قصص

يوم مرعب

أنا في مَوقف حياة أو موت دلوقتي جسمي بيترعش جداً وقَلبي بيدُق، من أقل من يوم كُنت في شُغلي وفاضل ساعة والشيفت بتاعي يخلص كُنت سايق المترو وطالع بيه من مَحَطة مُعينة مش هقدر أقول اسمها وداخل على محَطة
تانيه، ومَعروف عَن المَحطة دي إنها فاضية والدُنيا كمان ليل ومافيش حَد، طبيعي لما بوصل بهدي من سُرعة المترو فهديت ودوست فرامل علشان أقف، لمحت من الزُجاج بتاع الكابينة قدامي واحد رفيع بيُقَع وأنا عَديت عليه بالمترو،
اترعبت جداً وكان من المُستَحيل أدوس فرامل بقوة المترو مُمكِن يتقلب فجأة، فضلت أهدي السُرعة لحد ما وقفت في المَحطة، نزلت أجري من الكابينة ورجعت ناحية المكان اللي الراجل ده وقع منه، مَلقتش أثر لحاجة، لا دَم ولا جُثة، رجعت تاني دوست على إيد الكنترول ومشيت، كُنت خايف أوي وكُل مَحطة بَروح أبُص على عَجَل المترو أدور على أي حاجة تدلني إن في شَخص مات هِنا بس مافيش حاجة خالص.
المترو وقف في مَحطة مُعينة والأبواب فتَحت أتنين نزلوا وواحد طلع، استنيت اللمبة الحمراء تطفي في لوحة التَحَكُم علشان أعرف إن البيبان قَفَلت واتحرك، لكن غالبًا كان في مُشكلة، بَصيت على المرايا اللي في المحطة ومشيت بعيني على كُل الأبواب بتاعت المترو كُلها كانت مَقفولة معادا أخر عَربية لاقيت الشَخص الرفيع اللي وقع تَحت المترو الباب قافل عَليه وبيحاول يدخُل، كُنت لسه هجري وأروحله بس
لاقيته قدر يدخُل والباب قَفَل، ولأول مَرة تِحصَل نور المترو قَطَع كُله، مكَنش في حَد حواليا أنده عَليه، دوَرت على تليفوني أتصل بـ(رجب) اللي مسئول عَن المكان هنا بس سمعت صوت زُجاج بيتكسر في العَربية اللي ورايا مباشرة خوفت أكتر ودورت على الموبايل لحد ما لاقيته، طلعت رَقَم (رجب) واتصلت بيه بس مكَنش فيه شَبَكة، وعلى نور موبايلي الضَعيف لاقيت واحد قاعد في العَربية اللي
ورايا شوفته عَن طريق الزُجاج، حَطيت الموبايل ناحيته لاقيته نَفس الشَخص الرفيع اللي وقع تَحت المترو، كان قاعد على كُرسي وساند راسه لورا بَشرته
سودة وجسمه طويل أوي، قَربت بعيوني من زُجاج الكابينة الخَلفي علشان أشوفه بدقة، كان هادي خالص ومغَمَض عينه، فضلت مراقبه فجأة اتحرك بسُرعة غير طبيعية ووقف
قُدامي، خَرَج لسانه على الزُجاج وكان مَشقوق نُصين وعينه حمراء بشدة، رجعت لورا فوقعت وفي اللحظة دي النور رجع تاني. قُمت وحَركت المترو بسُرعة وأنا بَحمِد ربنا إني أخر مترو في الخَط وإلا كان زماني عامل حادثة دلوقتي. بَعد نُص ساعة وصَلت أخر الخَط كَلمت (حسن) مسئول الشيفت يجي يستلم مني علشان يجَرش المترو في مكانه، ونزلت من الكابينة وكذا حَد بيكلمني مكنتش عارف أرد.
قَعَدت على كُرسي في المَحطَة ارتاح وزميل ليا راح يجبلي حاجة سُخنة أشربها، لمَحت الشَخص الأسود بيجري قُدامي بسرُعة غير بشَرية وبينزل على القَضيب بتاع القَطر وبيدخُل جوه نَفَق تَحت الأرض قُمت من مكاني ومشيت ناحيته وأنا عيني ثابتة وجسمي بيترعش، نزلت ودخَلت النَفَق وكان
معايا كشاف صُغير على نوره لمحت رجل سودة بتجري ناحية الشمال لنَفَق تاني جوه النَفَق اللي دخَلته، الدنيا حواليا هدوء وضَلمة والنَفَق كانت ريحته قَذرة ومساحته ضَيقة، مشيت ووطيت راسي علشان السَقف صُغَير، كُنت مَرعوب
بس في حاجة شداني أكمل وأفهم في إيه ؟، وفجأة لاقيت صاحب الجسم الأسود واقف قُدامي وحاطط إيده وراء ظَهره، شَكله إنسان طبيعي عينه كانت بيضة عادي مش حمراء وجسمه قُصَير غير اللي شوفته في المترو، سألته
_أنت بتعمل إيه هنا ؟
حَرك إيده ورما في وشي تُراب أسود نَفَسي اتكتم وعيني حَرقتني فوقعت في الأرض، كُنت بتخنق حَرفيًا والمَعلون ده جيه ووقف على بطني بجسمه ومكنش تقيل، دعَكت عيني كتير لحد ما بدأت أشوف بوضوح أكتر كان عمال يطول لفوق وبيخُش جوه جسمي وفي آلم شديد في بَطني مالوش نهاية، صَرخت علشان يلحقوني ففقَدت الوعي.
فوقت على صوت (علي) صاحبي ومعاه بقيت زملائي وكان بيحط ريحة عَند مناخيري، قُمت وصرخت لكن هديت لما شوفتهم ولاقيت نَفسي في الغُرفة اللي بنريح فيها وعرفت إنهم جابوني من النَفَق لحَد هنا لما سمعوا صُراخي.
حاولوا يفهموا مني أي حاجة لكن عيني ومناخيري كانوا حارقني جداً ومبقتش شايف بوضوح، لحد ما (علي)
قالهم: خلاص يا رجالة سيبوه دلوقتي أنا هروحه لحَد البيت.
بَصيلته وأنا مطَمن شوية، سَندني وركبنا تاكسي لحَد باب البيت، (علي) طول الطَريق كان باصص عَليا ومستغرب وفي نَفس الوقت مش حابب يسأل أنا حصلي إيه، حاولت أطمنه وأحكيله أي حاجة
بس الكَلِمات خَرجت من لساني بصعوبة كأني عاجز. ف(علي) قالي:اهدى خالص وبكره هتبقى كويس.
نزلنا من التاكسي، وهو سَندني لحَد باب البيت تَحت وقَرب من ودني وقالي:
_متقلقش خالص من أي حاجة شوفتها
حاولت أتكلم بس مَكنُتش عارف ولساني مبيتحَركش
فقالي:
-مش هتقدر تتكَلم لفَترة مُعينة، يومين تلاته حَد أقصى، وكُله بحسابه، ولو حاولت تكتب أو تمسك حاجة هيكون بصعوبة.
بَصيتله ومش فاهم بيقول إيه لحد ما
كَمل: كُله هنا عايش بيدفَع التَمن حتى لو مكَنش مُذنب بس أنت أذنبت ولابد تاخُد عقابك على حاجة عملتها من سنتين لما اغتَصَبت طفل من أطفال الشوارع جوه النَفَق بتاع المترو واستغليت إنه كان أخرس مبينطَقش، لحد ما مات وأنت كُنت فاكر إني محدش شافك ولا خَد بالُه بس حَظك الأسود جابني وراك يومها، وفي كُل مَرة كُنت بتمشي وسط الناس وعامل فيها شَريف كُنت ببقى عايز أحرقك ميت مَرة، مفكرتش أبلغ عَنك وحبيت أخُد حَق الطفل بنَفسي.
عيني دمَعِت وفضلت أصرُخ واللعاب بينزل مني ولساني ثابت، عايز أقوله إنه مش أنا اللي عمَلت كده، وإني جيت هنا الشُغل من سِت شهور بس، ومش عارف إزاي لبسني التُهمة دي، عايز أوصله إني مَظلوم وفعلاً ده الحَق أنا معَملتش كده، إزاي اللي بيحصَل ده ؟.
(علي) زقني جامد واستغل خلو الشارع من الناس
وقالي: كوباية الشاي اللي عملتهالك النهاردة في بداية شيفتك مفعولها اشتغل متأخر بس مُمتاز، مَعرفش شوفت إيه بس كُله من الهَلوسة، والنهاردة لما جيتلك في النَفَق اديتك حُقنة هتريحك من الحياة في خلال يومين، مفعولها بطئ أه بس هتريحك، سلام.
سابني ومشي وأنا زحفت على السلالم لحد ما وصلت لشقتي في الدور الأرضي اللي بَعيش فيها لوحدي، اترميت قُدام الباب بتاع ساعة بحاول أقوم، لحد ما فتَحت الباب ودخلت، فقَدت وعي مباشرة.
أنا صحيت دلوقتي ومش عارف نمت أد إيه، وحاليًا كَلمت الإسعاف علشان تلحَقني وواحد صاحبي، مش عارف هقدر أعيش لحد ما يوصلوا ولا مفعول الحُقنة هيقضي عَليا، بس في حاجة لازم تعرفوها لما فكَرت لدقائق في اللي حَصَل افتكرت كويس إن أخو (علي) الصُغَير حَد خطفهُ من فَترة وسَرقه وقتله، و(علي) دخَل في فترة علاج نَفسي كبيرة
الدكتور المُعالج ليه وقتها قالنا إنه هيشوف هَلوسة وحاجات مش حَقيقية وطَلب مننا منجبش سيرة أخوه، يمكن ده سبب اللي كُل حاجة، دلوقتي أنا مش عارف هَلحق أعيش لحد ما الإسعاف توصل ولا هو مدانيش حُقنة من الأساس وبيتَخَيل بس…..
سامي ميشيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى