عدنان هرب يامروان.
قال ياسين تلك العبارة في غضب عبر الهاتف لينهض مروان قائلا في صدمة:
انت بتقول إيه يا ياسين؟هرب إزاي؟
قال ياسين في ضيق:.
معرفش يامروان، معرفش، كل اللى أعرفه إنه هرب النهاردة الصبح من مبنى النيابة، أكيد حد من جوة ومن برة ساعدوه، ومش كدة وبس، سوزى اتقتلت بحقنة هوا فاضية في المستشفى بعد ماجالها انهيار عصبى ونقلوها على هناك، وهارون كمان انفجرت بيه عربيته النهاردة الصبح ومات، وأكيد عدنان ورا كل ده.
تمالك مروان نفسه وهو يقول:
دى مصيبة ياياسين، الكلام ده معناه ان كل واحد فينا دلوقتى بقى في خطر.
قال ياسين بتأكيد:.
طبعا، وانت أكتر واحد فينا في خطر لإن هو فاكر ان انت اللى وديته في داهية ولسة ميعرفش حاجة عننا وعشان كدة بعتلك رجالة أكتر عشان يحموا الفيلا، هم في الطريق دلوقتى لغاية ما نشوف هنعمل إيه.
قال مروان وهو يحاول ان يهدئ نفسه:
كويس انك عملت كدة، عشان أأمن زينة وفارس بس أنا مش هفضل جوة الفيلا أستنى خطوته الجاية، أنا هخرج أدور عليه بنفسى.
قال ياسين:
مفيش داعى يامروان، فاكر (صديق) اللى كان بيجيبلنا أخباره.
التمعت عينا مروان وهو يقول:
أكيد فاكره.
قال ياسين:
أنا على اتصال معاه، بيقول ان فيه تحركات جديدة في جحر الشيطان، واحتمال كبير ان عدنان هيروح على هناك.
عقد مروان حاجبيه قائلا:
انت بتقول إيه، مستحيل يروح على هناك، ده اول مكان البوليس هيدور عليه فيه.
قال ياسين:.
دوروا فعلا وملقوش ليه أي أثر، وبتهيألى مش هيرجعوا تانى هناك، ولو حتى رجعوا، انت عارف جحر الشيطان ودهاليزه، ممكن يكون مستخبى في أي مكان سرى فيه، ومش هيلاقوه.
أومأ مروان برأسه وهو يزفر قائلا:
معاك حق، خلاص أول ما صديق يكلمك عرفن…
قاطعه دخول زينة فجأة ودموعها تنهمر على وجنتيها وهي تصرخ بجزع قائلة:
، الحقنى يامروان، فارس اتخطف.
ليسقط الهاتف من يده ويسقط معه قلبه.
كان مروان يتحرك في الحجرة بعصبية، ليقول ياسين متعاطفا:
اهدى بس يامروان عشان خاطر قلبك، انت مش شايف لون وشك أصفر إزاي.
قال مروان في حدة:
أهدى إزاي بس؟، ابنى مخطوف، وعدنان أكبر عدو لية وليك هو اللى خاطفه، ومش بعيد يإذيه، كل ده وتقولى إهدى.
قال نبيل:.
إحنا مقدرين اللى انت فيه، بس صدقنى مش هيقدر يإذيه ولا ييجى جنبه، هو كل اللى يهمه المادة، وعشان كدة كلمك وطلب الفلوس دى كلها، وإن شاء الله قبل ميعاد التسليم هنكون عارفين مكانه، وواصلين ليه ولفارس.
قال ياسين:
بالظبط، اهدى بس عشان نعرف نتصرف.
أغمض مروان عينيه يحاول أن يهدئ من ضربات قلبه المتسارعة والتى تؤلمه حقا، ليرن هاتف ياسين ويفتح مروان عيناه اللتان تعلقتا به، ليرد ياسين على الهاتف بسرعة وقد ظهر على شاشته رقم صديق، ليستمع إلى محدثه قليلا قبل أن يقول:
برافو عليك ياصديق، كدة مهمتك انتهت بس خلى عينك عليهم لحد مانوصل ولو فيه أي جديد، كلمنى.
ليغلق الهاتف وهو ينظر إلى مروان الذى قال بلهفة:
هو فين.
قال ياسين:
في جحر الشيطان، زي ما توقعت.
اتجه مروان على الفور لخارج غرفة المكتب ليستوقفه صوت ياسين وهو يقول:
استنى بس يامروان، لازم نكلم البوليس عشان يكون معانا، القلعة متحصنة كويس وأكيد مليانة رجالة واحنا ورجالتنا مش هنقدر عليهم لوحدنا.
قال مروان:
مش هقدر أستنى ياياسين، كلم انت البوليس وحصلونى أنا هستناكم هناك، هراقب المكان لغاية ماتيجوا، مش هقدر أستنى هنا وأنا عرفت مكان ابنى خلاص.
تبادل كل من ياسين ونبيل نظرة متفهمة ليومئ ياسين برأسه ويغادر مروان يتبعه ياسين ونبيل، ليجدوا زينة المنهارة وبجوارها فتون ودارين يواسونها، ألقى مروان عليها نظرة واحدة مزقت قلبه ثم أسرع بالخروج قبل أن تلمحه وتستوقفه، ولكنه لم يغادر بالسرعة الكافية فقد سمعها تناديه بلوعة ليتوقف على الفور وهو يغمض عينيه ليجدها في ثوان أمامه ففتح عينيه على سؤالها الجزع وهي تقول:
انت رايح فين يامروان وسايبنى؟
نظر إلى عينيها الجزعتين بألم قائلا:
رايح أجيب فارس يازينة.
أمسكت ذراعه قائلة بتوسل:
خدنى معاك.
أزال يدها من على ذراعه قائلا:
مش هينفع يازينة، صدقينى.
نظرت إليه قائلة في غضب:
لأ هينفع، ما اهو أنا مش هقعد هنا أندب حظى وأنا مش عارفة ابنى وجوزى فين دلوقتى او بيعملوا إيه، خدنى معاك يامروان، أنا مش هقدر أتحمل.
نظر إلى عيونها الدامعة في حيرة، تصارعه رغبتان، إحداهما أن يأخذها معه ويعرضها للخطر والأخرى تجبره على ان يصمم على تركها خلفه ولكنها في تلك الحالة قد تتعرض لخطر أكبر دونه، فهو لايدرى الآن فيم يفكر عدنان، لتحسم حيرته كلمات ياسين الذى قال:
خدها معاك يامروان، هي أكيد عارفة دهاليز جحر الشيطان بحكم حياتها هناك السنين اللى فاتت دى.
نظرت زينة إلى مروان بلهفة وإصرار قائلة:.
أيوة أعرفها كلها ولو مخبيه هناك، هعرف أجيبه، خدنى يامروان معاك ربنا يرضى عنك.
أومأ برأسه لتنفرج ملامحها، وياسين يقول:
واحنا دقايق وهنحصلكم، ربنا يوفقنا جميعا.
اومأ مروان برأسه ثم يمد يده إلى زينة لتمسك بيده بقوة وهما يتجهان للخارج، بينما اتصل ياسين بصديقه رامز في الشرطة ليقوم بالابلاغ عن مكان عدنان ليخبره صديقه أن القوة في طريقها بالفعل إلى جحر الشيطان، تبادلا بعض الكلمات التى نسقا بها سويا خطة الدخول، ليغلق ياسين الهاتف وهو يقول لنبيل:
كدة تمام، هنوصل احنا والرجالة في نفس الوقت مع قوة الشرطة وهندخل سوا، يلا بينا يانبيل،.
أومأ نبيل برأسه ليقول ياسين موجها حديثه إلى فتون قائلا:
وانتى يافتون خدى دارين وروحوا عند تيتة، واحنا بإذن الله مش هنتأخر عليكم.
قالت فتون في تقرير:
احنا جايين معاكم.
نظر إليها ياسين قائلا في حدة:
مش هينفع تيجوا، احنا مش رايحين ملاهى يافتون.
دمعت عيناها وهي تقول بألم:
وتفتكر ان شخصيتى تافهة للدرجة دى وانى مش فاهمة خطورة المكان اللى رايحينه، أو إنى شايفة إنها لعبة حلوة ومسكت فيها زي الأطفال.
زفر ياسين وهو يمسك يدها قائلا في حنان:
أنا اكتر حاجة حبيتها فيكى هي قوة شخصيتك وانتى عارفة كدة كويس، بس أنا خايف عليكى، اعذرينى وسامحينى.
نظرت إلى عينيه قائلة:
متخافش علية ياياسين، أنا هبقى كويسة.
زفر ياسين قائلا وهو ينقل بصره بين فتون ودارين:
مش هبقى مرتاح طول ما أنا عارف انكوا معانا وانى ممكن أخسركم، عشان خاطرى افهمونى.
قال نبيل:.
ياسين عنده حق ياجماعة، مش هينفع تيجوا معانا، الخطر أكبر مننا كلنا وده قرار نهائى.
تبادلت كل من فتون ودارين النظرات، لتقول دارين:
خلاص، احنا هنروح لتيتة بس أول ما تخلصوا طمنونا عليكم، تمام.
أومأوا برءوسهم ليتجه كل من ياسين ونبيل للخارج ليسمعوا نداء فتون ودارين بأساميهم، ليلتفتوا ويجدوهم مسرعين إليهم ليفتح كل عاشق ذراعيه لمعشوقته يتلقاها داخل حضنه، ويربت على ظهرها في حنان، ليقبل ياسين رأس فتون قبل أن يتركها ويغادر بسرعة بينما قال نبيل لدارين:
متقلقيش، راجعلك.
ليلتفت بدوره مغادرا، لتحيط فتون دارين بذراعها، لتتكئ دارين على كتفها ويبكيا سويا بصمت.
كان مروان يجلس بجوار زينة التى تحاول أن توارى عنه دموعها المنهمرة بصمت ولكنه رآها ولم يكن بيده مايقوله ليطمأنها لذا جز على أسنانه في غضب من عدنان وهو ينظر إلى تلك القلعة الحصينة، يدرس كيفية الدخول إليها بأمان، عندما رن هاتفه ليجيبه على الفور ليجده ياسين الذى قال:
أنا وراك يامروان انا والرجالة، شايفك أهو، والبوليس على وصول، ها لقيت حاجة؟
قال مروان:.
الجناح الشمالى فيه ثغرة ممكن ندخل منها غير ان حراسته ضعيفة وده مش هيتعبنا، خلى صديق يأمن المكان لينا هناك وكل شئ هيبقى تمام، الحراسة جامدة أوى على الجناح الشرقى وده غالبا اللى فارس وعدنان فيه.
قال ياسين:
تمام، أنا بركن أهو، هتصل بيه حالا وثوانى وهبقى عندك.
ليغلق مروان الهاتف وهو ينظر إلى هؤلاء الرجال الذين يحرسون الجانب الشمالى في وعيد.
بعد مرورو ساعة كاملة
استطاعوا بالفعل وبسهولة القضاء على هؤلاء الرجال، بإستخدام أسلحة كاتمة للصوت منحها إياهم رامز، ذلك الضابط صديق ياسين، كان مروان يخشى على زينة السائرة خلفه من أي أذى قد يصيبها ولكن ولله الحمد استطاعوا الدخول دون ان يصاب أي فرد منهم ولو بخدش صغير، حتى أصبحوا بالداخل ليقول مروان موجها حديثه لزينة:
تفتكرى فارس هيكون فين؟
قالت زينة:.
فيه أكتر من مكان في الجناح الشرقى ممكن يكون فيه، هروح لدادة نجاة وهي أكيد عارفة مكانه وهتقوللى.
نظر إليها مروان قائلا في قلق:
متأكدة منها، أمان يعنى.
أومأت برأسها قائلة:
زي دادة تحية بالظبط.
قال مروان:
تمام.
ثم نظر إلى ياسين قائلا:
روحوا معاها ياياسين انت ونبيل وخدوا بالكم منها.
ربت ياسين على ذراعه قائلا:
متقلقش.
واتجهوا جميعا إلى الجانب الآخر بينما قال مروان لرامز:.
احنا بقى هندخل لعدنان، بس خدوا بالكم ده شيطان وغدار، ومش سهل ابدا.
اومأ رامز برأسه وهو يشير لرجاله بأن يتبعوهم، ليدلفوا إلى الداخل بحذر.
قالت نجاة بفرحة:
زينة بنتى حبيبتى، وحشتينى.
أدمعت عيون زينة قائلة:
انتى أكتر يادادة، ربنا العالم، إنى بعدت عنك غصب عنى بس انتى شايفة كانوا بيعملوا فية إيه.
قالت نجاة:
عارفة يابنتى، عارفة،
نظرت إلى كل من نبيل وياسين قائلة:
مين دول يازينة؟
قالت زينة:
دول اللى هيساعدونى أخرج فارس من هنا يادادة.
قالت نجاة بحزن:.
فارس، ياكبدى ياضنايا، جيت أديله أكل مرضاش أبدا، ياحبيبى ياابنى مقهور وكل اللى على لسانه، عايز ماما، هاتولى ماما.
قالت زينة بلهفة:
هو فين يادادة؟
قالت نجاة بهمس:
في الأوضة اللى كان بيحبسك فيها هارون لما بيعاقبك، قدامها راجلين من رجالة الشيطان، روحيله يابنتى وخرجيه، ربنا يعينك.
قبلتها زينة من وجنتها ثم أسرعت للخارج قبل أن تتوقف و تلتفت إليها قائلة:
وانتى يادادة مش هتخرجى من الجحر ده؟
قالت نجاة بحزن:.
وهروح فين يابنتى، مليش مكان غير ده.
قالت زينة:
أوعدك يادادة هخرج فارس وهرجعلك عشان أخرجك انتى كمان، بيتى هو بيتك، فمتقوليش تانى ان ملكيش مكان غير الجحر ده، مفهوم؟
ابتسمت نجاة ودمعت عيناها وعي تومئ برأسها لتبتسم لها زينة بحنان قبل أن تخرج لتقول نجاة بحنان:
ربنا يوفقك يابنتى ويبعد عنك كل أذى، ويديكى دايما على أد طيبتك وقلبك الحنين ده.
انطلق الرصاصات تصيب رجال عدنان واحد تلو الآخر وتقتل منهم من تقتل، لتقضى قوة الشرطة بقيادة مروان ورامز على كل رجال عدنان حتى وصلا إلى الحجرة التى يختبئ بها، ليدلف مروان ورامز إلى الداخل بقوة ليجدان عدنان واقفا بصدمة يمسك سلاحه ناظرا إليهما حتى استقرت عيناه على مروان ليظهر الحقد بداخلهما وهو يقول:
انت تانى يامروان؟
قال مروان بقسوة:.
أيوة أنا، تانى وتالت ورابع، ولحد ما أشوفك متعلق على حبل المشنقة بإذن الله ياشيطان، وخصوصا ان كل رجالتك ماتوا والكل فوق اتخلى عنك ياعدنان.
نظر إليه عدنان قائلا في غل:
مش هتلحق على فكرة، غلطة عمرى انى مقتلتكش من الأول وسيبتك عايش يامروان، بس الغلطة دى لازم تتصلح وحالا.
ليرفع مسدسه باتجاه مروان فجأة ويطلقه لتستقر الرصاصة في صدره ليرفع رامز سلاحه ويطلقه باتجاه عدنان لتستقر الطلقة برأسه ويسقط جثة هامدة بينما أسرع رامز ليتحسس رقبة مروان باحثا عن نبضه ليجده ضعيفا للغاية فأسرع بطلب سيارة الإسعاف على الفور، وهو يلقى نظرة على عدنان جاحظ العينين والذى مات على الفور، يدرك ان تلك هي النهاية الطبيعية لكل شيطان مثله.
أسرعت زينة إلى فارس، تجلس على ركبتيها قبالته وهي تحتضنه بقوة، تشم رائحته التى اشتاقت إليها ليضمها فارس بدوره وهو يقول بصوت ضعيف:
وحشتينى ياماما.
أخرجته زينة من حضنها دون أن تخرجه من محيط ذراعيها قائلة بحنان:
وانت وحشتنى أكتر ياقلب ماما.
لتتحسس وجهه وجسده قائلة:
يلا بينا ياحبيبى من هنا، هنروح لبا، قصدى لآنكل مروان عشان محضرلك مفاجأة حلوة أوى هتعجبك.
تبادل كل من ياسين ونبيل نظرة مبتسمة، بينما اومأ الطفل برأسه بضعف، ليرن هاتف ياسين في تلك اللحظة ويجيبه على الفور ليعقد حاجبيه قائلا في جزع:
انت بتقول إيه؟
نهضت زينة ببطئ تستشعر الخطر في نبرات صوته الجزعة لتقول في قلق:
فيه إيه ياياسين؟
أغلق ياسين الهاتف وهو ينظر إلى نبيل في قلق، لتكرر زينة سؤالها في وجل قائلة:
رد علية، فيه إيه ياياسين؟
نظر إليها ياسين قائلا في حزن:
مروان اتصاب ونقلوه على المستشفى حالا.
لتصرخ زينة بإسمه، في لوعة.