روايات رعب

رواية ترب اليهود الفصل الثامن و الاخير

رواية ترب اليهود الفصل الثامن و الاخير ضرب بإيده على الباب ضربة ماكَنتش قوية في الأول، ولكنه لمح حاجة في وسط الضلمة شيء هو عارفهُ كويس، كيان أسود ضخم على هيئة إنسان عاقد درعاته، ومرة واحدة ظهر نقطتين حمر في وش الكيان ده.. وكأنه فتح عينه أو قام من غفلته فجأة، وهنا ضربته علي الباب بقت أقوى وأسرع وهو بيصرخ…
-خرجوني من هنا ، خرجوني من هنا بسرعة.
………………………..
الزمان : الوقت الحالي
المكان: فيلا الدباغ
سحبت إيدي من إيده وأنا بترعش ومش قادرة أتمالك أعصابي، فتحت عيني لقيته نايم قدامي، اتكلم وقال…
– ورجعوا لسليم بعد ليلة، سليم كان مرمي على السلم وكان لسه فيه الروح بس هي كانت روح منتهية، محبوسة بين ضلوعه ومنتظرة الخلاص، اتعملت كل الطقوس وأتقدم القربان، وقدروا يوصلوا للزيبق الأحمر، وبعد موت سليم فضل القبر ده كل سنة وفي نفس التوقيت يسمعوا الناس الخبطات على بابه من تحت وصرخات الاستغاثة، ولما سألوني عن إيه سبب اللي بيحصل ده ؟، حكيت لهم القصة اللي كل الناس عرفاها، وهي ان كان في ساحر اسمه عياش حاول يقتحم القبر عشان يوصل للكنز، ولكن لما دخل لقى الأهوال مستنياه ومات جواه، واتلعنت روحه وهي اللي بتفضل تخبط وتستغيث، ولو حد فكر يفتح القبر اللعنة هتصيب الكل ..فالناس كانت بتخاف، وعلى ما أعتقد إنك شوفتي المشاهد الحقيقية أكتر من مرة في أحلامك، سليم كان بيبعتلك رسايل عشان تعرفي الحقيقة وتعرفي مين اللي قتله، يا ريت نكشف ورقنا لبعض بقى يا ريهام، كفاية كده.
حركت إيدي جوة شنطتي عشان أطلع مسدسي، بس هو قطع تركيزي و قال…
– أنا عارف إنك ريهام بنت سليم، نفس تهوره وجرأته، نفس رسمة ملامحه ده إنتي حتة منه، وإنتي جاية وعارفة ومتأكدة ان أنا عياش قبل ما اخد لقب الدباغ واللي خدته لأني بحب أسلخ جلد الأفاعي وأدبغه، وإنتي جاية النهاردة تنتقمي وتاخدي حق أبوكي.. وأنا مستعد.
كلامه كان غريب جدًا بالنسبة لي،وعشان كده قولتله …
– بالبساطه دي !!
– أيوة بالبساطة دي.
خرجت مسدسي ووجهته ناحية راسه، وأنا جسمي بيتنفض
اتكلم باستسلام وقال…
– اضربي .. اضربي وريحيني وارتاحي، متخافيش أنا مش هأذيكي.
– انا مستغربة ..أنت ليه مستسلم كده ؟ مش خايف على حياتك ولا ضميرك صحي فجأة؟!
– لا أنا ضميري مات ودفنته من زمان، أنا عايز أنهي حياتي وكنت بحاول بنفسي أكتر من مرة، بس ماكُنتش بقدر، ولما عرفت إنك طالبة زيارتي، أمرت رجالتي تدور وراكي وعرفت إنك كنت برة البلد لسنين مع أمك اللي كانت هربانة من جوزها، وبدأت أربط الخيوط ببعض، لحد ما فهمت إنك بنت سليم، ولما شوفتك إتاكدت أكتر.. يلا مضيعيش وقت، أنا موقف كل كاميرات المراقبة وماحدش يعرف إنك جاية لزيارتي النهاردة، ومفيش حد موجود في الڤيلا غيرك انا إديت لكل رجالتي إجازة، كل الظروف مُهيئة، اقولك خدي مسدسي وكأني انا اللي إنتحرت والجوانتي اللي انتي لبساه مش هيظهر بصماتك على السلاح، لو كنت أقدر أعملها بنفسي كنت عملتها من زمان.
– أنا حقيقي مستغربة.. إيه السر اللي مخليك عايزني أقتلك ؟، إيه الخضوع والاستسلام ده؟، بس أنا مش هقتلك قبل ما أفهم.
الدباغ حط مسدسه جنبه على السرير بقلة حيلة وقالي…
– أنا عايش في جحيم خدامي من المردة اللي كانوا رهن إشارتي، بعد ما إتمردوا عليا.
– إتمردوا عليك إزاي، بسهولة كده ؟!
– أيوة بسهولة كده.. دول إتمردوا على اللي خالقهم مش هيتمرودا عليا أنا، أي خادم من خدام الجن مش بيخدمك حبنًا فيك.. لا لا هو بيبقى مُجبر على خدمتك، ده بيكون بأمر من ملك عشيرته واللي بتكون انت خدت منه العهد ..والعهد ده بيكون بتقديم قرابين وتنفيذ أفعال نجسة وشيطانية ..فالخادم اللي بيوكله ملك العشيرة ليك بيكون خاضع لأوامرك وهو كارهك، ومستني أي فرصة عشان يدمرك، بس طول ما انت قوي، هو مابيقدرش يخرج عن طوعك وبينفذ كل أوامرك بكل خضوع، بس لو حس إنك فقدت قوتك بيتحول لأسوء كوابيسك، وبيخليك تشوف الجحيم على الأرض، والقوة هنا مش قوة العضلات، القوة هي قوة العقل، وأنا بفقد القوة دي شوية بشوية .. أنا عندي كانسر (سرطان ) في المخ ..وهما دلوقتي بيهاجموني ليل نهار، وبيخرجولي من كل مكان وبيبدأ الجنان وشوش بشعة وأصواتهم عالية.. ده غير قرين سليم اللي سمحوله يهاجمني في كل لحظة، روحه بتقتلني بالبطيء، وأنا مش طالب غير الموت الرحيم.. ارحميني من عذابي وخلصيني وخدي تار أبوكي.
هنا بس انا نزلت مسدسي وابتسمت ابتسامة انتصار وانا بقوله…
– الظاهر ان عقلك فعلا بقى بعافية، انت مسكتني نقطة ضعفك، سلمت القط مفتاح القرار، انت عايزني أرحمك واقتلك.. طيب إيه رأيك بقى أنا مش هارحمك، هسيبك تعيش بعذابك، ويفضل خدامك وشياطينك يموتوك بالبطيء، وهخليك تشوف العذاب في الدنيا قبل الآخرة، واللي عملته في أبويا هتشوفو كربون، وده غير إني هفضحك بالتسجيل ده.
خرجت الموبايل من شنطتي.. الموبايل كان بيسجل كل كلمة حصلت بينا، قومت وقفت وانا مرسوم على وشي ابتسامة شماتة ..ولكن لما حاولت احرك رجلي عشان امشي، رجلي بدأت تنمل، والجزمة اللي أنا لبساها بدأت تسخن وتعصر صوابعي حاولت أرفع رجلي عن الأرض، متحركتش وبقيت زي المشلولة..ضحك الدباغ ضحكة خبيثة بجنب بوقه وقال…
– إنتي مش هتعرفي تتحركي من مكانك قبل ما تنفذي اللي أنا عايزهُ منك ..اااه أنا نسيت أقولك ان مش كل خدامي اتمردوا عليا في جزء منهم لسه تحت سيطرتي.
رديت عليه وانا ببصله بتحدي…
– وأنا مش هريحك يا دباغ ، مش هنفذلك اللي أنت عايزهُ.
ردلي نفس نظرة التحدي وحط ماسك الأوكسجين على وشه من غير ما يقول ولا كلمة، فضلت أحاول أفك نفسي من الجزمة الملعونة دي بس مفيش فايدة، الجزمة لاصقة في رجلي ومش قادرة اتحرك، ولكن فجأة نور الأباجورة الضعيف خَذلني وأطفى، الدنيا بقت ضلمة والجو اللي كان حر بقى برد فجأة، وبدأت أحس بحركة ونفس بارد ورايا كنت هموت من الخوف، مسكت الموبايل ونورت الكشاف بسرعة ووجهته ورايا، بس ماكنتش قادرة اشوف كويس لان جسمي متثبت مكانه.. فضلت التفت جنبي زي المجنونة وانا مش عارفه اشوف ايه الشئ اللي ورايا ، بس فجأة سمعت صوت تزييق على المراية اللي جنبي، كأن في حد بيكتب عليها.. كنت واقفة وأنا برتجف، وجهت الكشاف على المراية، وفعلا بدأت تظهر حروف عليها وتشكل كلمات كان المكتوب “هنقضي ليلة من بعض “
بلعت ريقي وقولت أنا ماليش غيرك يا رب، انت اللي هتنجيني، وبدأت أردد..بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، سمعت صوت أنفاس بتعلا .. ركزت مع الانفاس ومصدرها لقيتها جاية من ناحية سرير الدباغ، وجهت الكشاف ناحيتة لقيته مبرق ومفزوع، اتفزعت من منظرهُ.. حركت إتجاه نور الكشاف لإتجاه نظرهُ أو للمكان اللي بيبص عليه واللي شوفته كهرب جسمي، شوفت طيف أسود غريب على هيئة بنت شعرها طويل وبيجر في الارض ، وبدأ الطيف ده ياخد خطوات بطيئة ناحية الدباغ، اللي نطق وهو مرعوب…
– روح ..روح !!
استغربت الاسم وجسمي كله قشعر من شعرراسي لصوابع رجلي، بس ماوقفتش ترديد.. بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.
لحد ما بدأت رجلي تدب فيها الحياة من جديد، واتفكت عُقدتها واتحررت من الجزمة اخيرًا، جريت بسرعة على باب الأوضة وأنا بخبط في كل حاجة وأي حاجة بتقابلني ومنه لباب الڤيلا.. الدم كان نشف في عروقي واعصابي كانت سايبه ..بس خرجت الحمد لله بسلام
في اللحظة اللي انا كنت بستجمع فيها أعصابي وبحمد ربنا ،إني خرجت سليمة من الڤيلا الملعونة دي، سمعت صوت طلقة، كُنت على يقين إن الطلقة دي خرجت من مسدس الدباغ، ماكُنتش عارفة أعمل إيه ؟كنت تايهة .. بس جت في دماغي فكرة مجنونة، الشيطان بدأ يرسمهالي وهي إني أرجع أشوف إيه اللي حصل؟، كان السؤال اللي مسيطر على دماغي هو ليه نطق اسم روح، وهل روح هي اللي قتلته ولا هو اللي انتحر؟، بس عقلي اتردلي في لحظتها، وقررت إني أركب عربيتي وأبعد عن الڤيلا والمكان كله،
روحت بيتي واستنيت لحد ما غاب الليل ، والنهار أثبت حضوره، و طلعت على الجرنال اللي أنا شغاله فيه، وقدمت التسجيل اللي معايا وفضحت كل تفاصيل الحادثة اللي حصلت في ترب الي. .هود، بس الإعلام تَكتم على الموضوع لأن ليه أبعاد سياسية ودبلوماسية، وهما ماكنوش عايزين شوشرة، وخصوصًا بعد إنتحار الدباغ.. اللي ضرب نفسه بالنار، ماستحملش إنتقام روح اللي أكيد فضل يستغلها لحد ما قابلت وجه رب كريم ، فهو قرر ينهي حياته بإيده لأنه مش هيقدر يتحمل إنتقامها، أخدت تصريح بفتح القبر اللي مات فيه بابا سليم وكان معايا فريق من البحث الجنائي والطب الشرعي، وتم جمع رُفاته وخرجوه، خبطاته على القبر كانت إعتراض منه على وجوده في المكان ده، كان شايف ان المكان ده مش مكانه وإنه مش بينتمي ليه وأن مكانه هي المقابر اللي بتخص المسلمين مش اليـ!!!هود، ولكن بعد ما خرجوا رفاته، خرجوا بعدها هياكل عظمية لشخصين ، واحد بالقرب من باب السرداب والتاني على الباب بالظبط، وبعد فحص الهياكل من فريق الطب الشرعي، عرفت ان الهياكل العظمية دي لبنت في الخامستشر من عمرها وادبحت على باب السرداب، دي أكيد روح اللي اتقدمت قربان عشان يتفتح باب السرداب، يعني بابا سليم ماكنش هو القربان،
روح كانت هي الضحية، كانت ضحية ظروف هي ملهاش يد فيها رميتها في سكت الدباغ اللي قلبه منزوع منه الرحمة،
أما الهيكل التاني كان لشاب في سن الثلاثين مطعون في رقبته من ورا وكان ماسك في إيده سبحه مرسوم على حَباتها نجمة داوود، لما استرجعت أحداث القصة في دماغي فهمت ان ده ألبيرتير، الدباغ كان عايز الكنز ليه لوحده كان بيتخلص منهم واحد واحد بالترتيب، خدت رُفات بابا سليم وروح ودفنتهم جنب بعض في المقابر الخاصة بعيلتنا، المكان الأحق إنهم يدفنوا فيه، وقفت قصاد القبر وقولت: الله يرحمك يا بابا، كان هدفك توصل ليا بس انت افتكرت ان الطريق السهل هيوصلك أسرع ولكنه كان أسرع طريق لهلاكك، الشيطان قدر يضحك عليك وطمعك وزينلك أعمالك، بس الشيء اللي مخليني مطمنة عليك إنك رفضت تكفر باللي خلقك وتسجد لشيطان .. ودعتهم بدموعي ودعيتلهم كتير بالرحمة والمغفرة
وبعد كام يوم، حصل شئ غريب جدا أنا مش فاهمة تفسيرهُ لحد النهاردة، وهو ان بعد ما تم تشريح جثة الدباغ لقوا في معدته شيء أشبه بالعمل قماشة صغيرة متنية على شكل مثلث ومتغلفة بشيء بيسهل البلع ومكتوب عليها تعويذة غريبة ومنقوش عليها اسمي ” ريهام سليم “
بقيت بسأل نفسي .. يا ترى لو كنت قتلت الخبيث ده كان ممكن يحصلي إيه؟، إيه العهد اللي كان عامله مع الشياطين والأبالسة عشان يأذيني وهو ميت ؟، بني آدم غريب جدًا كان ناوي ينتقم مني وهو مالوش وجود في الحياة ..ماكنش ناوي يعدي فكرة إني اقتله بدون انتقام، بس أنا عملت عكس اللي هو عايزه واللي رتبتله وده كان ترتيب ربنا اللي ماكنش عايز ليا الأذية .. بعد مرور الأيام قعدت أفكر في الأحداث كلها بهدوء وقولت: كتير من الأوقات نار الإنتقام بتضلل صاحبها وتفضل تزيد جواه لحد ما تعميه وتقنعه إن عقاب الكلب اللي عضه هو إنه يعضه، وده اللي أنا كنت هعمله مع الدباغ ،كنت هبقى عضيت الكلب وماكُنتش هخلص أبدًا من سمه.
تمت
انتهت الملحمة
#سيد_مصطفى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى