وسقطت حكمت ٣ الفصل الثالث
السلام عليكم عاملين ايه … اتمنى اعرف رايكم حولين الشخصيات والأحداث والسرد … وهل اللون ده مفيد او كويس … واتمنى ليكم قرائه ممتعه بس كده .
——————————————————————————————————————————–
رمشت حكمت بأهدابها الكثيفة عدت مرات و قد شعرت ببروده تسرى فى قدميها وقد هربت الدماء من عروقها ولوهله شعرت انها أُصيبت بداء السكرى بسبب هذا الجفاف فى حلقها وكأنها لم تشرب الماء منذ عام وحالة الدوار التى عصفت برأسها بشده.
ولا اريد أن أخبركم كم هى شخصيه متوتره إذا سقطت فى أى مأذق انتهى الامر بالنسبه لها وكأنها نهاية العالم .
لكن الآن لا يجب ان تثير الشكوك أو تلفت نظر هذا الجندى حولها يجب أن تتصرف بهدوء وثبات كما اخبرتها امها منذ ان كانت فى الثانية عشر الحذر الحذر والثبات الثبات .
بللت شفتيها البيضاء تلك قائله فى صوت جاهدت حتى يخرج منها : أكمل من فضلك .
مسح هذا الرجل جبهته ابرهاق قائلاً : انا بلايو احد مستشارين الدوله واخى حنا صاحب الشرطه فى مدريد … وأبى كان أحد كبار جنود الكنيسه … منذ قليل كنا نسير فى اطراف المدينه بالقرب من هنا واشتبكنا مع بعض الفرنسين وطرقنا على باب امرأه طاعنه فى السن هى من دلتنا عليكى انكى القابلة جوليانا ومن ستساعديننا .
ثم تابع بنبرة استعطاف ورجاء قائلا: ارجوكى اهتمى به ولكى ما تريدين وأى مبلغ … فقط دعيه يتعافى كرامة للعذراء .
هزت راسها نافيه قائله : لا أريد مال … ولا تقلق عليه سيكون بخير قد يفيق غدًا، ولكن ماذا عن الفرنسين؟ بالتأكيد يبحثون عنكم .
” بالنسبه للفرنسين لا مشكله فكل يوم تحدث مناوشات بيننا وبينهم …اهم شئ ان لا يعرف احد انه فى بيتك … وأجعليه بعيدًا عن الانظار ” ثم وقف وأرتدى سيفه الذى كان ملقى على الارض قائلاً وقد حزم أمره على المغادرة : انا سأغادر وغدًا سآتي للاطمئنان عليه.
هرولت حكمت ناحيته واغلقت الباب المطل على الحظيره بسرعه وقفت امامه من ما ادهشه ذلك حتى باشرت بالحديث قائله فى ضيق : انتظر هنا … لا يمكنك المجيئ الى البيت متى شئت … نحن فى حى شعبى ماذا سيقول الناس عذباء يتردد الرجال على بيتها؟! وكما ترى أهلى ليسوا هنا .
ضيق عينيه و رفع حاجبه قائلاً وهو يحاول أن يفسر ما ترمى اليه : وما العمل ؟ اتركه دون الاطمئنان عليه ؟
هزت راسها بالنفي قائله : لم اقصد ذلك … ابعث بزوجته اختكم أو امكم أي أمرأه تأمنها على المجيئ الى هنا .
هز راسه بإرهاق قائلاً : سأنظر فى ذلك … وداعًا .
ولكنها عاودت الكره واغلقت الباب مره أخرى وهو يهم بفتحه حتى صاح فى نفاذ صبر وتعب الم بجسده وعقله وأضاق بأخلاقه قائلاً وحدقتيه تكاد ان تخرج من عينه : ماذا الان ؟
صاحت هى الاخرى بعناد قائله : كل شيئًا واغسل و جههك ثم ارحل كما تشاء … انا لن ارعاك انت الاخر سيدى . ثم اشارت الى اخر الرواق قائله بنفس العناد وغيظ طفيف : المرحاض فى نهاية الرواق .
ثم اتجهت الى المطبخ قائله وهى تبتعد عنه حتى توارت خلف جدران المطبخ: خمس دقائق وأرحل .
وقد دفعته مرغمًا على الابتسام فى هدوء وهو يرى امامه كتله من المشاعر المتناقضة والمتخبطة على ارض الواق صوب عينيه .
خلع سيفه و اتجه الى المرحاض غسل و جهه من اثر العرق والدماء و الاتربه حتى ظهرت لحيته خاليه من الدماء ولكن ظهرت معها الكدمات الزرقاء والبنفسجيه.
ولكن ما يثير الريبه ويلفت النظر هو وجود صابون واهتمام غير مسبوق بوجود الماء ونظافة المكان التى لا يعهدها احد الا فى بيوت المسلمين أو النبلاء لا بيوت العامه مثل هذا البيت ، ولكن الصلبان وتماثيل مريم المجدالية و السيد المسيح والشموع تنفى تلك الشكوك تمامًا وقد اتجه الى المحراب الصغير وأشعل شمعه ووضعها اما الصليب ومن فوقه صوره لمريم المقدسة تحمل يسوع عليهما السلام وأخذ يرتل الادعيه وينذر النذور بالتقرب للرب اكثر وفعل الخير حتى يعود له اخيه سليمًا معافه.
ثم عاد بعض الخطوات إلى الرواق مره اخره وقد سار إلى غرفة اخيه المضاءة بالشموع وقد نسى تمامًا حالة الشك التى ناوشته وأقترب من السرير وجلس القرفصاء على ركبته امامه وقد ترقرقت الدموع فى عينيه وتحجرت وهى ابيه مترفعه عن النزول من عينيه البنيه ثم امسك بكف اخيه وقبله وتأمل وجهه النائم الملوث بالكدمات والجروح وقد تمنى لو كان هو لا اخيه وتمنى لو لم يسبقه بالخيل فنافسه مرة اخرى ويقع ذلك الاشتباك مع الفرنسيون . همس فى الم قائلاً : سامحنى يا اخى … انا المخطأ … يا ليتنا سرنا من طريق اخر … يا ليتنى لم اتسابق معك ولم يرانا احد أو يشعر بنا احد … اسف يا عزيزى … فقط افق و أقتص منى كما تريد … فقط أفق !
انهى كلامه وهو يزفر بياس ويطبق جفنيه على بعضهم البعض بالم للا مثيل له ليس بسبب ندباته وجروحه بل بسبب ألم ضميره الذى يحمله مسئوليه ما يؤل اليه الامر الان وعلى الرغم من ان “جوليانا “_حكمت_ قد بدت له ودودة ولطيفة و لا قلق او خوف منها لكن طبيعة الاحياء الشعبيه واختلاط الجيران ببعضهم البعض قد يعرض اخيه للخطر بالاخص من اعين الجواسيس للفرنسين _ الذين يمقطون جنود الكنيسه بشده بالاخص بعد اصدار نابليون المستولى على البلاد باغلاق تلك المحاكم ومعاقبة الجنود ومن يخالف هذا الاصدار والفرمان ولكن اضطراب البلاد وجميع بلدان العالم سواء الديون التى تفاقمت على آل عثمان فى اسطنبول وخروج مصر عن سيطرتها تحت تصرف الاسره العلويه أو البلاد الجديده ” الولايات المتحده الامريكيه ” التى تاندى بالحريه من الاحتلال الانجليزى وسطوة الفرنسيون والاسبان أو تدهور الاوضاع فى شبه الجزيره الهنديه من ما دفع الجميع للإهمال أو لعل موت نابليون هو ما ادى لاهمال هذا الامر لا ندرى _ .
فتح بلايو جفنيه بتثاقل ووضع يد أخاه بجانبه على السرير بحذر و لطف ثم التفتت ينظر الى حكمت التى حاولت تهدئته بلطف وهى ترى مشاعر الحب التى يكنها لاخيه والتى دفعتها لتقديس تلك المشاعر وأحترامها فتحدث بهدوء قائله وعلى ثغرها ابتسامه صغيره : سيد بلايو … لا تأسوا على نفسك فتيأس … سيكون بخير بمشيئة الرب … وأنا سأبذل قصارة جهدي فى أن يتعافى ويقف على قدميه لا تقلق .
بلل شفتيه ووقف من جليته وابتسم فى جهد كبير قائلاً بامل ولطف : شكرًا لكى … وليباركك الرب … انتى لا تعلمين ماذا يعنى حنا بالنسبة لى؟ هو ابنى ليس اخى فقط .
امسكت بمصباح الجاز الذى كانت وضعته على صندوق الملابس وحملته وأشارت الى خارج الغرفه قائله : لا تقلق … تفضل الطعام جاهز .
وسار معها فى خطوات هادئه الى أن وصل الى طاوله صغيره حولها اربعة كراسى مطليه باللون البنى وقد وضعت صينية به بعض ارغفة الخبز وبيض مسلوق وجبن وكوب حليب وقد شرع بلايو فى الاكل بشراهه ونهم وسرعه وقد نظرت له حكمت وابتسمت فى هدوء وفضلت الجلوس فى مكان اخر حتى لا تُشعره بالاحراج وأخذت فى العبث بطرف ثوبها النظيف الذى بدلته ونقعت الاخر فى ماء مغلى حتى يتنزع منه الدماء بسهوله وقد شردت قليلاً وابتسمت لا اراديًا بسخريه وهى التى حاولت وجاهدت أن لا تختلط بأى أحد وأن تتجنب أن تثير الشكوك لتجد مستشار وجندى فى بيتها وفى موقف لا تحسد عليه ولكن لعل الله اراد بها خيرًا وهى فى جهالةً عن ذلك !
—————————————————————————————————————————-
فى صباح اليوم فى الغرفة الصغيرة تململ حنا بضيق وألم كبير يعصف بخاصرته ورأسه لا حد له أيقظه من نومه وشعور قوى بالعطش وقد شعر أن حلقه تشقق من شدة الظما وكأنه يسير فى رمضاء الصيف فى صحراء الربع الخالى لا فى نهاية شهر يناير ذو الطقس القارس بالبرودة وفى أوروبا وفى منتصف اسبانيا!
وقد فتح عينيه الزرقاء تلك بصعوبه بالغه وتألم بشدة من ضوء شمس النهار المنبعث من النافذة الزجاجية العارية من الستائر المرفوعه على الماسورة الخاصه بها .
ورفع كف يدارى به مقلتيه ولكن استوقفته ذاكرته التى بدأت فى التدفق والانفجار وهو يتذكر انه بعد ان خسر السباق مع بلايو قرر ان يتسابق مره اخرى ولسوء حظهم استوقفهم كمين من الفرنسيين الذين اعتقدوا من ركدهم هذا انهم ينون على قتال وباشروهم بالقتال حتى اصيب بطعنه فى بطنه و ما لبث ان فقد وعيه وهذا دفعه لكى يدقق نظره فى معالم الغرفه الغريبه تلك المطليه باللون الازرق الزهري وصغيرة الحجم قليلة الاثاث وقد التفت براسه إذ بصندوق ملابس وفتاه حنطية البشرة فى العقد الثالث من عمرها متكومه على كرسى من الخشب ترتدى زى نوم باللون الابيض وتتلحف بغطاء من الصوف الاسود وتربط شعرها بمنديل ابيض .
أوجس خيفه بان يكون بلايو قد اصابه مكروه وأن احدهم أنقذه دونه وحاول الاعتدال فى جلسته والوقوف لكن حال الألم الذى اشتد عليه دون ذلك وتاوه بقوة وأرجع راسه على الوسادة بألم شديد من ما دفع حكمت الى الاستيقاظ من النوم فى قلق وهلع وقد قفظت من على كرسيها تقترب من حنا وتساعده على العودة لوضعه الطبيعى قائله وهى تزفر براحة : الشكر للرب على عودتك سالمًا … ماذا تريد؟
اشار بألم إلى شفتيه وهو يضمها على هيئة كوب قائلاً بنبرة صوت مبحوحة : ماء ارجوكى .
هزت راسها بالايجاب وأسرعت الى المطبخ وعادت بعد دقيقه تحمل كوب من الفخار ودورق من الفخار ايضًا وقد سكبت به الماء ورفعت راسه بيدها وباليد الاخرى شرعت فى سقيه الماء حتى أنتهى من الكوب لكنه اشار باصبعه بمعنى مره اخرى حتى شرب مرة ثانيه وثالثه حتى ارتوى.
وما ان انتهى حتى وضعت عدة وسائد اسفل راسه حتى يتثنى له ان يرفع راسه بحذر وهو يتحدث معها وقد احضرت الكرسى الذى كانت تنام عليه وجلست بجانب السرير وباشرت بسؤاله قائله : هل انت بخير ؟ بماذا تشعر ؟
تحسنت نبرة صوته بعض الشئ قائلاً : ألم شديد… اين بلايو ؟ وماذا حدث ؟ ومن انتِ ؟
طمئنته قائله بهدوء : السيد بلايو بخير وهو من جاء بك الى هنا كنت فاقدًا للوعى وفقدت دماء كثيره لكن الشكر للرب أنت الآن افضل … أما أنا القابلة والعشابة جوليانا … السيد بلايو اودعك تحت رعايتى حتى تتعافى من مرضك … واخبرنى انه سيرسل من يطمئن عليك اليوم .
بلل شفتيه ونظر لها قائلاً بامتنان : شكرًا لكى … لكن الألم شديد ساعدينى ارجوكى .
هدئته قائله : لا عليك ساعد افطار وكوب من ورق الصفصاف وسيزول الالم .
هز راسه بامتنان و همت بالمغادره لكنى قبل ان ترحل اوقفها قائلاً بارهاق : اين سيفى وساعتى وملابسى ؟
اتجهت الى صندوق الملابس وأخرجت منه السيف والساعة وملابسه المخضبة بالدماء قائله : ها هم لكن سارسل ملابسك مع من سياتى للاطمئنان عليك … لا يمكن ابقائها هنا رائحتها نفاذة ولو غُسلت ونُشرت سيعلم الجميع بانك فى بيتى سيدى .
أراح راسه على الوساده بعد ان شكرها وأنصرفت وقد حمد ربه وشكره بأن كتب له عمر جديد وقد نفذ من الموت بصعوبه ولو به صحه لقبل يد حكمت ليشكرها على هذا المعروف الذى لن ينساه مهما حيا ، ولكن ما يثير قلقه هو والدته ان كان بلايو بخير فبالتاكيد اخبرها وبالتالى قد تصيبها نوبة ربو أو إغماء من ما يعرض صحتها لضرر كبير هى فى غنى عنه ولكن كل الامور ستتضح فقط عند وصول هذا الغريب الذى سياتى للاطمئنان عليه .
ومن دون أن يشعر سقطت عينيه فى محيط عميق من النوم بسبب الانهاك ولم يشعر بنفسه إلا عندما ايقظته حكمت بهدوء وهى تهز كتفه حتى يستيقظ ولم يأخذ فى يدها الكثير من الوقت حتى فتح عينه بسرعه.
وقد اعتذرت منه فى خجل متعلله بان عليه ان ياكل لانه فقد الكثير من الدماء ، ثم وضعت وساده عند سور السرير واحتضنته وهى ترفعه من أسفل ذراعه ليجلس نصف جلسه تمكنه من تناول طعامه ، اما حنا فيال نعمتى والنعيم.
فبالرغم من ألمه المشتد إلا أن رائحة الياسمين المنبعثه من حكمت قد داعبت انفه ولاعبت عقله من ما جعله ينظر اليها باعين شبه مغلقه يتفرس معالم وجهها والتى لا يعلم لماذا شعر انه راى هذا الوجه المستدير الحنطى المشرب بحمره طفيفه غزت وجنتيها بلا رحمه وتلك العينين البنيه وذلك الانف المستقيم والثغر الصغير الوردى ولجأوا له بكل مقدس سيقسم انه رأى هذا الوجه من قبل من دون تردد لكن اين ومتى وكيف لا يتذكر … هل كان عالم الاحلام ؟ ولكن لا يمكن ان يكون حلم يدفعه الى الشك والتدقيق بتلك الطريقه .
ولكنه أثر ان يبعد انظاره المتفحصه التى لم ترحمها وقد لاحظ ارتباكه من تلك الانظار وقد حول التركيز فى تناول الطعام وشرب كوب من ورق الصفصاف المغلى ولكنه لم يأكل الكثير بسبب شعورة بالارهاق وعدم القدرة على المواصله وما ان ترك طعامه حتى نظرت له فى قلق قائله : هل انت بخير لم تاكل كثيرًا.
هز راسه نافيًا وهو يحاول ابعاد صينية الطعام عن فخذه قائلاً : انا بخير لكنى شبعت .
اقتربت منه بكرسيها و امسكت لقمة خبز مغمسه بالجبن قربتها الى فمه قائله فى ود : ان كنت متعبًا قل ولا تقلق … تفضل.
التقت اللقمه من بين اصابعها وقد تبعتها اخرى و اخرى وعينيه لا تنفك تتفحص وجهها ولعنت نفسها الف مره على اقترابها منه بتلك الطريقه وقد أخذت نظرة خاطفه الى وجهه الابيض المحمر ولحيته البنية وشعره البنى وقد كان يشبه بلايو بشدة لكن الفرق أن القسوة والصلابة تغزو وجه حنا بشدة على عكس ملامح بلايو اللطيفه المريحه ولعل الحرب تكسب صاحبه الصلابة والقسوة !
ابتلع حنا ما فى فمها ثم سالها فى هدوء قائلاً : كم عمرك ؟
تكلمت بهدوء وعينيها اسيرة صينية الطعام وتلك اللقمة التى بين اصابعها قائله : اثنين وعشرون … ثم مدت يدها الى فمه باخر لقمه قائله :وأنت ؟
ابتلع ما فى يدها قائلاً : خمسه وثلاثون .
همهمت بهدوء وهمت بالرحيل وهى تحمل الصينية بين يديها لكن استوقفها دق قوى وأشد قوة عن الأمس على الباب وقد شعرت بالتوتر الشديد والهلع والفزع من الذى سيخلع الباب بطرقه القوى وأخذت فى تبادل الانظار مع حنا الذى توجس خيفة هو الأخر وبالأخص ان الوقت لا يزال مبكرًا وقد يستيقظ الجيران و تحدث ضجه وجلبه .
ولكنه شجع حكمت قائلاً وهو ينظر لها بتشجيع : لا تقلقي قد يكون بلايو انا معك هيا .
وضعت الصينية على صندوق الملابس وأغلقت باب الغرفة واتجهت الى الباب المطل على الحديقة الصغيرة وقد تفاجأت بمرأة انيقة الزى حسنة المظهر تدفعها بقوة وتقتحم المنزل قائله فى ضيق وقلق : اين حنا ؟!!!
——————————————————————————————————————————-
فى مكان اخر بعيد عن هنا وفى أخر معاقل ابوعبد الرحمن الصغير وعائشة الحرة فى غرناطه وما ادراك ما غرناطه تل الغرباء وعروس الاندلس!
فهناك إذا رميت ببصرك سترى قصر الحمراء وذكريات خلدها التاريخ وبكى عليها العشاق بدلًا من الدموع دماء وحى البائزين “البائسين ” الذى ليس بالقريب ولا بالبعيد عن البائسين خديجه واخويها الفريد ” صفوان ” _الذى يصغرها بثلاث سنوات _واندراوس ” أحمد “_ الذى يكبرها بست سنوات _ هو والد اثانيوس . ولم يكن لقب البائسين من فراغ إذ أن مشاعر الحزن التى المت بهم ونهشت فى قلوبهم مثل الأسود المفترسه الجائعه التى لا يخيفها التعذيب أو التهديد .
لقد شيعوا أباهم منذ ايامًا قلائل انقدت الى مثواه الأخير وقد كان كل ما يأمل به أن يموت فى المغرب ويدفن هناك فى تلك البلد التى لا طالما عشقها وعشق اهلها وتاريخها ومُدنها وهوائها وترابها ورباطها وطنجه وسبته وطارق بن زياد ويوسف بن تشفين والمرابطون والموحدون وعقبة بن نافع وطريف بن مالك كل ما يروى قلبه الظمأ ويدفن بين مقابر المسلمين من من فروا من اجداده من الاندلس ولكن الله اختار ما هو غير ذلك وكانت مشيئته هى التى احبطت عدة محاولاته فى شبابه بالهروب بالفشل ولن أتطرق اليها الان حتى لا نمل فالحي ابقى من الميت !
وكما كنت اقول الحي ابقى من الميت قد اجتمعت خديجه وصفوان و زوجته وابنته الكبرى وعثمان _اثانيوس_ فى غرفة صغيرة ينتظرون قدوم احمد وقد تركوا الصغار فى حديقة المنزل الخلفيه ومن بينهم طارق وقد صعدت زوجة احمد لتوقظه حتى يتحدث مع اخوته فى شان الميراث حتى اذا جاء موعد التقسيم الذى حدده اباهم لن يكون هناك خلاف و تعود خديجه الى مدريد وقد كانت فى تلك اللحظات تشعر بغريزتها و طنتها بأن ابنتها ليست على ما يرام وأخذ عقلها يصور بعد الافلام والقصص البشعه التى لا حد لشرها وبربريتها.
ولو بيدها لهرولت ولو على الاقدام حتى تطمئن على وحيدتها ولكن الصبر الصبر وستنحل العقد بالصبر . ولكن صبر الجالسين لم يستمر طويلاً حتى صعدت زوجة احمد تحثه على العجله وذهبت الى غرفتهما واذ بها تصرخ بأعلى صوتها طلبًا للنجدة !!!
——————————————————————————————————————————–
يتبع …