سيد عامل المشرحة بعتلي الرسالة دي وأنا بكلمه، الساعة كانت واحدة بعد نصل الليل والصراحة كنت جعان زي كل يوم فقولتله مش هناكل ولا ايه؟! بس وهو بيتكلم عادي وقف عن الكتابة وبعدين بعتلي الرسالة دي! بس معناها ايه؟! واحدة لسه عايشة؟! وصلت للتلاجة غلط! بس ازاي! مش عارف، المهم روحتله، بس وأنا رايح نور المكان طفى كام ثانية ورجع بس ساعتها سمعت صوت صرخة شديدة، ده.. صوت سيد!
وصلت عند التلاجات، بدور على سيد ملقتهوش، لأ.. ثانية واحدة، كان قاعد في ركن الأوضة، قدام التلاجات الي فيها الجثث، جسمه عمال يترعش بطريقة غريبة، وعمال يطلع صوت عياط مكتوم..
– سيد.. سيد أنت كويس؟!
أول ما شافني انهار من العياط، حاولت أخليه يقف بس شاورلي إنه مش قادر..
– ايه الي حصل؟! احكيلي!
كان ساكت فضل يبرق حواليه شوية وبعدين بلع ريقه وبعدين قالي..
– وأنا.. بكلمك، سمعت صوت جي من التلاجة دي، صوت واحدة ست، في الأول قولت بيتهيألي، بس.. بس بعدها الصوت بدأ يوضح، كانت بتزعق وتخبط على باب التلاجة وهى بتقول ” حد يخرجني من هنا.. حد يلحقني هموت”.
– مش يمكن بيتهيأل..
– أنا مش بيتهيألي.. كنت فاكر كده الأول، بس صوتها كان واضح بطريقة متتخيلهاش، الصراحة خوفت، قولت تكون لسه حية، زي الحالات الي بتظهر ع التلفزيون، فقومت وفتحت باب التلاجة بسرع.. لأ براحة، منا.. كنت خايف، بس ملقتش حاجة، نفس الست الي استلمناها الصبح، وشها ازرق، المرعب، وعلامات الخنق باينة حوالين رقبتها، استعذت بالله من الشيطان الرچيم وقفلت الباب مرة تانية، بس في لحظتها النور قطع..
– أيوه منا أخدت بالي وأنا جي.
– سمعت صوت في الوقت ده.
– صوت ايه؟!
– باب تلاجة بيتفتح.
– ايه؟!
– وأول ما النور جه وبلف.. لقيته في وشي، كان واقف قدامي، عينه الاتنين مش موجودين، غرقان دم، وشه بشع، رجله الشمال كانت مشوهة تماماً، أعصابي سابت وصرخت، النور طفى مرة تانية وبعدين لقيته اختفى!
سيد لسه جديد في المكان زيي وطبيعي لما حد يشتغل هنا جديد، بيبدأ مخه يهيأله حاجات غريبة ومرعبة، مش سهل أبدا إنك تشتغل في مشرحة وتستلم كل يوم أعداد رهيبة من الجثث، ولأ وكمان تبات معاهم بليل لوحدك، حاولت أهديه بس كان منهار تماماً.
– سيد صدقني كل الي حصل ده من صنع خيالك، مفيش حاجة من دي حصلت و..
لقيته بيشاورلي على باب تلاجة معينة ففهمت هو يقصد ايه..
– ياعم هثبتلك دلوقتي إن جثة الراجل موجودة وإنها متحركتش من مكانها.
روحت عند باب التلاجة وفتحته و لسه ه.. بس.. بس ملقتش حاجة! هى.. هى الجثة فين، بدأت أبلع ريقي بصعوبة، وجسمي بدأ يترعش، سيد لاحظ خوفي وبدأ يبص ناحيتي كإنه بيسألني لقيتها؟! مهو.. مهو أكيد الي بيقوله مش حقيقي، هو في جثة بتتحرك، مستحي.. سمعت صوت صرخة شديدة من سيد، بصيت ناحيته، لقيت عينه مبرقة وعمال يحاول يرجع لورا مع إنه لازق في الحيطة..
– مالك يا سيد؟!
أخدت بالي من حاجة، سيد كان بيشاور.. ورايا! بلعت ريقي بصعوبة، حاسس بحرارة أنفاس ورايا، ممزوجة بهوا بارد، إحساس غريب! لفيت راسي براحة، وأنا قلبي بينبض بسرعة رهيبة، لقيته.. في وشي، وش بشع، مفيش عينين، غرقان دم، ملامح مشوهه، لسه هصرخ، لقيت النور قطع..
الجزء التاني
أخدت بالي من حاجة، سيد كان بيشاور.. ورايا! بلعت ريقي بصعوبة، حاسس بحرارة أنفاس ورايا، ممزوجة بهوا بارد، إحساس غريب! لفيت راسي براحة، وأنا قلبي بينبض بسرعة رهيبة، لقيته.. في وشي، وش بشع، مفيش عينين، غرقان دم، ملامح مشوهه، لسه هصرخ، لقيت النور قطع..
حسيت إن قلبي وقف، لدرجة إني مقدرتش أصرخ، أتحرك، ولا حتى أتكلم، بس سمعت صوت صرخة سيد الي كانت كفيلة تخليني أقعد ع الأرض غصب عني، أعصاب رجلي مبقتش شايلاني، بس.. بس كنت لسه حاسس ببرودة الجسم الي قدامي، كان.. كان لسه واقف قدامي، مكنتش شايف حاجة، بس كنت سامع صوت أنينه الغريب، كإن شخص بينازع، حطيت إيدي على بوقي وكتمت نفسي، وسيد كمان سكت، كإنه فهم إننا لازم نسكت.
هو الي بيحصل ده حقيقي، والي واقف قدامي ده موجود فعلاً؟! أنا.. أنا مش مصدق! عدى وقت مش عارف قد ايه بس كان كفاية إن عيني تاخد على الضلمة وأبدأ أشوف معالم رجله الي قدامي، الغرقانة دم، ورجله الشمال بالذات، الي.. الي كانت مشوهة تماماً، عدى وقت وبعدين لقيته بدأ يتحرك، صوت خطوات رجليه الحافية على البلاط كان مرعب!
لقيته بدأ يخرج من الأوضة الي احنا فيها، وصون أنينه بدأ يبعد، أول ما حسيت إن الصوت اختفى جريت على سيد، الي اكتشتف إنه كان مغمى عليه جنب التلاجات..
– سيد.. سيد أنت كويس؟!
فاق، بدأ يستوعب الموقف مرة تانية وكان لسه هيصرخ حطيت إيدي على بوقه، لقيته بيقولي..
– صدقتني؟! قولتلك شوفته..
– صدقتك، المهم لازم نخرج من المكان ده دلوقتي.
وقفت أنا وسيد في مكانا ولسه هنتحرك سمعت صوت خطوات وأنين بيقرب من الأوضة مرة تانية، اتشلينا في مكانا، بدأنا نرجع براحة، الصوت كان كل شوية بيقرب، مكناش عارفين نستخبى فين فرقدنا على الأرض مرة تانية زي ما كنا عاملين، غمضت عيني، حسيت بخطواته الي كانت بتقرب مني، سمعت صوت الأنين بيقرب جداً، عرفت إنه بيقرب وشه مني، قلبي كان بيدق بسرعة رهيبة، صوت الأنين بعد، بس صوت الخطوات كان بيقرب من سيد، امسك نفسك يا سيد..
هدوء، وبعد دقيقتين من كتم الأنفاس تقريبًا، الشخص بعد عن مكان سيد، فتحت عيني، شوفته وهو لسه هيخرج، فجأة سمعنا صوت رزع على باب التلاجات، من جوه، رزع شديد، هى ناقصة! الشخص وقف، بس كان باين إنه هيتجاهل كل ده ويخرج لحد ما سمعت صوت جي من جنب التلاجات، بيصرخ..
– كفاية، أنا مبقتش مستحمل، حرام عليكم.
اسكت يا سيد، اسكت..
– حرام عليكم.. أنا خايف، حرام.
بخطوات سريعة لقيت الشخص بيتحرك ناحية سيد، بسرعة مرعبة، جسمي كان بيترعش، مش عارف أعمل ايه! مرعوب، بدأ يصرخ، بيتستنجد..
– الحقني يا فرج، الحقني.
كنت مرعوب، طلعت أجري، أيوه، بصيت عليه قبل ما أخرج، شوفت عينه بيتستنجد بيا، كإنه بيقولي..
– متسبنيش..
كملت جري، سمعت صرخاته الي مبتسكتش، بس هعمل ايه؟! أصلي كنت خايف، جريت على طارق، فرد الأمن الي واقف ع باب المشرحة التاني..
– الحقني يا طارق..
– في ايه يا ابني مالك؟!
– سيد.. سيد بتاع المشرحة في شخص غ..
– سيد مين؟!
– العامل بتاع المشرحة كان..
– مفيش هنا عامل اسمه سيد يا جمال، هى عفاريت المشرحة بدأت تشتغل معاك ولا ايه؟!
مفيش عامل اسمه سيد؟! هو ايه الي بيقوله ده، فتحت الموبايل، والواتس..
– أنت بتقول ايه يا عم، ده حتى رقمه أهوه وبيك..
سكت لما ملقتش حاجة ع الواتس، مفيش رقم لسيد، مفيش رسايل، أمال مين ده؟! والجثة الي شوفتها دي كانت تخاريف برضو؟! أنا.. مش مصدق! سبت المكان، والشغل كله، مستحيل أقعد في مكان زي ده مرة تانية، كفاية الي حصلي، بس ده ميمنعش إني الموضوع فضل شاغل بالي، وافتكرت حاجة غريبة مخدتش بالي منها ساعة الواقعة، إن الشخص الي المفروض اسمه سيد قالي..
– الحقني يا فرج.
فرج مين؟! فضولي خلاني أروح اسأل في المشرحة، على شخص كان شغال مثلاً زمان اسمه فرج، مش هخسر حاجة، مفيش حد فادني، لحد ما لقيت عم أيمن، من أقدم العمال في المكان، قالي..
– ياااه.. أنت تقصد فرج عماد الدين؟!
هزيت راسي فكمل..
– ده كان شغال أمن هنا أول ما جيت، بس بعد فترة ساب الشغل ومشي.
– ليه؟!
– أصل مستحملش يقعد بعد موت أعز صحابه، وبيني وبينك بيقولوا صاحبه مات بطريقة غريبة، لقوه مرمي جنب التلاجات وجثته مشوهة..
– ص.. صاحبه ده كان اسمه ايه؟!
– كان اسمه.. سيد.. سيد عبد الراضي.
اتصدمت، يعني الي شوفته ده كان.. مستحيل!
– طب أقدر أقابل عم فرج ده ازاي؟!
– مش هتعرف للأسف.
– ليه؟!
– أصله.. مات.
– مات؟!
– اه.. بيقولوا بعد ما ساب المشرحة بفترة بقى يكلم نفسه، دايما يسمعوه وهو بيقول، سامحني.. سامحني مكنش قصدي أسيبك، كنت خايف، وكلام من النوعية دي لحد ما شنق نفسه.
سيبته وأنا مش قادر أصدق الي سمعته. عدت فترة كبيرة وأنا بحاول أنسى الموضوع ده، لحد ما جاتلي رسالة ع الواتس، بصيت عليها، لقيت مكتوب ” قولتلك الحقني.. قولتلك متسبنيش “، قلبي اتقبض، الرسالة كانت من.. سيد! أكيد تخاريف، جسمي كان بيترعش، مسحت الواتس، قفلت الموبايل، بس.. بس بقى يظهرلي في كل حتة، في كل مكان، كان دايما يقولي ” قولتلك الحقني.. قولتلك متسبنيش “..
– سامحني.. سامحني مكنش قصدي أسيبك، كنت خايف..
ياريتني ما سيبته وجريت، ياريتني.. ياريتني ما فكرت في يوم اشتغل.. في المشرحة.
– سامحني.. كنت خايف!