رواية ترب اليهود الفصل الاول حياة كل واحد مننا عبارة عن مجموعة قرارت أو اختيارات.. اختيارات بترسم مسار حياتنا أو ربّما تتسبب في هلاكنا، بس الشيء المؤكد إنك عشان تعرف تاخد القرار الصح لازم تكون هضمت كم كبير من الخبرات.. خبرات الحياة
………………………..
أنا راكبة عربيتي وفي طريقي ليه دلوقتي، محتاجة أسمع منه الحكاية بنفسي، مش عايزة اسمعها منقولة عنه، لأن النقل دايمًا بيضيف للحكاية تفاصيل وأحداث خيالية من اللي بينقلها ، دايمًا بتتضاف شوية بهارات من الراوي عشان تبقى الحكاية مثيرة، وتخلي المتلقي يسمع باهتمام.. بس انا مش عايزة الأحداث المثيرة ، أنا عايزة أعرف الحقيقة.. والحقيقة مش هتيجي غير من المصدر، وهنا بس هضمن إن اللي هسمعه هيكون بدون إضافات أو حذف.. وبرغم إني عارفة تفاصيل كتير عن القصة ولكن أنا حاسه إني لو سمعتها منه هتكون في أسرار وخبايا انا ماعرفهاش، تفاصيل دقيقة مايعرفهاش غيره.. بس الأهم من كل ده، إنه هو يكون عنده الرغبة في سرد كل الحكاية بدون ما يداري حاجة ..وده اللي انا مش متأكدة منه.. هل هو ممكن يداري فعلًا الحقيقة؟، بس هو لو عايز يداري أو مايقولش الحقيقة، ماكانش هيوافق إنه يقابلني من الأساس، وانا برضه ماعتقدش إن حد في وضعه ومكانته هيضيع وقته عشان يتلاعب بيا
ياااه.. اليوم ده انا كنت برتب له من سنين، ولو حصل وعرفت الحقيقة الكاملة اللي الكل مايعرفهاش، هكون أنا أول واحدة تعمل السبق ده، هكون اول واحدة تعمل مقابلة صَحفية مع “الدباغ” .. أقوى وسيط روحاني في مصر.
حرك صوابعه، ومعاها اتحرر التراب اللي كان قابض بإيده عليه، فتح عينه ولكن ماحصلش أي تغير.. ماكنش شايف قدامه غير ضلمة، سواد.. حرك إيده على أمل إنها تحرك معاها الضلمة اللي حواليه ، ولكنه ماشفش حتى حركة إيده، حاول يحرك رجله عشان يقوم، ولكن أول ما بدأ يحركها، صرخ.. وماردش عليه غير صدى صوت صرخته، بدأ يزحف على الأرض وهو ضاغط بإيده على رجله.. كان بيئن من ألم الطعنة اللي فيها، ده غير ألم الضربة اللي على راسه ، كان بيتحرك ببطء فضل يزحف ويزحف وهو بيستعيد آخر مشهد حصل هنا.. حاول يستعين بذاكرته عشان يتحرك في الإتجاه اللي هيوصله للسلالم واللي من خلالها هيوصل لباب القبر.. عينه بدأت تتعود على المكان وبقت الرؤية أوضح، وبعد معاناة.. وصل فعلاً للسلالم ، وبدأ يسند بإيده ويرفع جسمه ويطلع درجة ورا درجة، لحد ما وصل أخيرًا لآخر درجة من السلم.. كانت أنفاسه متسارعة، بينهج، طاقته خلاص بقت معدومة.. ضرب بإيده على الباب ضربة ماكنتش قوية في الأول، ولكنه لمح حاجة في وسط الضلمة شيء هو عارفهُ كويس، شيء خلا ضربته بقت أقوى وأسرع ، وصرخ …
-خرجوني من هنا ، خرجوني من هنا بسرعة.
………………………..
حياة كل واحد مننا عبارة عن مجموعة قرارت أو اختيارات.. اختيارات بترسم مسار حياتنا أو ربّما تتسبب في هلاكنا، بس الشيء المؤكد إنك عشان تعرف تاخد القرار الصح لازم تكون هضمت كم كبير من الخبرات.. خبرات الحياة
……………………….
أنا راكبة عربيتي وفي طريقي ليه دلوقتي، محتاجة اسمع منه الحكاية بنفسي، مش عايزة اسمعها منقولة عنه، لأن النقل دايمًا بيضيف للحكاية تفاصيل وأحداث خيالية من اللي بينقلها، دايمًا بتتضاف شوية بهارات من الراوي عشان تبقى الحكاية مثيرة، وتخلي المتلقي يسمع باهتمام.. بس انا مش عايزة الأحداث المثيرة، أنا عايزة أعرف الحقيقة.. والحقيقة مش هتيجي غير من المصدر، وهنا بس هضمن إن اللي هسمعه هيكون بدون إضافات أو حذف.. وبرغم إني عارفة تفاصيل كتير عن القصة ولكن أنا حاسه إني لو سمعتها منه هتكون في أسرار وخبايا انا ماعرفهاش، تفاصيل دقيقة مايعرفهاش غيره.. بس الأهم من كل ده، إنه يكون عنده الرغبة في سرد كل الحكاية بدون ما يداري حاجة ..وده اللي انا مش متأكدة منه.. هل هو ممكن يداري فعلًا الحقيقة؟، بس هو لو عايز يداري أو مايقولش الحقيقة، ماكانش هيوافق إنه يقابلني من الأساس، وانا برضه ماعتقدش إن حد في وضعه ومكانته هيضيع وقته عشان يتلاعب بيا
ياااه.. اليوم ده انا كنت برتب له من سنين، ولو حصل وعرفت الحقيقة الكاملة اللي الكل مايعرفهاش، هكون أنا أول واحدة تعمل السبق ده، هكون اول واحدة تعمل مقابلة صَحفية مع الدباغ .. أقوى وسيط روحاني في مصر، بس أنا عارفة إنه مش مجرد وسيّط روحاني عادي، هو أكبر وأقوى من كده بكتير، والحكايات اللي سمعتها عنه بتأكد لي ده، وكمان الرسالة اللي بعتهالي بموافقته على مقابلتي، بتقول إنه شخص مُريب، وممكن يكون عايز يخوّفني عشان ألغي فكرة مقابلته، بس اللي عايز يعرف اللى مايعرفهوش الناس لازم يواجه مخاوفه بدون تردد.. حقيقي رسالته كانت غريبة وغامضة ومضمونها مخيف، فتحت الرسالة وقرأتها للمرة الخمسين ، وكان محتواها كالآتي …
“أنا منتظرك في بيتي الساعة ٨ مساءًا .. قبل ما تدخلي البيت اقلعي جزمتك وسيبيها برة.. وأول ما تحطي أول خطوة جوة البيت هتلاقي جزمتين البسيها إنتي واللي معاكي، عايزك مهما تشوفي أو تسمعي كملي، وتأكدي ان اللي هيظهرلك من اليمين ماينفعش تبعدي عنه وتهربي ناحية الشمال، خليكي في طريقك بثبات.. أنا في إنتظارك.”
وكان مكتوب في نهاية الرسالة العنوان .. فيلا في منطقة المريوطية، الرسالة دي جاتلي من الدباغ شخصيًا، مضمون الرسالة حقيقي خوفني، وفكرة إني اقلع جزمتي قبل ما أدخل البيت وهلاقي جزمتين ألبسها أنا واللي معايا دي بجد رعبتني.. هو عرف منين إني كلمت حازم زميلي عشان يجي معايا؟!!، بس هو للأسف في آخر لحظة بعتلي رسالة إنه مش هيقدر يجي، لأنه مش مطمن أو خايف بمعنى أدق.. وفي سؤال تاني إيه اللي هيظهرلي من اليمين فمينفعش اهرب منه واروح ناحية الشمال؟ أكيد هو بيحاول يختبر ثباتي الإنفعالي، وبيشوف هل هخاف واتراجع وألغي المقابلة ولا هروح لحد عنده بدون خوف، وفي الحالة دي هاكون نجحت في الإختبار، وأكون جديرة من وجهة نظره بمقابلته، ده تحليلي للرسالة.. وأتمنى إنه يطلع صح وبسيط زي ما أنا حللته، ومايكونش أعقد من كده.
اتنهدت… حقيقي انا مش مصدقة إني بعد دقايق، هكون قدام الراجل اللي البلد كلها بتتكلم عنه وعن قوة اتصاله بالعالم الخفي واتعملت عنه مقالات صحفية كتير، ولكن ماحدش قدر يتكلم معاه وجهًا لوجه لأنه كان بيرفض، وكمان أسمه الغريب طلعت عليه ألف حدوتة وحكاية، وماحدش يعرف إيه سبب اللقب ده، وإيه هو اسمه الحقيقي، الراجل ده حياته كلها متغلفة بغلاف الغموض، وأنا هحاول انزع الغلاف ده.
وصلت فعلًا لمنطقة المريوطية، والناس اللي تعرف المنطقة دي، هتبقى عارفة إنها منطقة مايلة جدًا للهدوء، وفيها مجموعة ڤيلل من الطراز القديم.. أنا حاليًا قدام ڤيلا الفنان حسن حسني الله يرحمه، وعلى طول الطريق ڤيلل كتير لفنانين ومشاهير.. بصيت في الرسالة على رقم الڤيلا، كان رقمها ٧٧ وبعد شوية مشيت بالعربية ووصلت فعلاً للفيلا رقم ٧٧.. على سور الفيلا يافطة صغيرة مكتوب عليها فيلا “الدباغ”، وجنب اليافطة لوحة إنتركوم.. ركنت العربية ونزلت بصيت على شكل الڤيلا اللي تصميمها الخارجي قديم اوي وشكلها في وسط الليل كئيب لدرجة كبيرة.. خدت خطوات بإتجاه بوابة الڤيلا ووقفت قصاد الإنتركوم ، ضغطت على واحد من الأزرار اللي مكتوب عليه الحارس،
جرس ولكن ماحدش بيرد، وبعد عدد من المحاولات الفاشلة قررت إني أضغط على الزرار اللي فوقيه .. جرس وهنا جه الرد من شخص صوته بعيد وضعيف ،صوت مُنهك وكأنه بيحتضر، الصوت قال …
-جاية في معادك مظبوط .. البوابة هتفتح حالًا.
اتقفل الخط بعد ما قال الكلمتين دول على طول ..استغربت إنه عرف إن أنا اللي على البوابة من قبل ما أنطق كلمة واحدة أو حتى أعرفه على نفسي، وهنا بدأت تفتح البوابة ببطء واللي كانت بتفتح لـ برة مش لـ جوة.. خدت كام خطوة لورا عشان البوابة ماتخبطش فيا، كنت هدخل بس لما شوفت جزمة قدام البوابة افتكرت الرسالة، قلعت جزمتي ولبستها، وبعدها ركزت شوية ، وقولت إيه ده!! دي جزمة واحدة مش جزمتين زي ما كان مكتوب في الرسالة ، معناه إيه ده!!.. هو بيتلاعب بأعصابي، وبيوصلي رسالة غير مباشرة إنه عارف كل التفاصيل.. عارف إن حازم مش جاي فلغى الجزمة الثانية.. مسافة ما دخلت بخطواتي ناحية الڤيلا كانت البوابة بتتقفل ورايا وكأنها بتحضني بأجنحتها وبتحتجزني جواها
بدأت أتوتر فعلًا، وبقيت حاسة إن اللي بعمله ده فيه تهور كبير، وحازم كان عنده حق لما خاف يجي يقابل الراجل ده.. بس خلاص وقت التراجع انتهى، أنا جوة الڤيلا فعلًا.. قدامي جنينة كبيرة وشجر فاكهة أوراقه دبلانة وحمام سباحة مهمل.. المكان تحس إنه منزوع منه الحياة وقادر يصيبك بأقوى قبضة في قلبك، خدت عميق وخرجته ببطء واتحركت ناحية الباب الداخلي للڤيلا.. الديكورات عفا عليها الزمن، شايفه تماثيل لأطفال شايلين مشاعل على جوانب السلم اللي بيوصل للباب، طلعت السلم ووقفت قصاد الباب وقبل ما أمد إيدي عشان أرن الجرس، الباب اتفتح لوحده .. بتردد خدت كام خطوة و دخلت الڤيلا.. أنا دلوقتي قدامي ريسبشن واسع فاضي من أي عفش، بس برغم الوسع والفضا ده كنت حاسة ان في زحمة حواليا ..بتنفس بالعافية .. وكأني محبوسة جوة أسانسير، التوتر بيزيد أكتر.. رنة موبايلي فزعتني في وسط القلق اللي كان مسيطر عليا.. كان اللي بيتصل رقم مميز كله أصفار.. فتحت المكالمة وجه من الموبايل نفس الصوت المُنهك الضعيف وقال …
– في سلم على يمين الريسبشن أطلعيه، هتلاقي طرقة أول أوضة هتقبليها على شمالك افتحي بابها وادخلي، أنا منتظرك.
انتهت المكالمة قبل ما أنطق كلمة كالعادة.. بلعت ريقي وبدأت استجمع أعصابي واتحركت في وسط الزحمة المخفية عن نظري، حاسة إن في حد بيراقبني، حد شايفني بس انا مش شايفاه .. مشيت بإتجاه يمين الريسبشن لقيت أوضة صغيرة وعلى أقصى يمين الأوضة دي سلم، على الطرابزين بتاع السلم تمثالين لطفلين كل واحد منهم، ضامم صوابع إيده ورافع صباع واحد بس وحاطه على بوقه، بمعنى سكوت
الأوضة فاضية تمامًا بس كان فيه تلت لوحات متعلقين على الحيطان على شكل مثلث.. واحدة منهم في وشي والتانية على يميني والتالتة على شمالي، اللوحات كلهم مرسومين بالفحم لشخص واحد غامض، شخص ملامحه تايهه أو باهته بس كان أكتر شئ واضح من ملامحه هي عينه ..العيون بارزة بشكل يخليك تحس إنهم بيبصوا لبعض أو بيراقبوا بعض.. وضعيتهم بالشكل ده غريبة ومش مُريحة، بصيت عليهم بتركيز حسيت إني اتسحبت ومابقتش قادرة أبعد نظري عنهم، وبدأت اسمع همسات.. همسات بكلام مش مفهوم من ألف لسان بيتكلم في نفس الوقت ، وفي اللحظة دي بدأت اللوحات تعمل شئ غريب جدًا، اللوحات بدأت تلف بشكل دائري وعيني لا إراديًا بقت بتلف معاهم وكأني دخلت دوامة، دوامة مش عارفة أخرج منها ولا أبعد نظري عنهم، وفجأة إتجاه نظر الشخص أو الأشخاص اللي كانوا في اللوحات اتغير واتحركت النقطة السودة اللي جوة بياض عيونهم وبصوا ناحيتي، وكأنهم خدوا بالهم من وجودي، ومع الدوران اللي بقى سريع جدًا وصوت الهمسات اللي بقت أعلى ، دوخة جامدة ضربت راسي ..وبدون مقدمات خرج من اللوحة الشخص المرسوم بملامحه المطموسة دي .. وبدأ يتجمع مع الأشخاص اللي شبهه وكونوا شخص واحد مخيف وبدأ ياخد خطوات ناحيتي، اترعبت وكنت هجري، بس افتكرت الرسالة بإن أي شيء هيظهرلي مينفعش أهرب منه ..حطيت إيدي على وشي وغمضت عيني ولفيت جسمي بسرعة وانا بتنفض، وقفت بثبات ..كنت منتظرة نهايتي …فضلت ثابتة على وضعيتي دي شوية، بس ..بس محصلش حاجة بدأت أفتح عيني بالراحة واستجمعت نفسي بصعوبة ولفيت وشي ، ملاقيتش حد ، صوت الهمسات وقف وكل شيء اختفى حتى اللوحات مابقتش موجودة بدأت ألقط أنفاسي بصعوبة وترددت في إني أكمل، ضربني التوتر والخوف مابقتش قادرة أسيطر عليهم
حاولت أهدى وأقنع نفسي ان كان بيتهيألي وان عقلي الباطن هو اللي صورلي كل ده، وبدأت أشجع نفسي وقولت ..
-انا قربت خلاص، لازم أكمل طريقي عشان أوصل لهدفي، وأكيد مفيش حلاوة من غير نار.. خدت نفس عميق واتجهت للسلم وبقيت على أول درجة منه تماثيل الأطفال اللي على طرابزين السلم ووضعية ثباتهم وكل واحد منهم حاطط صباعه على بوقه، حسستني إنهم بيقولولي في هنا سر مينفعش يخرج برة، كل شئ في المكان ده كان بيتنافس على زيادة معدل ضربات قلبي.. طلعت السلم، خطوات رجلي كانت بتخبط السلم بهدوء ولكن صداها كان بيهز قلبي بعنف.. كنت وصلت لأقصى درجات التوتر والخوف ..وبعد عدد من الخطوات المهزوزة على السلم، أخيرًا انتهى السلم وبقيت قدام طرقة طويلة كلها أبواب، كل باب منهم بيخفي وراه غموض ماكُنتش عايزة اكتشفه أو أعرفه، بصيت في ساعة الموبايل واستغربت .. معقول مر تلت دقايق بس من وقت دخولي للڤيلا .. الوقت بيزحف مش بيمشي، اتحركت لأول باب على شمال الطرقة ومسكت أكرة الباب وبدأت أحركها في إتجاه الفتح .. صوت تزيق الأكرة كان بيعصر عضمي من الخوف.. فتحت الباب نص فتحة وفضلت مُحتمية ورا الجزء الموارب منه، وكأني منتظرة أطمن الأول قبل ما أدخل
وهنا جه الصوت المُنهك من جوة الأوضة وكان بيقول…
-أدخلي يا أستاذة ريهام متخافيش.
حاولت اتماسك وفتحت الجزء الموارب من الباب ببطء،
الأوضة نورها ضعيف جاي من أباجورة واحدة بلون أصفر كئيب، قصادي شخص نايم على سرير جسمه متهالك هربت منه الصحة، وجنبه أنبوبة أوكسجين موصوله بقناع تنفس محطوط على وشه، وفي ركن الأوضة اللي جنب الباب تسريحة بمراية صغيرة، نور الأباجورة خافت جدًا وكأنه بيحتضر زي الشخص اللي قدامي، ولكنه منور الأوضة وبيحاول الصمود عشان ميخذلنيش ويحطني في موقف مُخيف عُمري ما كنت أتمناه .. رفع الشخص اللي قدامي قناع التنفس من على وشه وقال..
-اتفضلي يا بنتي.
كلمة يا بنتي ليها صدى معين على ودني بتطمني جدًا الكلمة دي، بس هل المفروض إني أطمن بيها في الوقت ده، ومع الشخص ده بالذات.. اتحركت بخطوات بطيئة ناحيته، وأنا معايا كلام كتير وأسئلة أكتر كنت محضراها، ولكن كلها اختفت من دماغي فجأة، ومابقتش فاكرة منها ولا كلمة،
قطع تفكيري المشوش كلامه اللي قاله بصوته المنهك…
-أولًا أهلا بيكي في بيتي .. بيت الدباغ، ثانيًا عجبني إصرارك على تحقيق هدفك وبرغم رسالتي ليكي اللي كانت كفيلة إنها تخليكي تتراجعي وتخافي ، بس إنتي ماخوفتيش وكملتي، ووصولك للأوضة دي وقعدتك قدامي، بتدل إنك فعلا بتملكي كم كبير من الجرأة والشجاعة والشخصية المختلفة.. والنوعية دي من الناس بتعجبني لأني بحس إنهم شبهي.
سعال وكحة ناشفة خرجت منه بعد كلامه ده .. ماكُنتش عايزة ابين خوفي ..تماسكت ورديت بثقة وقولت …
-أهلا بحضرتك وآسفة لو كنت جيت و ظروفك الصحية مش أحسن حاجة.
-لا لا ده أفضل توقيت لوجودك ..لو كنتي اتأخرتي شوية كمان يا عالم كنتي ممكن تيجي تلاقيني مع الأموات،
ودلوقتي قوليلي إنتي جاية عايزة تعرفي إيه ؟
-أنا زي ما قولت لحضرتك انا صحفية وجاية أعمل معاك لقاء صحفي ومحتاجة أعرف تفاصيل أكترعن لعنة ترب اليـ.ـهود.
بصلي بنظرة جامدة مفهتماش وقتها وقالي..
-إنتي عايزة تعرفي إيه بالظبط؟.. الحكاية دي عدى عليها أكتر من ٢٠ سنة.
نظرته وتررتني بس حاولت أتماسك وقولتله..
-أنا عايزة أعرف القصة الحقيقية مش القصة المنتشرة بين الناس، لأني سمعت تصريحات منقولة عنك بتقول إنك عارف الشخصيات اللي شاركت في اللعنة دي، فأكيد هتكون عندك معلومات وتفاصيل ماحدش يعرفها غيرك.
رد عليا بسرعة مش معتادة وقال…
-قبل أي كلام في أي حاجة.. أنا عارف ان إنتي على علم بإني مش مجرد وسيط روحاني عادي، أنا بقى بأكدلك على معرفتك دي، وإلا ماكُنتش اكتسبت القوة والشهرة والنفوذ دي كلها.. وعايز أقولك ان السحر هو سبب اللعنة وعايز افهمك حاجة تانية وهي ان الساحر بيمر بمراحل صعبة عشان يوصل لهدفه ومراده..فمش بمجرد إنه يبيع روحه لإبليس وإنه عرف نطق التعاويذ وحفظ الطلاسم كده بقى ساحر..لا لا الموضوع مش بالبساطة دي، الموضوع فيه تتدرج وكأن الساحر في مؤسسة شيطانية بيملكها إبليس نفسه مؤسسة موقعها في الدرك الأسفل من النار..والساحر بيفضل يقدم تضحيات كبيرة عشان يكتسب قوة أو قدرة جديدة ويترقى ورتبته تعلي درجة… والرتبة دي عشان يكتسبها بيكون مقابلها معاناة وتقديم تنازلات مش ممكن بشر يتخيلها.
كلامه المترتب ده خلاني بقيت حاسة إنه مش هيخبي حاجة وهعرف منه الحكاية بكل تفاصيلها، كنت سايباه يتكلم من غير ما أوقفه بـ سؤال أو إستفسار .. بس لقيته مرة واحدة سِكت، وبص للسقف وثِبت على الوضعية دي شوية.. عدى أكتر من دقيقة وهو ثابت كده ! سألت نفسي ، هو مات ولا ايه ؟، لا لا أحكي الحكاية وبعدها موت براحتك، ميلت بجسمي ناحيته وقولتله …
-يا فندم إنت معايا ؟؟
حرك رقبته بإتجاهي وهنا أطمنت أنه لسه مامتش ورجع لنفس الوضعية وبص للسقف بعمق أكبر وكأنه بيستجمع أفكاره، وكمل كلامه وقالي…
-أنا مش هحكيلك القصة لأني ماعتقدش ان وضعي الصحي يسمح بإني أحكي الحكاية الطويلة دي كلها، أنا ممكن نَفسي يتقطع وأنا بحكي.. أنا هخليكي تشوفي القصة بنفسك هخليكي تشوفي كل حاجة بعينكي ، كل اللي عايزهُ منك تغمضي عينيك.
ماردتش عليه لأني ماكنتش موافقة على كلامه ، أنا مش هغمض عيني، أنا محتاجة أكون واعية لكل شئ بيحصل حواليا، ده أهم سلاح عندي ومش هسمح إني أفقده، ولكن في وسط حالة الرفض اللي كنت فيها ..حسيت بشيء بيضغط على جفون عيني عشان أقفلها غصب عني، كنت بقاوم الإحساس ده وفضلت أقاومه، ولكنه كان أقوى مني، غمضت عيني وأنا مسلوبة الإرادة.. وهنا حسيت بإيد بتلمس إيدي وسمعت صوت همسات أوهمهمات ضعيفة .. وبعدها رُحت لعالم تاني خااااالص.
يتبع