لما الشيخ عياش عينه وقعت على رسمة الدبان الأزرق قال..
-الدبانة الزرقة اللي شوفناها فوق ماكَنتش روح الميت، دي كانت الراصد الحارس للكنز وهو اللي معترض على وجودنا.
ألبيرتير اتحرك ووقف قدام حيطة من الحيطان .. كان بيحاول يقرأ المكتوب عليها، الشيخ عياش حذره وقاله…
– ابعد واوعى تلمس الحيطة.. الحيطان كلها افخاخ من الرصد وممكن تسحبك جواها ..حاول تقرأ المكتوب وانت بعيد
ألبيرتير لف وشه ناحيته وهز راسه ليه انه فاهم ..وبعدها رجع بص للحيطة تاني وشكل ربنا انعم عليه وقدر يقرأ حاجة ..لانه بصلنا بعدها وقال …
-دي رسالة تحذيرية بعدم الإقتراب من الباب
” فكل من اقترب احترق”
الشيخ عياش هز راسه…
اتحركنا بسرعة لبرة القبر واحد ورا التاني ، وبعد ما بقينا برة ، الشيخ عياش مسك الكتاب اللي في الشنطة وقرب الكلوب ناحيته وقعد يقول حاجات بصوت واطي، كلام أشبه بالتعويذة وبعدها فتح الكتاب وكأنه بيستأذن قبل ما يفتحه، لما شاف الدم على صفحات الكتاب إتصدم وقال…
– دم مين ده؟
رديت عليه بإرتباك …
– دي.. دي حنان مراتي فتحت الكتاب وهي ايديها مجروحة.
قالي وهو منفعل …
-هي الحاجات دي ينفع نتعامل معاها بالجهل والاستهتار ده، دي ممكن تتأذي.
كنت لسه هتكلم قاطعني…
– مفيش وقت للكلام، أنا هعملها حماية عشان مفيش حاجة تأذيها.
حركت راسي بالموافقة.. الشيخ عياش خرج من جيب جلابيته خشبة صغيرة ورسم على الأرض نجمة داوود، وخرج من جيبه الولاعة وقال لألبيرتير…
-هات الشموع.
ألبيرتير إدالهُ الشموع من جيب بدلته.. كانت شموع سودة غريبة وعددهم ستة، بدأ يوزع الشموع على النجمة وولعهم بالولاعة ، وهنا راح مخرج من جيبه الحيّة اللي كان ضربها قبل كده ورماها على الأرض بس الغريب إنها كانت صاحية مش ميتة وبدأت تتحرك حوالين النجمة ببطء وبيخرج منها صوت فحيح غريب.. كنت واقف مذهول إزاي هي لسه عايشة، واستنتجت إنه لما ضربها كان قاصد إنه مايموتهاش، بس إزاي هي مأذتهوش؟، وإزاي ماحاولتش تخرج من جيبه وتهرب؟، الشيخ عياش قطع سرحاني وقال…
-إحنا لازم نستحضر خادم من خدام الملك ميمون الطيار، وهو الخادم ديسفار وهو اللي هيقدر يساعدنا.
غرابة الاسم خلتني قولتله باستخفاف …
-والملك مسمار ده هيساعدنا إزاي؟
الشيخ عياش انفعل جدًا…
-اسمه ديسفار وده خادم من خدام الجن، ولو حد منهم سمع إستخفافك بيه، ممكن يدفنك مكانك.. ولعلمك هما موجودين في كل مكان.
قولتله وأنا مبتسم…
– ياعم الشيخ مابيخدش الروح غير اللي خالقها.
قرب مني وحط ايده على كتفي …
– بس دول غضبهم من جهنم نفسها.. هيخلوك تتمنى الموت وماتعرفش توصله، فبلاش تستهزء بيهم، بلاش يا سليم..
المهم احنا مش عايزين نضيع وقت، أنا هحضرالخادم
عشان يسمح لنا بحضور ملك عشيرتهم واللي هيقدر يتفاوض مع الرصد الحارس للكنز ويعرفنا طلباته.. بس عندي تحذير ليكم، أي أمر هتاخدوه تنفذوه.. مفهوم.
قالها وبصلي أنا وألبيرتير، حركنا راسنا بالموافقة، وبدأ الشيخ عياش يتكلم بصوت جهوري وهو بيفخم الحروف…
-بحق الحرف الأعظم والاسم العظيم، بحق الدماء التي سالت والتي ستسيل، بحق العهد والوعد، بحق دام عين مار وبحق أختام النار، أدعوك يا ديسفار، أدعوك يا ديسفار.
وبعدها فضل يتمتم بكلام مش مفهوم في سره ويحرك حبات سبحته بسرعة، الحيّة اتحركت ودخلت لجوة النجمة السداسية
،وبقت بتلف حوالين نفسها في نص النجمة بالظبط وقافلة على نفسها دايرة، وبعد لحظات لقيت الست شموع السودة اللي على أطراف النجمة السداسية إتحركوا بسرعة وفي لمح البصر اتجمعوا جنب بعض جوة الدايرة اللي عملاها الحية ..بس اللي كان غريب جدًا بالنسبة لي وخلى جسمي قشعر، ان الشموع اخترقوا جسم الحيّة ودخلوا جوة الدايرة اللي هي عملاها بجسمها وكأنها مش موجودة.. الشموع اتجمعوا وبقوا شمعة واحدة خارج منها ضوء واحد ، والحيّة قافلة عليهم وبتلف حوالين نفسها، وهنا حسيت تاني برجفة في جسمي بس ده كانت نتيجة هوا سخن لمس جسمي وحرك معاه نار الشموع، فضلت واقف مترقب ايه اللي هيحصل، وفجاة نطق صوت من العدم…
-إستحضرتمونا ..فحضرنا فوجب عليك تقديم فروض الولاء والطاعة والخضوع والخشوع.. اسجدوا.
كنت واقف مذهول لما سمعت الصوت ده .. الصوت ماكانش صوت زي اصواتنا العادية .. ده كان زي الترددات.. ترددات جاية من تحت الأرض أو تحديداً من تحت الست شمعات بالظبط .. صوت خشن، حاد، بس تحس إنه مش لشخص واحد ده لمجموعة من الأشخاص
بصيت على يميني لقيت عياش ساجد على الأرض وجسمه بيترعش .. بصيت على شمالي لقيت ألبيرتير واخد نفس الوضعية وبيتنفض، وقتها حسيت بصهد قرب من وشي وخرج من وسط الصهد ده نفس الصوت الخشن بس الصوت المرة دي كان قريب جدًا من ودني وقال بغضب…
-اااسجد.
صوته عالي أوي ومع قربه من ودني كنت حاسس إنه هيخرمها، حطيت إيدي على ودني وأنا بتألم لأن صوته من قوته كان هيفجر راسي ..صوت صفير عالي جدًا بقى ماسك في ودني، زي صوت محركات الطيارة اول ما تتحرك، بعد لحظات بدأ الصفير ده يهدى شوية بشوية وحاولت استجمع قوتي، وقولت وأنا ظاهر عليا بعض الثبات…
– أنا مابسجدش غير للي خلقني.
قولتها وأنا خايف ومرعوب، بس معرفش إيه مصدر القوة اللي ضربت في قلبي وخليتني أقولها وكأني بتحداه، حسيت إنه غضب ووشه أحمر ، حسيت بسخونة أكتر وكأن في فرن اتفتح في وشي وسمعت صوته تاني بيقول…
-أتعصي لي أمراً ؟
صوته عالي أووي …هيموتني ، تمالكت نفسي بالعافية وماديتش أي ردة فعل تقول إني هنفذ كلامه وفضلت واقف مكاني ورفضت السجود، نطق بصوته البشع وهو بيبعد عني بالتدريج…
-عصيتم أمري ..فوجبت عليكم لعنتي.
نطق عياش وهو لسه دافن راسه في الأرض وقال…
-العفو والسماح .. العفو والسماح.
قالها وهو مرعوب وبيترعش من الخوف.. وهنا انطفت الشموع السودة فجأة واختفت السخونة اللي كانت لازقة في وشي.. بلعت ريقي وخرجت أنفاسي اللي كُنت كاتمها جوة صدري بصعوبة ، عياش قام وقف وصرخ في وشي…
-انت فتحت علينا أبواب جهنم.. انت خليت أرواحنا بقت ملعونة.
ألبيرتير رفع وشه اللي كان بينقط عرق…
-انت قضيت علينا يا غبي.
قولت بصعوبة وأنا مش قادر أتكلم …
-بُص يا عم أنت وهو.. أنا مش طايق كلمة من حد، وراسي هتنفجر من الصداع ..بس والله لو اتعاد اللي حصل ده تاني قدامي ، مش هسجد حتى لو على رقبتي.
-لا متقلقش رقبتك خلاص اعتبرها طارت ..ومش رقبتك لوحدك دي رقابنا كلنا.
قالها عياش بقلة حيلة ، البيرتير بصله وسأله وكان ناقص يعيط…
-والعمل؟.. هنعمل إيه دلوقتي يا شيخ عياش؟
اتحركنا على الشقة واللي كانت قريبة فعلًا وصلنا للباب.. فتحه عياش ودخلنا ، الشقة عبارة عن صالة صغيرة شوية وخارج منها طرقة طويلة.. بابين لغرفتين على اليمين وبابين لغرفتين على الشمال وفي اخر الطرقة الحمام وبعده المطبخ ، عياش قال وهو بيشاور بصباعه على أوضة من الاوض …
– دي اوضتك يا ألبيرتير .. ودي اوضتك يا سليم.
كانوا الاوضتين اللي جنب بعض من ناحية اليمين ..وشاور على الناحية التانية من الطرقة وقال ودي أوضتي أنا.
رديت عليه…
– أنا عايز أقعد في الأوضة اللي جنب أوضتك، مش عايز ابقى جنب الشخص ده.
عياش اضايق جدًا وجزعلى سنانه وقالي…
-اسمع الكلام ..دي أوضتك ومفيش مجال للنقاش ، وخليني أشوف المصيبة اللي أنت ورطنا فيها ديه ، اه.. وفي تنبيه بسيط ماحدش منكم مسموح له يدخل الأوضة بتاعتي لأي سبب من الأسباب ، الموضوع مُنتهي.
حركنا راسنا بالموافقة، دخلت أوضتي واللي كانت بسيطة ومتواضعة ..سرير جنبه كومودينو عليه أباجورة ودولاب صغير وشباك مفتوح على الشارع .. قعدت على السرير وولعت سيجارة وفضلت أفكر في الورطة اللي ورطت نفسي فيها.. الموضوع كبير وداخل فيه سحر ولعنة وبلاوي سودة،
شكلي رجلي غرست في حوار مش على مقاسي.. اتنهدت وقولت ربنا يستر في اللي جاي
خرجت الطبنجة اللي كنت حاططها في جنبي وحطيتها تحت المخدة.. قعدت على السرير وسندت راسي على ضهر السرير الخشب، وفضلت على الوضع ده حوالي ساعة من غير ما أعمل أي حاجة، بس كان بيدور سؤال في دماغي، ليه الشيخ عياش بان على وشه الغضب واعترض بشكل مبالغ فيه لما قولت إني عايز اقعد في الأوضة اللي جنبه؟!
جوايا احساس بيقول ان الأوضة دي وراها سر.. كان عندي فضول وكنت عايز أعرف إيه الموجود في الأوضة ديه، الفضول حركني وقومت من على السرير وبهدوء خرجت من أوضتي ورُحت على الأوضة الرابعة، لما بقيت قدامها مسكت اُكرة الباب ولفيتها في إتجاه الفتح ولكن الباب مافتحش، حاولت كذا مرة ولكن بدون فايدة ، كنت متوتر جدًا ، وخايف عياش يشوفني، وبعد شوية محاولات فقدت الأمل في ان افتح الباب وكنت هتحرك وأبعد عن الأوضة ولكن قبل ما أتحرك سمعت صوت حركة جاي من جوة الأوضة، كان صوت خطوات، انتبهت وقربت ودني من الباب عشان اسمع كويس، ولكن مفيش صوت خرج من الأوضة تاني، فضلت واقف لدقايق قلقان وخايف حد يشوفني، ولكن حسيت بملل لأن ماكنش في جديد، اتحركت على الحمام عشان اغسل وشي لأني عرقت جامد من كتر التوتر.. فتحت باب الحمام وقفلته ورايا ، وشي بقى بيعرق بشكل غريب.. غسلت وشي ولكن العرق كان بيرجع تاني في لحظة، وبقى بينقط من وشي وينزل على هدومي، جسمي هو كمان بقى بيعرق جدًا وبقيت عامل زي الشمعة اللي بتتحرق.. قلعت هدومي لأني مابقتش طايقها، اتحركت للبانيو ومليته مايّة باردة.. دخلت جوة البانيو وغطست جسمي فيه، كنت بترعش زي اللي اتصاب بالحمى، بدأ جسمي درجة حرارته تقل شوية بشوية، لكن بعد لحظات حسيت ان المايّة بدأت تسخن لوحدها، مابقتش عارف هل جسمي هو اللي رفع درجة حرارة المايّة ولا ده سببه إيه بالظبط؟! قررت إني هقوم من البانيو لأني مابقتش قادر استحمل سخونة المايّة، ولكن لما حاولت أقوم ماعرفتش أو ماقدرتش وكأني لصقت في البانيو، فضلت أعافر عشان أقوم ولكن مفيش فايدة، وهنا بدأ يحصل شيء غريب، المايّة اللي في البانيو لونها بيغمق، وبيتحول للون الأسود بالتدريج، لحظات والمايّة كلها بقت سودة، كنت مذهول وخايف !، قلبي بيدق جامد، ومع ضرباته الجامدة في صدري حسيت بضربات او خبطات جاية من تحت البانيو ..البانيو بيتهز.. وكأن في حاجة بتحاول تخترق جدار البانيو من تحت الأرض ..الضربات استمرت شوية وبعد كده وقف صوت الضربات.. بس مع وقوف الصوت .. المايّة بدأت تتحرك وكأن الشئ اللي كان بيحاول يخترق البانيو نجح في محاولاته ودلوقتي هو بقى تحت المايّة، كنت هموت من الرعب وأنا بستنتج اللي حصل، حاولت بإستماتة أقوم من البانيو الملعون ده، ولكنه مكلبش في جسمي.. وفجأة وبدون مقدمات خرجت من تحت المايّة أيادي سودة، صرخت أول ما شوفتهم ومسكت في البانيو بإيدي وحاولت أخرج جسمي برة ، ولكن هما مسكوا جسمي، كان قلبي هيقف من ملمس إيديهم عليا وبدأوا يشدوني لتحت البانيو أو لتحت الأرض كنت بصرخ وأنا بحاول أقاوم وماسك في جوانب البانيو بكل قوتي ولكن هما كانوا أقوى مني..قوتي بدأت تضعف شوية بشوية وبدأ جسمي يستسلم ليهم وينزل لتحت .. لحد مابقاش فاضل غير وشي وإيدي اللي ماسكة البانيو وهنا صرخت آخر صرخة وإيدي سابت البانيو وكل شيء قدام عيني بقى لونه أسود.
………………………..
-قوم يا سليم، فوق يا سليم .
سمعت الكلام ده من بين الضباب اللي كان مغلف الرؤية قدامي.. بدأ الضباب يختفي بالتدريج وحسيت بإيد بتخبط وشي عشان افوق كانت إيد عياش ..سألت بتوهان ..
– أنا فين؟
-انت في الحمام وجسمك عريان ملط.
قالها لي البيرتير وهو حاطط ايده في جيوبه ..بصيت على جسمي لقيته عريان فعلاً، والبانيو مليان على آخره و المايّة شغالة عليه وبتخرج منه وبتنزل على الارض، عياش جاب هدومي ومسك البنطلون وقال…
– امسك رجله معايا يا ألبيرتير خلينا نستره.
– لا لا أنا تمام.. أنا هلبس لوحدي.
مسكت البنطلون وحاولت ألبس ولكن أعصابي كانت سايبة وماقدرتش، هما ساعدوني ولبست هدومي ودخلوني على السرير، عياش قال وهو باين عليه القلق…
قولتله وانا بحاول اجمع شُتات نفسي…
-أنا شوفت كابوس مُرعب، لا لا مش كابوس ده حصل فعلًا انا مش قادر أحدد هل اللي حصل ده كان حقيقي ولا وحلم.
حكيت كل اللي حصل، عياش قال بصدمة…
-اللعنة ابتدت.. هما في البداية هيعذبوا روحك لحد ما تبقى مُنهكة وتبقى مش قادرة تقاوم وتستسلم ليهم ..وهايخدونا بالدور.
ألبيرتير بصلي بغل وقال بعصبية…
-غبي، وهيكون السبب في كتابة شهادات وفاتنا كلنا.
بصِيت لوشه السمج بضيق…
-أنا عايزك تطلع برة.
مشي وهو بيشوح بأيده…
-هخرج.. أنا مش طايق أبُص في وشك أصلًا.
-غور في داهية.
خرج برة الأوضة، وفضل عياش معايا، واللي كان واقف شارد وكأنه بيفكر في حاجة خليته مش مركز مع اللي حصل بيني وبين ألبيرتير.. فاق من سرحانه فجأة وقرب مني وسألني…
-ألا صحيح يا سليم .. هما لما كانوا بيحاولوا يسحبوك لتحت، انت استسلمت ليهم؟
– استسلمت وماقدرتش أقاوم كانوا أقوى مني.
عياش بلع ريقه وهز راسه من غير ما ينطق كلمة وبعدها اتحرك للباب عشان يخرج، قولتله وأنا مرعوب…
-معناه إيه إني ماقدرتش أقاوم ؟
عياش لف وشه ليا وقال بقلة حيلة…
-في كتير من الأوقات اللي بنشوفه في كوابيسنا بيكون لمحة من شئ هيتحقق على أرض الواقع ..الوقت بيجري ومابقاش في صالحنا وأنا لازم أشوف حل.
خرج عياش من الباب.. وبعدها سمعت باب اوضته بيتفتح وبيتقفل، واتقفلت معاه كل الأبواب في وشي، حسيت ان حد مكتف جسمي مش قادر أتمالك أعصابي ، كلامه خوفني جدًا وحسيت إنها النهاية لكل حاجة.. كم المشاهد والسيناريوهات المخيفة اللي كانت بتدور في راسي عن اللي ممكن يحصلي خلت دماغي كانت هتنفجر من التفكير.. ده غير الصداع اللي كان ملازمني من وقت حضور ديسفار، أنا بقيت عامل زي المحكوم عليهم بالإعدام بس ماعرفش معاد التنفيذ امتى وده احساس قادر يموتني بالبطئ، انتظار وقوع المصيبة ده أسوأ مليون مرة من وقوع المصيبة نفسها، عدت نص ساعة.. وبعدها سمعت صوت جاي من أوضة عياش، كنت سامع صوت خبط ورزع جوة الأوضة وكأنها بتتهد عليه، قومت من على سريري بسرعة، وقربت من باب اوضته، كُنت هافتح الباب بس افتكرت تحذيره بإن ماحدش يقرب من الأوضة بتاعته أو يفتحها، وهنا قررت إني أبص من مكان مفتاح الباب، وأول ما عيني قربت من الخرم، شوفت عياش ساجد على الأرض وفي بنت واقفة قدامه وبتتكلم معاه بس بصوت مش مسموع ليا.. البنت واقفة بثبات ، وحركة جسمها متخشبة، عمرها حوالي 15 سنة، وفجأة البنت دي لفيت وشها ناحية الباب اللي أنا ببص منه وركزت نظرها على خرم الباب .. عينها جت في عيني، عنيها كانت حمرا تماماً، اتفزعت من منظرها وبعدت عيني عن خرم الباب ورجعت بسرعة على اوضتي.. رميت جسمي على السرير وأنا بتنفض من الخوف ، البنت شكلها مخيف، كنت قاعد على السرير تفكيري مشلول، مش عارف أعمل إيه؟!!
وممرتش دقايق وسمعت صوت باب أوضة عياش بيتفتح ببطء.. وفي خطوات شخص بيقرب من أوضتي وبيفتح الباب، فِضلت مُترقب مين اللي هيدخلي وأنا مرعوب، وهنا شوفت جسم عياش بيظهر من ورا الباب، دخل عليا وهو حاطط صباعه على بوقه بمعنى ماتخرجش صوت وقفل الباب وراه بالراحة.. خرجت أنفاسي المحبوسة من صدري أخيرااا ..كان وشه مهموم وكأنه شايل حمل تقيل ..استغربت منظره وكُنت متوقع انه هيوبخني على اللي عملته، ولكن هو
قعد جنبي على السرير وقالي…
– دلوقتي احنا هنضحي بالكنز عشان ننجي نفسنا ونرفع عننا اللعنة.
رديت عليه بعدم فهم…
– إزاي يعني؟ وإيه علاقة الكنز برفع اللعنة !؟
– الكنز اللي بندور عليه أهميته عندهم أكتر من أهميته عندنا.
– أنا مش فاهم حاجة.
– انت فاكر إننا بندور على آثار يـ!!!هودية ودهب.. لا لا اليـ هود مش بيؤمنوا بالحياة بعد الموت زي الفراعنة وبيدفنوا كنوزهم معاهم، الشيء اللي بندورعليه أقوى من كده بكتير، وقدر يوصله ساحر يـ!!!هودي ويدفنه في السرداب ده من آلاف السنين وعمل عليه حماية قوية، احنا بندور على الزيبق الأحمر.
-الزيبق الأحمر!!
– ده أهم من أي آثار، ده كنز قيمته بملايين الملايين،
الزيبق الأحمر هو غذاء الجن وبيقال أنه بيمدهم بالصحة والشباب، والجماعات اليـ!!!هودية اللي تابع ليها ألبيرتير كانوا مُستعدين يدفعوا اللي هنطلبه عشان بس يوصلوا للزيبق الأحمر.
– وهما هيعملوا بيه ايه؟
– هما بيقولوا إنهم هيقدموه للجن عشان يدلهم على تابوت العهد اللي ضاع منهم من آلاف السنين واللي مُعتقدين حسب دينهم إنه لما يلاقوه هينتصروا في كل معاركهم اللي جاية وأهمهم معركة آخر الزمان اللي هتكون بين المسلمين
واليـ!!!هود.
– تابوت العهد .. اااه ..فهمت.
– ده هوس وحلم عمرهم إنهم يلاقوه وكانوا هيدفعوا اللي هنطلبه ..بس دلوقتى في مشكلة ، عشان تترفع اللعنة عننا لازم نقدم الزيبق الأحمر للملك ميمون، وهو اللي عنده السلطة على خدامه واللي منهم ديسفار، وهنا تترفع عننا اللعـ نة، بس ده هيتسبب في كارثة لأن الجماعات اليـ!!!هودية مش هيسموا علينا وهيقتلونا لوعملنا كده.. فهنبقى زي اللي رمى نفسه في النار.
-والعمل؟
رد عليا عياش بحزم وبصوت واطي …
– إحنا مش هنبلغ ألبيرتير لأنه مش هيوافق وهيخاف منهم..فهنعمل أنا وأنت القصة دي بدون علمه، احنا هندخل السرداب وهنوصل للزيبق ونقدمه للملك ميمون ونهرب وننفد بجلدنا .. وهو بقى يتصرف مع جماعته.
فكرت شوية وقولتله…
-كلام معقول ..خلاص وأنا معاك.
– تمام.. هنعدي النهاردة وبكرة هنطلع نخلص الحكاية دي،
وانا هثبت ألبيرتير بكلمتين بحيث انه مايطلعش معانا.
– تمام.
خرج الشيخ عياش من عندي.. وقولت لنفسي يغور الكنز بس المهم أخرج من المصيبة السودة دي، بس مين البنت اللي كانت معاه فى الاوضة دي ؟! ممكن تكون قريبته أو بنته.. أو ممكن تكون مش من البشر أصلًا، بلعت ريقي وقولت ربنا يعدي الحكاية دي على خير، قفلت نور الأباجورة وريحت راسي على المخده، حاولت أنام ماعرفتش.. عدت ساعة وأنا دماغي بتدور حوالين نفسها، ومش عارف أوقفها، وفجأة سمعت صوت خطوات بتقرب ناحية باب أوضتي واتفتح الباب، فتحت نور الأباجورة بسرعة ولقيت اللي فتح الباب ودخل عليا كانت البنت الصغيرة اللي شوفتها في الأوضة مع عياش، حسيت ان الدم بيتصلب في عروقي جمعت كلمتين بالعافية وقولتلها…
-انتي مين؟
حطت ايديها على بوقها…
-هوووش وطي صوتك.. أنا روح.
-سلامًا قولًا من رب رحيم ، روح إزاي يعني!!
انتي إنس ولا جن ولا إيه بالظبط ؟؟
يُتبع