رواية اولاد حتاته الحلقه الرابعه 4 وفضل بعد السنين دي كلها “حتاتة”.. ولو هتسالني عن وصف هيئته!.. ف اللي سمعته عن حكايته بيقول إن أقرب وصف له.. إنه “الزرع الشيطاني”، النبتة السودة اللي خرجت من بطن الأرض، وفضلت ترمي بفروعها في كل حتة.. بس فروع اتسقت بشقا الخلق
بغصون لا تحمي من شمس، ولا تحمي من صواعق رعد اللي تطوله بتحرقه، نبتة طعمها مر حنضل لأي حد يفكر يدوقها.. “حتاتة” ماكنش عيل سهل، اشتغل في غرزة خضر، وفي خلال أيام قدر يطوي” خضر” في جيبه، حفظ كل حاجة عن شغل الغرزة، وفي الوقت اللي يسافر فيه خضر يشتري الايفون، كان “حتاتة” يقف مكانه ويسد عنه في طلبات الزباين لحد ما يرجع، ومع الوقت، السنين عدت والصغير كبر، وكمان الكبير كان شاخ وعجز، واقصد بالكبير هنا خضر.. خضر اللي رقد بالتعب والمرض، وبقى مكانه حتاتة اللي خد تجارته وماله، ماهو في كل الأحوال خضر ماكنش وراه عيل يورثه، فالوريث الوحيد لماله الحرام هو تلميذه، الواد اللي استحل الحرام زي معلمه واكتر، وبعد موت خضر.. الغرزة كبرت واتوضبت واتغير نشاطها، واول حاجة غيرها حتاتة هي دي.
سكت الشيخ “بشير” عن الكلام، وبص ناحية باب القهوة، بعد كده شاور ناحية يافطة كانت موجودة فوق مدخل الباب، كانت شبه اليافطة اللي مغطيها التراب بره، يافطة مكتوب عليها “قهوة حتاتة”.. بعد كده كمل الشيخ كلامه:
-غير اليافطة باسمه، ومع مرور الزمن اكتر، اتغيرت لإسم “ولاد حتاتة”.. بس لو تفتكر في بداية كلامي لما قولت لك إنه ماكنش عيل سهل، فتخيل بقى لما كبر وعدا العشرين عمل ايه؟!.. هقولك.. ومن غير ما توجع دماغك في أسئلة مالهاش اخر، هجاوبك انا.. “حتاتة” او المعلم حتاتة، تجارة الافيون دي بقت بالنسبة له، عبارة عن لعبة رمي البللي بالنسبة للعيال الصغيرة، حاجة كده يرميها عشان تدحرج وتقع في حجر عامل بيقبض كام مليم، ولا شاب لسه اهله بيصرفوا عليه، المهم عنده ينضف جيوبهم ويملى جيبه، أما بقى الجماعة الاغنياء، وشوية عساكر الاحتلال والخواجات، ف على قد فلوسهم الكتير، يطلع لهم الصنف الغالي.
قاطعته في الكلام:
-تقصد الاستروكس؟
عقد حواجبه باستغراب:
-استروكس ايه بس يابني؟!.. وانا اعرف منين الحاجات دي، انا اللي عرفته انه وسع تجارته في المخدرات بكل انواعها، أما اسمها ايه بقى، ف الله اعلم.. وارتباط حتاتة بالاغنيا، كان بالنسباله الحماية لشغله وتجارته، اصلهم غموا عنه عيون الحكومة، لحد ما بقى شبه السرطان اللي استوطن في المنطقة كلها.
-والناس يا شيخ بشير؟.. اهل المنطقة، سكتوا عنه وسابوه لحد ما وصل للمرحلة دي ازاي؟!
ضحك الشيخ وقالي:
-ناس مين يابني؟.. بعد ما نخلص كلامنا، ابقى اخرج ولف في حارات وشوارع المنطقة، ووانت بتتمشى بص في وشوش الخلق، بص في عيونهم ودقق كويس، وساعتها بس هتعرف بنفسك الإجابة عن سؤالك، المهم، اكملك.. استمر شغل حتاتة في تجارة المخدرات وسحب الفلوس من جيوب الخواجات والغلابة، لحد ما وصل للسن اللي فكر فيه انه لازم يكون له سند ووريث، ايامها اختفى كام يوم من المنطقة، وساب شغله في ايد صبيانه، الناس شمت نفسها الكام يوم اللي غابهم، لكن تعدي الايام و يرجع “حتاتة”، ومارجعش مش لوحده.. لا، ده اتجوز، وجاب في ايده اللي جابت للمنطقة كلها النكبات.. جاب مراته اللي خلف منها.. “ولاد حتاتة”.. وكانت بداية النكبات، “سالم” ابنه الكبير، وبعده “محروس، او زي ما كانوا بيندهوه” سامبو”، خلفهم حتاتة ومن وراهم خلف بناته.. البنات كانوا عنده زيادة عدد في ذريته وخلاص، أما الأساس، هم ولاده الرجالة” سالم، وسامبو”، هم العزوة وغطا الضهر لما يتعرى مع مرور الزمن، هم بالنسباله الفروع اللي خرجت من نبتة زرعته، الزرعة اللي هتضلل وتحمي المال والتجارة من بعده، وده اللي حصل.. عَلم حتاتة ولاده كل حاجة عن تجارة الصنف، وزي ما بنسمع، كل وقت وزمن وله أوانه، كبروا عياله وكملوا في نفس طريقه، بس زي ما هو عمل في السابق، هم عملوا في اللاحق، غيروا اسلوبهم ونشاطهم في البيع والشرا باللي يناسب أيامهم، عملوا في المنطقة إمبراطورية، زرعوا على ناصية كل شارع وحارة صبي من صبيانهم، وجنبه منه حاجة كده اخترعولها اسم، “دولاب مخدرات” واكيد انتوا عارفين يا شباب اليومين دول يعني ايه “الدولاب”.. ده اللي مليان أصناف وأنواع المخدرات، من برشام، لحقن، لبودرة، وأهل المنطقة عارفين العيال دي بشكلهم، بس كفاية انه ييجي في ذهنهم ان دول من صبيان “حتاتة وولاده”.. فالالسنة تتقطع وتخرس، والعيون والروس تتحط في الارض.. وعلى رأي المثل، “يا فرعون مين فرعنك؟.. قال مالقتش حد يلمني”.. ماهو اصل الخوف يابني والسكوت عنهم، أدا لرجالة ولاد حتاتة تقدير زايد ما يستحقهوش، خلاهم زادوا في طغيانهم وجبروتهم، ومش بس كده.. دول دفنوا حقوقهم وهي لسه فيها الروح عند الشرطة، اي ضبطية تيجي المنطقة، يستخبوا زي الفيران في جحورهم، ولو اتسألوا عن العيال دي، ما بيخرجش على لسانهم غير كلام محفوظ.. ” احنا ما نعرفش حاجة، ومالناش دعوة بحد”.. وده السبب اللي خلاني اقولك ابقى اخرج وبص في وشوش الناس وانت هتعرف..
وفضل الحال على ده الحال، والدايرة بتدور دايرتها، لحد ما وصلت عند “حتاتة” ووقفت شوية، وقفت عشان تنتهي قصته وتتقفل صفحته، ومن بعده تتفتح صفحات ذريته الفاسدة اللي سابها وراه، حتاتة خده الموت من غير ما يسيب دعوة في حقه من ذرية صالحة، ولا عبد فقير يفتكره بلقمه اكلهاله تسد جوعه، بالعكس.. ده ساب كل العمل الطالح اللي يخرب بيوت مايعمرهاش.. العمل الطالح اللي اتأصل في تربية “ولاد حتاتة” اللي كان شغلهم كار ابوهم، وبعد موت ابوهم اتجوزوا في البيت اللي انت ساكن فيه، الدور الأرضي القهوة، والأول شقة ابوهم اللي خدها ابنه الكبير “سالم”، والتاني شقة سامبو.. اما الشقق اللي فوق، ف واحده قعدت فيها امهم وأصغر بنت من بنات حتاتة، ودي مرات الحج “حودة صادق”.. ولا ايه يا حج حودة؟
انتبه “حودة” لكلام الشيخ ورد عليه وهو بيقطع في الكلام:
-ايوه يا شيخ انا معاك، أصغر بنات حتاتة تبقى “مراتي”، بس والله العظيم انا ماليا دعوة بتجارتهم ولا مالهم، والناس كلها تشهد بكده، دول حتى عدايلي اخر علاقتي بيهم كانت الامضة اللي على ورقة بيع البيت، وفي النهاية هم قرايب في بعض، والغريب بينهم مالوش مطرح، وانا غريب، مش منهم يا شيخ.
رفع الشيخ كف ايده، إشارة عشان يوقفه عن الكلام، بعد كده اتكلم هو وقال:
-مفيش داعي للحلفان يابني، انا واحد اتولدت واتربيت في الشارع، يعني عارف كل حاجة بتحصل وبتدور جواه، حتى حوار عدايلك وشغلهم مش موضوعنا، خلينا في الاهم دلوقتي.. اكمل انا ولا تكمل انت بالتفاصيل اللي عرفتها من مراتك؟
فكر حوده مع نفسه للحظات، وبعد تفكير، رفع كفوف ايده وفرك بيهم وشه وهو بياخذ نفسه وقال:
-هكمل انا كلامك يا شيخ بشير، ما هو أسرار البيوت ما يعرفش تفاصيلها غير اللي عاش بين جدرانها.. ودي كانت أول جملة قالتهالي مراتي لما حكت لي حكاية “ولاد حتاتة”.. اصلهم بعد جوازهم الرزق الحرام زاد، وزيادة الرزق اكتملت بالذرية والعيال، ” سالم” خلف ولدين.. “حامد”، و”حسن”.. وكان بينهم في العمر اكتر من ١٤ سنة، وده بسبب مرض مرات سالم وحملها العزيز.. وأخو سالم الصغير “سامبو” خلف ٣ ولاد “سالم اللي سماه على اسم اخوه، وعلاء، وهيما.. او ابراهيم”.. ده غير ولا حتاتة البنات اللي هم ٣ وأصغرهم “مراتي”.. المهم إن بعد ما كلهم اتجوزوا، مشيت الدنيا على حالها، وكملوا طريق ابوهم في أسلوب تربيته لولاده، مع اختلاف بسيط.. والاختلاف هو ان الشيطان، خد قلوب العيال دي مسكن ومأوى وعاش جواها.. لحد ما حصل اللي قلب موازين بيت حتاتة، وده لما اتفق سالم مع اخوه سامبو، على ميعاد استلام بضاعة وقاله:
-البضاعة اللي جاية تقيلة يا سامبو، ومطلوب منها كميات كبيرة، اتفق مع كام واحد من صبيانا اللي يفدوا برقبتهم، عشان يجهزوا نفسهم، بس من غير ما تتكلم معاهم عن معاد الاستلام، وفي الوقت المحدد تبلغهم.
هز “سامبو” راسه بالموافقة ونفذ اللي طلبه منه اخوه، وقبل استلام البضاعة بلغوا رجالتهم بميعاد ومكان الاستلام، وراح معاهم سالم اللي طلب من اخوه يستنى في القهوة، عشان مايلفتش الانظار، وكمان عشان ينتبه لكل حاجة بتحصل وقت استلام البضاعة.. وفي خلال الاستلام اتفاجأوا الرجالة بعربيات الشرطة اللي هاجمت المكان، التفكير وقف والرجل اتشلت، ما حدش منهم قدر يهرب، واتقبض على الموجودين وعلى راسهم “سالم”.. وفي خلال وقت بسيط خبر القبض على سالم وصل لسامبو، والدنيا اتقلبت في بيت حتاتة، في الوقت ده كان ابن “سالم” وصل لسن العشرين، جري على عمه عشان يلحق يتصرف، وساعتها عمه كان رده:
-ماتخافش ياض.. انا هجيبله اكبر محامي يدافع عنه ويخرجه منها زي الشعر من العجين.
بس اللي حصل غير كده خالص، صحيح عمل اللي قال عليه، بس التحقيقات كانت ضد سالم وخاصة بعد ما قاله الظابط:
-احنا مش عارفين نشكر الظروف السعيدة اللي جمعتنا، ولا نشكر المحترم اللي وصلك لحد هنا؟
استغرب وقتها سالم من كلام الظابط وسأله:
-مش فاهم كلامك يا باشا، هو حد وصلك عني حاجة لا سمح الله، انا صاغ سليم ومليش سوابق عندكم.
اتعصب الظابط من كلام سالم:
-بقى ليك ياابن “حتاتة”، وقضيتك متشفية بشهود وضبطية مخدرات تقعدك في الحبس باقي عمرك.
-بالراحة بس يا باشا، شهود ايه وبتاع ايه، لو في ضبطية.. فدي غلطة وماحدش كان يعرف عنها حاجة.
قام الظابط من على مكتبه وقعد قصاد سالم، ميل بجسمه ناحيته وكلمه بهمس:
-يا ريس انت جيت لحد عندنا بالطلب، ف ازاي بقى ماحدش يعرف عنها حاجة؟.. بس واضح ان اللي بلغ عنك بيحبك اوي، ده يا راجل قال لنا ميعاد التسليم بالدقيقة، والمكان بالتفصيل، ده كان ناقص يقولنا مقاس لا مؤاخذة جذمتك.
واستمر الظابط في أسلوب ضغط الأعصاب في التحقيق مع سالم، لحد ما رجع لورا وضرب كفوفه ببعضها وكمل كلامه:
-بس يا خسارة، كان نفسي يا ولاد حتاتة تشرفونا مع بعض.
قطع سالم كلامه وقاله بفزع:
-سامبو مالوش دخل يا باشا.
ابتسم الظابط بسخرية وقاله:
-شوف الكلام الحق بيخرج بدون اي معاناة، سامبو جه في الكلام من غير حتى ما اجيب سيرته.
-واحنا نجيب سيرته ليه بس؟.. ما هو فعلا مالوش دعوة بالحكاية دي كلها، البضاعة اللي حرزتوها تخصني لوحدي، واخويا سامبو ما يعرفش عنها أيتوها حاجة.
ضحك الظابط بصوت عالي، وقام وقف قصاد سالم:
-تصدق عجبتني، برغم انك تاجر مخدرات عُقر ومن زمان بندور وراك، من ايام المعلم حتاتة، بس مجدع وشيلت الليلة لوحدك وطلعت منها اخوك، بس وغلاوتك.. له يوم هو كمان.
واتحولت قضية سالم للنيابة اللي أمرت بحبسه، ومحاكمته ماخدتش وقت طويل واتحكم عليه بمؤبد، حاول المحامي يعمل نقض واستئناف للحكم، بس كانت النتيجة واحدة، الرفض.. والسبب عند القضاة واضح وضوح الشمس، القضية ماتستاهلش النقض، وزي ما بيقولوا دليل الجريمة هو الشاهد على المجرم، وإثبات قاطع لجريمته، ومفيش دليل أقوى من شحنة الهيروين اللي دخلت البلد على ايده، الشحنة اللي ثبتت على سالم التهمة وأكدت عليه حكم التأبيدة.. بعدها استسلم “سالم” لقضاه على أمل إنه سايب وراه مال هيتسند عليه ولاده، وأخ هيحميهم بعمره، ودي كانت وصيته لسامبو لما قاله في أول زيارة له بعد سجنه:
– انا شيلت عنك القضية وافديك برقبتي يا اخويا، بس ولادي يا سامبو، وصيتك ولادي “حامد وحسن”.
والرد الطبيعي لأي حد في مكانه كان كالأتي:
-هتوصيني على ولادي يا سالم؟.. ولادك زي ولادي واغلى يااخويا.. دول في عينيا.
بس الكلام مفيش أسهل ولا ارخص منه، خاصة لما الغالي يرخص قصاد زن شيطان الإنس.. وبعد ما اتسجن سالم بشهرين، قعدت مرات سامبو معاه وكانت حاضرة الحوار بينهم مراتي، قربت الست من سامبو وقالت له:
-نويت تعمل ايه مع “حامد” ابن اخوك؟
سؤالها كان غريب ومش مفهوم، وعشان كده رد عليها وسألها:
-مش فاهم.. تقصدي ايه؟
-ودي عاوزة فهم!.. اقصد هتسيبه كده عايش دور المعلم، ويفضل عامل راسه براسك في التجارة، انت لو سيبته مش بعيد ييجي اليوم ويركنك ع الرف.
-بطلي زن يا ولية، اعمل ايه يعني؟
ضيقت عينها ووجهت تركيزه في زاوية واحدة، لما قالت له:
-شوف انت المعلم الشاطر، لما يحب يخلع جدر من أرضه بيعمله ايه؟
سرح بتفكيره للحظات، بس قبل ما يرد عليها، ميلت عليه ولفت وشها ناحية مراتي، وبعدها رجعت بصت له:
-ما تفكرش كتير اقولك انا يعمله ايه، يكسره، يخلعه من جدوره عشان يدبل ويموت، ولا ليك تفكير تاني يا ابو العيال؟!
هز راسه من غير ما يرد عليها، وخد القرار.. القرار اللي تاني يوم نفذه لما بعت لأبن اخوه عشان يجيله الشقة، وفعلا.. خلال دقايق “حامد” كان قاعد مع عمه، وبدأ “سامبو” الكلام لما قال:
-بص يا ابن اخويا، خير في سلامة، وسلامة في خير، دلوقتي انت عديت العشرين، يعني كبرت بما فيه الكفاية وعودك نشف، وآن الآوان بقى انك تبني نفسك، اه اومال ايه!.. ماهو مش هتفضل معتمد على قعدتك في القهوة.
-مش فاهم يا عمي!.. وضح كلامك.
-كلامي واضح والحدق يفهم، أقصد يا ابن اخويا إنك تاخد دولابك وتختار أي ناصية وتقف عليها وتبيع للمقاطيع وتعملك زبون.
اتفاجئ “حامد” من كلام عمه، والسبب واضح.. هو بالشكل ده بيقل بيه وبقيمته، وبسبب كلامه بص له بضيق واتعدل في قعدته وقاله:
-انت واعي للي بتقوله ياعمي، انا هعتبر حوارك على سبيل الهزار.
-هزار ايه ياض؟.. انت تعرف ان شغلنا فيه هزار.
اتعصب “حامد” وقاله بزعيق:
-يعني انت عاوزني اشتغل زي صبي من صبيانك، وتقول الكلام جد!.. انا “حامد ابن المعلم سالم” وجاي انت دلوقتي تحط بوزي في الارض بين صبيانك، وتضحكهم عليا.. انا مش موافق يا عمي، واللي عندك اعمله.
وقف حامد وهو بينهي كلامه، لكن سامبو ساعتها شاور له بأيده:
-تمام يا ابن اخويا، طالما هتكسر كلامي يبقى مالكش قعاد في البيت، تاخد اخوك وامك وتشوف مكان يتاويكم.
-انت بتطردني من بيت ابويا يا عمي؟
-كلامي خلص لحد هنا، واختار الجنب اللي يريحك ونام عليه.
وبنهاية كلام سامبو، خرج حامد، واللي سمعت الكلام اللي اتقال، هي نفسها اللي بدأت في خراب البيت، مرات “سامبو”.. وبعد ما خرج حامد، جت جنب جوزها ورفعت حاجبها وقالتله:
-صح كلامك يا “سامبو”.. دي احسن حاجة عملتها، قبل ما يركب ويدلدل رجليه ابن “فوقيه”.
سكتت للحظات وكملت كلامها:
-بس فيه حاجة لازم تاخد بالك منها كويس.
-هي ايه يا ولية؟
-هتعمل ايه مع اخوك لما يوصله خبر طرد ابنه من البيت، ما هو يا اخويا اكيد هيعرف، سواء من ابنه او حد من صبيانه.
ضحك سامبو واتكلم بثقة:
-ما يعرف اللي يعرفه، إياك حتى يعرف من العفاريت الزرق، يا ولية اخويا مايتخافش منه، ده واخد تأبيدة.. فاهمة يعني ايه تأبيدة؟.. يعني ٢٥ سنة حطيهم على عمره، يعني العمر اللي هو اصلا قرب يخلص، ولا انتي ناسية ان سالم كبر في السن، ايوه.. بقى رجل في السجن ورجل في القبر.
وفعلا.. اللي خطط له سامبو تم، وخد حامد شقة صغيرة وعزل فيها مع أمه وأخوه، وفي أول زيارة لأبوه في السجن، حكاله كل اللي حصل من عمه، الراجل كان هيتجنن من اللي حصل لأبنه، ومن مين.. من أخوه اللي وصاه على ولاده، واعتبره السند ليهم بعد حبسه، وكان رد سالم عليه :
-لازم تبعت اي حد من العيال اللي بيشتغلوا معانا لسامبو، خليه يبلغه يجيلي زيارة في أقرب وقت.
الراجل بعد ما مشي ابنه، رجع لحبسه وهو بيكلم نفسه، عقله ماكنش مستوعب عملة اخوه، ماكنش عارف ان فيه مصيبة جديدة من اللي اعتبره سند وضهر.. وده بعد ما دخل الحبس بدقايق، جه وافد جديد.. كان من بينهم الواد”عباس”، وده كان عيل من صبيان “سالم”، بس عيل قريب من سالم، رباه بعد موت ابوه وعلمه الشغل من صغره، واعتبره زي ولاده..
كان قاعد سالم على سريره، راكبه الهم ومنزل وشه في الارض، وفي اللحظة دي، قرب منه الواد “عباس” وقعد قصاده وميل على ايده وباسها:
-عمي وعم الناس كلها.
رفع سالم وشه وبص له، خد دقيقة تركيز في ملامح اللي بيكلمه، وبعدها برق عينه بأستغراب:
-عباس!.. ايه اللي رماك في الحبس ياض؟
-اتغفلت يا معلمي، كنت بوزع البضاعة في دولابي، جت كبسة ع المنطقة واتاخدت كلابوش، وخدت حكم واترميت هنا.
-وفين رجالتنا في المنطقة او من جوه القسم.
رد عليه عباس وهو بيجز على اسنانه:
-ما انا بقولك اتغفلت يا معلم، حد وز عليا وقت توزيع بضاعتي.. بس انا عارفه، اكيد هو.. مافيش غيره، حب يخلص مني ابن الشياطين.
استغرب سالم من كلامه:
-تقصد مين ياض؟.. ومين ده اللي استجرى يبص بعين الغدر لرجالة سالم.
-عين الغدر اللي جابتني هنا، هي نفسها اللي رمتك جوه السجن.
-ما تتكلم دوغري ياض، انت مخبي ايه؟
ميل عباس على ايد سالم، وقاله بأستعطاف:
-أديني الأمان يا معلمي، وهحكيلك كل حاجة عن تخطيط الشيطان.
“يتبع”
#ولاد_حتاتة
#لمياءالكاتب
good 👍