-بلا توم بلا بصل.. انا ماعرفش مين اللي انت قولت اسمه ده، لكن الشيطان اللي هحكيلك عنه النهاردة.. ماكنش شكله وحش ولا كان يبان عليه إنه شيطان اصلًا.. هو كان أفندي وشيك كده وبيتكلم كلام عاقل وموزون.. ومش كده وبس، ده كمان كان محبوب من كل اللي حواليه.
-ابو ايه؟!.. احنا هنهزر بقى يا ستي، ابو دودة ايه بس، ده كان شيطان عدم الامؤاخذة يعني…
قاطعتني بسرعة قبل ما اكمل كلامي..
-يا واد اسكت واسمع… ماهو أسمه ده ماجاش من فراغ، ده الأسم ده كان وراه حكاية.. وحكاية كبيرة اوي كمان.
مسكت القلم من تاني وبصيتلها بتركيز..
-احكي يا ستي.. احكي الحكاية العجيبة بتاعت الدودة دي اما نشوف اخرتها..
وابتدت جدتي تحكي وانا ابتديت اكتب وراها..
مظبوط.. انا هحكيهالك لأخرتها، بس قبل أخرتها، لازم الأول تعرف بدايتها، وبدايتها كانت من عند الافندي اللي جه غريب عن المنطقة، شاب عنده حوالي ٣٥ سنة كده، كان لابس بدلة ألفرانكة فيها ساعة بكاتينة، وفي إيده كان شايل شنطة جلد كبيرة فيها هدومه وحاجته.. دور على بيت يأجره في المنطقة لحد ما لقاه.. كان بيت من دور واحد صاحبه سابه لما بنى بيت أكبر وأوسع وقرر يخليه مخزن.. بس المخزن ماكنش هيكسبه زي الافندي، وعشان كده أجر له البيت وابتدى يعيش وسطنا، كان راجل طيب وفي حاله.. بس فيه كذا حاجة كده ماكانتش مفهومة؛ الراجل ده ماكنش حد يعرف هو بيشتغل ايه ولا بيجيب فلوسه منين، وكمان ماكنش بيخرج من بيته الصبح خالص.. هو كان يخرج على الساعة عشرة بالليل، ويرجع على وش الفجر.. وقتها كل الناس قالوا إنه شغال في شغل بطال يعني، كباريه، او شقة مشبوهة.. او اي شغلانة من الشغلانات اللي يستعر البني أدم إنه يقول انا شغال فيها دي.. ولحد هنا الموضوع كان ممكن يعدي، عادي يعني.. راجل غريب وغامض، جه سكن في المنطقة وبقى بيتصرف تصرفات ماحدش لاقيلها تفسير، بس طالما مابيأذيش حد، فالناس كانوا بيقولوا عادي وكانوا سايبينه في حاله، لحد ما فات على وجوده في المنطقة تلاتين يوم بالظبط.. وفي الوقت ده.. او في اليوم ده بالتحديد؛ كانت الليلة الكبيرة لمولد الرفاعي، ولو ماتعرفش.. فالمولد ده بيتعمل جنب جامع الرفاعي كل سنة في نفس يوم ميلاد الشيخ احمد الرفاعي اللي اتسمى الجامع على اسمه، وفي الليلة الكبيرة دي، كانوا متعودين كل الرفاعية اللي في مصر.. إنهم يجوا وينصبوا الخيم ويفضلوا قاعدين من قبلها بأيام لحد الليلة الكبيرة، وطبعًا طالما الرفاعية بقوا موجودين، فالناس كانوا بيتلموا عليهم وعلى الخيم بتاعتهم لكذا سبب.. اولهم إن الرفاعية دول كانوا في اعتقاد اهالي المنطقة، ناس مبروكين لأنهم نسل احمد ا
لرفاعي وبيعرفوا يتعاملوا كويس اوي مع الجن اللي جوة البيت وكمان يصرفوه، والسبب التاني.. إن الرفاعية كانوا بيعرفوا يتعاملوا مع التعابين اللي مستخبية جوة البيوت كويس اوي اوي، فالأهالي كانوا بيروحوا لهم عشان يجوا بيوتهم ويرقوها، ولو فيها جن او شر ينصرف، او لو حد شاكك إن بيته فيه تعبان مستخبي كده ولا كده.. كان برضه بيروح لواحد من الرفاعية ويجيبه معاه بيته عشان يخرجله التعبان.. ولحد هنا كل اللي حكيتهولك ده ماكنش فيه أي حاجة غريبة، الناس كانوا متعودين على المولد والرفاعية وكل الحاجات دي، لكن الغريب بقى يا ابني هو اللي حصل في الليلة الكبيرة.. ليلتها جه الافندي الغريب ده ودخل عند خيمة واحد من الرفاعية، الخيمة يومها كانت زحمة اوي وكانت مليانة ناس، وفجأة.. وبعد دخول الافندي ده، ظهر من وسط الناس تعبان اسود كبير، وبسبب ظهور التعبان ده.. الناس طلعوا جري من الخيمة ومعاهم الشيخ اللي كان جوة، ولما الناس سألوه، انت ازاي رفاعي وجريت من التعبان!.. قال لهم إنه اول مرة يشوف تعبان بالحجم ده.. وقال لهم كمان إنه جن او شيطان ومتصور في صورة تعبان، وعشان كده جري معاهم عشان ينادي على شيخ من الموجودين ويكون اكبر منه ويساعده، والحقيقة يا ابني إن الشيخ مالحقش لا يروح ولا يجي، ده وهو واقف بيتكلم مع الناس بعيد عن الخيمة، خرج من جواها الافندي ده وهو في إيده التعبان ميت!
-مش لازم اكون رفاعي عشان اعرف اسيطر عليهم او موتهم، ماهو عندك انت مثلًا اهو.. اول ما شوفته طلعت تجري، مع إنك رفاعي يعني، والمفروض إنك بتقدر على التعابين او على اللي بيتشكلوا في شكلها بكل سهولة.
ارتبك الشيخ وبص للناس اللي حواليه وبعد كده بلع ريقه..
-ماهو.. ماهو.. ماهو اللي معاك ده مش تعبان.
قرب منه الافندي اكتر، ورفع التعبان لفوق عشان يوريه للناس.. الناس اللي كانوا مركزين اوي مع الحوار اللي داير بينهم..
-مظبوط يا شيخ.. ده مش تعبان، ده جن.. شيطان، عفريت، سميه زي ما تسميه، المهم إن انا قدرت عليه، قدرت عليه عن طريقها.. الدودة السودة.
رمى الافندي التعبان على الأرض، ومد إيده في جيب چاكتيته، وخرج منها دودة صغيرة لونها أسود، بص لها وضحك وقرب من الشيخ واتكلم بصوت عالي..
-يا اهل المنطقة، الرفاعية مش هيعرفوا يفيدوا حد فيكوا… اللي عاوز يتعالج من صرع او عقم، او حاسس إنه ممسوس او عليه جن، يقرب هنا وانا هعالجه في وقتها.
الناس بصوا لبعض وبعد كده بصوا للشيخ، وقبل ما الشيخ يتكلم، كان قَرب من الافندي عيل صغير عنده حوالي ١٢ سنة، الواد ده امه كانت جايباه المولد عشان بيتشنج كتير من بعد ما صرخ في الحمام بالليل لما شاف صرصار.. قرب الواد ومعاه امه اللي قالت للافندي..
-ابني يا اخويا.. ابني مسه بسم الله الرحمن الرحيم لما صرخ في الحمام بالليل، الواد يا حبة عيني من يومها وهو بيتشنج واملي ساكت، وحتى لما بيتكلم.. بيتكلم بصوت مش صوته، صوت راجل عنده يجي ستين سنة.
قرب منه الافندي وحط الدودة على راسه، وبمجرد ما حطها ونزلت ما بين شعره، خرج من راسه دود اسود كتير اوي!
-اللي عايزني يجيلي على هناك، اما بقى الشيخ ده والرفاعية اللي هيتفقوا عليا بعد ما امشي.. فدول الليلة دي هيجروا من المنطقة زي الفيران بعد ما تصيبهم لعنتي.. لعنة الدود الاسود.
قال كلامه ده ومشي، وطبعًا الناس فضلوا ماشيين وراه لحد بيته، وليلتها كل اللي راحوا معاه دخلوا له وساعدهم، اللي بقى يحط الدودة على راسه وماتخرجش دود، فياخدها تاني ويقوله انت سليم، واللي لما يحط الدود على راسها، ينزل منها دود كتير وبعد كده يخف، فيقولهم إن الدود خد معاه الداء ومشي.. وفضل على كده يا ابني طول الليل، يساعد في الناس وياخد منهم في فلوس لحد ما الفجر.. ومع قرب الفجر، الناس كانوا روحوا والرفاعية كانوا قاعدين في خيامهم، لكن قبل أذان الفجر بحوالي ساعة تقريبًا.. كل الرفاعية اللي كانوا قاعدين في الخيم، طلعوا يجروا.. ايوة.. كانوا بيجروا وهم بيقولوا بصوت عالي..
(الحقونا.. الحقونا يا عالم.. الدود الاسود سرح فينا.. الدود طلع من تحت الأرض وسرح فينا)
ومن بعد اللي حصل ده والرفاعية مشيوا خالص.. لموا خيامهم بعد الفجر ومشيوا، وده بعد ما الدود كله اختفى بمجرد ما الفجر آذن.. اما بقى عن الافندي اللي ماحدش كان يعرفله أسم، فمن اليوم ده وهو اتشهر وبقى أسمه الشيخ ابو دودة.. ايوة يا ابني، ماهم الناس كده.. من زمن الزمن وده طبعهم، أي حد يعرف يبلفهم بكام حركة وكلمتين، يسموه شيخ ويشيلوه على الاكتاف، ومش بعيد كمان يعملوا له تمثال ومقام بعد ما يموت.. إنما تعرف، الحدوتة ماخلصتش لحد هنا، دي الحدوتة ابتدت.. ماهو أصل ابو دودة من بعد الليلة دي، وهو بقى متسيط على الاخر، وأي حد بقى بيحتاج مساعدة من نوع المساعدات اللي بتبقى ضد الجن والعفاريت، كان بيروحله.. وفضل اسمه يكبر ويلعلع لحد ما حصلت حاجة خلت شوكته تقوى اكتر واكتر..
يومها راحله البيت ظابط انجليزي عشان يسأله على حاجة مهمة اوي ماحدش كان لاقيلها أجابة، وقبل ما تسألني اشمعنى ظابط انجليزي، فانا هقولك إن في الوقت ده الانجليز كانوا لسه موجودين في البلد.. فالظابط ده دخل على ابو دودة يومها وهو قاعد في بيته، سلم عليه وهو بيبتسم في وشه، وبعد ما خلصوا السلامات، سأله الظابط بسخرية..
-قالوا لي إن انت الوحيد اللي تقدر تدلني على مجرم مدوخ المعسكر كله.. الشخص ده سرق مننا سلاح وقتل اتنين ظباط و..
-وساب ورقة جنب الجثث وقال لكم فيها إنه من المقاومة وإن اسمه حشمت ورسملكوا صورته كمان، وكتب لكوا في نهاية الورقة نفس الجملة اللي بتكرهوها.. الاستقلال التام، صح كده؟!
اندهش الظابط من طريقة ابو دودة ومن ثقته في نفسه، وكمان من الكلام اللي قاله..
-ماحدش بيكره الفلوس يا خواجة، بس انا عندي منها كتير دلوقتي، فمش هتنفعني في حاجة، انا عاوز اللي أهم منها.
-اطلب وانا ينفذ.
-حلو.. انا عاوز الحماية، اي حد يتعرضلي او يفكر بس يقرب من بيتي، تعتبروه مجرم وتودوه ورا الشمس زي ما هتعملوا في حشمت كده لما تمسكوه.. ولو احتاجت منكوا مساعدة ضد حد مضايقني، تساعدوني زي ما هديكوا عنوان اللي مجننكوا بالتفصيل.. ها قولت ايه؟!
هز له الظابط راسه وقال له بسرعة..
-موافق.. قول لي المكان وانا هحميك من أي شىء.
رفع ابو دوة راسه لفوق وبعد كده بص على شماله وكأنه بيسمع لحد بيكلمه، وبعد شوية، حط إيده على راسه وجاب الدودة اللي حطها في جيبه تاني وهو بيقرب من الظابط وبيقوله..
-في المقطم.. اطلعوا المقطم هتلاقوه مستخبي في المكان اللي هكتبلكوا عنوانه وهرسملكوا طريقه.
واللي قاله عمله.. جاب ورقة وكتب العنوان للظابط، وعلى الناحية التانية من الورقة، رسمله دخلة العنوان بالظبط.. واللي جنن الانجليز بقى إنهم لما راحوا للعنوان، لقوا حشمت ده مستخبي فيه وقبضوا عليه، وبعد فترة من التحقيقات أعدموه.. ومن اليوم ده بقى يا واد يا محمد، وابو دودة بقى معاه اهم تلات حاجات ممكن تملك بيهم منطقة او قرية.. حب الناس، والفلوس، والسلطة، والحقيقة هو كان ذكي اوي واشتغل بكل اسلحته في اللي عمله بعد كده.
-وايه اللي عمله بعد كده يا ستي، هو في اكتر من البلاوي دي كلها؟!
-ماحدش بيكره الفلوس يا خواجة، بس انا عندي منها كتير دلوقتي، فمش هتنفعني في حاجة، انا عاوز اللي أهم منها.
-اطلب وانا ينفذ.
-حلو.. انا عاوز الحماية، اي حد يتعرضلي او يفكر بس يقرب من بيتي، تعتبروه مجرم وتودوه ورا الشمس زي ما هتعملوا في حشمت كده لما تمسكوه.. ولو احتاجت منكوا مساعدة ضد حد مضايقني، تساعدوني زي ما هديكوا عنوان اللي مجننكوا بالتفصيل.. ها قولت ايه؟!
رفع ابو دوة راسه لفوق وبعد كده بص على شماله وكأنه بيسمع لحد بيكلمه، وبعد شوية، حط إيده على راسه وجاب الدودة اللي حطها في جيبه تاني وهو بيقرب من الظابط وبيقوله..
-في المقطم.. اطلعوا المقطم هتلاقوه مستخبي في المكان اللي هكتبلكوا عنوانه وهرسملكوا طريقه.
واللي قاله عمله.. جاب ورقة وكتب العنوان للظابط، وعلى الناحية التانية من الورقة، رسمله دخلة العنوان بالظبط.. واللي جنن الانجليز بقى إنهم لما راحوا للعنوان، لقوا حشمت ده مستخبي فيه وقبضوا عليه، وبعد فترة من التحقيقات أعدموه.. ومن اليوم ده بقى يا واد يا محمد، وابو دودة بقى معاه اهم تلات حاجات ممكن تملك بيهم منطقة او قرية.. حب الناس، والفلوس، والسلطة، والحقيقة هو كان ذكي اوي واشتغل بكل اسلحته في اللي عمله بعد كده.
-وايه اللي عمله بعد كده يا ستي، هو في اكتر من البلاوي دي كلها؟!
-اه في.. ولما اكمل لك هتعرف.
كملت جدتي وانا فضلت اكتب وراها…
ابو دودة بعد ما بقى معروف وسط أهالي الحي، وبعد ما بقى ضامن الانجليز بقوتهم في صفه، بقى بيعمل ما بداله.. اعمال تلاقي، سحر تفريق بين اتنين متجوزين، مايضرش.. وده كله طبعًا عشان الفلوس اللي كان بياخدها من الناس اللي بتروحله، ماهو ماكنش راجل بيساعد وملاك بجناحين يعني.. ده هو في الاساس كان بيساعد الناس، عشان بس يبقى له أسم وسمعة في المنطقة، إنما هو في الأساس، كان راجل دجال وبيشتغل بالسحر في كل حاجة بيعملها.. واستمر على الوضع ده، لحد ما في مرة راح الترب عشان يدفن عمل هو عامله، وعشان العمل ده يندفن.. كان لازم ابو دودة يروح للتربي اللي اسمه عواجة؛ كان راجل طيب اوي، عنده أبن في ثانوي، وابنه ده عايش معاه هو ومراته في أوضة كده جنب الترب، ليلتها وقف ابو دودة وخبط على باب عواجة اللي فتح له بعد كام خبطة..
طلع ابو دودة قماشة ملفوفة من جيبه ومد إيده بيها ناحية عواجة..
-أمسك ده الاول وبعدين نتكلم، وصدقني.. لما تعرف انا مين وجايلك في ايه، هتفرح اوي.. اصل انا جايلك في رزق.
بص عواجة للقماشة الملفوفة في إيد ابو دودة وقال له..
-من ناحية انت مين، فدي عارفها كويس.. شوفتك وسمعت عنك كتير، اما بقى بالنسبة للي جايلي عشانه، فتقريبًا كده انا فهمته.. وريح نفسك يا سيدنا الافندي، انا لا بدفن أعمال جنب ميتين، ولا بدخل على مراتي وابني قرش حرام.. وقسمًا عظمًا يا جدع انت، لو فكرت بس تهوب ناحية أي تربة وفكرت إنك تدفن فيها عمل من اعمالك النجسة دي، واللي خلق الخلق.. لا هكون مطلع العمل ده من مدفنه، وهجيلك لحد بيتك وهحطهولك في..
قاطعه ابو دودة بسرعة وهو بيسحب إيده بالقماشة وبيدخلها مكان ما طلعها…
-بس بس بس.. كفاية لحد كده، انت شكلك مش وش نعمة وهتتعبني معاك، وانا اللي بيتعبني بقى بخليه يكره اليوم اللي سمع أسمي فيه.. ولو ماتعرفش كويس انا مين، فانا هقولك… انا يا عواجة يا عبد الصمد يا ابن روحية بتاعة الخضار، مش مجرد واحد مبروك زي ما الناس بيقولوا عليا وخلاص كده.. انا راجل قوتي اكبر من اللي ممكن يجي في بالك، طب تعرف.. انا قبل ما اجي القاهرة هنا كنت فين؟!
ماردش عليه عواجة، فكمل كلامه وهو رافع راسه وبيبصله بنظرة كلها شر..
-هقولك.. هقولك عشان لما تبقى زي المجاذيب في الشوارع، تحكي للناس حكايتي وتقولهم إن انا اللي عملت فيك كده لما رفضت لي طلب، انا يا عواجة وريث عهد.. جدي ابو ابويا كان واحد من اللي بيحفروا في باطن الأرض وبيطلعوا الدفاين، وفي مرة وجدي الكبير بيحفر.. طلع عليه هو واللي معاه دود كتير اوي، الدود ده خلى كل اللي واقفين يجروا إلا هو.. فضل واقف لحد ما الدود ده اتشكل في شكل بني أدم.. او تقدر تقول جن.. جن سفلي عمل معاه عهد، والعهد ده كان عبارة عن قوة سحر الدود.. والقوة دي هتتورث منه لابنه، ومن ابنه لحفيده.. وهكذا بقى لحد ما نسله يتقطع، وفي مقابل القوة دي.. الجن ده طلب منه إنه
يسمح للدود اللي في المقبرة، إنه يخرج معاه وياكل الناس اللي كانوا واقفين خايفين بعيد عن مكان الدفينة، واللي حصل بعد دقايق، إن جدي خرج وعلى جسمه دود كتير اوي، دود شرب من دم جدي عشان يبقى له الحق إنه يخرج من المكان اللي كان بيحرسه.. ماهو الدود او الجن الحارس ده اللي اتشكل في شكل دود، كان لازمله دم بشري عشان يعرف يخرج من المكان او المقبرة اللي محبوس فيها، ومع خروج جدي بمنظره ده، نزل الدود من على جسمه واتشكل في شكل راجل.. راجل فضل يشرب في دم الواقفين وياكل لحمهم لحد ما اتصفوا وماتبقاش منهم إلا عضم، ومن يومها وجدي بقى مخاوي للجن ده، الجن اللي بقى ملازمه على شكل دودة واحدة سودة.. دودة ورثها ابويا بعد موت جدي، وورثتها انا من ابويا بعد موته، ولو هتسألني ايه اللي جابني هنا.. فانا هقولك إن الناس في بلدنا كانوا فقرا.. السحر اللي انا بشتغل بيه مش هيدفعوا قصاده زي ما هيدفعوا أهالي القاهرة.. اه.. ماهو جدي كان بيفتح المقابر الفرعونية اه، بس المقابر دي كان بيفتحها للعثمانلية.. مش لنفسه، وعشان كده ماورثتش منه انا وابويا غير الدودة دي..
وطلع الدودة من جيب الچاكيت بتاعه وقربها من وش عواجة..
-الدودة دي اللي بتجيب أجل أي حد بيفكر يعاديني، بس انت.. انت يا عواجة اقل من إن انا أذيك بيها، انت كفاية عليك اوي اللي هعمله فيك، وصدقني.. بعد اللي هتشوفه، لو جيت لي راكع عشان ارحمك، هدوس على دماغك زي الصرصار وهخليك وليمة للدود.. ماهو اللي يكسف إيد ابو دودة ويرفض منها رزق، إيده مابتتمدلوش تاني إلا بالشر.
بعد ما ابو دودة قال لعواجة التهديد ده، شوح بإيده وهو بيقوله بصوت عالي..
-يلا يا عم من هنا، انا مش عايز منك لا رزق ولا شر.. الله الغني عنك وعن اللي يجي من وراك، ولو فاكر إنك بكلامك ده بتهددني، فخليني اقولك إن انا مابتهددش يا ابو دودة.. انا لا هجيلك راكع ولا هتحايل عليك مهما حصل، ويلا بقى اتكل على الله عشان انا عاوز اتخمد، وألا قسمًا عظمًا، هاخد الدودة دي من إيدك، وهحطهالك في نفس المكان اللي كنت هحطلك فيه الللفة الصغيرة اللي حطيتها في جيبك دي.
وقرب منه وشاور على وشه بصباعه..
-في عينك.. في عينك دي اللي عاوزة بارودة تصفيها يا دجال.
رجع ابو دودة.. الدودة لجيبه من تاني، وبعد كده ادى ضهره لعواجة وقال له بصوت عالي وهو بيمشي وبيسيبه..
-ودينك يا عواجة ما هتتهنى ليلة واحدة بعد الليلة دي.. واللي رفضته النهاردة وانت صالب طولك، بكرة هتيجي زاحف على بطنك زي التعابين عشان تقبله.
مشي ابو دودة وساب عواجة ومشي، اما عواجة بقى، فدخل أوضته ونام.. ومع طلوع نهار شمس تاني يوم، صحي عواجة وقضى يومه كالعادة بين الترب والأموات، لحد ما جه الليل.. بس الليلة دي، ليلها ماكنش زي أي ليل.. وده لأن عواجة اول ما طفى نور لمبة الجاز، وحط راسه على المخدة ونام جنب مراته، فجأة سمع صوت نكش، او ماتقدرش تقول إنه نكش بالظبط.. هو كان صوت غريب طالع من مراته!
كان صوت شبه صوت الدود وهو بينخر في جتة الميت بعيد عنك وعن السامعين، اول ما سمعه، قام عواجة قعد وهز مراته عشان تصحى..
مشي ابو دودة وساب عواجة ومشي، اما عواجة بقى، فدخل أوضته ونام.. ومع طلوع نهار شمس تاني يوم، صحي عواجة وقضى يومه كالعادة بين الترب والأموات، لحد ما جه الليل.. بس الليلة دي، ليلها ماكنش زي أي ليل.. وده لأن عواجة اول ما طفى نور لمبة الجاز، وحط راسه على المخدة ونام جنب مراته، فجأة سمع صوت نكش، او ماتقدرش تقول إنه نكش بالظبط.. هو كان صوت غريب طالع من مراته!
كان صوت شبه صوت الدود وهو بينخر في جتة الميت بعيد عنك وعن السامعين، اول ما سمعه، قام عواجة قعد وهز مراته عشان تصحى..
-يا ولية.. انتي يا ولية اصحي، ايه الصوت اللي طالع منك ده، يا ام منصف اصحي..
بس وهو بيصحيها، خد باله من إن نفس الصوت جاي من على الارض، بالظبط من جنب سريره.. وده نفس المكان اللي كان نايم فيه منصف ابنه!
في الوقت ده قام عواجة بسرعة من على السرير، وولع اللمبة الجاز عشان يشوف منظر بشع؛ مراته وابنه الدود كان ماليهم وهم رايحين في سابع نومة، فبسرعة مسك الشبشب بتاعه وفضل يضرب فيهم وهو بيقول بصوت عالي..
-لا إله إلا الله.. اعوذبالله من الشيطان الرچيم، الدود ده كله جه منين، لا حول ولا قوة إلا بالله..
لكن مراته وابنه بقى لما صحيوا بسبب الضرب اللي كانوا بيتضربوه، فضلوا يصرخوا وبعدوا عنه، قعدوا في ركن من أركان الاوضة وهم خايفين، ومع قعادهم في المكان ده وعياطهم بعد العلقة اللي خدوها، بص لهم عواجة بتركيز وابتدى يتلفت حواليه..
-ايه ده.. الدود راح فين؟.. الدود كان هنا وكان بيمشي عليكوا، انتوا.. انتوا وديتوه فين؟!
ردت عليه مراته وهو بتاخد ابنها في حضنها..
-استغفر الله العظيم يارب، استغفر الله العظيم.. دود ايه بس يا اخويا اللي كنت هتموتنا من الضرب بسببه، ما الأوضة زي الفل اهي وانا وابنك مافيناش حاجة!
قعد عواجة على الارض وابتدى يعيط زي العيال الصغيرين، قرب منه أبنه وحضنه وهو بيواسيه..
-جرالك ايه بس يا ابا.. ما انا قولتلك ١٠٠ مرة ماتتعبش نفسك في الشغل ونام كويس، اديك شايف اهو اخرة التعب ايه، تهيؤات وخيالات وكوابيس.
بص له عواجة والدموع مالية عينيه، وقال له بصوت راجا مكسور ومقهور..
-مش من الشغل، ولا دي تهيؤات ولا خيالات، ده ابو دودة هو السبب.. هو اللي عمل فيا كده وخلاني اشوف اللي شوفته ده، احنا يا ابني لازم نعزل من بكرة.. هو مخاوي وابن أبالسة، وأكيد لعن الأوضة دي بسحره وشره.. بس انا هتصرف.. انا مع طلعة الشمس، هروح ادورلنا على أي مكان تاني قريب من هنا.
هز له ابنه راسه، وفضلوا قاعدين هم التلاتة جنب بعض لحد الصبح، ومع طلعة النهار عمل عواجة زي ما قال، خد بعضه وراح لسمسار عشان يدورله على أوضة قريبة من مكان الترب، اما ابنه بقى.. فلبس هدومه وطربوشه وخرج على مدرسته، لكن الكارثة بقى إن عواجة بعد ما لقى اوضة كويسة ورجع عشان يفرح مراته، اتفاجىء بيها وهي طالعة بتجري من الأوضة اللي هم عايشين فيها والنار قايدة في جتتها!
اتلموا الناس اللي حوالين المكان بعد ما عواجة فضل يصرخ وهو بيطفي مراته، وعقبال ما شالوها وراحوا بيها المستشفى كانت ماتت، بس الولية بقى قبل ما تموت، قالتله إنها وهي بتولع الباجور عشان تحضرله الاكل، النار هبت فيها ومسكت في جلابيتها وكأنها تعبان واتلف حواليها، ولما طلعت تجري عشان تستغيث بأي حد، قابلها وشافها وهي بتولع وبتموت قدام عينيه…!
بعد كده سكتت خالص ورجع عواجة على الترب بعد ما خلى مغسلة تغسلها ودفنها، وفي وقت الدفنة.. لاحظ عواجة إنه ابنه مارجعش من المدرسة، ولما كان بيعيط وبينده عليه، قرب منه واحد من سكان المنطقة وقال له..
-مش كده يا ابو منصف وحد الله، كلنا لها.. اجمد كده عشان تعرف تقف جنب ابنك في المحنة اللي هو فيها.
-الانجليز.. وقفوا ابنك الصبح وهو رايح مدرسته وخدوه على المعتقل، بيقولوا إنهم لقوا معاه منشورات وإنه من العيال بتوع المقاومة.
وقع الكلام ده على راس عواجة زي صخرة كبيرة اوي خلته ساكت ومابينطقش، وفضل على الحال ده لحد ما اتجنن وبقى ماشي زي المجاذيب في الشوارع، بقى بيدور على ابنه اللي فضل محبوس عند الانجليز، وماحدش عرفله طريق، وطبعًا لما عواجة كان بيحكي للناس عن اللي حصل معاه، وكان بيقولهم إن ابو دودة هو السبب في اللي جرى له.. الناس بقوا بيضحكوا عليه وهم بيقولوا إن عشرته للأموات جننته، وكمان اتجنن اكتر من بعد ما مراته ماتت وابنه راح المعتقل، وطبعًا لما عواجة اتجنن وعيلته راحوا.. الترب بقت فاضية، مابقاش ليها حارس ولا تربي.. بس بسرعة جاب ابو دودة حد غلبان كده وخلاه تربي، وأكيد مش محتاجة اقولك يعني إن التربي الجديد ده، كان زي الخاتم في صباع ابو دودة.
-اه طبعًا.. ماهو أكيد اللي جابه ده كان حد ماعندوش ضمير ولا اخلاق ولا دين زي عم عواجة، بس السؤالين المهمين اللي عاوز اسألهملك يا ستي، هو الواد منصف ابن عم عواجة.. كان فعلًا معاه منشورات وكده، ولا دي تلفيقة من الظباط الانجليز حبايب ابو دودة؟!
-لا كانت بسبب ابو دودة، ماهو حتى لو الواد ده فعلًا من المقاومة وكان معاه منشورات، فتقدر تقولي بقى.. اشمعنى في الوقت ده بالذات، الانجليز هيركزوا معاه اوي كده وهيقبضوا عليه!.. اكيد ابو دودة هو اللي سلطهم عليه، زي ما أكيد برضه إن هو اللي سَحر لمرات عواجة عشان النار تمسك فيها وتموت محروقة.
ابو دودة في الوقت ده، كان عامل زي أبليس اللي قعد على عرش بلد كلها ناس فاسدة، بقى بيخبط في ده ويأذي في ده، وكل ده وهو ولا في دماغه اي حاجة غير الفلوس والجاه والسيط.. وفضل كده لحد ما في مرة جاله تاجر قماش من الغورية، الراجل ده بنته كانت ملبوسة، بيقولوا إن في حد عاملها عمل عشان ماتتجوزش، وعشان كده اول ما اتخطبت لشاب جارهم.. البت بقى بيجيلها تشنجات وبقت بتتكلم بصوت راجل، ولما حصل لها كده.. ابوها جابلها شيوخ كتير اوي وماحدش منهم قدر يعالجها، لحد ما سمع عن ابو دودة وراح له، استقبله ابو دودة كويس اوي لما عرف إنه تاجر، وبعد ما ضايفه وقعد معاه.. اتكلم الراجل وقال له وهو متأثر وحزين اوي..
-بنتي نوارة يا مولانا.. البت مابتنيمناش الليل من وقت ما اتقرا فتحتها على حسن جارنا، صريخ وزعيق وقلة أكل وصرعة، حاجة تشيب ورب العزة يا مولانا.. ومش كده وبس، دي كمان بتتكلم بصوت راجل وبتقول إنه بيحبها ومش هيسيبها إلا لما تسيب خطيبها، ورغم إني لفيت على شيوخ المحروسة كلهم، إلا إنها لسه زي ما هي.. انجدنا يا مولانا انا واقع في عرضك.
بص له ابو دودة وضحك ضحكته الهادية الخبيثة وراح معاه لحد بيته، وبمجرد ما دخل وشاف البت، عرف إنها ملبوسة ومعمول لها عمل فعلًا.. عرف من قبل حتى ما يقرب الدودة منها زي ما متعود يعمل مع الحالات اللي بتجيله.. اه يا ابني… ماهي البت كان باين عليها اوي إنها معمولها سحر، تحت عينيها كان اسود بشكل يخوف، وسنانها كانت سودة وريحتها كانت وحشة اوي، وكمان شعرها كان منكوش وهايش كده زي المجانين، بس تعرف.. السحر مش هو الحاجة الوحيدة اللي حس بيها ابو دودة لما دخل على نوارة، ده كمان حس احساس تاني.. الجدع قلبه اتخطف وحبها، فضل باصص لها شوية وهو ساكت، لا كان بينطق ولا هي كمان كانت بتنطق.. الاتنين فضلوا باصين لبعض وهم ساكتين لحد ما اتدخل ابوها وقال له..
-ايه يا مولانا.. البت مالها؟!
فاق ابو دودة من سرحانه وقال له بسرعة بديهة وبتفكير أبالسة..
-البت مسحورة.. السواد اللي على سنانها ده وريحتها وشكلها، كل دي حاجات تبين للعيل الصغير إنها مسحورة.. وعشان السحر اللي معمولها ده يتفك، لازم كلامي يتنفذ بالحرف.. وألا بعد أيام، بنتك هتكون لابسه الابيض اه، بس مش الابيض بتاع الفرح.. الابيض التاني بتاع الترب.
الراجل اتفزع ووشه بقى لونه أصفر، مسح عرقه وبلع ريقه، وقرب من ابو دودة وقال له بصوت واطي وهو خايف من بنته، وفي نفس الوقت خايف عليها..
-انا يا حاج.. انا مستعد اتجوز بنتك واشيلها فوق راسي، وصدقني.. ده الحل الوحيد، السحر اللي معمول لبنتك هيفضل رابطها عن الجواز، ومافيش راجل هيقدر على السحر ده غيري، انا همشي.. وانت معاك جمعة تفكر.. سبع أيام وترد عليا.
قال ابو دودة الكلام ده لابو نوارة وسابه ومشي.. مشي وهو عارف إنه هيرجعله تاني لأن السحر اللي على البت شديد، وماحدش هيعرف يفكه غيره.. واللي خطط له حصل، ابو نوارة بعد يومين بالظبط، راح لابو دودة وقال له وهو جسمه كله بيترعش..
-الحقنا.. الحقنا يا مولانا، البت بنتي هتموت، من ساعتين فضلت تتشنج زي اللي نار قايدة في جتتها، جسمها كان ضاربه السخونية وكانت عمالة تهزي بكلام مش مفهوم، ولما جينا نقرا عليها قرأن.. فضلت تصرخ وتهز رقبتها شمال ويمين لحد ما غمضت عينيها وسكتت خالص، هي ماماتش.. هي بتتنفس وفيها الروح، بس ساكتة.. ساكتة يا مولانا ومابتنطقش، بالله عليك تعالى معايا وانجدها.. تعالى واقرالها اي حاجة ولا بخرها ولا..
قاطعه ابو دودة بسرعة قبل ما يكمل كلامه..
-ولا ايه بس يا حاج.. ما انا قولتلك على الحل وانت اللي بتكابر، ولا هو يعني خطيبها يشرف، وانا اللي مش قد المقام؟!
وطى ابو نوارة راسه في الارض ورد عليه بقلة حيلة..
-لا لا.. العفو يا مولانا، ده انت تشرف ونص كمان.. بس..
-مابسش يا عم الحاج، مابسش.. احنا نقرا الفاتحة دلوقتي وكتب الكتاب كمان عشر أيام، انا جاهز وأظن كمان انت جاهز، وحتى لو مش جاهز… انا مستعد اخدها بشنطة هدومها، دي حاجة لوجه الله.. وانا مستعد اعمل اي حاجة عشان ارضي ربنا.
-تعتذرله.. تقوله مافيش نصيب، اتصرف معاه زي ما تحب، ولا انت هتخاف على زعل حسن اكتر ما هتخاف على حياة بنتك!
سكت ابو نوارة وماردش.. وفضل ساكت شوية لحد ما هز راسه لابو دودة ووافق على الجوازة، بعدها راح ابو دودة وقرا عليها شوية كلام من العزايم المنيلة اللي هو بيقولها، فالبت قامت وفاقت شوية، وساعتها ابوها فِرح وبعت لحسن وقال له إن كل شىء قسمة ونصيب.. وقبل ما تفتكر إن حسن اعترض او رفض، فانا هقولك إن حسن ده ماكنش بيحبها اصلًا، وتملي امه كانت بتزن عليه عشان يسيبها من وقت ما تعبت، فما صدق إن ابوها قال له كل شىء قسمة ونصيب، وسابها من غير ما يعترض او حتى يسأل ليه، ومن بعد ما حسن مشي على طول، قرا ابو نوارة الفاتحة مع ابو دودة.. وفي خلال أيام كان متجوزها، والغريب بقى إن بعد جوازهم بيوم تقريبًا، البت بقت كويسة خالص وبقت فرحانة وسعيدة، ولما ابوها سألها، هي ازاي بقت كويسة بالشكل ده.. قالتله إن ابو دودة سقاها ماية مقري عليها ومن بعدها نامت، ولما صحيت بقت كويسة خالص ومابقتش تشوف الجن اللي كان ملازمها دايمًا ده، وهنا بقى يا ابني اقدر اقولك إن ابو دودة حط لنوارة منوم عشان ماتشوفهوش وهو بيحط الدودة في راسها، ومن بعدها الدود اللي طلع منها.. وفي نفس الوقت، السحر او الجن اللي طلع مع الدود من جواها، ومن يوم ما بقت كويسة ولحد سنة وشوية تقريبًا، فضلت نوارة عايشة مع ابو دودة في سعادة وهنا، لحد ما في يوم من الايام، رجعت لابوها وهي غضبانة، ولما سألها عن السبب اللي سابت بيت جوزها عشانه، جاوبته وهي بتعيط..
-لا يا ابا.. انا مش هقدر اكمل معاه، انا عاوزة اجيب حتة عيل وهو مش عايز يخلف، ولما حاولت معاه كتير وهو كان رافض.. فضلت اصبر نفسي واقول إنه مع الوقت هيلين وهيوافق، لحد ما امبارح زعلت معاه وقولتله إني يا أما ابقى حامل منه واجيب حتة عيل، يا أما يطلقني، انهار وفضل يعيط زي العيال الصغيرة، وقال لي إنه مش عايز يجيب ذرية او عيال يورثوا اللعنة اللي ورثها من ابوه.. مافهمتش حاجة من كلامه، بس الظاهر إنه كان مصمم على اللي في دماغه، ولما قولتله إني هسيبله البيت وهروح لابويا لحد ما دماغه تلين، بص لي وسكت ومارضيش يرد عليا.. انا مابقتش مرتاحة مع الراجل ده يا ابا وحاسة إن وراه مصيبة، ده بيدخل الأوضة المقفولة بتاعته وبيفضل فيها مع الناس اللي بتجيله بالساعات، ده غير الدودة اللي ملازمة جيبه حتى وهو نايم.. انا عاوز اطلق منه يا ابا، اه.. انا بالعربي كده مابقتش مرتاحله ولا مرتاحة معاه.
وبس يا ابني.. ابو نوارة لما سمع الكلمتين دول من بنته، وراح لجوزها وحاول يتكلم معاه، قال له إنه مش هيغير رأيه، وفي نفس الوقت مش هيسيبها… هو مستنيها ترجع وتوافق على شرطه، وألا هيفضل سايبها في بيت ابوها كده من غير طلاق زي البيت الوقف، لكن ابو دودة ماطولش في الدنيا دي كتير.. ابو دودة بعد ما مراته سابتله البيت بأسبوع تقريبًا، الناس لاحظوا إنه اختفى وابتدوا يشموا من بيته ريحة وحشة اوي، ولما خبطوا ومافتحش، كلموا البوليس اللي جه وكسر الباب وساعتها شافوا أسوء منظر ممكن يشوفوه عليه؛ كان ميت على سريره وحواليه دود كتير اوي عمال ياكل في جسمه، وقتها اتلموا الناس وشوية منهم اتطوعوا مع البوليس ونضفوا المكان من الدود وشالوا الراجل وغسلوه ودفنوه من سكات.. وبس، نوارة من وقتها وهي بقت ارملة، وبعد موت جوزها بسنة وكام شهر، باعت البيت اللي ورثته عنه، واتجوزت اول عريس اتقدملها.
-حلو يا واد السؤال ده اوي.. ماهو واحد زي ابو دودة ده، بعد كل المصايب اللي عملها في حياته، صعب اوي إن موته يكون موت طبيعي كده، وخصوصًا إنه ماكنش مريض يعني ولا كان سِنه كبير.. وفي الحقيقة يا ابني الناس ماقالوش حاجة واحدة أكيدة عن سبب موته؛ في ناس قالوا إن منصف ابن عواجة بعد ما خرج من المعتقل قتله.. قتله لما عرف إنه كان السبب في اللي جراله، وفي اللي جرى لامه ومن بعدها ابوه اللي اتجنن ومات، بس في ناس تانية بيقولوا إن نوارة رجعتله في يوم بالليل وسممته وسابته ومشيت، وبرضه في ناس تالتة بيقولوا إن الرفاعية اتلموا عليه وسلطوا عليه تعبان كبير. دخل بيته وجاب أجله.. بس كله كلام في كلام، والله أعلم فين الحقيقة، إنما خليني اقولك إن مش سبب موته هو المهم.. المهم إنه مات موتة الناس كلها بتحكي عنها، بالظبط زي ما بيحكوا عن يوم دخوله للمنطقة ووقوفه قصاد الرفاعية في المولد.
بعد ما ستي خلصت الحكاية، قربت منها وبوست إيديها..
-الله يفتح عليكي يا ستي.. اما حكاية، عظمة بصحيح والله، وأكيد اللي بعدها هتكون اعظم.
-العظمة لله يا واد.. اجري امسك قلمك واكتب ورايا الحكاية اللي بعد كده.. يلا قبل ما انسى.
وفعلًا حكت لي جدتي يومها قصة تانية، قصة هرجع قريب اوي وهحكيهالكوا.. بس قبل ما ارجع، اتمنى انكوا تدعوا لها بالرحمة كل ما تسمعوا او تقروا حكاية من حكايتها.. سلام.