من حوالي اسبوع، مراتي جت وقالت لي إنها محتاجة فلوس تأجر فستان عشان فرح واحدة صاحبتها، وادتها الفلوس فعلا، الا إنها تاني يوم جت ورجعت لي الفلوس وقالتلي إنها استلفت فستان من واحدة صاحبتها، وده افضل عشان نوفر الفلوس في حاجة أهم، بعد مناقشات كتير اقنعتني، والمفروض الفرح ده كان امبارح، لكن من اليوم اللي الفستان ده دخل فيه شقتنا والحياة اصبحت جحيم، ومراتي حاليا بدل ما تروح الفرح، بقت في المستشفى، وحالها اتبدل تماما!!..
بعد ما هاجر مراتي رجعت لي الفلوس، وخلصنا نقاش، راحت للأوضة ورجعت ومعاها فستان سواريه لونه أزرق عشان تفرجهولي، وقالت بفرحة:
_ بذمتك مش حلو؟، عاجبني اوي، وكمان مبسوطة اني وفرت الفلوس، نجيب بيها حاجة أهم للبيت افضل..
الفستان كان فعلا حلو، وبدأنا نتناقش كالعادة في لون الطرحة والجزمة وما شابه، واخدت الفلوس وادتهلها تاني وقولتلها ان دول هدية مني عشان تجيب طرحة وجزمة، كانت فرحانة جدا واليوم مشي جميل، وشالت الفستان في الدولاب وبليل دخلت انام انا عشان شغلي الصبح، كانت الساعة حوالي 11، وهي قالت هقعد اتفرج على المسلسل وبعدين هنام..
دخلت الاوضة وفردت جسمي على السرير ونمت، وصحيت بعدها بساعة مفزوع على كابوس!!، جت هاجر تجري من بره وهي مفزوعة ومخضوضة على صوت صرختي وهي بتقول:
_ مالك يا حسن فيك ايه؟.
فضلت انا وهي نستعيذ بالله من الشيطان، كنت حاسس بخنقة رهيبة، لكن مع الوقت بقيت احسن، طمنتها أنه مجرد كابوس مش أكتر واني هنام تاني، فضلت جمبي شوية وبعدين طلبت منها تروح تكمل المسلسل، فقالت انه خلص، بس هتروح تكمل المواعين وترجع تنام، وقامت خرجت وأنا حاولت أرجع أنام تاني..
فضلت حوالي 5 دقايق اتقلب والنوم راح من عيني، كنت نايم على جنبي وضهري لباب الأوضة، اللي سمعت عنده خطوات بطيئة وليها صوت غريب على الأرض!!، كان صوت واحدة ماشية ولابسة كعب!، كإنها بتتسحب براحة، لفيت بسرعة وملقتش اي حاجة، ندهت على هاجر لكنها مردتش، قومت بسرعة وخرجت بره الاوضة ولقيت باب الحمام مقفول، ففهمت ان هاجر جوه ومسمعتنيش، خبطت عليها وسألتها انتي سايبة فين السكر مش لاقيه، وجه صوتها من جوه الحمام ان السكر في التلاجة، انا لجأت لكده عشان متتخضش، رجعت تاني الأوضة واول ما دخلت وقفت اتسمرت مكاني، عنيا برقت، وعقلي كان هيشت مني!!، لاني لقيت الدولاب مفتوح، والفستان مفرود على السرير، وجنبه طرحة وجزمة، كإن فيه حد قلعهم حالا!!، او بيحضرهم عشان يلبسهم!!، ازاي اصلا ده حصل؟..
رجعت تاني وخرجت بره الأوضة وكانت هاجر خارجة من الحمام وسألتها:
_ انتي خرجتي الفستان وسبتيه على السرير ومعاه جزمة وطرحة؟.
ردت بسرعة:
_ لا طبعا، ما انا شيلته وقت العشا وبس كده، هطلعه تاني ومعاه جزمة وطرحة ليه؟!!..
طلبت منها تيجي معايا الأوضة عشان تشوف بنفسها، ولما دخلنا الأوضة ملقتش اي أثر للفستان على السرير!!، وهنا سألتني هاجر بخوف:
_ مالك يا حسن؟، إنت تعبان أو مرهق؟، احكي لي، من امتى بتخبي عليا حاجة، في حاجة مضيقاك مني او من الشغل؟..
مشيت ناحية السرير وقعدت وانا نظراتي ما بين الدولاب وهاجر ومش فاهم انا كان بيتهيألي ولا اتجننت ولا ايه، وقولتلها:
_ لا ولا حاجة من دول خالص، بس انا مش مطمن للفستان ده، هو انتي استلفتيه من مين؟
قريت مني وقعدت جمبي:
_ من ريهام، و..
قاطعتها بجدية:
_ انا مبستريحش لريهام دي يا هاجر، اقولك بناقص منه، رجعيهولها ونبقى نأجر فستان تاني..
قالت بنبرة فيها محاولة انها تطمني:
_ يا حبيبي دي غلبانة وملهاش في حاجة، وبعدين هتكون عاملة ايه يعني في الفستان لو افترضنا انها وحشة، حاطة عفريت يعني، يا حسن هو يوم الفرح وهرجعهولها وخلاص ومش هاخد منها حاجة تاني.
قولت في سري بعد ما هاجر خلصت كلامها، وليه لا، ما يمكن فعلا تكون عامل في الفستان حاجة، انا عمري ما استريحت لها وبحس انها انسانة خبيثة، لكني احتفظت بده جوايا وقولت لهاجر:
_ طيب انا هنام، شوفي انتي هتنامي ولا هتعملي ايه؟، فقالت انها هتحضر بس اكل بكرة لان أمي جاية وواضح اني نسيت، وفعلا كنت نسيت ان أمي وأخويا وأختي جايين على الغداء، قامت هي وانا فردت جسمي على السرير ونمت محستش بنفسي..
تاني يوم عدى طبيعي جدا، خلصت شغل ورجعت البيت وقعدنا كلنا واتغدينا وقضينا وقت لطيف لحد ما بعد صلاة العشاء نزلت وصلت لهم، ورجعت لقيت هاجر على ملامحه رعب وخوف ما يتوصفوش!!، وشها كان مخطوف ولونها شاحب ومصفر، سألتها كتير وكانت بتقول انها كويسة، وبعد إلحاح مني كبير انها تتكلم، حاولت تستجمع شتات نفسها وقالت:
_ بعد ما انتوا نزلتوا، دخلت المطبخ عملت كباية شاي وقعدت قدام التليفزيون، كان فيه فيلم واندمجت معاه، وفجأة سمعت صوت جاي من أوضة النوم، كان صوت واحدة بتإن كأنها بتموت او بتطلع في الروح، كان الصوت مكتوم جدا، ساعتها خوفت اوي ونبضات قلبي بقت سريعة جدا، قومت وروحت للأوضة اشوف مصدر الصوت ده، وساعتها كان واضح انه خارج من الدولاب، قربت براحة وفتحت الدولاب ووقفت مصدومة، حسيت اني بحلم ومش مستوعبة اللي عنيا شايفاه، الفستان مكنش في الدولاب!!، قفلت الدولاب وانا جسمي بيتنفض وخرجت بره اشغل قرآن، فلقيت الفستان على الكنبة مطرح ما كنت قاعدة!!، اخدته بسرعة وشيلته في الدولاب، ورجعت شغلت القرآن وفضلت اعيط واستغفر، واستعيذ بالله من الشيطان، ولقيتك بتفتح الباب وبتدخل روحي ردت فيا من تاني…
قعدت جمبها وحاولت اهديها واطمنها، وبعد ما لقيتها بقت في حال أفضل، بدأت اقولها:
_ زي ما قولت لك، انا مش مرتاح للفستان ده يا هاجر ولا ريهام دي من زمان صدقتي كلامي،؟، عموما مش وقته، ادخلي نامي وارتاحي وانا هخلص شوية شغل واحصل لك..
_ هاخد دش الأول وبعدها هنام.
قامت هاجر ودخلت الاوضة اخدت هدوم وراحت للحمام، وقعدت انا افكر واسأل نفسي عن الغريب اللي بيحصل، وممكن يكون ده سببه ايه، هل فعلا ريهام عاملة حاجة على الفستان، ولا ده وهم جوانا؟!..
سمعت صوت جاي من الأوضة!!، نفس الصوت اللي هاجر سمعته وحكيت لي عنه من شوية، صوت أنين لواحدة جاي من الأوضة، أنين مكتوم وكإنها بتنازع الموت، وفي ثواني الصوت اصبح اوضح، وقبل ما اقوم عشان اروح اشوف في ايه، سمعت صوت خطوات، أثر خطوات على الأرض لواحدة لابسة كعب، حسيت اني متكتف، وفجأة خرج من الاوضة حاجة مفيش وصف يقدر يوصفها، ولا عقل يستوعب اللي انا شوفته، كان الفستان والجزمة والطرحة ملبوسين على الهواء، فراغ كامل، لكنه مجسم!!، احساسك ان فيه حد جوه الفستان، لكنك شايف فراغ، كنت قاعد مكاني عنيا مبرقة تكاد كانت تخرج من وشي من الخوف والاستغراب والذهول، والشئ اللي مش لاقي له لا وصف ولا مسمى ده خرج من الأوضة ودخل الحمام والباب مقفول!!!، وسمعت صوت هاجر بتصرخ صرخات هيستيرية!!..
قومت جريت وحاولت مع باب الحمام لحد ما كسرته، ودخلت لقيت هاجر فاقدة الوعي تماما، لكن الأغرب من كده، انها كانت لابسة الفستان!!!!…
شيلتها ودخلتها الأوضة، حاولت افوقها لكن بدون اي استجابة منها، غيرت لها الفستان بسرعة وشيلتها ونزلت اخدتها في العربية وروحنا على اقرب مستشفى وكلمت اخويا واختها يجولي المستشفى، وبعد اقل من ساعة كانوا وصلوا المستشفى، وبعدها قال الدكتور ان هاجر عندها صدمة عصبية شديدة لنتيجة تعرضها لصدمة مفاجأة، وعندها نزيف داخلي جوه دماغها من أثر اصطدامها بشئ ما، ومحتاجة تقعد شوية في المستشفى للفحوصات وما شابه، وهتاخد ساعتين على ما تفوق وحالتها تستقر، خلص الدكتور كلامه ومشي، وبعدها حكيت لمحمود اخويا وروان اخت هاجر مراتي على اللي حصل، فلقيت روان بتقولي:
_ انا من زمان ما برتحش لريهام دي، طول عمرها خبيثة وسماوية، تبان قدامك ملاك، ومن وراك حية، تعبان ما حدش بيسلم من أذاه..
قولتله: عموما هنشوف موضوع ريهام ده، بس الأهم دلوقتي اني اطمن على هاجر بس وبعدين نشوف هنعمل ايه..
فضلنا باقي الوقت منتظرين لحد ما سمعنا صوت هاجر بتصرخ، دخلنا الاوضة بسرعة اللي كنا واقفين على بابها وورانا 3 ممرضات، وكانت هاجر في حالة هياج شديد، بتكسر كل حاجة قدامها وعمالة تصرخ بصوت غليظ وغريب ومرعب، اتلمينا كلنا عليها واحكمنا سيطرتنا عليها وادتها الممرضة حقنة مهدئة، اعصابها سابت وعنيها قفلت وهي بتقول كذا مرة قبل ما تفقد الوعي تماما:
(جوة الفستان، جوة الفستان جوة الفستان)..
دخل الدكتور وطلب مننا نمشي ونسيبها ترتاح ونيجي لها بكرة الصبح، اخدت محمود وروان ورجعنا البيت طمنت حماتي وامي في التليفون واتصلت بريهام اكتر من 10 مرات وطبعا مردتش، حاولنا نشوف الفستان، قطعناه حتت لحد ما كلنا اتصدمنا، لقينا تحت الأوبليت اللي بيبقى في الكتاف، عضمة صغيرة عليها دبابيس وورقة صغيرة وعليهم خيط دوبارة!!!، الحاجة دي كانت جوه الأوبليت نفسه ومتخيط عليهم بطريقة احترافية محدش يكتشفها ابدا الا لو عمل زي ما احنا عملنا وقطع الفستان بالكامل!!…
العضمة كانت ريحتها لا تطاق، نتتة بطريقة بشعة، اتصلت بسرعة على صديق ليا والده ليه علاقة بالحاجات دي، أحد المعالجين بالقرآن، كلمته واداني والده وحكيت له بسرعة عن اللي لقيته، فقالي اقرالي اللي في الورقة، قطعت الخيط وفتحت الورقة وفرتها وكانت بعرض وطول صباعين الايد:
_ مكتوب فيها يا حاج(الشتات، المرض، الضياع).
ومربع كبير وجواه خطوط متداخلة بتكون 9 مربعات، وجوه كل مربع فيهم حرف، ومكتوبين بخط غريب..
اتنهد الراجل وقال:
_ ده سحر قذر يا ابني، من أسوأ أنواع السحر وأكترهم شر، هقولك على حاجات اكتبها ورايا، وبعدها تحر.ق الفستان ده مع كل اللي لقيته جواه، لحد ما يبقى رماد، وتاخد الرماد ده تدفنه في مكان تكون ضامن ان ما حدش هينبشه أبدا، واوعى تدفنه في مقابر، ادفنه في الصحرا، في اي مكان مفيش حد يقدر يوصله نهائي عشان ينتهي أثره، وبعد ما تعمل كده كلمني وقولي حالة مراتك الصحية عشان نشوف هنزورها امتى ونرقيها ونعمل اللازم، ربنا يسترها عليك يا ابني، والحمد لله ان ربنا ألهمك وقدرت تكتشف السحر ده بدري..
قفلت مع الحاج أبو مصطفى صاحبي، وفضلنا قاعدين نتناقش ونتكلم ونحلل كل حاجة، وكان كلام روان ان ريهام مبيبنش خبثها في العلن ومتعرفش تمسك عليها حاجة واضحة، ومن زمان بتكره الكل، او ليها محاولات مع المعظم ومواقف سيئة كتير الا إنها كانت بتعدي وللاسف هاجر على نياتها وبتتعامل بنية طيبة وسليمة، أما سبب شر ريهام ده مفيش حد قدر يستنتجه او يعرف له سبب محدد، ممكن تقول طبيعة بشرية سوداوية، ممكن تقول حاجة هي بس اللي تعرفها، مشاكل نفسية في الطفولة، ناتجة من الأسرة والبيئة المحيطة مثلا، أياً كانت الأسباب والتكهنات، احنا قدام أمر واقع وهو شرها وأذاها، عدى الوقت والساعة بقت 7 الصبح، اخدت محمود وروان وطلعنا المقطم في مكان فاضي تمام، نزلت وحر.قت الفستان وكل اللي لقيته جواه لحد ما بقى رماد، ودفنت الرماد وخدنا العربية ومشينا وروحنا بيت ريهام، لكنها مكنتش موجودة، وبما انها عايشة لوحدها فطبعا مقدرتش اوصلها، سألت الجيران قال أحدهم انه شافها امبارح خرجت بعد المغرب ومظهرتش من ساعتها، فمشينا وروحنا على المستشفى وأثناء الطريق حاولنا نتصل بيها لكن تليفونها اتقفل!!!..
وصلنا المستشفى وكانت هاجر فاقت، لكنها في حالة غريبة من الصمت، جسمها متخشب بالكامل، نايمة على ضهرها وباصة للسقف وعنيها مبرقة، مبتتكلمش، ولما نكلمها كأنها مش سمعانا، كأنها انعزلت جوه عالم تاني!!..
ساعتها دخل الدكتور وهو بيقول ان حالتها شديدة شوية، وهتحتاج وقت للتعافي، اضطريت اصارحه بكل حاجة حصلت، وهو كان متفهم وقالي:
_ برغم عدم اقتناعي بالحاجات دي، الا اني هوافق ان المعالج الروحاني دي يجيلها، يمكن صالح وربنا يجعله سبب في تحسنها، لكن مش دلوقتي، انا هتابع حالتها بنفسي، وهقولك لما الوقت يسمح أنه يجي ويزورها، انتوا بس مترهقوهاش، وخليكوا جمبها دايما بدون ازعاج، ومع الوقت والعلاج، ربنا هيشفيها إن شاء الله..
وادينا عل الحال ده بقالنا أيام، وهاجر زي ما هي، منعزلة في عالم تاني موازي، مبتتكلمش ومش سمعانا، وبتاكل وتشرب بالعافية، والنهارده الدكتور سمح للحاج أبو مصطفى بالزيارة وبدأ معاها أول جلسة، الجلسة اللي هاجر استقبلتها بدون أي ردة فعل، وبعدها قالي أبو مصطفى:
_ هنحتاج شوية وقت ومتقلقش كل حاجة هتبقى بخير وربنا هيشفيها، ما أي مرض يا بني بيحتاح وقت عشان ينتهي أثره، وهي اتعرضت لحاجة شديدة عليها وكمان جوه الحمام زي ما انت حكيت لي، فالموضوع مش هين، هنزود الجلسات وربنا هيكتب الخير إن شاء الله..
مشي أبو مصطفى وقربت منها ومسكت ايدها فلقيتها تبتت على ايدي، حسيت بأمل اتولد جوه قلبي، وانا بفكر وبستغرب وبسأل نفسي سؤال مش لاقي له إجابة:
_ إيه يخلي شخص يأذي شخص تاني بالطريقة دي؟، ايه حجم السوء والسواد اللي جوه القلوب اللي تقدر على الأذية بالطريقة دي؟!..
فضلت جمب هاجر ببصبص من الأمل وانتظار الأيام تمر بفارغ الصبر عشان ارجع اشوفها منورة تاني بعد انطفائها ده، مهما بلغ الشر وأذاه وتأثيره، الا إن أكيد فيه أمل وعشم إن ربنا ينصر الخير…
تمت..
ساكن الفستان