– مات ازاى ده كان لسه معانا من كام يوم
بص لي و كمل كلامه و قال – مش ممكن اخر يوم كان معانا فيه في المشرحه هو السبب
*********** الموت ليه اسرار كتير و عمر ما حد اكتشفها لكن الانسان مريض بالفضول والتدوير في اللي ميخصوش و دايما بتوصل له رسائل ان المنطقه دي محظور علينا نقرب منه كنت يوم في شغلي زي كل يوم قبلت محمود زميلي و سلمت عليه و بدات شغلي عادي زي كل يوم و بدا بقيت زميلنا يوصلوا واحد ورا التاني وكان منهم عم ايمن كان لسه معانا جديد بقالوا كام شهر بس سلم علينا و دخل شغلوا و كل واحد مننا كان مشغول لكن في وسط اليوم لقيت حد بيهزر مع عم ايمن و بيقولوا – هي دي اخلاق المغسلتيه الجمله خبطت فيه كده و قلت لمحمود – هو عم ايمن فعلا بيغسل اموات قال لي – ايوا يا عم انت متعرفش ولا ايه قلتله – لاء معرفش بس مش باين عليه خالص كان نفسي من زمان اقابل واحد منهم يحكيلي محمود قال لي – يحكيلك ايه ياعم الاموات مبيعملوش حاجه سيبك من حوارات افلام الرعب دي قلت له – اكيد عنده حكايات كتير محمود بصلي و قال – برحتك اعمل اللي يريحك كملنا شغلنا و انا فضلت متابع عم ايمن لحد البريك و رحت له و سلمت عليه و قلتله – هو انت فعلاً بتغسل اموات يا عم ايمن قال لي – ايوا فعلاً قلتله – طيب هو انت ماقبلكش اي حاجه و انت بتغسل و مشفتش حاجه قاللي و هو بيبتسم ابتسامه جميله – لاء مشفتش حاجه قلتله – طيب مفيش اي حاجه تحكهالي قاللي – لاء و ساعتها البريك خلص و رجعنا الشغل كنت حاسس انه مش عايز يحكيلي كملت شغل طول اليوم كان الموضوع شاغل بالي لحد لما خلص احنا كنا بنخلص شغلنا بليل متاخر كنت واقف مستني اركب لقيت عم ايمن جاي و وقف جانبي عشان يركب بردو فقعدنا نتكلم سوا في حاجات كتير و في الاخر قلتله – هو انت ليه مردتش تحكيلي حاجه يا عم ايمن سكت شويه و ابسم ابتسمته الدايمه و قال – انا بس مبحبش اتكلم في الحاجات دي بس قلتله – طيب ما تحكيلي اي حاجه طيب يا عم ايمن عشان خاطري قاللي – ماشي يا عم هحكيلك بص يا سيدي انا ابويا كان بيغسل الله يرحمه و هو اللي علمني كان بيخدني معاه دايما لما كان بيغسل من وانا سبعتاشر سنه لسه فاكر اول جثه شفتها ابويا قاللي يومها
– يلا هتيجي معايا انهارده المشرحه
وفعلا رحت معاه و دخلنا المشرحه كانت سكته اوي كنت خايف اوي بجد دخلنا اوضه التغسيل الميت كان نايم علي طربيزه كبيره متغطي بغطي ابيض ابويا شال الغطه و شفته منظره مخوفنيش زي ما كنت فاكر كان نايم ده كل اللي حاسيته بدات اساعد ابويا في التغسيل لحد لما خلصنا و من اليوم ده شفت جثث اشكال والوان و عرفت ان الاموات عمره ما بيخوفه حد لحد لما في يوم جتلنا شغلانه اننا نبني مقبره جديده فروحنا للمكان بعد ما اتفقنا هناخد كام وكله تمام كنت انا و اتنين كمان جمال وابراهيم فضلنا شغليني طول اليوم لحد لما الليل ليل علينا فمن التعب قلت انا اني هنام هنا في القبره بدل ما اروح واجي و هي لسه نظيفه يعني عادي مفيش مشكله و ابراهيم قال – وانا كمان انا مش قادر لكن جمال قال انه هيروح و يجي الصبح قلتله – برحتك و فعلاً حصل و نمنا فعلاً و علي اول طلوع النهار كده سمعت حاجه بتدخل علينا انا كنت متغطي ساعتها و نايم فلقيت رجل حد قدامي انا اتخضيت و من خضتي مسكت الرجل دي بسرعه اول لما مسكتها سمعت صرخه قويه و الرجل ضربتني و جريت قمت من نومي بسرعه و طلعت عشان ابص علي ايه اللي جري ده لكنه كان جمال كان بيجري و بيصرخ بهستريه جريت ورا بسرعه وابراهيم كان صحي كمان و مسكناه حولنا نهدي فيه كتير لحد لما هدي لكنه ساعتها قاللنا – انا عايز اروح روحوني وفعلا روحناه وكملنا شغل في المقبره انا و ابراهيم و جمال مظهرش خالص من اليوم ده خلصنا الشغل و قررنا اننا نروح نشوفه اول لما رحنا خبطنا فتحت لنا مراته و كانت بتعيط قلت له – في ايه جمال كويس قلت لنا – جمال تعيشه انتوا دخلنا و شفناه كانت علي وشه بسمه صغيره و وشه منور ربنا يرحمه غسلناه و صلينا عليه العصر جنازه و رحنا دفناه كانت اول مره اغسل حد اعرفه ربنا يرحمك يا جمال و في مره تانيه كان فيه حادثه كبيره اوي بتاعه المزلقان لما القطر شال الاتوبيس الناس اللي جواه اتقطعه أشلاء الناس كان ملمومين كلهم وقفين يتفرجوا مش فاهم ازاي في موقف زي ده الناس تقف تتفرج رحت انا و توفيق ابني و فضلنا نلم في الاشلاء و نجمعها و نغطيها ساعتها البوليس والاسعاف جم في واحد من ظباط شفنا بنلم مع المسعفين قالنا
– انتوا بتعرفه تغسله
قلتله – اه بنعرف طبعا يا فندم قاللنا – تمام خليكم مع المسعفين عشان تغسله الناس دي و فعلاً بعد ما لمينا اشلاء كل اللي ماتوا رحنا مع المسعفين و دخلنا مع كل الجثث المشرحه و كل اللي ليه حد كان بيجي يتعرف علي الاشلاء بتاعته و نبدا نغسل فيه عشان الاهالي تستلمه و يدفن اول جثه غسلناها كانت اطرفها بالكامل متقطعه في الموقف ده بنعمل ايه بنجمع الجثه علي بعضها و نغسله لكن في حالات منفعش ده بسبب ان الجثه مش كامله او مجرد أعضاء من غير جسم بيبقي صعب نجمعهم بيبقي كفايه التيمم للقطع الموجوده غسلنا اكتر من ٦ جثث يومها و كان لسه فيه جثث بقيه فقررنا ننام في المشرحه والعامل اللي بيدخلنا قفل من برا و قال انه هيجي الصبح يفتح لنا نمنا و اتغطينا بالغطاء الابيض ده اللي بيغطه بيه الجثث و صحيت علي صوت الباب بتفتح و خطوات بتقرب مني فرفعت الغطاء نص رفعه و لقيت واحد واقف بظهره فمسكت ايده لف و بصلي و لقيته و قع من طوله في الارض صحيتو توفيق و قمنا و بدأنا نفوق فيه اول لما فاق فضل يصرخ و يقول – لاء مش هموت لاء فضلنا نهديه لحد لما هدي و طلع برا و كملنا شغلنا و بقيت الاهالي استلمه جثث الضحايا و خدنا فلوسنا و مشينا بعديها بكام اسبوع طلبوني في المستشفي تاني عشان اغسل فروحت لكني ملقتش العامل ده خالص و جابه حد مكانه شاب صغير فسالته – هو عم مكاوي فين تعبان ولا ايه قاللي بحزن – عم مكاوي تعيش انت مات بقالوا اسبوع اتصدمت بجد وبان علي وشي ده وانا بكلم الشاب ربنا يرحمه و يغفرله خلصت شغلي و روحت حكيت لتوفيق ابني فقاللي _ مات ازاى ده كان لسه معانا من كام يوم الله يرحمه بص لي و كمل كلامه و قال – مش ممكن اخر يوم كان معانا فيه في المشرحه هو السبب قلتله – مش عارف يا توفيق بس دي مش اول مره تحصل معايا بس في الاخر يا بني
)ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون(
ربنا كاتب لكل واحد مننا نهايته من قبل ما يتولد مفيش حد فينا يقدر ولا يقدمها ولا ياخرها لحظه ربنا يحسن خاتمنا جميعاً يارب ساعتها و احنا بنتكلم جيه الاتوبيس و سلم عليا عم ايمن و قاللي – باذن الله هبقي احكيلك اكتر المره الجايه سلام بس و ده كان كل اللي حكهولي و للاسف انا بعدها بفتره اتنقلت من شغلي ده لفرع تاني فمعرفتش اعرف منه حكاوي اكتر لكن مهما مر بيا الزمن عمري ما هنسي طريقته و هو بيحكيلي القصص دي الحقيقه فعلا مرعبه اكتر من اي قصه او خيال
حابب اقول في الاخر ان القصه انا سمعته بنفسي من مغسل