قصص

قصه ماحي الذكريات

بعتلها الرسالة دي وأنا متدمر من جوه، كتبتها ومسحتها أكتر من ١٠ مرات، بس.. بس كان لازم أعمل كده، لازم، أول ما شافتها لقيتها بتكتب ” أنت بتهزر صح؟! “، كتبت كلمة واحدة بدل كلام كتير كنت عايز أكتبه ” لأ “، كتابتها بقت سريعة ” يعني ايه لأ؟! “، ” قولي إنك بتهزر “، رسايل متتالية، ” أنت ساكت ليه؟! “، ” أرجوك فهمني.. طب أنا عملت ايه؟!”، بشوف الرسايل ومش عارف أرد أقول ايه، لقيتها بترن، مردتش، رنت أكتر من مره، مردتش برضو.. أصل هرد أقول ايه؟!
قفلت الموبايل ونمت، نمت وأنا عمال أفكر في حاجات كتير، هو الي أنا عملته ده صح؟! أيوه.. أيوه ده عين الصح. صحيت تاني يوم الصبح لقيت كم رسايل منها لا تحصى ولا تعد، من نوعية ” فهمني في ايه؟! “، ” متسبنيش كده “، ” حرام.. عليك “، مكنتش قادر أفهم الاحساس الي حاسس بيه وأنا بقرأ الرسايل، ذنب؟! ألم؟! مش عارف. فضلت على الحال دي فترة، مبردش عليها، بقفل موبايلي، مسيرها تنساني و.. انساها.
لحد ما في يوم جالي مكالمة من رقم غريب، رديت، كان صوتها، ” عمر.. أنا واقفة دلوقتي فوق سطح بيتنا “، اتخضيت، قولتلها بسرعة ” ندى انزلي! “، كانت بتكمل بصوت مرعوش ” أوعدني إننا نرجع الأول.. “، ” ندى بقولك انزلي! “، كانت بتعيط ” رافض تقولها.. مصمم، طب فهمني أنا عملت ايه؟! أنا مش قادرة أفهم!”، ” ندى! “، سمعت صوتها بتاخد شهيق طويل، تأهب؟! يأس ممكن؟! ” وأنا.. مش هقدر أعيش من غيرك “، ” ند.. “، سمعت صوت رزعة الموبايل، قبل.. قبل ما أعرف إن ندى انتحرت، ب.. سببي، عشان.. سيبتها، أنا السبب يا دكتور! أنا السبب.
– طب يا أستاذ عمر تقدر تقولي كان ايه سبب الخلاف من الأول؟! ايه السبب الي خلاك تسيبها؟!
– أنا.. آسف، ممكن نقول إنها أسباب شخصية مقدرش أفصح عنها.
– السبب الرئيسي كان هيساعدنا كتير طبعا في العلاج بس حقك طبعا إنك تفضل محتفظ بيه.
– شكرا إنك تفهمت ده، ايه الجهاز ده؟!
– ده جهاز بيدعى ” Memories cancellation ” أو ” ماحي الذكريات “، جهاز متطور بدء تطبيقه بالفعل في سويسرا، وأنا قررت أجيب نموذج من هناك بعد ما قررت إن هستقر في مصر مرة تانية وأبدأ أطبق نظام العلاج ده هنا برضو.
– وده بيعمل ايه؟!
– ده بمجرد ما أحطه على دماغك بيفحص الذكريات لحد ما يوصل للذكرى الي مسببالك مشاكل نفسية، صدمة، أو.. الي نفسك تخفيها من راسك، بعد ما يتأكد من إنها الذكرى المطلوبة هيمحيها تماما من ذاكرتك وكأنها لم تكن.
– فعلاً؟! وأنسى كل الي حصل في الذكرى دي؟!
– بالظبط، نبدء؟!
– ممم.. ابدأ يا دكتور.
– دلوقتي بعد ما وصلنا الجهاز براسك، الجهاز هيعمل فحص سريع، زي ما واضح قدامي ع الشاشة دلوقتي، هيدور بين آلاف الذكريات عن الذكرى المطلوبة.
– وبعدين؟!
– و.. أيوه دي، الذكرى ابتدت برسالة صح؟!
– أي.. أيوه، هو حضرتك هتشوف الذكرى على الشاشة؟!
– مش بالظبط، تخاطيف سريعة كده عشان نتأكد منها، مشاهد مشوشة.
– طب احنا ممكن نأجل ال..
– متتحركش، خطر نشيل الجهاز وسط عملية البحث، متخافش مش هندخل في خصوصياتك، الموضوع أسرع من إننا نعرف تفاصيل، المهم.. حاول تركز في الذكرى، أيوه.. الذكرى بدأت توضح، أحداث سريعة، رسايل كتير البنت عماله تبعتها، رديت ب ” لأ “، عمالة تبعت رسايل كتير، انت رافض ترد، قفلت موبايلك، اختفيت فترة، جالك اتصال من رقم غريب..
– دكتور..
– استنى، رديت، البنت قالتلك إنها فوق السطح، بتترجاك ترجع، بتقولها انزلي، رافضة، بتحاول تقنعها و..
– دكتور!
– رجعت عن الي في دماغها ونزلت!
– لحد هنا ومش ه.. ايه ده! أنت دوست على ايه؟! الكلبشات دي متوصلة بالكرسي؟! أنا بتكتفني؟! أنت عايز مني ايه يا دكتور؟!
– غريبة، البنت اقتنعت بكلامك ونزلت، مع إنك مقولتش كده! هديتها واتقابلتوا، رجعتوا لبعض!
تتبع..
الجزء التاني
– رجعت عن الي في دماغها ونزلت!
– لحد هنا ومش ه.. ايه ده! أنت دوست على ايه؟! الكلبشات دي متوصلة بالكرسي؟! أنا بتكتفني؟! أنت عايز مني ايه يا دكتور؟!
– غريبة، البنت اقتنعت بكلامك ونزلت، مع إنك مقولتش كده! هديتها واتقابلتوا، رجعتوا لبعض!
– فكني!
– البنت كانت سعيدة جدا لحد ما.. بدأت تتغير معاك، أو.. بدأت تشوف عيوبك، عيوبك الي لا تطاق! بدأت تعرفك كويس، هالة الضوء الي حواليك بدأت تختفي وهى بدأت.. تكرهك!
– أسكت وفكني بقولك!
– طلبت منك إنكوا تنفصلوا لإنها مبقتش مستحملاك، بس أنت عينك لمعت لمعة غضب، رفضت، قولتلها إنك متقدرش تعيش من غيرها، اترجتها بكبرياء! بس.. هى مبقتش قادرة تكمل معاك، سابتك و.. مشيت.
– أسكت.. كل ده محصلش، كدب.
– بدأت تنهار كل يوم، تصرخ، تعيط، تكسر في كل حاجة حواليك، كنت بتراقبها، عدت فترة كبيرة، لحد ما شوفتها.. مع واحد تاني، عينك لمعت، نظرة غضب مرعبة، غريبة، و.. الولد والبنت بقوا في أوضة قديمة، متهالكة، متكتفين!
– أسكت بقولك..
– بيعيطوا و.. و منهارين، كلام كتير مش مفهوم بتقوله للشاب قبل ما.. تلف حبل رفيع حوالين رقابته وتشد، الولد بيتألم، والبنت بتصرخ، بتراقبها وهى بتصرخ على الشاب، وكإنك مستمتع بعذابها! الشاب بيتخنق، بتشد أكتر، البنت بتصرخ.. لحد ما الولد التقط أنفاسه الأخيرة!
-…
– كانت.. كانت منهارة، قربت من ودنها وهمست..
– أنا محدش يتخلى عني، أنا.. مينفعش أتساب.
– أيوه.. و.. وشدتها من شعرها، بعنف، صرخت، وقولتلها زي المجنون..
– عارفة المشكلة في ايه؟! إن أنا حبيتك، عشان كده.. كنت عايز أسيبك، عشان مأذكيش، أنا عارف نفسي كويس، سامحيني!
– و.. وخبطت راسها جامد في الحيطة الي وراها، دماغها بدأت تنزف، ف.. فقدت الوعي؟! أنت.. أنت بدأت تنهار، تعيط، تصرخ، تمسح دمها في هدومك وأنت بتقول..
– أنا.. أنا آسف، مكنش قصدي، أصل أنا عندي مشكلة، كانوا دايما بيقولولي أنت عندك مرض التملك، كانوا.. كانوا بيقولولي إني مختل وبأذي كل الي حواليا، عشان.. عشان كده لما حبيتك قررت أسيبك، بس.. بس أنتي السبب، أيوه، أنتي الي هددتيني إنك هتنتحري وأنا.. مستحملش! بس.. بس أنتي بعدها تخليتي عني وأنا قولتلك.. قولتلك إني منفعش أتساب!
– ماتت.. صح؟!
– أيوه.. بس أنا مكنتش أقصد!
– يعني منتحرتش! كنت بتخترع كدبة وبتحاول تصدقها عشان تنهي شعورك بالذنب.
– ومعرفتش.
– ولا هتعرف لإنك شخص مجنون، مختل.
– أنت بتترعش كده ليه يا دكتور؟! أنت بتعمل ايه و.. وايه المشارط دي كلها؟!
– أحب أقولك إنك مريض ب ” Obsessive love “، أو ” الحب الاستحواذي ” حب متملك، بيرفض فيه الشخص فكرة الرفض، بيرفض فكرة إنه هو الي يتساب، بعض الأشخاص صنفوه كمرض عقلي زي اضطراب الشخصية الحدي وغيره، ومحتاج علاج نفسي.
– أنت بتعمل ايه؟! ابعد عني، لأ.. لأ، اااه.
– تؤ تؤ، متصرخش، دي طريقة علاج متقدمة شوية، مش همحي الذكرى بس، أنا هشرح كل جزء فيك على حدا، لحد ما يتبقى منك أجزاء بسيطة، وبعديها وجودك يتمحي تماما.
– أنت.. أنت مين؟! وبتعمل كده ليه؟!
– لما بدأت أبحث عنك اكتشتف حاجة غريبة؛ إن عدد كبير من البنات الي أنت كنت مرتبط بيهم وسيبتهم بيتعالجوا نفسيا، أيوه.. طرق التلاعب النفسي الي كنت بتستخدمها معاهم سببتلهم مشاكل نفسية معقدة، والي زادت بعد ما تخليت عنهم تماما، يعني دمرتهم وسيبتهم..
– اااه..
-هشش.. للأسف الأشخاص المختلين الي زيك موهوبين جدا في الجزئية دي، سيكوباتي بالفطرة، بلاش نقول الفطرة أكيد كان في عوامل نفسية من أيام الطفولة أنا حقيقي مش مهتم أعرفها، المهم.. كل دول مهتمتش تإذيهم بعد كده لإنك سيبتهم بمزاجك، لكن ” ندى ” كانت غير كده، لإنها هى الي.. سابتك.
– حرااام عليك..
– لإنها كان عندها علم بطرق التلاعب النفسي بتاعتك وإن لاحظتها بعد فترة، مهو برضو كان مجال دراسة والدها.
– والدها! أيوه دي قالتلي صح إن أبوها طبيب نفسي وقاعد في..
– سويسرا أيوه..
– اااه.. كفاية.
– رجعت بعد ما عرفت إنها اختفت، مش لاقينلها مكان، و.. عرفت إنك أخر شخص كنت معاها، الشرطة موصلتش لحاجة معاك، موهوب برضو في الجزئية دي، بس أنا بحثت عنك وعرفت إنك شخص مختل، وتأكدت إني هلاقي إجابة السؤال معاك.
– صدقني.. صدقني مكنتش أقصد، ده أنا.. ده أنا كنت بحبها!
– تؤ تؤ.. مش حب، انسى الكلام الي قولناه من شوية؛ مستحيل الشخص الي بيحب حد يأذيه، أنت بس كنت رافض فكرة إن ممكن حد يسيبك، أنت شخص مختل، ذاتك أهم من أي شيء، وهى أهانت ذاتك، عشان كده.. قتلت*ها.
– اااااه.. حرام عليك كفاية، كفاية.
– خلاص خلاص قربنا نخلص، نفسي تشوف نفسك في المراية دلوقتي، مش متخيل شكلك عامل ازاي.. لحم على عضم، مفيش جلد، تماما، أنا آسف لو ضحكتي ضايقتك.. شكلك غريب فعلا!
– أنت مستحيل تكون بني آدم!
– وأنت كانت فين آدميتك وأنت بتعذب خطيبها قدامها؟! وأنت بتقت*لها بدون شعور كانت فين؟!
– ااااه..
– على العموم أنا كنت بهزر، أنا مش همحي وجودك ولا حاجة، أنا هسيبك، أنا بس هعمل حاجة بسيطة، أعتقد إن دي أكتر لحظة مؤلمة وبشعة عدت عليك في حياتك صح؟!
-..
– باين من غير ما تحرك راسك، كل الي أنا هعمله إني همحي كل ذكرياتك، لحد ما تتبقى ذكرى وحيدة، أيوه.. دي، بس هضيف تجربة بسيطة لسه تحت الاختبار؛ هسيب الجهاز على راسك، الي هيبدء يعمل محاكاة للذكرى دي، يدخلك فيها، تعيشها مرة، اتنين، ألف! وأنت وحظك.. يا خلايا مخك تنهار خلال التجربة بالإضافة لتأثير الألم النفسي، يا.. تمو*ت خلال النزيف بالإضافة للألم الجسدي، محدش عارف.. يمكن حد يلحقك وتعيش مع جسمك و الذكرى الجميلة دي طول عمرك.
– لأ.. لأ أرجوك متعملش كده، أرجوك..
– للأسف الوقت خلص، عندي طيارة لازم ألحقها، أنا سستمت الجهاز وهو هيقوم بكل حاجة متقلقش، بعد إذنك.
– لأ.. لأ، لأاااااا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى