قصص

قصه تتبع جثه

من حوالي شهر بدأ فصل الصيف، ومع بوادر دخوله كان بيوحي إنه صيف غير أي صيف عدى، درجة الحرارة كانت فوق ال ٤٥، وارتفاع الحرارة ده ميقدرش عليه مروحة واحدة في الصالة اللي معظم قعدتنا فيها، وبما إن الظروف المادية لا تسمح إني أجيب تكيبف، فاقترحت ميران بنتي إنها وهي راجعة من الدرس يوم الجمعة، تعدي على سوق الجمعة وتجيب مروحة سقف مستعملة، وبعد نقاشات كتير عن مدى جودة المروحة والأسعار وتحسبات إنها ممكن تطلع بايظة أصلا، ما كنش فيه حل تاني نظراً للظروف المادية، واتفقنا على ننقيذ اقتراح ميران، اديتها الفلوس وبعد يومين وتحديدا يوم الجمعة، رجعت من الشغل بليل لقيت أحمد ابني جاب الكهربائي وركبوا المروحة، وكل حاجة تمام جدا، لدرجة خلتني اشيد بشطارة ميران، جابت مروحة بسعر قليل وكمان كفاءتها زي الجديد بالظبط..
فات يومين وصحيت على صوت ميران بتصحيني من النوم قرب الفجر، كان صوتها باين عليه الخوف وملامحها بتثبت ده أكتر وأكتر، انتبهت بسرعة وسألتها: خايفة كده ليه؟ ايه حصل؟.
بلعت ريقها بصعوبة وقعدت جمبي ورمت نفسها في حضني، كان جسمي ينتفض ودرجة حرارتها عالية وقالت بصوت بيرتجف:
_ فيه واحد مشنو.ق في الصالة.
طبطبت عليها وأنا بقولها بلين:
_ اهدي بس يا حبيبتي وفهميني براحة، واحدة مين بس اللي مشنو.ق؟
رفعت راسها من حضني، مسحت دموعها وبدأت تحكي بهدوء أكتر:
_ قلقت من النوم وكنت عطشانة فخرجت أشرب، واول ما بقيت في الصالة، لقيت واحد مربو.ط من رقبته بحبل ومتعلق في المروحة، وعنيه مبرقة وطالعين لبره بشكل مخيف ومرعب وجسمه كله أزرق، ظهر فجأة واختفى فجأة بعد ثواني من ظهوره، ما حستش بنفسي غير وانا بجري على هنا عشان اصحيك، ومن كتر الخوف، حتى ما قدرتش اصرخ..
كان كلام ميران غريب جدا، قولت في نفسي يمكن كانت بتحلم بكابوس ولما صحيت وقبل ما تسترد كامل وعيها، اتهيأ لها اللي هي حكت عنه ده، طبطبت عليها تاني واخدتها وصلتها لاوضتها، شغلت القرآن جمبها وقفلت باب الأوضة عليها وخرجت، وفضلت واقف أبص عل المروحة وانا مش فاهم أنا بتابع ايه بالظبط ولا واقف هنا ليه؟! مجرد مروحة، لا أكتر ولا أقل، بعد حوالي دقيقة رجعت لاوضتي عشان اكمل نوم، وفات اليوم على كده وعلى خير، وكمان عدى بهدها يومين تاني، لحد ما حصل حاجة مختلفة أكتر، خلتني ألاقي مفاجأة مدوية وصادمة!!.
الكل اليوم ده نام بما فيهم أنا، ما عدا أحمد ابني، راح يلعب كورة واستأذني بتأخر شوية فوافقت، وصحيت على الساعة ٣ الصبح على صوت أحمد بيصرخ وعمال يقول:
_ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
جريت على بره أنا وأخته ولقيناه واقف في الصالة على ملامحة كمية ذعر ورهبة وخوف ميتوصفوش بكلام من بشاعتهم، واقف على باب أوضته وعنيه بتدمع من الرعب ومش متلم على اعصابه، باصص للمروحة وعنيه تكاد تخرج من وشه من الذهول والدهشة، سألته بسرعة ايه سبب الحالة اللي سيطرت عليه دي، فقال وهو بياخد نفسه بالعافية:
_ أنا.. أنا يا دوب رجعت من بره، قفلت الباب ودخلت المطبخ شربت ورجعت الاوضة أحضر هدوم عشان اخد دش، حضرت الهدوم وخدتها وجيت أروح على الحمام وأول ما خرجت الصالة، لقيت واحد متعلق في المروحة من رقبته بحبل، عنيه مبرقة وجسمه كله أزرق، ولما صرخت اختفى..
عيني

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

قصه سرداب الموت (كامله)

رواية الشادر الفصل الثامن

جت على ميران اللي بادلتني بنظرات ليها معنى، وفهمت ساعتها إن الموضوع مش مجرد كابوس عابر عدى على ميران، سحبت كرسي السفرة ووقفت عليه وبدأت أبص على الريّش بتاعت المروحة، عشان أتصدم زي ما قولت، صدمة أكبر من الصدمة اللي احتلت ملامح أحمد وقبله ميران، لأني لقيت دم ناشف على ريّش المروحة من فوق، نقط صغيرة جدا، تكاد ما حدش يلمحها الا لو دقق ومعن النظر فيهم، نزلت من على الكرسي وروحت جيبت العدة بتاعتي وفكيت المروحة ونزلتها وبقت الرؤية أوضح، قطرات دم بسيطة زي النقط، وآثار لرموز وحروف!!، جيت انطفها بيهت، مراتي صرخت وحذرتني أنطقها جوه البيت، وقالت إن دي أكيد تعويذة ما أو طلاسم وما شابه، الموقف كان غريب ومرعب ومخيف، وتقدر تضيف كل المصطلحات اللي بتدل على كل حاجة غير طبيعية على احساسنا والموقف، وساعتها سألت ميران عن الراجل اللي جابت منه المروحة، فقالت انه مجرد راجل كان واقف(بتروسيكل)(عجلة لها صندوق خشبي من الأمام ومتنقلة)..

طلبت منهم يرجعوا يناموا ويسبوني اتصرف، نفذوا طلبي ببطئ وهما رافضين التنفيذ لكن اتحطوا قدام أمر واقع، وبدأت أنا افكر في اللي بيحصل، ركنت المروحة على جنب وقعدت على الكرسي باصص لها ودماغي بتودي وتجيب، وبعد دقايق وفجأة؛ سمعت صوت حركة جاية من المطبخ!! صوت آثار اقدام ماشية على الأرض، وقبل ما أفكر في أي ردة فعل، لقيت واحد خارج من المطبخ!! في الاربعينيات من عمره، اقرع وجسمه نحيف الى حد ما، كان متوجس بعض الشئ وده باين على حركته ونظراته، قرب مني وكأني منعزل عن الدنيا وعن نفسي!! وقعد على كرسي جمبي!! مسك تليفونه وعمل اتصال وقال بخوف:
_ غصب عني، حاسس اني مش متحكم في نفسي بعد ما خدت اللي ورايا واللي قدامي، وبرغم حبي ليها واني اختارتها على رغبة اهلي، الا انها كانت عايزاني عشان الفلوس وبس، وعارف انها عملت لي حاجة في البيت هنا، عمل، سحر، د.جل، معرفش مسماها، بس اللي متأكد منه زي اسمي، ان فيه حاجة غير طبيعية بتحصل، أمنتك تحفظ السر، وتحاول تكشفها، ولو لقيت نفسك هتتأذى متكلمش، أوعى تكمل، أنا هنا مش لوحدي، وهو بيجبرني أنهي الحياة حالا، مش قادر اتحمل بشاعته ووجوده وتحكمه فيا، سلام.
قفل السكة، وقام وسحب الكرسي حطه تحت المروحة ووقف عليه، ومسك حبل غليظ وسميك مربوط في المروحة ولفه حوالين رقبته، وبدون أي تردد، نط من على الكرسي، وسمعت صوت فقرات رقبته بتتكسر!!..
قبل ما افكر في اي حاجة، اتفتح الباب ودخلت منه ست في اواخر التلاتينات من عمرها، شيك وحلوة جدا، اصطنعت الدموع، وهي بتقرب من جقة الراجل اللي اتحولت للون الازرق ومتعلقة في المروحة، جففت الدموع اللي تقدر تميز بسهولة انها مصطنعة وقالت بنبرة تبان حزينة:
_ كده تسيبني لوحدي يا طارق؟ هنت عليك؟..
اتملى المكان بالشرطة وأفراد الطب الشرعي، واختفى ابمشهد تماما، أو بمعنى أوضح اتبدل، اتبدل لنفس لست وواقف قدامها راجل في نفس عمر طارق المن.تحر، زعق فيها وهو بيقول:
_ انتي السبب، انتي اللي قتلت.يه، وبكرة هوريكي وهكشفك.
بصت له الست بتحدي، وبعدها ضحكت بسخرية وهي بتقول:
_ مش محتاج لوقت، انا فعلا اللي عملت فيه كده، وانت كمان ممكن يحصل فيك كده لو حطيتك في دماغي، بلاش أنا أحسن لك لو عايز تعيش وتربي عيالك، كل حاجة دلوقتي ، فلوسه وممتلكاته، بما فيهم الشقة دي بكل حاجة فيها، وفيه حد هيجي حالا وهياخد العفش ده كله، وحد تاني هيشتري الشقة، يلا.. اتفضل أمشي ومش عايزة اشوفك أو اسمع حتى عنك مرة تانية، لأن ساعتها نهاية حياتك هتبقى على ايدي..
مردش عليها وسابها ومشي، وبمجرد ما خرج هو، دخل ناس تاتية وخدوا العفش كله بعد ما فككوه وبعدها مشيوا وبقت الشقة في مشهد متغير تماما لأسرة كاملة، وملامح الشقة اتبدلت بالكامل، ففهمت في حالة الهذيان واللا وعي اللي امتلكوني دول انها باعت الشقة والعفش زي ما قالت فعلا، وكل حاجة رجعو لطبيعتها ولاقيت نفسي زي ما أنا على الكرسي قاعد مكاني، وبصيت في الساعة ولاقيت معداش من الوقت الا ٥ دقايق بس!! فجأة خطر في بالي حاجة غريبة وملهاش أي أساس، لكن هو احساس اتولد جوايا فجأة، جبت العدة ومشيت ورا احساسي وبدأت أفك قلب المروحة وأنا الاحساس اللي اتولد جوايا بيقولي وبيوجهني إن قلب المروحة فيه حاجة تحل اللغز اكتر وأكتر، وبعد ما فكيت قلب المروحة اتصدمت لما لقيت ورقة، ولما فتحتها قلبي ارتجف جوة صدري، ولقيت مكتوب فيها:
_ أنا طارق سعيد الإمام، مش مهم أي معلومات تانية، بس الأهم إن اللي هيلاقي الورقة دي يعرف إني دلوقتي في عالم تاني، وروحت ليه بعدم ارادتي، وبما اني جبان، فخوفت على صاحب عمري، وعشان كده ببلغ حامل الرسالة دي يكشف الست اللي كانت السبب في انتهاء حياتي، الرموز اللي على المروحة كتبها عشيقها، وهو رجل مرموق في الظاهر، انما في الباطن دجال، ودلوقتي الوقت المناسب للتبليغ عنهم، لأن لو صاحبي كان عرف كده وبلغ فكانوا هياخدوا كل احتياطتهم، انما أنا متأكد ان الورقة هتوقع في ايد حد غريب وميعرفهوش ولا يعرفهم، وكمان هتبقى بعد سنين كتير من موتي، وساعتها هيبقى هما نسيوا الموضوع كله ولغوا كل احتياطتهم..
ده كان الكلام اللي مكتوب في الورقة، أو بمعنى اوضح في وش الورقة، أما في الضهر فكان مكتوب عنوان..
مكنتش مستوعب اللي أنا شايفه وشوفته وحاسس بيه ده! قومت غسلت وشي أكتر من ١٠ مرات لا أكون بحلم، لكنه مكنش حلم، كانت حقيقة أغرب من الأحلام والتخيلات!! وبما اني كنت حاسس اني مسلوب الارادة، فلقيت نفسي بدون شعور بمسك تليفوني وبتصل بالنجدة وببلغهم عن شقة دجال، رد الظابط بتستغراب واستفهام:
_ انت عارف انت بتبلغ عن مين؟ وعارف لو البلاغ كاذب هيحصل فيك ايه؟..
رديت عليه اني متحمل المسؤلية كاملة، قفل معايا ومحستش بنفسي الا وصوت مراتي بتصحيني عشان الشغل!!..
المروحة مفكوكة زي ما سبتها بالظبط، ومعرفش انا نمت ازاي وايه حصل بعد مكالمتي مع النجدة، وعدى بعدها أيام من غير أي جديد، فات شهر كامل وكنت بدأت انسى الموضوع تماما، لحد ما في يوم في الشغل لقيت أحد الزملاء بيقول بتعجب:
_ شوفتوا التريند بتاع الفيس بوك الجديد بتاع المسؤول فلان الفلاني، طلع د.جال وبيعمل أعمال ود.جل وشعو.ذة، قبضوا عليه متلبس في شقة في إحد الأحياء المتطرفة للقاهرة، واعترف انه قوا.د ود.جال وحاجات كتير كده، وبيقولوا أنه كان مرافق واحدة متجوزة واحد غني جدا وعمله عمل من اعماله ومات، واتجوز مرات الراجل وخد فلوسها وبعدها جننها ودخلها مستشفى الامراض النفسية، صحيح.. اللي يعيش ياما يشوف..
تمت..
تتبع جثة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى