#هدية_عيد_الأم
كل سنة و انتو طيبين ، اليوم اللى بيحتفل فيه العالم كله بعيد الأم قرب . في الغالب كلكم مخبيين الهدايا اللى جايبينها و مستنيين اللحظة المناسبة عشان تهادوا بيها امهاتكو .
أنا برضوا زيكوا كده … لكن الهدية اللى أنا جايبها مختلفة شوية.. في الحقيقة أنا واثق أن مفيش حد فيكم جايب زيها، و ده عشان تاريخ النهاردة بيمثل مناسبة مُهمة للعيلة .. مناسبة كلنا هنشارك فيها بلا استثناء … مش حابب احبطكم بس الموضوع مش زي مانتو مُتخيلين ..
طيب … طالما مُهتمين للدرجة دي … أنا هحكيلكم … بس خليكو فاكرين ، انتو اللى صممتوا تعرفوا .
خلينى ارجع معاكم للبداية … أو يعنى اللى أنا بعتقد إنه البداية …
اليوم ده كان من سنين طويلة لكنى لسة فاكر كل تفاصيله، و كأنه كان امبارح بالظبط … صوت الازاز اللى اتكسر خلانى أصحى وأنا مفزوع .. الأوضة من حواليا كانت ضلمة كلها … قعدت مكانى على السرير بعيط … كنت خايف و مش عارف أعمل ايه الأصوات حواليا بتعلى في كل مكان … بس كان مغطى عليها صوت أمي وهي بتصرخ .
جسمى ارتعش بشكل لا ارادى و قمت من مكانى ..خرجت للصالة اللى كانت كلها مليانة نار … من ورا ازاز الشباك المكسور شايف ناس كتير واقفين وواحد فيهم بيحاول يكسر الباب …
صوتهم عالى .. بس مش قادر افهم اللى بيتقال … وقفت مكانى وانا بعيط و على لسانى كلمة واحدة بس … ماما .. ماما ..
كنت شايفها من ورا النار … عبارة عن خيال اسود مش باين ليها اى ملامح … كانت بتحاول توصلى .. آه أكيد كانت بتحاول توصلى، في النهاية هى أمى و أكيد هي أكتر حد في العالم بيخاف عليا .
فجأة وقع باب الشقة على الأرض … دخل شخص كان مغطى جسمه كله ببطانية و حاول ينقذنى ..
شالنى من على الأرض و حطنى تحت البطانية … لسة سامع صوت أمي وهي بتصرخ … شايف خيالها و هي بتحاول تدور على مكان تهرب منه .
لكني بعد ما خرجت برة … شوفت ناس كتير واقفين … ببساطة واقفين بيتفرجوا … محدش فيهم كان بيحاول إنه يطفى النار أو حتى ينقذ أمي … عمرى ما هنسى نظراتهم ليا أو للشخص اللى انقذنى … نظرات ماكنتش عارف معناها في الوقت ده … لكنى دلوقتى عارفها كويس أوى .
فجأة كل اللى كانوا واقفين حاولو يهجموا عليا … عيونهم كانت بتلمع و كأنها بتطلع شرار … كل واحد كان بيحاول يمسكني … مكنتش عارف عايزين منى ايه … حتى انهم نزلوا ضرب في الشخص الوحيد اللى كان بيحاول يساعدنى … مكنش قدامى اى حل تانى … مكنتش فاهم حاجة .
جريت … جريت بأقصى سرعة عندى … جريت و كأنى بسابق الموت … مكنتش عارف أنا رايح فين … كنت بحاول اخلص من اللى بيجروا ورايا .
بعد ما نفسى اتقطع من الجرى … حسيت اني لازم اقف … أول حاجة شفتها قدامي كانت عربية نص نقل عليها كراتين كتير … في كل لحظة بتعدى كانوا بيقربوا منى أكتر .
نطيت في العربية و اتداريت بين الكراتين، بكيت بصوت مكتوم … كنت خايف ان حد فيهم يسمعنى … مكنتش حاسس بأطرافي من الساقعة … ضميت جسمى على بعضه و فضلت ف مكانى … مكنتش مستوعب اللى بيحصل … ماقدرتش اقاوم جفنى اللى انهار من التعب … و روحت في النوم ..
محستش بنفسى غير تانى يوم الصبح لما راسى اتخبطت في واحدة من الكراتين اللى جنبى … العربية كانت بتتهز بعنف و هي ماشية على الطريق … الطريق السريع و منظر العربيات الكتير ده كان شئ أول مرة اشوفه فى حياتى … كنت خايف و مفزوع من كل حاجة .
ابتدت العربية تهدى لغاية ماوقفت … في الوقت ده نطيت … نطيت و جريت لأبعد مسافة ممكنة .
كل حاجة حواليا كانت غريبة بالنسبالى … بداية من الهدوم اللى كانوا لابسها الناس و الملامح اللى كانت ظاهرة على وشوشهم … لغاية المباني العالية اللى موجودة في كل مكان حواليا .
كانت أسوأ أيام عشتها في حياتى … نمت في عز البرد في الشارع … كان الجوع بيقرصنى لدرجة اني كنت باكل مع القطط و الكلاب من الزبالة … محدش كان بيبصلى بعين الرحمة أو حتى بيساعدنى ..
لغاية ما جه اليوم اللى عرفت فيه صاحبى الجديد … فارس .
فارس كان اكبر منى بحاجة بسيطة، لكنه في وقت قصير بقى هو كل حاجة بالنسبالى .
كان باين عليه إنه ابن ناس و مبسوط، و كنت دايماً بشوفه بيلعب لواحده في المنطقة اللى انا فيها … مع الوقت بقينا صحاب و كان بيجيبلى أكل من المطعم بتاعهم … ده حتى كان بيدينى هدومه و لعبه القديمة .
كنت ابتديت أحس إن أنا ممكن اتأقلم مع حياتي الجديدة … أيوه أنا كنت متبهدل و كانت حياة قاسية، بس على الأقل كان في حد بيهتم بيا … كنت كل فترة بلاقى أكل آدمى … مكنش في حد بيهيننى ولا بيعذبنى.
ابتديت احس أن تجاهل الناس ليا نعمة … كنت عايش فى حالى، بس حصل اللى مكنتش متوقعه .
اللى عرفته بعد كده … أن أهل فارس كانوا متضايقين من علاقتى بيه ، فحبوا يخلصوا منى بس بطريقة شيك شوية ماتحسسهمش بالذنب . في يوم من الأيام لاقيت والده واقف مع شخص وبيشاور له عليا، بعد كده جه الشخص ده وقدملى نفسه .
مسئول الدار: (بحنية مُبالغ فيها) إزيك يا حبيبى … أنا مسئول في دار أيتام قريب من هنا ، و انت باين عليك قاعد لوحدك و ماعندكش بابا ولا ماما …
المكان عندنا في أطفال كتير من سنك، كلهم هيبقوا اصحابك …. كمان في عندنا جنينة كبيرة عشان تلعب فيها … هيكون ليك سرير مريح و دافى عشان تنام فيه كل يوم .
هتتعلم هناك حاجات كتير و هتاكل 3 وجبات في اليوم، ده غير الحلويات و الفاكهة اللى موجودين عندنا على طول … ها … ايه رأيك بقى تيجى معايا ؟؟ ……
لما سمعت الكلام ده كنت هطير من الفرحة، أكيد اللى مستنينى هناك احسن بكتير من اللى أنا فيه .
طبعاً وافقت اني أروح معاه … و هناك بدأت مرحلة جديدة في حياتي … هناك كل حاجة اتغيرت.
” دار الطفل السعيد ” ده كان اسم الدار … لسة فاكر اليافطة الكبيرة على الباب و اللى كان مرسوم عليها وش طفل بيضحك .
المبنى كان عبارة عن 3 أدوار و حواليهم جنينة صغيرة مليانة خضرة و العاب. الليلة دي كانت أول ليلة احس فيها بالدفا من مدة طويلة .
إدانى الشخص ده هدوم جديدة ودخلنى الحمَام عشان استحمى … بعد ما خلصت مشى معايا عشان يورينى المكان اللى هنام فيه .
مشينا في طرقة طويلة كان فيها 5 بيبان … كل باب خاص بأوضة … الأوض كانت عاملة زي العنابر، مليانة سراير بدورين فوق بعض … بالظبط زي علبة السردين .
وقفنا عند سرير في آخر الأوضة … السرير كان فاضى … بس كان علية هدوم شكلها بتاعة حد هنا.
شال الهدوم في ايده و هو بيقولى .
المشرف: (بتكبُّر) اترمى هنا … صاحب السرير ده بقاله كام يوم مش ظاهر … شكله كده غار من هنا .
اعتبر ده سريرك على ما يظهر … ساعتها نبقى نشوف لك اى داهية تانية … كانت نقصاك هي أصلاً …….
قعدت على السرير وكل الأطفال كانوا بيبصولى، محدش فيهم اتكلم … كان واضح عليهم المفاجأة و كأنى إقتحمت عالمهم، صوت الصمت كان مالى المكان حواليا … كنت مرعوب .
المرتبة كانت ناشفة و مُتعبة … بس أكيد مش هتبقى أنشف من نومة الأرض … شيلت كل الأفكار دي من دماغى … كنت تعبان … و كنت بفكر في حاجة واحدة، إني أنام .
عدت الأيام و اتعلمت حاجات كتير، شوفت هنا انواع من الاهانة والضرب … اتعلمت ازاى امشى جنب الحيطة عشان ارتاح … و اتعلمت برضو امتى اقدر أعمل اللى أنا عايزه من غير ماحد يكشفنى .
كان في كده أيام مُعينة بيتلم فيها المشرفين و يقعدوا يتسامروا مع بعض، كنت بهرب من فوق السور و برجع تانى قبل ما الليل يليل .
الأوقات دي هي اللى كانت مصبرانى على السجن اللى أنا عايش فيه … كنت بحس اني حر .. حتى لو كان إحساس مؤقت … بس كان مُرضى بالنسبالى … الموضوع كان عبارة عن خيارين مالهمش تالت … يا إما افضل محبوس في الدار بس على الأقل باكل و اشرب وليا مكان انام فيه … يا أما أهرب و ارجع للنوم في الشارع و الأكل مع القطط و الكلاب .
كنت حاسس اني كده قادر اوازن بين الاختيارين دول … خصوصاً و اني كنت فى الوقت ده بقابل فارس و نقعد نتكلم مع بعض بالساعات .
شوفت كمان ازاى الناس ممكن تتغير عشان مصالحها … يوم الجمعة من كل أسبوع هو يوم الزيارات .
كان بيزورنا ناس كتير و يجيبولنا هدايا وهدوم جديدة … و يابخته اللى تقرر عيله انها تتبناه … كانت حاجة نادرة، لكنها كانت بتحصل.
كل ده بقى غير التبرعات اللى مكناش بنشوف منها حاجة … في اليوم ده كان بيتحول المشرفين 180 درجة … و كأنهم ملايكة ماشيين على الأرض . كان بيبقى كل همهم في اليوم ده اننا نبان نضاف و محترمين قدام الزوار … والا الناس هتبطل تتبرع للدار.
5 سنين اتعرضت فيهم لتجارب كتيرة … وزى ما قدرت اني أكسب صُحاب … كان ليا برضو أعداء.
باهر و شلته كانوا أكبر3 في الدار، كانوا دايماً بيدوروا على المشاكل و مكنش في حد يقدر يقف قصادهم .
في يوم كنا في المطعم و كنا واقفين في طابور الأكل … بكل برود زقنى باهر ووقف مكانى …
في اللحظة دي اتعصبت و الدم غلى فى عروقى، مشفتش قدامي و تفكيرى اتلغى … و في ردة فعل لا ارادية زقيته بعزم ما فيا .
اتفاجأ كل اللى في المطعم وهما بيبصوا لباهر اللى وقع على الأرض … أنا كنت زيهم بالظبط … مكنتش عارف أنا عملت كدا ازاى … قام باهر من غير ما يتكلم او حتى يلمسنى … لكنه كان بيبصلى بصة كلها شر و كره ، بصة مكنتش اول مرة اشوفها … كل الموجودين اتعجبوا من ردة فعله … بس انا الوحيد اللى كنت عارف ده معناه ايه .
ليلتها اول مادخلت الأوضة بالليل، حسيت أن في حاجه مش طبيعية … كلهم كانوا نايمين و النور كان مطفى كله على غير العادة … نمت على سريرى و سحبت الغطا عليا .
عدى 5 دقايق و أنا بحاول أنام … لكنى كنت قلقان و مش عارف اغمض عينى … فجأة سمعت صوت خروشة جاى من تحت السرير … فكرت أن ده ممكن يكون فار ولا حاجة … المكان هنا مش انضف مكان في الدنيا يعنى .
الصوت فضل مستمر …الصمت اللى حواليا خلانى اقدر اسمعه بوضوح، ركزت معاه اكتر … مكنش صوت خروشة ولا حاجة، ده صوت حد بيتنفس … جسمي اتخشب في مكانه و الدم اتجمد في عروقي … الصوت كان مستمر … واحدة واحدة عدلت جسمى و قعدت على السرير .
بصيت حواليا … اتلفّت يمين و شمال … مكنش فى حد صاحى ، أكيد مش هينفع انام وسط التوتر والرعب دول … استجمعت كل قوتي و قررت اني اشوف ايه اللى تحت السرير .
مش هكدب لو قولت اني مكنتش خايف في الوقت ده … نزلت على ركبى ببطئ شديد جنب السرير … بهدوء تام وبتردد ابتديت اوطى دماغى على الأرض …
المكان تحت كان ضلمة … كان خيال بيتحرك بثبات بس مكنش واضح ايه هو … مرة واحدة لقيت عينين بيلمعو و بيبصو ناحيتى … اتنفضت من مكانى و حاولت أخرج لكن راسى اتخبطت في السرير .
في الضلمة شايف ملامح لأيدين بيتحركوا ناحيتي … حاولت أهرب … لكنى وقعت على الأرض … قلبى كان بيدق بسرعة و أنا شايف الشيء ده بيحاول يخرج من تحت السرير .
سندت على أيدي و رجعت لورا بسرعة لغاية ما وصلت في الحيطة … لقيته واقف قدامي و بيبصلى فى صمت … محدش من الموجودين صاحى … حاولت أصرخ لكن صوتى مطلعش .
جرى عليا بسرعة و مسك أيدي من ورا … من رهبة الموقف ماقدرتش اقاوم … مقدرتش اعمل اى حاجة … حسيت ان روحى بتتسحب منى … حست إنه خلاص هيغمى عليا .
مرة واحدة نور الأوضة اتفتح و سمعت خطوات بتقرب من مكانى … بصيت ورايا لكنى ماقدرتش اشوف مين اللى ماسكنى … حاولت اقاوم و اصرخ … المرادى صوتى طلع … لكنى ماقدرتش أفلت منه .
جسمي ارتعش و اعصابي كلها سابت … و … و حسيت بماية دافية بتتسرب بين رجلى .
باهر: ههههههه لأ إنشف كده …. هو انت لسة شوفت حاجة ……
ده كان أكتر موقف مُحرج و مُرعب عدى عليا في حياتي كلها … باهر كان واقف قدامي و في عينيه نفس نظرة الحقد و الغل .
مابقتش عارف اطمّن عشان عرفت ان اللى ماسكنى ده مجرد شخص عادى … ولا افضل خايف عشان اللى هيعملوه فيا .
بمجرد ما ضربنى حسيت أن كل اللى ف بطنى هيخرج بره جسمى، و حسيت بروحى بتتسحب من جسمى .
باهر: إيه يا توتو .. وجعتك .. و عاملى فيها بطل ……
بصيت حواليا عشان استنجد بأى حد … كلهم كانوا بيتفرجوا عليا من غير اى ردة فعل … محدش حتى حاول يساعدنى .
باهر: و دي بقى عشان تبقى تعرف مقامك كويس …..
رموني على الأرض و فضلوا يضربوني و يشوطو فيا ولا كأنهم بيتخانقوا على كورة … مكنتش عارف اتصرف، كانوا كلهم أكبر منى و عددكم أكتر … كل اللى كنت بعمله هو اني بصرخ و بتوجع من الضرب.
غمضت عينى و اتمنيت أن العذاب اللى أنا فيه ينتهى …. بس فجأة الضرب وقف .
باهر: المره دي أنا كنت رحيم معاك … هههه .. أصلك صعبت عليا … إعتبرها مجرد قرصة ودن … و آه ماتنساش تغير بنطلونك ، يا … يابطل ……
قالهالى باهر وهو و اللى معاه بيتمشو ببطئ ناحية الباب .
باهر: ياريت يبقى عبرة ليكم، و اللى هيحاول يساعده هيحصل فيه اللى انتو شفتوه دلوقتى ده ……
طبعاً مش محتاج اقول أن محدش فيهم حاول يبصلى حتى … قمت من على الأرض و طلعت على السرير.
كنت بقاوم الوجع اللى كان فى كل حتة فى جسمى، كنت حاسس كأنى وقعت من مكان عالى و جسمى كله اتدغدغ .
مكنتش قادر ابطل تفكير في اللى حصلى، ابتدى الغلّ يكبر جوايا وكنت بفكر ازاى انتقم منهم … فضلت ساعات أفكر، لكنّى في النهاية نمت … نمت و أنا جوايا كمية وجعّ وكراهية … اتمنيت أنى اقتلهم كلهم … اتمنيت إن كل واحد فيهم يموت أسؤ موته ممكنة .
والظاهر أن عقلى اللاواعي خلانى اشوف أمنيتى وهي بتتحقق، حلمت اليوم ده باللى كان نفسى اعمله .
باهر و شلته كانوا موجودين في الحمام بيشربوا سجاير كالعادة بعيد عن عين المشرف، كنت عارف مكانهم و روحت عشان انتقم منهم .
قربت واحدة واحدة منهم … كنت مستمتع بالرعب اللى باين على وشوشهم … فكرت ازاى هموتهم بأسوأ طريقة ممكنة .
قالهالى باهر و هو بيرتعش زي العيل الصغير … بمجرد ماقربت منهم كل واحد فيهم جرى على حمام مختلف … كانوا فاكرين انهم هيهربوا منى … بس أكيد مش هسيبهم .
الشخص اللى فضل واقف قدامي كان بيترجانى، بيعيط … مرعوب و مش عارف يتحرك من مكانه.
مسكته من دماغه و خبطه في مراية الحمام، الدم اللى نزل منه ماكنش كفاية بالنسبالى … خبطته مرة تانية و تالتة و رابعة … فضلت اخبط فيه بدون ما يقاوم، وكأنه لعبة فأيدى .. بعد مخلصت مكنش باين فى وشه أى ملامح … وشه كان عبارة عن كتل من الدم و اللحم .. رميته على الأرض .
بصيت على قطع المرايا المكسورة اللى كانت واقعة … بس شوفت حاجة غريبة ، اللى في المرايا ده مكنش أنا … كان كيان اسود ضخم شبه الغوريلا … جلده كان بيتحرك و بيتلاشى و كأنه دخان … راسه و كأنها راس كبش بقرون من نار، عيونة كانت حمرا لون الدم ، و ضوافره كانت طويلة بشكل بشع .
لكنى ما وقفّتش، الغضب اللى جوايا كان أقوى من أى حاجة .. كسرت باب الحمام اللى قدامى ، كان واقف جواه الشخص اللى كتفنى … الصدمة كانت باينه على وشه … ملامحه كانت مبينة كل حاجة من غير مايقولها … قربت منه وانا ببصله و كأنى ملك الموت اللى جاى يقبض روحه .
مسكته من رجله و رفعته لفوق، قدامي كانت قاعدة الحمام، نزلت راسه فيها في وسط ما هو بيصرخ … ضغطت على جسمه لتحت، حسيت بعضمه و هو بيتكسر تحت أيدي … صرخاته كانت بتعلى أكتر و أكتر، لغاية ما سكت مع آخر نفس طلع منه .
سمعت صوت الباب اللى جنبى و هو بيتفتح، خرج باهر ووقف مفزوع من اللى شافه … كان مرعوب لدرجة إنه جاب كل اللى فى بطنة على الأرض … جرى على السلم بكل سرعته .
الأبواب كلها كانت مقفوله، طلع على السلم لغاية ما وصل للسطح. كنت طالع وراه بكل ثبات … مكنتش مستعجل على حاجة … كنت عارف انه مش هيعرف يهرب منى .
شوفته واقف فوق بيحاول يستخبى … المكان كان مفتوح، مفيش حتة ينفع يتدارى فيها. قربت منه وأنا بفكر في طريقة مبتكرة عشان أقتله … كان بيرجع لورا بضهره … ابتدى يعمل حركات غريبة و يتكلم بهيستيريا ..
دي كانت اخر حاجة قالها، صوت صراخه اخترق الصمت اللى حوالينا … وكأن الشمس طلعت في عز الليل . بصيت عليه من الدور التالت … كان متعلق على السور الحديد اللى تحت و جسمه كله متخرم زي المصّفى … ملامحه و البصة اللى على وشه كانت شئ ما يتوصفش … حاجة مشفتش زيها قبل كده … حاجة حسستنى بالفخر … كنت مستمتع باللى أنا شايفه … اللى أنا عملته … بالظبط زي الفنان اللى بيستمتع و هو بيرسم لوحة فنيه .
صحيت على صوت زعيق و ناس بتجرى في كل مكان … كل الموجودين كانوا صاحيين … بس الغريب أن المشرف قفل علينا الباب وكان شكله غريب .
المشرف: مش عايز حد فيكو يتحرك من مكانه ، اوعو حد يخرج بره .. استر يارب … استر يارب … ربنا يعديها على خير ……
قضينا الليل كله واحنا سامعين ناس بتجرى و ناس بتزعق، كنا عايزين نعرف ايه اللى حصل . بس محدش قدر يخرج حتى عشان يروح الحمام . لما طلع علينا الصبح أخيراً سمحلنا المشرف بالخروج، المكان بره كان مليان عساكر و ناس شكلها غريب رايحه جاية بتفتش فى كل حته .
المشرف: اسمعونى كويس … في كارثة كبيرة حصلت هنا و هيتحقق معاكم واحد واحد … أنا عايز كل واحد فيكم يجاوب على قد السؤال اللى هيتسأله ، كل واحد يقول اللى يعرفه و محدش يكدب، اللى هيكدب او يحاول حتى هيروح فى داهيه و محدش هيعرف .
يتبع………
الجزء الأخير
ايه المصيبة اللى حلت علينا دي بس، ايه اللى حصل ده ……
ده اللى قالهولنا المشرف .. كان واضح على وشه التعب و الإرهاق، مكنش واقف على بعضه . المهم أن في اليوم ده اتحقق معانا فعلاً واحد واحد … كلنا اتسألنا عن حاجات بخصوص باهر و الأتنين اللى بيكونوا معاه دايماً … عرفت من الكلام اللى اتقالى ان اللى حصل معايا امبارح اتحكالهم … و عرفت … أن باهر و صحابو … ماتو … اتقتلوا … كلهم .
الخبر ده خلى عقلى يقف عن التفكير، كنت مذهول … ازاى ده حصل … و مين اللى عمل كده … و اللى زود حيرتى هو الكلام اللى سمعت المشرفين بيقولوه … الطريقة اللى ماتوا بيها … كانت … كانت زي الحلم بتاعى بالظبط .
اللى حصل بعد كده هو أن التحقيق اتقفل، كان سبب خروجى بره دايرة المشتبه فيهم هي مواصفات القاتل اللى كشفها التحقيق … حجمه و قوته طبعاً مكنش ليهم أى علاقة بيا.
السيناريو اللى خلص علية التحقيق هو أن ال3 دول حصلت بينهم خناقة كبيرة، باهر قتلهم بس بعد ما فاق لنفسه و عرف عواقب اللى هو عمله … انتحر … ده اللى هما قالوه، بس أنا الوحيد اللى كنت عارف الحقيقة .
الموضوع مخلصش على كدة، سمعة المكان بقت زي الزفت … الزيارات وقفت و الناس بطلوا يتبرعوا. حتى الحكومة قررت انها تسحب ترخيص الدار و تقفله، كل ده حصل بسرعة، بسرعة لدرجة أن محدش فينا قدر يستوعبه … كانوا المفروض هيوزعونا على الملاجئ اللى فيها أماكن فاضية … لغاية ما في يوم حصلت حاجة محدش كان متوقعها .
كانت أول زيارة من مدة طويلة ، وحدة ست تقريباً في الأربعينات … هدومها كانت نضيفة و شيك … لون جلدها كان باهت و ملامح وشها و نظراتها باردة … كأنها لوح تلج … بنظرات حادة كانت بتفحص المكان حواليها … عيونها كانوا واسعين لدرجة تخوف … و شعرها كان مغطى تقريباً نص وشها .
كانت بتوزع هدايا على الأطفال بدون ما تكلمهم ، عينيها كانت بتتنقل بين الموجودين و كأنها بتدور على حد مُعين … لغاية ما شافتنى … فوق شفايفها اترسمت ابتسامة خفيفة … و قربت منى
الأم: أنا بدوّرعليك من زمان ، كنت عارفة إنى هلاقيك هنا … إطمن ، آن الأوان إنك تتعرف على نفسك … كل اللى انت محتاجه هتلاقيه … بس كل حاجة و ليها ميعاد ….
اول ما تكلمت حسيت اني اعرفها من زمان … حسيت أن في رابط خفى مابينّا … حسيت بالأمان … حسيت بالدفا، كانت هي الملاك اللى هينقذنى من الجحيم اللى أنا فيه .
يوميها اتكلمت مع مسئول الدار و طلبت إنها تتبنانى … مش محتاج اقول أن أنا كنت بتمنى إن ده يحصل، و في أيام قليلة كانت كل الأوراق خلصانة .
الأم: ده هيبقى بيتك الجديد، أنا متأكدة انك هتكون مبسوط هنا
المكان من جوه كان مبنى بالحجر، و كأنه قلعة أو حصن … الحيطان كانت مليانة بنقوش و زخارف غريبة … حروف ماشوفتش زيها … كانت حاجة كده من عالم الخيال … كان في أجزاء بارزة منها عبارة عن تماثيل بأشكال و أوضاع غريبة … اغلبها كان على شكل حيوانات . حتى الهوا نفسه كان بارد بشكل غريب .
طلعنا على السلم و فتحت باب الأوضة و هي بتشاورلى
الأم: من النهاردة دي هتبقى اوضتك، تقدر تستريح فيها دلوقتى … لسة قدامك شوية عشان تاخد على المكان ….
الأوضة مكانتش مختلفة عن باقى البيت، بس اللى اقدر اقوله أنها كانت بالنسبالى احسن مليون مرة من المكان اللى كنت فيه .. اليوم ده قبل ما انام سمعت 3 خبطات على الباب ..
الأم: الغدا جاهز .. انزل يلّلا ….
نزلت و لاقيتها مستنيانى على السُفرة اللى كانت مليانه بأكل يكفّى تقريباً 100 شخص … ملامحها كانت زي ماهى، لونها باهت و شعرها مغطّى نص وشها … حتى لما كانت بتبتسم … بس مش مُهم ، طالما متوفرّلى كل اللى أنا محتاجه … مفيش حاجة تخلينى أقلق .
بعد ما خلصت أكل شكرتها على اللى عملته معايا و طلعت اوضتى، الغريب في الموضوع أن أنا مكنتش بشوف حد غيرها في المكان … مكان ضخم زي ده و كمية الأكل اللى معمولة بتدل على أن في أكتر من شخص في المكان .
الموضوع ده كان شاغلنى لدرجة اني كنت بستنى ورا الباب في ميعاد الأكل، وبمجرد ماسمع اول خبطة بفتح بسرعة .. بس برضو مكنتش بلاقى اى حد .
عدت الأيام ومفيش حاجة بتتغير،، هو هو نفس الروتين كل يوم ،، مكنتش بشوفها ولا بتكلم معاها غير في ميعاد الغدا .
و في يوم وبعد ما خلصنا غدا و شكرتها كالعادة، كان باين عليها الحماس و هي بتقولى .
الأم: جهز نفسك … النهاردة هتقابله … أظن أنى سيبتك تستريح بما فيه الكفاية … ده انسب وقت عشان تعرف كل حاجة . ….
ابتسمت بتلقائية و طلعت على اوضتى، مشغلتش دماغى بالموضوع… افتكرتها بتتكلم على حد من قرايبها ولا حاجة .. عدى الوقت من غير أى جديد و اخيراً نمت .
كنت قلقان و بدأت احس بحركة غريبة حواليا ، فتحت عينى على نور خافت … كانت الشموع في كل مكان في الأوضة … مسحت نقط العرق الباردة اللى اتكونت على جبينى و أنا بتعدل على السرير .
أنا متأكد أن الأوضة كانت ضلمة لما نمت … الشمع ده مش أنا اللى ايدته … مكنش في شمع اصلاً في الأوضة .
ابتديت اعرق اكتر و جسمى يرتعش ، شفت خيال حاجة بتتحرك في ركن الأوضة البعيد .. سمعت صوت خطوات على الأرض … بدأ الخيال يتحور و يتجسد على هيئة بشر … ظهرت الملامح اكتر ووضحت … كل ما كان بيقرب كنت بتأكد من شكى … ده كان … باهر .
حاولت اتحرك من مكانى بس ماقدرتش ، و كأنى اتشليت … كان بيقرب عليا و شايف نفس نظرة الغل في عينيه … مكنتش عارف اعمل ايه … وقف جنب دماغى و رفع ايده … غمضت عينى من الخوف ، مش هقدر اتحمل او اشوف اللى هيحصل .
فجأة سمعت صوت حاجة بتقع على الارض، ببطء فتحت عينى … لكنى ماشفتش حاجة .. بصيت على الأرض ، كانت راس باهر مقطوعة و جسمه مش موجود … ابتدت رأسه تتبخر وتختفي .
رفعت عينى تانى … و شوفته واقف قدامي … هو .. هو ده الشيء اللى قتلهم … المرادى شفته أقرب و أوضح … كان ضخم جداً ، وقف يبصلى بعيونو الحمرا من غير ما يتحرك … رفع ايده و مدهالى … مكنتش عارف اتحكم فى جسمى ، أيدي اترفعت مرة واحدة و مسكت ايديه .
نزلنى من على السرير و حط ايده على كتفى، ضوافره كانت طويلة بشكل بشع … ابتدى يمشي و أنا ماشى معاه … كنت ماشى وكأن جسمي بيتحرك بأوامر من شخص تانى … كان بيشدنى ناحيته … جسمه كان عبارة عن دخان اسود بيتموج و يتحرك زي الماية بالظبط .
فجأة وقف و بصلى ، ضمنى ليه بقوة لدرجة اني دخلت جوا جسمه … مكنتش قادر اقاوم أو اتحرك .
كنت شايف كل حاجة بمنظوره ، لما خرج من باب الأوضة شوفت المكان بشكل مُختلف و كأنى شايف الجحيم بعنيا …
المكان كان مليان بأشخاص لابسين ملابس الخدامين ، جلدهم كان اسود و ناشف و بدون ملامح … كأنهم ماتو من سنين … كانو بيحاولو يبعدوا عن طريقه و كأنهم خايفين منه … فضل ماشى أو بمعنى أصح فضلنا ماشيين لغاية ما وصلنا لباب مرسوم علية رسمة غريبة … كان تعبان ضخم لافف حوالين شجرة .
لما فتح الباب شفت دايرة على الأرض وكان قاعد في نصها شخص لابس لبس مغطى كل جسمه و مش باين منه غير ضهره ، ماسك كتاب في ايده و بيقرا منه … بمجرد ما قرب من الشخص ده حط ايده على دماغه … و ابتدى يلف وشه ببطئ ناحيته .
قولت لنفسى يمكن الهوا هو اللى فتحه، و روحت عشان اقفله .. بس لما وصلت للباب زاد فضولى و فكرت .. هيحصل ايه يعنى لو نزلت استكشف المكان ده، مانا بقالى فترة عايش فيه و معرفش اى حاجة عنه .
نزلت على السلم بخطوات بطيئة، كنت حريص أن محدش يسمعنى .. حطيت أيدي على الترابزين، لكنى لاحظت إنه كان مليان تراب ، السلم نفسه كان علية تراب و كأن محدش جه هنا من سنين ..
طبعاً ده مكنش منطقى، أنا لسة من ساعات قليلة بس شايف المكان غير كده خالص … كملت نزول لغاية ماوصلت للسفرة … الكراسى كانت متكسرة و الخشب مُتهالك .. كان محطوط عليها اطباق و شمعدانات مليانين بشبك العنكبوت .
مكنتش مصدق أن ده المكان اللى كنت باكل فيه من شوية .. في حاجة غلط .. أكيد في حاجة غلط .. فضولى و رغبتى في اني اعرف خلوني أكمل .. كنت سامع صوت جاى من بعيد .. صوت طقطقة نار .. الصوت مكنش عالى لكنه كان كافى اني أعرف مصدره .
فتحت الباب و شفت المنظر اللى كنت متوقعه، دايرة كبيرة على الأرض باللون الأحمر الغامق .. مليانة رموز و أشكال غريبة .. و حواليها شموع كتيرة .. و في نصها كان قاعد شخص لابس عباية مغطية جسمه كله و ضهره كان ليا .. الأصوات في دماغي كانت بتقولى أكمل .. على الرغم من رهبة الموقف بس مكنتش خايف .
بمجرد ما دخلت الباب اترزع من ورايا .. الصوت كان كفيل إنه يخلي الشخص اللى قاعد ينتبهلى .. ابتدت راسه تلف ببطء ناحيتى .. بس .. جسمه كان ثابت فى مكانه، الملامح اللى انا شوفتها مكنتش غريبة عليا .. العيون الواسعة والشعر اللى مغطى نص الوش .. دي .. دي هي .
ابتدت تقوم و تتحرك ناحيتى ، مكانتش بتتحرك بالمعنى اللى كلكم عارفينه .. كأنها كانت طايرة في الهوا .. بشكل لا ارادى رجعت خطوة لورا ، لكنى خبطت في الباب .. مكنش في مكان اروحه ، كنت خايف ، لكن الأصوات في دماغي كانت بتقوينى … مكنش في مهرب … مكنش قدامي أي اختيار .
وقفت قدامي و بصتلى ، حسيت بهوا سخن جاى من ضهرى … الهوا كان قوي لدرجة إنه طير الشعر اللى كان مغطى نص وشها ، و ده كان كفيل انه يخليني اشوف اثار الحروق اللى تحته … مسكتنى من أيدي و بصوت هامس قالتلى .
الأم: دلوقتى جه الوقت عشان تعرف كل حاجة . ….
فضلت ماشى وراها بكامل ارادتى لغاية ما دخلنا الدايرة اللى فى نص الأوضة و قعدنا على الأرض . رفعت ايديها الأتنين و كأنها بتأمر حد أنا مش شايفه .. ابتدت النار تعلى من حوالين الدايرة لغاية ما حاوطتنا بالكامل، ابتديت اشوف مشاهد من حياتي بتتجسد في النار من حواليا .
الأم: اللى بدأ كل ده كان أبوك، وأنت اللى هتكمل .. و عشان كده لازم تعرف ماضيك .. خلينى ارجع للبداية .. بداية كل حاجة حصلت و هتحصل .
أبوك كان عامل بسيط في قرية صغيرة .. حياتنا كانت ماشية عادى جداً زى أى أسرة على قد حالها .. كنا عايشين اليوم بيومه .. راضيين و مش طمعانين فى حاجة أكتر من كده .. أب و أم عايشين بسعادة في انتظار المولود اللى هيملى عليهم حياتهم .
في يوم لقيته راجع بيجرى عليا و عينيه مليانة فرح زي العيل الصغير، قالى إنه خلاص لقى الحاجة اللى هتأمن مستقبلنا .. الحاجة اللى هتخلينا ننسى الفقر اللى احنا فيه و نعيش عيشة تانية .
ورانى كتاب جلد غريب كده و شوية تماثيل و سبايك دهب، قالى إنه لقاهم فى ارض كان شغال فيها و أن محدش شافه و هو بياخدهم . قدر يتصرف فى الدهب اللى معاه، بس ده ماكنش كفاية بالنسباله .. اللى بيدوق طعم الفقر ممكن يعمل اى حاجة عشان مايرجعلوش تانى .
ابتدى ياخد الكتاب اللى لقاه ويغيب عن البيت بالأيام و ساعات بالأسابيع .. مكنتش لسة فاهمة حاجة .. كل رده عليا أن الكتاب ده هو اللى هيفتحلنا بوابات الجنة على الأرض .. كل اللى كان ناقص هو حاجة واحدة بس .. هو إنت ..
و فعلاً من يوم ماتولدت و حالنا اتبدل .. ابوك ابتدا يظهر علية مظاهر الغنى و الفلوس .. ابتدا يشترى فى اراضى و بيوت .. و ابتدت الناس حوالينا تستغرب من اللى بيحصل .
و في يوم من الأيام قالى إنه مسافر بره البلد عشان شغل، و ادانى شنطة فيها الكتاب و شوية ورق .. و طلب منى أحافظ عليهم لغاية ما يرجع ..
ولعوا في البيت كله على أمل اننا نموت .. حاولت انقذك .. بس النار منعتني عنك .. شوفتهم و هم بيخرجوك .. لو كنت خرجت وراك أكيد كانوا هيموتونى .. مكنش قدامى حل تانى غير اني احاول اهرب .. أخدت الشنطة و هربت بأعجوبة … اليوم ده لسة فاكرة كل تفصيله فيه … و لسة آثاره موجودة على وشى لغاية دلوقتى .
و هنا جاتلى الفكرة ،، الحل في الكتاب .. زي ماساعد ابوك أكيد هيساعدنى .
قعدت شهور عشان افهم اللى مكتوب و اجربه .. كنت بنجح مرة و بفشل عشرة بس في النهاية قدرت اوصل لأعظم سر في الكتاب .. عرفت ازاى استدعى مارد الكتاب و ازاى اخليه يحققلى كل اللى أنا عاوزاه . ….
في اللحظة دي شاورت بايديها عشان يتفتح تحتينا سرداب .. مكنتش لسة فوقت من اللى أنا سمعته عشان استوعب اللى أنا شايفه ده .. السرداب كان مليان أشخاص ريحتهم بشعة و ملامحهم باهتة .. واقفين جنب بعض و كأنهم عساكر في لعبة شطرنج .. مكنش حد فيهم بيتحرك او حتى بيحاول يغير اتجاه عينه .. كلهم كانوا باصين على الدخان الأحمر اللى قدامهم .
ي .. يعنى .. ا ايه .. مفيش قدامي وقت ؟
الأم: روحك هتفضل حرة لغاية ما تتم 18 سنة .. و بعد كده الأتفاق اللى عمله أبوك لازم ينتهى . ….
ينتهى ازاى .. يعنى أنا مش هبقى موجود فى العالم ده ؟
الأم: بالظبط كده .. المارد نفذ الجزء الخاص بيه من الأتفاق .. و هو دلوقتى مستنى عشان ياخد اللى ليه عندك . ….
عندى .. أنا ماليش دعوة بكل ده .. م .. مش مشكلتى اني ادخل فى اتفاق ماليش يد فيه .. دي مشكلتكم انتو .. أكيد في حل .. أكيد .
الأم: هو الحقيقة في حلين مش حل واحد، الحل الأول هو انك تعيد الأتفاق و توهب حد من دمك للمارد .. و ده هيكون صعب بالنسبالك دلوقتى .. أما الحل التانى هو أنك تطول المدة اللى فاضلالك مؤقتاً .. و ده هيكون عن طريق أضحية هتقدمها كل سنة فى نفس اليوم ….
مبقيتش مصدق اللى أنا سامعه بودنى .. ياريت أكون فى حلم .. ياريت يكون كل ده مجرد تخيلات .. كنت مصدوم .. مكنتش قادر استوعب كل الكلام اللى اتقالى ده .. قعدت كذا يوم عشان افوق من الحالة اللى كنت فيها .. بعد كده ابتدت أمي تعلمنى ازاى استخدم الكتاب .. في البداية كان في جزء منى رافض اللى بيحصل .. بس بعد كده اكتشفت إنه من الغباء لما يكون معايا حاجة زي دي و ماستخدمهاش .. اتعلمت اسرار كتير و بقى معايا مفاتيح لكنوز أكتر … وعدت الايام و السنين لغاية ما بقى عندى 18 سنة .. أو عشان أكون دقيق يعنى 18 سنة الا ساعتين … النهاردة هو اليوم اللى هجدد فيه اتفاقى مع المارد .. اعتقد إنه تاريخ صعب يتنسى … 21 مارس ..
أنا حقيقى مبسوط أن اليوم ده جه … كنت مستنيه بفارغ الصبر … كل حاجة هنا أنا اللى محضرها بنفسى .. أهتميت بأدق التفاصيل … ريحة البخور المنعشة … الشموع السودا اللى ماليا المكان … الأدوات اللى قدامي على المدبح … حتى ضحيتى الأولى إختارتها بعناية … فارس … صاحبى الوحيد
حقيقى هو صعبان عليا، بس مش عشان اللى هيحصل فيه .. لأ .. عشان هو مش حاسس بأهمية اللى هيحصل .. أنا واثق إنه لو عرف هيشكرنى … آه أكيد هيشكرنى .
طول عمره كان بيساعدنى .. وجه الوقت عشان أساعده أنا كمان .. هخلصة من حياته البائسة و هخلى لتضحيته معنى .
آه صحيح ، أمي ماتعرفش كل الترتيبات اللى أنا عملتها النهاردة … زي ماقولتلكم دي مفاجأة … دي هديتى ليها في عيد الأم … مش قادر اتخيل هتفرح ازاى لما تعرف اللى أنا عملته ده … في النهاية هي أمي .. وهى السبب في كل اللى أنا فيه ده .
اظن كفاية عليكم كده .. لازم الحق انفذ الاتفاق قبل مالساعتين يعدوا … والاااا كلكم عارفين اللى هيحصلى … و أكيد مايرضيكوش … أنا هطلع انادى أمي … و نصيحة ليكم .. اسمعوا كلام أمهاتكم .. مهما قالولكم .. فهما أكيد عارفين مصلحتكم فين .
تمت.