قصص

صفقات مع الشيطان

صفقات مع الشيطان ، شي.طان مستنيك…عند مفترق طرق…وأنت في أس.وء حالاتك، يا.ئس، حلمك بيضيع قدامك ولا حول ليك ولاقوة…مستعد يلبي كل طلباتك…لكن الموضوع مش مجاني…في مقابل…صفقة صغيرة هتعملها…حلمك مقابل روحك…فيا ترى….هل أنت مستعد؟
روبرت جونسون اتولد سنة 1911، كان في بيت زحمة، عنده 10 اخوات، إيه المميز في روبرت؟ ولا أي حاجة، معندوش موهبة من أي نوع….
لما الأسرة الكبيرة اتنقلت للمدينة “روبرت” اكتشف شغفه بالموسيقى خصوصًا إن أخوه الكبير علمه العزف على الجيتار…
الحقيقة هو كان عنده الشغف بس مكنش عنده الموهبة، الموسيقى اللي كان بيعزفها على الجيتار مكنتش بتعجب حد حتى إنه يقال إن أستاذ الموسيقى بتاعه قال له “سيب الجيتار ده، الناس اتج.ننت من عزفك”!
طبعًا مكنش يقصد اتج.ننوا بالمعنى الإيجابي، واضح إن زمايله مكنوش طايقين العزف وشايفينه نش.از…
ومع ذلك، روبرت متأثرش بالكلام ده ولا خده على محمل الجد وكمل مسيرته الف.اشلة، ومن ف.شل إلى ف.شل…
ولما كبر بقى مؤدي موسيقي متجول، كان بيعزف في الشوارع والبارات والحفلات، ومهما عزف ومهما حاول الناس مكنوش قابلينه…
ويقال إن في ليلة من الليالي اللي عزف فيها في بار، من كتر ما الناس انز.عجت مدير البار أو حد ليه شأن طر.ده وعشان الناس كانوا بيرموه بحاجات، زي المناظر اللي بنشوفها في الأفلام الأبيض واسود، وخرج من البار وهو مكسور…
وبعد الحا.دثة دي روبرت اختفى تمامًا، محدش شافه لمدة 6 شهور كاملة، لكن ده مكنش غير الهدوء اللي بيسبق العاصفة….
“روبرت” رجع بعد الست شهور، عزف، والمرة دي عزفه كان رهيب! كان متمكن من الجيتار وغنى بصوت جميل ولحن مميز وكلمات عميقة وكإنه…اتبدل…بقى شخص تاني…
وهنا بتبدأ القصة…
قصة الصفقة اللي عملها “روبرت جونسون” مع الشي.طان…
القصة بتحكي إن روبرت مشي لمفترق طرق في ليلة من ليالي أكتوبر الباردة والقمر كان بدر، منور السما، روبرت كان يا.ئس ومحب.ط وح.زين، بيفكر في الكلام الس.لبي اللي اتقال ليه عن انعدام موهبته، وهناك في المفترق وقف مدة طويلة، الطريق كان ضلمة ومه.جور، محدش غيره كان موجود، سمع صوت كلب بيتأ.لم في حفرة، ومع الأن.ين ظهر راجل بشرته سودة ولابس هدوم سودة…
الراجل الغريب قال: “اتأخرت يا روبرت جونسون!”
وبعد ما كان الراجل قاعد قام من مكانه واتمشى لحد ما بقى بالظبط في مفترق الطرق، وكمل كلامه لروبرت وقال: قدامك حاجة من اتنين، يا ترمي الجيتار اللي معاك في الحفرة مع الكلب أو تحتفظ بيه وتعزف عليه أحسن من أي عازف جيتار جه قبل كده والناس تسمع ألحان منك مسمعتش زيها… مش نفسك تبقى ملك موسيقى البلوز؟…وعلى فكرة أنا عارفك يا روبرت..
روبرت شاف القمر حجمه بيكبر ويكبر وبقى مشرق بزيادة، وصوت ن.باح الكلب بقى حاد أكتر، اترعش وقال إنه الكلب اتس.عر أو اتج.نن…الراجل رد عليه وقال “الكلب متجن.نش، الكلب ملك ليا، بيعمل اللي أقول له عليه”
بعدها روبرت سمع صوت عو.اء للكلب، صوت مسمعهوش في أي حيوان قبل كده، لكن الملفت إنه كان بإيقاع معين، إيقاع منتظم، أوتار الجيتار بدأت تتهز… روبرت بص للحفرة ولأول مرة يحس إن الكلب ده مش زي أي كلب، كإنه جي من مكان مظ.لم ومخ.يف، الج.حيم مثلًا، وجسمه كله ارتج.ف..
الراجل الغريب قال: “الكلب مش للبيع، لكن صوت الجيتار ممكن يبقى ليك، ده صوت موسيقى البلوز…”
روبرت رد عليه إن الألحان دي لازم تبقى بتاعته، وفهم إنه هيمضي على اتفاق ما، وإن الاتفاق مع قوة مظلمة وقال للراجل “أمضي فين عشان أخد الألحان؟..”
الراجل قال له إنه مش محتاج يمضي، كل اللي المفروض يعمله إنه يفضل يمشي في اتجاه الشمال، لكن يعمل حسابه إن هيبقى في تمن يدفعه وعوا.قب، وإنه لازم يبقى مستعد..
طبعًا “روبرت” سأل عن اللي يقصده، قال له إن الناس هتتهو.س بالموسيقى بتاعته، وإنه هيبقى ليه شأن كبير في عالم الموسيقى والبلوز ،وفي المقابل إيده، اللي هي إيد الشي.طان الشمال هتفضل ملفوفة حوالين روحه للأبد، روحه مقابل الهبة اللي هيديهاله..وقال له كمان إن ده مش زي أي مفترق طرق تاني، وشاورله على علامة إكس على الأرض وقال إنه هو اللي عامل العلامة دي وإنه كان مستنيه مخصوص…
وفي رواية تانية بتقول إن الراجل الغريب هو اللي مسك الجيتار ولعب في أوتاره واداه تاني لروبرت ولما روبرت رجع يعزف عليه العزف كان سا.حر وإيده كانت سلسة عليه وقادر يتحكم فيه ومتمكن…
أيًا كان فأصحاب النظرية الخارقة للتحول بتاع جونسون بيقولوا إنه عمل صفقة مع الش.يطان…
لما رجع “روبرت” وظهر تاني للناس وعزف، الجمهور اتفاجأ بموسيقي موهوب، غير الشخص الفا.شل عديم الموهبة اللي وجع دماغهم بعزفه من 6 شهور بس، وفي منهم ادعى إنه سمع صوت جيتارين مش جيتار واحد!
واللي سمع الجيتارين بقوا يتلفتوا ويدوروا على العازف التاني، لكن محدش شافه… المفروض إن “روبرت” كان واقف في ساحة العرض لوحده وده اللي خلاهم يعتقدوا إن الش.يطان نفسه كان بيعزف معاه…
الملفت في قصة “روبرت” اكتر من كل اللي فات هو كلمات أغانيه اللي أيدت فرضية صفقته مع الشي.طان زي أغنية ” Crossroad Blues” أو “بلوز مفترق الطرق” اللي كلماتها بتقول “روحت لمفترق الطرق وركعت على ركبتي، خسرت روحي وبقى معايا موسيقى البلوز….”
واغنية ” He.llHound On My trail” أو “كلب الج.حيم في طريقي” اللي كلماتها بتقول “في طريقي لقيت كلب جح.يم” وشوية كلمات مش مفهومة زي ما تكون رسايل مبطنة، كلمات ليها معاني خفية، بيتكلم بيها مع شخص مج.هول وبيفكره بمسحوق سخن رماه عليه…
وأغنية ” Up Jumped The Dev.il” أو “الشي.طان ظهر” كلماتها بتقول “شفت البلوز في صورة راجل، راجل اتسببلي في جر.وح رهيبة ومفيش طريق للرجوع، موسيقى البلوز استهلكتني، قت.لتني شوية بشوية”
وبكده “روبرت” أغانيه المعروفة بتتكلم عن كيان غامض وعن كلب جح.يم وعن اس.تهلاك ليه أو “لروحه” ومفترق طرق، وطريق مفيهوش رجوع…غريبة، مش كده؟
في رواية بتقول إن والدة “روبرت” كانت معاه لما ما.ت وقالت إنه كان عارف إنه بيم.وت وإنه قال لها تشيل الجيتار من جنبه وإنه “أداة الشي.طان” ومبقاش عايزه وبيدعي ربنا إنه يخلصه!
على فكرة، “روبرت جونسون” مش أول ولا آخر واحد اتقال عنه إنه عمل صفقة مع الشيا.طين، دول كتير…
منهم مثلًا ” تومي جونسون” اللي برضه كن موسيقي ويقال إنه بنفسه اعترف وقال” اللي يروح لمفترق الطرق قبل نص الليل لوحده، الشي.طان هيبقى عارف إنه هناك، هيظهر راجل إسود كبير وهياخد الجيتار اللي معاه ويظبط أوتاره” وادعى إن ده اللي حصل معاه، مش شايفين الشبه ما بين قصته وقصة “روبرت جونسون”؟
في موسيقار أقدم منهم بكتير إسمه “نيكولو باجنيني” عاش في القرن ال18 وهو من أعظم عازفي الكامنجا في العالم وابتدا في تأليف المقاطع الموسيقية وهو عنده 7 سنين بس وفي سن 22 سنة بقى نجم وكان عنده قدرات في العزف مختلفة ومستح.يلة بالنسبة لعازفي الكمنجا التانيين مش في عصره بس، في كل العصور، حتى دلوقتي لإن الطريقة اللي عزف بيها بتتطلب صوابع طويلة بشكل غير طبيعي ومرنة جدًا كإنها مطاطية! وده هيحصل بشكل من اتنين، ياما يكون بيعاني من متلازمة ما طبية، يأما حاجة تانية خار.قة للطبيعة، وبسبب كده في ناس معتقدة إن القدرات دي سببها صفقة عملها مع الشي.طان وفي اللي ادعوا إنهم شافوا معاه شي.طان على المسرح وهو بيأدي عروضه الموسيقية…
وكمان في اللي بيزيد على كده وبيقول إن المصدر كانت أم باجانيني اللي كانت مهو.وسة وعايزاه يحترف الكمانجا بأي طريقة وإنها هي اللي استدعت الشي.طان عشان يدي لإبنها الموهبة المميزة.
لما باجنيني كان بيم.وت زاره رجل دين ولما شافه اتج.نن وقال له يمشي ويسيبه، وده اللي أكد للناس إنه عمل صفقة مع الشي.طان عشان يعني مكنش قادر يتعامل مع أي رمز من رموز الدين…
كمان في عازف جيتار كان اسمه جيمي بيج وكان مهتم جدًا بتعاليم أليس.تر كرا.ولي اللي كان مضمونها تنفيذ الرغبات مهما كانت والتركيز على الأنا، يعني نفسك وبس…
كان معجب بالس.احر أليس.تر لدرجة إنه اشترى البيت اللي كان في يوم بتاعه وكان مؤمن إن البيت مس.كون، حكى عن أصوات غريبة كان بيسمعها، وحكى كمان عن تفاصيل لناس ما.تت في البيت، ده كله خلى مجموعة من الناس تعتقد إنه باع روحه للش.يطان زيه زي موسيقيين كتير على مر التاريخ… ويقال إن في أغنية معينة عزف فيها لو اتشغلت بشكل معكوس الناس هتسمع ش.ياطين بتتكلم…
الحقيقة إن لحد النهارده في كلام عن مشاهير بالذات في مجال الموسيقى إنهم باعوا ارواحهم للش.يطان أو عملوا صفقة معاه أو مع جماعة بتمثل حزب الشي.طان وخدامه وفي منهم خصوصًا في الغرب بيقولوا كلمات عجيبة في أغانيهم تدي المعنى ده، خدمة الش.يطان، سواء بشكل صريح او ضمني، زي الترويج للفوا.حش اللي اكيد بترضي الش.يطان…
وبرغم الكلام الكتير عن علاقة الشي.طان بالموسيقى إلا إن في شخصيات تانية اتقال عنها إنها عملت صفقات مع الشي.طان ملهمش علاقة بمجال الموسيقى زي ” البابا سيلفستر الثاني”…
سيلفستر الثاني كان متألق في مجال الرياضيات والفلك والميكانيكا وهو اللي اخترع بندول الساعة، ده غير إنه الف كتب في الرياضيات والعلوم الطبيعية والموسيقى والفلسفة، الراجل ده بعد ما م.ات انتشرت قصص بتقول إن عبقريته دي مجاتش كده، دي كانت نتيجة صفقة مشبوهة عملها مع الشي.طان نفسه…
وبالنسبة ل” كورنيليوس أغريباس” فده راجل درس القانون والطب وليه عدد من الكتابات الغامضة في اللاهوت والكيميا واتقال عليه إنه مارس الس.حر وعمل 3 كتب عن الس.حر وانتشرت قصص عن إنه عمل صفقة مع الشي.طان…
وعندنا أشهر س.احر تقريبًا على مر العصور “اليس.تر ك.راولي” اللي من وهو طفل كان متم.رد على التعاليم الدينية وأمه نفسها وصفته بإنه “شي.طان” واتهمته بعبادة إبلي.س وهو سمى نفسه “الو.حش”…
وكتب في واحد من كتبه “كنت في صراع مع الم.وت والشي.طان سعى إنه ياخد روحي”…
ومعروف عنه إن شعاره كان :”اعمل اللي أنت عايزه”، بمعنى إن الواحد المفروض يطلق رغباته وميقيدهاش مهما كانت الرغبات دي… والراجل ده قصته طويلة ممكن نتكلم عنه في فيديو لوحده بعدين…
طب إشمعنى الموسيقى، ليه كلام كتير اتقال عن علاقة إبلي.س والش.ياطين بالموسيقى بالذات؟ هل في موروث تاريخي يدعم العلاقة دي؟ الحقيقة أيوه في…
في قصة عن أهل الكتاب عن اصل الموسيقى، وقصص أهل الكتاب لا تُكذب ولا تُصدق لو مفيش حاجة تنفيها أو تثبتها…المهم إن القصة بتحكي إن إبل.يس اتشكل في صورة غلام لراجل من نسل قابيل وعرض عليه يبقى خادم ليه، وبعدين بدأ ينفخ في مزمار معاه قدام الراجل، الراجل استغرب الصوت وبلغ الناس بالموضوع ده، فالناس بقت تيجي تسمعه وبعدين عجبهم صوت المزمار والموضوع اتطور وبقوا يعملوا عيد كل سنة، الستات فيه تتبرج والموسيقى تشتغل بالأدوات البدائية طيعًا اللي كانت موجودة ساعتها…
سواء القصة دي صح أو غلط أو قصص الصفقات بتاعة الموسيقين مع الش.يطان، إنما الأكيد إن الموسيقى والأغاني ليهم تأثير طاغي على الناس، وده لإن الأغنية في شريحة كبيرة من الناس بتسمعها وسهل إنها تدخل البيوت وتشتغل في أي مكان، وممكن الشي.طان يستغل ده ويكون ظهر بشكل صريح للموسيقيين أو يوسوس لهم بأفكاره اللي عايزها تنتشر وفعلًا تنتشر عن طريق الكلمات، من ضمنها الترويج للفج.ور ولكل حاجة ح.رام وضد الفطرة البشرية أو انتشار أنواع صاخبة جدًا من الموسيقى تب.وظ الأعصاب ويقال إنها ممكن تستعدي شيا.طين والشخص اللي بيسمعها يتمس منهم، ده غير طبعًا الحفلات الخلي.عة اللي بتتذاع فيها الأغاني دي، وبتشجع الناس على الفج.ور وعلى الكب.ائر، ومش الموسيقى بس اللي ليها تأثير رهيب على تقريبًا كل دول العالم، الفن والسينما والإعلام بأشكاله المختلفة اللي من ضمنها السوشيال ميديا في العصر الحالي وغيرهم من المجالات اللي قادرة توصل لكل واحد في العالم، في البيوت كمان، يعني الواحد مبقاش محتاج لا يروح حفلات ولا سينمات، الحاجة بتجيله لحد عنده وهو قاعد على كرسيه، كل دول ممكن يبقوا أدوات لتدمير البشرية والفطرة السليمة، زي ما ممكن يكونوا أدوات لتنمية العقل والتركيز على القيم والأخلاق والتعاليم الدينية والمحتوى الثقافي والفن الهادف.. أنتوا إيه رأيكم، هل فعلًا روبرت جونسون وغيره من اللي ذكرتهم عملوا صفقة مع الشي.طان، باعوا أرواحهم مقابل شعبية وفلوس وموهبة، ولا دي مجرد اساطير وكلمات الأغاني ممكن يكون ليها معاني تانية، تكون رموز لشيا.طين الإنس مش الج.ن مثلًا؟
“تم”
#صفقات_مع_الشيطان
#ياسمين_رحمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى