بعد مرور فترة من الزمن
تحركت أمل ودلفت إلي المَشفى العام المُعين به زوجها والذي يأتي إليها يومان بالإسبوع، وذلك بعدما هاتفته وأخبرته أنها قد حجزت لهما داخل مطعم شهير ليتناولا غدائهما سوياً كنوعً من التغيير وبعيداً عن الروتين اليومي ، وأخبرها بمكانه فأتت ليذهبا معاً
توقفت بسيارتها الفارهه ونزلت منها بأناقتها المعهودة ، دلفت لداخل المشفي، كانت تتحرك داخل رواق المشفي الكبير في طريقها لمكتب زوجها التي تعلمهُ جيداً ، تتحرك بأناقة ثيابها العصرية المحتشمة ذات الماركة العالمية، تحمل حقيبة يد بثمنٍ باهظ كانت قد أهدتها لها والدة زوجِها الحنون بعيد زواجها بجانب عقداً ثمين،
حقاً كانت كالأميرات بهيئتِها الساحرة التي تخطف الأبصار تلك، وأثناء مرورها رأت أخر شخص كانت تتمني رؤيته، إنهُ أمير وتجاوراه هاتان العقربتان ويبدو عليهم الحُزن وأثار البكاء، وما أن رأها أمير حتي إنتفض جسده وتحرك إليها وتحدث وهو ينظر لها بعيناي مُتشوقة لمن كانت لهُ الدنيا بأكملها وبخسارتها خسر دنيته وهدوئها وأستكانتها.
كاد قلبهُ أن يتركهُ ويقفز إليها ليحتضنها كالسابق علها تُزيل عنه همهُ الذي أصابهُ جراء إبتعادها عن حياته،
تحدث بتساؤل وهو ينظر لكُل إنش لوجهها بتلهف وأشتياق لحبيبة لم يري منها سوي الخير والحب والإهتمام :
_ أمل، إزيك، إنتِ بتعملي إيه هنا ؟
كانت تُطالعهُ بملامح وجه مُبهمة وقلبٍ مُشمئز كاره لرؤية وجههِ التي أصبحت بغيضة بالنسبة لها بعدما كان النظر لمقلتاه مبتغاها، فسبحان الذي يُغير ولا يتغير.
رمقت كلتا الجالستان بنظرات مُتعالية مما جعل شيرين تشتعل غضبً وحقداً وخصوصاً بعد رؤيتها وهي بكامل صحتِها وأناقتها ومظهر وجهها الذي يبدو عليه وجه شابة في بداية عامها العشرون، وخصوصاً أن شيرين قد تغير حالها ومظهرها حتي أنها أصبحت بحال يُرثي له، حيثُ كانت ترتدي ثيابً بالية بعدما ترك لها أكرم كفالة أطفالهِ بالكامل
ومنذُ ذاك اليوم وقد تحولت حياة أسرة مصطفي عساف إلي قاتمة سوداء، ثلاث أطفال حقاً مسؤلية كبيرة وتحتاج إلي أموالً كثيرة للإنفاق عليهم ، أصبح أمير ومصطفي ينفقا كامل مُرتبيهما علي أطفال شيرين وحتي الرواتب ما عادت تكفي،
مما جعل مصطفي يقع أرضً بعدما آُصيب بأزمة قلبية أثر ضعف قلبهِ الذي ما عاد يستطيع التحمُل بعد، وذلك بعدما شاهد مُشاجرة كبيرة بين أمير وشيرين قاما بها بسبب أطفالها وعدم راحته التي أنعدمت في بيت أبيه، وذلك بعدما إضطُر إلي بيع شقته كي يستطيع تسديد مستحقات هدير بعد طلاقها ، وأيضاً تسديد قرض البنك بعدما تعثر في سداده
عادت أمل ببصرها إليه مرةً آُخري ثم تحدثت بكبرياء علي غير عادتها ولكنه لا يستحق سوي تلك المعاملة :
_ أنا جاية لجوزي دكتور أحمد سلام رئيس قسم الأورام هنا في المستشفي
وأكملت بتذكرة إليه :
_ ما أنتَ عارفة، الدكتور اللي عالجني من المرض الخبيث
ثم أستطردت بحديث ذات مغزي وصل معناه لأمير وشطر قلبه لنصفين :
_ الحقيقة هو مش بس عالجني من المرض ده، هو بتر كل الأمراض الخبيثة اللي كانت مالية حياتي.
وهُنا وجدت من يحتوي خصرِها ويحاوطهُ بإحتواء ومال علي خدها، وضع به قُبلة رقيقة تحت إشتعال قلب أمير وحسرة قلبه علي من كانت يومً ملكً له، أما الآن فهي ملك لرجُل أخر يتنعم بكل ما حُرم هو منه
تحدث إليها أحمد بعيون متشوقة عاشقة :
_ وصلتي أمتي يا حبيبي ؟
إبتسمت له وبلحظة آُنير وجهها وأشرقت ملامحُها الجذابة تحت إشتعال قلب شيرين وحقدها الأسود الذي مازال يملئ قلبها تجاه تلك البريئة
وتحدثت أمل بنبرة رقيقه وعيون تنطقُ عشقً تنمُ عن مدي عشقها الهائل لذاك الفارس النبيل :
_ لسة واصله من شوية صغيرين .
سألها بإهتمام ولهفة :
_ طب ليه ما دخلتيش المكتب أول ما وصلتي ؟
اجابته وهي تُشير علي ثلاثي الشر قائلة بعدم إهتمام :
_ أنا فعلاً كنت جاية لك لكن لقيت في طريقي ناس كنت أعرفهم
نظر لهم أحمد وبلحظة شعر بالغيرة تنهش داخله عندما دقق النظر وتأكد من ملامح أمير الذي لم يتعرف عليه مُنذُ البداية وذلك لتغير ملامح وجههُ وجسدهِ الذي إفتقد كثيراً من وزنه ونشاطهُ وهيأته ككُل
تمالك من حالة الغيرة سريعً وأستعاد حالهُ وتحدث بقلب الطبيب الإنسان كعادته :
_ أستاذ أمير ! خير فيه حاجة أقدر أقدمها لك هنا في المستشفي ؟
تحدث بنبرة قوية ليحافظ علي ماء وجهه أمام ذاك المغوار :
_ متشكر يا دكتور، مفيش حاجه
حين أردفت راوية التي وقفت سريعً وتحدثت بنبرة باكية ضاربة بحديث أمير عرض الحائط :
_ يبقي كتر خيرك يا دكتور لو تعرف تطمنا علي سي الأستاذ مصطفي جوزي
وأكملت مفسرة:
_ هو عنده سكتة قلبية وخدوه مننا جوة بقالهم أكتر من ساعة، ومن وقتها محدش عبرنا ولا طلع علينا حتي يقول لنا كلمة واحدة تطمنا
لم تدري لما حَزن قلبها بهذا القدر وتذكرت طيبة ذاك الرجُل الذي إتوجد في مكانهِ الخطأ بين هؤلاء البشعة أصحاب القلوب الشنيعة
لم تعي علي حالها إلي وهي تتحدث إليها بنبرة هادئة:
_ ألف سلامة علي أستاذ مصطفي
ثم نظرت إلي زوجها وأردفت قائلة برجاء :
_ من فضلك يا أحمد تدخل تشوف حالته الصحية وتطمنهم عليه.
نظر إلي زوجته الحنون وشعر بالفخر أن صاحبة القلب الطيب الرحيم تلك هي زوجتة
تحدث إليها بنبرة مُطمأنة :
_ أكيد هعمل كدة يا حبيبتي، وكمان هبلغ الإدارة علشان تعمل لكم تخفيض في الفاتورة بما إنه في القِسم الإستثماري
تحدث أمير بخجل من كرم ذاك الثنائي الذي فاض عليهم :
_ مفيش داعي للتخفيض، والدي بيتعالج تبع التأمين الصحي الخاص بمصلحة الضرايب
أومأ لهُ أحمد بتفهُم وتحدث إلي أمل بنبرة حنون :
_ أنا هدخل أطمن عليه وإنتِ إستنيني في عربيتك تحت يا حبيبي .
أجابته بإستعطاف :
_ معلش يا أحمد، أنا هستناك هنا علشان أطمن علي أستاذ مصطفي، ياريت ما تتأخرش جوة علشان ما نتأخرش علي الأولاد
أومأ لها ودلف لداخل غرفة العناية المشددة حين سألتها راوية مستفسرة وذلك لإنقطاع أخبارها عنهم بعد أن حذرت أمل إبنتها بألا تتحدث لأبيها أثناء الرؤية عن حياتهما الجديدة ، ولأن أمير أصبح لا يري إبنته إلا مرات قليلة جداً وذلك لكثرة همومهُ ومشاكلهُ وديونهُ التي أصبحت همً علي عاتقه :
_ هو أنتِ خلفتي غير كارما ؟
إبتسمت لها بخفوت وتحدثت بنبرة هادئة :
_ ربنا كان كريم معايا لأبعد حد، لما لقاني صبرت علي مرضي وأحتسبته في ميزان حسناتي، كافأني وغرقني بكرمة وشملني بعطفه ،
وأكملت بنبرة صوت مُتأثرة :
ربنا طبطب عليا ورزقني براجل عظيم وقف جنبي وسندني بكل قوته، عوضني بحنانة اللي غمرني بيه عن كل أذي شفته في حياتي،
وكمل جميله عليا ورزقني ب توينز، عُمر وحمزة
ثم وجهت حديثها إلي راوية قائلة بيقين :
_ شفتي ربنا عظيم قد أيه في جبره للمظلوم .
مالت ببصرها أسفل قدميها وشعرت بالخِزي والحُزن علي ما أصاب أولادها من خيبة وتأكدت أن ما حدث لهم ما هو إلا عقاب الله لهم علي ما أقترفتهُ أياديهم بحق تلك الملاك
أما شيرين فكان قلبها يغلي مُشتعلاً علي من كانت ومازالت تبغضها وتعتبرها غريمتها رغم طيبة أمل معها.
تحدثت شيرين بنبرة حقودة :
_ وإنتَ بقا واقفة تستعرضي علينا لبسك وشكلك وجوزك الدكتور و أولادك التوأم علشان تندمينا ؟
اجابتها بإبتسامة جانبية :
_ أندمكم؟
أندمكم ليه وعلي إيه !
وأسترسلت حديثها بنبرة شاكرة:
_ ده أنتم بتخليكم عني عملتوا فيا أكبر معروف في حياتي وفتحتوا لي باب الجنة اللي أنا عايشه فيها حالياً مع جوزي وأهله وأولادي.
وأكملت بإبتسامة ساخرة وهي تنظر إليها :
_ ثم إنتم مبقاش ليكم وجود في تفكيري أصلاً علشان أحاول أضايقكم، صفحتكم أنا طويتها بحلوها ومُرها ونسيتها.
تحدثت راوية بإستعطاف :
_ ممكن يا بنتي بعد إذنك تبقي تبعتي كارما مع الدكتور علشان جدها يشوفها، يمكن صحته تتحسن
وأكملت:
_إحنا لينا أكتر من سنتين ما شوفناش البنت وإنتِ حرمانا إنها تيجي تزورنا في البيت، ويدوب أبوها بيشوفها مرة كل شهر ساعتين في الرؤية
أجابتها بهدوء وثبات نفسي :
_ أنا محرمتش حضرتك من كارما، أنا بنفذ القانون وببعت البنت للمكان المخصص للرؤية وحضرتك ممكن تروحي تشوفيها فيه
وأسترسلت بنبرة لائمة :
_ وأنا فعلاً في الأول كنت ببعتها البيت علشان خاطر الأستاذ مصطفى ، وممنعتهاش غير بعد ما أولاد بنتك وقعوها وكسروا لها دراعها .
وأكملت لتُذكرُها ببشاعتها :
_ وعلي ما أتذكر إن حضرتك اللي حرمتيني زمان من بنتي في عز ما أنا كنت محتاجة لضمة حُضنها
سحبت راوية بصرها بعيداً عن مرمي عيناها خجلاً، في حين تحدث أمير بأسف وعيون تإنُ من شدة ندمِها :
_ أنا أسف يا أمل، أسف علي كُل حاجة حصلت
وأكمل بعيناي صارخة بالندم:
_ياريت لو فينا نرجع الزمن من تاني ونعيده
واسترسل وهو يهز رأسهُ برفض:
_ وصدقيني عمري ما كُنت هفرط فيكي أبداً.
إبتسمت ساخرة وأردفت قائلة :
_ للدرجة دي كاره لي الخير اللي وصلت له نتيجة تخليك عني ! أنا وبنتك عايشين عيشة الأمراء يا أستاذ أمير
نزلت كلماتها علي قلبهُ النادم أحرقته، وهُنا خرج أحمد منكس الرأس وتحدث بأسي ونبرة حزينة :
_ أنا أسف يا جماعة، البقاء لله.
أطلقت شيرين وراوية صرخات مدوية إهتزت لها الجُدران، وسند أمير برأسهُ علي جدار المبني بأسي، حين أهتز جسد أمل ونزلت دمعة حزينة من عيناها علي ذاك المصطفي صاحب الأخلاق الذي لم تري منه أي سوء طيلة فترة زواجها من نجله
إحتضنها أحمد سريعً عندما لاحظ تأثرها، وتحدث إليهم بهدوء :
_ أنا هوصي الإدارة يسرعوا في الإجراءات الخاصة بتصريح الدفن، البقاء لله مرة تانية
وسحب أمل داخل أحضانه وتحرك بها إلي خارج المشفي بعدما أوصي المسؤلون عن سرعة إخراج تصريح الدفن كما وعدهم، وأستقل سيارتها وجاورته هي بعدما ترك سيارته هنا بجراچ المشفي وتحرك متجهً للخارج وسألها بنبرة حنون مراعياً حالتها النفسية :
_ إنتِ كويسه يا حبيبي؟
أومأت له بنعم فتسائل مجدداً :
_ طب تحبي نروح علي البيت وبلاش غدا برة إنهاردة ؟
تحركت بجسدها ورمت حالها لداخل أحضانه وتحدثت بنبرة رقيقه :
_ لا يا حبيبي، أنا حابة أتغدا معاك لوحدنا .
لف ذراعهِ حول كتفِها وضمها بحنان مُقبلاً جبينها، ثم أمسك مقود السيارة وتحرك بها متجهً نحو المطعم ليتناولا غدائهما
_____________________
بعد مرور عدة أعوام
ليلاً داخل حديقة فيلا عزت
كانت الأجواء صاخبة حيث يجتمع العديد من الأهل والأصدقاء ليحتفلوا بذكري ميلاد الجميلة أمل التي تحولت حياتها إلي رائعة بفضل زوجها الحبيب ورعايتهُ لها ولأطفالها الثلاث بمساواة وعدل
إرتفعت أصوات المتواجدون وهم يتغنون بأغاني ذاك اليوم الشهيرة وينظرون علي تلك الجميلة التي تجاور زوجها الحنون، مالت علي قالب الحلوي الفخم والذي أوصي أحمد علي إعدادهُ لها خصيصاً داخل أحد أكبر متاجر تصنع ذلك النوع من الحلوي
أطفأت شمعتها لتودع عامها الثالث والثلاثون وتبدأ عامً تتمني أن تُقضية بجوار رجُلها وسندها ذو المعدن الأصيل والذي أثبت مع مرور السنوات أنهُ رجُلها الحق
أطفأت شمعتها ورفعت قامتها لتجد من يسحبها لداخل أحضانة ويميل بشفتاه فوق جبهتها ليُقبلُها وهو يهمس لها وحدها بوجهٍ يشعُ سعادة :
_كل سنة وإنتِ في حُضني يا أميرة زماني.
ثم أشار إلي عامل كان يقف جانبً وتناول منه عُلبة فخمة خاصة بإقتناء المجوهرات، قام بفتحها بوجه أميرة زمانهُ ، لقبها الذي أطلقهُ عليها تيمُناً بأنها أميرتهُ الذي كان يبحث عنها وخرجت إلية من أسطورتها لتُنير حياتهُ وتجعل منها رائعة بعدما كانت بدونها صحراء جرداء
شهقت بسعادة وعيون مُتسعه من شدة جاذبية وأناقة ذاك العُقد الألماسي بجواهِرهِ النادرة المرصوصة حولهُ بعناية فائقة ، والذي صُنعَ لها خصيصا حيث قام بتوصية أحد المختصين البارعين بصناعة الجواهر وأبلغهُ بالمواصفات وبالفعل صنعهُ لها
تحدثت بعيون تكادُ تُدمع من شدة تأثرها :
_ إنتَ جميل أوي يا حبيبي، وكل حاجه عشتها معاك وشفتها منك مميزة ورائعة زيك، بحبك .
إبتسم لها وتحدث بعيون تنطقُ عشقً وشغفً لم يقل يومً مُنذُ أن رأها بالغرفة الخاصة بجلستها الأولي داخل المركز الخاص به :
_ حبيبتي، كل سنة وإنتِ طيبة.
تحدثت إنتصار بعيون سعيدة ونبرة حماسية :
_العُقد يجنن وفعلاً مُميز يا أحمد، يسلم ذوقك يا حبيبي
نظر إلي عيون أمل وتحدث مسحوراً:
_ أميرتي تستحق كل ما هو مُميز وفريد يا أمي .
إبتسمت له بسعادة وتحدثت إنتصار بتأكيد :
_ في دي أكيد معاك حق، أمل حقيقي تستحق كل مميز بأخلاقها وأحترامها وقلبها الأبيض
وأكملت وهي تُناولها هديتها التي كانت عبارة عن إسوارة من الألماس وتحدثت :
_ كل سنه وإنتِ طيبة يا أمل، وعلي فكرة دي مش كُل هديتك.
نظرت لها أمل وتحدثت بنبرة ممتنة سعيدة :
_ وإنتِ طيبة ومنورة حياتي يا ماما،
واكملت بإستحياء :
_ كل ده ولسه فاضل هدية تانية، ده كتير عليا أوي يا ماما .
أردفت إنتصار وهي تنظر إليها :
_مفيش حاجه كتيرة عليكِ يا وش الخير
ثم تبادلت النظر بينها وبين عُلا زوجة حمزة وتحدثت بعدل :
_ أنا حجزت لك إنتِ وعُلا كوليكشن الصيف من دار الأزياء اللي بتتعاملوا معاها، إبقوا روحوا بكرة وإختاروا كل اللي يعجبكم.
تحدثت عُلا بسعادة بعدما إستشفت عدل وأهتمام والدة زوجها بها هي الأخري برغم أن المناسبة تخص أمل :
_ ميرسي يا طنط لذوق حضرتك
وأكملت بمداعبة لطيفة:
_ بس يا تري فيه رِنچ معين للفلوس هنقف عندة ولا الحساب مفتوح؟
ضحك الجميع وتحدثت إنتصار :
_ إطمني، الحساب مفتوح يا لمضة
إحتضن حمزة زوجته وتحدث مداعبً شقيقهُ :
_إختاروا كل اللي نفسكم فيه واللي تقصر فيه ماما الدكتور يكمله، ماشاء الله المستشفي الجديدة اللي إفتتحها للعرب شغالة أحلا شُغل وعيني عليه باردة.
قطب أحمد جبينهُ وتحدث بدُعابه مماثلة :
_ ده شغل قر ده بقا ولا إيه؟
أجابهُ حمزة بمداعبة :
_ أيوة، هو كده بالظبط.
ضحك الجميع بسعادة حين تحدث عزت بنبرة جادة :
_ طب إيه رأيكم محدش هيحاسب علي الفاتورة دي غيري أنا
ثم نظر لزوجتي ولداه وتحدث بأبوية ونبرة حنون :
_ أمل وعُلا دول بناتي اللي ربنا رزقني بيهم ومسؤلين مني
شكرته أمل بحب وتحدثت بعيون ممتنة :
_ ربنا يخليك لينا يا بابا.
أما حسن الذي يجاور زوجتهُ الجميلة سحر فقدم هديتهُ إلي أمل وشكرته فهي باتت تحبهُ وتحترمهُ وتعاملهُ كأبيها الذي حُرمت منه مُبكراً وذلك بعدما إستطاع إكتساب محبتهم جميعا وإحترامهم، حيث كان يتعامل مع والدتهم بحب ولين وحسن معاملة ويعتبر إيهاب وأمل ورانيا كأبناء له
مال أحمد علي توأمهُ وقبلهما بسعاده وأيضاً كارما التي ما عادت تُناديه إلا بأبي لشدة حنانهِ وأهتمامهُ بها وبكل ما يخُصها، حيثُ قدم لها في مدرسة لُغات وأشترك لها في نادي عريق لتتلقي به تدريباتها
وقفت أمل برأسٍ شامخ تتطلع علي كل الوجوه المتواجدة حولها وتحمد الله علي عطاياه الكثيرة لها ونعمهُ التي لا تُعد ولا تُحصي
تطلعت علي شقيقها وزوجته وأبناءه ، والدتها وزوجها حسن والحب الذي جعلهما يبدوان كشابان في مقتبل العمر، شقيقتها وسعادتها مع زوجها الذي ثبت معدنهُ الأصيل من خلال شدتها أثناء مرضها ، زوجها الحبيب وعائلتهُ المُحبة التي رزقها اللهُ بها كتعويض عن ما مرت به بحياتها
تأكدت حينها أن الله قد رزقها بمحنتِها الصعبة تلك، كي يخلق لها من بين رحَمِها مِنحتها التي غيرت مجري حياتها بالكامل وجعلتها أجمل وأنقي
نظرت حولها وعادت بذاكرتها للوراء إلي ذاك اليوم، إبتسمت بخفة حين خُيل لها وكأن التاريخ يُعيد نفسه، لكن بأشخاص جديدة بعيدة كل البُعد عن سابقيهم ، أشخاص ذوات قلوب رحيمة، قلوب تخشي الله في أعمالهم، قلوب تحيا حياتها وتستقبل يومها ببسمة أمل جديد
نظرت إلي السماء وأغمضت عيناها وأخذت نفسً عميقً، ثم فتحتهما من جديد وأبتسمت ببشاشة وجه وهي تُناجي ربها بسرها وشكرته علي عطاياه التي غمرها بها وكان بها رحيماً لأبعد حد
تمت