وسقطت حكمت

وسقطت حكمت 4

الفصل الرابع

الريتش مات …مليش اخوات 🙂

 

——————————————————————————————————————————–

 

   قبل ان نبدأ فى سرد و تفصيل ما حدث مع اعزتنا خديجه وابنتها سنذهب الى مكان اخر جديد بعض الشيء عنا بغيض جدًا علينا الا وهو بيت العجوز الشمطاء كترينا التي بحق لا اعلم كيف هي على قيد الحياة  و قد جاوز عمرها الخامسة و السبعين و بها صحه ليست بي و انا ابنة العشرين من عمرى المزدهر _اقصد الغريب_ . انظروا كيف ترتدى تلك العباءة السوداء و تحمل بكلتا يديها حقائب من الخضراوات المتنوعة و قد فاقت العشرة كيلو جرامات و فوق كل هذا تحمل فوق راسها قدر عملاق من الماء قد اشترته من السقا المار في الطريق اثناء عودتها من السوق و انا يا عباد عظامي تفرقع و تقرقع اثناء الصلاة ، بحق إن الله إذا اعطى اعطى من دون حساب !

 

   والاهم الان ليس ما تحمله او ما تمتاز به من صحة عشر شباب من جيلنا البائس الان بل الاهم هو ما تفعله ! والويل لها تلك الشمطاء و قد مرت من احد الشوارع الخاليه و التى نادرًا ما يمر منها احد بسبب ان سكان تلك المناطق قد اتخذوا منها حدائق لبيوتهم او حظائر صغيره او كليهما معًا .

 

   وقد مرت من جانب بيت عدوتها اليزبيث ولفت نظرعينيها الغائرتين فى عظام وجهها عربة بفرسين و قد زُينت العربة بفخامة وروعه وفوق ذلك لجام الفرسين المزين بالذهب  وسقفها المصنوع من قماش بنفسجى اللون وهذا اللون  وهذا السائق الذى يبدوا للمكفوف انه ليس مجرد سائق عربة خيل عادى من الذين يتجولون فى شوارع مدريد كل صباح و قد شكت لوهله ان ابنة اليزبيث جائها خاطب من اعيان المدينه دونًا عن ابنتها التى تفوق جوليانا سنًأ و قد تزوجت لكن من نجار و ليس كما تمنت ان توقع لها احد اعيان البلاد  و قد تملكه الغيظ فقط من مجرد ان طرقت تلك الفكرة ابواب عقلها الصدئة من عدم فتحها منذ ان ولدت.

 

   اقتربت من سائس العربة المرتدى لزى باللون الاسود ثم وقفت امامة قائلة فى فضول جم : معذرةًا يا بنى لكن عندى سؤال من الذى يزور بيت اليزبيث هل هو من الاعيان ام انها ارتكبت خطيئة .

 

   نظر لها السائس بامتعاض ثم عاود النظر امامه و لم يتخلى عن هذا الامتعاض و تحدث ببرود قائلاً : ليس من شائنك يا جدة عودى الى منزلك .

 

    رمقته بضيق و قد رفعت طرف شفتها العليا كدليل على حنقها من هذا الذى تعالى عليها و قد جرت حقائبها معها ومن خلفهم كرامتها وفضولها الذين تبعثرا الى اشلاء امامها واتجهت الى منزلها الذى لا يبعد الكثير عن بيت اليزابيث وقد فتح لها ابنها الاصغر فيكتور_ و قد كان عائدًا من الكنيسة حيث انه يشغل منصب شماس بالإضافة الى عملة كبائع البان ومشتقاتها _ واخذ منها حقائبها .

 

   و ما ان دخلت و ارتاحت عظامها حتى اشارت الى فكتور بالاقتراب و الجلوس جانبها و قد امتثل الى امرها حتى مالت عليه قائله فى مكر : لم ترى ما رأيت … عربه فخمه للغاية تقف امام منزل اليزبيث تنتظر احدًا ما و عندما سالت السائس رفض اخباري .

 

   هز فيكتور كتفيه بلا مبالاة قائلاً : و ما شأني من هذا و ذاك .

 

   امسكت بيده قائله فى استمالة لعطفه : بنى … باركك الرب ما رايك ان تسال السائس و تريح قلبي كرامةً للعذراء .

 

  قبل يدها الممسكة بيده قائلاً فى هدوء : كرامةً انتى للعذراء دعي القوم و شانهم … ثم وقف واتجه الى غرفته قائلا ً : ايقظينى رجاءًا يا امى عند الظهيرة .

 

   و ما ان اختفى و توارى خلف الجدران حتى نفخت اوداجها بغيظ قائله : ويلى لا احد يستمع لى اليوم ويعيرني اهتمامه … حسنًا انا سأعرف بنفسي و عندها سيقبل الجميع يدى ليعرف ما حدث .

 

   و لله الحق انتى لا تُطاقى يا جده !

 

——————————————————————————————————————————–

 

     ارتدت حكمت عدت خطوات الى الوراء جراء اندفاع تلك الفتاة الأرستقراطية الى الداخل بعشوائية عكس هيئتها مطلقًا _ قد كانت ترتدى فستان من القطيفة الاسود وعلى احد كتفيها فرع من اوراق الشجر من الفضة الخالصة و ترتدى قبعه سوداء وانسدل منها قماش دانتيل شبة شفاف ليحجب عن عينيها  اشعة  الشمس و قد كانت فى العشرون من عمرها  _. 

 

    و كادت ان تشتبك معها لولا دخول بلايو السريع الذى اوقف اندفاع تلك الفتاة وتهورها قائلاً بتحذير وحزم : ايفا على مهلك يا ابنتي قليل من الادب .

 

   نكست راسها فى شعور بالخجل عارم الم بأطرافها وعقلها و هي لا تعلم كيف تصرفت بهذه الحماقة لكن دائمًا ما يخونها اندفاعها و تنسى أداب و تعاليم القصور التى حجرت اهلها لتعلمها فى قصر الملك و ها هى تعاود النسيان مره اخرى ولكن انتم لا تعرفون ماذا يعنى حنا بالنسبة لابنة اخيه ايفا ليست علاقة عم و ابنة اخ بل صداقه واخوه والسبب فى ذلك بالطبع تقارب عمرهما بعض الشيء الذى ازال فجوة المقام و الحجاب . 

 

   ثم التفت الى حكمت  _التى انحسرت عند باب البيت و اقفلته بعد مرور امراه عجوز لا تقل عن بلايو و ايفا تلك ارستقراطية وأناقة _ قائلاً و حرج : اسف انسة جوليانا … ايفا ابنتي تحب المزاح بعض الشيء . هزت راسها بتفهم ثم اشار بلايو الى تلك العجوز الانيقة قائلاً : هذه امى الدوقة مارلين .

 

  نظرت الى تلك مرلين و قد كانت خائرة العزم ضعيفة القوى و عينيها الزرقاء متورمة ومتوهجة بالاحمرار بشدة من كثرة البكاء وقد اطفى الحزن شحوب بارز على وجهها المليء بخطوط الزمن . و باشرتها بالم و شوق قائله برجاء : هل حنا بخير اين هو ارجوكى؟!

 

    اشفقت عليها وهدأت من روعها و صحبتها الى الغرفة قائله : لا تقلقي سيدتي هو بخير و افاق منذ قليل وتناول افطاره … لكن رجاءًا لا تُطيلوا عليه بالحديث حتى لا يتعب اكثر .

 

   —————————————————————————————————————————

 

    التفت حنا ينظر الى باب الغرفة الذى يُفتح بإرهاق وفضول حتى تصورت له والدته واخيه وايفا ومن خلفهم حكمت التى انسحبت من الغرفة بهدوء لتعد القهوة و تترك لهم مساحة للحديث على راحتهم .

 

    فتح حنا ذراعيه على وسعهما يستقبل والدته الباكية بالأحضان و الاشواق و اللهفات والدعاء وشكرت الرب على وجوده سليم معافى و على ظهر الارض و يتنفس من نفس الهواء. 

دمعت عينيها بتلقائيه و اخذت تقبل رأسه قائله في قلق و لهفه:  حفظك الرب و رعاك يا بنى لقد خلعت قلبى عليك… اياك و تكرار ما فعلت؟! 

 

  ابتسم بارهاق وامسك كفها و لثم انامل يدها التى تمسكت بكفه بقوة قائلاً:  لا تقلقي لن اتركك واذهب لأى مكان. 

 

  ربطت على ظهره بحنان وجلست على الكرسى المجاور مباشرةً لسريره و لم تفلت  يده للحظه وبتلك الوسيلة تحقق مرامها في كونه بخير و الى جانبها _واهً! لو تعلمون مدى معزة و حب مارلين لحنا بالأخص، وقد كان الابن الاصغر بعد بلايو وثلاث فتيات في المنتصف قد قدى نحبهن في سن صغير للغاية بسبب وباء الطاعون الذى كان يناوش أوروبا كل فتره بسبب سوء النظافة والاهتمام الطبي آن ذاك، و لهذا فإن حنا بالنسبة الي امه ككوب الماء بالبارد بعد نهار شديد القيظ._

 

‌  اقتربت ايفا من حنا بمرح و قفزت فوقه و احتضنته بقوة قائله في مزاح ثقيل لا يفهمه احد سواهما الاثنان فقط: حنا لما لم تمت بعد… متى سأرث غرفتك وخيلك يا هذا. 

 

   تأوه حنا بالم من تلك المتعجرفة الصغيرة التى ورثت العنف و القوة ابًا عن جد و لما لا ومنذ ان نشأت و لم يتركها حنا للحظه وقد كانوا اكثر من عم وابنت اخ بل اصدقاء والعامل الرئيسي في هذا هو تقاربهم في السن الذى ساعد على إزالة الكلفة بينهم. 

 

   قرص اذنها قائلاً بمرح: نجوم السماء أقرب لكى لن تمسى غرفتي ولو بعد موتى. 

 

  ابتعدت عنه و قد احمرت اذنها وأمسكت بها بيدها وبالأخرى وضعتها على خصرها قائله في زهو وثقة عالية: سترى انى سأخذ الغرفة رغم انفك. 

 

  داعب حاجبيه باستفزاز و برود اثار حنق ايفا و فى نفس الوقت ضحكت رغمًا عنها ثم اتخذت مقعدًا على طرف السرير الى جانب قد حنا ثم اقترب بلايو الذى احتضنه وصافحه ثم جلس على كرسي اخر قائلاً في هدوء: كيف تشعر الان؟ 

 

  “انا بخير لكن كيف جانا هنا؟” 

 

  ” عندما اُصبت لم اعلم ماذا افعل وضعتك على ظهر الخيل وركبت و سرت بك حتى وجدت بيتًا لعجوز طلبت منها النجدة و دلتني على بيت جوليانا واسعفتك والحق الحق اقول كانت ماهره. “

 

    بلل حنا شفتيه و اخفض صوته ثم أشار الى بلايو بالاقتراب قائلاً في خفوت لا يسمعه سوى هم الأربعة: هل تظن انها موضع امانه… أي لن تخبر احدًا  على وجودي هنا. 

 

  هز بلايو رأسه نافيًا قائلاً:  لا تقلق من هذا ان كانت خائفة فمنا و لن تجرأ على أخبار احد… اطمأنّ. 

 

   قاطع حبل حديثهم مقص طرق حكمت على الباب بهدوء تستاذن بالدخول وبين يديها صينية عليها فناجين من القهوة والمخبوزات الخفيفة وضعتها على طاوله صغيرة في زاوية الغرفة ثم حملتها اليهم و وضعتها بينهم وقد امسك بلايو بكوب القهوة ومن بعده ايفا ومارلين التى ارتشفت منه القليل ثم نظرت الى جوليانا قائله في ود:  شكرًا لكي يا جوليانا على ما فعلتيه لأجل ابنى فليحفظك الرب وليطيل من عمري حتى ارد لكى الجميل. 

 

  ابتسمت حكمت بهدوء قائله: لا شكر على واجب سيدتي وليبارك الرب بعمرك بعد اذنكم… ثم همت بالانصراف لتتركهم وحدهم ولكن استوقفها بلايو قائلاً و هو بقف ويهم بالخروج من الغرفة معها: انتظرى جوليانا اريد ان اتحدث معك. 

 

   خطيا عدة خطوات خارج الغرفة و قد نظرت له حكمت في قلق و خوف دب في جميع انحاء جسدها الصغير المقابل لبلايو الضخم هذا. 

 

  وقف بلايو مقابلها وقد رسم ابتسامه صغيرة على شفتيه قائلاً في هدوء: اولاً شكرا على معروفك معنا ولاهتمامك بحنا ثانيًا أريد منكى ان تحضري ملابس حنا حتى اخذها معي و ان تخفى سيفه باي طريقة و فى أي مكان… ثالثًا ثم أشار الى عدة حقائب على الطاولة قائلاً: هذا ثياب حنا واغراضه تكفية مدة المكوث هنا واخر شيء…  اخرج من بين الحقائب سره من العملات المعدنية المتداولة آن ذاك العصر قائلاً: ان احتاج حنا أي شئ اشتريه له اتفقنا؟ 

 

  هزت راسها بالموافقة وهي تُمسك النقود قائلة في اذعان:  تحت امرك سيد بلايو. 

 

——————————————————————————————————————————–

 

    في المساء و فى تل الغرباء غرناطة وتحديدًا فى غرفة خديجه وطارق.  قد حل النوم على اغلب من في البيت و قد استقر طارق في احضان خديجه بهدوء و النعاس ميلاد عينيه عكس خديجه التى فر خير النوم من لجام عينيها و اخذت انظر الى اللا شيء اما عقلها مليء بالأشياء وبالأخص بهذا اليوم الحافل بعد ان مرض احمد اخاها و اصيب بنوبة قلبية اجبرته على عدم مغادرة الفراش وبالتالي لا ميراث سيوزع ولا الى مدريد سترجع ولا حكمت سُترى. 

 

  لعل الله اراد بهما خيراً وهى ترى الشر في تأخيرهم هذا و لكن لم يكن وقته أبدًا وبالأخص ان عقلها كله مع حكمت  و تخشى عليها من الخطر المحيط بها و من حولها سواء من كاترينا الواشية الى جنود الكنيسة او من اللصوص او من الفرنسين و لا بيدها شيء سوى ان تستودعها الله الذى لا تضع ودائعه. 

 

  قبلت راس طارق الذى اندس في عناقها اكثر وقد استقبلته بهدوء و حنان واخذت في مداعبة شعره حتى غط كلاهما في نوم عميق وقد نام القمر! 

 

——————————————————————————————————————————–

 

    رائحة الياسمين هل هى تفوح فى كل مكان ؟ ام ان عقله يصور له ذلك ؟ ام ان تلك الرائحة اقسمت ان لا تترك انفه و لا تغادر عقله ؟ و كيف له ان يشتم تلك الرائحة العطرة والخلابة وصاحبة العطر ليست هنا وقد تركته وحيدًا هائمًا بين اربعة جدران يعيد حساباته ويفكر ويقرر؟! 

 

   يفكر فى الفرنسيين و وضع حد لتوغلهم و تمددهم الذى زاد عن الحد و وصل اقصاه و قد بلغ السيل الزُبىَ!  فجراتهم عليه و على بلايو وبالأخص انهما يرتديان الزى الرسمي ولم يكن ذلك رادعًا ولا مانعًا لهم فبالتأكيد هيبة الدولة والكنيسة تنحسر وتتلاشى ببطء نهايته الموت و لكن في قرار نفسه الموت لهم لا لدولته و لا لمكانته. 

 

   زفر انفاسه بقوة و ضيق و اخذ يحرك قدميه بسام الممدودة امامه على المضجع و مغطاه بالبطانية الثقيلة وقد سأم مكوثه في الغرفة طوال اليوم لا يخرج الا لدار الخلاء ثم يعود لسرير و جوليانا لا تتركه و شانه بل تقف على رأسه حتى يرتاح وحتى يأكل وحتى ينام و يشرب و اقصى عقاب له انها منعت عنه الخمر و منذ ان كان في مقتبل عمره اتخذ من الخمر رفيقًا و مسليًا له في كل اوقاته لكن الان لا خمر،  و هو لم يمتثل لأمرها تمامًا الا بعد ان ادرك ان الخمر سيقلل من فرصة تعافيه بسرعه من ما اجبره على الموافقة بعد حربًا ضروس بينهما انتهت بانتصار ساحق لجوليانا. 

 

   التفت الى الباب عندما طرقت عليه حكمت و أذن لها بالدخول و  وقفت قائله في هدوء و عينيها البنيه تلك تأسر أرضية الغرفة: سيد حنا ما رأيك في تناول الغداء في حجرة الطعام؟ 

 

  اعتدال في جلسته وحاول الوقوف قائلاً في راحه: نعم ارجوكى. 

 

 اقتربت منه حكمت وأمسكت يده اليمنى و قد استعرت برودة جسده القوية جراد برودة الغرفة  .

 

   ساعدته على الوقوف والمشي وقد امسك جرحه بيده اليسرى بالم و لكن لا يهم أى الم الان المهم انه سيهرب من زنزانته الأبدية تلك. ولكن هناك شئ اخر يُنسيه الألم انتم تعرفونه خمنوه بمفردكم! 

 

  ابعدت الكرسي وساعدته على الجلوس على الطاولة و اتجهت هى الى الكرسي المقابل له و قد شرع كلاهما في تناول طعامه، لكن لأول مره يلفت هذا البيت و نظامه نظره و قد كان اقرب الى بيوت النبلاء لا العامة من حيث التنظيم والاثاث المتوسط والمحراب الصغير والمدفئة والطاولة الصغيرة المحاطة بأربعة كراسي و يتناول عليها غدائهم الان و الملاعق الخشبية و الرائحة العطرة و طريقة اكل جوليانا المنمقة والهادئة وملابسها بالرغم من ان نوع الاقمشة متوسط الجودة إلا ان طريقة التفصيل البسطة البعيدة عن التكلف اعطتها طابع العلو في المكانة والشأن،  والسؤال الذي يصفع عقله ولا يريح باله هو من أين لها هذا وأين عائلتها؟!  بالرغم من مكوثه لعدة أيام هنا إلا وانه كان يُجاهد في عدم السؤال لكن الان يكفى قد بلغ السيل الزُبىَ و لينفض عقله واسئلته. 

 

  تناول قطعة من الدجاج ثم نظر لها قائلاً في ريبه و نبرة رجل محقق و مكر رجل حرب:  تسمحين لى،  و لكن اين عائلتك؟ 

 

  تركت الملعقة الخشبية وابتلعت ما فى فمها من طعام و نظرت له بهذا البندق في عينيها قائله في هدوء: امى واخى الصغير  فى غرناطه… قد رحل جدى منذ اسبوع وهم هناك لأخذ العزاء. 

 

  ضيق عينيه قائلاً في ريبه: ووالدك؟ 

 

  ” ابى متوفى منذ أربع سنوات و قد كان حدادًا ماهرًا يصنع الأسلحة للساده و النبلاء وقد اختلط بحياة القصور والنبلاء لذلك تجد طبع البيت و طباعنا مختلفة عن اهل الحى قليلاً. 

 

  همهم بهدوء ثم بدأ في شرب الماء على مهل و قد اقتنع ببعض كلامها وللأسف هذا طبعه لا يعطى ثقته و لبه لاحدًا بسهوله. 

 

  ثم تابع جلسة التحقيق المبطنة تلك في صورة سمر برئ و تابع بتساؤل: منذ متى وانتِ تعملين في هذا المجال؟ 

 

بدأت تشعر بالضيق بعض الشيء من كم الأسئلة هذا ولكن مجبرًا اخاك لا بطل. 

 

  ” من جدى لأبى… كان عشابًا وكنت منذ صغرى اتعلم منه فوائد كل عُشبه والوصفات الطبية حتى وصلت للخامسة عشر وبدأت في العمل معه وهكذا حتى وفاته وحتى الان.”

 

  “اعذرينى لكن لدى سؤالين، هل عندكى اصدقاء وماذا كنتي تفعلين ليلة الامس في الحجرة تلك في نهاية الرواق؟” 

 

  ابتسمت حكمت بتكلف وابتلعت طعامها بصعوبة محاوله ان تدارى خوفها و توترها و قلقها من ان يكون قد راها ليلة امس و هى تُصلى في المخزن، لكن استعاذت بالله من الشيطان الرجيم و توكلت على الله قائله بهدوء و عينيه في اتجاه اليمين حتى تشعره بصدق كلامها: بلا لى صديقه واحده هى فلوريندا لكنها تزوجت منذ عام و تعيش مع زوجها في جيان و لم اراها الا في عيد الميلاد عندما كانت تزور والديها، اما الامس كنت جائعه واردت سلق البطاطا لكنها نفذت وكنت ابعث عن جوال اخر. 

 

  هز رأسه و تابع ما تبقى من طعامه في صمت حتى انتهى و لملمت حكمت الاطباق و ساعدته على غسل يده بسطل الماء والابريق العملاق وقد أعجب كثيراً برائحة الصابون العطرة تلك و هم بسؤالها عن مصدرة لكن استوقف كلاهما طرق قوى على الباب الرئيسي للبيت و صوت طفل يصرخ بقوه ” خاله جوليانا افتحي بسرعه انا هكتور “. 

 

  قفز كليهما من مكانه و قد ادخلت حنا الى الغرفه سريعًا و اغلقت الباب بالمفتاح و وضعته في جيبها ثم سحبت نفسًا عميقًا حتى تهدء ثم اتجهت للباب و فتحت و اذ بهكتور و ممسك بيد اخته الصغيرة ماريا و قد كان يبدو عليها الإعياء الشديد و عدم القدرة على الوقوف. 

 

  ادخلتهم قائله في قلق: ما الامر انتم بخير؟ 

 

  صاح هكتور في خوف قائلاً: لا ماريا متعبه و تسعل منذ الامس و امى اخبرتنى  ان ناتى اليكي. 

 

  ابتسمت حكمت بهدوء و مرح حتى لا تقلقهم ثم رفعت ماريا ذات الأربع سنوات على طاوله قائله: مه!  اهدء يا بطل مجرد سعال يهز أركان الرجال… ثم التفتت الى ماريا قائله: افتحي فمك يا ملكه ماريا. 

 

  اخذت حكمت في فحص الفتاه و مداعبتها من ان لاخر متناسيه تماماً وجود حنا الذى اخذ في استراق السمع لما يحدث في الخارج و كان يبتسم على ضحكها و مزاحها مع الصغار بتلقائيه غير ملاحظًا لذلك تمام . 

 

  انتهت من فحصها السريع ثم نظرت الى هكتور قائله و هى تثبت الكلام برأسه: اسمع جيدًا مجرد برد الشتاء فقط تشرب أوراق جوافة مغليه من دون سكر وينسون وتضع قدميها في ماء بارد وخل قصب حتى تنخفض الحرارة اتفقنا؟ 

 

  هز هيكتور رأسه بنعم ثم امسك بيد ماريا بعد ان انزلتها جوليانا من علي الطاولة ثم نظر لها قائلاً في فضول: أين اخيلا لم ياتى للعب الأمس؟ 

 

  اعطت هيكتور بعض الحلوى و لماريا ثم نظرت له قائله: اخيلا و امى في غرناطه سيعودون الاسبوع القادم. 

 

  ثم فتحت الباب لهم قائله و هى تودعهم: كن حذرًا وامسك بيد اختك جيدًا. 

 

  لوح لها بيده و هو يسير خارج البيت وقد وقفت تراقبه حتى دخل الى منزله الذى يبعد عنها بقليل ثم همت بإغلاق الباب بعد ان دخلت البيت لكن استوقفتها قدم العجوز كاترينا التى منعتها من إغلاق الباب! 

  

يتبع….. 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى