

كنت وقتها بدور على شقة إيجار بعد ما سبت بيت أهلي، كنت عايز أبعد شوية وأعيش لوحدي.
دخلت على جروب فيسبوك للناس اللي بتأجر شقق، وواحد كان منزل بوست عن شقة في منطقة ما بدون داعي لذكر إسمها.
كانت سعرها رخيص جدًا. استغربت طبعًا، بس قلت أجرب وأروح أشوف.
روحت وقابلت صاحبة الشقة، ست كبيرة في السن جدًا، شعرها أبيض ووشها مليان تجاعيد، بس كانت لطيفة أوي.
قالت لي:
-الشقة فاضية بقالها كذا سنة، ولو نويت تقعد، الإيجار على قدك.
= ليه فاضية؟.
– الناس مش بتستقر، بس مش شرط يكون في سبب معين.
محبيتش أدقق، خصوصًا وأنا شايف الشقة كويسة، كبيرة ونضيفة ومش باين عليها حاجة مريبة.
وافقت، ومضيت العقد، وأخدت المفاتيح.
من أول أسبوع وأنا قاعد فيها، بدأت ألاحظ حاجات غريبة. أول ليلة سمعت صوت ضحك خفيف، كأنه صوت ست كبيرة بتضحك، بس مش ضحك فرحان… ضحك بارد!!.
الصوت كان جاي من الصالة، وأنا كنت في أوضتي.
قمت أطمن، فتشت الشقة كلها، ما فيش أي حاجة.
قلت يمكن صوت من بره، أو تخيلات؟!!.
بس الموضوع موقفش على كده، كل ليلة أسمع نفس الضحكة تتكرر.
أوقات أسمعها جنب ودني وأنا نايم! مرة صحيت مفزوع وأنا حاسس كأن حد واقف فوق دماغي، والضحكة بتتكرر ف ودني، ولما نورت النور… مفيش حد.
ضحكة باردة مستفزة جدًا.
الأغرب إن في حاجات بدأت تتحرك لوحدها. الكرسي اللي في الصالة، كل يوم ألاقيه في حتة مختلفة.
مرة صحيت لقيته عند باب أوضتي، وأنا متأكد إني سايبه جنب السفرة.
قررت أجيب شيخ يقرأ قرآن في البيت.
كلمت واحد صاحبي يعرف شيخ، وفعلاً جابه.
ولمّا دخل الشيخ الشقة، وبدأ يقرأ بصوت عالي
كنت واقف معاه، لاحظت إن كل ما يقرب من المراية اللي في الصالة، صوته بيتهز، وفضل واقف تجاه المرايا وهو بيقرأ قرءان بصوت عالي!!.
وبعد ما خلص، قالي:
-في حاجة في البيت ده… حاجة مش مننا. أنا مش هكدب عليك، أنا حاسس بخنقة، وفي ضل باين ف المراية دي كل ما أقرب منها.
سكت شوية، وبعدها رجع يقولي:
-لو تقدر تمشي امشي.. البيت ده مش طبيعي.
بس أنا وقتها كنت مربوط بعقد، ومعيش فلوس أدور على شقة تانية، فقررت أستحمل.
بعدها بأسبوع، حصلت أغرب حاجة.
كنت نايم، وحلمت إن في ست عجوزة ماشية في الشقة، لابسة فستان قديم، وشعرها منكوش، ووشها مش باين، بس كانت بتضحك… نفس الضحكة اللي بسمعها كل يوم!.
في الحلم، قربت مني وقالت لي:
-أنا بحب الضلمة… خليك معايا.
صحيت مفزوع، والنور كان مطفي، مع إني بسيب نور الصالة منور دايمًا. قمت أشوف إيه اللي حصل، ملاقيتش اللمبة اتحرقت… اللمبة مش موجودة أصلاً!
اتشليت، بدأت أترعش، وكل حاجة جوايا بتقولي أهرب.
بس وأنا ماشي ناحية الباب، لقيته مقفول من جوه بمفتاح مش بتاعي!
فضلت أدور عليه في كل مكان، معرفتش أفتحه غير بعد ساعة، ولما خرجت من الشقة كنت حاسس كأن حاجة تقيلة كانت متعلقة على صدري واتشالت.
روحت عند صاحبي وقعدت عنده يومين، وبعدين رجعت البيت بس علشان أجيب حاجتي. وأنا بجمع هدومي، لقيت ورقة صغيرة تحت السرير. الورقة دي كانت قديمة، صفراء ومتبهدلة، مكتوب فيها بخط إيد:
-اللي يسمع ضحكتي، عمره ما يضحك تاني.!!!
جسمي كله اتجمد. خدت الورقة وولعتها بالنار في البلكونة، وخرجت من البيت فورًا.
كلمت الست صاحبة الشقة وقلت لها إني مش هكمل، ومش عايز أرجع الإيجار، بس أرجوها تسيبني أمشي.
قالت لي بصوت هادي جدًا:
-أنا عارفة… مفيش حد بيكمل. الضحكة دي عمرها ما سكتت، حتى وأنا عايشة هنا كنت بسمعها كل ليلة.
سألتها:
=ليه سايبة الناس تأجر الشقة وهي كده؟.. وليه مقولتليش من الأول؟.
-أنا لوحدي، وبحتاج الفلوس وبعدين مش كل الناس بتهتم.
من ساعتها، وأنا كل ما أسمع ضحكة حد بالليل، جسمي بيقشعر، وبفتكر الست اللي في الحلم، وورقة التحذير.
وساعات، لما الدنيا تهدى بالليل…
بحس كأن في حد بيضحك برة باب شقتي الجديدة.
تمت.