كلنا تقريبا بنشوف ان أكبر قوة شر متمثلة في الشياطين والجن، لكن مفيش مرة فكرنا في النفوس اللي بتسخر كل ده في خدمة الشر، وما هي إلا أدوات لتحريك قوى الشر، النفس أسوأ واكتر شرا من اي قوة تانية، حتى بتغلب الشيطان نفسه في الوسوسة! النفس السيئة بتهيأ لصاحبها كل السبل الممكنة والغير ممكنة في انه يشبع رغبة في ممارسة الشر..
في شارعنا اللى متفرع من منطقة تقدر تقول شعبية كان فيه أرض كده فاضية بالعامية كده وبالبلدي بنقول عليها (خرابة) .
مقلب زبالة ماشي ، مستنقع للحشرات ماشي ، بتولع لوحدها من تكدث الزبالة فيها في الحر ماشي ، وفضلت سنين ع كده ، وفي يوم صحينا ع ان (الخرابة) دي اتشالت وبدأت أعمال الحفر لبناء عمارة سكنيةمحترمة وكبيرة …
اخيرا القرف ده اتشال وهيبقي فيه حاجة كويسه مكانه ، وفي خلال سنة تقريبا العمارة خلصت وسكنت بالكامل !!
بس ياريت الخرابة فضلت والعمارة مكنتش اتبنت !!
عمارة الأمل او (عمارة الشمري) زي ما اتشهر بعد كده ، بعد كل الأحداث اللي حصلت جواه وفيه ، واللي فات عليها سنين ولسه الناس بتحكي عنها لحد دلوقتي .
العمارة المكونة من 6 ادوار كل دور ع شقة واحدة كان بيسكنها مجموعة اسر جديدة عن مطقتنا بما ان البرج لسه جديد ..
الدور الاول كان ملك لعريس جديد بيوضب واسمه محمد ، بالتالى كان بيجي كل فترة يظبط حاجات في الشقة ويمشي وهكذا ..
الدور التانى ملك لأسرة مكونة من 4 أفراد أم وأب في التلاتينات محمود وايمان وابنهم رامي وبنتهم رضوى
الدور تالت كان لست أرملة اسمها مدام جيهان في الخمسين من عمرها وكانت قريبة صاحب العمارة..
الدور الرابع ساكن فيه عم محمود وده راجل في السبعين من عمره ومراته الحاجة إلهام ..
الدور لخامس كان ابن صاحب البيت عصام وعروستة اللي يادوب اتجوزوا بعد شهر من انهاء بناء العمارة وكانت تقريبا سكنت كلها ..
الدور السادس والأخير كان بيسكنه العيلة الأغرب ع الإطلاق راجل رب أسرة اسمه متولى الدمرداش وزوجته الحاجة أم ياسر ومعاهم ابن مراهق تقريبا 20 سنة ، وكان ليهم ولدين كمان وبنتين متجوزين ومخلفين وبيزورهم كل فترة زي أي بيت مصري مترابط عادي ، وفعلا كل ده عادي إنما اللي مش عادي تصرفات وشكل ابنهم المراهق ده وكان اسمه شهاب ، أول ما تشوف شهاب من النظرة الأولى هتعرف انه شخص غير سوي مدمن نوع من انواع المخدرات ، تايه دايما وعنيه مسقطة كده تحس انه نعسان ع طول ومشيته كأنه خارج من فيلم للزومبي ، طريقة كلامه وصوته ومخارج حروفه مش مظبوطين ، حتى لبسه كان غريب جدا !!
وفي يوم سمعنا خناقة كبيرة ما بين عم متولي وابنه شهاب :
انت مش ناوي تتعدل بقى ؟ انت ايه يا أخي شيطان!؟ كل شوية اقول سيبه عيل هيكبر ويعقل ويرجع عن الطريق اللي هو ماشي فيه ده ؟
شهاب : بقولك ايه ياعم انت ، انت تحلك وتفكك مني خالص عشان مش نقصاك ، انا اعمل اللي يعجبني . انت مش هتشاركني ..
الأب : ياابني انا مش راضي اطردك او اخلي اخوك الكبير يدخل ولا يمد ايده عليك ، لكن الموضوع زاد وانا مبقتش قادر عليك خلاص ، وانت كل مادا قلة أدبك بتزيد والمرة دي النتيجة اهي ، امك مطلعة من جيبك شريط برشام !!
شهاب : هات بس ده كده وملكش دعوة بيا وميخصكش …
حاولنا نهدي الوضع ونخلي الاب يجتنب ابنه ومن الواضح انه مش في حالته الطبيعية !!
وفعلا خلصنا الموضوع وجزء مننا بدأ بتهدأ عم متولي وجزء مننا اخد شهاب وفضلوا يكلموه وفوقناه وخلناه يصالح والده ويعتذرله ويوعده انه هيبطلع وهيرجع عن الطريق اللي هو ماشي فيه ده ..
فات شهر وكانت الأمور مستقرة وكل الناس في الشارع عايشة حياتها اليومية عادي جدا ..
وفي ليلة سمعنا عم متولى بيزعق كالعادة لشهاب وبيقول له :
وبعدها بدقيقة نزل شهاب ومعاه واحدة فعلا وفي ثواني اختفوا ، ونزل الراجل في حالة هيستيرية ورا ابنه وهو بيبكي وبيقول :
استعوضت فيك ربنا خلاص ، يارب يا تاخده يا تهديه وترجعه عن الطريق ده …
كالعادة اتلمينا وبدأ الراجل يفضفض بالكلام ويقول :
الواد كان طبيعي وكويس ومن سنة بدأ يتغير مكنش بيسيب صلاة بدأ يقلل واحدة واحدة ومكنش بيشرب سجاير وبدأنا نشم ريحتها في هدومه فقولت شباب وبتجرب وقعدت معاه مرة واتنين ونصحته لكن الأمور اتطورت بسرعة بقي ع طول حابس نفسه في اوضته ويادوب بس ينزل واول ما يرجع يدخل ع اوضته ويقفل الباب ، بقينا نسمع من اوضته مزيكا غريبة كلها خبط ورزع واصوات صاخبة ومزعجة !
مبيغيرش هدومه ممكن يقعد لابس تي شيرت شهر !! مبيرضاش يستحمي خالص !!
انا مش قادر افسر اللي بيحصل !؟ اخواته عمر ما حد فيهم زعلني ولا عمل حاجة بره او خارج الحدود واهو وصل بيه الحال مرة مخدرات والمرة دي واحدة جايبهالي البيت !!
انا اتصلت بأخوه الكبير هو بقي يتصرف معاه انا كبرت ومبقتش قادر عليه خلاص …
كلام عم متولى كان غريب جدا !! بس متقدرش تغير فيه حاحة ولا تستوعبه ، مجرد تستغرب وبس وتستني تشوف الشخص ده ايه ممكن يحصله؟!
فات 3 ايام وقرب الفجر سمعنا زعيق جامد كالعادة بس المرة دي الصوت كان اعلى وفجأة حاجة وقعت بصوت مريب في سكون الليل ، صوت الاصطدام بالأرض كان ناتج عن الشئ ده وقع من مكان عالي !!
بعدها سمعنا ستات بتصرخ وتصوت !!
كل الناس جريت ودخلت العمارة عشان يلاقوا شهاب واقع في حوش او بير السلم وغرقان في دمه !!!
الناس كلها دخلت ع مشهد تهشم وتحطم عضم شهاب وهو واقع ع الأرض بعد سقوطه من الدور السادس وهو غرقان في دمه!!..
مشهد مرعب جدا ويخلى الجسم يقشعر والعين تدمع ع موت شاب في بداية حياته بالطريقة دي واكيد مات وهو مش في وعيه ! كل اللي نقدر نعمله في سرنا اننا ندعيله ربنا يرحمه ويغفر …
في وسط تعجب واستغراب الجيران نزل من فوق عم متولى ووالدة شهاب بالإضافة لاخو شهاب الكبير اللي كان فيه علامات زعر كبيرة جدا ع ملامحه ومش عارف انا بس اللي شوفت كده ولا ده احساس اتولد جوايا انا بس ؟!…
عم متولى وزوجته حضنوا ابنهم المتوفى في مشهد مؤثر جدا اجبر كل الحضور ع البكاء الا ان اخوه فضل واقف متحركش !! وده كان غريب في حد ذاته …
الإسعاف والشرطة وصلوا ويدور كل جهة فيهم بأداء دورها فالشرطة بدأت في رفع البصمات وتوجيه بعض الأسئلة لاهله والناس منهم ان كان حد زقه او انتحر او كان بيتعاطى اي نوع من المكيفات وما الي ذلك من الأسئلة الأولية ، وقامت الإسعاف بنقله للمشرحة للعرض ع الطب الشرعي لتشريح الجثة ..
انفضت الناس والشرطة طلبت من والد واخو شهاب انهم يروحوا معاهم القسم لاستكمال الاجراءات وتحويلها للنيابة ..
ورجع عم متولى لوحده من غير ابنه الكبير وبعد رجوع عم متولى وفات يوم قررنا اقرب الجيران اننا نتجمع ونطلع نشوف ايه حصل …
كنا حوالي 4 افراد ودخلنا وعم متولى رحب بينا وبرضه حسيت احساس غريب جدا برغم ان فيه حزن الا انى لمست بصيص فرحة في عينه وكأن دعوته اللي دعاها ع شهاب اتحققت وربنا ريحه من الشيطان اللى كان مخلفه !!..
وبعد ما سألناه عن اللي حصل بدأ عم متولى بالكلام :
قبل الحادثة وبعد خناقتى معاه بسبب البنت اللى كان جايبها نزل وغاب شوية ورجع لوحده ودخل اوضته وقفل الباب ع نفسه، بعدها بساعة بدأت اسمعه بيتمتم بكلام غريب وسمعت اصوات قلبك يتقبض لما تسمعها خارجه من اوضته لدرجة اني شكيت ان معاه حد فعلا !! حاولت افتح الباب والغريب ان مكنش فيه اي رد فعل منه انه يقولى مثلا متدخلش او يكلمنى فأفتكرت انه عمل حاجة في نفسه وكسرت الباب ودخلت عليه لقيته واقف عريان تمام وجسمه كله ازرق وثابت مكانه !!
جريت عليه بسرعة وغطيته وانا معنديش اي اجابة للي بيحصل واخدته نيمته ع السرير وهو متخشب متصلب مبيتحركش وفضلت اقراله قرآن ووالدته ساعتها كمان دخلت وبقي كل واحد فينا بيقراله في سره وبعد ساعة بدأ يرجع لوعيه تاني وأول كلمة قالها اطلعوا بره ، كنتوا هتموتوني بسبب تطفلكوا وطردنا بره الأوضه !!!..
فات الكام يوم وكل يوم بنسمع نفس الأصوات وبنشم روايح وحشة جدا خارجة من أوضته حتى مكنش بيخرج من الأوضه انه يروح الحمام !!!!!
وفي اليوم اللى مات فيه خرج ونزل الصبح وانتهزت فرصة نزوله ودخلت اوضته افتش فيها ، كان قلبي حاسس ان فيه حاجة غريبة بتحصل وفعلا لقيت اجندة مذكرات صغيرة في الدولاب مكتوب فيها زي خواطر هو كاتبها او تدوين لحاجات يومية هو بيعملها ! لاحظت ان الكلام مش مترتب بطريقة صحيحة في كل الصفحات لدرجة اني مش قادر اطلع بأي جملة مفيدة !! هي جملة واحدة بس
(انا في طوعك لا تقتلني)
فضلت ادور تاني لقيت احجبة وعضم صباع انسان!!
دم زفر وريحته وحشة جدا في بطرمان ودبابيس واقفال وصور ليه مقطعه حتت وحاجات غريبة احجار وعطارة !!!
سبت كل حاجة مكانها وخرجت ولما رجع دخل اوضته لثواني وخرج قال :
النهاية قربت ، وهترتاحو مني بحد احسن مني ، كان لازم يايدي اخلص كل حاجة والحقيقة هتظهر قريب ..
طبعا الكلام مش مفهوم تمام ومداش فرصة لحد يكلمه وبسرعة دخل اوضته وقفل ع نفسه لحد ما اخوه جه بليل ، حاول يكلمه مكنش فيه فايدة ومرضيش يخرج يقابله فاضطر اخو يكسر الباب ومسك في خناق اخوه وكان عايز يضربه ولما مقدرش مسك سكينة وكان عايز يقتل اخوه !!
في محاولة من اخوه تفادي السكينة وشد وجزب باب الشقة كان مفتوح وخرجوا بره ومرة واحدة هو وقع من بير السلم ومات …
بعد ما رجعت هنا ودخلت وفضلنا قاعدين شوية انا والحاجة والدته من غير مننطق ولا عارفين نقول ايه كسرت الصمت ده وقولتلها قومي ننام ملهاش لازمة القاعدة دي ومش هتفيد بحاجة وهنستني تليفون من النيابة والطب الشرعي وابنك الكبير روح بيته متقلقيش .. متكلمتش وعنيها مليانة دموع قامت ودخلت الأوضه وانا اضويت وصليت ركعتين وفضلت ادعي لشهاب وبعدها جيت عشان ادخل انا كمان الأوضه فلقتها بتقولى :
شهاب مماتش ..
عم متولي : ازاي يعني مش فاهم ؟!
الأم : انا بقولك مماتش ، اللي مات الشيطان ، شهاب هنا كان لسه معايا وسابني ودخل اوضته ..
عم متولي : نامي ياحاجة واستهدي بالله انا عارف قلوب الأمهات وربنا يصبرنا ويجمعنا بيه في مكان احسن وافضل ..
الام : انا متجننتش ياحاج شهاب عايش وكان هنا وحكالي كل حاجة ..
فجأة سمعت صوت باب أوضته اتفتح !!
وبدأت اسمع صوت خطوات خارج من الأوضه للحمام وصوت باب الحمام بيتقفل !!
فضلت لثواني واقف متنح واتخضيت لما لقتها ورايا بتقولي :مماتش هو اللي جوه اصبر وهتشوفه وهو خارج ..
وبعد لحظات النور اتقفل وباب الحمام اتفتح وسمعت نفس صوت الخطوات خرج من الحمام ومشي لحد باب اوضته بيتقفل قدامي بس مفيش حد انا شايفه !!!
فتحت الأوضه بسرعة في لحظتها وكان واقف واول ما فتحت النور اختفى ..!!
قصة (عمارة الشمري)
الحلقة التالتة
مكنش فيه أي تفسير مقنع ولا اي رأي أو فكرة تفسر اللي بيحصل .. قفلت الباب ومسكت ايد والدته ودموعنا مالية عنيا واخدتها ومشينا في اتجاه الأوضه وسمعت صوته بيقول :
ابويا ، التفتنا بسرعة لاتجاه الصوت ولقينا باب الشقة مفتوح والصوت جاي من بره وتتبعنا الصوت ببطئ وهو بيردد نفس الكلمة ووصلت لباب الشقة ولقيته واقف في نفس المكان اللى وقع منه ! وقفت مكاني مقدرتش اتحرك وانا مذهول ان انا شايفه فعلا قدامي !! ، قال :
مقدرتش اغلبه ، كان أقوى مني ، سمعت كلامهم وانا اللى خليته يجي عالمنا ولكنه هزمني وتعايش جوايا وحولني للعبة في ايده وغيرني ، حاول تصدقني يمكن تغلبه ، او تتمكن منه ، مش هقدر اظهر تانى وان ظهرت مش هيكون انا ، حذر اخواتي وسكان العمارة بالذات لأنه اصبح هنا ومش هيمشي ، الحل في رجوعه وردعه مقدرتش اكتشفه ، حالوا تلاقوا الحل ده قبل فوات الأوان ، قبل ما شره يسيطر او يقتل ويدمر ضحايا غيري ، اسف لاني اتبعته ..
وفجأة رمى نفسه من بير السلم وجريت بصيت ملقتش حاجة !!! اتبخر واختفى …!
ولقيت مراتي بتزعق وبتصرخ وبتقولى حاسب حاسب يامتولي ..
صوتها خلاني اتحركت يمكن سنتى واحد في اتجاه الباب عشان الاقي تكييف وقع من فوقي تحت لحد بير السلم !!!
المروحة بتاعت التكيف معرفش جه منين او وقع ازاي جاي من فوق السطح وكأن حد رماه وقاصد يموتني !!
بصيت لقيت خيال واقف ملوش ملامح واضحة مجرد خيال !! وبعد لحظات مشي !!….
ده الكلام اللي حكاه عم متولى لما جمعنا الصبح وقررنا نجيب شيخ يمكن هو اللى عنده الحل وكان ابنه الكبير موجود معانا .. وأثناء كلامنا جاله مندوب او عسكري من النيابة بيبلغوا الحضور لمقر الطب الشرعي …
اتأجلت فكرة الشيخ شوية لحد ما يرجع ونشوف ايه حصل ؟!
عم متولى أخد ابنه ياسر وبعد 5 ساعات رجعوا كانت الساعة 8 يمكن العشاء واتجمعنا مرة تانية في شقة عم متولى اللى كان ع ملامحمه استغراب ودهشة وخوف وفزع وكل الأحساسيس المرعبة في وقت واحد وبدأ يحكي وقال :
طلعنا ع الطب الشرعي وسألت ع اسم ابني وطلعنا دور كبير ، او ما الأسانسير فتح لقينا قدامنا مكان واسع كبير جدا مفيهوش الا باب واحد بس بيتوسط المكان ع بعد مسافة بعيدة يمكن 10 متر ، المكان فيه هدوء رهيب ، ودرجة برودة زي تلاجات الفاكهة ، كأنك دخلت المقابر في يوم عادي مفيهوش زيارة الأعياد ، فيه احساس من المنظر يخطف قلبك ، احساس بريحة الموت في كل مكان ، يشل حركتك ويجبر تتحرك ببطء وبحذر كأن فيه حاجة هتخرج مرة واحدة تقتلك !!.
مشينا براحة لحد ما وصلنا للباب اللى كان من درفتين وشبه أي باب بتاع غرف العمليات والرعايات المركزة ابيض وفيه دايرتين ازاز وانا من زمان قلبي بيتقبض منه ، سرقنا النظر من خلال الازاز وكان فيه باب تاني من جوه مقفول وفجأة اتفتحت فرجعنا لورا خطوتين وخرج دكتور ومعاه شاب في التلاتينات وسألنا انتوا مين ؟ فجاوبته بإني والد شاب توفي وان في مندوب جالى وبلغته باسمي فقطع كلامي وقال :
ايوه ايوه انا رؤوف سامي وكيل النيابة وده الدكتور احمد الزمر الطبيب الشرعي قبل اي حاجة فيه حاجة لازم تشوفوها اتفضلوا ..
ودخلنا من الباب الأول ، والدكتور سبق خطوتين وفتح الباب التاني ، عشان نلاقي نفسنا داخل تلاجة الموتى !!! غرفة بكامل الدور ع شكل حدوة حصان وكلها ادراج وكل درج ليه رقم متسلسل وسرير في النص ، سرير زي بتاع العمليات وراكب عليه لمبة اضاءتها اصفر ، كل حاجة هنا ريحة الموت خارجة منها لدرجة انك تشعر وكأنك ميت وروحت وعبرت لعالم آخر .. !!
وكان فيه جثة ع السرير وقطع احساسي كلام الدكتور وهو بيقولى :
ربنا يصبرك ياحاج وحاول تتمالك نفسك لان اللي هتشوفوا دلوقتي غريب جدا وانا شخصيا خلال 18 سنة لمزاولة مهنة الطب الشرعي اول مرة يمر عليا واشوفه ، دي جثة شهاب ابنك وكنا حاولنا نرجع العضم مكانه بعد الكسور الكبيرة اللى سببتها الوقعة من دور عالى الارتطام بالأرض وشال طرف الملاية من ع شهاب من ناحيه الجانب اليمين وظهرت علامة من 3 شرطات ع صدر شهاب ، شكله غريب جدا وكأنها صوابع غول او وحش !!..
الدكتور غطي الجثة وطلب من الممرضين يرجعوها مكانها تاني وطلب مننا نخرج ونقعد في مكتبه نتكلم ووصلنا المكتب في الدور اللى فوقيه وبدأ بالكلام وقال :
حاولنا بكافة الطرق معرفة ايه العلامات دي لكن مقدرناش نوصل لأي نتيجة !! لا هي أثر صوابع مثلا ناتجة عن ان حد زقوا ولا هي كدمة ولا هي أي شئ وملهاش تفسير طبي بالمرة ، ولا حتي جنائي فهل انت عندك تفسير للعلامات دي ؟!
هزيت دماغي بلا وطلبت منه عمل الازم للدفن ومساعدتى انى ادفن ابنى وطلبت اني امشي ..
ونزلنا فضلنا نلف بالعربية انا وياسر واحنا مبنتكلمش وبعد ساعات رجعنا من غير اي تفسير لكل اللي حصل ؟!!
كل الجمع ساكت في ذهول من اللى اتحكي ومفيش حد عارف ممكن يقول ايه ؟؟..
قررت اكسر الصمت ده وقولت :
احنا لازم نشوف شيخ ، يمكن لو قرأ المذكرات وسمع الحكاية ودخل الأوضة يبقي عنده الحل والتفسير للي بيحصل ده ..
اتفقنا ع كده وجينا ننزل لقينا الاسانسير مش شغال ، والعمارة كانت ليها مكان للاسانسير وسلم عادي واسع جنبه وده اللي وقع منه شهاب وقررنا ننزل ع السلم واول ما وصلنا للدور الأول اللي فيه شقة الشاب العريس اللى بيوضب في شقته سمعنا صوت حاجة بتتكسر فجرينا بسرعة عشان نلاقي باب الشقة مفتوح وجثته متعلقة ع حبل في الصالة وجسمه من فوق عريان وعلي جانب صدره اليمين نفس ال3 علامات اللي عم متولى لقاهم ع صدر ابنه ؟؟؟؟؟!
كلنا وقفنا قدام منظر محمد وهو مشنوق ومتعلق من رقبته ع الحبل !! ومنظر الفزع اللى كان ع ملامحه ، عنيه كانت مبرقة بطريقة غريبة جدا وتكاد يكونوا خارجين بره مقلتهم !! ورقبة مكسورة ، لك ان تتخيل ان الصوت اللي سمعناه واحنا ع السلم كان صوت كسر رقبته ! المنظر كان صعب جدا حتى في الوصف المشهد كان مؤلم ومفزع جدا …
سبنا كل حاجة مكانها لحد ما النيابة جت ومعاها الطب الشرعي ونفس الإستغراب كان حاضر ع ملامحهم من طريقة كسر الرقبة والمسافة القريبة لسقوط الجسم ، في حالات الشنق غالبا او لازم يكون فيه مسافة كبيرة تحت الجثة او الشخص عشان لما يسقط الجسم من ارتفاع عالي تقوم عقدة الحبل بدورها في كسر الرقبة ، انما المسافة هنا قصيرة جدا فازاي الكسر القوي ده حصل ؟!
ده بالإضافة لوجود ال3 علامات اللي اتكررت للمرة التانية ومكنش ليهم تفسير منطقي نهائي !!
وزي المرة اللي فاتت كل جهة قامت بدورها والإسعاف اخدت الجثة للمشرحة واتقفلت الشقة وراح فيها شاب تاني كان بيجهز عشان يتجوز ..
كل واحد راح ع بيته واتفضت الناس ورجعت الحياة لطبيعتها الصامتة الساكنة اللي ريحة موت بقت بتفوح من كل ركن فيها …
حاولت ادقق قولت يمكن قطة ولا كلب مثلا في الشقة والظل بتاعهم كبير او مش مفسر لكن الظل او الخيال كان غريب فعلا وبيتحرك بطريقة غريبة وفجأة حركته وقفت وثبتت في مكان ما اتشنق محمد !! ولاني في الدور التاني في العمارة المقابلة فتقريبا شايف المشهد كويس جدا ورجع الخيال يتحرك وخرج من الشباك وفضل ماشي لحد ما دخل الشقة اللي في الدور التاني !!!!
نزلت بسرعة من البيت ودخلت العمارة وقولت احذر استاذ محمود ومدام ايمان من الخيال ده وانا اصلا معرفش ايه تفسير الخيال ده اصلا ولا انا نزلت اجري ليه وايه الهدف من كده ؟!
واول ما وصلت لباب شقتهم لقيت الباب مقفول وفضلت اخبط كتير جدا ومكنش حد بيفتح ، وفجأة الباب اتفتح براحة وظهر من وراه الطفلين قاعدين في الأرض وجمبهم جثة ابوهم وامهم !!!…
معرفتش اعمل ايه ؟ رجليا رافضة الحركة ولساني وكأني فقدت النطق ، وبدأ الطفلين يتحركوا ناحيتي ؟! كل واحد فيهم شكله غريب جدا وعنيهم لبني زي الناس اللي ربنا يعافيها بيعانوا من مايه زرقا والدم مغطي هدومهم وبدأت البنت بخطوات اسرع تيجي ناحيتي فجريت ع تحت وفضلت اصرخ لحد ما وصلت باب العمارة فلقيت رامي في وشي !!
فضلت اصرخ الناس اتلمت ورامي اختفي !!
بدأت الناس تسألنى مالك وانا مش قادر ابلع ريقي ولا قادر اخد نفسي وفضلت اشاورلهم ع فوق ومحدش فاهم وطلعت منى مرة واحدة كلمة محمود وايمان اتقتلوا ..
طلع البعض جري ع فوق عشان يلاقوا الأسرة بالكامل مدبوحين !!!! ..
الناس بقت في حالة ذهول رهيبة من اللي شايفينه وبيحصل ؟! المرة دي كانت مختلفة لانها التالتة والدنيا اتقلبت والنيابة سابت قوة ع باب العمارة والسطح والطب الشرعي لقى نفس العلامات بتاعت الصوابع ع جثث الاب والام بس المرة دي الأطفال لا !!…
المنطقة كلها اتقفلت واتحط عليها حراسة عشان الموضوع اصبح كبير جدا ومفيش حد فاهم حاحة ولا عنده تفسير للي بيحصل نهائي …
فات يومين وكنت خلالهم في المستشفي من الصدمة وسمعت ان البنت رضوى كان لسه فيها الروح ومماتش ، لسه عايشة لكن في حالة خطيرة جدا وفي نهاية اليوم وبعد الزيارة ومعرفتي للخبر كنت بستعد اني هخرج الصبح وكنت بقيت كويس وبجهز شنطتى وحاجتى عشان اخرج من المستشفي ، وفي الوقت ده باب الحمام اللى داخل الغرفة اتفتح التفت بسرعة عشان الاقي رضوى واقفة في وشي وبتقول :
كل اللي ماتوا كان لازم يموتوا ، شهاب حاول يصرف لعنة حلت ع العمارة لكن هو رفض ومتسألش ومدورش وراه عشان نهايتك متقربش ، انا مرسال منه ليك عشان افهمك ولانك الوحيد اللى ساكن قدام العمارة وشاهد ع كل الأحداث ، لازم العمارة تتهد وترجع زي ما كانت .
الفجر اذن ورضوى اختفت !! وفي حالة لا مبالاة وعدم احساس لقتني سايب كل حاجة ومشيت وروحت المنطقة واستنيت لحد ما قدرت اجمع كل الناس وقولتلهم كل اللي حصل وانا معرفش اللي حكيته ده هيكتب نهايتي فعلا ولا ايه كان المفروض انه يتعمل ؟!
واحد من الجيران قال ان فيه شيخ هو اتكلم معاه وجاي الساعة 12 بليل ، كانت الساعة 8 واتفقنا ان الساعة 12 هنتجمع في شقة عم متولى .
واتجمعنا تحت العمارة وطلعنا ع شقة عم متولى اللى رحب بينا بس لاحظت ان الشيخ وهو داخل الشقة ع وشه علامات غريبة مقدرتش افسرها ، كان طبيعي جدا لحد ما دخل من باب الشقة وكأنه دخل جهنم !! وبعد حوالى ساعة من الكلام وبعد ما سمع الحكاية كلها طلب مني ادخل معاه غرفة شهاب ..
قولت له انا؟! مستحيل ده يحصل ، كفايا اللي شفته..
قال لي : ما هو عشان كده لازم انت اللي تبقى معايا ، لأنك الوحيد اللي شفت حاجات محدش شافها غيرك ، والوحيد اللي اتبلغ انه لازم يحل الموقف فعشان كده لازم تكون معايا …
مكنش فيه اي سبيل اني ارفض ودخلنا الأوضه ، جيت اولع النور زعق فيا وقال لي لا متلمسش أي حاجة نهائي واقعد ثابت متتحركش ومهما حصل او شفت متتكلمش نهائي …
هو هيحصل ايه طيب او ممكن اشوف ايه ؟!
زعق فيا تاني وقال لي اسمع الكلام وبس ..
طلع من جيبه شمعة ونورها وثبتها في ركن الأوضة وبدأ يقرأ آيات معينة وبدأت الأوضه تتهز ودرجة حرارتها تعلى ، وبعد دقيقة حل صمت رهيب ع الغرفة فقام ولع 5 شمعات كمان وثبتهم ع اركان الأوضه زي دايرة كده وكل شمعة ليها ظل ع الحيطة وكل ظل فيه واحد من الناس اللي ماتوا !!!
اضواء الشمعات ال6 كان في كل ظل فيهم واحد من اللي ماتوا !! مكنتش مجرد ظل كانت الظل مرسوم كأن اللى واقف ده حقيقي !!..
وبدأ الشيخ يتمتم بحاجات مفهمتهاش ولا عارف افسرها وبعدها سأل شهاب :
حكايتك إيه ؟
– تالت يوم لينا هنا ، كنت بستعد اصلى الفجر وكان فاضل ساعة والفجر يأذن فقولت اصلي وأنام وقومت اخد دش ورجعت الأوضة وأول ما دخلت باب الأوضة اتقفل لوحده والنور اطفى فخوفت وحاولت اجري افتح الباب لكن كان مقفول باحكام معرفتش ولقيت كشاف الموبيل اللى كان ع التسريحة اشتغل لوحده وظهر في ضوءه خيال !!
مدانيش فرصة لاى رد فعل لانه قال :
“انا ساكن الأرض ، دمي راح هنا ، ورجعت اخد حقي من اللى قتلنى ، وانت هتكون أول حاجة ليا ارجع بيها حقي ، متولى وسيد اخدوا منى الأرض ودفنوني فيها ، والنهاردة فرصة انتقامي جت لي”
والنور رجع والباب اتقفل ، مع الأيام لقيت نفسي اتغيرت ومبقتش انا حاولت اعمل اي حاجة تخلى الشئ ده يسيبني في حالي لكن مقدرتش والنهاية كانت مجرد وقت وحصل ..
لقيت الشيخ بيسألني ان كان عم متولى شريك في العمارة ؟! ومين صاحب العمارة؟! وهل ليه قرايب هنا من السكان ولا لا؟
قالت له معرفش حاجة غير ان العمارة دي ملك لواحد اسمه سيد ، وان ابنه عصام لسه متجوز جديد وليه شقة هنا بالاضافة لمدام جيهان بيقول انها قريبته ..
لقيته طفى الشمع وقال لي تعالى معايا بسرعة وطلع يجري ونزل ع تحت وانا وراه وورانا باقي الناس اللي كانت بره مع عم متولى !!
نزلنا الدور الخامس اللى كان فيه عصام ابن صاحب البيت ومراته ولقيت الشيخ واقف ع الباب وهو بيقول :لا إله إلا الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ..
ودخلنا عشان نلاقي جثث متعلقين من رقبتهم ومشنوقين كلهم جمب بعض !!
نفس المنظر اللى كنا شوفناه في شقة محمد في الدور الأول !! عصام ومراته ومدام جيهان والحاج سيد ال4 مشنوقين ومتعلقين في الصالة !!
بدأ الشيخ يقرب من الجثث فندهت عليه انه ميلمسش حاجة لكنه قرر انه ميسمعنيش وملتفتش ليا حتى!! واول ما قرب اوي النور قطع لدقيقة وكل واحد شغل كشاف تليفونه وبعدها النور جه وجثة مدام جيهان اختفت !!
لقيت الشيخ بيتحرك وبيسألني فين شقتها ؟! فجريت قدامه ونزلنا ع شقتها اللي في الدور التالت ودخلنا ولقينا جثتها نايمة ع سريرها ودخل الشيخ وفتح الدولاب فضل يدور فيه وطلع صندوق شكله قديم كده وفتحه وكانت فيه تقريبا كشف لكل اللى بيحصل ..
ورق وحجج تثبت بيع نهائي للأرض من شخص اسمه على الدمرداش لسيد ومتولى وغالبا الورق والحجج مزورة ، شهود ع العقد استاذ محمود ومحمد !! وعقد جواز عرفي مابين مدام جيهان والحاج سيد !! وعقد جواز ما بين على الدمرداش وجيهان !!!
تقريبا انا فهمت كل حاجة وبقى عندي تفسير واضح للي بيحصل ..
الأرض كانت ملك لعلى الشمري زوج جيهان اللي بشكل او بآخر حاولت تقنعه ببيعها لمتولى وسيد اللي هي كانت ع علاقة بالاخير فيهم وهو سيد ، على رفض يمكن كان عارف العلاقة دي ويمكن كانت الأرض غالية عنده ، وواضح ان مكنش عند على وجيهان اولاد لان مفيش حد كان بيتردد عليها نهائي ، بعد الرفض من على بالبيع قرر سيد ومتولى وجيهان يخلصوا من على ، انا فاكر ان استاذ محمود ومراته كانوا شغالين في الشهر العقاري ويمكن او اكيد ده سبب موتهم ، اكيد سهلوا اجراءات عملية بيع مزيفة من المجنى عليه للجناه بعد ما قتلوه واخدوا المقابل ، مش لاقي تفسير لموت محمد ده العائق الوحيد اللى وقف قدامى يمكن الإجابة عند الشيخ لو قرر انه يعمل جلسة الشموع من تاني مع ان انا شايف ان كل الأمور حقيقتها ظهرت وبانت ..
اخد الشيخ الورق وطلعنا لشقة عم متولى فتحت مراته وقالت : فيه واحد اتصل بيه ونزله ..
مفيش استغراب بقى خلاص اكيد حس ان الحقيقة هتنكشف فقرر يهرب وفجأة لقينا حاجة عملت اسقاط من فوق السطح والتفتنا عشان نلاقي جثة عم متولى مربوط بحبل من رقبته ومتعلق من السطح وجسمه عند بير او طرابزين السلم !!
ورفعت عيني لفوق ولقيت حد او خيال واقف جمب الحبل !! الخيال المرة دي كان مختلف لان كان فيه عنين واضحة وبنظرة ثاقبة مباشرة كانت باصة ليا واختفى !!!
محدش في الناس كان مستغرب من اللي بيحصل المرة دي وكأننا واقفين بنتفرج ع فيلم ومستنين كل واحد ياخد جزاء عمله ، اتصلنا بالنيابة وقدمنا لهم الأوراق اللي لقيناها واخدوا الجثث للتشريح وفات يومين وبدأت النتايج تظهر :
قرار ازالة للعمارة ، تقيد القضية ضد مجهول لعدم اكتفاء الأدلة ، واستقال وكيل النيابة لانه مكنش عنده اي دليل مادي يثبت او يفسر الجرايم!! اما عم محمود ومراته تم تعويضهم بشقة تانية ومشيوا لان مكنش ليهم علاقة بأي حاجة …
وجت اللودرات عشان تهد العمارة وانا واقف سرحان وبقول لنفسي :
قد كده الفلوس بتعمى ؟! قد ايه ممكن يوصل شر الإنسان ونفسه ؟! لدرجة انها تغلب تفكير الشياطين ؟!
ازاي ناس تتجمع ع الأذية بالشكل ده ويرجعوا يتعايشوا عادي ويمارسوا حياتهم اليومية بسهولة ؟!
ازاي بيقدروا يناموا ويشربوا وياكلوا .
تم إزالة العمارة بالكامل وتم بناء عمارة جديدة الناس سامتها واطلقت عليها عمارة الشمري..
تمت…
عمارة الشمري
#فهد_حسن