نزيل رقم 66
النهاردة انا جاي أحكليلك تجربة حصلت معايا شخصياً، تجربة عمري ما هنساها مهما عدى عليها الزمن…
وحكايتي بتبدأ لما كنت لسه متخرج جديد من كلية الطب، وقتها نزلت في مستشفى من المستشفيات الحكومية المتطرفة بره المدينة، وفي اليوم ده.. كنت نبطشية 24، الطوارئ يومها كانت زحمة جداً عكس العادة، وده بسبب حادثة كبيرة حصلت على الطريق القريب من المستشفى، تقريباُ قضيت الليل كله بين اللي ميت واللي بنحاول ننقذه، الدم كان مغرق أوضة الإستقبال، ودي كانت أول مرة أشوف فيها منظر الدم بالشكل ده حواليا، وبعد ساعتين تقريبا.. الضغط بدأ يخف، حسيت إن أعصابي تعبانة، ف خرجت بره الإستقبال خالص وقولت أشم شوية هوا نضيف وأحاول انسى الليلة دي، المستشفى كانت قديمة جداً، وعشان كده كانت مبنية على الطراز القديم، يعني المبني بيكون حواليه مساحات واسعة من الجناين، وبصراحة دي كانت أهم ميزة فيها لأن المنظر هنا بيهون عليك تعب اليوم كله، اتمشيت بعيد عشان افصل من جو الإستقبال، وفضلت اتمشى لحد ما اتفاجئت بحد قاعد تحت شجرة بعيدة على دكة من الدكك، لما قربت شوية لقيته شاب عنده 20 او 21 سنة بالكتير، قربت منه وسألته…
-انت قاعد كده ليه؟
– مستني أمي ونادين.
-امك ونادين!.. ماشي، طب وهم فين؟
– مشيوا ولسه ماجوش.
– مشيوا راحوا فين؟
– عايز تعرف راحوا فين؟
-ده لو حابب تقولي يعني.
– بس دي حكاية طويلة، عندك وقت تسمعها؟
– مافيش مانع، احكي لي، انا تعبان وعايز افصل.
عينيه دمعت وقالي وهو باصص في الفراغ قدامه…
– هحكيلك…
كان عندي 16 سنة وقتها، كنت شقي، شقاوة عادية يعني، بس ابويا كان دايماً بيضربني بسبب شقاوتي وانا كنت بعند أكتر وماكنتش برجع عن اللي بعمله، وفي يوم ضربني جامد لدرجة إني قعدت أسبوع مش قادر اتحرك من السرير، كنت شايف إني ماعملتش حاجة تستاهل الضرب ده كله، وحقيقي كنت متغاظ منه جداً وقررت لما أقوم هخليه يدفع تمن ضربه ليا بالشكل ده، وفعلاً بعد ما اتحركت بكام يوم، بدأت افكر هنتقم منه ازاي، لحد ما وصلت لفكرة شيطانية شوية، بس نفذتها رغم بشاعتها، أول ما الليل دخل خرجت قدام البيت وفتحت كبوت العربية وفكيت خرطوم الفرامل ودخلت تاني.. بس قبل ما ادخل الكلب بتاعنا اللي في الجنينة لمحني وانا راجع، جري عليا وهو بينبح، ف طبطبت عليه لحد ما هدي ودخلته مكانه تاني ورجعت أوضتي، الكل كان نايم وماحدش حس باللي انا عملته، ماعرفتش انام يومها وفضلت طول الليل في صراع بيني وبين نفسي، فكرت كتير أقوم وارجع الخرطوم مكانه، بس في حاجة جوايا كانت بتقولي لا.. هو يستاهل اللي هيحصله، انت مش شايف بيعاملك ازاي، دايماً بيضربك ويشتمك، ودايماً شايفك فاشل ومش نافع في أي حاجة.. فضلت كده طول الليل لحد ما النهار طلع، فتحت عيني علي صوت حركة بره، ماعرفش قلبي ليه اتقبض ساعتها لما بدأت أحس انه قرب يخرج، في الوقت ده سمعت صوت الباب بيخبط وبعدها دخلت أمي الأوضة، اتفاجئت أول ما لقتني صاحي وقالتلي…
– حبيبي ايه اللي مصحيك بدري كده؟!
– قلقت من شوية.
– طب كويس انك صاحي، قوم جهز نفسك بقى عشان مسافرين.
اتخضيت من جملتها وسألتها بإستغراب…
– مسافرين!.. مسافرين فين؟!
قالتلي وهي فرحانة…
– بابا خد يومين أجازة وقرر إنه يودينا مطروح.
في اللحظة دي فقدت النطق، مابقيتش مستوعب اللي هي بتقوله، فضلت ساكت وهي بصالي ومستغربة رد فعلي، في العادي خبر زي ده كنت بتنطط من الفرحة، لكنها كانت شايفاني قاعد مابنطقش ووشي مخطوف، بصت لي باستغراب واكتفت بإنها قالتلي..
– قوم يلا جهز نفسك عشان منتأخرش، دول هم يومين بس.
قالتليكده وخرجت وقفلت الباب وراها، بعدها قعدت افكر هتصرف ازاي، الكلام ده معناه إن ماما وأختي هيموتوا معاه، لا انا مش عايزهم يموتوا، قومت بسرعة عشان أظبط اللي انا بوظته، خرجت من الأوضة بصيت حواليا، مالقتش حد موجود، اتسحبت بهدوء وخرجت من باب الشقة، بس أول ما فتحت الباب لقيت أختي في الجنينة بتلعب مع راسكي، كانت فرحانة جداً، أختي كان عندها 12 سنة تقريباً وقتها، فضلت باصص عليها وهي بتلعب مع راسكي لحد ما شافتني، بصت لي وابتسمت ابتسامتها الرقيقة اللي بحبها جداً، حطيت ايدي ورا ضهري عشان ماتشوفش الخرطوم، بعدها اتحركت ببطء ناحية باب الجنينة، بس قبل ما أخرج راسكي سابها وجري ناحيتي وهي جريت وراه، حاولت ادخلهم جوة بأي شكل، بس مافيش فايدة، ساعتها أمي فتحت الباب وندهت علينا وزعقت لي اني مالبستش لحد دلوقتي وبعدها سألتني سؤال ماعرفتش اجاوب عليه…
– انت رايح فين؟!
– انا، ااااايه، مش رايح، كنت بلعب مع نادين وراسكي شوية.
– طب تعالى يلا عشان تجهز حاجتك.
– حاضر، هاجي وراكِ على طول.
– لا يلا دلوقتي.
صَمِمت إني ادخل قدامها، ف اضطريت اسمع كلامها وادخل، ومع دخولي.. فضلت قاعد في أوضتي وانا بحاول اوصل لحل، ماينفعش يسافروا، لازم مايخرجوش من البيت، لازم مايركبوش العربية اصلا.. بس ازاي، ازاي هعمل كده من غير ما اتكشف.. بس لقيتها، خرجت من الأوضة بسرعة وخبطت على باب الأوضة بتاعتهم لحد ما سمعت أمي بتقولي ادخل، فتحت الباب، كانت أمي واقفة قدام المرايا بتظبط الطرحة وابويا كان قاعد على السرير بيدور على حاجة في الكومودينو، فضلت باصص لهم شوية وانا ساكت لحد ما أمي لفت ناحيتي وسألتني بإستغراب…
– إيه يا أحمد، عايز حاجة يا حبيبي؟!
– اه اه، انا.. انا مش..
– مش ايه؟
– مش هينفع اسافر.
– مش هينفع تسافر!.. ليه يعني؟
– عـ.. عــ .. عندي امتحان بكرة ومش هينفع.. مش هينفع اغيب.
ساعتها ابويا ضحك وقالي بسخرية…
– لا وانت مجتهد أوي ياض، ده انت زمانك طاير من السعادة انك هتغيب، اهي حجة عشان تداري على فشلك.
بصتله أمي وقالتله بزعل..
– فوزي.. بلاش الطريقة دي دلوقتي.
بصت لي تاني وقالتلي بحنان…
– امتحان ايه يا حبيبي؟
– المستر عاملنا امتحان عن الدروس اللي فاتت.
بصت لي بضيق وبعدها سألتني…
– يعني ماينفعش نسافر والمستر يمتحنك لما نرجع.
– لالا ماينفعش، ده امتحان مهم أوي.
رد أبويا ساعتها وقال بحزم…
– لا ينفع، ماتشغلش بالك انت، انا هبقى أجي معاك المدرسة لما نرجع وأخليه يمتحنك.
– لا برضه مش هينفع، لإن بعدها بكام يوم هيبقى عندي امتحان تاني وده هيبقى كتير عليا في المذاكرة.
أمي اتكلمت ساعتها مع أبويا وقالتله…
– خلاص يا فوزي، خلينا نأجل احنا السفرية أسبوع كمان.
-أسبوع كمان اللي هنأجله يا نادية، ما انتِ عارفة إني واخد اليومين دول بالعافية، وعارفة كمان إني مش هقدر أرجع في الأجازة تاني، وبعدين انتِ مصدقة إن ابنك عامل الفيلم الهندي ده كله عشان الامتحان، ده كان بيتنطط عشان يسافر معايا وهو عنده امتحانات اخر السنة، هتلاقي البيه متفق مع الست هانم بتاعته يتقابلوا بكرة، وبعدين لو خايف علي الامتحان أوي كده، اديني قولتله إني هخليه يمتحن لما نرجع.
أمي قربت مني وقالت لي بصوت هادي…
– خلاص بقى يا حبيبي، اسمع كلام بابا ولما نرجع أوعدك انا وهو هنيجي معاك ونخلي المستر يعيد لك الامتحان تاني.
– لا ياماما مش هينفع صدقيني.
رد أبويا بزعيق..
-ما خلاص يا نادية سيبيه براحته.. عنه ما جه، اقعد هنا لوحدك بقى يا روح أمك ولما نيجي هشوف نتيجة الامتحان ده بنفسي، وعلى الله تفشل زي كل مرة.
أمي بصت له وبرقت…
– انا مش هسافر واسيب أحمد لوحده يا فوزي.
– مش هتسافري!.. يعني ايه مش هتسافري يا نادية؟!
– يعني مش هسافر، انا مش هخرج واغير جو وابني عنده امتحان بكرة.
زعق فيها وهو بيبرق لها…
– طب بصي بقى يا نادية، احنا هنسافر ومافيش حد هيقعد، والمحروس عايز يجي معانا اهلاً وسهلاً، مش عايز، خليه يقعد هنا لوحده وده اخر كلام، انا هطلع الشنط واستناكوا في العربية.
قام وقف وبص لامي وقالها..
-طالما زعلانة عليه اوي، يبقى تعقليه وتجيبيه معاكِ، مش على اخر الزمن حتة عيل هو اللي هيمشي كلامه عليا.
خرج من الأوضة وهو بيبص لي بقرف، انا كمان ماكنتش طايقه، أمي كانت مضايقة جداً بس مش قادرة تعمل حاجة، طول عمرها ضعيفة قصاده، كنت بسمعه وهو بيضربها في الأوضة وبعدها بسمعها وهي بتعيط في الحمام، وكمان كنت بشوفها وهي خارجة من الحمام بعدها وبتتجنب ان حد مننا يشوفها في المنظر ده، كانت متخيلة اني ماعرفش اللي بيعمله فيها، بالرغم من إنها بعدها كانت بتقعد تكلمنا عنه كويس، بس انا كنت عارف الحقيقة كلها وعارف هو بيأذيها قد ايه.
بصت لي بحزن وقالت بصوت ضعيف…
– اسمع الكلام وتعالى معانا.
– مش هقدر يا أمي، خليكِ انتِ هنا ومتسافريش، سيبيه يسافر لوحده.
– مش هينفع يا حبيبي.
ساعتها حسيت باليأس لأني فشلت كالعادة إني ألحق الموقف، الدموع بدأت تتسحب من عيني، أمي كانت مستغربة اني ليه بعيط، وفي نفس الوقت مش عايز أروح معاهم، مَسحت دموعي من على وشي بحنيتها المعتادة وقالتلي…
– طب ما تيجي معانا طالما زعلان كده.
– للأسف مش هينفع.
– ليه؟
– عشان.. عــ..
ماقدرتش اتكلم وسيبت الأوضة وخرجت، لمحت أختي في الصالة قاعدة تلعب بعروستها وهي طايرة من السعادة، فضلت واقف بتفرج عليها والدموع مغرقة وشي، بعد دقايق أمي خرجت وندهت عليها، كانوا واقفين على الباب، وقبل ما يخرجوا ندهت على أمي وجريت عليها، حضنتها جامد أوي وانا بعيط، حضنت أختي كمان ولقيتها بتمسح دموعي وبتقولي…
– ماتعيطش.. احنا مش هنتأخر، يومين بس وهنرجع.
عيطت أكتر، كان منظري غريب، لكنهم في النهاية خرجوا، بعدها جريت على الشباك عشان أبص عليهم للمرة الأخيرة، أمي كانت راكبة جنبه وساعتها لمحتها بتمسح دموع من عينيها وبتبص على البيت، واختي في الكنبة ورا ماسكة العروسة وبتلعب معاها وبتضحك ضحكتها الرقيقة، وراسكي كان قاعد جنبها وباصص ناحية البيت ومبرق.
مشيت العربية واختفوا بعيد، حسيت ساعتها بقبضة في قلبي، ماكنتش قادر اتلم على أعصابي، دخلت الأوضة وقفلت على نفسي، كنت قادر اتخيل المشهد، العربية على سرعة 120 وابويا بيحاول يهزر مع أمي عشان ينسيها الموقف اللي حصل، لكنها مش بترد عليه وبتبص من الشباك وبتفكر فيا وهي بتسأل نفسها، يا ترى هعمل إيه اليومين دول لوحدي؟.. ونادين بتلعب مع عروستها وبتسألها تفتكري مطروح حلوة زي ما بابا بيقول؟.. وراسكي سارح في الشباك، وفجأة مقطورة كبيرة قطعت الطريق، ابويا بيحاول يدوس فرامل، لكن الدواسه فاضية، بيدوس بعزم ما فيه، لكن مافيش فايدة، أمي بتخبي وشها وبتصرخ، نادين بتضحك مع عروستها، راسكي بيعوي، ابويا بيحاول يفادي المقطورة، العربية بتتقلب على جنبها، اتقلبت خمس مرات، وفي العربية كانت أمي نايمة وراسها على الأرض غرقانة دم، لكن الدم ماقدرش يمحي جمالها، على الكرسي اللي جنبها ابويا والإزاز مختلط بالدم على وشه، عينيه مقفولة، اما نادين.. ف نايمة زي الملايكة، وراسكي نبح بصوت أنين وبعدها غمض عينيه للأبد.
قومت دخلت الحمام عشان أغسل وشي، فتحت الحنفية وبدأت أرمي الماية علي وشي بسرعة، كنت بحاول أفوق نفسي من الخيالات المرعبة اللي في دماغي، وفي لحظة.. فوقت على دم نازل من الحنفية ومغرق الحوض، بصيت على ايدي ووشي لقيتهم غرقانيين دم، انا كنت بغسل وشي بالدم، صرخت وجريت بره الحمام، لما خرجت بره وبصيت في مراية التسريحة مالقيتش دم، خيالي بيلعب بيا من تاني، حاولت أعمل أي حاجة أشربها عشان أهدي نفسي، دخلت المطبخ، حطيت البراد على النار و وقفت جنبه.
دخان طالع من كبوت العربية، الإسعاف في المكان وبيحاولوا يخرجوا الجثث، كانوا شايلين جثة أبويا وبيجروا بيه على عربية الإسعاف، كانت أول جثة عرفوا يطلعوها، الشيطان دايماً حظه أكبر في الدنيا، لكن أكيد في الآخرة عقابه هيكون شديد، بعدها قدروا يخرجوا جثة أمي، لا ما تركبوهاش معاه في نفس العربية، ماينفعش يتقابلوا تاني، وفجأة حد صرخ من الموجودين…
– البنت لسه عايشة، البنت عايشة.. ايديكوا معايا نخرجها بسرعة.
نادين، الحمدلله، كانوا بيحاولوا يخرجوها وانا بحاول استعجلهم، لكن ماحدش فيهم كان سامعني، أخيراً قدروا يخرجوها، بسرعة اجروا بها على المستشفى، لازم تلحقوها، بصيت على العربية، راسكي كان جوة وماحدش اهتم يخرجه، خصوصاً بعد ما اتأكدوا إنه مات، لمحت جنبه عروسة نادين، كانت غرقانة دم.
خدت كوباية الشاي وطلعت الصالة، كنت قاعد وانا حاسس إن جسمي كله بيرتعش، فجأة شوفتها قاعدة على الكرسي اللي قدامي وبتضحك نفس الضحكة…
– نادين!.. انتِ عايشة؟
– ماتخافش، بابا ماعرفش اللي انت عملته.
– انا ماكنتش اقصد.. اااانا كنت عايزه هو بس اللي يموت.
– ماما بتقولك خلي بالك من نفسك.
بصت ساعتها لعروستها وقالتلي..
– انا لازم امشي دلوقتي عشان اتأخرت.. يلا يا روز.
– لا.. لا.. نادين استني.. استني ماتمشيش.. لا لا نادييييين.
الدكاترة خرجوا من أوضة العمليات، سألتهم ايه اللي حصل لكن ماحدش فيهم بيرد، كان فيهم دكتور باين عليه الزعل وسمعت التاني بيقوله…
– انت عملت اللي عليك يا دكتور، هي كانت جاية حالتها صعبة، ربنا يرحمها، وبعدين الله أعلم لو كانت عاشت كانت هتعمل ايه بعد ما ابوها وامها ماتوا، أكيد مالهاش غيرهم في الدنيا.
صرخت فيه وانا بعيط…
– لا ليها، انا أخوها الكبير، رجعها وانا هخلي بالي منها، بس رجعهالي.. رجعهالي أرجوك.
شوية وخرجوا اتنين ممرضات وقدامهم الترولي عليه نادين، مشيت وراهم والدموع مالية وشي، دخلوا أوضة باردة جداً، وهناك سلموها لواحد في الأوضة دي وهم بيقولوا له…
– دي البنت اللي كانت في حادثة الصحراوي، حطها جنب أبوها وأمها.
رد عليهم الراجل بأسف…
– لا حول ولا قوة إلا بالله، دي العيلة كلها ماتت، ربنا يرحمهم يارب.
– لسه في جثة كمان هتجيلك كمان شوية، للأسف.. مالحقناش ننقذه هو كمان.
– يا ساتر يارب، ايه يا حميدة، انتِ علي طول كده ما بتجبيش اخبار عدلة أبداً؟
– يعني انت واقف في مشرحة، مستني مني ادخل عليك بمولود جديد يعني؟!
– روحي يا شيخة ربنا ينجدنا من تحت ايدك.
– ماتقلقش، يوم ما تعملها انا اللي هجرك لحد هنا بايدي.
جر الترولي وبعدين دخلها التلاجة وقفل عليها، شوية ولقيته رايح ناحية ترولي موجود في نص الأوضة، رفع الغطا ولقيت أبويا نايم قدامه، وشه كان مليان إزاز، بدأ يشيل الإزاز من وشه واحدة واحدة، وبعد دقايق دخل الدكتور وسأله…
– بتعمل ايه يا عبده؟
– بشيل الإزاز من وشه يا دكتور.
قرب الدكتور من الجثة وقاله وهو بيمد ايده ناحيته..
-وريني كده.
ناوله عبده الحاجة اللي كانت في إيده ورجع لورا خطوتين وفضل يتابع الدكتور وهو شغال.
ماعرفش ليه كان في جوايا حتة مرتاحة وانا شايف المنظر ده، يمكن عشان كان نفسي من زمان ارتاح من وجوده، أو يمكن عشان دي الموتة اللي كان فعلاً يستاهلها.
فوقت على صوت الباب بيتفتح بره، وسمعت صوت راسكي بينبح، قومت جريت على الصالة وساعتها اتصدمت، أمي ونادين كانوا واقفين قدامي، بعد ثواني فوقت وجريت عليهم، حضنتهم جامد أوي وانا بعيط لما قولتلهم…
– انتوا كويسين.. الحمدلله.. ماحصلكوش حاجة!
ضحكوا عليا هم الاتنين وأمي قالتلي…
– في ايه يا حبيبي هيحصلنا ايه يعني؟!
ردت نادين بضحك…
– شكله كان فاكر إننا مش هنرجع تاني.
حاولت ألم الموضوع ومابالغش في فرحتي برجوعهم، وسألتها وانا مستغرب…
– بس هو ايه اللي حصل؟.. انتوا.. انتوا رجعتوا ليه؟!
– ماهنش عليا اسيبك لوحدك، وبيني وبينك كده، هي جت من عند ربنا والعربية عطلت، بص، أبوك هيدخل دلوقتي مش طايق نفسه، حاول تبعد عنه خالص.
– هو فين؟
– واقف بره مع الراجل اللي شد العربية بتاعتنا لحد هنا.
وقتها اتكلمت نادين…
– انا هدخل أوضتي بقى عشان انيم روز وانام انا كمان.
– لا هتدخلي الأول تاخدي حمام وبعدين تنامي.
– لما اصحى يا ماما.
– نادين.. اللي اقول عليه يتسمع.
دخلت نادين ناحية أوضتها وهي زعلانة من القرار اللي أمي خدته وبعدها أمي قالتلي وهي داخلة أوضتها…
– احمد… يلا على أوضتك وابعد عن أبوك الساعة دي.
– حاضر يا ماما.
كنت واقف في الصالة فرحان جداً لرجوعهم، بس الفرحة كانت ناقصة لأنه رجع معاهم، جت في بالي ساعتها فكرة مرعبة، لو كشف اللي انا عملته هتبقى مصيبة، جريت على الشباك وبصيت عليه، كان واقف لوحده قدام العربية وفاتح الكبوت، قعد يفحص كل حتة، فجأة رفع راسه وبص ناحيتي، رجعت لورا عشان مايشوفنيش، ثواني وبصيت تاني من الشباك، لقيته باصص ناحيتي ومبتسم، دخلت أوضتي بسرعة، كنت مرعوب، الابتسامة دي معناها إنه كشف عملتي، طب هتصرف ازاي دلوقتي؟.. سمعت صوت الباب بيترزع، جريت واستخبيت في الدولاب، باب الأوضة اتفتح، كان بيدور عليا في كل حتة في الأوضة، بعدها جه ناحية الدولاب، حبست أنفاسي عشان مايحسش بوجودي، في اللحظة دي أمي دخلت الأوضة، وسألها بنبرة حادة…
– البيه فين؟
جاوبته وهي مترددة…
– ماعرفش، ممكن يكون بره في الجنينة أو ممكن يكون في الحمام.
خرج من الأوضة وهو بيزعق…
– انا هعرف الاقيه.
أمي قربت من الدولاب وفتحته، كنت بترعش في حضنها من الخوف، ف بصت لي وهي بتقولي…
– ماتخافش، مش هيقدر يعملك حاجة طول ما انا موجودة.
استغربت من كلامها، بس كنت محتاج حضنها في الوقت ده وعشان كده اترميت جواه.. وفجأة.. وقتها شوفته، كان واقف على باب الأوضة وبيبص لي بغضب، قرب ناحيتي بسرعة، صَرخت، أمي سابتني وقامت وقفت في وشه، أول مرة تحصل، أمي كانت بتزعق في وشه، كانت بتدافع عني بكل جراءة، والغريب بقى إنه ماقدرش يواجهها، كل اللي عمله إنه بص لي بغضب وخرج من الأوضة، بعدها أمي لفت وحضنتني وهي بتقولي…
– ماتخفش منه تاني أبداً، انا جنبك ومش هسيبك مهما حصل.
– ماما، انا عايزك تسامحيني، انا ماكنتش قصدي اعمل كده.
– انا عارفة انه ماكنش قصدك، انا مش زعلانة منك يا حبيبي، وبعدين ماحدش فينا حصله حاجة ماتقلقش، و دلوقتي بقى قوم يلا اغسل وشك وتعالى عشان نتغدى.
– حاضر.
خرجت أمي عشان تجهز الغدا وانا قومت عشان ادخل الحمام.. بس قبل ما اخرج من الأوضة قفلت الدولاب تاني زي ما كان، دخلت بعد كده الحمام غسلت وشي، بصيت في المراية وبدأت ابتسم ابتسامة ثقة، أخيراً حاسس بالأمان، أمي قدرت تسيطر على غضب ابويا والموضوع عدى من غير أي خساير، مش بس كده، لا، ده كمان من هنا ورايح ابويا مش هيقدر يعمل اللي كان بيعمله معايا زمان، أخيراً هرتاح من جنونه وعصبيته، فتحت الباب وخرجت بس لقيت عروسة أختي واقعة على الأرض قدام باب الحمام، بصيت يمين وشمال مالقتش حد، وطيت على الأرض وشيلتها ومشيت ناحية أوضتها، الباب كان مقفول، خبطت على الباب بس ماكنتش سامع حاجة، خبطت تاني وبرضه ماجاليش رد، حطيت ودني على الباب عشان اسمع بوضوح وهنا كانت المفاجأة، انا سمعت نادين بتتكلم بصوت مرعب، كلام مش مفهوم، فتحت الباب بسرعة لقيتها قاعدة على السرير وبتلعب بلعبة من اللعب بتاعتها، بصيت لها بخوف وقولتلها…
– هو… هو انتِ كنت بتكلمي مين دلوقتي؟
قالت لي وهي بتضحك وبتحرك اللعبة بتاعتها…
– تخيل يا احمد لوز زعلان عشان بلعب مع روز أكتر منه.
فضلت واقف مكاني مستغرب من اللي هي بتقوله، بصت هي على ايدي وشافت العروسة فقالت لي بفرحة…
– الله، انت لقيت روز، شكراً يا احمد، انا دورت عليها كتير بس ماكنتش لقياها، و لوز ماكنش راضي يقولي هو خباها فين.
خلصت جملتها وجريت عليا عشان تاخد العروسة، شدتها مني، بس أول ما ايدها لمست ايدي حسيت برعشة غريبة في جسمي، اتنفضت من مكاني، سيبت الأوضة بسرعة وخرجت، مش فاهم ايه اللي حصل وليه حسيت بالرعشة الغريبة دي أول ما نادين لمستني!.. دخلت المطبخ لقيت أمي واقفة بتتطبخ وكانت بتغني أغنية جميلة أوي، صوتها كان حلو جداً، انا مش فاكر انها كانت بتعرف تغني اصلا، فضلت بسمعها لحد ما خلصت وبعدها صقفت جامد، ومع صوت صقفتي لفت وشها وقالت لي…
– أحمد!.. انت هنا من امتي؟
– من أول الاغنية، ماكنتش اعرف إن صوتك حلو كده يا ماما.
– اه صوتي طول عمره حلو، بس ابوك الله يسامحه نساني الغنا ونساني حتى اسمي.
– ماما.. هو ليه بيعمل فينا كده؟
– بيحبني!.. بيحبني ازاي وهو كل شوية يضربني؟!
– ماهو فاكر انه لما يضربك هتكون أشطر وهتسمع الكلام، هو نفسه يشوفك أحسن واحد في الدنيا، لكن طريقته دي غلط.
– طيب، انا هدخل اوضتي على ما تخلصي الأكل.
– ماشي يا حبيبي، بس حاول تبعد عن ابوك خالص، اديك شايف انا مش فاضية أحوشه عنك دلوقتي.
– حاضر.
كان الدكتور لسه بيخرج الإزاز من وشه، المنظر كان بشع بس زي ما قولتلك قبل كده، كان في حاجة جوايا مرتاحة للمنظر ده، بعد شوية دخلت الممرضة وزميلتها ومعاهم ترولي جديد، لف عبده عشان يستلمه منهم وهو بيسألهم…
– دي الحالة الجديدة.. اتأخرت كده ليه؟
ردت واحدة منهم…
– اه.. بس لسه واصلة حالاً، الإسعاف ودته مستشفى تانية وبعدين بعتوه على هنا.
– ماشي.
رفع الغطا بهدوء بس فجأة وشه اتغير وفضل يقول..
– لا حول ولا قوة إلا بالله، إن لله وإن إليه راجعون، إن لله وإن لله راجعون.
جريت عشان اشوف مين اللي موجود لكني مالحقتش، عبده كان نزل الغطا على وشه، ف الدكتور سأله في اللحظة دي…
– في ايه يا عبده!.. أول مرة تشوف جثة ولا ايه؟
– لا يا دكتور بس…
-طيب، نركز في شغلنا شوية بقى، يلا دخل الراجل ده التلاجة وهاتلي الترولي ده هنا عشان نشوف الحالة دي ايه هي كمان.
– حاضر.. حاضر يا دكتور.
زق الترولي ناحية باب التلاجة وبعدها دخل الجثة وقفل الباب، حرك الترولي التاني لنص الأوضة، في الوقت ده كان الدكتور بيغير الجوانتي وبيعقم ايده، بعدها وقف وقال لعبده…
– انا هشرب سيجارة الأول.
– ماشي وانا هخرج أجيب شوية حاجات و اجي.
– بس متتأخرش، لسه ورانا شغل كتير وانا عايز أخلص بدري النهاردة.
– خمس دقايق و ارجع مش هتأخر.
فوقت على صوت غريب، كان في زمجرة جاية من ناحية الدولاب، قومت من على السرير بهدوء ومشيت ناحية الدولاب، الصوت كان مرعب، فضلت واقف قدام الدرفة وانا خايف افتحها، وفي نفس الوقت كنت عايز اعرف ايه اللي موجود جوة الدولاب، قربت ايدي من الدرفة وانا متردد، فجأة سمعت صوت أمي بتنده عليا، الصوت اختفى ساعتها، فتحت الدرفة ومالقيتش حاجة جوة.. امي ندهت تاني، قفلت الدولاب وخرجت لها بره، كانوا قاعدين كلهم على السفرة، شكلهم كان غريب، كانوا كلهم قاعدين مركزين في الأكل وماحدش فيهم حس بوجودي، قعدت على الكرسي وبدأت أكل، ساعتها أمي بصت لي وابتسمت، وشها كان منور زي عادتها، بس في اللحظة دي ابويا بص لي بغضب ورجع بصلها وهو بيزعق، بعدها ساب السفرة وقام، مش عارف هو ليه بيعمل كده؟.. ابتسمت أول ما مشي و قولتلها…
– أحسن انه مشي عشان نفضل احنا التلاتة بس.
ضحكت هي ونادين بصوت عالي وبعدها غمزت لي…
– عندك حق يا واد.. يلا ناكل احنا ونسيبه.
في الوقت ده راسكي جه وقعد جنبي، طبطبت عليه وفضلنا نضحك ونهزر، الليل دخل وكل واحد فينا راح أوضته عشان ينام، كنت مبسوط اني قضيت وقت لطيف معاهم، نمت بسرعة من كتر ما انا مبسوط، مافكرتش في أي حاجة، بس في الحلم شوفته وهو بيقرب من السرير، كان بيبتسم ابتسامة خبيثة، حط ايده على رقبتي وبدأ يخنقني، حاولت اخلص نفسي من بين ايديه، بس ماكنتش قادر، حسيت روحي بتتسحب مني، وفجأة صحيت على صوت تليفون البيت بيرن، قومت وانا حاسس باثار ايديه على رقبتي، التليفون كان لسه بيرن، خرجت جري على الصالة ورفعت السماعة…
– الو.
– الو، منزل السيد فوزي محروس؟
– ايوة مين؟
– حضرتك تقربله ايه يافندم؟
– انا ابنه.. مين حضرتك؟
– انا من المستشفي العام، والد حضرتك ومعاه والدتك وأختك عملوا حادثة على الطريق الصحراوي وللأسف كلهم ماتوا.
– ماتوا.. ماتوا ازاي؟
السماعة وقعت من ايدي لما شوفتهم التلاتة واقفين قدامي، كانوا بيضحكوا وهم بيقربوا ناحيتي، نادين قالت لي بصوتها الرقيق…
– تعالى عشان تلعب معايا.
رجعت لورا وانا بحاول اهرب منها، أمي اتقدمت هي كمان ناحيتي وقالت لي…
– مش عايز تيجي مع أمك حبيبتك.
– لا لا أرجوكِي.. سيبيني أعيش.
قرب مني ابويا وهو بيبص لي بغضب…
– وانت ماسيبتهمش يعيشوا ليه؟
صوت ضحكته كان بيدغدغ أعصابي، كان شمتان فيا عشان أكتر اتنين بحبهم ماتوا غصب عني، ماكنش فارق معاه انهم ماتوا على قد ما هو فرحان بعذابي.
عبده كان واقف جنب الدكتور وهو بيرفع الغطا عن الجثة، كانت جثة لشاب عنده ١٦ سنة!
************
أول ما الشاب اللي قاعد على الدكة وصل للجملة دي، وقفت وانا ببعد عنه، حسيت برعشة في جسمي كله، تليفوني رن ساعتها، طلعته بسرعة وانا ايدي بتترعش…
– ايوة ممممين؟
– انت فين يا ابني؟
– انا.. ااانا قاعد بره شوية، في حاجة ولا ايه؟
– اه تعالى بسرعة عشان دكتور نادر بيسأل عليك في الطوارئ.
– حاضر.. حاضر هجيلك حالاً.
قفلت معاه المكالمة ولفيت عشان أشوف الشاب وانا بقوله…
– انا اسف، مضطر امشي عشان…
اختفى ماكنش موجود، بصيت يمين وشمال، لكني مالقتهوش، يا ترى راح فين ده؟!.. ماكنش عندي وقت عشان ادور عليه، جريت على الطوارئ وساعتها دكتور نادر بهدلني على التأخير لإن الدنيا كانت مقلوبة بسبب الحادثة، وانا اختفيت، اليوم كان مرهق جداً بس انتهى أخيراً الحمدلله، رجعت انا ومحمود على الاستراحة عشان نريح شوية، وواحنا ماشيين قولتله وانا متردد…
-محمود. في حاجة غريبة حصلت النهاردة!
– حاجة!.. حاجة ايه؟
– لما كنت بره قابلت شاب قاعد في اخر الجنينة لوحده، بعدها حكالي حكاية غريبة كده وقال حاجات ماكنتش قادر افسرها.
ضحك محمود وقالي..
– ايه ده هو طلعلك؟!
-طلعلي!.. هو مين ده اللي طلع لي؟
– منير.
-لا لا.. لا ماكنش اسمه منير، اسمه كان… اه اسمه احمد فوزي.
– امممم هو قالك كده؟
كنت متغاظ من ضحكته المستفزة اللي ماكنتش عارف سببها، وقتها كنا وصلنا للأوضة، ف دخل وانا وراه وقالي وهو بيقلع البالطو…
– انا هقولك بقى ياسيدي حكاية منير الحقيقية، اسمه منير عبد الهادي، كان شاب مضطرب بسبب تصرفات ابوه العنيفة معاه، في يوم قرر انه يتخلص من ابوه بس ماكنش عارف يعمل كده ازاي، لحد ما جت الفرصة، أمه خدت أخته وخرجوا عشان يزوروا جدته، استغل الفرصة دي وفتح انبوبة البوتجاز على الأخر وخرج من البيت، كان فاكر ان خطته نجحت وان ابوه هيموت مخنوق من الغاز، بس اللي ماعملش حسابه إن أمه ترجع هي وأخته بسرعة لانهم مالقوش جدته في البيت، وطبعاً انت عارف أول ما دخلوا وفتحوا النور البيت كله انفجر وكلهم ماتوا حتى الكلب اللي كان جوة البيت مات معاهم.
-الله.. طب ومنير راح فين؟
-الإسعاف لما راحت كان هو واقف بيتفرج على الدمار اللي سببه، ماستحملش وبدأ يبان عليه الإضطراب واعترف بكل حاجة، لما راح النيابة طلبوا الكشف على قواها العقلية وجابوه المستشفى هنا، كانت وقتها مستشفى أمراض نفسية وعصبية، يعني عشان كانت متطرفة عن المدينة، بعد كده تقرير المستشفى أثبت إنه فعلاً بيعاني من حالة اضطراب شديدة، وإنه ماكنش مدرك وقت تنفيذ الجريمة، ف النيابة قررت إيداعه المستشفى وكان نزيل رقم 66، الناس بتقول إنه قعد بعدها يتكلم مع أمه وأخته وحتى الكلب، بس ماحدش كان بيشوفهم غيره، وفضل كده حوالي خمس سنين لحد ما دخلوا في يوم الأوضة لقوه مش موجود، ولما دوروا عليه اتفاجئوا إنه شانق نفسه على الشجرة اللي في أخر الجنينة.
– الشجرة اللي.. اللي كان قاعد معايا عندها؟!
– بالظبط، ومن يومها وكل اللي بيشتغل هنا بيشوفه لو راح هناك بالليل، بس الغريب بقى إنه كل مرة بيحكي حكاية مختلفة باسماء مختلفة، لكن العامل الوحيد المشترك في حكايته، إنه فعلاً بيكره أبوم وانه ندمان على موت أمه وأخته.
كنت مصدوم من اللي بسمعه وجسمي كله فيه رعشة غريبة، يعني انا كنت قاعد طول الوقت ده مع شبح بيلعب بيا!.. ماكنتش قادر اتحرك من مكاني بس في اللحظة دي لمحته عند الشباك كان واقف مبتسم، بعدها شاورلي واختفى، ماقدرتش اقعد في المستشفى يوم كمان، أول ما النهار ما طلع اتكلمت مع الدكتور نادر وشرحت له كل اللي حصل معايا وطلبت منه يحاول يساعدني أنقل لمستشفى تانية، وفعلاً اتنقلت بعدها لمستشفى في المدينة.. عدى على الموضوع ده أكتر من عشر سنين، بس لحد النهاردة مش قادر انسى احمد فوزي ولا حكايته الوهمية اللي كان نفسه ينفذها.. اه.. قصدي منير عبد الهادي اللي.. اللي تقريبا بيظهرلي كل يوم في احلامي وبيقعد يحكيلي حكايات مختلفة بطرق موت مختلفة قتل بيها ابوه وعيلته، وفي كل مرة بصحى وانا مخنوق ومتضايق بسبب بشاعة القصة، ويمكن اللي خلاني اكتبلك هو خوفي.. مش منه لا، خوفي من إني واحدة واحدة اتحول لمنير عبد الهادي.. او النزيل رقم ٦٦.