قصة اوضة عايدة عمرك سألت نفسك، الأوضة اللي في أي مستشفى… كام عيان دخلها قبل كده؟
طب كام عيان اتألم فيها؟.. طب بلاش، كام عيان ممكن يكون قضى فيها ليالي صعبة، وفي الاخر مات؟!
حكايات كتير ممكن تحصل جوة اي أوضة من أوض كل مستشفى، وانا النهاردة، جاي احكيلكوا واحدة من الحكايات دي… حكايتها؛ حكاية عايدة.
**************
بتقول مُتابعتنا (شيماء علي) واللي معدية التلاتين سنة، انها وهي عندها حوالي ٢٥ سنة، الحكاية دي حصلت معاها.
وقتها شيماء كانت عايشة مع والدتها المريضة، ولإنها البنت الوحيدة اللي كانت عايشة مع والدتها من بعد جواز اخواتها البنات، فهي اللي كانت تملي بتراعيها وبتاخد بالها منها، بس في يوم والدة شيماء تعبت جدًا، حست بألم رهيب، ونظرًا لكبر سنها ولشدة مرضها، الدكتور لما جه وكشف عليها، قال انها لازم تتنقل المستشفى ضروري عشان هتعمل عملية، وفعلًا.. اتنقلت الست لمستشفى خاص (مش هنقول اسمها) وعملت العملية، بس طبعًا بعد العملية ووقت أقامة الست في المستشفى، اتنقلت معاها بنتها شيماء كمرافقة ليها.. ومع اول واخر ليلة لشيماء في المستشفى، ابتدت تشوف احداث خلتها تحس برعب عمرها ما حسته قبل كده.
سرير شيماء كان هو السرير اللي جنب سرير والدتها على طول، يعني الأوضة كانت عبارة سريرين، سرير بينام عليه المريض، وسرير تاني بينام عليه المُرافق، لكن شيماء في أول ليلة ليها في الأوضة، وبعد ما والدتها أخدت العلاج ونامت، ماجلهاش نوم.. هي اصلًا ماكانتش متعودة انها تنام بدري، دي كانت متعودة انها بتسهر بالليل عشان يعني لو والدتها تعبت او احتاجت حاجة تبقى جنبها، وللسبب ده، فضلت شيماء قاعدة على السرير في الأوضة الضلمة، لكن ضلمة الأوضة، كان بيكسرها نور لمبة صغيرة مكانها فوق السرير بتاعها على طول.
وبعد ما ما بصت شيماء على والدتها، واطمنت انها نايمة وبخير، مسكت تليفونها وشغلت فيلم عشان يسليها ومايحسسهاش بملل، وطبعًا عشان ماتزعجش والدتها ولا تقلقها، حطت الهاند فري في ودانها وسرحت مع الفيلم، وقتها الساعة كانت ١٢ بالليل، يعني في نص الليل بالظبط.
سرحت شيماء مع الفيلم وصوته اللي جاي من الهاند فري اللي في ودانها، واللي بالمناسبة يعني صوته ماكانش عالي اوي، وبسبب إن الصوت ماكنش عالي، ف وقت سَرَحان شيماء مع الفيلم، فجأة سمعت صوت حد بيتكلم جنبها!
شالت الهاند فري من ودانها، وبصت لوالدتها اللي كانت نايمة واستغربت، لكنها في نفس الوقت افتكرت ان بيتهيألها او إن الصوت جاي من الفيلم مثلًا، بس لما حطت واحدة من السماعات في ودانها، وابتدت تكمل الفيلم، سمعت بودنها اللي مافيهاش سماعة، صوت حد بيتألم!
بصت ناحية الصوت وهي قلبها بيدق، الصوت كان جاي من ناحية الحمام اللي الموجود في الأوضة، واللي بابه جنب سرير والدتها على طول، يعني اللي كان بيفصل بينها وبين الباب، هو السرير اللي عليه والدتها.
حست وقتها بالخوف، لكن الخوف ده ابتدا يقل شوية بشوية لما الصوت اختفى لوحده، وقبل ما شيماء تحاول تبعد أي حاجة مرعبة من دماغها، وتوهم نفسها بإن اللي سمعته ده تهيؤات، وتكمل الفيلم، مرة واحدة سمعت صوت باب الحمام وهو بيتفتح بالراحة جدًا.. كان صوته مزعج وعالي، وفي نفس الوقت، مع هدوء المستشفى والسكوت والضلمة من حواليها، كان مرعب اكتر من إنه مزعج.. ومع فتح الباب، قامت شيماء من مكانها باستغراب، واللي قومها كانوا سببين مهمين جدًا.. هي أولًا كانت في الحمام قبل ما والدتها تنام، وهي متأكدة انها قافلة النور بتاعه وكمان قافلة الباب كويس جدًا، بس لما الباب اتفتح، خدت بالها ان نور الحمام منور.. طب ازاي؟.. هيكون بيتهيألها انها طفته، ولا الزرار معلق، ولا ممكن يكون النور اشتغل لوحده، ولا.. ولا ممكن يكون مثلًا كيان غير بشري هو اللي نوره!
ده كان السبب الأول اللي خلى شيماء تقوم، نور الحمام، اما السبب التاني، فكان عدم اعتقادها بوجود اشباح او عفاريت، هي اه بتصدق في وجود الجن ومؤمنة انهم مذكورين في القرأن، لكن إن عفريت او جن يظهرلها، فده اللي ماكانتش مصدقاه او كانت بتحاول تكدبه… لكنها وللأسف الشديد، هتتعرضله دلوقتي حالًا!
قامت شيماء من على السرير وراحت ناحية الحمام، وقفت على بابه المفتوح وبصت جواه، مافيش حد، ولا في صوت، ولا في أي حاجة!.. الله!.. طب الباب اتفتح ازاي ومين اللي فتح النور!
محاولتش تدور على اجابات اكتر من كده، ما هي طالما مالقتش حد، يبقى خلاص، الباب ممكن يكون بيعلق وماتقفلش كويس، والنور فعلًا ممكن يكون الزرار بتاعه معلق هو كمان.. ممكن، وارد انه يحصل.
وبالكلام ده، شجعت نفسها ودخلت الحمام بهدوء، ردت الباب وقالت تغسل وشها وترجع تاني لمكانها، بس اول ما دخلت وقبل ما تغسل وشها، ووقت ما كانت بتبص في مراية الحمام، مرة واحدة لقت باب الحمام اترزع بقوة!!!
اتنفضت وهي واقفة وبصت ناحية الباب، وساعتها لَفت نظرها حاجة تانية خالص غير الباب اللي اترزع، او ممكن نقول بشكل اوضح وادق، انها مش حاجة، هو حد.. او.. واحدة… واحدة ست كانت قاعدة على الحمام وراها بالظبط، لمحت انعكاسها في المراية، الست كانت عجوزة، ماهياش عفريتة او جنية او شكلها مرعب، لا، خالص، هي واحدة ست عادية، ملامحها وشعرها الابيض بيدلوا على انها عدت الستين، او يمكن السبعين كمان.. كانت لابسة جلابية بيضا وقاعدة في مكانها، مابتتحركش، ملامحها جامدة.
بصت لها شيماء في المراية وهي خلاص، عاوزة تصرخ، لكن الخضة اللي اتخضتها مع ظهور الست، خلتها لا قادرة تصرخ، ولا حتى قادرة تتكلم.
لفت رقبتها بالراحة عشان تشوفها، بس اول ما لفت، مالقتش حد، الست ماكانتش موجودة، ومش كده وبس، دي كمان لما بصت في المراية من تاني عشان تشوف انعكاسها، مالقتهاش!.. وفجأة، اتفتح الباب لوحده زي ما اتقفل لوحده!.. واول ما الباب اتفتح، سمعت شيماء صوت والدتها وهي بتنادي عليها!
خرجتلها جري ونسيت كل اللي شافته او مرت بيه، لكن الغريب هنا بقى انها اول ما خرجت وسألت والدتها هي عايزاها في ايه، والدتها طلبت منها انها توطي صوت الاغاني اللي هي مشغلاها في الحمام شوية، وتبطل خبط!
استغربت من الكلام اللي الوالدة قالته، خبط ايه واغاني ايه، هي اصلًا ماخدتش تليفونها معاها عشان تشغل عليه اغاني، وبعدين هي لما كانت جوة، ماخبطتش ولا حتى الست اللي ظهرتلها خبطت!.. بس عشان تطمن والدتها وماتقلقهاش ولا تحسسها ان في حاجة غريبة او مرعبة في الأوضة، قالتلها حاضر وراحت قفلت النور الحمام وبعده قفلت الباب كويس، ورجعت قعدت على سريرها من تاني.
مسكت الموبايل اللي كان محطوط تحت البطانية وحطت السماعتين في ودانها، والمرة دي بقى حلفت بينها وبين نفسها ان مهما حصل، هي لا هتقوم من مكانها ولا هتتحرك ولا حتى هتشوف في ايه، هي في غنى عن اي موقف مرعب ممكن تتعرضله هي او والدتها، وعشان تطمن اكتر، شغلت اذاعة القرأن الكريم على التليفون وحطت راسها على مخدة وابتدت تغمض عينيها، لكنها كل شوية كانت بتلاقي الاذاعة بتوش، ومع صوت الوَش، كانت بتسمع صوت اغاني، وصوت الاغاني ده ماكنش جاي من الراديو نفسه، لا، يعني مش اذاعتين داخلين في بعض، ده صوت الاغاني كان جاي من ناحية الحيطة اللي ورا سريرها، او يعني الحيطة اللي ورا دماغها بالظبط، واللي هي هي نفس الحيطة اللي بتفصل الأوضة عن الحمام.
وفضل الموضوع ده يتكرر اكتر من مرة طول الليل، إنما من بعد أذان الفجر، كل شئ بقى هادي، لا الراديو بقى بيوش، ولا صوت الاغاني او المزيكا القديمة اللي كانت كل شوية بتيجي من الحمام، واللي بسببها كانت والدتها بتقلق على خفيف كده، بقى موجود.. كل حاجة بقت وعدت طبيعية من بعد أذان الفجر لحد طلوع النهار، وعلى الساعة ٨ الصبح، دخلت عليهم الأوضة ممرضة، اطمنت على الوالدة واديتها العلاج، بس بعد ما خرجت على طول، خرجت شيماء وراها وحكت لها عن اللي حصل معاها، وبعد ما حكت لها بالتفاصيل، طلبت منها تفسير وكمان سألتها، هي مين الست اللي انا شوفتها دي؟!
بلعت الممرضة ريقها وراحت قعدت على الكراسي اللي بتبقى موجودة في طرق المستشفيات، جنب الاوضة بالظبط، وساعتها، راحت شيماء وقعدت جنبها، وبرضه سألتها من تاني نفس، بس المرة دي الممرضة جاوبتها وقالتلها..
“اللي شوفتيها دي تبقى عايدة!”
ولما سألتها شيماء مين هي عايدة؟!
جاوبتها الممرضة وحكت لها حكايتها…
عايدة كانت ست في السبعينات من عمرها، جوزها متوفي وعندها إبن وبنت، بنتها متجوزة وعايشة مع جوزها في شقة بعيدة عنها، وابنها متجوز وعايش معاها في نفس الشقة، بس لما الست عايدة تعبت بسبب كُبر سنها، مرات ابنها كانت مابترعيهاش بالشكل الكافي، ولا حتى كانت بتاخد بالها منها ولا من أكلها، وبسبب قلة الاهتمام والرعاية، المرض زاد عليها، وبسببه اضطر ابنها ينقلها للمستشفى، والحقيقة انه مانقلهاش من البيت، عشان شدة مرضها وبس، ده كمان لإن مرات ابنها كانت ابتدت تتخنق منها، وابتدت تتخانق معاه كل يوم والتاني. وعشان يعني ابنها يرضي مراته، وفي نفس الوقت مايرميش امه في دار للمسنين ولا يطردها من بيتها، اتفق مع دكتور صاحبه، انها تقضي اخر أيام ليها في الدنيا جوة المستشفى.. المستشفى الخاص اللي الدكتور بيشتغل فيها، واهو منها برضه تلاقي ممرضين يراعوها، وفي نفس الوقت تبقى منفعة للمستشفى، لكن في مرة من المرات، ووقت زيارة ابنها وبنتها ليها، حصلت ما بينهم مشادة كلامية، يعني مش خناقة بالمعنى الحرفي، هي مشادة ومعايرة بالكلام، بين البنت وجوزها اللي كان موجود معاها، وبين الأبن، طب تفتكروا سبب المشادة دي ايه؟!.. لا مش بسبب الأم وحالتها خالص، ولا حتى بسبب انها تقعد عند البنت مثلًا او يخرجوها من المستشفى، لا، خالص.. الخناقة كانت بسبب الورث، البنت وجوزها كانوا بيقولوا للولد انهم عاوزين يشوفوا دهب الام عشان لو حصلها حاجة، هو ومراته مايكوشوش عليه، والولد كان بيرد عليهم ويقولهم ان اخته ياما خدت من امها، وان الشقة من حقه، والدهب لازم يتقسم حسب الشرع.. يعني من الاخر كده، الاخ والاخت كانوا بيتخانقوا على تقسيم ورث الست عايدة وهي راقدة قصادهم على السرير، وطبعًا لما الست سمعت كلام عيالها، اتعصب عليهم، ثارت، زعقت فيهم وطلبت منهم انهم يخرجوا برة الأوضة ويسيبوها، وفعلًا، سمعوا كلامها وخرجوا، لكن من بعد اليوم ده، ومن بعد خروجهم من الأوضة، الست عايدة انطفت، حالتها النفسية بقت زيرو، لا بقى ليها نفس للأكل ولا بقت حابة انها تعيش من اصله، ولما كانت اي ممرضة بتحاول تتكلم معاها وتخفف عنها، كانت تعيط وتقولها انها ماعرفتش تربي ولادها، وانها عاوزة تموت في اقرب وقت وتروح عند جوزها، وفي نفس الوقت برضه الست عايدة كان ليها عادة غريبة، كانت دايمًا بتحب تشغل الراديو اللي كان موجود على كومودينو جنبها، على إذاعة الاغاني القديمة، وكانت بتفسر ده، بإن الاغاني القديمة اللي بتتذاع في الراديو، بتفكرها بفترة شبابها وفترة حبها لابو الولاد اللي نفسها تروحله في اقرب وقت.. واللي حصل بعد حوالي عشر أيام، إن الست عايدة فعلًا راحتله.
في يوم واحدة من الممرضات دخلت عليها الصبح عشان تديها العلاج، ولما مالقتهاش على السرير، دخلت تدور عليها في الحمام، وساعتها لقتها واقعة على الأرض وميتة.
ولحد هنا بتنتهي قصة عايدة، لكن حكايات الأوضة مانتهتش، دي الممرضة كملت كلامها لشيماء وقالت لها ان الأوضة دي من بعد موت عايدة، ولازم كل اللي يخشها، يشوفها فيها.. هي مابتأذيش حد، بس بتظهر، سواء بقى هي او المزيكا اللي كانت بتحب تملي تسمعها، ويمكن بسبب ظهور عايدة المتكرر في الأوضة، الدكاترة خلوها زي أوضة ترانزيت، يعني المريض بيخرج من العمليات عليها، ويادوب، يبات فيها ليلة واحدة او ليلتين بالكتير، وبعد كده يخرج من المستشفى ويروح على بيته، وده اللي حصل مع شيماء ووالدتها.
والدة شيماء خرجت من المستشفى في نفس اليوم اللي الممرضة حكت فيه لشيماء على حكاية عايدة، وكملت علاجها في البيت، بس شيماء بتقول ان اخر حاجة اتعرضتلها بعد ما لمت حاجتها وحاجة والدتها، ووقت ما جت خارجة من الأوضة، انها سمعت صوتها.. صوت ست بتعيط في الحمام.. اكيد ده صوت عياطها.. صوت عياط عايدة.
تمت
محمد_شعبان
أوضة_عايدة