روايات رومانسيهرواية لعبة القدر

رواية لعبة القدر للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

ابتسمت مريم فى حنان وهى تتأمل وجه عمر النائم فى براءة، كم هو وسيم حبيبها، تذكرت بخجل أحداث الليلة الماضية، وتساءلت فى سرها، هل غفر لها عمر؟هل وقع فى حبها؟كل نظرة وكل همسة وكل لمسة صدرت منه كانت تنطق بعشق يماثل عشقها قوة، فهل هى تتخيل؟لمست وجنته فى نعومة وانحنت لتطبع قبلة رقيقة عليها لتفاجأ به يفتح عينيه فتتلاقى عينيهما، هى فى خجل وهو فى حنان وهو يبتسم قائلا:
ياصباح الياسمين.

اخفضت عينيها خجلا وقد احمر وجهها ليصبح اكثر جمالا وهى تقول:
صباح الخير
كادت ان تنهض فوجدت عمر يمنعها قائلا وهو يعيدها الى حضنه:
رايحة فين؟
استكانت فى حضنه قائلة:
هاخد شاور واروح اطمن على سيف
رفع وجهها بيده لينظر الى عينيها مباشرة وهو يقول:
طيب وأبو سيف؟
ابتسمت فى خجل قائلة فى رقة:
أبو سيف يؤمرنى
ابتسم غامزا لها وهو يقول:
ابو سيف مش عايزك انهاردة تقومى من حضنه خالص
قالت مريم فى خجل:
بس ياعمر…

قاطعها مبتسما فى شقاوة وهو يقول:
مفيش بس، انتى النهاردة لية أنا وبس
نظرت الى عينيه قائلة فى تردد:
عمر، هو أنا، يعنى، ممكن أسألك سؤال؟
اتسعت ابتسامته قائلا:
أكيد
ازداد ارتباكها وهى تقول:
انت، يعنى، سامحتنى ياعمر؟
نظر الى عينيها قائلا:
أنا لو مكنتش سامحتك مكنتش قربت منك يامريم
قالت فى تردد وقد اطمأن قلبها قليلا. :
طيب ممكن، يعنى، أسألك سؤال تانى؟
رفع عمر حاجبيه وهو يقول:
وبعدين يامريم، هنقضيها أسئلة ولا ايه؟

ابتسمت قائلة:
آخر سؤال، عشان خاطرى
ابتسم قائلا:
قولى ياستى
نظرت الى عينيه مباشرة وهى تقول:
بتحبنى ياعمر؟
اختلجت عينيه بمشاعر قوية رأتها على الفور وجعلت قلبها يخفق فى قوة ولكنها أرادت ان تسمعها بأذنها ولم يبخل بها عليها فقال فى حنان:.

الاحساس اللى بحسه ناحيتك اكبر من كلمة حب يامريم، انا حبيتك من اول مرة شفتك فيها. حبيتك وانا مش فى وعيى، طيفك فضل مطاردنى فى أحلامى، مكنتش قادر أرتبط بجد لأنى مش لاقيكى فى كل البنات اللى شفتهم، ومع انى كنت فاكرك حلم لكن كنت حاسس انى هشوفك وفعلا لقيتك ولقيتنى بتشدلك أكتر، بقيتى فى دمى، بستنى النهار ييجى عشان اشوفك فى الحقيقة واستنى الليل ييجى عشان اشوفك فى الأحلام، ورغم انى عارف انك كنتى متجوزة وعندك طفل مقدرتش امنع نفسى عن حبك ومقدرتش أنساكى، انا لما شفتك كنت عمرى مااتعلقت بواحدة، لقيتنى بحب واحدة متجوزة؟

وده مش طبعى، لأ وايه لسة بتحب جوزها كمان، ويوم ما عرفت الحقيقة على اد ما فرحت ان انا ابقى جوزك على أد ما زعلت انك خبيتى علية، كنت ناوى أعاقبك بس مقدرتش، قلبى مطاوعنيش، كنت كل يوم بنكوى بنار حبك وقربك ومش طايلك ولا قادر أضمك، حبى ليكى بقى عشق، بقى قدرى اللى مش ممكن ولا ينفع أهرب منه بالعكس أنا راضى بيه وبحمد ربنا كل يوم عليه
احتضنته مريم فى سعادة وهى تقول:.

ياه ياعمر، انا كمان يا حبيبى بعشقك، بعشقك من زمان أوى، حياتى من غيرك ولا حاجة، انت كل حياتى ياعمر
ابتسم عمر وهو يضمها فى حنان، وقبل رأسها ثم رفع وجهها اليه بيده وكاد أن يقبلها لولا سماعهما لطرقات صغيرة على الباب فاعتدلا فى جلستهما وسمح عمر للطارق بالدخول فانطلق سيف الى الداخل قائلا فى سعادة:
مامى، بابى، وحشتوووونى
ابتسم عمر فى حنان فى حين فتحت مريم ذراعيها لسيف قائلة:.

تعالى فى حضن مامى ياقلبى، انت كمان وحشتنا أوى
أسرع سيف وصعد الى السرير لتضمه مريم فى حنان فى حين ضمهما عمر الى حضنه قائلا:
ربنا يخليكوا لية وميحرمنيش منكم أبدا ويقدرنى واسعدكم يارب
ابتسموا جميعا فى سعادة، سعادة انتظروها كثيرا، كثيرا جدا.

كان آسر متجها الى المنزل وداخله توتر يكاد يقتله، ينتظر قرار كرمة بقلق شديد، هل ستوافق ان يبدأوا من جديد ام تستمر حياتهم كما هى، دخل آسر الفيلا ليجد الهدوء فى كل مكان فصعد الى حجرته وما ان دلف الى حجرة نومه حتى انتابته الدهشة وتوقف الزمن لدى مرآه لتلك الشموع التى تزين الحجرة ذات الاضاءة الخافتة، تأمل المكان فى لهفة حتى توقفت عيناه على ملاكه الجميل، كانت كرمة تلبس قميصا ابيضا قصيرا يظهر جمالها رغم الروب الذى يعلوه وينسدل شعرها الأسود الناعم حول وجهها ليزيدها جمالا، وكانت تنظر اليه فى حب وتتأمل ملامحه العاشقة بعشق مماثل، اقترب منها تتسارع دقات قلبه الولهة. ويشعر بدقات قلبها المتسارعة من خلال العرق النابض فى رقبتها حتى توقف أمامها، تأمل ملامحها فى شوق قائلا:.

كل ده عشانى؟
أومأت كرمة برأسها فى خجل فاستطرد قائلا:
يعنى وافقتى تكونى مراتى؟
أومأت برأسها مرة أخرى وقد لونت حمرة الخجل وجنتيها فابتسم آسر وهو يضم وجهها بيديه فى حب قائلا:
بحبك ياكرمة وقلبى حاسس انك بتحبينى بس نفسى اسمعك بتقوليها
، نظرت اليه كرمة فى عشق قائلة:
بعشقك ياآسر
حملها آسر ودار بها فى سعادة وهو يقول:
ياعيون آسر وقلبه وروحه وعمره كله
ثم أنزلها قائلا:
يلا نتوضى ونصلى ركعتين، أنا معتتش قادر أصبر.

أومأت برأسها فى سعادة وبالفعل توضآ وصليا ركعتين، كان آسر إمامها، وعندما انتهيا ابتسمت فى سعادة وهى ترى احلامها تتحقق، التفت اليها آسر قائلا فى حب وهو يضع يده على رأسها:
اللهم ارزقنى خيرها وخير ما جبلت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ماجبلت عليه.

ابتسمت كرمة فى حب فأمسك آسر بيدها ليوقفها ثم يحملها ويضعها برفق على السرير. ثم اقترب من وجهها يتأمله فى عشق ويلمس بأصابعه ملامحها الجميلة حتى لمس شفتيها فغامت عينيه بالرغبة واقترب بشفتيه من شفاهها لتتقابل أنفاسهم ويقبل شفتيها العذراوتين، قبلة اودع بها كل شوقه، ليغيبا معا فى جنة الحب التى لطالما انتظراها طويلا.

انتظرت نور مكالمة يوسف فى لهفة ولكن تأخر الوقت ولم يحادثها، وشردت نور فى أفكارها، هل يأس منها يوسف؟هل كرهها حقا؟لماذا لم يتصل بها؟لمااااذا؟
ظلت نور تتململ فى فراشها يجافيها النوم حتى رن هاتفها باسمه فالتقطته فى لهفة قائلة:
اتأخرت أوى يايوسف…
قاطعها صوت نسائى غريب يقول:
أنا آسفة جدا يافندم، الأستاذ صاحب التليفون عمل حادثة بالعربية والرقم ده كان آخر رقم متصل بيه قبل الحادثة.

توقف الزمن فى تلك اللحظة ونور تحاول استيعاب تلك الكلمات، يوسف حبيبها، أصيب فى حادث، هل أصابه مكروه، أو ربما، هزت رأسها بعنف وهى تقول بأنين وقد تساقطت دموعها:
وهو فين دلوقتى؟
استمعت الى صوتها الغريب وهى تخبرها بأنه فى مستشفى دار الشفاء فتركت الهاتف ولبست اول شئ وصلت اليه يداها، واتجهت الى حجرة آسر وكرمة وطرقت الباب ليفتح لها آسر وعلى ملامحه الدهشة وهو يراها فى تلك الحالة ليقول:
مالك يانور؟فيه ايه؟

انهارت نور قائلة:
يوسف ياآسر، يوسف
أسرعت اليها كرمة تحتضنها فى حين قال آسر وقد اصابه القلق:
ماله يوسف يانور، اهدى شوية علشان نفهم
ازداد انهمار دموعها وهى تقول:
عمل حادثة
علت الصدمة ملامح كل من آسر وكرمة وقال آسر فى حدة:
وهو فين دلوقتى؟
قالت نور فى انهيار:
فى مستشفى دار الشفا أنا كنت هروح لوحدى بس مش هعرف أسوق وانا كدة، ومش عارفة المستشفى دى فين.

قال لها آسر فى حزم يخالف مشاعره الثائرة خوفا على أخيه ورفيق دربه:
اهدى يانور، ثوانى نغير انا وكرمة وننزل نروحله، مش عايزين تيتة تحس بحاجة
اومأت نور برأسها ايجابا واتجهت الى الأسفل تنتظرهم بالسيارة، دقائق ونزل آسر وكرمة ليركبا السيارة متجهين الى المستشفى وقلوبهم تبتهل بالدعاء أن يكون يوسف بخير.

دلفا الى المستشفى حيث الاستقبال وسألا عن يوسف فأخبروهم انه بغرفة العمليات، ظلوا أمام الغرفة ينتظرون بترقب، كانت كرمة تضم نور الى حضنها ونور تبكى بشدة ولسانها يردد:
يارب، قوملى يوسف بالسلامة، مش عايزة حاجة تانية م الدنيا غير انه يكون بخير، يارب سلمهولى يارب، انا مقدرش أعيش من غيره، المرة دى هموت لو حصله حاجة
تساقطت دموع كرمة وهى تستمع الى دعوات نور ولسانها يردد دون صوت:
ياااارب.

فى حين جلس آسر على الكرسى فقدماه لم تعد تحتملانه يخشى ان يفقد أخاه وصديقه، يشعر بالهواء يتناقص من حوله، نظر الى باب غرفة العمليات ينتظر من يخرج ليطمئنه على يوسف، ثم نظر فى يأس الى نور المنهارة وكرمة التى تحتضنها وتبكى معها وهو عاجز عن التخفيف عنهم
وفجأة خرج الطبيب من الغرفة فأسرع اليه كل من نور وآسر وكرمة، فنظر اليهم الطبيب قائلا:
انتم عيلة المريض يوسف؟

اومأوا برأسهم وهم عاجزين عن النطق يخشون ما قد يسمعونه ولكن كرمة تمالكت نفسها قائلة:
ايه اخباره يادكتور، ارجوك طمنا؟
ابتسم الطبيب وهو يقول:
الحمد لله قدرنا نوقف النزيف، كل الموضوع كسر فى الايد الشمال وجبسناه وشوية رضوض وكدمات، مفيش نزيف فى المخ وده كان اهم حاجة، حمد الله على سلامته
انهارت قدمى نور فلم تعد تحتملانها وهى تجلس على الكرسى قائلة:
أحمدك وأشكر فضلك يارب، الحمد لله، الحمد لله.

أخذ آسر نفسا ثم طرده فى راحة وهو يصافح الطبيب شاكرا، وما لبثوا ان رأوا يوسف يخرج مع الممرضين على التروللى فقاموا فى لهفة واتجهوا خلفه وعينا نور تجرى عليه متأملة ملامحه الشاحبة فى ألم، وصلوا الى الغرفة التى سيضعوه بها وقام الممرضون بوضعه على السرير ثم انصرفوا مهنئين الجميع على سلامته.

نظرت نور الى وجهه فى حب، لقد كاد ان يختفى من حياتها، وكادت ان تختفى معه، نعم، لقد اكتشفت لتوها ان روحها تلتصق بروحه اذا غادرت روحه الدنيا ستغادر روحها معه، انها لم تعد أسيرة للماضى بل أصبحت أسيرة عشق، أسيرة ذلك الرجل الذى يقبع أمامها نائما فى سلام، مع كل نفس يتنفسه تحيا هى ويالها من حياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى