قصص

الغلطه

ياما حذرتك من ضرب البنت، دي في الاول وفي الآخر بنت، وحتى لو ولد، ليه الاسلوب ده، وآدي أخرتها، اديك شايف الحالة اللي ترعب وملهاش تفسير اللي البنت وصلت لها، بنت مكملتش 20 سنة، حياتها كلها بتدمر أو ادمرت فعلا بسبب جهلك وعنادك…
كنت في قمة غضبي ومقدرتش اتمالك نفسي، انفجرت فيه قدام الشيخ اللي جاي يعالج البنت، وهو من ناحيته مكنش يملك غير الصمت، قامت اختي هدتني، وبدأ الشيخ يقول:
استهدي بالله عشان نقدر نبدأ، البنت في حالة متستحملش أي أجواء عصبية، كمان لازم البنت مع جلسات القرآن تتابع مع دكتور نفسي، والأهم أنها تشوف بينكوا حب ومودة، ويسود البيت جو أُسري مناسب عشان تساعدوها تسترد صحتها ونفسها..
قعدت وفضلت استغفر لحد ما هديت، وبدأت أحكي للشيخ:
من ساعة البنت ما بانت أنوثتها وهو حاططها تحت حصار ولا كأنها مذنبة، النفس بيحسبه عليها، مراقبها ال24 ساعة، ولو عملت هفوة واحدة حتى لو بدون قصد بيعنفها، ومؤخرا بقى يضربها، تخيل أنه بيضربها لو اتأخرت 5 دقايق عن الميعاد اللي هو محددهلها للرجوع، لا يعرف ظروف ولا غيره، لحد ما من شهر البنت كان عندها درس، وأتأخرت ربع ساعة بس، والمدرس بنفسه اتصل بينا وقال أن هما هيروحوا يصوروا ورق مهم، وهو مقدرش يعمله زي كل مرة، اتصل لأنه عارف صعوبة أبوها، لكن ده ممنعش أنه يضربها، لأنه شاف من وجهة نظرة السيئة، أن مهما كان الظرف، كان لازم البنت ترفض وتسمع كلامه!!، تقريبا كده ده مرض نفسي، مرض للأسف مكتشفتوش الا متأخر أوي…
أول ما دخلت ضربها، ولما البنت جريت للحمام تستخبى، ملحقتش، لأنه لحقها وضربها جوه الحمام، ومن يومها وهي من سئ لأسوأ…
قطع كلامي صوت البنت وهي بتزوم!!، كان خارج منها صوت مريب يقشعر الجسم، صوت خلاني احس اني قدام شيطان مش مريم بنتي!!، قربنا كلنا، بدأت تتشنج كأن كهربا مسكت في جسمها، وصوابع ايديها ورجليها ركبوا على بعض!!، جسمها كان خارج منه نار والعرق بينزل منها زي ما تكون فتحت حنفية، عنيها ابيضت بالكامل، ورجعت تقول بصوت يخلع القلب:
_ هأذيها، هأذيها لو فكرتوا تبعدوني عن مراتي..
حسيت اني قلبي هيوقف من الخوف عليها أكتر من الخوف منها أو من الفعل اللي بقت عليه، اتحكم في جسمها أبوها، وفضل الشيخ يقرأ من القرآن ما تيسر له بعناية اختيار الآيات، وكل ما كان يقرأ، كل ما البنت تترعش اكتر، لدرجة ان من كتر القوة اللي بقت عليها، ابوها اترمى على الأرض بعد ما فقد السيطرة عليها!!، لكنه قام وأحكم سيطرته عليها مرة تانية، وفجأة جسمها ثبت مرة واحدة، وشهقت، ونزل ريم أبيض من بؤقها!!..
حسيت ان البنت بتروح مني، كنت عمالة اعيط، طلب الشيخ من ابوها ينقلها لأوضتها، وطلب مني امسح عرقها واغيرها هدومها وارجع تاني اكمله اللي كان بيحصلها..
لما بقيت معاها في الاوضة لوحدنا، قفلت الباب ومسحت وشها وبوقها، وقومت للدولاب اطلع لها غيار، واول ما فتحت الدولاب، حسيت ان درجة حرارة الأوضة بقت أعلى، سخونية محسوسة ظهرت فجأة في الأوضة، ايدي عرقت وجبيني، وجسمي اترعش، وسمعت صوت حركة جاي من عند السرير، قفلت الدولاب وبصيت بسرعة، عشان ألاقي أكتر مشهد مرعب في حياتي!!، مريم قاعدة وضهرها مفرود، عنيها حمرا زي الدم، حتى النني الاسود بقى أحمر!!، بتضحك ضحكة تخلع القلب، وقالت بصوت غليظ:
_ لو اتكلمتي، هموتها..
فضلت أصرخ، ولقيت نفسي اتحدفت واتخبطت في باب الأوضة، وبعدها الباب اتفتح ودخل منه سعد جوزي واختي، سندوني عشان اقوم، كنت حاسة بوجع في كامل جسمي من الوقعة، ووجع في قلبي من الصدمة، ومريم كانت نايمة زي ما هي!!!..
طلبت من الشيخ انه يدخل الاوضة، وحكيت لهم اللي حصل، فقالي الشيخ كملي باقي الحكاية، عايز اعرف ازاي حالتها اتطورت كده..
من بعد ما ضربها في الحمام، وهي بقت تحلم بكوابيس، كنت اصحى على صرختها، في الاول مكنتش بتبقى فاكرة هي شافت ايه، استمر الحال ده كام يوم وبعدها جت قالت لي انها بدأت تشوف واحد حلو أوي ووسيم، ودايما في الحلم بتروح معاه لمكان، مكان ملوش ملامح، الا انها بتقف قدام بيت شكله كئيب، ومبترضاش تدخل وبتسيبه وتمشي، مكنتش بعرف أرد أقول ايه غير انها تستعين بالله وتقرأ قرآن وتصلي قبل النوم، لكنها مكنتش بتعمل كده، وبدأت تقفل على نفسها باب اوضتها كتير، وتغيب في الحمام أكتر!، وكنت اشوفها ساعات واقفة قدام المرايا تبص على نفسها وجسمها، برغم انها مكنتش بتعمل كده!!، ومن اسبوع، كانت اختي عندنا، وانا نمت معاها في اوضتها، ولما صحيت لقيت الجلابية اللي كانت لبساها، لبساها بالمقلوب!!، وعلى رجلها من فوق ركبتها آثار صوابع!!!، صحيتها بسرعة وسألتها، كانت مخضوضة، كأنها كانت صاحية ومتكتفة، او مش مستوعبة، مش عارفة اوصف حالتها وقتها، لكن تقريبا كانت في حالة تشبه التنويم!!، فضلت تعيط وقالت:
اول امبارح كنت في البلكونة بليل بحيب الاسدال، كنت خايفة وعايزة اصلي، لقيت صوت بينده عليا من فوق السطوح، ولما بصيت، لقيت نفس الشخص اللي بيجيلي في الحلم، كان وسيم اوي، قعد على ركبته وقالي:
_ انا خاطرت وجيت لك لحد هنا، انا عايز اتجوزك، لكني مش هقدر اتقدم، تعالي، ادخلي السرير ونامي، وانا ساعتها هقدر اتكلم معاكي، هقدر نتواصل..
لقت نفسها بتسيب الاسدال وبتدخل اوضتها تنام غصب عنها، ولما اليوم ده صحتها، كانت حاسة نفس الاحساس، وقالت لي انها.. انها اتجوزته!!..
ومن اليوم ده بدأت الاحظ حاجات غريبة عليها، سرحانة على طول، مبقتش بتاكل تقريبا، جسمها كل يوم بيظهر عليه كدمات، مبقتش تطيق تسمع صوت القرآن، ولو لقت حد فينا بيصلي بتغضب جدا، ولما تسمع صوت الآذان بتفضل تكسر اي حاجة قدامها، وعشان كده لجأت ليك يا شيخ، انا مش فاهمة اي حاجة، ولا عارفة اتصرف ازاي ولا ايه وصلها لكده، كل اللي انا عايزاه، ان بنت ترجعلي، ترجع زي ما كانت، انا معنديش غيرها…
قال الشيخ بحسرة ورجاء:
_ لا حول ولا قوة إلا بالله، بصي يا بنتي، بنتك صابها جن عاشق، وللأسف هي سلمته نفسها وضعفت، لكن بأمر الله ربنا هيحعلنا سبب في خلاصها منه، اللي زي دول بيبقوا في كل مكان، سياريين بيدورا على فرائسهم من بناتنا، بيسكنوا كل مكان، الحمامات، والمرايات، وكل ركن، وبيفضلوا متربصين لحد ما الفرصة تجيلهم، وساعتها بيعملوا كل حاجة عشان يستغلوها، وللأسف أكتر، انتوا ساعدتوا في كده، وانت يا أستاذ سعد، اتق الله في بنتك يا أخي، حد يبقى عنده عروسة زي دي ويعمل فيها كده، صاحبها يا أخي، ده انت محلتكش غيرها وهتتحاسب عليها، دي هتدخلك الجنة ان أحسنت تربيتها وكنت لها سند، انت مسمعتش ولو بالصدفة أي وصية وصى بها الرسول الرجال تجاه بناتهم؟!، ولا أقولك، خسارة اصلا الكلام ده دلوقتي، حسابك عند الله، وكفاية حسرتك دلوقتي عليها، ما اللي زيك وبغلاظة قلبك اكيد سمع وهيسمع تعاليم الله ورسوله ويبعد عنها، عموما ده مش وقته، هقعد معاك بعدين في ظروف أفضل من دي، لكن دلوقتي البنت دي هتحتاج 3 حاجات:
أولهم: اني هاجي لها كل يوم بعد العشاء وربنا يكرمنا بسرعة ونقدر نتطرد عنها اللي ملازمها ده..
تانيهم: ان حضراتكوا تتعظوا، انت تحسن اخلاقك، وانتي يا مدام تقربي منها وتصاحبيها..
وتالتهم: لازم البنت بعد ما تبدأ تفوق، تتابع مع دكتور نفسي، لأن واضح انها لجأت حاجة تخلصها من اللي مش لقياه بينكوا، البنت محتاجة حنان، محتاجة تحس بدفى الأسرة…
كان كلام الشيخ كله صح، لأن خناقاتي مع ابوها بسبب ادمانه للخمرة والمخدرات كان كل يوم وملحوظ، ومشاكل كتير مبتخلصشي، اكيد كل الشتات ده كان سبب في حالتها واللي وصلت له، قطع تفكيري الشيخ وطلب مني حلة فيها ماية وملح وملح لوحده، روحت جبت طلب، وهو بدأ يقرأ على الماية آيات، ويقطع للبنت على جبينها، كانت ترتعش شوية وتتشنج شوية وتسترخي شوية، وبقى ياخد من الملح ويرشه تحت السرير وفي أركان الاوضة وتحت الدولاب، ولما خلص بص لي وقالي:
_ كل يوم مرتين تعملي زي ما انا عملت كده، مرة اول ما تصحوا، ومرة قبل النوم، ترشي الملح وانتي بتقري آية الكرسي في كل زاوية وركن وتحت العفش، وتقطري على وش البنت بالماية، وكل اسبوع تختمي انتي واستاذ سعد البقرة، وتمسحي البيت بماية وملح، كل زواية وكل ركن، ومع الجلسات اليومية، ان شاء الله البنت هترجع كويسة..
سابنا ومشي بعدها، واستوعبت الدرس كويس، وسعد اتغير، ورجع شغله، وبعد عن طريق الخمرة والمخدرات، ومريم كمان بدأت تتحسن، وفهمت ان ولادنا ليهم حق علينا، حق الحنية والدفى، حق المصاحبة والأخوة قبل ممارسة الأبوة والأمومة، يمكن مريم مبقتش كويسة 100٪، ولسه في حالة شتات عن نفسها، لكننا نستاهل ده، وهنعيش جمبها نحاول نحسن الغلط اللي عملناه على مدار سنين …
تمت..
الغلطة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى