ودي كانت شغلتي.
قاطعت استاذة شاهندا وقولت:
-وطبعا البنات اللي بتبقى مع الشباب هي مش بتقتلهم، بس عشان انتم ماتروحوش في داهية بتتخلصوا من الجثث، وكده كده ماحدش يعرف اننا جينا هنا، صح كده؟
-مش بالضبط، في ناس بيجوا يسألوا على ولادهم هنا، بس احنا بننكر، اصل احنا بنعرف نتخلص من الجثث كويس.
بعدها سكتت ثواني وكملت كلام وهي بتقول:
-ولو فاكرة اننا بنقتل غصب عنا، هصدمك.. احنا بقينا مستنين الفريسة في كل مرة اكتر من سلمى.
سمر قالت بصوت مرعوش:
-ارجوكي سيبينا نمشي، واحنا مش هنبلغ عنكم، ولا هنقول اننا جينا هنا اصلا.
-واحنا بقى المفروض نصدق صح؟
-مش مهم تصدقي، المهم ان احنا..
قطع كلامي صوت سارينة الشرطة، الشرطة اللي جات وحاوطت المكان بسرعة، وقبضوا على شاهيندا وكل اللي في المكان، طب مين اللي بلغ؟
شهاب.. شهاب الوحيد اللي قدر يهرب من المكان، بعدها اخد عربية وراح لقسم الشرطة وحكالهم على كل حاجه، انما بقى شاهيندا واللي معاها خدوا جزائهم، أما الجثث فالشرطة قدرت تطلعهم وتديهم لأهالي الشباب، اما بقى شهاب اتعرض لصدمة نفسية شديدة بسبب سلمى اللي كانت بتظهرله، وسمر سافرت وبقت بتشتغل برا مصر، انما انا زي مانا، اشتغلت ومازلت عايشة وحدي، لكن قبل ماختم لازم تعرفوا ان روح سلمى وقدرتها في حدود القرية، والدليل على كلامي هو وجود شاهيندا والباقي اللي جوا السجن ومامتوش، حتى لو اتعدموا، فروح سلمى وانتقامها منهم دي هيكون كدبة، زي الانتقام العشوائي اللي كان بيتم، ده بردو كدبة، لكن اللي مش كدبة هو ان في شركة اشترت القرية وهتعيد افتتاحها من جديد، تفتكروا هكرر التجربة تاني؟.. ولا كفايه لحد هنا؟