روايات رومانسيهرواية مغتربه داخل قلبه

رواية مغتربه داخل قلبه الحلقه الثامنه

الحلقة 8″مغتربه داخل قلبه”.
_ حُضن الوردِ_
——–
أومض البرق في الظُلمـــات ، شرارة الألعـاب النارية تُضيء المكان بأشكالها الخلابة ، حيثُ زُينت حديقة القصرِ في أبهي صورهــا ، جلس چوزيف إلي جانب المُحامي المسؤل عن إتمام عقد قرانهمـا فهو المُختص بشؤون زواج الأجانب من مصريات .. وعلي الجانب الأخر منهُ يجلس السيد ضاهــر وقد صافحا كفيهمـا بفرحة ليبدأ المحامي في إتمام المراسم بثبات ..

فقد وافقت السفارة الأمريكية مُرحبه بهذه الزيجة ، فلا يهمها تغيير ديانته أو زواجه من مُسلمه قدر توطيد العلاقات المصرية الأمريكية .. كما ان لـ چوزيف مكانته الهامة بأمريكا مما يجعله لا يُعاني صعوبة الحصول علي أي شيء .. مر اليومان السابقان في مشقة وقلة نوم فقد تم إعداد غرفة لـ چوزيف داخل قصر الناصفي ليُصبح فردًا من العائلة والآن هو يعيش رسمية وجودهُ فردًا جديدًا لهذه العائلة الصغيـــره وتحت إلحاح منها عليه قام بتغيير اسمه إلي (يُوسف) …

شــرد چوزيف في القادم بثقلِ وهمّ ليجد صوت المحامي يهتف له مُقاطعًا :
_ أمضِ هُنا سيد يُوسف .

انصاع مُمتثلًا لحديث المحامي ومن ثم أمسك القلم بين أطراف أصابعه مُوقعًا علي عقد زواجهُ بها ، ولكن كي يتم هذا الزواج ، فلابد من توقيعها .. ألن تأت هي !!! ، نحا ببصره إلي الخانة الفارغة بجانب توقيعه والتي ستخُط اسمها عليها ، في خُبثِ .. فمُنذ مجيئه إلي مصر لم يُشبع رغبته كأي غربي لا تخل لحظاته من الشهوات ، ذم شفتيه عبوسًا وهو يتذكر شرطها لـ زواجها منهُ فتخيب كُل تطلعاتهٍ وآماله وتروح أسفل الثرى …

في تلك اللحظه تابع ضاهر وهو يلتقط الدفتر من يد المحامي قائلًا بحسمٍ : إذًا سأذهب إلي العروس حتي تُوقع .

إتجه ضاهر صوب الباب الداخلي للقصر وما أن دلف داخلهُ حتي وجدهـا تجلس إلي الأريكة المُزينه وقد إلتفت صديقاتها حولها يُنشدن الأغاني الإسلامية بفرحة لا مثيل لها ..

تلألأت الدموع بعينيه وهو يجد صغيرته قد كبرت وأصبحت عـروس في كامل أناقتها وجمالها الذي لا يغيب عنها أبدًا ، إقترب ضاهـر منها لتقف في مكانها تستقبله بحُب ما أن رأت الدموع بعينيه حتى ارتمت بين أحضانه ليردف بحنو ونبرة تميل للبكاء :

_ أراكِ أجمل عروس قد رأتها عيني يـا صغيرتي ، لقد كبرتي أخيرًا حبيبتي ، أُحبكِ بقدر حُبكِ للإسلام ورسوله .

اسلام وهي تُحاوط خصره بذراعيها : أُحبك يا أبي ، فأنت من أعتنيت بنبتتك حتي إتخذتك قدوة وحذت حذوك لتكون شيئًا عند ربها مذكوره .

ضاهر وهو يمحو قطرة الدموع التي خانته فإندلعت علي خده سريعًا ليردف بحُب :
_ هيّا ، أمض حبيبتي ، فـ زوجكِ يتوق لـ رؤيتكِ والجلوس معك قليلًا .

أومأت اسلام برأسها إيجابًا ، لتلتقط القلم منهُ ثم تخط اسمها إلي جانب زوجها لتصدح أصوات الزعاريد في أرجاء القصـر بفرحة ..

چودي وهي تقترب من اسلام قائله بفرحة بعدما وضعت الهاتف أمامهما :
_ هيّا نلتقط صورًا تجمعنا للذكري .

اسلام وقد لوت شدقها بإمتعاض : أي ذكرى؟ ، هل وجدتني ابتعد عنكِ إلي أقاصي البلاد يا بامبي !!
چودي وهي توميء برأسها سلبًا : بلى ، ذكري لن تتكرر لكونكِ أصبحتي أُنثي غاية في الجمال وإبداع الخــالق .

لكزتها اسلام في غيظ ِلتهتف بها فتنهرها :
_ حمقاء ، انا منبع الجمال في الأساس ، ولكن لم يخلق الله الجمال بنّا حتي يتلذذ كُل من هَب ودب برؤيته ، للجَمال أسياد وكُل سيدٍ يَغار علي نصفه الآخر فهي حصته من جمال الدُنيا له وحدهُ ، فلما أحرمهُ خصوصية صوني داخل بيته كملكة لعالمه فقط، هلا فهمتني !!

چودي وهي تغمز لها : وكيف لا أفهمُك ، فالجميل لا يتلفظ سوي بكُل مــا هو چميل .

في تلك اللحظه وجدت والدها يعود إليها من جديد وبنبرة حانية تابع :
_ اسلام ، زوجك ينتظرك في حجرة الطعام ، فهلا أتيت ؟!

أومأت اسلام برأسها في تفهم ، أخذت تفرك كفيها بوجلِ غير معهود عليها ، سـارت بخُطى وئيده صوب باب الحجرة الذي كان مواربًا قليلًا ومـا أن فتحته أكثر ودلفت للداخل حتي حدق بعينيه إليها في شدوه ، حينمـا وجدها ترتدي الثوب الأسود الذي أحضرهُ لهـا ، حيث يضيق علي جسدهـا بأكمله ومن ثم ياخذ نفشه في أخره وكان من النوع الدانتيل المُطعم بالفصوص السوداء أيضًا وقد لفت حجابها بطريقة رقيقة وترتدي دبلته في يدها والتي ألبستها لها السيدة فاطمة لـ رفضها القاطع أن يمسها قبل عقد القران …

_ لم أكُن أُصدق أنكِ هي لو لم ترتدين هذا الفستان .. لا يُعقل أنكِ بهذا الجمــال القاتل !!!

اسلام بإبتسامة رقيقة : أجل .. أنا هي ، لا نغش البضاعة لا تقلق .

في تلك اللحظه إقترب چوزيف منها أكثر ، ثم قبض علي كفها حتي قربه من فمه وراح يُقبل راحتها في مُحاولة بأن تلين فـ تُعيد تصحيح شرطها المُسبق ، تنحنحت اسلام قليلًا ثم أبعدت كفها علي الفـــور وبنبرة مُتلعثمة تابعت :
_ توقف عن هذا وإلا سأخرج !!

چوزيف بعصبية مُفرطة : ولماذا أتوقف !! ، أولستِ زوجتي رسميًا ؟! ، فما العيب من تقبيل راحتكِ أو أن تُصبحي كُليًا ليّ !!

اسلام بضيقِ : العيب أنك بهذه الطريقة ، تنقض الوعد الذي بيننا ؟

هزّ چوزيف رأسهُ في حنق ومن ثم مد يدهُ إليها مُجددًا ليقبض علي ذراعها بقوة وبعدها يسحبها إليه ومن ثم يُعانقها بقوة وهو يهتف بنفاذ صبر منه :
_ لا أحتمل المزيد .. فـ استسلمي ليّ الآن أرجوكِ !!!
أخذت تتلوى بين ذراعيه وراحت تهتف بنبرة حانقة : ما زلت غربي ذليل لـ شهواتك يا يُوسف .. يجب أن تتعلم كيف تتحكم بها وهذا درسك الاول في الاسلام .. لذا فلتتفضل وتتركني ، لقد آلمتني ذراعيك كثيرًا .

لم يُحرك ساكنًا أبدًا بل غرس وجهه في كتفها ، وشدّ علي خصرها وشيء من الغرابه يحدث داخلهُ .. تحولت مشاعر الشهوة تجاهها لأُخرى تتوق لإطالة السكينه بين ضلوعهـا ، أغمض عينيه وكأنه يسمع إحدي أغانية الموسيقية الهادئة بعد يوم شاق عليه .. إزدردت ريقها بصعوبة وراحت تقول في رهبة :
_ لو سمحت .. أترُكني !!!

چوزيف بنبرة هادئه للغاية :دعيني علي حالتي هذه ، أشعر براحةً لم أعهدها سابقًا مُنذ رحيل والدتي عني .. لن أفرض عليكِ أن ترضخي ليّ ، ولكن هُنـاك إنتعاشة داعبت جذور قلبي بلُطف وكأنه صبا عليل يشعرني بالاسترخاء .

اسلام بإستغراب وهي تضع يديها جانبًا في غرابة مما يقوله ، وبنبرة مُتلعثمة تابعت :

_ تعتصرني وكأني ثمرة طماطم ، سألفظ أنفاسي الأخيرة أقسم لك !!

تنهــد چوزيف تنهيدة حارة ليبتعد عنها في هدوء شديد وبنبرة ليّنه وكأنه نسى لُعبة انتقامه هذه :
_ صدقًا .. تشبُهين أزهار الربيع المُتفتحه ، وحُضنكِ مـا هو إلا جُزءًا من هذا البستان ، أي يشبُه ” حُضن الوردِ ” .

افتر ثغرها عن إبتسامة خفيفة وقد هدأ خوفها منهُ قليلًا لتقول بإعجابِ : حُضن الوردِ !!

چوزيف بتأكيد : أجل ، يليق بكِ كثيرًا .

أومأت اسلام برأسها في تفهم ، تنشقت الهواء داخلها بتوجس وراحت تردف :
_ أستسمحُك أن تجلس إلي هذه الأريكة يا يُوسف ؟!

إتجه إلي الأريكة جالسًا ثم نحا ببصره إليها يرمقها بنظرات مُتسائله لتجلس هي بجواره مُباشرة وبنبرة هادئه تابعت :

_ أنت الآن مُسلم ..والاسلام دين كامل ، وكُل الأخطاء التي نرتكبها هي سهوًا منّا ولا ترتبط بالدين في شيء .. انت الآن قد صبأت لتوك من دين إلي آخر .. وشتـان بين الإثنين .. هل مُقارنةً ثمرة المانجو بثمرة الطماطم ، بمقارنة عادلة ؟!!

چوزيف بنفي : بلي ، غير عادلة !!

اسلام وهي توميء برأسها إيماءة خفيفة :
_ لذا فلا يجب أن تُقارن الاسلام بـ اليهودية المُحرفه .. لأن اليهودية القديمه نصوصها تُشير إلي دين قادم وهو المسيحيه وذكرت مجيء عيسى ابن مريم .. فهل اليهودية حاليًا أخبرتكم بهذا ؟!

چوزيف بنبرة جامدة : لا نحتاج لسماع هذا طالما مُقتنعين بديننا !!
اسلام وهي ترمقه شزرًا : كُف عن النسيان عزيزي .. تكلم بضيغة الإشارة إليهم دون ان تضع نفسك بالحُسبان .. والآن عُرفت إجابتك فـ اليهودية الحالية لا تعترف بالمسيحيه أبدًا ، هي فقط تعترف بقتل الأبرياء بـ فلسطين وسفك الدمـاء والإرهاب .

چوزيف بإنفعالِ خفيف : ولكن أرض فلسطين من حق اليهودي ، فقد ذُكرت في التوراه بأنها موطنهم وأرض الميعاد .

اسلام بإبتسامة ساخرة من جانب فمها :
_ كفاك تشدقًا بما لا تعلم ، هم مُفسدون في الأرض وعندما لم يجدوا من يُرحب بفسادهم وكُره هتلر لهم بسبب شناعة أفعالهم ونشر الرذائل في المُجتمع النازي .. قرروا اللجوء لـ أراضي فلسطين بحجة أنها لهم وكي يجعلوا لأنفسهم كيان علي حساب دماء الأبرياء بفلسطين ، فما فعله هتلــر والله حلالًا فيهم ، هم نكرة بلا موطن أو مكان .

تنشقت الهواء داخلها ثم أخرجت زفيرًا حارًا لتقول بنبرة أكثر هدوءًا :

_ اسمعني يا يُوسف ،الاسم لهُ نبي بُعث لأمته ، اسمه مُحمد جاء بالبُشري وهي الاسلام وانه يهدي الناس لـ طريق الحق .. فهو خاتم الانبياء والرُسل .. وكُلًا من التوراة والإنجيل في قديم الوقت وقبل التحريف كانت نصوصهم قد قيلت علي لسان رُسلهم مثل نبينا عيسى الذي أبلغهم في نص لهُ .. بوجود رسول سيأتي من بعدهُ اسمه أحمد فأتبعوه .. ولكن مُحيت هذه الحقائق وحُرفت حتي لا يدخل أحدًا للإسلام .. والحقيقة الجدير بذكرها أن القرآن هو النص الإلهي الوحيد الذي لم يُعدل أو يُحرف أبدًا .

جدحها چوزيف بثبات ليردف مُتسائلًا :
_ أي أنكِ تعترفين باليهودية والمسيحية وعيسي وموسى !!!

اسلام بإبتسامة هادئه : أعترف بهم وأؤمن بوجودهم قبل الاسلام وأُصدق رُسلهم .. فهم أديان سماوية كالإسلام بالضبط .

صمتت لوهلة كي تستقبل سؤالهُ التالي حينما إنجذب كُليًا لحديثها وبدأ يتجاذب معها أطرافه مُحاولًا الإيقاع بها ولكن هيهات ، أردف بنبرة ذات مغزى :
_ وكيف أعرف بأن الاسلام هو الدين الحق ؟

إعترى وجهها إبتسامة عذبة ومن ثم نهضت في مكانها علي الفـــور حيث أحد الأرفف بزاوية مـا بالغرفة لتلتقط مصحفًا اسود جلدهُ ومُطعم بزخرفة ذهبية ، رفعت كتاب الله إلي وجهها تُقبله ومن ثم عادت تجلس إلي الأريكة من جديد ثم أردفت بمرح طفولي :

_ هذا كتب الله لنـا .. فيقول تعالي ( أنا نحن نزلنا الذكرَ وإنا لهُ لحافظون ) ، هل تعلم متي أُنزل القرءان ؟!
قطب چوزيف ما بين حاجبيه ثم أردف بتساؤل : من عدة أعوام بالتأكيد .. لا أعلم عددهم بالتحديد .

افتر ثغرها بإبتسامة هادئه لتقول بعظمة وتفاخر بما يتواجد بين يديها : أُجد القرءان مُنذ أكثر من ألف وربعمائه عــام عندما نزل علي نبينا مُحمد ، فأرسل الله جبريل إليه بغـار حراء ليأمرهُ بأن يقرأ أول سورة بالقرءان ، لذا كانت أول سورة نزلت في القرآن هي (إقرأ) ، وللعلم كان نبينا أشرف الخلق أُمي لا يقرأ او يكتُب ولكنه أصبح قائدًا لأمة بأكملها (وإنه لعلي خُلق عظيم ) ، الآن أنت تسألني … كيف تعلم بأن الإسلام هو الدين الصحيح ، أليس كذلك ؟!

چوزيف بنظرة مُترقبه لحديثها ليردف بثبات : أجل ؟
اسلام وهي تهزّ رأسها بخفة : عظيم .. فـ لتُخبرني يا چوزيف متي خُلق الكون ، يُمكنك الإجابة علميًا أو من خلال الروايات المذكورة في التوراه ؟!

ذم چوزيف شفتيه بحيرة وبنبرة سادره تابع :
_ اظنها مُنذ سوغت نظرية النسبية لأينشتاين من قرن مضي ؟ .. بسبب حدوث الإنفجار العظيم عندما كانت الأرض كُتلة واحدة ؟.

اسلام تؤيده رأيه : صحيح ، نظرية خلق الكون اتضحت مُنذ عدة أعوام سواء كُثر أو قلائل ولكن هذا تم بعد ألف وربعمائة عام بكثير !!

اومأ چوزيف رأسه إيجابًا وعلامات استفهام كثيرة تحاوط عقله ، فيما أردفت هي بإبتسامة ساخرة :
_ وسيظلوا يكتشفون الكثير والكثير وكُل هذا هُنـا ولكنهم لم يُكلفوا خاطرهم للنظر بين ثنايا هذا التُراث الإسلامي العظيم والذي تسير أُمة كاملة وفقه .. والآن امسكه بين كفيك ، والآن إبحث في فرس الكتاب عن صورة الانبياء ثم الآية رقم ثلاثين .

إلتقط چوزيف الكتاب منها ، ومـا أن بدأ في فتح صفحاته حتي نادته هي بنبرة واثقة تؤكد علي حديثها السابق فقد وضعت كفها علي كفه تحثه علي سماع ما ستقولهُ :
_ ولكن تذكر يا چوزيف أن هذا الكتاب قد خُلق مُنذ متي ؟!

نحا چوزيف ببصره إلي راحتها التي تحتضن كفه ومن ثم أردف بنبرة هادئة وهو يشعر بشيء من الراحة الغير مُتكلفه :
_ مُنذ أكثر من ألف وربعمائة عام ، أي قبل البحث عن خلق الكون ونظريات العُلماء .

اسلام بإبتسامة صافية حنونة : والآن ابحث عن سورة الأنبياء الأية رقم ثلاثين واقرأها عليّ .

استعان چوزيف بفهرس الكتاب في الوصول إلي سورة الأنبياء ، ومـا أن وصل إليها من خلال الترقيم حتي مشي بإصبعة حتي الأية الثلاثين وبنبرة هادئة تابع :
_ (أولم يرَ الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما وجعلنا من الماء كُل شيٍء حيٍ أفلا يُؤمنون ) .

ابتلع ريقه بإندهاشِ وقد صمت لبُرهة يُعيد قراءتها من جديد ، وهنا رفع بصرهُ إليها ثم أردف بحيّرة واستغراب :
_ هذه الآية تتحدث عن الانفجار العظيم نصيًا ، عندما كانت الأرض كُتلةً واحدةً وانشطرت إلي نصفين ؟ .. ياللهول !!

رمقتهُ اسلام بنظرة ثابتة وكأنها تُقر داخل نفسها أن تجعله يتيقن كُل اليقينٍ دون أن يكون هناك شك بداخله حتي لو كان بحجم شعرة رفيعة للغاية ، لم تكُن تعلم بأن هدفه من دخول الاسلام ليس سوي الإنتقــام .. ولكن أصبح من الواضح بأنهـا من ستنتقم منهُ دون أن تعلم خفاياهُ .. ستنتقم من كُل لحظةٍ كان نصفها الآخر علي دين غير دينها …

أردفت هي بنبرة اكثر ثباتًا : والآن أخبرني يا يُوسف .. من العالم الذي قام بإكتشاف النظرية التي تنص علي أن الأرض كُروية ؟!

چوزيف بحماس لم يلحظه حتي الآن : السيــر فرانسيس دريك عام 1577 ميلاديًا .

اسلام بتفكه : هل جميع هؤلاء العلمــاء يغشون من القرآن نظرياتهم ، لا يصح هذا فـ الغش مرفوض في ديننا .

چوزيف رافعًا أحد حاجبيه : ماذا ؟ ، هل هذه النظرية موجودة بالقرآن أيضًا .

اسلام بقهقه خفيفة : وما الذي لا يوجد في القرآن ، فأصل الكون هو القرآن يا عزيزي .. جميعنا خُلقنا كي نكون مسلمين .. فطرتنا مُسلمه ولكننا من نظلم أنفسنا .. والآن إبحث عن سورة النازعات الأية رقم ثلاثين ومن ثم فـ إقرأها ! .

بدأ يبحث عن السورة وكاد أن يأكل الصفحات بحثًا عنها من فرط حماسه وما أن وصل للآية المطلوبة حتي تابع بنبرة هادئه :
_ ( والأرض بعد ذلك دحاها ) !!! ، ولكن ما معني هذا ؟

اسلام بنبرة هادئه : دحاها أي بسطها ، وقد شبهها الله عز وچل ببيض النعام حيث انه بيضاوي ، أي ان الأرض في حقيقتها بيضاويه ، اود أن أسألك سؤال أخر ، هل الشمس ثابته أم تدور حول محورهــا ؟

چوزيف دون عناءٍ في الإجابة : ثابتة بالطبع لقد درستها مُسبقًا .
اسلام بتفهم : وهذا ما تُخبرنا به سورة الأنبياء الآية رقم ثلاثة وثلاثين .

مـا أن سمع الرقم حتي بدأ يبحث بين الصفحات ليقرأ بلهفة :
_ ( وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمرَ كُل في فلكٍ يسبحون ) .

إتسعت حدقتا عينيه في ذهولٍ ، أخذ ينظُر للآية تارة وتارة ينظُر لزوجته التي باغتته بإبتسامة حانية وكأنها تُطبطب علي قلبه الثائر فتجعلهُ يخجل من تفكيره القاس بهـا …

أردف چوزيف بنبرة مُتلعثمة : انا مصدوم تمامًا ؟!
في تلك اللحظه سمعا صوت طرقات خفيفة علي باب الغرفة ومن ثم أطلت والدتها التي تابعت بهدوء وافـر :
_ عُذرًا منك يابني ، ولكن صديقاتك وددن توديعكِ قبل رحيلهن .

نهضت اسلام من مكانها علي الفـــور ، ثم ترجلت خارج الغرفه لتودع صديقاتهـا بإنتهاء عقد قرانها ، تركتهُ في حيّرة من أمره يُقلب صفحات (المصحف) في شدوه ، ما هذا الكتاب العظيم ؟! ، كيف يتواجد به كُل شيء .. خلق الكون والكثير والكثير .. لماذا يُعاني العلمـاء كي يتوصلوا إلي نظرية واحدة ، رغم وجودها هنـا .. أجل فهم غير مسلمين ، أغلق المصحف لتوه ليمسح علي وجهه وبنبرة خفيضة تابع :
_ ما الذي فعلتهُ بنفسي !! ، إلي أين ستأخُذني هذه الفتاة بعد ؟ ، أقسم إني أقتنع بكُل مـا قالته .. أنا في ذروة حيرتي ؟ ، بداخلي شيء يجعلني أُصدقها .. ينهرني بقسوة وكأنه يُحذرني أن أخون ثقتهـا بيّ .. ماذا أفعل ؟

سمع صوت الباب يُفتح من جديدٍ لتطُل هي بفستانها الأنيق وبنبرة ثابتة تابعت :

_ هل أقودك إلي غرفتك كي ترتح قليلًا ، فينتظرك درسًا جديدًا في الغـد .

نهض چوزيف من مكانهِ ، زفر زفرة مُطولة قبل أن يقول بضحكة عابثة :
_ ألن تتراجعي عن قرارك ؟!
كبا لون وجهها إلي الحُمرة القانية ومن ثم أردفت بنبرة هادئه : يمكنني التراجع عنهُ إن أجدت الدرسين القادمين ؟

چوزيف رافعًا أحد حاجبيه : أعتبره وعدًا منكِ ؟!
اومأت اسلام برأسها إيجابًا فيمـا ثنى ذراعه ليغمز لها قائلًا بثبـات :
_ فلتتأبطي ذراعي إذًا .

سـارا معًا لخـارج الغرفة ، قام والدها بإصطحابه إلي غرفته فيمـا قررت هي الذهاب إلي غرفتها حتي تتحرر من قيود هذا الفستان بلباسها الفضفاض القُطني ..

دلفت والدتها إليها ، سارت بخُطواتها ناحية الفراش تحمل كوب الحليب بين يديها ومن ثم وضعته علي الكومودينو المجاور للفراش وبنبرة حانية مالت تُقبل جبينها قائله :
_ اشربي الكوب كُله يا عــروس .

استقامت فاطمة من جديد وبنبرة ذات مغزى تابعت : هلا أخذتي كوب الحليب الخاص بزوجك إلي غرفته ؟!

اسلام وهي توافق علي مضض : كما تشائين يا أمي ، سأخذه إليه حالًا .
إلتقطت اسلام الكوب الآخر من يد والدتها ثم سـارت صوب غرفة زوجها ، دقت الباب بخفة ولكن لم تأتيها إجابة منه ، لتحسم أمرها ثم تفتح الباب بهدوء شديد .. نظرت داخل الغرفة بتوجس لتجدهُ نائمًا بفراشهِ وصوت الموسيقى يصدُر من خلال المسجل الكهربائي الذي يتصل مُباشرة بأسلاك مُتصلة بشبكة إنترنت ، وضعت كوب الحليب علي الطاولة بخفة ومن ثم سـارت حتي المسجل لتبدأ في إختيار شيء مـــا ،،،

فتح عينيه علي وسعهما عندما وجد الموسيقي قد توقفت فجأه وتم استبدالهـا بشيء مـا ، لم يتعرف عليه بعد ، نحا ببصرهُ إلي هذه الزاوية ليجدها تبتسم له في خفةٍ ، أردف چوزيف بنبرة مندهشة :
_ اسلام ؟! .. مَتي دلفتِ للغرفة ! ، لم أشعُر بكِ أبدًا .
وضعت اسلام إصبعها علي فمها ثم أصدرت صوتًا يحثه علي الصمت وراحت تُشير إلي مصدر الصوت لتقول بهدوء :

_ هذه سورة (يُوسف ) .. إن أردت أن تشعر بالراحة النفسية فهذه السورة أحق ان تُسمع من الموسيقى .
افتر ثغرهُ عن إبتسامة خفيفة لم تصل إلي عينيه ، ذأبت في سيرهـا صوب باب الغرفة فيما أردف هو بترجِ :
_ فلتبقي ، أرجوكِ ؟!!
اسلام وهي تنظر له من فوق كتفها : ماذا قولنا ؟!
چوزيف بتنهيدة فاترة : حسنًا ، لأنتظر .

أسرعت اسلام في خُطواتها خارج الغرفة ، فيمـا أنصت هو لـ صوت الشيخ في تأفُف ليميل برأسه علي الوسادة ويضع أُخري علي أُذنيه حتي تحجب وصول الصوت إليه ، أخذ يتقلب في فراشهِ لبعض الوقتٍ ..أرخى قبضته عن الوسادة الموضوعه فوق رأسه ورويدًا رويدًا وجد نفسه ينصت إلي الآيات بشيء من الرغبه .. لم يُزعجه الصوت كما إعتقد بل جاءته هذه السكينة الذي شعر بها بين أحضانها من جديد .. أغمض عينيه في إستسلام ومن ثم غط في سُباتِ عميقٍ …

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

قصه الروب الاسود كامله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى