روايات كاملةقصص

قصة عم جابر

جوة محل عم جابر الاس,,كافي، في أوضة مقفولة.. الأوضة دي الناس بيقولوا انها مس,,كونة بجن، وفي ناس تانية قالوا ان جواها سر كبير وماحدش يعرفه.. بس انا وانتوا النهاردة بالليل.. هنكتشف السر اللي وراها، الس,,ر اللي استخبى على مدار سنين، واللي في النهاية هنعرفه بمساعدة شبح!

بس السؤال هنا، مين متحمس ومنتظر مغامرة جديدة جوة دكان عم جابر؟
من حوالي سنة كده وأنا شغال جزم,,جي مع عم جابر؛ راجل في الخمسينات، ابن حلال مصفي، لكن طول المدة اللي قعدتها معاه، سمعت قصص وحواديت ياما عن الأوضة المقفولة في المحل بتاعه، في اللي بيقول إنها مسكونة من القفلة، وفي اللي بينفي… والسبب، إن الأوضة اتقفلت بعد ما الإشاعات كترت عليها، إنما الرأي اللي الناس أجمعوا عليه، هو إن عمار البيت استولوا عليها، قصص وحواديت غريبة، العامل المشترك بينهم إن اللي بيحكوه هم أهل الحتة، إنما عم جابر نفسه، عمره ما نطق كلمة عن الأوضة غير مرة واحدة أول ما بدأت أشتغل معاه، قالي “أوعى تقرب من بابها المقفول، غير كده المحل كله بتاعك”… وصدق عم جابر، حسسني إن المكان مكاني، اتعامل معايا معاملة الأب لابنه، عشان كده عمري ما فكرت أضايقه، بفكر دايما في الحاجة اللي تريحه حتى لو كان على حساب صحتي، وعلى الرغم من كده، إلا إن الفضول ملازمني طول الوقت عن السر اللي جوة الأوضة، بالذات لإن عمري ما شوفت ولا حسي,,ت بحاجة غريبة جاية منها، بس صدقني، القصة أكبر من أوضة مسكونة في محل جزم.
**
كنت قاعد أنا وعم جابر بنخ,,يط كام شنطة على كام جزمة، جه في بالي قصة الأوضة، وقتها لساني فلّت واتكلمت عنها:
-ألا هو في ايه جوة يا عم جابر، أنا شايف إن مالوش لزوم الأوضة تفضل مقفولة، يعني.. أنا بقالي سنة شغال أهو، ولا شوفت عف,,ريت ولا يحزنو,,ن.
عم جابر خد الكلام بصدر رحب ورد عليا وهو مبتسم ابتسامته الهادية:
-وهو لو في عفريت جوة يا صلاح يابني، هيط,,لعلك برة ليه؟!
حسيت بفضول أكبر تجاه الأوضة، فسألته السؤال اللي جه على بالي:
-يعني في عفاريت جوة فعلا يا عم جابر، مش اشاعات طالعة على الأوضة وخلاص؟
عم جابر ماكنش طويل البال بطبعه، عشان كده الرد بتاعه ماستغربتوش:
-بقولك ايه يابني، انت بقالك سنة شغال معايا والأمور ماشية زي الفل، ماتجيش دلوقتي وتصعبها على نفسك وعليا، أنا ارتاحتلك من غير ما أعرف أصلك ولا فصلك، وده لأنك ابن حلال وقصدتني في خير، وأنا ماتأخرتش… ثم كفاية اوي إني شغلتك على مكنة توفيق أخويا، أظن ان انا مش محتاج أقولك أكتر من كده.
قلبت الموضوع هزار وقولتله:
-ما المكنة لسه بتا,,عته يا عم جابر، ماتقلقش… لما يرجع هيلاقي مكانه زي ما هو، أنا جاي سد خانة مش أكتر.
-لو سد خانة ماكنتش شغلتك يا صلاح، أنت راجل طيب وابن حلال، بدليل إني ارتحتلك أول ما شوفتك، واديك أهو، شربت الصنعة بدري بدري، ومين عالم، يمكن بكرة تاخد مكاني.
-ما عاش ولا كان يا عم جابر، هو احنا لينا غيرك يا راجل يا طيب، أنا مش عارف من غيرك كنت هعمل ا…
قاطعني بسرعة:
-ماتكملش يابني، كلنا أسباب، وأنت لو مش ابن حلال… ماكنتش شغلتك معايا، واكيد كنت هتحصل غيرك.
الحوار قلّب هزار وكل واحد ركز في شغله، لحد ما شاب في العشرينات دخل المحل، كان ماسك في ايده ج,,زمة كورة وماشي ناحية عم جابر، بعدها حط الجزمة جنب المكنة وقاله بعشم:
-بقولك ايه ياعم جابر يا عسل، عايزك تخيطلي الجزمة وتروقلي عليها بايدك الحلوة دي، ومعلش، انا عندي حجز بعد ربع ساعة ومتأخر.
رد عليه عم جابر وهو بيس,,تغفر ربه:
-استغفر الله العظيم، مش قولتلك مليون مرة تجيلي قبلها بساعة عشان بيبقى ورايا شغل، ولا عشان عديتهالك مرة هتتعود، أنا دلوقتي عندي شغل، والدنيا على بعضها زي مانت شايف، أعملك ايه انا دلوقتي!
رد عليه الشاب بسخرية:
-على بع,,ضها ايه يا راجل يا طيب، دي جزم قديمة محطوطة على بعض وموجودة من ساعة مانا اتولدت، مافيش غير الشنطة اللي في ايدك، وسهلة يعني، نديها لصلاح يقضي مصلحتها لحد ماتخلصني.
اتعصب عم جابر من طريقة الشاب وم,,سك الج,,زمة ورماها على الأرض:
-بقولك ايه يابني انت، ماعندناش مكن يصلح جزم، خد حاجتك وشوف حالك، امشي، روح الحجز بتاعك، الله يرضى عليك.
بعدها عم جابر كمل شغله عادي، بس عينه ماكنتش مفارقة المكنة اللي قدامه، اما الشاب، ملامح وشه اتغيرت، حسي,,ت إنه هيعمل مش,,كلة مع عم جابر بسبب طريقته، وعشان أمتص غضبه، قومت أخدت الجزمة من على الأرض ونفضتها وأنا باصص له:,,
-عايزها خياطة يدوي ولا عادي.
رد عليا وعينه على عم جابر:
-لا يدوي ايه بقى، اللعب بعد خمس دقايق، مش هلحق أكيد… اعملهالي أي حاجة عشان أمشي بيها حالي.
-عينيا يا غالي، اقعد استريح على ما اخلص

قعد الشاب على كرسي قدامي وعينه ماكانتش مفارقة الأوضة اللي جنبي… الأوضة الملعونة، زيه زي أغلب الشباب اللي بتيجي تصلح حاجة عندنا، لكن وسط الشباب دول، في نوع تاني، نوع بيجي عشان يفضل باصص على الباب، بيكون متخيل إنه هيشوف حاجة خارقة عن الطبيعة، لكن مافيش حاجة من الكلام ده كله بتحصل، ايوه، مافيش اي حاجة غير في مخيلة كل واحد فيهم لما يرجع البيت، وبعدها، بيبقى عايز يجي مرة تانية عشان يكرر التجربة، كلام أفلام ومسلسلات بيعصب عم جابر، هو شايف إن المحل ده أهم شيء بيمتلكه، فبيبقى متضايق من الاشاعات اللي طالعة عليه، لكن المهم، خلصت الجزمة بتاعة الشاب واديتهاله وحاسبني، بعدها أخد بع,,ضه ومشي، ولما طلع من المحل، بصيت لعم جابر وقولتله:
-ايه يا راجل يا طيب… براحة على الزباين، دول اللي بناكل من وراهم عيش.
ساب الشنطة اللي في ايده وبص لي:
-الأكل والشرب دول بتوع ربنا يابني، وإذا كان على ميدو، فهيجي تاني، ماتقلقش… كلهم بيجوا عشان الأوضة.
-والله انا ما بقيت عارف الأوضة دي نعمة ولا نقمة، الواحد أول مرة يشوف حدوتة زي دي.
عم جابر مسك الشنطة مرة تانية وحطها تحت سِن الإبرة وهو بيقولي بابتسامة:
-ولسه ياما هنشوف.
خلص الحوار بينا على كده وكل واحد شاف شغله، اشتغلنا لحد ما في نص اليوم عم جابر طلع برة المحل يجيب أكل زي كل يوم، وقتها أنا قعدت عشان ماسيبش المكان لوحده، وفي وسط مانا قاعد، باصص للحيطان ومستني اي زبون يجي، فضولي رمى عيني على باب الأوضة، ومع بصتي عليها قولت لنفسي (هيحصل ايه يعني لو فتحتها وعرفت اللي فيها)، لحظات وقومت من مكاني وأنا مق,,رر إني هفتح الباب قبل ما عم جابر يجي، خطوة في التانية، لقيت نفسي واقف قدام الباب، قلبي كان مقب,,وض وجس,,مي كله بيعرق، كأن في حاجة بتحذرني من دخول للأوضة، لكن أنا كنت واخد قراري وحطيت ايدي على أوكرة الباب عشان أفتحه، في اللحظة دي سمعت صوت عم جابر وهو مُنفعل عليا:
-انا مش قولت مليون مرة مالكش دعوة بالأوضة، مش احنا كنا لسه من شوية كنا بنتكلم في الموضوع ده، ايه، حصلت انك تكسر كلامي وتحاول تفتح الباب.. أنت ايه، مابتفهمش.
لفيت جسمي ناحية عم جابر، بصيتله وأنا مش عارف أنطق ولا أبرر اللي عملته، حتى هو مادانيش أي فرصة أدافع بيها عن نفسي وكمل زعيق:
-ده تحذيري الأخير ليك، الأوضة دي ماتحاولش تقرب ناحيتها تاني، أنا مش عايز شوشرة من أهل الحتة، كفاية اللي بنشوفه وبنسمعه منهم، ماتخلنيش أقلب عليك.
-أنااااا
كنت هكمل كلام ودفاع عن نفسي، لكن عم جابر وقع على الأرض زي الطوبة، من الخضة اتمسمرت مكاني وانا مش عارف أعمل ايه، مُجرد تفكيري إني ممكن أكون سبب في موته، خلاني أرتجف من الخوف، ثواني واتمالكت اعصابي، بعدها نزلت على ركبتي عشان أشوف جراله ايه، والحمدلله، كان لسه فيه الروح، بعدها خدته بتوكتوك لأقرب مستشفى، وهناك الدكاترة طمنوني عليه وقالولي إنها غيبوبة سكر مش أكتر، غيبوبة جتله بسبب إهم,,اله للدوا، ولما فاق وبقى زي الفل، كنت متردد أخشله، خايف أضايقه لما يشوفني لا يتعب تاني، لكن وقتها كسر حاجز الخ,,وف ممرضة جت عشان تطلب مني أدخل لعم جابر لانه عايزني، ماترددتش لحظة واحدة ودخلتله، كان نايم على الس,,رير وهو مبتسم وباين عليه التع,,ب، قعدت على كرسي قريب منه وبصيت على الأرض وأنا بقوله:
-معلش يا راجل يا طيب، ماكنش يصح اللي أنا عملته، بس كان عندي فضول وعاوز أعرف ايه اللي جوة.
رد عليا بنبرة كلها تعب:
-بصلي كدة يا,,ض وأنت بتكلمني، أنا زي أبوك، ماتكسفش مني… أنا اللي أسف إني اتعصبت عليك، بس الواد بندق الله يسامحه كان قافل، ماعرفتش اجيب منه رغفين حواوشي كلابي من اللي بيبيعهم.
ابتسمت وقولتله:
-انت ليك نفس تهزر يا عم جابر.
-وماهزرش ليه يعني، أنا زي الفل، ده انا حتى ماشي معاك دلوقتي، ايه، فاكرني هفضل قاعد هنا ولا ايه، دي غيب,,وبة سكر لا بتجيب ولا بتودي.

في اللحظة دي الدكتور دخل الأوضة وطمنا، قال إن عم جابر بقى زي الفل ويقدر يمشي دلوقتي، هو بس لازم ينتظم على الأدوية ولازم حد يتابعه الفترة الجاية، وبعد ما الدكتور قال الكلمتين دول ومشي، عرضت على عم جابر أقعد معاه اليومين الجايين في البيت عنده، ومع عرضي عليه، وافق على كلامي واتحركنا من المستشفى على البيت، وبمجرد ما وصلنا وفتحنا باب الش,,قة، بدأت الأحداث المرعبة تحصلي، ساعتها سمعت صوت جاي من الأوضة اللي جوة، صوت حاجة بترزع جامد، اتاخدت ورجعت خطوتين لورا!
-ايه يا عم جابر، هي الشقة كمان مسكونة ولا ايه!
-جرى ايه ياض، ما تسترجل، وشك مخطوف كده ليه، تلاقيني بس نسيت الشباك مفتوح وبيرزع في بعضه.
بلعت ريقي وانا برد عليه:
-لالالا أنا زي الفل، أخ,,اف من ايه بس… أنا خايف عليك تتخ,,ض وأنت تعبان كده.
-طب خش ياض، خش، مالك واقف ع الباب كده ليه.
رديت عليه وأنا ببص يمين وشمال:
-داخل يا راجل يا طيب، داخل في ضهرك اهو.
دخت وراه وقعدنا نتكلم لحد ما الليل ليل علينا وحسيت إني عايز أنام، ومن غير ما أسأل على الأ,,وضة اللي هبات فيها، عم جابر شاورلي على الأوضة اللي في أخر الطُرقة.
-نام في أو,,ضة توفيق أخويا، مع إني ماكنتش عايز أفتحها قبل ما يرجع، بس أنا بحبك وهبيتك فيها.
-والله ما عارف أقولك ايه ياعمنا، سنة واحدة معاك عوضتني عن مر,,مطة الدنيا اللي عيشتها في حياتي كلها.

ماتقولش وماتشيلش ال,,هم,,، ربك كبير وبيعوض… يلا، تصبح على خير.
-وأنت من أهل الخير ياعمهم.
بعد كده عم جابر خد بعضه ودخل ين,,ام، اما أنا، ف قومت ودخلت الأوضة، للنظرة الأولى حسيت إن قلبي مقب,,وض، لكن ثواني وهديت، كأني لسه بتعرف على المكان، بعدها فردت جسمي على السرير وغمضت عيني، من التعب روحت في النوم، ماعرفش عدى قد ايه وأنا ناي,,م، لكن فجأة سمعت صوت حاجة بترزع، قومت مخضوض وض,,ربات قلبي عالية، بصيت حواليا لقيت الشباك بتاع الأوضة بيخبط في بعضه، بلعت ريقي وقومت قفلته، ولما رجعت عشان أنام على الس,,رير، حسيت بالعطش، فطلعت برة، ووقت طلوعي، شوفت شخص واقف قدامي ومديني ضهره، كان زي الص,,نم، مابيتحركش، بلعت ريقي وسألت بصوت واطي:
-أنت.. انت هنا يا عم جابر!
مافيش رد، بس بعد سؤالي، الشخص اللي قدامي اتحرك ناحية شباك الصالة، مشيت وراه بخطوات هادية لحد ما فتح الشباك ومد ايده لبرة، في الأول حسيت إنه هينط، فبخطوة سريعة وبتلقائية شديته قبل ما يعمل في نفسه حاجة، وبمجرد ما عملت كده، وقعنا احنا الاتنين على الأرض!
-ايه يابني.. فزعتني الله يخربيتك، هو انا جايبك عشان تموتني بسكته قلبية.
اللي قال كده كان عم جابر، بصيتله باستغراب وأنا مُحرج من اللي حصل:
-أنا أسف والله يا عم جابر، أصلي ناديت عليك وأنت ماردتش، فافتكرتك حر,,امي وه,,يهرب.
-حرامي ايه اللي هينط من التاني ده، أنا كنت بشم شوية هوا وبتمطع، تقوم عامل فيا كده، لكن انت ايه اللي مصحيك لحد دلوقتي؟؟
-معلش بقى يا عم جابر، أنا قلقت وأنا نايم بسبب الشباك، فصحيت، ولما خرجت عشان اشرب، شوفت المنظر الغ,,ريب ده.
ضحك وهو مركز على الشباك وكأنه افتكر حاجة:
-هو خبط الشباك ده قل,,ق يابني، القلق اللي بجد لما كنا بنصحى بسبب شكرية واللي بيجي من وراها، لكن الحمدلله، ربنا نجدنا منها ومشيت هي واللي معاها، بس ايه، مشيت بعد ما خدت الغالي.
-مش شكرية دي عدم اللامؤاخذة، تبقى صاحبة بيت الدعارة اللي كان على أول الشارع!
بمجرد ما نطقت الكلمة ملامح وشه اتغيرت واتحرك ناحية أوضته:
-أنا داخل أنام، مافيش واحدة اسمها شكرية في شارعنا، قَفل عال,,سيرة.
كان واضح على عم جابر الحزن وهو داخل الاوضة، وبسبب شكله، ماقدرتش أسأله ماله، اصل انا عارف اجابته كويس، وكفاية أوي اللي حصل النهاردة، أنا ماكنتش ناقص اتسبب في زعله مرة تانية، وعشان اقصر، خدت بعضي ومن سكات، رجعت على السرير وكملت نوم، ولما صحيت وفوقت، قومت اطمن على عم جابر، مالقتوش في الشقة، فضلت أخبط على أوض,,ته، ماكنش بيرد، ولما حاولت أفتح الباب، لقيته مقفول، لكن في لحظتها سمعت صوت موبايلي بيرن، روحت جيبته من على المكتب واكتشفت ان عم جابر هو اللي كان بيتصل بيا!
-ايه ياعمنا، بتسيبني لوحدي وتنزل من غير ما تصحيني!
-انل صحيتك كتير وأنت زي الجلنف، مابتقومش، بس تعرف، صعبت عليا وقولت أسيبك عشان تعبتك معايا امبارح، بس بما إنك صحيت… خمس دقايق وألاقيك قدامي عشان نفطر مع بعض.
من غير ولا كلمة زيادة نزلت المحل، واول ما دخلت، لقيت عم جابر جايب فطار عظمة، قعدت ومسكت رغيفين خبطهم في بعض وابتديت افطر، وفي وسط ماحنا بناكل، سألت عم جابر السؤال اللي كان محيرني طول الليل:
-انا بقالي سنة شغال معاك يا راجل يا طيب وعمري ما سألتك عن عم توفيق.
عم جابر ساب رغيف العيش من ايده وبص لي:
-عمك توفيق ده ماكنش اخويا ابن وامي وابويا وبس، ده كان صاحبي أكتر بكتير من كلمة اخويا، من ساعة ما ابونا ما,,ت وسابلنا المحل والش,,قة واحنا شغاليين على المكنتين دول، مابنوقفش، لحد ما من خمسة وعشرين سنة صحيت مالقتوش في فرشته، من ساعتها والأخبار اتقط,,عت عنه، عدت الأيام والشهور وأنا بدور عليه، لكن مع الأسف، الأخبار عنه كانت معدومة، وفضل الوضع هو الوضع لحد ما في يوم ربنا بعتلي شخص زيك كده اسمه زينهم، اشتغل معايا على مكنة توفيق، وفي ليلة كنا سهرانين في المحل ولقيته قام مرة واحدة وفضل يصرخ ويهلل.. “عفريت عفريت”، ولما سألته مالك، حلف ١٠٠ يمين إنه شاف حد جوة الأوضة والشارع كله صحي على صوته، بس انا ماسكتتش، انا لميت الموضوع وكل واحد رجع بيته، وتاني يوم، زينهم ماجاش الشغل، انقطعت اخباره، بعدها عرفت إنه طفش، ومن اللحظة دي والناس بتقول إن الأوضة مسكونة وبتلعن كل اللي بيدخلها، بصراحة أنا خوفت، ماكدبش عليك، وبسبب اللي حصل، قولت أقفل الأوضة، اصل انا كده كده مش بستفيد منها، ومن بعدها قررت إني مش هشغل حد معايا، لكن اهو.. السنين مرت والعضمة كبرت وجيت انت يابني وشغلتك معايا… شغلتك عشان انت ابن حلال واعتبرتك ابني اللي ماجيبتوش.
رديت عليه وأنا مستعجب من كل اللي حصل:
-غريب أوي اللي حصل ياعم جابر، مانا بقالي سنة أهو قاعد معاك وماحصلش حاجة.
مرة واحدة قام من مكانه وبدأ يلم الزبالة اللي حواليه:
-أديك قولتها… ماحصلش حاجة، تبقى اشاعات وطلعت بسبب زينهم، الله يسامحه بقى ماطرح ماهو قاعد، الأهم من كل ده انك دلوقتي تقفل سيرة الأوضة دي خالص، وزي ما قولت، انت بقالك سنة قاعد ومابتسألش، جاي دلوقتي وتسأل!
لسه هبرر موقفي وأتكلم، مادانيش فرصة، ده كمل كلامه وقالي:
-بس مش مهم… هعتبر ان العشم واخدك وهعديها، ودلوقتي يلا، يلا نستفتح ونبتدي شغل، بلاش رغي كتير.
من غير كلام تاني لميت الزبالة معاه وروقنا المحل، وبعد ما روقنا، دخل أول زبون ووراه التاني لحد ما اليوم خلص وقفلنا، بعدها طلعنا الش,,قة واتعشينا مع بعض، لكن عم جابر كان واضح عليه إنه متضايق من حاجة، ولما سألته مالك، ماردش عليا، ده خد بعضه ودخل أوضته، سكتت ومارضتش أتقل عليه ودخلت أنا كمان أريح على السرير من تعب اليوم، ولما فردت جسمي، فضلت أفكر في كل اللي حصل النهاردة لحد ما سمعت صوت برة… كان صوت حد بيبكي، قومت مخضوض ومشيت ورا الصوت، لاقيت نفسي قدام أوضة عم جابر اللي بابها موارب، بصيت عليه من برة، لقيته ماسك صورة في ايده وعينه ثابتة عليها:
-واحشني أوي يا توفيق، ايه يا ج,,دع… نسيت أخوك ومابقتش تسأل عليه، بالك أنت، أنا السنين دي كلها شغال على المكنة عشانك، أي والله… مانا من زمان بقولك إن الكار ده مش كاري، وأنت تقعد تقولي لا، شغلانة أبوك وهنكمل فيها… نفهم ايه احنا في الدنيا عشان نعمل حاجة تانية… عايز تسيب شغلانة أبوك”… وأنا عشان بحبك صدقتك واشتغلنا ليل ونهار، كنا مبسوطين وحياتنا مرتاحة، لحد ما جات الملعونة ولعنتنا معاها، لكن أنا السبب في كل اللي حصل، أنا اللي سيبتك، ويوم ما جيت أفوقك من الحلم اللي أنت كنت عايش فيه، كل حاجة كانت راحت، بصيت جنبي ولاقيتني لوحدي… انا.. انا ضهري اتقطم من بعدك ومابقتش قادر أعيش بذنبك ياخويا، لكن ربك حنين، بعتلي الواد صلاح، ابن حلال مصفي، شبهك ياض يا توفيق، مانا بقوله ياض يا صلاح برضه، ماتزعلش لو كان قاعد مكانك، ده عيل طيب، وبعدين الونس حلو برضه، طب تعرف، الواحد بقاله كتير مانامش في على فرشته وهو حاسس بالونس زي امبارح، ماتزعلش مني، أنا بحبك ياض، وفي يوم هشوفك، صدقني هشوفك قريب… وقريب أوي كمان.
خلّص عم جابر كلامه وفرد جسمه على الس,,رير، بعدها أخد الصورة في حضنه وغمض عينه وراح في النو,,م، بهدوء رجعت أوضتي وفردت جس,,مي وفضلت باصص للسقف، بفكر في اللي قاله عم جابر والسر اللي وراه، وفضلت افكر وافكر لحد ما روحت في النوم، ولما فوقت، قومت أتطمن على عم جابر، باب أوضته كان موارب زي امبارح بالظبط، اديت نظرة جوة ولقيته واقع على الأرض، جريت أشوف ماله، كان لسه فيه الروح، مخي وقف وماعرفتش افكر، انا نزلت الشارع ودورت على أقرب دكتور وجيبته في ايدي، والحمدلله، عم جابر فاق، كل اللي في الموضوع إنه كان عنده غيبوبة سكر برضه، لكن المرة دي الدكتور أكد عليا إنه لازمله راحة، أول ما عم جابر سمع الكلام ده، بقت راسه وألف سيف انه ينزل المحل دلوقتي، وبعد محاولات كتيرة معاه، أقنعته ياخد أجازة النهاردة بس، وأنا هنزل المحل بداله وكل حاجة هتمشي عال العال، بعدها نزلت جيبت فطار وفطرنا مع بعض وقعدنا نرغي ونهزر، وقبل ما أنزل، اتأكدت إنه أخد الدوا وخدت منه مفاتيح المحل، لما نزلت رشيت شوية ماية على عتبة الباب وابتديت شغل، كأنه يوم عادي، مافيش أي اختلاف… الاختلاف الوحيد بس إن عم جابر ماكنش معايا، لكن.. لكن وفي نفس الوقت برضه، الأوضة الملعونة كانت قدامي وفي ايدي مفاتيحها، دماغي كانت بتودي وتجيب عشان أفتحها وأشوف السر اللي جواها، هل فعلا في حاجة جواها تستحق البروباجندا اللي معمولة عليها دي كلها؟.. بس السؤال ده اجابته في ايدي، وعشان كده قررت ماضيعش الفرصة وفتحت الباب..

الأوضة الملعونة كانت قدامي وفي ايدي مفاتيحها، دماغي كانت بتودي وتجيب عشان أفتحها وأشوف السر اللي جواها، هل فعلا في حاجة جواها تستحق البروباجندا اللي معمولة عليها دي كلها؟.. بس السؤال ده اجابته في ايدي، وعشان كده قررت ماضيعش الفر,,صة وفتحت الباب، بعدها قفلته ورايا لا حد يشوفني، وبمجرد ما رجلي خطت عتبة الأوضة، حسيت إن قلبي مقبوض، كان في ريحة تراب غريبة خلتني مابطلش كحة، بدأت أركز في الأوضة كويس، لقيتها مليانة كراكيب، يعني جزم قديمة على خيط اتاكل من الفيران، كأني في مكان شبه مهجور، وعلى قد ما الأوضة كانت صغيرة، الا ان ده مامنعنيش إني أقلب في كراكيبها لحد ما لقيت صندوق قديم مليان تراب، نفضته من اللي عليه وفتحته، كان جواه شوية جوابات قديمة، فتحت أول جواب، الخط فيه كان مش واضح شوية، بس ركزت كويس معاه وبدأت أقرا اللي فيه… “ابتسامتكِ الهادئة تجعلني أشعر بالسلام الداخلي، على الرغم من الحرب الدائرة داخل شقوق صدري، أنتِ مَن تذكر,,يني بمرادفات الحياة البسيطة المسئولة عن مساري، وفي ظل خفقان قلبي بالحزن، أستمع إلى همسات صوتك المليئة بالحياة، أحسد نفسي على النظر في عينيكي كل يوم، فأنتِ دواء نادر، مَن امتلكه… فاز بـ اكسير الحياة”… وفي أخر الجواب كان مكتوب توفيق، لكن مش واضح كان كاتبه لمين، فتحت جواب تاني لقيته مكتوب بالعامية… واللي كان مكتوب فيه… “بتبعدي ليه يا شكرية، أنا حبيتك ومسامحك في نفس الوقت، احنا ممكن نعيش حياة سعيدة كزوجين وننسى الماضي، نمشي ونعيش بعيد عن أهل الشارع والمنطقة، الاختيار في ايدك، ماتتعبيش قلبي معاكي”… ده اللي كان واضح من الجواب، والباقي كله كان شبه ممسوح، لكن اهو.. على الأقل عرفت الرسايل دي لمين، في اللحظة دي سمعت صوت حركة في المحل، خدت بعضي وطلعت من الأوضة، لقيت ميدو واقف قدام المحل وبينادي عليا، كان في ايده جزمة الكورة بتاعته، عملت نفسي مش واخد بالي وقعدت على المكنة وبعدها ناديت عليه:
-ايه ياض يا ميدو، بتنادي على مين.؟
لف لي وشه وهو مخضوض:
-ايه يا عم صلاح، هي العف,,اريت شغالة بجد ولا ايه، أنا متأكد إني دخلت ومالقتكش.
-دخلت ايه يابني، مانا قاعد من الصبح اهو وماشوفتش حد لا داخل ولا طالع.
رد عليا بوش مخطوف:
-لا داخل ولا طالع!، صباح الفل، أنا هاخد جز,,متي وأمشي من هنا ياعم، اه، لا تطلع مش صلاح في الأخر.
من غير ولا كلمة زيادة أخد بعضه ومشي، وقتها اتطمنت إن مافيش حد تاني جاي وقفلت باب الأوضة بالقفل، وفي نص اليوم، طلعت لعم جابر عشان اتطمن عليه واشوفه، هل أخد الدوا بتاعه ولا لأ، وبعد ما طلعت واطمنت، اتغدينا مع بعض ونزلت المحل من تاني، وتحت، كملت يومي لحد ما خلصت وطلعت أقعد مع عم جابر، بس بعد طلوعي، لقيته نايم، فدخلت الأوضة ونيمت على السري,,ر، وقتها مش عارف ليه فضلت صاحي، لكن مرة واحدة، سمعت حد بيخبط على الباب، قولت يمكن عم جابر صحي وقام يتطمن عليا، فقومت من على السرير واتمشيت للباب وأنا بتطوح يمين وشمال من صداع الشارع طول اليوم، بس اول ما فتحت الباب، مالقتش حد واقف برة، ناديت على عم جابر، ماحدش رد!، استغربت واتمشيت لأوضته، وساعتها لقيته نايم، بس.. بس في اللحظة دي لمحت حد واقف جنب باب الشقة، ولما ركزت ناحية الباب، مالقتش حد!، بلعت ريقي بص,,عوبة وقولت لنفسي..(وبعدين بقى في ام الليلة السودة دي، هي الأوضة عملتها معايا ولا ايه)… ثواني ونفس اللي حصل اتكرر تاني، شوفت حد واقف عند الباب، لما ركزت لقيته طيف لشخص مش قادر أحدد ملامحه، لحظات وفتح الباب، بعدها اتحرك لتحت، فضولي قالي إن لازم أشوف ايه اللي بيحصل، وقررت أنزل وراه، كان بيمشي بسرعة لحد ما لقيت نفسي قدام المحل، وهنا، الطيف اخترق الباب بكل سهولة، وقتها أنا است,,غليت إن المفاتيح لسه في جيبي وفتحت الباب، ومع دخولي للمحل، لقيت باب الأوضة مفتوح والنور منور جواها، مسكت اعصابي وببطء اتمشيت ناحية الأوضة، وقبل ما ادخل، سمعت صوت اتنين بيتخانقوا جوة، رمي,,ت عيني عشان أشوف في ايه، لقيت نفس الطيف واقف قدام طيف تاني وبيشدوا في الكلام، كان واحد منهم بيقول للتاني بصوت مايفرقش كتير عن صوت عم جابر:
-ماحبتكش يا توفيق… افهم بقى، أنا خ,,ايف عليك، دي لعنة وهتصيبنا كلنا ياض، دي.. دي الحكومة جت وخدتها.. اه، خدتها وخدت لعنتها معاها، شكرية دي ماجاش من وراها غير الأذى والمشاكل.
بحركة سريعة طيف توفيق اتحرك لبرة الأوضة واخترقني زي الهوا، إنما طيف عم جابر، ف شده لجوة مرة تانية، وبسبب شدته، توفيق رد عليه وقاله:
-على طول عامل فيها كبير، وأنت أكبر واحد غلطان، منك لله، لعنتنا ولعنت البيت بعمايلك، لا وايه، لما أختار اللي أنا عايزه، تبقى فض,,يحة، إنما لما أنت تعمل اللي في دماغك، يبقى براحتك، كفاية بقى يا جابر… كفاية عليك لحد كده، خد نصيبك وامشي زي ما كنت عايز تعمل زمان، ولا أقولك… أنا كده كده كلمت السمسار وهسيبهالك مخضرة.

الحوار اشتد بين الاتنين، توفيق كان عايز يمشي، لكن عم جابر مسك فيه، ومع الشد والجذب، الحوار اتحول لخنا,,قة، وفي وسط ما هم ماس,,كين في بعض، عم جابر كان بيقوله:
-غبي… وهتفضل طول عمرك غ,,بي.
المشادة بينهم زادت، توفيق كان بيخنق في أخوه والغضب عامي عينيه، لكن.. لكن عم جابر ماسكتش، ده خبط توفيق بحاجة على راسه وهو بيدافع عن نفسه، وبعد الخب,,طة، توفيق وقع على الأرض وهو سايح في دمه، بس المريب إن الدم كان حقيقي، مالي رقعة معينة في الأوضة، بعيدة عن الطيف، ماركزتش مع الدم واديت ترك,,يزي اكتر لعم جابر، عمر جابر اللي نزل على ركب,,ته ومس,,ك راس توفيق والد,,موع في عينيه:
-توفيق… فوق يا توفيق، ماتبعدش عني ياض، أنا ماقصدتش، قوم ماتوجعش قلبي عليك، شكرية عالمة، ماتستهلش اللي حصل ده، والغل,,ط يتصلح… بس أنت قوم وأنا هعملك اللي أنت عايزه، قوم الله يرضى عليك يابن أبويا.
لكن من الواضح قدامي إن خلاص، الأوان كان فات، توفيق مات وبقى جثة، لا بتتكلم ولا بتتحرك، اما عم جابر، ف فضل باصص للجثة وهو مصدوم، الدموع بتنزل من عينه وهو مش مصدق اللي حصل، بعدها أدرك الوضع اللي اتحط فيه، مسح دموعه وابتدى شغله في دفن الجثة جوة الأوضة، وبعدها كل حاجة اختفت والنور قطع، لحظات ورجع مرة تانية، استغليت الفرصة وفضلت أشيل البلاط مكان الجثة، أو رقعة الدم الغريبة اللي ظهرت على الأرض، والحقيقة ان ماخدتش وقت كتير لأن البلاط كان سهل في خلعه، بعدها لقيت نفسي قدام رمل اسود، شيلته بإيدي وفضلت أدور في الرملة على حاجة غريبة، لحد ما مس,,كت حتة عضم، بلعت ريقي من الرعب وأنا بحاول أتمالك أعصابي، في اللحظة دي في حاجة قوية خبطت راسي ووقعت على الأرض من شدة الخبطة واغم عليا، لكن انا فاكر كويس اوي ان أخر حاجة شوفتها، هو عم جابر والغ,,ضب باين على وشه.
لما فوقت كنت حاسس بألم شديد في راسي، جمعت طاقتي وحاولت أقوم، ماقدرتش، كنت مربوط في كرسي، بس اول ما فوقت، سمعت صوته وهو بيقولي:
-ايه؟… عايز تقوم من ع الكرسي؟
بدأت الرؤية توضح، شوفت عم جابر واقف قدامي والحزن كان باين في عينيه.
-عملت في أخوك كده ليه يا عم جابر؟ وأمي.. أمي ايه علاقتها بيكوا؟.. وقبل ما تسأل…أه.. انا ابن شكرية صاحبة بيت الدعارة اللي كان على أول الشارع.
-أمك!!!.. أمك ازاي يعني، امكازاي وأنا ماعرفش كل المدة دي، بعدين شكرية كانت مسجونة لمدة 13 سنة، ازاي يعني جابت حد في سنك؟
-امي كانت حامل فيا لما دخلت السجن، وبعد سنتين حضانة جوة، ودوني ملجأ، كبرت واتربيت هناك لمدة 11 سنة، وبعد ما مدة شكرية في السجن خلصت، طلعت وخدتني من الملجأ، ايامها كنت عيل صغير عندي 12 سنة وشوية، عيل لقى أم جاية تاخده ف راح معاها، لا كان عامل حساب لماضي، ولا فاهم اللي جرى، ولما كبرت شوية فهمت وعرفت… عر,,فت عن الشغل البطال اللي كانت ماشية فيه، لكن برضه ماردتش على سؤالي، انتوا ايه علاقتكوا بيها؟
رد عليا عم جابر وهو باصص للصندوق القديم اللي كنت بقلب فيه الصبح:
-أمك اتربت في الشارع يابني، كبرت لقت نفسها في بيت المعلمة سكينة.. أه، الشقة دي ماكانتش تخص شكرية في الأساس، بس بعد موت المعلمة سكينة.. شكرية ورثت الشغلانة بالشقة، انما أنا.. أنا حبيت شكرية من واحنا صغيرين، حبيت الست المدفونة جواها، مش اللي ظاهرة قدامنا، شكرية كانت بنت حرام في الحقيقة… يمكن، ماحدش عالم، لكنها كانت بنت حلال مصفي من جوة، ولولا البيئة اللي عاشت فيها، كانت هتبقى حاجة تانية، مش بعيد كانت تبقى دكتورة ولا مُدرسة، وعشان كده طلبت منها نهرب مع بعض ونعيش في حتة بعيدة، حتة ماحدش يعرفنا فيها، كده كده انا ماكنتش عايز أكمل في الشغلانة دي… وفعلا، شكرية وافقت وضربنا ورقتين عُر,,في لحد ما نطلع برة ونتجوز على سُنة الله ورسوله، لكن اللي ماكناش عاملين له حساب هو أخويا، توفيق، توفيق بدأ يبعت لشكرية رسايل غرام، اكيد انت شوفتها في الصندوق اللي انت فتحته… ولما ده حصل، جت وقالتلي، فعجلنا من الأمور وشكرية كانت خلاص هتبيع الشقة عشان نهرب، وطبعًا كل ده من ورا اخويا، اخويا اللي لو كان عرف، كان هيرفض كل اللي بيحصل، وخصوصًا بقى إنه هو كمان بيحبها من بدري، لكن مافيش حاجة بتس,,تخبى، جت اللحظة اللي عرف فيها توفيق كل حاجة، وقتها كنت متخانق أنا وهي، ومع خناقتنا، انتهز الفرصة وقرر إنه يروح يعترفلها بحبه، قالها إنه هيحافظ عليها… لكن اللي ماكنش عامله حساب، إن الحكومة تقبض عليها في نفس الليلة، ايوه، شكرية اتقبض عليها بتهم كتير، زي تحريض فتايات للعمل في شقة مشبوهة وغيره وغيره.. لكن ليلتها، كنت مع توفيق في المحل، قالي إنه هيروح ينقذها ويطلعها من اللي هي فيه بأي تمن، حاولت أوقفه بأي طريقة عشان سُمعته اللي هتتلطخ بسببها، ومع كلامنا، شدينا مع بعض وات,,خانقنا بالإيد، وأخرتها، خبطته بحاجة تقيلة على راسه من غير ما أقصد، ووقع على الأرض سايح في د,,مه، اتو,,ترت، خ,,وفت…

انا لو حكيت للناس اللي حصل ماحدش هيصدقني، بس في لحظة تمالكت اعصابي ودفنته مكانه، وبعدها است,,غلي,,ت إنه كان مكلم سمسار على بيع البيت وقولت للناس إنه مسافر، لحد ما جت الفكرة بتاعة لعنة الأوضة وإنها مسكونة من الأشباح، هي مش فكرة، هي حقيقة وانا صدقتها لأن توفيق ظهرلي أكتر من مرة، ومن ساعتها، والأوضة مق,,فولة.
كنت مصدوم من كل اللي سمعته، الراجل الطيب اللي كنت عايش معاه بقالي مُدة، طلع قاتل، ومش بس كده… ده كان متجوز معلمة كبيرة في السر، وأنتوا فاهمين قصدي، حتى لو كانت الست دي تبقى امي، لكن لحظة… كل ده وأنا مش فاهم، شكرية تبقى أمي، وعم جابر اتجوزها في السر، معنى كده إنه ممكن يكون.. أبويا!
بصيت له وانا بد,,ع وقولتله:
-أنا أبقى ابنك يا عم جابر، شكرية قبل ما تموت ماقالتليش مين أبويا، بس قالتلي إني مش ابن حرام، وأكدتلي ده كويس، قالتلي انها اتجوزت حد زمان وسابها، بس ماقالتليش مين، دي قالتلي بلاش ننبش في الماضي واعتبر اني امك وابوك، لكن انا كنت هتجنن.. كنت هت,,جنن لحد ما ربنا رماني في طريقك، وتوفيق.. عمي، كان له دور كبير، اصله لو ماكنش ظهرلي وعرفني الحقيقة عن طريق الأوضة، ماكنتش هعرف اي حاجة عن كل ده، بس تعرف، توفيق لو كان عايز يإذيك كان عمل كده من زمان، هو مش عايز يأذيك، هو بس بيظهر لانه مدفون هنا.. تحت الأو,,ضة.
من غير ولا كلمة زيادة عم جابر أخدني في حضنه، بعدها سابني… وسابلي حرية الاختيار، وده اللي عرفته لما قالي:
-أنا عمري ما كنت ق,,اتل يابني، ولا عمري فكرت في أذيتك، انا مسئلة قتلي لاخويا كانت بالغلط، واكبر دليل اني قولتلك الحقيقة، انا عيشت سنين بم,,وت، تعبان، مقهور بالذنب اللي ارتكبته، انما دلوقتي، جه الوقت اللي اعترف فيه عشان ضميري يرتاح، ودلوقتي، وبعد ما عرفت.. ليك الحرية، شوف، لو عا,,يز تبل,,غ عني وعن جريمتي، اعمل ده ومش هلو,,مك.. انا.. انا.. ااه…
وماكملش كلامه ووقع من طوله، ساعتها حاولت افك نفسي اكتر من مرة لحد ما نجحت في ده، فكيت روحي وقومت بسرعة، خ,,رجته بره الأوضة اللي قفلتها وروحت بيه عالمستشفى، وهناك، عرفت انها المرة دي مش غيب,,وبة سكر وهتعدي.. دي.. سكتة قلبية.. ايوه.. عم جابر.. او ابويا جابر بقى، مات.. اما انا، فرجعت على الحارة، وبعد الدفنة والعزا، قعدوا كبارات الحتة وقالوا ان الورشة والبيت لازم يفضلوا مفتوحين وانا اقعد فيهم، اه، ما الحُ,,جة بتا,,عت المكان كله كانت معايا لاني لقيتها في دولاب جابر.. بس قبل ما ارجع افتح المحل تاني، انا نزلت في ليلة وكملت اللي كان لازم يكمل.. كملت نبش في الرمل وطلعت الهيكل العظمي بتاع توفيق وروحت دفنته هناك، جنب اخوه، جابر.. جابر اللي اول يوم ليا في المحل من بعد موته ودفنة اخوه جنبه، سمعت صوته خارج من الأوضة وهو بيهمس..
(ماتخافش مني ياابني.. انا تملي هبقى حواليك، بس عمري ما هأذيك.. وماتخافش، مش هتسمع صوتي تاني)
افتكرت وقتها ان بيتهيألي، لكن الصوت، صوت جابر مابيفارقنيش، لا في احلامي ولا في المحل ولا في البيت، على طول بسمعه وهو بيهمس.. هو اه مابيقوليش كلام يخوفني، ومعظم كلامه ليا بيكون همس ومش مفهوم.. لكن برضه.. مجرد وجوده معيشني في قلق، لكن.. لكن تفتكروا صحيح، هو ده صوته بجد ولا من اللي مريت بيه عقلي خف وبقى بيتهيألي اني بسمعه!.. ولا.. ولا انا من بعد ما عرفت انه ابويا ومات، بقيت بتمنى انه يعيش عشان افضل جنبه وهو ابويا.. مش عم جابر الجزمجي!
تمت بحمد الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى