فصل(٤)
ويسألونك عن حُبِّ العزلة، قل: هي راحةٌ من غِيبة، وفِرارٌ من نميمة، ودرءٌ من سقطاتِ اللسان، ورحماتٌ من القيلِ والقال ..!!
_ايه يا بنتى البوست دا عالصبح !
قالتها زميلة هبة بصيدلية المشفى حيث يعملان صباحاً ،ف أجابت هبة ممسكه رأسها مغمضه عيناها
_والنبي تسيبى هبة فحالها ، معاكِ مسكن ؟
_مسكن!! إحنا فالصيدلية ياحجه …طبعا فيه
قامت صديقتها من مجلسها واحضرت لها كوباً من الماء وقرص مُسكن واعطتها إياهم
تجرعتهم واستندت ب رأسها على المكتب ،فاقتربت منها زميلتها تتحدث معها ب إشفاق
_انتِ منمتيش بليل ولا إيه ؟
_مبنامش …مبنامش نهائى من ساعة م جه الزفت الل سكن فوقى هو وفرقته
ضحكت صديقتها بشدة وقالت
_ليه يابنتى !
_خبط ورقع وطبل وزمر ،فيه مولد وفرح كل يوم معمول فوقى،لاعارفه أنام ولا أكل ولا اركز فالرسالة
دماغى شواكيش جواها
تعجبت زميلتها وقالت لها بغضب
_اشتكى لصاحب العمارة
نظرت لها هبة شذرا وقالت بنبرة ساخرة
_من أول يوم اشتكيت ،عارفه قالى إيه؟
هزت زميلتها رأسها …ف أكملت هبة
_قالى هو عارف ب كدا وان دا شغل الاستاذ المستهتر الل ساكن فوقى
وقدامه ٦شهور بس لميعاد مسابقه وهيمشى …يعنى انا هفضل فالشواكيش دى ٦شهور كمان
_اشتكيه فالقسم ياهبة
نظرت هبة إليها فجأة ،فهزت زميلتها رأسها لها وكررت الفكرة ثانية عليها
_ايوة ، اشتكيه خلليه يمشى وكدا جت قانونى ،يشوف له مكان بقا يخبط ويطبل فيه غير عندك
احنا ناس ماشيه بالعلاج !
لمعت الفكرة بذهن هبة ، عادت وفكرت بها مالياً خاصه بعد سماعها لمهرجان من مهرجانات بيجاد بالطابق الاعلى ، ارادت ان تقوم بتنبيهه بالحُسنى أولا ومن ثم تأخذ إجراؤها
صعدت له وطرقت الباب بشدة حتى يستمع ،فتوقف الجميع عن العزف وفتح أحدهم الباب ..ظلّت واقفه بلا حراك حتى أتى بيجاد من الداخل وإلتوت شفتيه قائلاً
_افندم…نعم يا دكتورة
_وعرفت إنى دكتورة …يعنى دا مش هيخليك تحط فعينك حصوة ملح وتبطل بقا الخبط والرزع دا
انا أعصابي تعبت
عقد بيجاد ذراعيه ،ووقف أمامها يتحدث
_ياستى والله ،انا مش مقيم افراح وليالى ملاح …ولا جاى ازعج حد وقاصدك انتِ بالذات
أنا بتدرب على مسابقه ودا المكان الوحيد المُتاح ليا وللفرقه نتدرب فيه
عشان إحنا مش من هنا …وقدامنا شهور بسيطه والحفلة كبيرة وهنقدم كذا مقطوعه ودا حلم احنا بنسعى له بقالنا سنين …اظن كذا الرؤية وضحت يا دكتورة
_وانا ايه ذنبي ! انا واحدة بتصحى الصبح بدرى تروح شُغلها لحد بعد الضهر وآجى يدوب اغير هدومى وانزل للصيدلية ،بيورد عليّا اشكال والوان لحد بليل اقفل وارجع أبدء فى الرسالة بتاعتى الل طبعا محتاجه تركيز
وحظى الأسود مأجلاها بقالى فترة وبدأت فيها قبل م حضرتك تشرف ومش هينفع أجل تانى
يعنى مجهود زى دا ،اكيد محتاجه أنام شوية ،دا لو مش هيضايق حضرتك إنت والفرقه!
تنهد بيجاد مع ترديده للحوقلة ،ف خرج كريم صديقه وشارك الحديث
_طب أنا عندى فكرة يا دكتورة
_إتفضل
_ممكن الفترة دى تعزلى عند حد من قرايبك لحد م تخلص المسابقة وبعدها ارجعى
تعصبت هبة منه فقالت بنبرة غاضبة
_وأمشى ليه أنا،م تمشو انتو …دى حاجه غريبة والله
_يادكتورة نمشى ازاى ،انا والعبد لله اتنفخنا لحد م لاقينا مكان فالقاهرة كويس وعلى أد الايجار
ضربت هبة كفاً ب كف وطرأت ببالها فكرة ف اجابتهم
_ومش ملاحظين ليه الاوضه دى بالذات بعد ما لفيتو كتير تكون ع أد الايجاربتاعكم!
خرج البقية أمام الباب يسمعون لها ،ف ابتسمت هبة ب خبث وقالت لهم
_الاوضة دى اتقتل فيها حد زمان ، يعنى مسكونة وبقالها كتير محدش سكنها
وعشان كدا ايجارها ع الاد
_اعااااا اهرب يا وِلد !!
قالها أحد أفراد فرقه بيجاد هارباً للداخل يقوم بحمل اشياءه وفى طريقه للهروب ،
فقال له بيجاد منزعجاً
_إثبت ياض فيه ايه
_بتقولك عفريت ياعم
نظر بيجاد إلى هبة يبتسم بسخرية وأردف
_بقا فيه عفاريت هنا؟!
عقدت هبة ذراعيها وأومأت ب رأسها إيجاباً ،فأكمل بيجاد قائلاً
_طب أنا عاوزه يطلعلى
ابتسمت هبة ابتسامه عريضه وقالت
_كدا …ماااشى
تركتهم وهبطت الى شقتها ، ارتدت حذاؤها ومقصدها قسم الشرطه لتقديم محضر بالازعاج
وحينما ذهبت جلست ف تم أرسال إستدعاء له بالحضور إلى قسم الشرطة
ف علم المكيدة إذاً …ف أمسك بزجاجه وطرق بها راسه حتى جُرحت جبهته ،،نظر له أفراد فرقته متعجبين فقال أحدهم
_إيه دا يابنى؟
_مش مشيتها هى أقسام،انا بقا هوريها
هبط بيجاد الى قسم الشرطه وحينما دلف للداخل اصتنع الشهقات من هول الجرح
وأردف بصوت أجش
_انا عاوز اعمل محضر فالدكتورة ، بتهددنى ي أمشى ياتفتح دماغى …ولما وقفت قصادها ب أزازة دواء فيه سّم قاتل وراحت شلوحت بيها دماغى ياباشا
اتسعت عينا هبة وقالت ب انزعاج ونبرة عالية غير معتادها
_أنا !! أنا عورتك …ايه الكدب دا حرام عليك
_دكتورة هبة ..فعلا إنتِ قومت بضربه
_كداب حضرتك ، هضربه ازاى وهو عامل زى الحيطه كدا
تدخل بيجاد وهو يتحدث بغضب مُفتعل
_انا عاوز محضر اثبت المعمول فيا دا حضرتك وتهديداتها انى لازم امشى من العمارة والا هتجيب اهلها من البلد يعدمونى العافية !!
وبعد تدخل من الشرطه ،تم إسقاط محضر أمام محضر فخرج الإثنين يتوعدان لبعضهما البعض
فنظرت هبة الى بيجاد
_برضو هتمشى من العمارة
ضحك بيجاد بسخرية شديدة وقال
_عند أم ترمس الل بتعانى من الهيربس
_طب هنشوف
#نور_إسماعيل
__.
وفى جلسة ل هبة مع زميلتها ياسمين ، كانت تقصّ لها ماحدث ب أكمله
فضحكت ياسمين كثيراً وقالت
_شكل دمه خفيف أوى
_دم خفيف ايه ي ياسمين ، بقولك بنى آدم سخيف ومستهتر ومش مراعى حقوق الجار
نهضت ياسمين من مكانها وتناولت الماء تجرعت منه وقالت لها
_بصّى،واضح كدا انه فعلا جاى لشغل ..مسابقه وبتاع ،حظك بقا الاسود انه جارك انتِ
مش ذنبه
_وعم عبدالله بيسكن أى حد كدا ينفع او مينفعش !
_دا صاحب بيت وطبعا هيدور عالمنفعه أولا ً وأخيراً
صمتا الاثنين ف دلف شخص للصيدلية ،نهضت له ياسمين وصرفت له الدواء المطلوب ومن ثم جلست بجانب هبة ثانية ، بينما كانت تحكّ هبة بالقلم فى رأسها تفكر وقالت وهى شاردة
_يعنى فكرة شكوى القسم ، فشنك ! بفكر اشتغل له فموضوع العفاريت دا
وأجيب حجات قديمه وهدوم مقطعه واحط عليها ميكركروم واحطها قدام شقته
واشترى جمجمه
قاطعتها ياسمين وقالت لها
_ايه الهبل دا ي هبة ،انتِ اكبر من كدا يابنتى
تنهدت هبة بغضب وقالت
_انا تعبت ، مبقتش مرتاحه ابدا فالشقه ..حرام كدا والله
إثر تحدثهما ،دلف نفس الشخص الذى دلف المرة السابقه وكان يريد دواء غير مصرح به
وكان يهتز ويبدو عليه عدم الالتزان اكثر والهذيان
كان يفتعل حركه باصبعيه وهو يستنشق بانفه ،حركات مريبة كلها
فنادى بصوت رخيم
_يا أبلة
نهضت هبة من مكانها غاضبه وقالت
_نعم
_عاوز الدوا دا ضرورى
_قولت لحضرتك من المرة الل فاتت ،مينفعش اصرفه إلا بروشته
هاتلى روشته وهصرفه لك
عيناه حمراواتان ، كان يحك بهما بيديه ، وقال وهو يهتز ٱمامها
_يا أبلة م قولنالك بالحب هاتيه ،وهتاخدى أكتر من تمنه كمان
رفعت هبة نظارتها لانفها وقالت بإحتداد
_كمان رشوة ! طيب بقولك ايه بقا ، اتفضل دلوقت حالا وإلا هتصل بالبوليس
وإياك تعبت الصيدلية دى تانى حتى لو معاك الروشته ..فاهم!!
نظر لها الشخص بتوعد وقال لها بصوت هامس
_حلو أوى كدا ي أبلة ، افتكرى بقا الل قولتيه !
انصرف الرجل من أمامها فشعرت هبة بالخوف منه ولكنها تمالكت نفسها وعادت إلى مكانها بجانب
ياسمين ..
وفى المساء بعدما اغلقا الصيدلية وودعا بعضهم البعض ، كانت هبة فى طريقها إلى المنزل
مرت ب محل البقالة تشترى أشياء لها ، ومن بعيد كان ينتظرها أحدهم ويسير خلفها ،يتبع خطواتها خطوة خطوة …حتى وصلت إلى منزلها ..
دلفت و وضعت اشياءها، فتحت_التلفاز_ وهى تعد وجبة العشاء وتستمع إلى الفيلم المُذاع
وتضحك مع قفشاته !
__
_ كُل قَلب وله قلَب يَليق به ، اللهُمَ أجمعنا بِمن نَستحقه ويَستحقنا..الله ي حبيبي الله
ايه الكلام الجامد دا استغفر الله العظيم من الجمال
تفاجئت جنات من ردة فعله وقالت
_ ايه بابيجو انت بتتريق
اعتدل بيجاد فى جلسته وقال وهو يتحسس جرح رأسه
_ااااه ، ياحبيتى مش بتريق بنعنش الجو بلاش يعنى
قالت جنات ب إهتمام مبالغ فيه
_بتقول اه ليه ،مالك يابيجاد ..انا من أول م رديت عليا وانا حاسة ان فيه حاجه
قولى رد عليا ،انت مخبي عليا إيه
قاطعها بيجاد وقد زاد عليه التعصب
_طب أنا أرد على أنهى سؤال دلوقت ! واحدة واحدة أما تفتحى تحقيق ياجنات سؤال سؤال الله يباركلك
إثر تحدثهما سوياً .. سمع صوت صراخ يأتى من أسفل فتوقف عن المحادثة
_ثوانى ي جنات ،صوت حد بيصرخ
ترجل حتى الشرفه ووضع اذنه فسمع الصوت قريباً،يأتى من ألدور أسفله
_جنات هكلمك بعدين هكلمك بعدين
على الدرج كان يهبط بسرعه جدا وبملابس نومه ،وضع اذنه على باب شقة هبة فتأكد ان الصوت يأتى من الداخل !
ف دفع الباب ب كتفه عدة مرات حتى فُتح ف وجد الشاب غريب الأطوار هذا يمسك هبة يضربها ويكسر كل م يقابله بالمنزل مع ترديده
_لما بعد كدا اجيلك واقولك عاوز الدوا دا تديهولى فاهمه !! المرة ظى كدا بس المرة الجاية هموتك
تدخل بيجاد وسدد له اللكمات واحدة تلو الأخرى والاخرى ،حتى أحدث جرح فى وجهه كبير وهو يردد
_إنت مين وعاوز منها اييه ،انا هسلمك للبوليس ..اتصلى بالبوليس بسرعاااه
هرولت هبة الى هاتفها وهى مذعورة وغير متزنه من خوفها ، وامسكت به بينما كان بيجاد يوسع الفتى الغريب ضرباً حتى افقده وعيه …هاتفت هبة الشرطه وكانت إجاباتهم انهم أتيون على الفور !
ولا سيما اتت الشرطه وامسكت بالمتهجم ،كانت هبة تلهث وتتقطع انفاسها خوفاً
_حضرتك هتيجى القسم انتِ والأستاذ عشان تفيدونا فالمحضر
اخذوا الشخص وذهبوا ،نظرت هبة نحو بيجاد وقالت على استحياء
_أنا متشكرة جداً…وأسفة !!
__