صحيت مخضوض، كابوس جديد، وحالة أجدد، المرة دي النور قاطع، الدنيا ضلمة جدًا، حاولت أحرك إيدي عشان أدور على تليفوني، ووصلت له، لكن للأسف كان فاصل شحن، بصيت على شباك أوضتي، ساعات بحس بالتوقيت بمجرد النظر لشكل السما، أحيانا الشكل العام بيوحي لك بالوقت مش الساعة، فحسيت إننا قربنا على الفجر، الجو حر لا يطاق، ولسه أثر الكابوس باقي في ذهني، وزنة في ودني، جسمي تقيل، والعرق مغرقني، الزنة بتزيد، ومعاها صوت صاخب، مزيكا عالية ظهرت مرة واحدة، سامعها بوضوح، صوتها كان جاي من أوضتي! خمنت يكون الصوت من عند الجيران، وخصوصاً لأن أوضتي على المنور في الدور الأخير، والصوت في السكون بيسري وبيعلى، بس رجعت لعن.ت غبائي، النور قاطع يا ابني، وده صوت مش أقل من ٢٠ سماعة دي جي كبيرة، قولت كده بصوت مسموع وفكرت نفسي، الصوت بيزيد، مزيكا غربية مزعجة لأبعد مدى تتخيله، مش عارف أقوم، أو مش قادر أقرر ده، أنا سامع جوه أوضتي حفلة، حفلة متكاملة، والصوت بيعلى، أو أنا بقرب، بقرب من مسرح عليه فرقة كاملة بتلعب مزيكا رجت مخي جوه دماغي، وزودت نبضات قلبي، الصوت لا يطاق، وضوء ضرب في عيني، خلاني حركت وشي بعيد عنه، أبيض، أحمر، أصفر، بنفسجي، كلمات دخلت على المزيكا، كلمات غريبة، لا عربي، ولا إنجليزي، ولا لغة سمعتها قبل كده، تأثيرها على السمع غير مألوف نهائي، وكأن شخص بينطق بكلمات سحرية، أو في جلسة تحضير أرواح..
الضوء اختفى، والمزيكا بتبعد، أو أنا اللي ببعد .. “لسه بتخاف” سمعت الجملة من صوت حد كأنه قاعد على السرير جمبي، اتخضيت والتفت، لقيت شخص أسمر البشرة، جسمه من فوق عريان، ومغطيه الوشم بالكامل، ولابس بنطلون اسود واسع جدا، وعلى رقبته كمية سلاسل لها دلايات مختلفة الشكل، ومرعبة، عين واحدة، مثلث جواه عين، شمعدان سداسي، نجمة سداسية، هرم جواه ٥ أهرامات، قبل أي رد فعل مني قال:
_ لسه مش مصدق؟
_ ….
ما قدرتش أرد، قلبي هيوقف من الرعب، مش حاسس بأطرافي، جسمي متلج، ومش قادر لا آخد نفسي ولا أبلع ريقي، فقال وهو بيبتسم:
_ ليه ما تنضمش لينا.
رديت بصوت مرعوب وخافت:
_ أنضم لمين، أنتوا مين؟!
_ أقصد في الحفلة، مزيكا جميلة، أضواء لإثارة الشغف وتدخلك جوه المود أكتر، نعم من كل ما تشتهي الأنفس، أكل، شُرب، جن.س، كيف، كل حاجة حلوة، تفصلك عن العالم العجيب اللي أنت دافن نفسك فيه.
_ بس أنا مبسوط هنا.
_ بيتهيألك، لأنك ماجربتش تستمع، طول الوقت محروم من كل شيء، كل مرة، أصل الدين بيقول، أصل الناس هتقول، أصل .. فوق، هي مش كل دي نعم حواليك، موجودة ولا أنا بخترع؟
_ موجودة، بس ..
_ مفيش بس، طالما اتوجدت يبقى من حقك تستمتع بيها، يا ابني يا حبيبي، أنت نفسك جداً، بس الفرصة بعيدة عنك، وأديني دلوقتي بقربك منها، لا أنا بهديها لك ومجاناً، أنا عازمك يا سيدي.
_ ممكن تقولي أنت مين؟
_ هتفرق معاك في إيه؟
_ أنا عرفت خلاص.
_ بيتهيألك، أو مش بالنمطية اللي أنت تعرفها، أنا زي ما أنت خمنت، بس بصورة مختلفة شوية.
_ أنا رافض عرضك.
_ مؤقتًا، حقك، بس هتوافق، ومؤقتًا دي ممكن تنتهي دلوقتي..
لمست وشي ايد ناعمة بطريقة هزت كياني، ولقيت قصادي واحدة لابسة فستان ضيق جداً، وعندها كل مقومات الأنوثة، لا إراديًا غمضت عيني، واستغفرت، مش هكدب، لو كنت في موقف تاني كنت إحتمال أضعف بطريقة ما، لكن أنا مدرك إن الموقف ده، خارج حدود المنطق. والسكون ساد حواليا، حتى صوته اختفى، فتحت عيني ببطء، لقيته لسه قاعد ومش باصص لي، كان باصص قصاده في الفراغ والضلمة، وقال:
_ دي الصورة النمطية، اللي أنت عارفها كويس، طبيعي هترفضها بكل سهولة، بس مش ده اللي أنا عايزه، بالمناسبة، أنا عارف إنك كمان هترفض وجودك في الحفلة، بس حبيت ازورك، اطمن عليك.
ساعتها النور، جه، والتكييف اشتغل، فهواه رد فيا الروح، لكن الغريب أنه كان لسه قاعد زي ما هو، وقال:
_ اتوقعت لما النور يجي تبص جمبك متلاقنيش صح؟
هزيت دماغي بالموافقة، ابتسم وقال:
_ النمطية هتمو.تك ناقص عُمر.
الباب ساعتها اتفتح، ودخل منه واحد شبهي، أو أثدر أقول أنه أنا بالكربون زي ما بيقولوا، قرب مني وقعد بيني وبينه، ساعتها هو اتخض وقام من مكانه بسرعة، فقال اللي شبهي ووجه كلامه ليه:
_ بقالنا كتير ماتقابلناش يا بالس.
مردش عليه، وبان على ملامحه عدم الراحة، فقال اللي شبهي:
_ أنا عارف إنك هتيجي هنا، لأنك غيرت النمطية المعتاد عليها، وبقى ليك أساليب جديدة، كل ما أفتح موقع تواصل، ألاقي المعظم مآمن بقدراتك الخارقة، وبيكتبوا عن البوابات النجمية ال١١ فوق الهرم الأكبر، وغيرها، إنك تغير النمطية وتخلي الناس تتكلم عن قدراتك بصورة مختلفة، وتبان تحذيرية، بس أساسها هو أنك تخوفهم باللي ماتملكهوش.
كنت سامع الكلام وهتجنن، مش فاهم حاجة، وشايفه واقف مبلم ومش عارف يرد، بالس أقصد، فقال اللي شبهي ووجه كلام ليا:
_ أنا آمن، عبد من عباد الله، زيك، وزيه، حتى لو أنكر، فهو كده كده هيرجع لله..
قولت له بدهشة:
_ ده شيطان، صح؟
_ صح، بالس. وزي ما قولت له، هو أستاذ في تغيير الوجهات والاعتقادات، في كل حِقبة، بيقدر يغير جلده حسب سماتها، والمرة دي زي ما أنت سمعت كده، هو خلق نمط جديد، نمط بيوجه الناس للكلام عنه، وكأنه يملك شيء عليهم، لكن هو مدعي مش أكتر، خليني أسالك سؤال، ليه ربنا ما كلمناش في القرآن عن قدراته وسلطته علينا، حتى لو بطريقة مش مباشرة؟ طيب ليه النبي صل الله عليه وسلم ما أخبرناش عنه، مع أنه كلمنا عن قدرات الد.جال، بس لما ربنا يأذن له باستخدامها، في الوقت اللي ربنا حدده، مش بمزاج الد.جال، خلي بالك من الفرق، لأنه إيماني بحت، قدراته حق، لما ربنا يأذن له بكده، مش لأنه قاعد في مكان ما وبيحرك الناس، ده عين الخطأ .. النبي كمان كلمنا عن المهد المنتظر، ويأجوج ومأجوج، وغيرها من الأشياء الغريبة اللي هتحصل في آخر الزمان، فليه مكلمناش عن البوابات ال١١ اللي عائلة بالس تقدر تستخدمنا لفتحها؟ لأن ده مش موجود أصلا، وكلها ألاعيب غير نمطية من بالس.
آمن اختفى في لحظتها، كأنه مش موجود، وشوفت بالس بيبعد، كأن فيه فجوة بتبلعه جواها، ولقيت نفسي في مكاني، النور قاطع، والجو حر، وصوت آمن في عقلي وجوايا لسه بيتردد .. آمن صوته جوانا لسه بيتردد. وبالس كمان، ويا ترى مين هيقدر يهزم التاني، جوه كل واحد فينا؟!..
تمت..
الحفلة
اترك رد