كان فيه فيلم رُعب أجنبي بييجي على التليفزيون زمان وكُنت على طول بترعب منه, كنت صغيّر وقتها ومفيش مرّة اتفرجت على الفيلم دة غير لما أنام عايط من الخوف, الفيلم كان فيه أصوات بشعة ومشاهد مفيش طفل يقدر يستحملها ورغم كدة كنت مُصرّ إني اتفرّج عليه كله وأجمّد قلبي..
المهم فكرة الفيلم كانت بتدور على البحث عن المخلوقات الأُخرى, وكان أبطال الفيلم دة على طول بيعملوا مغامرات في البيوت المهجورة واللي مفيهاش بشر, وكمان في المقابر والبحار البعيدة عن الحياة الروتينية بتاعتنا, وبالفعل كانوا بيلاقوا المخلوقات دي وكانوا بيتحفّظوا عليهم في قفص حديد, ومعظم المخلوقات دي كانت عبارة عن دُخان بيقدر يتشكّل زي ما هو عايز, لكنّه لما بيتحبس في مكان ميقدرش يخرُج منه, وأحداث الفيلم بتستمر على كدة والمشكلة إنه كان سلسلة أجزاء كتيرة وكل جزء بيكتشفوا مخلوقات أغرب وأرعب من اللي قبلها, وبعد ما بيلاقوا المخلوقات دي بيعرضوها على مزاد للبيع, وصاحب أعلى سعر هو اللي بيشتريهم, وبيبتكر فيهم بقى ويدمّر البشرية..
الموضوع كان مُربح جداً بالنسبالي وإني لو لقيت مخلوق غريب من دول وشيلته في صندوق مثلاً زي الفرخة وقتها أنا هبقى مليونير بقى, الفكرة زادت في مخي وكل يوم بقول إني لازم ألاقي المخلوقات دي عشان أبيعها وأبقى غني, وبدأت انحرف عن مسار الطفولة واتجهت لمسار البحث عن المخلوقات الغريبة, في الفيلم كانوا لما بيلاقوا مخلوق طاير أو بياكل مع نفسه مثلاً كانوا بيقرّبوا منه بدون ما هو يشوفهم ويمسكوه بسرعة, أنا كنت بركّز في كل التفاصيل دي لكن كلمة واحدة بس اللي كانت معلّقة في ذهني وكانت بتتقال كتير جداً في الفيلم دة .. كلمة “لا تُغضبهم” , واللي فيما معناه يعني إنك لما تيجي تصطاد المخلوق دة حاول متخليهوش يحسّ بيك, لأنه لو شافك وغضب وانزعج ممكن ينهي حياتك فوراً !!
المغامرة بالنسبالي كانت بتبدأ الساعة 12 بالليل في بيتنا, بعد ما الكل ينام كُنت أقوم من السرير وافتح الكشّاف الصغير بتاعي وامشي ادوّر في البيت على المخلوقات دي, كنت فاكر إنهم موجودين في أيّ حتة عادي وأيّ مكان, وللأسف دي حقيقة لأن فعلاً كنت بشوف كيانات وخيال أسود معظم أوقات رحلتي في البحث عنهم, بس ماكُنتش أعرف ازاي المفروض امسكهم, والمشكلة الأكبر ازاي المفروض امسكهم من غير ما أغضبهم, دول لو حسّوا بيا هيعملوا من فخادي شاورما, ومع الأفكار دي بقى ألاقي رُكَبي بتخبّط في بعض من الخوف, وارجع للسرير مرعوب..
مكانش حد من البيت يعرف باللي بعمله خصوصاً إني كنت وقتها 14 سنة تقريباً وكنت طفل غبي جداً ومش قادر استوعب ازاي واحد في السن دة يروح يدوّر على جن وعفاريت, المهم الدنيا كانت ماشية تمام وكالعادة ماكُنتش عارف امسك حد, لحد ما في مرة وأنا بدوّر عليهم والدنيا ليل وضلمة والكشّاف في إيدي لقيت فجأة كيس أسود بلاستيك طاير في السقف, نوّرت الكشّاف عليه وبشوفه رايح فين وجاي منين دة لقيته اتجه ناحية المطبخ, روحت ماشي وراه وأنا مستغرب جداً ازاي كيس طاير كدة ومفيش هوا في البيت أو مصدر يخلي الحاجات الخفيفة تطير, وفضل مُدة طويلة طاير في السقف وبيلفّ حوالين نفسه, وبعدين مرة واحدة لقيتُه وقع على الأرض بس كإن شوال بطاطس وقع, كان تقيل جداً وحتى لمّا وقع عمل صوت عالي وكأنه مكانش فاضي أبداً, قرّبت منه وفتحتُه لقيتُه كيس عادي خالص وفاضي, وكمان خفيف جداً زي أيّ كيس, سيبته مكانه وبعدين طلعت برا المطبخ اشوف مخلوق غيرُه, لقيتُه طلع من المطبخ وطار في السقف ووقف فوقي بالظبط, وبقيت كل ما بتحرك في مكان يتحرك ورايا, وهاتك يا صريخ بقى وجري في البيت زيّ المجانين, الدنيا اتعكست وبدل ما أنا اللي اقبض عليهم بقى هما اللي عايزين يمسكوني, وروحت ناحية أوضتي لحد ما بصيت عليه لقيتُه اختفى!
أوضتي في الدور التاني وفيه سلم خشب بينزلني للدور الأوّل اللي كان فيه ريسبشن ومطبخ وباب الخروج, نمت في اليوم دة وأنا مرعوب جداً من الكيس لدرجة إني حلمت بيه وشوفته جاي ناحيتي وبقى ملفوف حوالين رقبتي وبيحاول يخنقني, وأنا كنت قربت أموت فعلاً بس صحيت من الحلم بسرعة وقومت من السرير لقيت فيه علامة حبل على رقبتي, بشكل واضح جداً حتى لما أهلي شافوها قلقوا عليا ومسابونيش أنام لوحدي تاني, وفضل الكيس مطاردني في كوابيسي, وفي مرة قررت إني ادوّر على الكيس دة وامسكه احطُه في قفص واخلص منه, لأنه تقريباً هو دة المخلوق وإني لما امسكُه وابيعُه هبقى غني جداً, وجت الساعة 12 بالليل واستعانت ع الشقى بالله وقومت من سريري وأنا ماسك الكشّاف ونازل من الدور التاني, وهنا بقى شوفت اللي ماكُنتش اتمناه طول حياتي, شوفت وسط الظلام الدامس واحدة سِت كبيرة في السن وبشرتها لونها أبيض شاحب وشعرها أسود ممزوج بالأبيض وقصير وهايش, ولما بصتلي ضِحكِت وأسنانها الصفرة المرعبة بانت وبوقها كان كبير جداً, وهي بتضحكلي وفاتحة بوقها بشكل مُرعب خصوصاً إن عيونها كانت عبارة عن لون أبيض بس بدون سواد, وهنا أنا اتشلّيت حرفياً عن الحركة وماكُنتش قادر امشي خطوتين قدام أو ورا, كل اللي جِه في بالي إني هموت دلوقتي حااالاً..
فضلت منوّر الكشّاف في عينيها وهي ثابتة مكانها مبتتحركش لكن باصالي بنظرات كلها رُعب وغضب, وبعدين بدأت تمشي ناحيتي بخطوات بسيطة, وكانت بتعرُج وهي بتمشي وبتتحرّك بالعافية أصلاً, وأنا فعلاً حاسس إن رجلي لازقة في الأرض مش قادر اتحرك, والست بتقرّب مني أكتر وأكتر وهي بتمشي بشكلها المُرعب دة, روحت ماسك الكشّاف وحدفته بقوّة على وشها, الكشاف أول ما لمسها انطفى وبقِت الدنيا كُحل ومش شايف حاجة قدامي تماماً, كنت بلعن اليوم اللي شوفت فيه الفيلم دة, وقتها حسيت إني قادر اتحرك لكن مش عارف اتحرك فين واجي منين, ما هو الدنيا ضلمة جداً ومش شايف حاجة, كل اللي حاسس بيه هو صوت بوقها المفتوح وكان قريب مني جداً, قومت جريت بشكل هيستيري وأماكن عشوائية وبصرخ وأنا بجري ومش شايف حاجة قدامي, لكن حاسس إني لمست باب الخروج بتاع البيت, فتحتُه بسرعة وخرجت منه برا ناحية الجنينة اللي كان فيها ضوء خافت جداً جاي من القمر, بس مفيش حاجة واضحة بنسبة 100%.
بصيت ورايا ناحية الباب لقيت الست ماسكة الباب وراحت قافلاه جامد وفضلت هي جوة البيت, أنا وقتها مجاش في بالي غير إن النهاردة آخر يوم في حياتي وهمـ/وت خلاص, جِبت طوب وحدفته على شباك غرفة أمي لحد ما اتكسر وهي صحيت وبصتلي من الشباك مستغربة من اللي بيحصل, قولتلها تنزل بسرعة هي وأبويا عشان فيه ست واقفالي على الباب ومش هدخل البيت لوحدي, أهلي ولّعوا الأنوار ونزلوا بسرعة بس أول ما وصلوا ناحية الباب كنت سامع صوت كركبة جامدة وخبط وضرب بشكل واضح جداً, كنت قلقان عليهم وقولت أكيد الست أكلتهُم وهتيجي تاكُلني أنا كمان, بس المفاجأة إنهم فتحوا الباب وفضلوا واقفين وباصين عليا ومبتسمين ابتسامة خفيفة وبيقولولي تعالى متخافش !
ملامحهم مكانتش مُريحة نهائي خصوصاً إنهم واقفين مكانهم ومتحركوش عليا, وأنا واقف خايف منهم أصلاً ومش عايز أقرّبلهم, بس الصدمة الأكبر إني لما بصيت على شباك غرفتهم لقيت الست واقفة فيه وباصالي جامد, ولما رجعت بصيت عليهم تاني لقيتهم اختفوا .. معرفش اللي حصل دة إيه لكن كل اللي أقدر افسّره أنه كابوس شديد ومش عايز يخلص, أو هيخلص لما يخلّص عليا, في نفس ذات اللحظة لقيت الكيس الأسود خارج من شباك الغرفة اللي فوق وجاي ناحيتي, أنا مقدرتش اجري وكأن حد مسكني ومثبتني مكاني, وخلال دقيقة بالظبط لقيتهم فتحوا الباب وجايين يجروا عليا وكانوا قلقانين جداً, وأخدوني ودخلنا جوة البيت وعملولي حاجة سخنة شربتها وكان طعمها وحش جداً, الدنيا كانت أمان حواليا واليوم عدى والست العجوزة بطلت تظهر, لكن اللي فضل يطاردني في أحلامي هو الكيس الأسود, لحد ما كبرت وعديت العشرين سنة وأنا لسة بشوفُه في الحلم من وقت للتاني, ومش عارف الكيس دة عبارة عن إيه؟
الغريبة إني بطلت اشوفُه في البيت زي الأول وأول ما جت الفرصة إني اشوفُه مسكتُه وحطيتُه جوّة برطمان وقفلت عليه, وسيبته في دُرج المكتب, وعدت الأيام وعادي بدون خوف, وأنا نسيت أصلاً موضوع الكيس الأسود والبرطمان, لحد ما شوفت إعلان عن إصدار جزء رابع من الفيلم المفضّل بتاعي, وقتها افتكرت الكيس الأسود والبرطمان, ولما روحت ناحية الدُرج وفتحته لقيت حاجة غريبة جداً..
لقيت البرطمان مكسور والكيس مش موجود جوّاه, كأنه كسر البرطمان وهرب, لكن هرب امتى وازاي؟؟ الله أعلم..
الغريب في الأمر إنه مبقاش يجيلي في الحلم ولا بقيت اشوفُه في الشقة, وأهلي منعوني من الفُرجة على الفيلم دة وحتى الجزء الجديد مشوفتوش, لكن الفضول جوايا هيقـ/ تلني وعايز اعرف هيعملوا إيه في الجزء الأخير دة, وفضلت اسعى للموضوع دة وماسكتش غير لما قدرت اتفرج على الجزء دة كامل, وعلى قد ما كان غريب ومُريب بس يمكن نسبة الخوف قلّت عندي بعد اللي حصلّي زمان, يلا عادي.. المهم إني شوفت الست العجوزة في الفيلم دة وكان أول ظهور ليها فيه, معرفش ظهرتلي ازاي الأوّل وبعدين ظهرت في الفيلم, عادي هي كانت واحشاني أصلاً, يارب مااشوفها تاني لأن خلال المشهد بتاعها في الفيلم كانت بتبص للكاميرا جامد وكأنها عايزة توصّلّي رسالة, فـ لو ظهرتلي تاني ولقيتوني اختفيت اعرفوا إنها هي السبب وأنها أخدتني من الحياة بطريقة غير مُباشرة.