الفصل الثاني ..أنتي الوسيلة ..
صعدت منى لشقتها و السعادة تغمرها لكن الأمر لم يدم طويلا فقد رأت أمامها ما جمد الدماء في عروقها ، انه هو مرة اخرى ذلك الملعون كيف دخل هنا ولم تشعر به ؟ بالتاكيد ذلك السؤال عرفت اجابته فهو ساحر يستخدم سحره الاسود لتنفيذ رغباته ،نفضت تلك الأفكار عن رأسها و سألته مباشرة : انت عاوز مني ايه ؟ وبتظهرلي ليه تاني ؟ لتصمت قليلا ثم تردف : يباة انت اكيد انت السبب ف موت امي !!
ليجيبها بإعجاب : تمام يا منى أنا السبب بس عارفة ليه ؟ لأنها غبية حاولت تقف في طريق رغباتي و كانت فاكرة نفسها هتقدر تمنعني انفذ الي ناوي عليه ؟ لو كانت سمعت كلامي كنت خليتكم انتوا الاتنين ف نعيم طول العمر ، بس هي بأة اتسرعت و فضلت انها تحمي خطيبك حبيب القلب عشان سعادتك.
لتجحظ عينيها بخوف محاولة أن تستجمع قوتها : انت اكيد مجنون !! مالك انت بأحمد عاوز منه ايه ؟ هو لا يعرفك ولا عمره شافك و معتقدش انكم اتقابلتوا ابدا !
ليجيبها باختصار : شوفي عشان مضيعش وقتي بعد 3 أيام القمر هيباة بدر كامل و لازم تجيبي أحمد و تيجوا المقابر عند قبر والدتك الساعة 2 بالليل تكونوا هناك ، عارفة لو اتصرفتي بغباء و حاولتي تقفي ف طريقي هقتلك انتي واحمد ووالدته ، وبصوت مرعب اكمل حديثه : أوامري تتنفذ يا منى والا هتشوفوا عذاب عمركم ما تتخيلوه و هقتلكم بأبشع طريقة .
اسمعي كلامي تعيشي ف نعيم العمر كله و هعوضك عن أحمد و الا …
ليشير بيديه ف الهواء فيشتعل كل ماحولها و الغرفة تضيق عليها و هو يضحك بصوت مقزز و رائحة انفاسه الكريهة تحيطها و تكاد تختنق منها ، ليقترب منها وهو يمسك برقبتها فتنظر في عينيه فترى احمد وهو مقيد بسلاسل من النار و مخلوقات مخيفة تضربه و تعذبه و تسلخ جلده عن عظامه ، تبكي و تبكي بقهر محاولة الافلات من قبضته دون فائدة ليرتفع صوته بتحذير : الي انتي شايفاه ف عنيا ده عينة بسيطة من الي هيحصله لو رفضتي تقدميه ليا ، و باشارة من يديه هدأ كل شيء حولها و رماها بعيدا حاولت الوقوف لالتقاط انفاسها و نظرت حولها فلم تجده.
لتبكي و تصرخ غير قادرة على استيعاب الكارثة التي حلت بها ، كيف تضحي بحبيبها و زوجها الذي يحاول تعويضها عن كل شيء فقدته كيف تقدمه هدية لذلك الخبيث ، لكن ما العمل ؟؟ ظلت تبكي طوال الليل حتى راحت في سبات عميق.
بينما في مكان آخر ليس من عالمنا يبدو عليه أنه في قاع الجحيم ، ألسنة اللهب منتشرة في كل مكان و مخلوقات غريبة الشكل بشعة يقف هذا المدعو هارون و أمامه كائن مخيف هيئته أبشع من أن يتخيلها بشر، ضخم و جسده مغطى بشعر كثيف له أذنين مدققتين و يخرج من رأسه أفعتين و لونه كالقطران وفي نهاية ظهره ذيل كرأس الحربة و أصابعه كالرؤوس المسننة و تفوح منه رائحة كرائحة اللحم المحترق، عينيه جمرتان بلون الدم يتابع بسعادة ما يفعله هارون بقراءة طلاسم غريبة و كلمات استدعاء لا يفهمها كونها غيره و أمامه قدر يغلي مليء بالدماء و الجماجم و عند انتهاء تلك الطقوس يخرج من القدر خنجر له رأس شيطان بعينين باللون الأحمر القاني مرسوم عليه نقوش و زخرفة تدل أنه ليس من عالم البشر.
ليضحك هارون ويهتف : اخيرا الخنجر المرصود الي هيقضي على أحمد وأقدر أخلع قلبه من مكانه و هيبأة أكبر قربان أقدمهولك أيها المارد الأعظم ..
ليمسك بالخنجر يتفحصه بسعادة و عينيه تلمعان جشعا و خبثا ، فقد نذر نفسه للشيطان و سجد له من دون الله وسلك طريقا لاعودة منه أبدا فنهايته محتومة إما بالقتل من أحد ضحاياه أو انقلاب سحره و خدامه عليه، لينظر اليه المارد الماثل أمامه قائلا بصوت يقذف لهبا من فمه : خلي بالك يا هارون اوعى الخنجر يقع ف ايد احمد والا هتباة نهايتك و نهايتي يا إنسي ، أحمد الشخص الوحيد الي لو لمس الخنجر هيقلب الطلسم عليك و تباة دي النهاية ساعتها هتموت على ايدي فااااهم ؟؟
ليومأ هارون برأسه موافقا حديثه ثم يختفي من أمامه ليستعد للقاء منى بينما المارد الأعظم يضحك باستمتاع شديد فقد علم كيف يسيطر على ذلك الغبي هارون بأن أشعل أطماعه أنه سيسخر له جميع عشائر الجن ليكونوا في خدمته لكنه لا يعلم انه ما أن يقتلع قلب احمد و يقدمه قربانه له سيسحق روحه ويتملك جسده ليعيش في هيئته و يدمر البشر.
في شقة منى صباحا..
استيقظت فوجدت نفسها مازالت في مكانها بعد تلك الليلة المشهودة تحاملت على نفسها لتقف و تتجه للغرفة تحاول أن تجد حلا لهذه الورطة فلم تستطع فقد أصاب الشلل عقلها ، لكنها قررت شيئا وحتى إن كان فيه نهايتها لكنها ستنفذه لانقاذ حبيب لا يستحق أن يصبح قربانا لشيطان لعين.
اغتسلت وغيرت ملابسها و قامت بتشغيل القرآن في الشقة و اتصلت بأحمد ليأتي اليها و بداخلها يقين أن آيات القرآن سوف تمنع ذلك اللعين عن مراقبتها حتى تستطيع الحديث مع احمد ، ليأتي مسرعا اليها لتنظر اليه مليا كأنها تحفر ملامحه داخل عقلها و قلبها وما أن جلسا سويا حتى أعطته قلادة فضية منقوش عليها سورة يس و آية الكرسي و قالت : حبيبي أحمد ممكن تلبس السلسلة دي و متخلعهاش من رقبتك أبدا ؟ لينظر اليها مستفهما : غريبة ليه بتديني السلسلة دي يا منى ؟ اول مرة اشوفها معاكي.
لتبتسم قائلة : دي كانت هدية من بابا الله يرحمه جابهالي من مكة و قالي البسها دايما بس بقالي فترة ناسياها ولا لقيتها ملقتش أغلى منك أديهاله.عشان خاطري خليها معاك اوعى تسيبها أبدا.
ليبتسم لها و يقبل يديها و جبينها بعشق كبير و يردف قائلا : عنيا حبيبتي ربنا يحفظك و يباركلي فيكي.
قوليلي انتي محتاجة اي حاجة اجيبهالك ؟
لتجيب بايماءة من راسها فتقول : بستاذنك اقعد مع صاحبتي يومين كده لانها مريضة و هكلمك تيجي تاخدني ، ممكن ؟
ليجيبها مبتسما : انتي تؤمري حبيبتي لو ده هيريحك عنيا ليكي ثم يرتدي القلادة و يطلب منها تغيير ملابسها لتناول الغداء في الخارج ف تستعد ويخرجا سويا..
في هذه الوقت كان أعوان هارون و خدامه يحاولون الوصول لاي شيء يحدث داخل شقتها فلم يستطع أحدهم ذلك ؛ فكل من يقترب من شقتها يحترق عند سماع القرآن من المذياع و ذلك ما أشعل ناره و غيظه منها و أقسم ان ينتقم منها ان كانت تخطط لشيء.
لتمر المدة المحددة و يأتي يوم اكتمال البدر صباحا :
كانت تشعر بأن شيئا سيحدث فغصة قوية تعتصر قلبها كلما تذكرت ما رأته في عيني ذلك الشيطان و توعده لها و لأحمد لكنها قررت ان تنهي كل ذلك و اتصلت بأحمد تطلب منه أن يأتي عصرا ليأخذها للمقابر لتزور قبر والدتها فذهب لمنزلها ووجدها تنتظره بالاسفل و توجها بالسيارة للمقابر و ترجلت من السيارة و طلبت منه أن ينصرف لكنها أكدت عليه أن لا ينزع القلادة من عنقه مهما حدث.
بقيت عند قبر والدتها تحدثها و تعاتبها على ما فعلته بنفسها و بها فلولا تلك الزيارة المشؤومة لمنزله لما حدث كل ذلك ، لتشعر بتيار هواء ساخن و تشعر أن المكان قد تغيرت هيئته ليظهر أمامها هذا الحقير و يصرخ بها : انتي فاكرة انك لما تشغلي الراديو ع القران ف بيتك كده يباة منعتيني اعرف بتعملي ايه؟؟ يا ويلك مني يا وييييلك..انتي اتسببتي ف حرق احسن خدام عندي و وطالما هتعملي زي امك الغبية يياة جت ساعة الحساب يا منى ..
لتصرخ به : عمري ما هنفذ كلامك يا ملعون ولا هسلمك حبيبي بايدي.. الله يلعنك الله يلعنك ..
ليزمجر بصوت مرعب كالرعد فتشتد حرارة الجو حولها و تحاصرها النيران و تقترب منها و يشير اتجاهها باصبعه فترتفع ف الهواء وهي تركل بقدميها تحاول الفرار منه لكنه احكم قبضته عليها واعتصر جسدها بين يديه حتى سمعت تحطم عظامها ليسالها مرة أخيرة : هتنفذي أوامري والا لاء؟؟
لتنفي برأسها دون حديث فهي تختنق بشدة ليجن جنونه منها و من رفضها فقرر ازهاق روحها بسحره الملعون و في ثانية ظهرت سلسلة حديدية تكسوها النيران لتنقض عليها و تضربها كالسوط تحرق جسدها و تعلو صرخاتها دون مغيث لها ، كلما صرخت زادت ضربات السلسلة المحرقة لتنفجر الدماء من جسدها الضعيف و تسقط غارقة في دمائها بعد أن فارقت الحياة فيعود كل شيء كمان كان.
عند التاسعة مساء عاد أحمد من العمل ليسأل والدته ان كانت منى اتصلت به أو حضرت فأخبرته فاطمة أنها لم تتصل أو تأتي منذ أن ذهب اليها ليأخذها لقبر والدتها ، فشعر بالقلق و الخوف ترى ماذا حدث لها ؟؟ هل عادت للمنزل و نامت من تعبها و نسيت أن تطمئنه عليها أم ربما قابلت احدى صديقاتها و مر الوقت دون أن تشعر به؟؟ لا لن ينتظر أكثر من ذلك سيذهب لمنزلها حتى يطمن ، و اخذ متعلقاته و هم بالنزول ليسمع صوت والدته : طمني يا ابني الله يكرمك اول ما توصلها ؛ فيجيبها برأسه و ينزل مسرعا ليستقل سيارته و يتجه لمنزلها و يدق الباب عدة طرقات عالية دون مجيب فاتصل بهاتفها فوجده مغلق ! ترى أين ذهبت ؟ أيعقل أنها مازالت عند قبر والدتها ؟؟ فانطلق مسرعا والقلق ينهش قلبه و يمني نفسه أن يجدها هناك ليصل في وقت قاسي للمقابر فيفتح إضاءة هاتفه و يبحث عنها متجها لقبر والدتها فيجدها جالسة بجوار القبر و رأسها مسندة اليه فيحمد الله انه وجدها ليظن أن النعاس غلبها ،فاقترب منها مسرعا و حلس جوارها محدثا اياها : منى حبيبتي قلقتيني عليكي كنت هتجنن اما متصلتيش عليا اجي اخدك ولا حتى لقيتك ف البيت ، منى انتي نمتي والا ايه يا قلبي مالك؟ ليحركها بيده فتسقط جثتها على صدره دون حركة ، لتشل الصدمة لسانه و تفكيره فيحاول تحريك جسدها ويضع يده على جبينها فيجده باردا كالثلج لا نبض ولا حركة !! إذا .. منى ..منى كيف ؟؟ فيصرخ بأعلى صوته باكيا : لااااااا منى منى ردي عليا متسيبنيش لااااا .. حرام عليكي ليه بتعملي فيا كده …
فوقي يا منى فوقي …لاااااااااا.. يااااااارب.