روايات شيقه

واية سر غائب الفصل العاشر

لم تنتظر ثراء ان تستمع لكلمة اخرى ففتحت الباب على مصراعيه تهتف بغضب وبحدة:
– أنتوا بتعملوا إيه ده
انتفض أيسر من دخول ثراء المفاجئ لينظر اليها بغضب طفيف طاف بعينيه قائلا:
– هو فى حد يدخل بالشكل ده يا أنسة ثراء
نظرت اليه ببلاهة وهى تراه يحتضن قطة بيضاء يمسد على فراءها لم تنتبه لفداحة فعلتها إلا عندما تصاعد الدم حارا الى وجنتيها وهى ترى نصفه الاعلى عارياً لتطلق لساقيها الريح تختفى من الغرفة ركضت حتى وصلت الى ارجوحتها المفضلة جلست عليها تلتقط أنفاسها اللاهثة تعنف نفسها على رعونة تصرفها
– انا غبية غبية فى حد فعلا يفتح على حد الباب كده يقول عليا ايه دلوقتى او تفكيره يوصل لايه اكيد هيقول عليا ان انا بنت قليلة الادب بسبب اللى عملته ليه كده يا ثراء ليه
ظلت الارجوحة تهتز بها والهواء المنعش يلطف من ذلك اللهيب المشتعل بخديها من خجلها ظلت تتنفس ببطئ تحاول ان تعيد توازن أنفاسها التى شعرت بانسحابها من رئتيها بعد فعلتها تلك فهى تحمد الله على ان لا احد أخر رأها تقتحم تلك الغرفة الخاصة بأيسر بتلك الهمجية فماذا كان سيحدث اذا رأها احد العاملين بالمنزل وهى تقف على باب الغرفة وأيسر بالداخل لم يرتدى ملابسه كاملة فماذا كانوا سيظنون بها ؟ خرج إليها أيسر بعد ان ارتدى ملابسه وصل اليها قائلا:
– أنسة ثراء
رفعت رأسها فرأته واقفا قريب منها فخفضت نظرها سريعا تتمنى بداخلها ان يذهب الآن ولا يسألها عن سبب تصرفها الأرعن حاولت جاهدة ان تخرج صوتها طبيعى
– أيوة يا أيسر فى ايه
– انا اللى المفروض اسأل حضرتك فى ايه و فتحتى باب الأوضة بالطريقة دى ليه
أعتصرت عينيها كأنها ستجد إجابة بداخل ظلام عقلها فحاولت ان تبرر تصرفها قائلة:
– اصل سمعت صوت مش واضح كأنك بتكلم حد وأفتكرت ان فى حاجة حصلتلك ففتحت الباب علشان اطمن انت كويس ولا لاء
صدقت تلك المقولة القائلة ” عذر اقبح من ذنب” فهى تعلم أن ذلك العذر الواهى الذى اخبرته به لن يقتنع به ولكنها لاتجد حل اخر يسعف عقلها الذى بات الآن تحت وطأة قلبها الغيور، الا إنه هز رأسه كأنه يأكد لها اقتناعه بحديثها
– لاء حضرتك انا كويس انا بس كنت بكلم القطة
تذكرت ثراء تلك القطة التى كان يحتويها بين ذراعيه فتعجبت فهى تعلم ان القصر لايوجد به أى قطة وذلك بناء على رغبة زوجة عمها وأبنتها ميرا فهن لايحبون القطط
– بس القطة دى جت منين البيت مفيهوش قطط خالص انت جبتها منين
رفع أيسر يده يدلك مؤخرة عنقه قائلا:
– انا عارف ان ممنوع يكون فى قطط هنا علشان لبنى هانم والانسة ميرا بس الصراحة لما روحت شقتى لقيتها هناك وكانت والدة كمان ٣ قطط فصعبت عليا جبتها هنا هى وولادها وخليتها فى اوضتى علشان محدش يشوفهم استغليت ان أوضتى بعيدة عن البيت ومفيش حد هيحس انهم موجودين بس هى خرجت من ورايا و لقيتها قبل ما حد يشوفها ورجعتها الأوضة تانى
انسحرت ثراء بحديثه وعطفه على القطط ألا يوجد لديه بعض العطف على ذلك الخافق بين ضلوعها فكم تمنت الآن لو كانت هرة من تلك الهررة الصغيرة التى يشملهم بعطفه ورقته التى لايرى احد منها شئ سوى تلك الكائنات الصغيرة فأرادت الاحتفاظ باحدهم فهتفت به برجاء:
– أيسر ممكن تدينى قطة منهم اخليها معايا فى أوضتى وأربيها
توسلته بعينيها الا يرفض طلبها فحول بصره سريعاً عنها فهتف بنبرة هادئة:
– المشكلة لو اخدتى حد منهم امهم هتزعل عليهم ان انا حرمتها من حد من ولادها وولادها لسه صغيرين فهم محتاجين أمهم تبقى معاهم
فأقترحت عليه ثراء قائلة:
– طب خلاص لما أبقى فى الجنينة هاتهم اشوفهم مرات عمو باليل مش بتخرج الجنينة وده هيبقى سر بينى وبينك يا أيسر ماشى
هز رأسه بالموافقة مع تلك الابتسامة الهادئة قائلا:
– اتفقنا يا أنسة ثراء
فرحت ثراء كمن ستشاركه أسرار حياته فكم تمنت لو يأتى ذلك اليوم ويصبح أيسر أمامها كالكتاب المفتوح تعرف أسراره ومكنونات نفسه تكتشف خباياه المتوارية خلف قناع البرود والجمود الذى يرتديه دائما..!!!
______
ظلت لبنى تنظر لفيروز بسخرية وهى تراها تعطى للعاملين بالقصر أثواب جديدة اشترتها هى من أجلهم فهى كل عام فى ذكرى مولد ابنتها الحبيبة تشترى هدايا من أجل هؤلاء العاملين فهى بذلك كمن تشارك سعادتها معهم فهى تعلم شعور الفقر فهى قد عانت منه فى الماضى قبل ان تصبح زوجة جمال الرافعى،ظل العاملين يثنون عليها بالدعاء لها ولثراء وأن تنعم بحياة مديدة عامرة بالسعادة ،فهذا ما تريده فيروز أيضاً بعد ان أنصرف اخر فرد منهم جلست لتستريح على تلك الأريكة المقابلة للمقعد الذى تجلس عليه لبنى فنظرت اليها بتهكم قائلة:
– غريبة يافيروز اول مرة اشوف واحدة فى عيد ميلاد بنتها هو اللى تشترى هدايا للشغالين
انحنت فيروز للأمام تأخذ فنجان قهوتها وهى تعلم نية لبنى فى ازعاجها الا انها قابلت ذلك بابتسامة باردة قائلة:
– أصل بحب اشوف اللى حواليا فرحانين ومبسوطين حتى لو كانوا اللى بيشتغلوا هنا وكفاية عليا انهم بيدعوا لبنتى بالخير أحسن ما يدعوا عليها يا لبنى
ضغطت فيروز على كل حرف تنطقه كأنها بذلك تثير انتباهها إلى عدم التوافق بينها وبين أى فرد من العاملين بهذا المنزل وكل هذا بسبب تلك العجرفة التى ورثتها بحكم نشأتها فى الوسط المخملى للأثرياء،قذفت لبنى المجلة من يدها بغضب تنظر لفيروز قائلة:
– أنتى قصدك ايه بكلامك ده يا فيروز ها ان مفيش حد هنا من الشغالين بيحبنى انا وبنتى ما هو انا سيبالك الحب ده أنتى أولى بيه ما دود الأرض دايما يحن للطين اللى طلع منه
هبت فيروز واقفة كأنها على وشك الاشتباك معها فى شجار بالايدى إلا ان لبنى أسندت ظهرها الى طرف مقعدها ومازالت تنظر اليها بسخرية فهتفت ببرود:
–ايه يا فيروز مالك وقفتى ليه اقعدى صحتك متستحملش الوقفة الكتير قاعدة البيت بتجيب هشاشة فى العظام
تبعت لبنى كلامها بضحكات عالية أصبح وجه فيروز شديد الاحمرار فهى غاضبة من عجرفة تلك المرأة التى فاقت كل الحدود إلا أنها حاولت تجاوز غضبها فهذا لن يجدى نفعا مع امرأة مثل لبنى فهى يجب ان تجابها بسلاحها وهو البرود فابتسمت ابتسامة اشد من برودة الصقيع قائلة:
– هى مين اللى عندها هشاشة عظام يا لبنى متنسيش ان انا أصغر منك دا اللى يشوفنى يفتكرنى أخت ثراء مش وشى كله عمليات شد ونفخ
كأن فيروز اصابت كبرياءها فى مقتل فكم تشعر فيروز بالسعادة الآن من تغير ملامح وجه لبنى فهى عاشت سنوات طوال فى هذا المنزل تستمع إلى هرائها الممل،لم تستطيع لبنى التفوه بحرف واحد فعندما همت بالرد عليها لمحت دلوف شقيق زوجها جمال ملقيا عليهن التحية قائلاً ببشاشة:
–السلام عليكم خلاص وزعتى الحاجة يا فيروز
فابتسمت له فيروز تقترب منه تستقبله بحفاوة كعادتها ،
– ايوة خلاص كل واحد اخد هديته وبيدعولك انت وثراء كمان
ظلت لبنى يتأكلها الغيظ وهى ترى ذلك الحب الذى لم يخبو او تخف جذوته منذ أن رأتهم سويا فهم كأنهم يعودوا بالزمن للوراء وليس مثلها هى وزوجها الذى ربما تظل أياماً لا تراه معللا ذلك بأنه لديه اعباء كثيرة بالعمل
دلفت فيروز الى الداخل برفقة زوجها،فلمحت لبنى ابنتها ميرا تخرج إليها جلست بجوارها متأففة:
– هى طنط فيروز خلصت الفقرة بتاعة كل سنة ولا لسه مبدأتش علشان الصراحة دماغى مصدعة لو كده أروح اوضتى
ابتسمت لبنى بسخريةقائلة:
– لاء خلصت ودخلت عمك راجع بدرى النهاردة من المستشفى المهم انتى مالك كده باين عليكى مضايقة
نفخت ميرا بضيق تهتف بغضب وبحدة:
– الانسة ثراء بسلامتها لسه مرجعتش لدلوقتى من برا وانا كنت عايزة اخرج اشترى شوية حاجات عوزاها
تعجبت لبنى من حديث ابنتها قائلة:
– وأنتى مالك ومالها ما تخرجى أنتى عايزة ثراء فى إيه
اجابتها ميرا بدون وعى منها لما تقول:
– ما هو أيسر معاها وانا عوزاه يبقى معايا انا مش معاها هى
لم تدرك فداحة قولها الا عندما نظرت اليها لبنى بتعجب لم يخلو من الغضب بسبب تلك اللهجة الودية التى تحدثت بها عن أيسر فهتفت بها والدتها:
– افندم بتقولى ايه، ايه عوزاه معاكى انتى ده معناه ايه الكلام ده
أردفت ميرا تبرر قولها فخرج كلامها بتلعثم:
_ااانا قصدى يا مامى ان عيزاه يخرج معايا اشترى الحاجات اللى عوزاها انتى افتكرتى ايه
نظرت اليها لبنى بعدم اقتناع قائلة:
– أحسن ليكى يا ميرا متعرفيش انا فكرت فى ايه فاهمة ياميرا يا بنت عزام الرافعى اتمنى تكونى فهمتى والا هيبقى ليا تصرف وكلام تانى معاكى يا ميرا
نهضت لبنى من مكانها وتركت ابنتها تفكر فيما قالته لها تتمنى ان تكون على علم ودراية بتلميحاتها، فميرا تعلم ان والدتها تتمتع بذكاء حاد يشهد لها به الجميع فحديثها يدل على أنها ربما علمت مايدور بخلدها عن أيسر فلو صح ظنها فوالدتها لن تدخر جهداً فى طرد أيسر من عمله وابعاده عن هذا المنزل خشية على وضعهم الاجتماعى فوالداتها تنظر لزوجة عمها من منظور الاحتقار بسبب أنها نشأت فى وسط فقير فكيف ستنظر لأيسر وهو يعمل سائق وحارس شخصى فى هذا المنزل..!!!
_____
وضع متولى كوب الشاى من يده على تلك الطاولة
الصغيرة التى يلتف حولها هو و عباس بأحد المقاهى الشعبية فنظر إليه بتعجب قائلا:
– أنت بتقول ايه يا عباس انت اتجننت عايز تدخل القصر وتخطف البت أنت أهبل ولا دماغك دى طقت خلاص ومبقتش عارف بتقول ايه
هز عباس رأسه بالموافقة قائلا:
– ايوة زى ما سمعت كده يا متولى احنا قرب الفجر نكون داخلين القصر ونخدر البت واشيلها على كتفى وأنت تستنينى بالعربية ناخدها ونطير ويبقى فص ملح وداب
رفع متولى شفتيه العليا باستنكار من حديث شريكه الغبى:
– أنت عبيط ياض أنت ولا ايه انت فاكر دخول الحمام زى خروجه دا البيت متأمن جامد دى المرة اللى دخلت فيها كنت هخرج على نقالة ملحقتش حتى اوصل لباب البيت من جوه يدوبك بس عديت السور وأنضرب عليا نار اومال لو كنت دخلت جوا كان حصل ايه كان هيبقى حل من اتنين ملهمش تالت يا روحت السجن ياروحت الآخرة
حك عباس رأسه بتفكير يبحث عن حل أخر فهتف بحماس كمن عثر على حل لا يقبل الجدل تلك المرة:
– بس فرصتنا وجت لحد عندنا انا عرفت ان بعد كام يوم عيد ميلاد البت وبيعملوا حفلة وبتبقى هيصة احنا بقى نستغل موضوع الحفلة ده وننفذ خطتنا والناس هيبقوا مشغولين فى الحفلة ونضرب احنا ضربتها بس عايزين نحط خطة متخرش الماية
انحنى متولى للأمام قائلا:
– وأنت عرفت المعلومات دى كلها منين يا عباس
ابتسم عباس ينظر اليه بمكر مردفاً:
– أصل أتصاحبت على بت شغالة عندهم هناك بتشتغل خدامة بس ايه مبيتبلش فى بؤها فولة ممكن تخر بكل حاجة كده وهى قاعدة بتعشق اللك والنميمة بت صداع يا أخى دى كرهتنى فى عيشتى بس يلا لاجل الورد تنسقى عفاف
ابتسم متولى على حديث عباس فأردف:
– وهى كمان اسمها عفاف باين على أخلاقها اه لو أتعرفت حكايتك معاها هتروحوا انتوا الاتنين فى كلبوش
قبل ان يجيبه عباس سمع رنين هاتفه رفع الهاتف فنظر الى متولى يبتسم قائلا:
– ياريتنى افتكرت مليون جنيه اهى عفاف بترن عليا يا ترى عايزة إيه
فتح عباس الهاتف يضعه على أذنه يحاول اكساب نبرة صوته بعض الحنان المصطنع:
–ياااه يا حب العمر وحشتينى الشوية دول اخبارك ايه
اجابته عفاف بصوت منخفض لكى لايستمع لها أحد:
– وأنت كمان يا عبس انا الحمد لله انا اتصلت عليك قبل ما انشغل بقى فى الحفلة اللى بيجهزولها حتى هيبعتوا يجيبوا جرسونات رجالة تساعد فى الحفلة تقولش فرح
لمعت عين عباس بعد سماعه حديث عفاف فأسرع قائلا:
– بقولك ايه يا حب العمر انا وواحد صاحبى بندور على شغل ما تقوليلهم نيجى نشتغل جرسونات فى الحفلة اهى اى سبوبة لحد ما نلاقى شغل
– ماشى تعالوا وخالتى جليلة تقول للهانم وخدموا فى الحفلة على الاقل نكون مع بعض وأشوفك وقت أطول سلام بقى دلوقتى علشان فى حد بينادى عليا
أنهت المكالمة معه فنظر لمتولى كمن فتح له ابواب الحظ
– شوفت جت لحد عندنا احنا هنروح الحفلة كمان وهنبقى موجودين جوا البيت وكله هيبقى تمام دا انا عباس اللى مفيش حاجة تعصى عليه ابدا دا انا مفيش فى عقلى ده اتنين
رفع متولى حاجبه من كثرة مدح عباس بنفسه قائلا:
– كفاية شكرانية فى نفسك يا عباس متنساش ان البوص كان عايز البت دى هو كمان يعنى احتمال يكون هو كمان حاطط خطة ويخطفها هو واحنا نغنى ظلموه
تغيرت ملامح عباس عند ذكر متولى اسم البوص فصاح بصوته الغليظ قائلا:
– خليه يعملها وعليا وعلى اعدائى مش كفاية كان عامل فيها الرجل الخفى ومكناش عارفين شكل أمه ايه من ام النضارة اللى كان بيلبسها وحاسس انه كان مغير ملامح وشه ده مش شكله الحقيقى قلبى بيقولى كده وانت عارف قلبى وعقلى مبيكدبوش عليا يا متولى
متولى يعلم انه ربما بسبب تفكير عباس سيزجون بالسجن فعباس من نوعية البشر الذين يظنون غباءهم ذكاء خارق ولا يوجد احد بإمكانه أن يباريهم فى ذكاءهم اللامحدود
هب عباس واقفاً ينهض معه متولى فهم يجب ان يذهبوا الآن للحصول على تلك الوظيفة المؤقتة التى ستمكنهم من دخول ذلك القصر المنيع وتنفيذ مخططهم قبل ان تنسل الفرصة من بين أيديهم..!!!
________
يقف أمام تلك الواجهة الزجاجية العملاقة بغرفة مكتبه يضع يديه بجيب بنطاله وقميصه مشدودا على صدره تلتمع بشرته تحت أشعة الشمس التى تسربت من الخارج يستمع لذلك التقرير اليومى الذى جلبه له حارسه عن ثراء
– ها ايه الاخبار النهاردة
تقدم الحارس من ذلك المكتب الفخم يضع تلك الاوراق والصور التى جلبها له بناء على اوامره قائلا:
– ده يا باشا تقرير النهاردة وكمان الصور لكل الاماكن اللى راحتها وهى حالا موجودة فى الكلية
رفع احدى يديه يشير اليه بالانصراف حتى بدون ان يلتفت اليه
– روح أنت اخرج يلا
هرول الحارس يخرج من المكتب فترك هو مكانه يقترب من الصور يرفعها أمام وجهه يتفحصها الواحدة تلو الأخرى وابتسامته تزداد أتساعاً من رؤية ملامح تلك الجميلة وخاصة الصور التى تظهر بها وهى تضحك فأردف مبتسماً:
– ضحكتك تجنن يا ثراء انتى كلك تجننى
الا ان احد الصور استرعت انتباهه وهو يراها تقف تبتسم لحارسها الشخصى فأعتصر تلك الصورة بين يديه فهى لا يحق لها الابتسام لأى رجل حتى وان كان عامل لديها
– لاء كده يا ثراء ازعل منك انتى ملكيش حق تبتسمى لأى راجل محدش له الحق ان يشوف ضحكتك دى غيرى أنا
كأنه وضع قانوناً ينص على انها أصبحت ملكية خاصة له ،فهو سيحرص على تطبيق ذلك القانون عليها ويصل إليها فهو يرى الطريق أمامه ممهدا مفترشاً له بالنعيم فلاشئ يعرقل أمنيته بالحصول عليها فهو أيضاً ذو شأن رفيع شأن عائلتها لذلك سيجد الترحيب من الجميع إذا فكر بالاقتران بها فوجد نفسه قائلا:
– لاء الصور دى مش هتهدى قلبى انا عايز أشوفها قدامى مش أشوف صورها انا هروح لها الكلية وأشوفها
سحب سترته الانيقة من على طرف مقعده يرتديها ينظر فى تلك المرآة الموضوعة بأحد اركان غرفة المكتب يضع عطره الثمين يتأكد من أناقة مظهره وقميصه المفتوح من الأعلى يبرز عضلات صدره فهو يرى العديد من النساء والفتيات تفتن به لما يتمتع به من وسامة خاصة وهو يرتدى تلك الثياب الانيقة التى تبرز قوته الجسدية ،أثناء بحثه عن هاتفه قبل خروجه من مكتبه رأى الباب يفتح تدلف منه تلك الفاتنة التى أتت خصيصاً لرؤيته فهتف بتأفف:
– ايه اللى جابك هنا يا كاميليا
اقتربت منه كاميليا تلقى بذراعيها حول عنقه تبتسم له باغراء
– وحشتنى يابيبى جيت أشوفك ايه هو أنا مش وحشاك ولا ايه بقالك فترة مبتسألش
نفض ذراعيها عن عنقه قائلا:
– لاء موحشتنيش ويلا بقى أمشى علشان مش فاضيلك يا كاميليا
الا انها لم تتحرك من مكانها بل جلست على حافة مكتبه تهز قدمها كمن تريد اثارة غضبه أكثر
– وأنا مش همشى يا بيبى انا قولتلك انت وحشنى أوى
تركت مكانها تقف أمامه وهو ينظر اليها نظرات جحيمية فمدت يدها تعبث بأزرار قميصه تردف بصوت ناعم:
–ايه يا بيبى لقيت واحدة جديدة علشان تحطها فى القائمة بتاعتك علشان كده مبقتش عاوز تشوفني
رفع يده يعتصر يدها بين قبضته ابتسم عندما رأى ملامح الألم بادية على وجهها وصوت أنينها المتألم فأقترب منها اذنها يهمس بفحيح:
– أنا مش قلتلك أمشى ليه مش بتحبى تسمعى الكلام ولا أفهمك بطريقة تانية
ابتلعت ريقها من تهديده لها فهى تعلم مدى الأضرار الجسيمة التى يمكن أن تلحق بها من جراء تحديه ومعارضته فأسرعت قائلة:
– لاء خلاص همشى سيب ايدى
ترك يدها فدفعها عنه كادت ان تسقط أرضاً لولا انها تماسكت قبل ان تخونها قدميها سحبت حقيبتها وخرجت سريعاً من المكتب بل من الشركة بأكملها ،حاول إعادة الهدوء اليه الا انه تسلل الى انفه رائحة عطر تلك التى خرجت للتو فذهب لتلك الغرفة الملاصقة لغرفة مكتبه فنزع عنه ثيابه ليستبدلها بملابس أخرى فهو لا يريد أن يشتم رائحة عطر أى أنثى عالق به او بالاحرى لا يريد ان يتذكر اى انثى مرت بحياته قبل مقابلة تلك الفاتنة الصغيرة كما اعتاد ان يسميها…!!!!
______
وقف عفيفى أمام باب الورشة يلتفت يميناً ويساراً كمن اضاع شيئا فتعجب حسام من فعلته فأقترب منه يربت على كتفه ففزع عفيفى قائلا:
– بسم الله الرحمن الرحيم خوفتنى يا أسطى حسام
رفع حسام حاجبه قائلا بمكر:
– ألف سلامة عليك من الخضة يا اخويا مالك واقف تتلفت يمين وشمال زى ما يكون عايز تقبض على حد او مستنى حد أنت مستنيها
مد عفيفى يده يمسح جبهته من العرق الذى أصابه من فرط ذلك الخجل الذى يشعر به الآن فتلعثم قائلا:
– مممين دى اللى مستنيها يا أسطى حسام قصدك إيه
تبسم حسام ضاحكا :
– جوليت بتاعتك ياسى روميو الميكانيكية
شعر عفيفى كأن حجمه تضاءل من افتضاح أمره فربما حسام على دراية بكل شئ لذلك يجد متعة فى مشاكسته الآن فهتف عفيفى بخجل:
– جوليت مين يا أسطى حسام أنت فاهم غلط
ضيق حسام عينيه ومازالت تلك الابتسامة الماكرة ترتسم على فمه:
– فاهم غلط انت بتحور عليا يا عفيفى ما تروح ياض انت واطلبها من ابوها وريح نفسك وأنت بتحب على نفسك كده وهى باين عليها هى كمان بتحبك اتجوزوا ومتقرفوناش معاكم بقى
تلألأت عين عفيفى بفرح من حديث حسام فهو يعلم بشأن حبها هى الاخرى له الا انه يخشى رفض والدها
– بس أبوها ممكن ما يوافقش يا أسطى حسام وأنت عارف انا مليش حد ومقطوع من شجرة ويمكن هو يرفض علشان كده ان انا مليش اهل ووحدانى
ربت حسام على كتفه قائلا:
– ولا يهمك يا عفيفى احنا أهلك شوف بس هتروح ليهم امتى وانا وجدى وجدتى نيجى معاك نطلب العروسة أعتبرنا أهلك
نظر اليه عفيفى بفرحة عارمة مردفاً:
– بتتكلم جد يا أسطى حسام
هز حسام رأسه مؤكدا على حديثه:
– أيوة يا عفيفى بتكلم جد انت اه مجننى ورافعلى ضغطى بس أنت زى اخويا والله يا عفيفى وانا افرح لفرحتك
اندفع إليه عفيفى يحتضنه ودموعه تتسابق على وجنته يردف بصوت شابه البكاء
– تسلم يا أسطى حسام والله انا كمان بحبك اوى ربنا يخليك ليا
ربت حسام على ظهره الا انه قال ممازحا:
– خلاص بقى يا عفيفى لحد يعدى من قدام الورشة وشايفك حاضنى كده وبتقولى بحبك يظن فينا ظن مش كويس ويقول علينا كلام بطال
قهقه عفيفى بصوت عالى على مزاح حسام فابتعد عنه ومازال مبتسماً على ذلك الوعد الذى وعده اياه حسام فأردف عفيفى متوسلا:
طب الله يخليك يا أسطى حسام روح لابوها اهو قاعد قدام الدكان بتاعه وقوله ان احنا هنروح نخطبها اصل بخاف اتكلم معاه
زفر حسام بهدوء يحرك رأسه بالموافقة قائلا:
– حاضر يا عفيفى ما أنا خلفتك ونسيتك أمرى لله
خرج حسام من الورشة متجه صوب المحل المجاور الذى يملكه والد عروس عفيفى ألقى عليه حسام التحية:
– أزيك يا عم عزت كنت عايزة اتكلم معاك فى موضوع مهم
اشار اليه عزت بالجلوس قائلا:
– اهلا يا باشمهندس حسام اتفضل اقعد خير اؤمر
ابتسم حسام ابتسامة خفيفة قائلا:
– الأمر لله هو الموضوع يخص بنتك الكبيرة مايسة
نظر اليه عزت باهتمام بالغ يشوبه القلق مردفاً :
–مالها بنتى مايسة فى ايه
حاول حسام ان يطمئنه فهتف بصوت رزين:
– مالهاش يا عم عزت انت اتخضيت ليه كده دا الموضوع خير وفرح ان شاء الله موضوع نسب فى واحد ابن حلال طالب ايد بنتك
تهللت أسارير عزت من سماع كلام حسام فهتف بسعادة:
– ياسلام ده يوم المنى يا باشمهندس حسام لما افرح ببنتى
هتف حسام بحماس ان ربما استطاع ان يحصل على موافقة مبدأية منه بخصوص تلك الزيجة
– خلاص ان شاء الله بكرة نيجى نشرب معاك الشاى وكمان جدى وجدتى هيجوا علشان يكلموك هم فى الموضوع
– تنورونا يا باشمهندس دا يحصلنا البركة لما عم رضوان كبير حارتنا يشرفنى فى بيتى خلاص هستناكم بكرة ان شاء الله
انصرف حسام وهو يشعر بالسعادة كونه استطاع ان يحقق أمنية عفيفى فى الارتباط بالفتاة التى يريدها دلف الى الورشة عفيفى ينتظره بقلق فى انتظار معرفة ماحدث بينه وبين والد عروسته المستقبلية فأقبل عليه قائلا:
– ها ايه الاخبار يا أسطى حسام وافق ولا موافقش رد عليا الله يخليك قول بقى قالك ايه ها قالك ايه ما تقول بقى
وضع حسام يده على فم عفيفى ليجعله يكف عن الكلام حتى يتسنى له ان يخبره بما حدث فهتف به
– بس اسكت بقى ادينى فرصة اتنيل واتكلم ايه بالع راديو ما تخرس بقى خلينى اتنيل واتكلم على العموم انا كلمته والراجل رحب بالموضوع وهنروح بكرة ان شاء الله نخطبهالك يكش تتهد بقى ناظره عفيفى بامتنان غير قادر على ايجاد عبارات منمقة يقولها له توصف مدى سعادته الآن فحسام حقاً شاب يتمتع باخلاق فاضلة،فهو يعد نفسه محظوظاً بالعمل معه بالرغم من ان حسام ربما فى بعض الأوقات يمازحه بكلام اذا سمعه احد يظن ان حسام يوبخه لكن هى تلك طبيعته فهو شاب مرح يحب المزاح مع الاخرين
_______
انتهت المحاضرة فخرجت ثراء وضحى من القاعة لحين موعد المحاضرة التالية ولكن أثناء خروجها لم تنتبه لذلك الذى وقف أمامها يسد عليها الطريق فاصطتدمت به لتتناثر كتبها وحقيبتها على الأرض فانحنت هى وضحى للم اغراضها فوجدت من يمد يده لها بكتبها فرفعت وجهها له فأتسعت عينيها من الدهشة قائلة:
– هو أنت
أبتسم لها ابتسامة عريضة فمازالت هى تتذكره:
– أنتى لسه فكرانى يا ثراء
اعتدلت ثراء وعيناها تلتمع بالغضب كقطة صغيرة اثار حفيظتها أحد عن طريق المشاكسة
– اه طبعا فكراك كل مقابلة لازم تخبط فيا حضرتك
مالت اليها ضحى تهمس بأذنها قائلة:
– ثراء أنتى تعرفيه منين ده
قبل ان تجيبها ثراء كان هو قائلا:
– الغريبة ان احنا اتقابلنا مرتين وعرفت اسمك وانتى لسه متعرفيش اسمى
أسرعت ثراء فى اجابته قائلة:
– ومش عايزة أعرف عن اذنك
إلا انه وقف امامها ثانية يمنعها من الانصراف:
– اهدى بس متبقيش عصبية كده انا يا ستى ابقى أمير الصواف
اجابته ثراء بلامبالاة:
– تشرفنا عن أذنك
تعجب أمير من مبالاتها الا انها اثارت اعجابه بها أكثر فدائما كان ما يخبر اى فتاة يقابلها بأسمه يجدها ترحب به وبصداقته فربما تلك الفتاة ليست كاللواتى عرفهن طول سجله الحافل بالغراميات النسائية
– معقولة أنتى متعرفيش مين أمير الصواف مسمعتيش عنى قبل كده
نفخت ثراء بضيق قائلة :
– لاء مسمعتش ومش عايزة اسمع وايه الغرور اللى عندك ده زى ما تكون انت اللى بنيت الهرم ولازم نبقى عارفينه اووف
تركته ثراء واقفاً مكانه فربما لم يشعر بانتشاء مثل الذى يشعر به الآن بالرغم من انه اذا كان سمع هذا الحديث من احد اخر ربما كان لن يتوانى عن اخذ حقه منه على اهانته له الا تلك الفتاة التى ربما قللت من شأنه وبالرغم من ذلك يشعر بالسعادة عوضا عن الغضب والاستياء،اسرع خطواته ليلحق بها فوجدها تجلس هى وصديقتها على مقعد رخامى موضوع فى حديقة الجامعة فأقترب يجلس جوارها
– معقولة كده تسيبينى واقف وتمشى
انتفض ثراء من سماع صوته فهى لم تلاحظ مجيئه للجلوس بجانبها إلا عندما سمعت صوته فهتفت بغيظ
– الله انت ايه حكايتك بقى لو ممشتش منها هجيب امن الجامعة يرموك برا او هخلى الحارس بتاعى يشوف شغله معاك
جلس أمير بأريحية يضع ساق على الأخرى بزهو متفاخرا
– انا عندى استعداد اقفل الجامعة دى والحارس بتاعك ده انا ابيتهولك فى القسم لو فكر بس مجرد تفكير انه يقرب منى
نظرت ثراء وضحى كل منهن إلى الأخرى يتعجبن من عجرفة وغرور هذا الشاب، تمنت ثراء مجئ أيسر الآن الا انها اخبرته ان ينتظرها بالسيارة حتى تنهى ما عليها من محاضرات ،فكرت أن تهاتفه الا انها حقا خشيت عليه من بطش ذلك المغرور تخشى أن ينفذ وعيده ويزج بأيسر فى السجن اذا تشاجر معه اشارت ثراء لضحى بالنهوض قائلة:
– ضحى يلا بينا خلينا نستنى فى المدرج جوا على المحاضرة ما تبدأ علشان انا ابتديت اتخنق
ذهبن إلى المدرج فتبعهم أمير فماذا تفعل هى الآن؟ وجدته يجلس فى المقعد خلفها كلما استنشقت رائحة عطره كلما زاد نفورها منه فكم تتمنى ان تستدير اليه الآن وتصفعه على وجهه اللعين،توافد الطلاب على القاعة دلف المحاضر تعجب من وجود هذا الشاب الغريب فهو لم يراه من قبل فأشار إليه قائلا:
– أنت مين وبتعمل ايه هنا ثم انت شكلك مش طالب هنا باين عليك سنك أكبر منهم أنت دخلت ليه هنا وازاى
وقف أمير يضع يده بجيبه ينظر لذلك الذى يحدثه يشمله بنظراته قائلا بثقة تجلت فى كل حرف ينطقه كأنه يلقى عليهم خبر هام:
– أنا أمير الصواف إبن السفير فهمى الصواف وصاحب شركات الصواف جروب وجاى هنا مع خطيبتى الانسة ثراء جمال الرافعى…
!!!!!!!!!!!!؛

يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى