روايات شيقه

رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر

[ad_1]

 مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص والروايات حيث نغوص اليوم مع رواية رومانسية مصرية كاملة جديدة للكاتبة شيماء جوهر والمليئة بالعديد من الأحداث الإجتماعية المليئة بالتضحيات , وموعدنا اليوم علي موقع قصص 26 مع الفصل الرابع والثلاثون من رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر.

رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر – الفصل الرابع والثلاثون

رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر

 

رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر – الفصل الرابع والثلاثون

 

“الصفقة”

لا يعرف ماذا يقول، أكتفى بكلمة واحدة دون غيرها:

– أصيلة يا سلمى

نظرت له و ردت بابتسامة باهتة، أكمل في حيرة من هذا الوضع:

– طيب أنا نازل رايح لإيهاب

ردت دون النظر إليه:

– أتفضل هو أنا مسكاك

تنهد بضيق ثم تركها وخرج، لتستكن بجسدها على الفراش تفكر في وضعهما في الفترة الحالية، وبعد أيام سوف تحصل على لقب مطلقة، لتفر دمعة من عيناها بحزن وهي تحاول أن تتناسى هذه الكلمة والعواقب بعدها .

*********************

تقابل طارق وإيهاب في الكافتريا المعتادين عليها، ورحب به الاخير بحفاوة .

كان مترددًا أن يقص عليه ما حدث بينه وبين سارة، وأن تصرفاتها أن دلت على شيء فهو التفرقة بينه وبين زوجته، ولا يستطيع نسيان ما قال صديقه عنها ولا يعرف ماذا يفعل حيال ذلك، قرر أن يترك هذا الأمر جانبًا الآن حتى يتأكد من صحته .

– حمد لله على السلامة يابني .. شكلك مش مبسوط خالص

رد طارق بضيق:

– هو يتجوز سلمى ويبقى مبسوط

أدرك بنشب خلاف وقع بينه وبين زوجته والسبب سارة، ربطًا بما قصت عليه، فحسم أمره وقال:

– سارة كلمتك ولا إيه

تنهد بضيق وأكمل:

– ياريتها جات على كده .. دي جاتلي الاوتيل وآخر مرة سلمى سمعتني وأنا في نص الكلام مكملتش الجملة حتى

إيهاب بفضول:

ليه كنت بتقولها ايه؟

أردف بحنق وسخرية وهو يمسح شعره بيده:

– وأنتِ وحشتيني اوي يا حبيبتي .. أهي جات على دماغي يا سيدي

نظر له إيهاب وقال بجديدة:

– لها حق تضايق على فكرة … في الأول وفي الآخر مراتك وكلمة زي دي تجرحها

ابتسم طارق وهو يشرد في الحديث الدائر بينه وببن سلمى ليرد بشرود:

– بمناسبة كلمة مراتك دي وراها حاجات كتير أوي

قطب إيهاب حاجبيه بعدم فهم:

– يعني إيه؟

ابتسم وأكمل:

– رغم كل اللي حصل بينا في السفر لما أبويا سألها قالتله كل حاجة تمام وكانت مبسوطة وانا كنت حنين عليها .. كلام غريب غريب منها ورد فعل مكنتش اتوقعه أبدًا .. كنت بعاملها بجفاء وتجاهل

… كان في أيدها تقوله وتاخد حقها مني لكن هي معملتش كده .. ولما سألتها ليه كدبتي عليه كان ردها مكنتش أتوقعه منها بالمختصر اللي بينا ميطلعش برا

ابتسم إيهاب فقد راق له وقال باهتمام:

 

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

قصه متسولة كعابيش

رواية زواج لم يكن في الحسبان الفصل الاول

رواية الشادر الفصل الثامن

– يا سلام .. أصيلة سلمى واحدة غيرها كانت زمانها جرستك قدام أهلك .. حافظ عليها يا طارق

نظر له وشرد، لا يعرف بأنه مهما فعل لن تحن إليه ولن تصدق، وهو يريد إنهاء هذا الوضع عن قريب ليبدأ حياته مع سارة، المفترض التي هو أختارها عن اقتناع .

********************

مرت الأيام والبرود واللامبالاه تزيد بينهم دون أي تغيير، في الصباح يتناولوا جميعًا الفطور وتذهب سلمى ونور إلى الكلية وطارق مع والده في الشركة .

ولم تعد سلمى تذهب إلى شركة والدها، ألتفتت إلى مستقبلها الدراسي أكثر من قبل، فقد فقدت سنة وأكثر من عمرها في خدمة هذه الشركة وقررت أن تستكفي ولأنها أيضًا لا تستطيع العودة لها بعدما حدث مع والدها .

وكل أسبوع تزور عمتها وأحيانًا تكون نور بصحبتها، فلاحظت سلمى عدم قبول نور على التردد كثيرًا إلى السيدة سميحة في وجود يوسف، فعندما يكون بكليته تقوم بزيارتها على الفور، فهي بمثابة عمة لها أيضًا .. تريد معرفة السبب ولكن لم تكن تتحدث مع يوسف إلا قليل وهذا الشيء يزعجه ويؤلم قلبه كثيرًا، فهو طيلة هذا الوقت ولم يذهب إلى منزله ولم يفكر هاشم السؤال على أبناءه ولو مرة واحدة، فقط يمكث مع عمته كما نوا .. بينما ينتهى من زواج شقيقته سوف يرحل عن هذا المنزل .

طارق علاقته بوالديه سطحية، وذلك نوع من العقاب لا يستطيع تحمله على الإطلاق، جميع من في، المنزل يعاقبه .. والديه وشقيقته حتى زوجته ولا يجد من يحكي له ويشكي همه، فما أن وجدتها سارة ثغرة مناسبة لتستطع التقرب منه وبالفعل نجحت في ذلك، معظم الوقت يكون معها وتقرب إليها أكثر وكان إيهاب يرى ذلك ويرى اهماله لسلمى يزيد مع الوقت، فقد تجنبها تمامًا وهي تشعر بذلك .. فقد انوعجت من هذا الوضع، كرامتها وكبرياءها لا يسمحون لها بالبقاء في هذا الوضع مطولًا، الزوجة العاذبة التي لا هي متزوجة ولا هي حرة ولم يحاكيها بشأن وضعهم وقد سأمت من ذلك، على الرغم من تركيزها الشديد في دراستها إلا أنها نفسيًا متعبة من هذا الوضع .

في هذا الحين حاول عاصم أن يقوم بدوره هو الآخر ويتقرب لسلمى، يأخذ خطوة جدية بعدما اتيحت سارة له الفرصة لذلك، في يوم أنتظر سلمى عند خروجها من الكلية وكانت وحيدة، اندهشت كثيرًا عند رؤيته وقررت تجاهله، كادت أن تستقل سيارتها فأوقفها قائلًا:

– ازيك يا سلمى؟ لسة فكراني؟

ردت بوجه خالي من المشاعر وباستنكار:

– كويسة .. هو أنا أقدر أنسى الأيام السودة اللي عشتها معاك .. خير يا عاصم عايز إيه؟

ابتسم بسخرية وقال:

– ياااااه ده أنتِ قلبك أسود أوي

ابتسمت ساخرة و أردفت وهي تعقد ذراعها:

– عمري ما كان قلبي أسود وإلا كنت وديتك في داهية من ساعة ما خنتني .. اللي عملته فيا خلاني مش عارفة افتكرلك حاجة عدلة

زفر بضيق ثم قال بنفاذ صبر:

– يا سلمى ليه مش عايزة تفهمي أنها نزوة وعدت .. أنا لسة بحبك وعايزك

حاول إمساك يداها إلا أنها بعدتها سريعًا وهي تصيح به بغضب:

– أنت اتجننت يا عاصم .. أنا واحدة متجوزة فووووووق .. فاهم يعني إيه متجوزة

ضحك عاصم ساخرًا ثم قال:

– مش المفروض شرط الصفقة يتنفذ تطلقوا؟! .. أنتِ بتسمي حياتك اللي أنتِ عايشاها جواز .. فين جوزك اللي بتتكلمي عنه وعملاله حساب .. داير مع خطيبته .. حبيبة القلب اللي اسمها سارة وسايبك زي البيت الوقف لا أنتِ متجوزة ولا سنجل

الدماء غلت في عروقها، شعرت بالضيق والغيرة على الرغم أنها تعرف بكل تأكيد من علاقته بسارة لازالت مستمرة يفعل ما يشاء إلا أن تسمع من الغريب فهذا يجرحها بشدة .. وكيف له أن يتحدث معها بهذا الشأن، نظرت له بغضب لتقول:

– ده أنت بتراقبني بقى وعارف كل أخباري! .. خليك في حالك يا عاصم وحل عن سمايا .. طارق ولا غيره يفرق معايا يعمل اللي هو عايزه

ضحك ساخرًا كي يثير استفزازها أكثر:

– بكرة أشوفك لما يتجوزها وكده كده هيسييك ومش هتلاقي غيري في الآخر

نظرت له بتحدي وحنق في نبرة حادة والدموع بدأت أن تتفاعل في عيناها:

– أنت لو آخر راجل في الدنيا أنا مش ممكن ارجعلك يا عاصم

تركته واستقلت سيارتها ورحلت على الفور، ليضحك هو بإنتصار .. لم تستطع كبح دموعها ولا انفعالاتها أكثر من ذلك، فقد تحملت الكثير ولن تستطع تحمل أكثر من ذلك بعد الآن، يكفي هذا .. ومن شدة غضبها ضربت الموقد عدة ضربات مبرحة بكل غل وغضب في داخلها لتنهار من البكاء وهي لا تصدق جرح قلبها بهذا الشكل، لذلك قررت أن تنهي هذه المهزلة اليوم قبل أي شيء .

*********************

عادت إلى المنزل واستقبلتها تهاني بحب، جلست معها قليلًا وهي تلاحظ تغيرها اليوم، وعندما سألتها عن السبب أنكرت بكل تأكيد واعتذرت بضغط المحاضرات والدراسة في هذه الفترة، ولكن تهاني تعرف بأن هذا ليس السبب على كل حال، فقررت تركها إلى أن تستريح أولًا وتفهم منها ما يحزنها إلى هذه الدرجة .

صعدت إلى غرفتها، بدلت ملابسها على الفور ودخلت لتغتسل سريعًا ثم صلت فرضها وجلست على الفراش تفكر وهي في إنتظار عودة طارق ..

وبالفعل عاد طارق مع والده في الثانية ظهرًا في موعد الغداء، صعد طارق ليجد سلمى جالسة على الفراش بإنتظاره في وضع الإستعداد .

اندهش من وضعها لأنه ليس بعادة أن تنتظره بهذا الشكل منذ زواجهم، كانت عيناها تذهب معه أينما وجد في الغرفة، ككاميرا المراقبة إلى أن شعر بالريبة من تصرفاتها، وقف مكانه قبل أن يشرع في دخول الحمام:

– مالك في إيه؟

ردت سلمى بجدية وحزم:

– عايزة أتكلم معاك شوية

تركها و رد وهو يتجه إلى الحمام:

– هاخد شاور في السريع و …

قاطعته ووقف على صوتها الصائح بلهجة آمرة:

– مش قبل ما تسمع اللي عايزة أقوله يا طارق

تنهد بضيق ليقترب منها وهي عاقدة ذراعها وتنظر له في تحدي:

– محبكتش في الكام دقيقة دول يا سلمى .. أنتِ عايزة تتخانقي وخلاص!!

لتصيح سلمى بانفعال شديد وبدأ صوتها في العلو:

– ايوة يا طارق أنا عايزة اتخانق .. أتكلم معايا زي ما بكلمك

زفر بشدة وحاول أن يتمالك أعصابه ليقول بنفاذ صبر:

– أستغفر الله العظيم .. في إيه يا سلمى ؟ .. اديني سمعك أهو اللي حصل لكل الهوجة دي

نظرت في عيناه وقالت بجدية:

– أخرة اللي احنا فيه ده إيه .. مش خلاص شرط الزفت اتنفذ وكله تمام .. أنا وأنت مكملين ليه مع بعض؟

لا يعرف الإجابة المحددة لهذا السؤال، يمكن بسبب أنه تفاجيء بالفعل من اقتراحه؟ لا يعرف .. فشعر بضربات قلبه تتزايد ببطئ شديد وهو يرد بهدوء:

– مش فاهم تقصدي إيه

جن جنونها على الرد الذي أثار استفزازها وأشعل غضبها أكثر وأكثر، لترد منفعله:

– هو إيه اللي مش مفهوم بالظبط هي كميا؟! .. أنت فاهم قصدي كويس أوي .. إيه أخرة اللي احنا فيه ده ها … عايزة إجابة على سؤالي دلوقتي حالًا

قلبه دق في عنف، لأول مرة يراها في هذه الحالة، كأن في داخلها بركان لا تخمد إلا بتنفيذ مبغاها، لا يعرف لماذا يتهرب من الجواب، ابتلع غصته ليقول بصوت يكاد تسمعه:

– عايزة نطلق؟

ردت سلمى بسخرية:

– عليك نوووور …ما أنت حلو وبتفهم أهو .. أيوة أنا عايزة أطلق .. أظن ده كفاية أوي الفترة اللي عشناها سوا .. تلات شهور زي الفل

رد وشعر بالسوء فجأة من داخله:

– ليه؟

استشاطت غضبًا لتقول:

– هو اللي ليه؟ إيه الأنانية اللي أنت فيها دي .. أعيش حياتي زي ما سيادتك عايشها ويا خطيبتك .. هفضل متذنبة كده لحد أمتى تقدر تقولي ولا مني متجوزة ولا غيره وأنت ولا هنا .. رابطني جنبك ليه

اندهش من معرفتها بإستمرار علاقته بسارة، ولكن كيف لها أن تعرف؟ ليس من المفترض مراقبتهم كما كانت تظن الأخيرة، ولكن من أين أتت بأنه على رؤيتها، والحيرة الأكبر الذي وقع بها هو عدم مقدرته على الرد لا يعرف لما، فكر لثوانِ وهي عاقدة ذراعها تنتظر الرد بفارغ الصبر، إلا بعدما قطع الصمت ليقول بتردد:

– هطلقك بس مش دلوقتي

الكلمة على الرغم من توقع نتيجة علاقتهما، ولكن أن تسمعها منه كأنه أمسك بسكين وغرسها في قلبها، تماسكت وقالت بجدية:

ليه بقى أن شاء الله .. إيه المانع

زفر وجلس على الفراش، يبدو عليه الحزن والكرب، سند ذراعه على ساقه و رد وهو نظره في الأرض بصدق:

– أنت عارفة أن علاقتي بأهلي مش اللي هي .. من اهتمام وحب لتجاهل ومعاملة باردة .. حتى أختي كله ده راح في ثانية وبقيت لوحدي مليش حد اروحله واترمي في حضنه واشكيله .. ضاع مني كل حاجة كأني في كابوس ولسة مفوقتش منه

تأثرت سلمى كثيرًا بحديثه وشعرت بصدق وجدية كلامه، ولكن اصطنعت عدم الإهتمام واللامبالاه وقالت في حنق مصطنع:

– وأنا مالي أنا بكل ده مش فاهمة عايز توصل لإيه

نهض ووقف أمامها وقال بجدية وضيق:

– أهلي بيحبوكِ جدًا .. ساعديني أرجع علاقتي بيهم زي الأول وكل ده حصل بسبب الصفقة الملعونة دي

حاولت أن لا تتعاطف معه وقالت لحزم:

– ده مكنش اتفاقنا من الأول

زفر بشدة وقال:

– اعتبريها يا ستي صفقة جديدة … ماهو مش هينفع اطلقك والدنيا مدربكة فوق دماغي وهتتنيل أكتر لو نفذت اللي في دماغك .. ها قولتي ايه؟ .. وبعدين أنتِ السبب في كل ده

صاحت به سلمة في حنق:

– مشاكلك مع أهلك تحلها بعيد عني .. أنا مش شماعة تعلق عليها أخطائك عشان تقولي أنتِ السبب .. هو أنا كنت قلت للشركة دي والنبي تعالي حطيلنا خازوق!!

زفر بشدة ووضع كلتا يداه على خصره وهو يقول:

– طيب وإيه العمل بقى؟

ردت سلمى بنفس النبرة:

– الحل في أيدك … كل واحد منا يروح لطريقه ومشاكلك مع أهلك حلها بعدين .. ماهو مش هتفضل رابطني زي الساقية .. عايزة أشوف حياتي يا اخي

قال بغيرة خفية ولكن بنبرة ساخرة:

– إيه ناوية تتجوزي !!

على الرغم إنه آخر شيء يمكن أن تفكر به رغم كل ما مرت به، ولكن أجابت كي تثير غضبه واستفزازه:

– اه وليه لأ .. أنا لسة صغيرة وجميلة وألف مين يتمناني ..

زادت غيرته أكثر وقال بتذمر:

– عاصم مش كده؟

ابتسمت في خبث، لقد نجحت خطتها بالفعل، حان الوقت كي تقول المزيد:

– مع أنه آخر راجل ممكن أفكر فيه ولكن ليه لأ .. ده حتى قابلني النهارده عشان يرجعلي ومستني بس نطلق

جن جنونه وثارت غيرته لقدر غير محتمل وهو يسمع منها هذا الحديث، كيف لها أن تفكر به بعدما ما فعله معها وتجرأ أن تقول ذلك في وجهه؟ .. هذا مستحيل، جذبها كن ذراعها بشده وعيناه تطلق شرار وهو ينظر لعيناها الصارمة وصاح بها وهو يضغط على أسنانه بشدة:

– ده على جثتي يا سلمى ترجعي للحيوان ده تاني أن شالله يكون التمن إني عمري ما هطلقك أبدًا .. أنتِ فاهمة !!

تركها وخرج على الفور بعدما ارطدم الباب بشدة، لتبتسم سلمى وفرحة غريبة دبت في قلبها، ولكن اقتربت أن تصل لمبغاها .

**********************

نزل طارق وهو ينوي قتل أحدهم من شدة ثورته، قابل والداه ينظران له بقلق ولا يعرفان ما الذي حدث بينهم يستدعي لكل هذا الغضب .

منذ ثلاثة أشهر ولم يسمعا لهم أي صوت على الإطلاق، صامتان يعيشان معًا في هدوء قاتل، وفجأة دون أي مقدمات يسمعان صياحهما وعلو صوتهما الذي يوحي بنشب مشكلة ما بينهم، كادت أن تصعد تهاني لترى ما يحدث ولكن محمود منعها من فعل ذلك، معللًا بذلك تركهم وشأنهم في حل خلافاتهم بأنفسهم، لا دخل لهم بشئون رجل وزوجته طالما لم يطلب أي منهما بتدخلهم .. اقتنعت تهاني ووافقته الرأي بشدة .

بعد قليل عادت نور هي الأخرى من الكلية تبحث عن والديها، لتجدهم جالسان في الحديقة ويبدو عليهم الحزن .. أقبلت عليهم في قلق وجلست بجوار تهاني:

– في إيه مالكوا اللي حصل؟

ردت تهاني بحزن:

– اخوكِ ومراته من ساعة ما جم وهما بيتخانقوا فوق .. لسة نازل من حبة وهو على كف عفريت

اعتدلت نور بلهفة وهي تصيح بقلق:

– اللي حصل يا ماما في إيه؟

تنهدت تهاني بحيرة:

– والله ماعرف يا بنتي .. أول مرة يتخانقوا مع بعض بالشكل ده وصوتهم أد كده

– هطلع أشوف اللي حصل

أنهت هذه الجملة وهي تكاد أن تنهض، ولكن اوقفها محمود بصرامة:

– لا يا نور خليكِ .. سيبيهم يتفاهموا مع نفسهم .. أنتِ مرجعتيش مع سلمى ليه؟

ردت بارهاق شديد يبدو عليها:

– خلصنا محاضرات وأنا كان عندي سيكشن النهارده .. أنا نون وهي سين .. تقريبًا هي في مجموعة بعد بكرة … اتغديتوا ولا لسة؟

ابتسمت تهاني وقالت:

– كنا مستنينك نتغدا سوا .. اطلعي غيري بدل ما تريحي أكتر من كده وتكسلي ومتنسيش تصلي الضهر يا نور بدل ما العصر يدخل عليكِ .. وهاتي سلمى وأنتِ نازلة

*********************

بدلت ملابسها وصلت فرضها، قرعت باب غرفة سلمى وطارق لتفتح لها الباب بوجه خالي من المشاعر، تعرف إنها مازالت غاضبة من أخيها ولكن لا تريد الضغط عليها وفي ذات الوقت تريد أن تهون عليها وتشد بوزرها كصديقتها المقربة وليس كزوجة اخيها، فحاوطت رقبتها بذراعها بمزح:

– طالما ضاربة بوز كده متقوليش أنكوا اتخانقتوا

تنهدت بسأم وقالت:

– ولا خناقة ولا حاجة مجرد مناقشة

أدركت نور بانها لا تريد الحكي فأكملت بنفس النبرة:

– طيب يلا يا ستي عشان الغدا .. عارفة جوعناكِ عقبال ماجي

ابتسمت سلمى وقالت؟

– لا خالص .. كلوا أنتوا أنا مليش نفس

ضحك نور وقالت بمزح:

– لا معلش الكلام ده تقوليه لحماتك .. يلا ياختي ألا أنا مش قادرة وعلى أخرى

ابتسمت سلمى، فنور بطريقتها تهون عليها الفترة التي تعيشها في كنف طارق، لن تنكر بأنها تشعر بالراحة والدفء وسط عائلته ورفضت الإنتقال إلى متزلهم الخاص، حيث لا تكن بصحة طارق وبوجوده بمفردها، هكذا أفضل بكثير لانها كانت تعتبر فترة مرقتة ويتم الإنفصال بينهم .

جلسوا جميعًا يتناولون الطعام وتحكي كل من نور وسلمى ما حدث في يومهم من محاضرات وما يتعلق بدراستهم، بينما تتجاهل سلمى طارق ولم يتحدث محمود وتهاني بخصوص الخلاف الذي نشب بينهم منذ قليل طالما لم يتحدث اي منهم .

انتقلوا معًا بعد ذلك إلى الحديقة يحتاسون الشاي في جو عائلي مرح، تناست فيه سلمى قليلًا ما يحزنها، يندهش طارق من ضحكاتها ومرحها معهم وعندما يُغلق عليهم باب الغرفة تكون على العكس تمامًا، هذا الجانب المشرق الذي كان يتمنى أن يراه منها .

بعد قليل بحث عنها طارق ولم يجدها، بعدما انشغل بمكالمة مع إيهاب، فكر في نور لعل يجدها بغرفتها وكانت فكرة سديدة بالفعل .. تجلس نور بصحبة سلمى على الفراش وامامهم اوراق ولوحات وألوان، يبدوا انهن في حالة من التركيز والمذاكرة الجيدة، تركهم وذهب هو لمقابلة إيهاب .

بمجرد أن أغلق الباب تنهدت سلمى براحة وألتفت لنور وقالت:

– عاصم جالي الكلية النهارده يا نور

تركت نور الفرشاة من يداها وهي تنظر لها ببلاهة:

– وكان عايز منك إيه ده إن شاء الله

زفرت سلمى بشدة وشعرت بالضيق مجددًا عندما تذكرت حديثه:

– قال إيه عايز يرجعلي بسلامته .. طلع عارف كل أخباري كأنه ممشي ورايا حد .. عرف منين علاقتي بطارق وباللي بيعمله … تفتكري صلاح ؟

قطبت حاجبها بتفكير:

– مين ده كمان؟

ردت سلمى بعقل منشغل:

– ده دراعه اليمين في كل حاجة .. من ساعة ما اتخطبنا وكل ما اروحله الشركة عشان في أوراق محتاجة فيها أمضته ألاقيه هناك .. بس لا مش معقول

بعد تفكير هي الأخرى ولم تصل إلى إجابة:

– طيب وأنتِ ناوية على إيه

ابتسمت سلمى وقالت وهي تكمل عملها :

– في أقرب حيطة ويخبط دماغه فيها .. قال أرجعله قال ده بيحلم.. بقولك إيه احنا بقالنا أربع ساعات بنشتغل أنا جبت أخرى ما تيجي نغير جو كده ونفك

ضحكت نور بشدة وصفقت بمرح شديد، لا تصدق ما تسمع:

– يا لوما يا جامد .. من أمتى الكلام ده يا بنتي ده أنا بتحايل عليك من زمان تغيري جو من قرف الكلية وملل البيت وأنتِ مفيش في دماغك إلا المذاكرة

ابتسمت سلمى وأردفت بدلال:

– الله يا نور دي آخر سنة وعايزة أنجح يا ستي .. مش هيبقى جواز وتعليم رايحين في داهية أهو يعني عشان نقدر نكمل الإمتحانات على الابواب .. العملي كمان أسبوعين وإحنا لسة مخلصناش مشروع التخرج اللي مش عايز يخلص ده .. سيبي اللوحة يا فالحة وركزي في المشروع شوية

نور تذمرت بطفولة وعقدت ذراعها:

– الله ما أنا من ساعة ما قعدنا وأنا شغالة فيه .. حد لطشني في عقلي وخلاني أدرس ديكور .. بس بصراحة عندك حق أنا كمان نفسي أغير جو .. بصي نخلص شوية في المشروع وبعدين نلبس ونروح أي حتة

صفقت سلمى بحماس طفولي:

– قشطة جدًا

عادت كل منها إلى عملها، تركت نور اللوحة جانبًا وبدأت بالتركيز في مشروع تخرجها في حماس وهمّة .. كأنهن أطفال صغار فرحين بنزهة كبيرة كمكافئة من والديهم على إنجاز فروضهم المدرسية، حقًا هن يحتاجن لمثل هذه النزهة .

*********************

زرقة المياة منعكسة مع لون السماء في درجات متباينة من ألونه الزاهية، ليأتي بصيص خفيف من الشفق، كأنها قطعة من البسكويت تغرق في كوب من اللبن الصافي .. بأمواجه الرقيقة على السطح يشرد طارق منذ صعوده على متن هذا القارب الذي على وشك التحرك بعد عدة دقائق على الأقل، شاردًا في تلك المياة أشبه بالتنوميم المغناطيسي كلما يجلس أمامه يتذكر ويعيد ترتيب أولوياته، في هذا المكان ااذي كلما ضاق به الحال يذهب إليه .

لا يزال طلب سلمى يشغل خاطره، كأنه لم يكن توقع أن تأتي في يوم وتقوم هي بطلبه، لم يتوقع أن يأتي اليوم ويتركها تمضي في حياتها كما تريد بدونها، لا يعرف لماذا شعر بالإحباط من ذلك، تعود على وجودها في حياته، ينظر في وجهها الطفولي كل صباح ويسمع صوتها عندما يوجه لها أي كلمة ولو كانت بسيطة وتقوم بالرد عليه ولو ببرود كعادتها ولامبالاه … أيمكن أن يُحرم من هذه الأشياء البسيطة ولن يراها مرة أخرى؟ ولو مجرد تفكير فقط في طلبها والنتائج المترتبة على عدم وجودها إذا طاع ما تبغاه .

اقترب منه إيهاب الذي كان يستمتع بأجواء الموسيقى والصخب من حوله، ليربت على منكبه في شيء من المرح:

– إيه يا برو من ساعة ما جينا ومتحركتش من مكانك .. مع إني مكنتش حابب المكان

رفع طارق حاجبه باستنكار:

– ده على أساس إنك من ساعة ما جيت مهمدتش في حتة مش كده!!

تغيرت تعبيرات وجهه الى الضيق عندما تذكر اول مرة اتى الى هنا بصخبة سارة ونظرة صديقه بها، ليعود لما كان ولكن بمرح مصطنع:

– عجبني الجو .. لانش كده وسط البحر والهوا تحفة والموسيقى ترقص لوحدها .. وأنت قاعدلي كده

ضحك وقال بهدوء:

– طالما انت مبسوط حل عن دماغي .. انا حابب القاعدة هنا

تنهد إيهاب وهو يتمعن المكان حوله، تغيرت ملامح وجهه للمرة الثانية تجهم عندما رأى سارة تقترب نحوهم، فربت على منكبه وقال بشيء من الجدية:

– طيب قابل يا عم .. سارة هنا

**********************

تسند رأسها على شباك السيارة وهي تشرد في السيارات المجاورة والاناس المترجلة في الشوارع في ملل كبير، أثارت ثم نظرت في ساعة يدها وألتفت إليها وهي تقطع الصمت بكدر:

– ما ترسي في مكان بقى يا بنتي .. بقالنا ساعة عمالين نلف بالعربية من غير أي هدف وعمالة تقولي هظبطك وهبطبطك ولا شوفت ده ولا ده

ردت نور وهي تقود السيارة بيد والأخرى ممسكة بهاتفها تتجول في إحدى مواقع التواصل الإجتماعي وتحاول الكتابة:

– استنى بس بدور في الجروبات أماكن جديدة نروحها بدل قاعدة الكافيهات والنوادي اللي الواحد زهق منها .. بصي بيقولوا في مكان حلو أوي في بحري في يخوت وكده يلف لفة في البحر حسب العدد يعني ومزيكا وحاجة آخر دلع .. واحد كده عامل الموضوع ده بس شكله جامد جدًا .. ها إيه رأيك نروح

كادت أن ترد إلا أن سمعت صوت نغمة الرسائل، فتحتها لتجد الرسالة من رقم مجهول، اندهشت وقامت بقراءتها بفضول “جوزك مع واحدة في مركب على وسط البحر وحاجة آخر ضحك ودلع .. لو مش مصدقاني أطلعي بحري وأنتِ هتشوفي بنفسك”

شعرت بقشعريرة كبيرة تسري في جسدها ورعشة باردة جعلتها تتخشب وهي تقرأ الرسالة في صدمة وقلبها يدق بعنف شديد، تعرف بدلًا من المرة ألف مرة بأنه يكون بصحبتها ولكن من له مصلحة ليرسل لها رسالة كهذه، شخص يعرف طارق جيدًا ويراقبه ويعرف علاقتها به إلى أي مدى قد وصلت، وسبق وأن تحدث إليها بشأنها، هل يمكن أن يكون هو من أرسل إليها تلك الرسالة من رقم مجهول كي يفتعل مشكلة بينهم، لا .. عقلها أصبح مشتت ولا تعرف إن كان هو أم لا، فكل الأدلة والبراهين تنطبق عليه لا محال في ذلك .. ولكن يجب أن تتأكد من المرسل بنفسها، ولن تفتعل مشكلة معه إلا بعد أن تتأكد من ظنونها .

اندهشت نور من الصمت الذي طال بينهم، فلم تجيب على حديثها ولم تنطق ببنت كلمة حتى، قطبت حاجبها ونظرت إليها قائلة:

– إيه يا بنتي بكلمك .. إيه رأيك

نظرت لها سلمى بوجه خالي من المشاعر، كأن الدماء هربت منه لتقول باهتمام:

– سوري يا نور سرحت شوية .. قولتي المكان ده فين؟

ردت نور وهي تقود دون أن تنظر إليها:

– في بحري يا قلبي .. ها إيه رأيك ندوس؟

نفس مكان وجهتهم، هل تلك صدفة أم قدر محتم أم موقف مدبر ؟ .. لا لا تريد رؤيته بصحبتها، فصاحت بنور بغضب دون أن تشعر:

– لأ يا نور مش عايزة

تعجبت من رد فعلها لتقول بعدم فهم:

– في إيه يا بنتي .. تعالي نشوف الجو أهو تغيير عشان خاطري

أدركت أنها انفعلت دون أن تشعر ونور ليس لها أي ذنب بأن تطلق عليها غضبها، فلان صوتها وقالت برفق:

– سوري .. بس أنا مش مرتاحة يا نور للمكان ده .. خلينا نروح أي مكان وخلاص على البحر مش لازم يخت … ما احنا خربناها قبل كده في شرم ومطروح لما كانت ماما عايشة فاكرة ؟

ربتت نور على صدرها بطفولة وهي تحايلها:

– عشان خاطري يا لوما نفسي أجرب هنا في إسكندرية هتكون عاملة ازاي

تنهدت بشدة وحيرة، تخشى رؤيته معها ولا تريد كسر خاطر صديقتها، فأضطرت إلى الرضوخ لطلبها:

– ماشي يا ستي أمري لله .. مش هزعلك بينا على بحري

ضحك نور بحماس وقالت:

– ايوة بقى … متحرمش منك يا قلبي

عادت لنفس الوضع وهي تفكر أكثر من قبل، فزاد قلقها وهي تدعو الله أن يخفي عنها رؤيته .

********************

ألتفت طارق ليراها تقترب نحوه باسمة، وطبعت قُبلة على وجنته وجلست بجواره وهي تقول بدلال:

– وحشتني أوي يا حبيبي

تفاجئ إيهاب وشعر بالضيق ثم قال:

– طيب هسيبكوا انا بقى

بلا مبالاه أردفت:

– ماشي يا ايهاب براحتك

ابتسم طارق وقال وهو ممسك بيداها:

– وأنت كمان وحشتيني أوي ..

كاد أن يتحدث قاطعته قائلة:

– مقولتش ليه إنك جاي كنا جينا سوا

رد طارق بهدوء وهو يراقب رد فعل تعبيرات وجهها:

– ده كان اقتراح إيهاب .. عجبه المكان من آخر مرة جاه معاكِ فيها

ظهر التوتر على وجهها وحاولت أن تتكلم بثبات:

– هو قالك إيه بالظبط

وضعت خصلات شعرها خلف أُذنها وهي منتظرة رده ليقول بنفس الهدوء:

– عادي يعني يا سارة مش حوار .. كلام من شهور عدت .. فكك يا حبيبتي

دب الشك قلبها وبدأ ينبض بعنف وقررت تغيير مرسى الحوار بأي شيء آخر، كانت تخشى بأن عرف ما كانت تنوي فعله من خطة للتفرقة بينه وبين زوجته، يجب أن تجد مخرج للكارثة التي حلت عليها وها قد وجدت المخرج في الوقت المناسب .

فلمست كفها وجهه بدلال بالغ:

– هو احنا مش هنتجوز بقى يا بيبي

*******************

وصلت سلمى ونور إلى مكان اليخت الذي مازال على مرساه، وكان الجو بديع وهو يقترب على وقت الغروب، أتكأت بذراعها على السور وهي تبحث بعيناها عنه وقلبها ينبض بشدة رهيبة، أرادت أن يكون المرسل كاذب وأنه ليس على متن هذا اليخت .

حاولت أن تزيل هذه الرسالة الموترة من عقلها وتستمتع بهذا الجو البديع والمنظر الخلاب، بينما نور تنظر للبحر وتتمايل مع أنغام الموسيقى بمنكبها وهي ثابتة في مكانها .. تلفتت بنظرها مجددًا لتكمل البحث لعلها تستريح من هذا القلق لتجده يقف بالقرب منها وتلك المسمى خطيبته في وضع غير لائق بمكان عام ومفتوح بهذا الشكل، نظرت لها باستحقار وشفقة على ما تفعل وهو مستجاب، حزنت ودبت الغيرة في قلبها لرؤية زوجها مع أخرى ولا تعرف لماذا تشعر بذلك وهي لا تكن له مشاعر، لا تعرف سبب ألمها لمجرد رؤيته .. أدمعت عيناها وأبت بالنزول، فبعد هذا الموقف أدركت أنها حقًا لا تعني له أي شيء، وجودها في حياته مثل عدمه، فكل فرصة تعطيها له تؤكد بأنها مضعية الوقت ليس إلا .. تأكدت أن قرارها هذا سليم ولا تراجع فيه حتى تحفظ كبرياءها وكرامتها .

يا له من يوم أعتقد بأنه لن يمر بسلام على الإطلاق، أنها حقًا لكارثة وقنبلة الهيروشيما سوف تنفجر فوق رأسه الآن قبل أي شيء، لقد رآها على متن هذا اليخت ولا يعرف إن كانت قد رأته أم لا، على كل حال يجب أن ينبه قبل أن تحل بكارثة .

أشار له فلا يستجيب، تناول هاتفه وحاول الإتصال به ولكنه كان ينهي المكالمة عدة مرات وهي في غيظ شديد من تصرفه هذا، ليس بوقت مناسب وما العمل اذا؟! .

وجدتها نور ساهمة لا تتحرك، فقط عيناها تلمع وتتمعن في شيئًا ما أمامها، نظرت هي الأخرى لتصدم بالواقع، لترى اخيها مع هذه وهي تقترب منه بهذه الحميمية دون خشى أو حياء حتى، لا تصدق ما تراه وكانت تخشى من رد فعل سلمى لأنها كما يقول أتقي شر الحليم إذا غضب، ولكنها انحرفت قليلًا عن هذه المقولة في الفترة الأخيرة، ومن يدري أن تعود إليها مرة أخرى لعدما رأت ما رأته لتوها .

وضعت كفها على منكبها برفق، تريد أن يرحلوا من هنا في أسرع وقت فقالت:

– سلمى ..

قاطعتها سلمى بمنتهى البرود واللامبالاه قائلة:

– عرفتي ليه لما قولتلك إني مش مستريحة للمكان هنا ؟!

اندهشت نور ونظرت لها بتوتر ونبرة حزن:

– أنتِ كنتِ عارفة مش كده؟

أومأت سلمى برأسها دون النظر إليها، فقط عيناها منصبة عليهم في وجع .. وبدون أي كلمة وجدتها تتحرك إليهم واتبعتها نور وقلبها يدق بكل عنف وقلق من رد فعلها وهي تشعر بألمها .

ذهب إيهاب خلفهم فلن يستطع إيقاف سلمى في هذا الوقت وأدرك إنها حلت الكارثة .

********************

اتسعت عيناه دهشة مما سمع، فلم يتوقع بأنها هي سوف من يبدأ في فتح هذا الموضوع بينهم، على الرغم من فتحه في بداية الأمر وكانت مترددة بشأن خطبتهما ولكن ماذا حدث ولما هي متسرعة في قرار زواجهم، فرد بتلقائية:

– غريبة اللي جاب الموضوع ده في دماغك دلوقتي .. أنتِ كنت لما بجيبلك سيرته بتغيري الموضوع

رن هاتفه للمرة الرابعة وأنهت الإتصال وهي تنظر بطرف عيناها قائلة “ده أنت رزل يا إيهاب”

فأقتربت وتلاصقت جسدها بجسده وقالت وهي تهمس في أذنيه:

– أبدًا يا حبيبي كل الحكاية إني حسيت إننا بنضيع وقت في الخطوبة دي .. واحنا عارفين بعض بقالنا سنين يبقى إيه لازمتها نطول فيها كده

تعجب طارق من أمرها، نعم يريد الزواج بها وكان يقدم على هذه الخطوة ولكن الوقت غير مناسب من حيث علاقته بسلمى وبوالديه ليست مستقرة حتى الآن، فقال بتفكير:

– أنتِ عندك حق بس شايفة الظروف اللي احنا فيها .. ورد فعل أهلي لو عرفوا إننا خلاص هنتجوز .. أنتِ عارفة كويس يا سارة موقفهم منك آخر مرة ازاي .. ثم أطلق سلمى الأول وساعتها أكون فاضيلك تمامًا

مجرد أن سمعت أسمها انزعجت بشدة، تشعر بالغيرة الشديدة عندما يقدر لها اعتبارًا وحساب كبير، كأنه يخشى رد فعلها وحزنها، فعقدت ذراعها أمام صدرها في غضب وتذمر شديدين:

– هو كل ده وسيادتك لسة مطلقتهاش!! .. مستني إيه عايزة أفهم

زفر بشدة وقال بضيق:

– يا سارة يا حبيبتي .. سبق وقلتلط أن علاقتي بأهلي شبه بايظة أجي واطلقها في الوقت ده مش هينفع .. هيحصل قريب متقلقيش من ده .. ثم متحطهاش في دماغك دي بقت لا بتهش ولا بتنش .. خليني أشوف اتنيل أصلح علاقتك بأهلي ازاي

على الرغم أنها سوف تكون في حياته ولو بشكل مؤقت إلا إنها فرحة وسعيدة من نجاح ما تسعى إليه وقريبًا سوف تكون حرم طارق الابياري عاجلًا وليس آجلًا، ابتسمت بخبث وهي تقول بود:

– أنا مستعدة أصلح الوضع ده ولو عايزني أعتذرلهم على اللي حصل معنديش مشكلة خالص

أمسك يداها وقال بحب وهو لا يصدق تغيرها:

بجد يا سارة!! .. مش كنتِ معترضة إنك تتكلمي معاها وزعلتي من آخر مرة؟

وضعت يداها على وجهه بشكل حميمي وهي تقول بدلال وحب:

– طبعًا يا عيون سارة .. مستعدة أعمل أي حاجة عشان نفضل سوا .. ثم مش المفروض بردو حماتي تكون راضية عني ؟!

قبّل يداها وهو ينظر في عيناها:

– بحبك أوي بجد

في هذه اللحظة كانت سلمى ونور تقفان أمامهم، نظرت نور لاخيها بأذدراء واشمئزاز وخيبة أمل وهو يحاول أن يهرب من نظراتها عندما تفاجيء بوجودهن فجأة بدون أي مقدمات أمامه، تخشب أمامهن من المفاجاة ولا يعرف ماذا يقول أو ماذا يفعل، فقط صدمة رد فعلها فاقت كل شيء .

ليجدها باسمة وتبدو طبيعية تمامًا كأن شيئًا لم يحدث، فقط أقبلت عليه مردفة بهدوء:

– إيه الصدفة الجميلة دي .. مش كنت تقول وتاخدني معاك أنا ونور ..

لجم لسانه ولا يعرف ماذا يقول ولا يستوعب الذي يسمعه، نظر لسارة التي لم تتوقع أن يكون هذا رد فعلها على الإطلاق وقال بعدم استيعاب:

– أ أنتِ بتعملي إيه هنا ؟

ردت باسمة وبكل طبيعية:

– مفيش زهقنا من المذاكرة فنور اقترحت عليا إننا نخرج ونيجي هنا من باب التغيير .. فرصة سعيدة يا آنسة سارة .. مش سارة بردو!! .. انجوي

فتحت نور فاها من صدمة الكلام، أومأت سارة ولا تستطع التفوه بأي كلمة، لتتركهم سلمى وتذهب من حيث أتت .

عقله شُل ولا يستطيع التفكير ووزن الأمور، يشعر بأن هناك خطأً ما يحدث هذه ليست سلمى التي يعرفها، كأنها فتاة أخرى يتعرف عليها لأول مرة، مشاعر كثيرة متداخلة ليس لها تفسير من محل الموقف، ليقترب منه إيهاب وهو يمسح شعره بيده في حيرة وعدم تصديق ليثور به طارق بغضب:

– أنت يا بني آدم مقولتليش ليه إنها على اليخت .. أنا أول مرة أحس إني مشلول ومش عارف أتصرف يكفي هذا التصرف المتناقض، يفعل شيء ويقول عكسه ليصيح به بغضب:

– أنت هتستعبط يا طارق!! .. ايش حال ما كنت برن عليك أربع مرات وبتكنسل عليا

نظر لسارة بحنق وبيدها هاتفه، توترت وبررت فعلتها سريعًا وهي تتلعثم:

– شوفتها جاية علينا وقلت هتقطع خلوتنا وأنت يا حبيبي مش ناقص

نظروا إليها بغضب لينفعل عليها طارق:

– لا والله! تصدقي اقتنعت !! يعني كنتِ عارفة إنها موجودة .. تصدقي صح أنا مش ناقص وأنتِ حقيقي بتخافي عليا .. بجد مش مصدق إنك أنتِ اللي بتعملي فيا كده .. وقربك مني كده عن قصد عشان تشوفنا وتحصل مشكلة .. أحمدي ربنا إنها متهورتش وجابتك من شعرك

أصبحت في خانة اليك دون مفر، فحاولت الهروب من نظرتهم الغاضبة فبررت بتلعثم:

– يا حبيبي والله مقصودش حاجة أنا كنت ..

قاطعها إيهاب على الرغم إنه لم يكن يريد البوح بشيء، ولكن طالما عرف طارق إنها على قصد كن عدم أخباره فله الحق في معرفة كل ما هو فات:

– زي ما بالظبط كانت قاصدة إنها تجيلك الاوتيل الصبح

نظر لها طارق بصدمة ولا يعرف ماذا يقول، فقط من فرط عصبيته جذبها من ذراعها بشدة والنيران تنطلق من عيناه بكل غضب:

ليه يا سارة ليه .. أنتِ السبب في كل المصايب اللي حصلت دي؟ .. ومتقوليش عشان زفت بحبك .. اللي بيحب بجد مبيأذيش اللي بيحبه .. بيخاف عليه من كل حاجة بس واضح إنك ولا بتحبيني ولا بتخافي عليا

تركها ورحل تمامًا، غادر اليخت وخلفه إيهاب بعدما نظر لها بأزدراء من أخمص قدميها إلى أعلى رأسها، وقفت وهي خاسرة كل شيء ولا تعرف إن كانت هذه حقًا بالفعل النهاية أم لديها جولة أخرى يجب أن تفوز بها .

يقود بسرعة وهو في كامل غضبه وبجانبه يجلس إيهاب، الذي يخشى أن يتحدث معه وهو في هذا الوضع .. ليقطع هو الصمت بعدما شعر بأنه كان يصدقها وواثق من حبه لها هي من تسببت في كل هذا مع سلمى والخلاف الكبير الذي كاد أن يؤدي لانفصالهما أول يوم زواج، وكل ما تحمله للوصول إلى هذه اللحظة سيذهب سدى .

*********************

إلي هنا ينتهى الفصل الرابع والثلاثون من رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى