روايات شيقهقصص

قصة نوفيلا الفصل السادس

نزلت سحر من منزل أمير بقلبٍ يشتعل ناراً ويغلي لأجل ما حدث لإبنتها الخلوقة ، إستقلت سيارتِها وتحركت بها وبلحظة إنهمرت دموعها علي وجنتيها وشهقت بمرارة علي ما أصاب صغيرتها من ألام وصعابات مؤخراً ، لم تدري كيف ستُخبر إبنتِها بتلك الكارثة التي حَلت بحياتِها ، وكأن زوجها الندل لم يكتفي بما صنعهُ بها الزمن وما أصابها جراء المرض، فقرر أن يُكمل علي ما تبقي من قواها وصبرِها

إصطفت بسيارتِها جانبً وجففت دموعها في محاولة منها للتماسُك، أمسكت هاتفها وضغطت زر الإتصال وأنتظرت الرد من نجلِها إيهاب المتواجد حالياً بدولة الإمارات الشقيقة

جائها صوت ولدها المُحبب لأذناها مُرحبً بحفاوة :
_ أزيك يا حبيبتي، عاملة اية يا ست الكُل وحشاني

تنفست عالياً وتحدثت بصوتٍ حزين مختنق :
_ إنتَ كمان وحشتني أوي يا حبيبي

إنتفض من فوق مقعدة مما أفزع زوجته الرقيقة ندي، وتساءل إيهاب بنبرة قلقة :
_صوتك ماله يا ماما، أوعي تكون أمل جري لها حاجه ؟

وهُنا لم تستطع التماسك ونزلت دموعها التي حاولت كبحِها بشدة وتحدثت بمرارة :
: أمير الندل خطب أخت جوز شيرين وهيتجوزها الشهر الجاي يا إيهاب

ثار داخله وغلت الدِماء داخل عروقه وهتف متسائلاً بحِدة :
_ حضرتك بتتكلمي جد يا ماما، الندل ده فعلاً عمل كده ؟

بكت بشدة فأكمل هو بغضب متوعداً لأمير :
_ قسماً بالله لأندمة علي اليوم اللي إتولد فيه، ما ابقاش إيهاب عُمران إن ما خليته يلف حوالين نفسه زي المجنون وأبيعته هدومة هو وأهله

تحدثت سحر من بين شهقاتها :
_ إحنا لازم نرفع لأختك قضية ونطلقها من الجبان ده يا إيهاب

أجابها مؤكداً بنبرة حادة :
_ طبعاً يا ماما لازم تطلق، أنا هتصل بشركة الطيران حالاً وهحجز في أقرب وقت وهبلغك بالليل ميعاد وصولي،

واكمل بوعيد :
_ وأقسم بالله لأعلمة الأدب اللي أبوه وأمه معرفوش يعلمهوله

أردفت سحر قائلة بصوتٍ ضعيف واهن أحزن نجلها :
_ تعالّ يا إيهاب، أنا وأختك محتاجين لك أوي، لازم تاخد لها حقها من اللي ظلمها وعايش حياته بالطول والعرض

وأكملت بتنبيه محذرةً إياه :
_ إوعا تتصل بأختك وتقولها حاجة عن الموضوع ده يا إيهاب، ونبه كمان علي مراتك ما تكلمهاش لحد ما أروح بكره للدكتور أحمد وأسأله هبلغها إزاي بالخبر ده

وافقها الرأي وأغلقت معهُ وتحركت بسيارتها عائدة إلي منزلها من جديد

أما عند إيهاب الغاضب والذي بدأ يجوب المكان ذهابً وإيابً بهيئة غاضبة، إعتدلت ندي من جلستها و وقفت وتحركت إلي زوجها وتساءلت بنبرة حزينة :
_ هو اللي أنا فهمته من كلامك مع طنط ده حقيقي يا إيهاب، أمير فعلاً هيتجوز علي أمل؟!

أجابها بهيئة جنونية ونبرة صوت مرتفعة غاضبة :
_ الواطي الجربوع، بعد ما أتنازلنا ورضينا بيه وبمستوي أهله المُنحدر أخلاقياً ، وبعد ما رفضت عرسان إتقدموا لها كانوا أسياده بأخلاقهم ، أول ما تعبت رماها لماما وأخد بنته وراح خطب وبيجهز لجوازة عليها

هزت رأسها بذهول وعدم تصديق وتحدثت بعدم إستيعاب :
_ معقولة بعد كل الحُب اللي كان بينهم واللي كُلنا كُنا بنحسدهم عليه، يتخلي عنها بالبساطة دي ؟

وأكملت بنبرة صوت حزينة بائسة:
_ هي الناس جرا لها إية يا إيهاب، ليه بقت بتبيع العشرة بسهولة أوي كده ؟

أردف قائلاً بحدة :
_ ده أمتحان صعب يا ندي وما بيعديش منه غير أولاد الإصول، وأمير عمرة ما كان إبن أصول

أومات بحزن وأردفت قائلة بنيرة متألمة :
_ يا حبيبتي يا أمل، هتتحملي إية ولا إية، ألم المرض اللي مبيرحمش وبينهش فيكِ ، ولا ألم وجعك علي شريك عُمرك اللي خانك وإتخلي عنك عند أول مِحنة تقابلك

وتحركت إلي وقفة زوجها وباتت تربت علي ظهرهِ بحنان كي يهدئ من ثورته وغضبه الذي تملك منه بشدة فور إستماعهُ لما حدث لشقيقتهُ

_______________

في اليوم التالي ذهبت سَحر إلي المركز وطلبت مقابلة دكتور أحمد كي تستشيرة كيف ستخبر صغيرتِها بمصَابِها الجَلل

قَصت سحر علي دكتور أحمد كُل ما حدث من أمير ، كان يستمع لها بهدوء وملامح وجه مُبهمة

نظرت إليه مُستغربة هدوئة وإستكانته وتساءلت بنبرة مُتعجبة :
_ حضرتك ساكت ليه يا دكتور ! ما تقول لي أعمل إيه في المصيبة اللي أنا فيها دي ؟

أخذ نفسً عميقً وزفرهُ بقوة ليطرد طاقتهِ السلبية التي إنتابته من ما أستمع إليه وتحدث بهدوء وعقلانية :
_ من فضلك يا مدام سحر تهدي وتحاولي تتمالكي أعصابك علشان تقدري تواصلي وقوفك جنب أمل

وإستطرد حديثهُ قائلاً بهدوء :
_أولاً كده أنا مقدرش ألوم علي أستاذ أمير في تصرفه،

وتابع حديثهُ قائلاً:
_ لإننا كبشر قدراتنا التحمُلية مختلفة ومتفاوتة عن بعض ، ربنا سبحانة وتعالي خلقنا مختلفين وإدي لكل واحد فينا قدرة غير اللي رزق بيها التاني، واللي أنا اقدر أتحملة حضرتك ما تقدريش علية والعكس صحيح

وإستطرد بخبرة إكتسبها من خلال عملة :
_ أنا من خلال طبيعة شغلي شفت وعاصرت حالات كتير أوي، منهم اللي ما بيكونش عنده القُدرة علي إنه يكمل ويتحمل لأخر الرحلة ، وبيعلن إنسحابة من قلب المعركة زي ما حصل من أستاذ أمير كده،

ومنهم الأصيل اللي بيمسك في شريك رحلته بكل قوته ويحاول يخلية يتمسك ويتشبث بالحياة علشان يعدوا من المِحنة الصعبة دي ويخرجوا منها سوا وهما منتصرين وأديهم في أدين بعض

أردفت بدموعها التي إنهمرت رُغمً عنها ولم تستطع السيطرة عليها :
_ بس أنا مكنتش أتوقع إن أمير يطلع بالخسة والندالة دي ويتخلي عن بنتي وهي في أشد إحتياجها ليه

أردف أحمد قائلاً بتأكيد :
_ أستاذ أمير إتخلي عن أمل وإنسحب من أول المعركة مش لما قرر يتجوز ويكمل حياتة زي ما حضرتك مُعتقدة ، أستاذ أمير بدأ الإنسحاب تدريجياً من أول شهر وده كان واضح جداً لما كان بيسيب مراته تيجي الجلسات من غير ما يكون موجود معاها ويدعمها

وإستطرد حديثهُ مؤكداً :
_ أنا كُنت متأكد إن قرار إنسحابة الكُلي من المعركة مسألة وقت مش أكتر، وأهو حصل اللي توقعته بالفعل

كانت تستمع إليه بقلبٍ يتمزق علي صغيرتها وعينان حزينة وتساءلت بحيرة :
_ طب بالنسبة لـ أمل يا دكتور،، هقول لها الخبر المشؤوم ده إزاي ؟

إستنشقَ جُرعة كبيرة من الهواء داخل رئتيه ثم تحدث بنبرة حذرة :
_ أمل مش لازم تعرف أي حاجة عن الموضوع ده نهائي وخصوصاً الفترة دي، لإنها بالفعل بتمُر بإنتكاسة وحالة ذبذبة من بعُد أمير عنها، ومش هتقدر تتحمل تسمع خبر زي ده

تساءلت مُستفسرة :
_ بس أنا كلمت إيهاب أخوها وهو خلاص حجز طيران وجاي بعد يومين علشان يرفع لها قضية طلاق ضد الندل إللي إسمة أمير، ولازم هي اللي تمضي علي طلب الطلاق بنفسها، يعني لازم تعرف يا دكتور

بات يُفكر بهدوء ثم أردف قائلاً بتمعن :
_ طب إية رأي حضرتك تشوفي أي حِجة وتحاولي تقنعيها تعمل توكيل عام لأستاذ إيهاب، وبكده هو اللي هيرفع لها القضية ويمشي في إجراءاتها بحكم التوكيل اللي معاه

وأكمل بمساندة:
_ ولما المحكمة تطلب إستدعائها أنا مُستعد أروح أشهد إني الطبيب المُعالج ليها وإن حالتها الصحية ما تسمحش إنها تروح المحكمة

أجابته بثبات وإستحسان :
_ فكرة حلوة جداً يا دكتور،
ثم هبت واقفة وتحدثت بشُكرٍ وإستئذان :
_ أنا متشكرة جداً يا دكتور وأسفة إني أخدت من وقت حضرتك كتير وأنا عارفة إنك قد إيه مشغول

وقف يودِعُها قائلاً بإبتسامة هادئة ووجهٍ بشوش :
_ ما تقوليش كده يا أفندم، أنا تحت أمرك في أي حاجة تخص أمل،
وأكمل بنبرة حنون :
_ وياريت لو كنت أقدر أساعدها أكتر من كده

شكرته بإمتنان وتحركت عائده إلي منزلها من جديد،تحت حالة أحمد المُشتته ما بين حُزنهُ علي الحالة التي وصلت إليها أمل وما بين راحة ضميرهُ وموعد إقتراب تحقيق حُلمهُ المُنتظر مُنذ أعوام،
تنهد بأسي وجلس من جديد فوق مقعدهُ وأرجع رأسهُ للخلف مغمضً عيناه في محاولة منهُ لضبط النفس والهدوء كي يخرُج علي مرضاه من جديد ليقوم بواجباتهُ تجاههم

*************

وصلت سحر إلي منزِلها وجدت أمل تجلس بجانب رانيا التي تساءلت بإستغراب :
_ إتأخرتي ليه كدة يا ماما !
وأكملت شارحة:
_ دي أمل مش راضية تتغدي ومستنية حضرتك

نظرت سَحر إلي إبنتها وسألتها بنبرة مُعاتبة مُحبة :
_ ليه قاعدة لحد الوقت من غير أكل يا حبيبتي، ده المَغرب أذن من بدري

أجابتها أمل بهدوء ونبرة صوت ضعيفة جراء مرضها :
_ عادي يا ماما مكُنتش جعانة، وبعدين محبتش أكل من غيرك

أردفت قائلة وهي تتحرك إلي المطبخ سريعً :
_ ثواني يا حبيبتي والأكل يكون جاهز علي السُفرة

تحركت رانيا خلفها وتحدثت بصوتٍ جهوري :
_ أنا جاية علشان أساعدك يا ماما

وقفت بجانب والدتِها وهمست كي لا تسمعهما أمل :
_ كلمتي دكتور أحمد يا ماما ؟

أومأت لها بأسي واردفت هامسة :
_ قولت له يا بنتي، ونصحني إنها مش لازم تعرف أي حاجة علشان ما يحصلهاش إنتكاسة

تنهدت رانيا بأسي وحُزن

بعد مرور يومان، وصل إيهاب إلي أرض الوطن ليتابع قضية شقيقته ويقف بجانبها ضد من ظلمها ، كان يجلس بجوارِها مُبتسم وهو مُمسك بيدِها بصورةٍ داعمة

تحدثت إلية بإبتسامة حانية :
_ حمدالله علي سلامتك يا حبيبي، ما تتصورش إنتَ كُنت واحشني إزاي يا إيهاب

رفع كف يدها وقربهُ إلي فمه وقبلهُ قائلاً بحنان :
_ وإنتِ كمان وحشتيني أوي يا أمل

هتفت رانيا الجالسة بجانب والدتها بتذمر مُصطنع كي تصنع البهجة وترسمها علي وجه شقيقتها التي بات الحُزن محفوراً فوق ملامِحها :
_ يسلام يا سي إيهاب، يعني أنا كمان ما وحشتكش زي أمل؟

اجابها مُبتسمً بحنان :
_ إزاي تقولي كده ، ده إنتِ أخر العنقود يعني دلوعة وحبيبة العيلة كلها يا روني

إبتسمت سحر واردفت بحنان مُمتزج بألم :
_ ربنا يخليكم لبعض وما يحرمنيش ابداً من جمعتكم حواليا

أمن الجميع علي دُعائها

ثم تحمحم إيهاب وتحدث موجهً حديثهُ إلي أمل :
_أمل، كنت محتاجك تيجي معايا الشهر العقاري بكرة علشان تعملي لي توكيل عام،

وأكمل مُبرراً طلبهُ :
_ أنا قررت أشتري لك شقة وإن شاء الله هكتبها بإسمك ومش عاوز أتعبك معايا أنا والمحامي وإحنا بنخلص إجراءات التسجيل في الشهر العقاري

قطبت جبينها وتساءلت بإستغراب :
_ شقة، ليا أنا ؟!
بمناسبة إية هتشتري لي شقة، وبعدين ما أنا عندي شقتي مع أمير !

إبتسم لها بخفة وقال بنبرة حنون :
_ بصي يا حبيبتي، أنا الحمدلله ربنا كرمني في شغلي وحابب أءمن لك مستقبلك إنتِ ورانيا، وقررت أشتري لكل واحدة فيكم شقة وأسجلها بإسمها

أردفت قائلة بإمتنان ممزوج بخجل :
_ يا حبيبي ربنا يزيدك من نعيمه بس صدقني ملوش لزوم اللي هتعمله ده، بدل ما تأمن لنا إحنا مستقبلنا إشتري الشُقق دي لأولادك هما أولي بتعبك وتمن غُربتك

تحدثت سحر لإقناع صغيرتها بالقبول :
_ خلاص بقا يا أمل، حد يرفض هدية أخوه بردوا

وبالكاد أقنعوها وبالفعل حدث ما أرادوه

في اليوم التالي، ذهبت أمل بصحبة شقيقها و والدتها لأخذ جُرعة العلاج، دلفت إلي غُرفتِها المخصصة لها وأستعدت لأخذ الجُرعة بمساعدة المُمرضة ، إستمعت لبعض الطرقات فوق الباب فسمحت للطارق بالدخول

وجدت ذاك المُبتسم بوجههِ الضاحك علي غير العادة والذي تحدث بنبرة حنون :
_يا تري البطلة بتاعتي جاهزة علشان الجُرعة ؟

إستغربت كلماته وحماسهُ الزائد عن الحد ولكنها تغاضت وإبتسمت بوهن وتحدثت بنيرة هادئة كعادتها :
_ إن شاء الله جاهزة يا دكتور

ثم تحركت ووقفت بقبالته وتحدثت بنبرة بائسة :
_ هو أنا هستمر علي العلاج ده كتير يا دكتور؟
وأكملت بأسي وضعف :
_ أنا تعبت، نفسي أرجع لحياتي الطبيعية بقا، نفسي أرجع بيتي وأقدر أخد بنتي في حضني زي الأول وأخدمها ، وحشتني حياتي أوي يا دكتور

نظر لداخل مِقلتيها العسليتان وتحدث بقوة وإراده :
_ تحلي بالصبر والقوة والإيمان يا أمل، أنا واثق إننا هننتصر علي المرض بإرادة ربنا ثم عزيمتنا

وأستطرد حديثهُ بإبتسامة حنون :
_ بس خليكي معايا وإتبعي التعليمات كويس وإمشي عليها، وأنا وإنت اللي هننتصر ونفوز في الآخر يا أمل، وبكرة هفكرك

وكالعادة يأتي حديثهُ بثمارةِ بعد كل مرة يجتمع بها ويحدثُها ليبثُ داخل روحِها الإرادة والقوة والإصرار علي المحاربة والإنتصار

إبتسمت له وأردفت بنبرة متفائلة وهي تهز رأسها:
_ إن شاء الله يا دكتور، إن شاء الله
______________

بعد مرور إسبوع
داخل منزل مصطفي عساف

كان يجلس فوق الأريكة بجانب إبنته و والدته ووالده، إستمعوا إلي قرع جرس الباب ، وقف أمير وقام بفتح الباب تفاجأ بوجود مندوب من المحكمة متسائلاً بنبرة جادة :
_ ده منزل المدعو أمير مصطفي عساف ؟

أومأ له قائلاً بإجابة :
_ أيوة هو ، وأنا أمير بذات نفسه، خير يا حضرة المُحضر ؟!

تحدث الرجل وهو يُشير إلي الورقة الموضوعة فوق الدفتر الذي بيده :
_ إتفضل إمضي لي هنا بالإستلام

تحدث أمير بإستغراب :
_ إستلام إيه ؟

أجابهُ المُحضر مفسراً :
_ إستلام إستعلام بقضية الطلاق اللي رفعاها عليك السيدة أمل عمران محمد

شعر بطعنة داخل قلبه وغصة مُرة وقفت بحلقة، أمسك القلم بصعوبة ثم وضع إمضاءهُ وأغلق الباب وتحرك للداخل من جديد

تساءل والده مُستفسراً :
_ مين اللي كان علي الباب يا أمير، وإية الورقة اللي في إيدك دي ؟

أجابهُ بملامح وجه مُبهمة :
_ ده مُحضر من النيابة جايب لي إستعلام بقضية طلاق أمل رفعتها عليا

خبطت راوية كف يدها فوق صدرها وتحدثت بإستياء :
_ هي حصلت ترفع عليك قضية عديمة الأصل ، طب تراعي البِت اللي بينكم، دول كده ناويين علي الشر بقا

هتف مصطفي بنبرة غاضبة :
_ هما اللي ناويين علي الشر بردوا يا راوية ! عوزاها تبعت لإبنك بوكية ورد وعليه تهنئة علي غدره ليها وتخليه عنها في عز أزمتها

تحدث أمير مُحاولاً التبرير لأفعالة الشنيعة :
_ أنا ما أتخلتش عنها يا بابا، أنا لسه بحبها وشاريها

وأكمل بمنتهي الأنانية :
_ بس أنا راجل ولسة في عز شبابي، وليا متطلبات جسدية هي مش هتقدر تلبيهالي في وضعها الحالي ، وأظن إن من حقي إني أعِف نفسي بدل ما أنجرف في طريق الحَرام

هتف مصطفي بنبرة غاضبة :
_ وهي فين حقوقها عليك يا محترم ؟
فين حق العشرة و وقوفك جنبها في محنتها ؟

وأكمل بإتهام :
_ كل اللي فكرت فيه هو نفسك وغريزتك الحيوانية اللي لا تمت للإنسانية بصلة

وأكمل لائمً:
_ هو ده اللي ربنا قال عليه في كتابه العزيز ووصانا بيه رسول الله ؟

هتفت راوية بنبرة حادة لائمة علي زوجها :
_ جرا لك إيه يا مصطفي، إنتَ معانا ولا معاها، أمير فكر بعين العقل، هو لازم يتجوز ويخلف حتة عيل يشيل إسمه بدل ما عمره يتسرق ويضيع قدام عنيه

أردف مصطفي قائلاً بنبرة حادة :
_ وهي كمان من حقها ترفض إرتباط إسمها بواحد إتحسب عليها راجل ووقت الجد مطلعش زي ما أتخيلته

وأكمل بنبرة حادة :
_ طلقها بالمعروف وإديها حقوقها بما يرضي الله يا إبني، دي مهما كانت أم بنتك وما تستاهلش منك كدة

إبتلع غصة مريرة داخل حلقة وأجابهُ بإنكسار :
_ بس أنا لسه بحبها وشاريها يا بابا

ضحك مصطفي وتحدث ساخراً :
_ بتحبها و شاريه!
أومال لو كنت بايعها كنت عملت في المسكينة إيه أكتر من كده

وأكمل بنبرة جادة :
_ ياريت يا إبني ما تخدعش نفسك وتضحك عليها ، إنتَ عمرك ما حبيت أمل، الراجل اللي بيحب ما بيتخلاش ويبعد وقت الشِدة ، وإنت بعدت وخُونت وجرحت، طلقها وسيبها تواجه مصيرها بنفسها وربنا يعوضها خسارتها الكبيرة والخزلان اللي شافته علي إديك

واستطرد حديثهُ بنبرة ضعيفة وحزينة:
_بس عاوز أقول لك كلمتين حطهم قدام عيونك ، ربنا ما بيرضاش بالظُلم، وإنتَ ظلمت واحدة أمنت لك وأتعشمت فيك خير

تحدثت راوية بحده :
_ هو فيه إية يا مصطفي، هو آنتَ كمان هتحرم اللي ربنا حلله علي آبنك؟

وبعدين حق أيه يا أخويا اللي يديهولها، مش هي اللي طالبة الطلاق ومصممة عليه، يبقا تتنازل شوية، وكفاية عليها تاخد حاجتها اللي جابتها في جهازها وخلاص علي كده

تحدث مصطفي ناهراً إياها بقوة :
_البنت هتاخد كل حقوقها اللي ربنا أمر بيها يا رواية، وكفياكي عِند بقا وإتقي الله ده إنتِ عندك بنت زيها، خافي لربنا يردهولك فيها

ونظر إلي أمير وتحدث أمراً بنبرة صارمة :
_ وإنتَ يا أمير بيه، طالما قررت تشوف نفسك وتتجوز يبقا ياريت تبقا راجل وتكمل للأخر، من بكرة الصُبح تبيع عرببتك وانا هكلم سحر عبدالسلام علشان نخلص موضوع الطلاق بالود ومن غير ما نعمل مشاكل لبعض

وأكمل بنبرة غاضبة :
_ ومش عاوز أسمع كلمة تانية من حد فيكم في الموضوع ده، مفهوم

تركهم ودلف لداخل حُجرته وأغلق بابها بحدة جعلت أرجاء المنزل تهتز من شدتها

نظرت راوية إلي أمير وهتفت بكلمات مؤازرة له :
_ ولا يهمك يا حبيبي، بيع العربية وخلصها وخليها تروح في ستين داهية، وإن شاء الله هدير هتعوضك عن كل اللي شفته في الجوازة الشؤوم دي

كان يستمع لها بملامح وجه مُبهمة، تركها دون حديث وتحرك لداخل حُجرته وأغلق بابها عليه بهدوء واستسلام مُهين

يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى