روايات شيقهرواية حطام فريدة

رواية حطام فريدة الفصل السادس

رواية حطام فريدة الفصل السادس بعد مرور أربعة شهور.. حزم حقيبته بضيق واضح على ملامحه، وضعها بإهمال جانب الغرفة ثم تقدم للنافذة يحاول فيها تنظيم أنفاسه الهائجة، لم يكن ينوي قطع عمله لولا إلحاح صديقه عليه بسبب عقد قرانه على حبيبته وطفلته نهال، اندفع الباب بقوة …
_ إيه ياعم خالد، خلصت.
التفت بنصف جسده قائلًا بنبرة رخيمة : آه وأنت.
تقدم منه أدهم بملامح سعيدة، وابتسامة تعلو ثغره قائلًا : آه هاروح أجهز العربية لغاية ما تيجي، عارفك لازم تمم على المعسكر قبل ما تمشي.
هز خالد رأسه وهو يحاول أن يخرج ابتسامته ولكن فشل كعادته منذ مجيئه بعد آخر إجازة له، خرج أدهم وعاد خالد ينظر من النافذة يتذكر كلمات مذقت قلبه إلى أشلاء…
فلاش باك…
اقترب من غرفة صديقه بالمعسكر حتى يبوخه كالعادة بسبب تأخيره..فوصل إلى مسامعه صوت أدهم الغاضب…
_ مش قصة هى يا نهال، بس حقيقي اضايقت من فريدة، أنا أصلًا مبرتحش لعمار ده…
كاد يدلف له ولكنه امتنع في آخر لحظة ووقف على أعتاب باب غرفة صديقه وساعده في ذلك تلك الفتحة التي كانت تساعده في رؤيه صديقه وهو يتحدث في هاتفه..
_ لا مش عشان خالد والله، بس مش عارف بقى، ولا يمكن عشان خالد، المهم يعني واد بيجيلها كتير.
انتظر يسمع حديثها أما الآخر كان يود أن يأخذ منه الهاتف ويسمع ما يجري من خلفه، فعاد أدهم يتحدث بضيق :
طيب، والله لو في خير ليها يبقى على البركة، فريدة تستاهل كل خير طبعًا.
أغلق عينيه بقوة وعروق وجهه تنتفض بغضب مما يسمعه، وعاد عقله يعصف به من كثره الأسئله، ماذا يعنى حديث صديقه، هل وافقت عليه، ماذا تخبئ عنه أمه ووالده، لما يمتنعان عن ذكر اسمها كالسابق، فتح عينيه وكانت كجمرتين من النار إن طالت أحدهم لأحرقته ، الإجابة واضحة، فريدة وعمار معًا، جز على أسنانه بعنف وهو يتقدم نحو غرفته وأغلق الباب خلفه، ثم انحنى بجذعه إلى الأسفل وضغط بيديه على ركبتيه
حاول تهدئة ضربات قلبه التي تطرق بقوة داخل صدره ،حاول التنفس، ضربات قلبه ستكسر قفصه الصدرى من شدة نبضها، اعتدل في وقفته وقام بالتحرك في الغرفة هنا وهنا بغير هدً ، حتى اقترب من خزانته وقام بالضرب عليها بيديه بقوة، وهو يغمغم : ماشي يا فريدة، عاوزة تكسريني، والله لأكسرك قبلها…
انتبه إلى طرق الباب، فتقدم بملامح غاضبة: في إيه!.
تراجع أدهم عدة خطوات بعدما رأى ملامحه وهتف بتساؤل : أنت اللي في إيه، بتخبط في إيه جوا.
أغلق الباب خلفه بعنف وهو يتقدم خارج المعسكر قائلًا بقوة : مالكش فيه..
( عوودة).
انتبه على رنين هاتفه، فعلم أنه صديقه يحثه على المجيئ، غادر غرفته بل غادر المعسكر بنفس ملامحه الوجمة، واستقل سيارة صديقه وهو ينظر للاشئ يفكر بها وما سيفلعه وأثره عليها، لاحت على ثغره ابتسامة خبيثة وخرجت من صدره تنهيدة قوية!.

أما فريدة كانت تنتقل بالمول بجانب صديقتها وهي تنظر لتلك الفساتين بحالمية شديدة، تابعت بعينيها صديقتها وهي تقف بجانب كل فستان على حدى متنقلة بينهم برشاقة..
_ ده يايدي، ولا ده، لا لا ده.
ابتسمت فريدة بحب لتقول : كلهم حلوين، وكلهم هايبقوا عليكي قمر يا قلبي.
أرسلت لها صديقتها قبلة في الهواء وهي تشير لقلبها : قلبي أنتي والله.
أشارت لها فريدة على فستان كشيميري: ده هيبقى عليكي حلو أوي ومناسب لكتب الكتاب.
التفتت له وهي تنظر له بإعجاب قائلة : آه، هاخده أقيسه.
تقدمت منه وهي تشير للبائعة عليه قائلة : عاوزة ده أقيسه.
ثم اسطردت وهي تشير لفستان أحمر كناري : وده عشان صاحبتي تقيسه.
التفتت إليها فريدة بصدمة وقالت : لا يا نهال مش هالبس فساتين ده كتب كتابك أنتي، أنا هالبس أي حاجة.
هزت الأخرى رأسها برفض قاطع وهي تقول بلهجة حاسمة : لا هاتقيس، وهاتلبسي فستان، أولًا ياهانم كتب الكتاب هانعمله في قاعة هو والشبكة، عشان أدهم قالي بحق فلوس الفرح نسافر نتفسح بيها، يبقى امتى بقى هاتلبسي فستان…والله يافريدة لو ما ريحتيني لأزعل منك.
ثم مطت شفتيها كالأطفال بحزن مصطتنع وقالت : يعني عاوزني أزعل منك، وتبوظي خطوبتي بكرة.
أخذت الفستان من البائعة على مضض وهي تتقدم من غرفة تبديل ملابس : حاضر يا نهال هانم، ناقص تقوليلي اعمليلي فقرة رقص بكرة.
تحدثت نهال بخفوت مع نفسها : وماله،ده أنا هاولعها بكرة…اصبري بس يا ديدي، دور ست الجادة اللي أنتي واخداه بقالك كتير ده هاينهار بكرة..

تعجب خالد عندما وقف صديقه بسيارته أمام المول فالتفت له ليقول : إيه ده، أنت عاوز حاجة من هنا، طب وصلني الأول مش قادر عاوز أروح.
خلع أدهم نظارته الشمسية وقال : لا ده نهال وفريدة هنا، بيجيبوا فستانين للخطوبة بكرة، قولتلها نستنى نجبهم معانا بالمرة.
لم يشغل باله أي شئ سوى أنها ستردي فستان، فقال ببلاهة : فريدة هاتلبس فستان!.
ابتسم أدهم بمشاكسة وقال : آه مش خطوبتي وكتب كتابي يا جدع، تلبس متلبسش ليه، أنا نازل أجيبهم تيجي معايا.، ولا أقولك خليك أنت.
وقبل أن يهبط أدهم كان خالد يسبقه وهبط بهيبته وبدلته العسكرية وهو يتقدم نحو المول، أما أدهم فوقف متعجبًا من سرعته، سار بجانبه وهو يقول : هدي من مشيتك، أنت عارف هما فين!.
توقف خالد وهو يعقد ذراعيه أمامه بضجر : فين يا أدهم اخلص.
أشار له أدهم نحو الدور الثاني وهو يقول : في محل أيس كريم هنا.
وصلا إلى هناك ورآها أخيرًا جالسة تلتهم المثلجات بنهم واضح وابتسامة سعيدة على وجهها،مهلًا!، سعيدة!، منذ متى وكانت فريدة سعيدة في غيابه!، زفر بحنق على نفسه وتفكيره المستمر بها حتى وهى أمامه، تقدم منها بخطى واثقة، فرفعت عينيها لتقابل عينيه…

رجفة قوية سارت بجسدها وإحساس قوي يهاجمها وعلى الفور طردته من داخلها بابتسامة مشرقة وهى تحول بصرها نحو أدهم: إزيك يا دومة.
جذب أدهم أحد الكراسي وهو يأخذ الملعقة من يد نهال : بلاش دومة، عشان ملبسش الأيس كريم في خدودك.
فلتت منها ضحكة عالية وهي تضع يديها على فمها، أما هو فرفع أحد حاجبيه قائلا : والله!..
رفعت عينيها مرة أخرى وقالت بنبرة باردة : ما تقعد يا خالد، واقف ليه!.
حدجها بشراسة ، ثانية أخرى وسوف ينقض عليها تلك الباردة، حاول تهدئة نفسه قائلًا بخفوت : إنها الجولة الأولى يا خالد، اهدأ، حتى لا تخسر أمامها!.
حرك عينيه بعيدًا عنها فوقع على زوج من العيون يتفحص جسدها بقوة، وهو يضغط بأسنانه على شفته السفلى، ارتفعت لديه وتيرة الغضب من ذلك الوقح، لم يمهل لنفسه التفكير بل تقدم منه وضرب الطاولة بيديه قائلًا بخشونه : عينك عشان مصفيهاش ياحيلتها!..

وضعت ساقًا على ساق وهي تستمتع بمشاجرته مع ذلك الوقح وأدهم يحاول تهدئته..أنهى أدهم ذلك الشجار، وهو يشاور لنهال وفريدة كى يخرجا من المول..امتثلوا لأمره ووقفوا استقلوا السيارة معًا، فهمست نهال بتعجب: أنتي مبسوطة كدة ليه، غريبة أوي.
التفت لها فريدة وهي تقول بمكر : هو اللى غريب يانونو.
حاولت نهال بصرها نحو أدهم الذي يحاول تهدئة صديقه : زمان لما كان خالد بيتخانق مع حد عشان خاطرك كنتي بتفضلي تعيطي خايفة عليه ومنه عشان هيزعقلك، دلوقتي حساكي مش فارق.
هزت رأسها بخفة وهي تخرج هاتفها من حقيبتها وقالت : زمان، فعل ماضي، أما دلوقتي أنا ولا خايفة عليه ولا خايفة منه.
استقل السيارة بجانب صديقه، ونظر في المرآة وجدها تتابع شئ ما في هاتفها وابتسامة كبيرة تعلو ثغرها، الصبر يا فريدة، فلا تختبري صبري لاكثر من ذلك، فحتما أن نفذ صبري لن اتردد بقتلك، أعدك بذلك !…

وصلا أمام المنزل فترجلت من السيارة بسرعة وهي تصعد الدرج بخفة ورشاقة وهو خلفها منتظر اللحظة الحاسمة حتى ينفث بها غضبه ويخرج ما بداخله، ولكن قطعت هي تلك اللحظة بإغلاقها لباب بقوة في وجهه!.

دلف غرفته وهو يلقي بحقيبته على فراشه ثم رفع بصره وحدث نفسه في المرآة : قفلت الباب في وشي، فريدة قفلت الباب في وشي!، وأنا سكتلها، طب والله لأنزل أربيها!.
غادر غرفته مرة أخرى بل الشقة بأكملها ولم يستمع إلى صياح والدته، هبط الدرج بسرعة وطرق الباب بقوة، ففتحت له الباب بعد ثوانٍ وهي تتحدث في الهاتف : ماشي يا عمار هاستناك بكرة، مش هتحرك إلا لما تيجى..سلام.
أغلقت الهاتف وقامت بوضعه في جيب بنطالها وصاحت بأعلى صوتها تحت نظراته المصدومة : تيته، خالد جه، وعاوز يشوفك.
كادت أن تتحرك نحو غرفتها لولا يده، التى أوقفتها عنوة ليقول بنبرة خشنة قوية : أنتي بتقولي لمين بالظبط هتستنيه بكرة!.
نفضت يده سريعًا بقوه وقالت بتحدٍ واضح على ملامحها : بكلم عمار، عشان يجي خطوبة نهال بكرة.
زعق بها وقال : وأنتي تعزميه ليه أصلًا.
وقفت بالند له وقالت بصوتٍ مرتفع : وأنت مالك أصلًا.
هتف بصوتٍ جهوري هز أرجاء الشقة : فريدة.
وقبل أن تتحدث كانت جدتها هي المتحدثة بلهجة قوية : فريدة مالها يا خالد
التفت لجدته وقال بنبرة حاول أن تكون هادئة ولكن خرجت حادة بعض الشئ : الهانم عازمة عمار الزفت على خطوبة نهال وأدهم.
جلست الجدة بهدوء وقالت : وماله يابني، أنا أصلًا اللى عازماه مش هي!.
خرجت من صوته باعتراض شديد : نعم!!!!.
تجاهلت اعتراضه ونظرت لفريدة لتقول : يالا يا ديدي ادخلي قيسي الفستان أشوفه عليكي!!.
ثم التفتت لأدهم بابتسامة باردة : وأنت يا ابني اطلع فوق يالا غير هدومك زمانك تعبان، يالا يا حبيبي.
أشارت له على باب منزل ولم يتخلَّ ثغرها عن تلك الابتسامة الباردة التي كادت أن تصيبه بجلطة وتنهي حياته..
صعد شقته فقابل والده أمامه :.
_ إيه يابني صوتك كان عالي تحت ليه!.
أجابه بنبرة غاضبة : من المهزلة اللي الست فريدة عاملاها!.
نظر رأفت لزوجته بدهشة : مهزلة إيه!، مالها فريدة.
رفعت كتفيها بتعجب، فتحدث هو : الهانم عازمة عمار الزفت على خطوبة أدهم ونهال.
تحدثت والدته ببرود : وماله يابني،هو مش ابن عمها!..
اقترب منهما وهو يجز على أسنانه بعنف : لا بقولكوا إيه، أنا على أخري ومش طايق نفسي، البرود اللي كلكوا متبعينوا معايا ده، أنا وربنا على أخري وهانفجر فيكوا…
دلف غرفته وهو يغلق الباب بعنف، أما هما فابتسما بسعادة على غضبه وتقدم كلًا منهما ينجز ما في يده، أما هو فرمى بنفسه على فراشه وهو يخرج تنهيده قوية من صدره متأملًا في سقف الغرفة، متخذًا قرار في تغيير خطته، فمن الواضح أن والديه وجدته في صفها أيضًا!!!.، الصبر يا فريدة،أتريدين النهاية يا فريدتي، هكذا ستكون النهاية، ولكن لها شرف إمضائي وليس إمضائك أنت..هكذا حدث نفسه بغروره المعتاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى