“جاهز” قالها الشيخ ليا، مردتش على طول، متوتر، مش مستوعب خطته، عايزنا ندخل للشيطان ونفتح الثغرة! اتعلمت الدرس أني لازم أثق في اللي المفروض أثق فيه، والشيخ لحد دلوقتي هو أهل الثقة رغم أني مش فاهم خطته.
بلعت ريقي وشديت جسمي وقولتله “جاهز”. دخلنا البيت اللي قابلت فيه الكلب قبل كده وشوفت منه الثغرة بتاعت الشيطان، خطواتي مترددة. وقفت ولفيت للشيخ وسألته “هو أنت إزاي كنت صاحب أبويا ومكتوب على قبرك أنك ميت من زمان أوي”؟ وقف هو كمان وقالي “انا مُت كتير، ليا اشكال بشرية مش هتستوعب عددها، بس رغم كده ده قبر الساحر اللي حبسني في جسم البشري، استغليت قبره أني أدفن فيه الحاجات اللي خايف عليها وطلسمت التابوت علشان محدش يعرف يوصله غير اللي عايز يوصله”.
فهمت، كملت وطلعت الدور الأول، حاسس أن الدنيا ضلمة بزيادة عن برا، ضلمة مادية، الشيخ لاحظ بس معلقش، ماشي بثقة، رافع إيده بالعصايا بتاعته لفوق لحد ما وقف قدام الشقة اللي فيها الطلاسم بتاعت الثغرة. بصلي وابتسم ودخل.
دخلت وراه، قلبي بيدق بسرعة من التوتر، الأوضة ضلمة، باردة، الظلال بتتراقص حوالينا بجنون بس محدش قرب منا، سامع صوت همسات كتير بتتكلم ومش مفهومة، حاجات مادية خفيفة بتخبط فينا زي الهوا بس أتقل منه.
لقيت قدامي اشكال مظلمة بتتكون، بتضم على بعض لحد ما عملت كيان كبير ضخم زي اللي حررته الست أمينة.
الشيخ اتقدم بثقة ووقف قدام الحيطة والظل الضخم وقاله: “كُنا البداية ودلوقتي من حقك تاخد تارك”!
مفهمتش، الظل بدأ يثور زي المجنون، في تعابين كتير ظهرت حوالينا وبدأت تحاصرنا، رجعت لورا بخوف والشيخ واقف راسخ، واثق.
سمعت صوت ليه هدير هائل اللي السيل “كذاب”!
الشيخ قرب اكتر وتجاهل التعابين اللي بدأت تتسلق جسمه، وقال “لازم ننهي كل حاجة دلوقتي”.
حاولت اتكلم بس حسيت أن في حاجة بتخبط في كتفي، بصيت لقيت ابويا!
واقف، على راسه هيكل راس معزة، جسمه متحلل، عينه مخيفة بهالة سودا حواليها، مش عارف ازاي ابتسم!
لسه هصرخ لقيته بيفتت على الأرض ويتحول لتعابين كتير هاجمت التعابين اللي كانت محصرانا!
واقف مذهول، الفحيح يصم الودان، الشيخ واقف، الظل الضخم مش بيتحرك، مترقب! ثواني والمعركة انتهت! ابويا اختفى! الأرض فيها تعابين كتير وهدير قوي ضرب المكان تاني بغضب والشيخ رد عليه “قوتنا متكافئة، لازم نحل كل حاجة بينا”!
بعدها بصلي وقالي “ابوك عمل مهمته الأخيرة، شكله ده علشان لعنة عملتهاله لأجل اللحظة دي، لأجل ينقذنا”!
قلبي دق بسرعة، عرق غرق جسمي، صداع قوي ضرب عقلي، الشيخ تجاهل الظل الضخم وخبط على الحيطة اللي فيها الطلسم بالعصايا 7 خبطات بالترتيب وببطء، مع كل خبطة قلبي كان بيدق أسرع، الحيطة بدأت يظهر فيها خطوط منورة نور خفيف وتتشعب لحد ما عملت رسمة نجمة ضخمة وفي وسطها علامة زي الدايرة مفرغة.
“عصايتك” قالها فمديت إيدي بالعصايا بتاعتي ليه، أخدها وحط طرفها على الدايرة المفرغة. التفت ليا وقالي “قرب واقرأ عليها طلسمك”. فضلت ساكت ثواني، خايف، مش عارف أسمع كلامه ولا أعمل إيه.
“قالي بنبرة مضغوطة وقاسية شوية “بسرعة يا يعقوب”. قربت ومسكت طرف العصايا وبدأت أقول طلاسم التحول لحية. خلصتها وحسيت جسمي بتمدد وبيقوى، شايف في الضلمة، الشيخ قدامي كائن بشري ضعيف، بصلي بعدم خوف ورمى عصايتي على الأرض وحط طرف عصايته وقال طلاسم غريبة ولقيت جسمه بيتمدد جنبي واتحول لحية!
حية أصغر مني، أضعف، طلع فحيح خفيف وقرب من الطسلم الضخم اللي على الحيطة لقيت جسمه بيتسحب جواه زي ما تكون الحيطة اتحولت لمنفذ لحاجة مش
شايفها!
الجزء الثاني
الشيخ دخل وجسمه اختفى! فضلت مكاني ثواني، أكيد المفروض أدخل وراه! زحفت وقربت من الحيطة، مديت راسي لقيتها بتغوص في حاجة شبه القطن وداخل في ضلمة سودا حتى بعيني لما اتحولت مش عارف أشوفها!
دخلت وفضلت أزحف لحد ما بقيت معمي تماما وسط الضلمة، حواليا طلاسم كتير جدا منورة بتطير وبتشع ضوء خفيف أوي. طلعت فحيح قوي علشان أوصل للشيخ بس صوتي مسمعتهوش!
حاولت تاني برضه المكان مش مبين صوتي!
“إحنا في الثغرة يا يعقوب” سمعت الصوت حواليا بصوت الشيخ. بلهجة بشرية!
الصوت كمل: “إحنا هنا بشر، نقطة وصل بين عالمنا وعالمهم، هنا مفيش زمن، مفيش ألم”.
اتكلمت بس برضه صوتي مش ظاهر!
“مش هتعرف تتكلم يا ابن سالم، هنا اللي يتكلم بس هما اللي دمهم صافي ومنهم، وأنت دمك بين الاتنين، خليط، ملعون عندهم”.
حاولت أرد أقوله أنا دوري إيه هنا بس مقدرتش، حتى جسمي لقيت أني مش عارف أتحكم فيه! مفيش أبعاد! مش عارف أنا واقف ولا نايم! مفيش حواليا غير الفراغ.
“هنا هتفهم كل حاجة، وهنا هينتهي كل شئ”.
قالها وبعدها ظهر شوية نور ولقيت الطلاسم كلها بتشع بشكل أقوى، ووش شيطان هائل ضخم جدا ظهر في الفراغ مبتسم.
الشيخ كمل:
“كنا 3، كل واحد فينا قرر أنه يلجأ لقوته علشان يفرض سيطرته، وعملنا مع بعض عهد بكده، إننا واحد، الكبير اختار يقوي نفسه بالنار وانا اخترت التراب والصغير اختار الضلمة، كنا من قبائل مختلفة في عالم الجن، اقوانا كان النار، كان مارد قوي، شرس، شبه الشيطان بس مش هو، مش بيخاف حاجة ولا حد وكل هدفه أنه يحكم البشر وشايفهم ضعاف.
أما أنا التراب خلاني أقدر اتحكم في حاجات كتير زي الوسوسة للبشر أو التحكم فيهم شوية لأنهم مخلوقين من تراب، كمان كنت بتواصل مع كل المخلوقات الارضية واللي ساكنين جوف الأرض والجن الارضي والعُمار، وتالتنا كان الضلمة، بيعمل كل حاجة بس محتاج ضلمة علشان ينفذها، محتاج شر، نفوس ضعيفة، بيكره النور والحب والشجاعة والشمس.
مش فاهم حاجة.
لقيته كمل والوش لسه قدامي باصص ليا مش بيعمل حاجة تانية غير كده.
“عشنا من آلاف السنين، لحد ما الشيخ قدر يستدعيني ويحصر قوتي في جسم بشري علشان يستغل قوتي، وقتها بقيت ضعيف، ليا سطوة وقوة بس مش زي الأول، حاولت أتواصل مع الاتنين التانيين علشان يساعدوني بس مقدرتش، كان لازم طقوس كتير علشان أقدر أوصلهم، وأهم الطقوس دي أني أتخلص من صاحب لعنتي وأقدر افتح ثغرة علشان أوصل لحد منهم وفعلا وصلت لصاحب الضلمة، وقدرت أخد قوة منه تخليني أواجه الزمن وجسمي مينهارش بسرعة.
جسمي لسه مش حاسس بيه، الطلاسم حواليا بتزيد أكتر والشيخ مكمل:
“اتخلصت بقوتي اللي اخدتها من صاحب الضلمة من الشيخ اللي كان سبب لعنتي بس بكل أسف جسمي البشري متقبلش قوته لفترة طويلة وبدأ ينهار، كنت بضعف وجسمي بيشيخ وبيتحلل وانا حي، وقتها عرفت أني لازم أحط قوتي في جسد بشري ضعيف علشان يتقبلها، جسم لسه وليد، مشافش النور علشان يقدر يستحمل قوة صاحب الضلمة ويتعايش معاها.
وقت ما وقعت وبدأت انهار كنت في المقبرة، وحصل اللي قولتلك عليه، سمعت الوليد اللي هو كان أبوك وقدرت أني احط فيه القوة الزايدة اللي عندي وبدأت استعيد عافيتي بس لسه قوتي مكملتش، ابوك بدأ يكبر، قوته بقت واضحة بس محتاج اللي يوجهها خاصة وأني حطيت فيه من قوتي كمان، علشان كده ساعدته، وجهته، وكنت المعلم بالنسبة ليه لحد ما عرفته الحقيقة بس كدبت عليه، قولتله إني انا اللي إديته القوة بس.
كلام الشيخ كان صدمة بالنسبة ليا!
كمل كلامه:
“أنا منهم بس مكانش ينفع أسمح ليهم أنهم يعدوا لعالمكم ويحكموا البشر الضعاف، وصاحب الضلمة إداني جزء من قوته لأني كدبت عليه وقولتله إني هساعده يعبر ويقدر يعدي عن طريقي ويتجسد بقوته في عالمكم، بس أنا كدبت عليه، بعد ما نفذت الطقوس بتاعت الرابطة بينا قفلت همزة الوصل وكسرت الحلقة اللي توصلني بيه لحد ما عرفت أنه تحالف مع الناري علشان يقدروا يفتحوا ثغرة كبيرة يعدوا منها لعالمكم وينتقموا مني وكمان يسيطروا على البشر.
عايز أقوله إن صاحب الضلمة ده مين بس مش عارف أنطق. الظاهر أنه قرأ عقلي وعرف سؤالي لأنه قال:
“صاحب الضلمة استغل قوته اللي زرعها في أبوك والعصايا اللي صنعتهاله علشان يقدر يستغل بيها قدراته وعرف يصنع ثغرة تانية من خلال ساحرة ومشعوذة عملت طقوس ضحت فيها بالعشرات علشان تحرره، الست أمينة، وفعلا قدرت أنها تحرر جزء من قوته لما عملت الطقوس في التابوت اللي سايب فيه أثري وأدواتي”.
وكمل والطلاسم حواليا بقت زي الشموس:
“أبوك مات وأنت جه دورك علشان تكمل مسيرته، دلوقتي لازم ألتزم بعهدي معاهم، هما عايزين ينتقموا مني، وده هيحصل بس أنت محدش هيقدر يقرب ناحيتك، تعرف ليه؟ لأني اخترت أن كل ده يحصل في رمضان علشان كل مردة الجن والشياطين متسلسلين، وهما منهم، قوتهم ضعيفة وكان كل هدفهم أنك تعمل ثغرة وتفتح ليهم الباب علشان يتحرروا بس أنت كنت بطل وواجهتهم”.
صوته بقى واثق أكتر وكمل:
“كل اللي كان مطلوب أنك تتم سن العشرين وانا افتح ثغرة بسيطة جدًا تطلع جزء من قوة الناري وصاحب الضلمة علشان تحس بالخطر وتقدر تتحرك، خوفت فعلًا وكنت معاك ووصلت لأسلحة من أثرنا احنا التلاتة، سواء السكينة أو الغطا أو العصايا وجسمك بقى فيه وشوم مشوهة ليهم بتحمي جسمك من سيطرتهم عليك، وشوم مشوهة عملها أبوك علشان تكسر تأثيرهم، بس كان لازم كمان تقدر تتحكم في قوتك اكتر وده عملته لما خليت اتباعي يخطفوا جسمي وكنت عارف انك هتوصلي وتحررني وتنقذني.
كمل والوش بيتحرك شوية لقدام ويقرب مني:
“كان لازم نفتح الثغرة في رمضان وتدخل معايا هنا علشان المكان ده أكتر حاجة هتحميك منهم، هنا محدش يقدر يمسك لانك وسيط بين عالمين، وحتى عالم الجن والشياطين فيه قوانين بتحكمه. لما اخلص هتخرج وتجرح نفسك وتسيل دمك على طلسم الثغرة اللي رسمتها قبل ما تدخل البيت بداية رمضان”.
عقلي مش مستوعب اللي حصل! الشيخ هو اللي عمل كل ده! رسم الطلسم بتاع الثغرة وكان بيحركني علشان أنفذ خطته بس! الشيخ سمح للست أمينة أنها تحرر جزء من قوة صاحب الضلمة لمجرد أني احس بالخطر والخوف وادعى أنه اتخطف علشان اسيطر على قوتي اكتر!
كمل وصوته بيبعد شوية:
“كان لازم أخليك مستعد يا يعقوب، أنت هتخرج من المكان ده شخص تاني، معاك قوة النار والتراب والضلمة، كل الشرور هتطاردك، السحرة هيطاردوك علشان ياخدوا قوتك، الشياطين هيطاردوك علشان ينتقموا، بس أنت خلاص بقت عارف هتعمل إيه وتنقذ نفسك إزاي، ده دورك، قدرت اللي اتولدت بيه يا يعقوب يا ابن سالم”.
صوته بقى ضعيف أكتر والطلاسم بقت منورة بشكل خلاني عايز أقفل عيني بس مش عارف أتحكم فيها.
“الطلسم دلوقتي هيشتت قوتهم، قوتي كمان هتروح، احنا التلاتة هنكون في البر التاني نواجه بعض ونتحاسب، وانت لوحدك هتكون هنا، واجه قدرك يا يعقوب ومتخافش علشان لحد أخر رمضان أنت في أمان منهم، بس أخر ليلة من الشهر ده هتبدأ حياتك تبقى غير، لأن قوة صاحب الضلمة شوية منها اتحررت في العالم بتاعك”.
حسيت بصفير قوي جدا ضرب فجأة في ودني، الطلاسم كلها بدأت تنبض بشكل غريب، طلعت نار، انفجرت وحسيت بعيني بتتحرق، حاولت أصرخ معرفتش، جسمي مش متحكم فيه، سمعت صوت حاجات بتطير حواليا والشيخ من بعيد سامع صوته بيقطع بالعافية “واجه يا ابن سالم”.
قبل ما ارد حسيت بنار في جسمي كله لدرجة أني كنت بصرخ من جوايا وبحس بجسمي بيتقطع وبعدها كل حاجة ضلمت!
فتحت عيني لقيت نفسي قدام الحيطة، جنبي السكينة والعصايا، مسكتها بسرعة وجرحت إيدي وحطيتها على الطسلم الضخم وأنا بنهج من التوتر، الحيطة سخنة زي النار، صرخت بس كملت، لحد ما لقيت العلامات بتاع الطلسم بتختفي لوحدها!
فضلت واقف دقايق مش مستوعب كل اللي حصل، لحد ما سمعت أذان الفجر بيدوي برا، قلبي ارتاح، حسيت بنصر مؤقت، مسكت الطبلة والعصايا ونزلت من الشقة ومشيت في الشارع، الناس حواليا رايحين يصلوا الفجر، عيال بيلعبوا كورة، أنوار البيوت منورة، زينة رمضان متعلقة، الشهر الكريم مكمل ولحد ما يخلص لازم استعد للي جاي لان اللي جاي اقوي مية مرة من اللي فات!
تمت