قصة درب الجماميز بعد ما صابرين فتحت لي الباب ووصلتني لأوضته، مِشيت وسابتنا.. ساعتها بصيت له وانا ساكت، كان قاعد زي ما هو على سريره، سرحان مع صوت اغنية ليلى مراد اللي كانت طالعة من الراديو اللي جنبه، وفي نفس الوقت كان باصص ناحية الشباك اللي على شماله وسرحان، وبعد سكوتي اللي مادامش كتير، اتكلمت وقولتله..
-سلامو عليكوا ياعم احمد.
لف رقبته وبص لي باستغراب..
-وعليكوا السلام، انت مين ياحضرت؟!
لما قالي كده، ندهت بصوت عالي على صابرين..
-ياانسة صابرين، ونبي هاتي لجدك البونبوني عشان يفتكرني.
ومافيش ثواني ودخلت صابرين وادت لعم احمد البسطاويسي حباية الزهامير، الحباية اللي بعد ما خدها، وبعد ما انا قعدت على الكرسي اللي قصاده، بص لي بتركيز اوي وقالي..
-لا ياعم احمد، مابطلعش في التلافزيون ولا حاجة، وبالنسبة يعني لموضوع انك مش فاكرني ده، فمش مشكلة، احنا كده كده اصلًا المرة الوحيدة اللي اتقابلنا فيها، كانت نهايتها مش ولا بد، فسيبك بقى خالص من إن انا مين واعتبرني واحد اول مرة يزورك، انا اسمي محمد، وكنت جاي عشان اسألك عن حاجتين مهمين.. انا لما جيتلك المرة اللي فاتت، قولتلي انك ماتعرفش اذا كان منصف قتل ابو دودة فعلًا ونجح في اللي كان بيخطط له ولا لأ، وفي نفس الوقت برضه، قولتلي ان ليلى بنت بتاع النحاس، اللي هي مرات ابوك يعني.. ماتت بعد ما خدت البودرة اللي ادهالك منصف… صح كده؟!
-لا مش صح، بقى ليلى مرات ابويا ماتت بسبب البودرة؟.. لا، ماحصلش طبعًا، وألا كنت هتسجن ولا هتعدم، هي اه ليلى ليلتها اتشنجت وابو دودة جالها البيت بعد ما ابويا راح له بيته، وجابه عشان يعالجها، بس لا، ليلى ماماتتش ليلتها، ده ابويا بعد ما راح مع ابو دودة لبيته وجاب منه اعشاب وسقهالها، بقت زي القردة، وحالتها اتحسنت اكتر كمان لما ابويا خدها تاني يوم وراحوا الاسبتالية، لكن في نفس اليوم اللي هي راقت فيه، ابو دودة اختفى، مابقاش له حس ولا بقى بيفتح لأي حد بيخبط عليه، وعرفنا بعد حوالي اسبوع او اكتر انه مات، الناس شموا ريحة معفنة من عنده، ولما خبطوا وهو مافتحش، بلغوا الحكومة اللي جت وكسرت الباب ولقته ميت في بيته، اما بقى عن منصف، فانا اه ماشوفتوش، بس عارف كويس اوي انه هو اللي قتل ابو دودة، اصل الحكومة يومها لقوا جنب ابو دودة دم متجلط، ونفس الدم ده كان خارج من بوقه، وعشان كده شكوا انه مات متسمم، وشكهم طلع في محله لما لقوا كل قُلل البيت بالأكل اللي في المطبخ، محطوط فيهم سم، لكن الحكومة رغم انها عرفت انه مات مسموم، الا إنهم ماعرفوش مين اللي سمه.
-ازاي ماعرفوش، هم ماشكوش في مراته طيب؟!
-نوارة!.. لا ماشكوش فيها، وده لانها كانت في بيت ابوها طول الاسبوع ده وماخرجتش منه، وكمان كل الجيران واهلها، شهدوا انها كانت بكده.
-حلوو اووي، معنى كده ان منصف هو اللي قتله ونفذ خطته، صح كده؟!
-صح.. منصف نفذ خطته وهرب بعدها، هرب ومابقاش له أثر في الحتة كلها.
-تمام.. كده الحكاية متفسرة، طب وليلى بقى؟
-مالها ليلى؟
-راحت فين بعد ما خفت، اصل ستي قالتلي انها عدم المؤاخذة يعني، سرقت فلوس ابوك عم البسطاويسي، وفَلقت.
-فَلقت!.. اتفلقت نفوخك يابعيد.. ايوه ايوه.. انا افتكرتك ياض انت، مش انت المرة اللي فاتت اتخانقت معايا وانا طردتك!
-صلي عالنبي كده ياعم احمد وروق، انا المرة اللي فاتت اتضايقت بس لما قولتلي انك كنت السبب في موت ليلى، وبعدين انا كنت هعرف منين يعني انك كنت بتضحك عليا؟!
-لا انا ماكنتش بضحك عليك، انا حكيتلك اللي كان نفسي اعمله وماعملتوش، طب تعرف.. انا اوقات كتير لما باجي انام، بحلم ان انا بموتها وباخد حقي وحق ابويا منها.. ااه ياناري من بنت بتاع النحاس، منها لله، بعد موت ابو دودة بأيام، قلبتنا، صحيت انا وابويا في يوم، لا لقيناها ولا لقينا الفلوس اللي ابويا كان محوشها تحت البلاطة، ولا لينا دهبها، بس اهو.. هنقول ايه، حكمة ربنا، ما هو ربنا عزوجل مابيخليش حاجة تحصل الا لما بيكون ليها حكمة، ما هي اصل فلوس ابويا دي رغم انها كانت كتير، ورغم ان انا كنت هموت واورثها، بس كان في منها كتير حرام، اصل شغل ابويا مع ابو دودة، كان بيكسب كتير برضك.
-يلا.. النصيب، استأذن انا بقى، وارجوك ياعم احمد ماتزعلش مني لو اتعصبت عليك المرة اللي فاتت، انت برضه اللي مافهمتنيش وحكتلي النهاية غلط.
-ماشي، مش زعلان خلاص، بس نصيحة من راجل قد جدك، ماتبقاش متسرع وألا هيجرالك زي اللي جرى لنفاخ الجاز.
لما عم احمد قال الاسم ده، عنيا لمعت ولقتني بسأله بشغف..
-وماله نفاخ الجاز ياعم احمد، ايه اللي حصله وايه حكايته؟
-عنيا.. هحكيلك حكايته، بس عشان القعدة تحلو، هخلي صابرين تعملنا شاي.. اصابرييين.. ابت اصاابرين..
-لا لا الله يباركلك ياعم احمد، انا مابحبش الشاي وربنا، خليها تعملك انت شاي وانا هقعد اسمع منك وبس.
-لا والله ابدًا، ودي تيجي، بقى تدخل بيت البسطاويسي وماتشربش حاجة، دي ناس تاكل وشي.
وفعلًا، جت صابرين بعد ما جدها نده عليها وقالها تعمل لنا كوبايتين شاي، وبعد ما الشاي اتحط ومسك عم احمد الكوباية، شرب منها شوية وبعد كده بص لي وابتدا يحكي..
-ام رياض.. ام رياض كانت ست عندها واحد واربعين سنة، بس بالرغم من ان سنها معدي الاربعين، إلا إنها كانت ست الستات، جمال ايه وحلاوة ايه، ده غير انها كانت مهتمة بنفسها اوي، اشي احمر على اخضر على غوايش دهب في الدراعين، لكن نزلة الست دي على الغورية، كانت نزلة غريبة، كأنها نزلة معلم من المعلمين الكبار.. المَرة اشترت بيت ودكانين وبقت بتتعامل من الكل على إنها معلمة بحق وحقيقي، لكن المعلمة كانت وحدانية، لا ليها جوز ولا عيل ولا قريب، ولما اتسألت عن فلوسها الكتير، قالت انها ورثتها من ابوها اللي كان معلم من معلمين الجيزة، وماكنش حيلته غيرها، اما عن جوازها، فقالت انها كانت متجوزة وهي عيلة صغيرة، وجوزها مات على إيدين الانجليز، ولأنها كانت بتحبه، فماتجوزتش من بعده، هي بس فضلت عايشة مع ابوها بعد موت امها، ولانه ماكنش له قرايب، فكانت هي سنده وعكازه في الدنيا، وفضلت كده لحد ما ابوها مات، ومن بعد موته، معلمين الجيزة ابتدت عينيهم تتفتح عليها وعلى تجارة ابوها، اللي يقولها انا بحبك وعايز اتجوزك، وهو طمعان في فلوسها، واللي يقولها بيعيلي دكاكين ابوكي برخص التراب، وألا هشوهك بماية نار، واللي يترازل عليها واللي يتعرضلها، لحد ما في يوم خدت القرار، باعت اللي وراها واللي قدامها لمعلم من معلمين الصاغة، وبعد ما خدت فلوس دكاكين ابوها وبيته، نزلت على الغورية وعاشت فيها عشان تبعد عن النوش والوَش، وبعد نزولها للغورية وزي ما قولتلك، اشترت دكانين وفتحتهم بقالة، وفي نفس الوقت اشترت بيت من دورين قريب من الدكاكين، لكن الحال ماوقفش لحد هنا، الرجالة الكبار اللي في الغورية، كانوا بيتدحلبوا عشان يوصلوا لها، اللي بقى بيقدملها هدايا، واللي كان بيستجدع معاها، وكل ده وهي ولا بتسأل فيهم، اه.. ما الحق يتقال، الولية كانت فاهمة وواعية، معلمة بصحيح، او زي ما هي كانت بتقول على نفسها يعني، وعشان كده ماعبرتش ولا واحد منهم، ويوم ما اتجوزت، اتجوزت شاب كان بيشتغل عندها في الدكانة، هو مش شاب اوي يعني، هو كان عنده ٤٣ سنة، بس كان شايف نفسه ومهتم بيها حبتين، والراجل ده كان عايش من بناته الاتنين من بعد ما مراته ماتت، ولانه كان طيب ومش طماع، وبناته الصغيرين كانوا هادين، ولأن كمان ام رياض كانت وحدانية ومالهاش حد، فاتجوزته.. كان اسمه عنتر، بس الغريب بقى ان بعد جوازهم بشهور، ام رياض بقت حامل!.. اه والله ياابني، الست حبلت وخلفت من عنتر ولد، والولد ده سمته رياض على اسم ابوها، لكن احوال ام رياض وعنتر وبناته، ابتدت تتشقلب من بعد سبوع الواد بحوالي شهر كده.
-ازاي ياعم احمد.. واشمعنى يعني بعد سبوع رياض بشهر؟!
-اقولك.. الولية ام رياض بعد ما خلفت الواد وبعد ما عملتله سبوع تتحاكى بيه الغورية كلها، قعدت مع جوزها عنتر وقالتله انها عاوزة تغير مكان سكنها، وفسرت ده بإن بيت الغورية قديم، وإن الناس في المنطقة بقوا بيحسدوها، ولما سألها طب وهنسكن فين، قالتله انها من زمان نفسها تعيش في منطقة السيدة زينب، واللي قالته ياابني حصل.. بعد حوالي اسبوعين من السبوع، كانت ام رياض وعنتر وبناته، اتنقلوا لبيت جديد في منطقة السيدة زينب، بالتحديد يعني في حتة اسمها درب الجماميز، لكن من بعد سكنهم في البيت، واحوالهم ابتدت تتبدل، او بالتحديد يعني، ام رياض هي اللي احوالها ابتدت تتبدل، ومش تتبدل وبس، لا، دي الولية بقت بتعمل حاجات غريبة..
يعني اول حاجة غريبة حصلت منها، كانت في يوم بالليل، يومها الولية بعد ما جوزها رجع من شغله في محلها اللي في الغورية ونام، وبعد ما بناته كمان ناموا والبيت كله بقى ساكت، صحي فجأة على صوت خبط!.. لا لا ، ده مش بس خبط، ده كان هَبد، وكأن حاجة عمالة تتشال وتتهبد!
فتح الراجل عينيه وقام من على سريره زي السكرانين، فتح عينيه واتمشي لحد مصدر الصوت لحد ما وصل له، الصوت كان جاي من الصالة، لكن اللي أفظع من الصوت كان المنظر اللي شافه.. الراجل لما خرج لقى ام رياض واقفة في الصالة ومدية وشها للحيطة اللي بتفصل اوضة النوم عن الصالة، وبعزم ما فيها كانت عمالة تهبد دماغها في الحيطة هبدة ورا التانية.. قرب منها عنتر وهو لسه بيحاول يستوعب اللي بيحصل قصاده، المنظر كان غريب، الست كانت مبرقة عينيها عالأخر وكأنها مش في وعيها، وكانت عمالة ترَجع راسها لورا، وتخبطها في الحيطة وترجعها تاني!.. قرب منها عنتر وحاول يفوقها من اللي هي فيه، بس اول ما لمسها، الولية ابتدت تتشنج زي اللي مسكتها كهربا، اترمت عالأرض وفضلت تصرخ وتتنفض، وفي وسط كل ده، البنات صحيوا على صوتها وخرجوا من أوضتهم، وطبعًا مع خروجهم اتفاجأوا من المنظر، ابوهم كان واقف بيبص لمراته وهو مبرق، ومراته عمالة تتشنج على الأرض وراسها غرقانة دم، وفي نفس الوقت الحيطة اللي الست واقعة قصادها، كان عليها دم هي كمان!.. بس الحال ده مادامش كتير، وده لإن عنتر فاق من ذهوله وقرب من ام رياض وابتدا يأذن في ودنها، اما بنته الصغيرة (ورد).. فجريت جابت قُلة وادتها لابوها، مسك عنتر القُلة ورش منها على وش ام رياض، بس برضه فضلت تتنفض وتتلوى زي التعابين لحد ما بعد دقايق ابتدت تفوق، ومع فوقانها بصت لعنتر وسألته وهي تايهة ومش مركزة.. (انا فين؟.. وجيت هنا ازاي؟!).. ماجاوبهاش، ده قومها هو والبنات ودخلوها أوضتها، وبعد ما ارتاحت وغسلوا لها وشها من الدم، وحط لها جوزها حتة شاش عالجرح، حكالها اللي حصل، بس هي ماصدقتوش، دي اتعصبت عليه وقالتله انها كانت نايمة وماحستش بأي حاجة من اللي هو قالها، لا وكمان زعقت فيه وفي بناته، وقالتلهم انهم عاوزين يجننوها عشان ياخدوا فلوسها، وفي وسط زعيقها وكلامها الاهبل ده، مسكت ابنها وحضنته وطردتهم كلهم برة الأوضة، بس الموضوع مانتهاش لحد هنا، دي ام رياض احوالها بقت أسوأ، الست بقت من وقتها بتتصرف تصرفات عجيبة، ومش بس تصرفات عجيبة زي الزعيق والشتيمة عمال على بطال، دي كمان بقى كل يوم تقريبًا، يحصلها نفس اللي حصلها قبل كده، وماقصدش يعني انه نفسه بالظبط، هي مابقتش تقوم من نومها وتخبط دماغها في الحيطة كل ليلة، دي كانت بين كل فترة والتانية كده، تبص حواليها وتبرق، ومرة واحدة تتشنج زي اللي عندهم صرع وتخش في دور منيل، واستمر الوضع ده لأيام، أيام وعنتر ياولداه عامل زي المحتاس، مراته ام ابنه يعتبر اتجننت، وابنه اللي كان بيترجاه من الدنيا، ابتدا يعيا ويمرض بسبب ان امه ماسكة فيه ومش عاوزة تسيبه.. يعني لا منها بترضعه، ولا منها بتسيبه لواحدة من البنات عشان تديله رضعة صناعي، وفضل عنتر على ده الحال، لحد ما في يوم جاله واحد شغال معاه في المحل، والواحد ده طبعًا كان عنتر حاكيله اللي بيحصل لام رياض، وعشان كده الراجل جاله في يوم وقاله وهو بيواسيه.. (ماتقلقش ياحاج عنتر، علاج الست ام رياض عندي، او هو مش عندي بالظبط يعني، هو عند راجل مبروك اسمه الشيخ نجدت القاضي، او زي ما الناس بيقولوا له يعني، مولانا القاضي).
لما عم احمد وصل لحد هنا، برقتله وانا مستغرب…
-نجدت مين؟.. قصدك.. قصدك الشيخ القاضي.. ابو نصرت؟!
-ايووه.. هو، الله ينور عليك.. بس الشيخ القاضي رغم قوته وجبروته، ماقدرش يعملها حاجة.. هو اه الراجل خد عنتر وراحوا له، وفعلًا جابوا الشيخ القاضي وابنه نصرت عشان يعالجوا ام رياض، ويصرفوا اللي لبسها من سكنها في البيت الجديد، زي ما جوزها كان بيقول، لكن للأسف.. القاضي مالحقهاش ولا عرف يصرف اللي عليها، وفي الاخر وبعد جلستين، الست موتت نفسها، اما ابنها بقى، فعاش عنتر عشان يربيه هو وبناته، بس.. بس تفتكر الحكاية خلصت لحد هنا؟
-اومال ايه؟!
-لا ماخلصتش، ده الشيخ القاضي بعد موت الست، قال ان كان في واحد، او شاب يعني، اسمه رضا، بيشتغل نفاخ جاز، يعني بيلف عالقهاوي ومعاه شعلة نار وجركن جاز، ويقف بقى يعمل عرض ويبخ الجاز في الشعلة ويولع النار لبعيد، وكل ده ليه، عشان الناس تعطف عليه وتديله اللي فيه النصيب.
-طب وهو ايه علاقة رضا او نفاخ الجاز ده بالست ام رياض الله يرحمها؟!
-علمي علمك ياابني، بس اللي اعرفه من كلام الناس يعني، انه كان بيحبها او كان عاوزها يعني وهي مارضيتش، وعشان كده عملها عمل ورشهولها قصاد بيتها، والعمل ده، اتسبب في موتها، وكمان اتسبب في ان عنتر بعد كده ساب بيت درب الجماميز ده خالص، ورجع الغورية من تاني.
-لا حول ولا قوة الا بالله، يعني عشان الست رفضته واتجوزت عنتر، يقوم عامل فيها كده، منه لله والله.. بس قولي ياعم احمد، عنتر عمل ايه بعد كده؟!
-عنتر بعد ما نفاخ الجاز أذى ام رياض، واختفى خالص وماحدش بقى عارف مكانه، رجع بيت الغورية هو وبناته ورياض، وقضى الباقي من عمره بين شغله وبين تربيته للعيال، ومع الايام، البنات كبروا واتجوزا، ورياض هو كمان كبر واتجوز وورث تجارة ابوه اللي طبعًا ورثها عن امه الله يرحمها.
-الله يرحمها ويسامحها، لكن انا مش عارف ياعم احمد، انا حاسس ان في حاجة ناقصة، وكمان حاسس ان نفاخ الجاز ده وراه حوار كبير اوي.
-جايز يكون وراه حكاية انا ماعرفهاش، بس الاكيد إن كل اللي اعرفه حكيتهولك… بس انت بقى لو عايز تعرف اكتر، فانت ممكن تنزل درب الجماميز او الغورية وتسأل هناك عن حكاية عنتر ومراته.
ولحد هنا خلصت الحكاية عند عم احمد البسطاويسي، بس بعد ما هو خلص وانا سيبته ومشيت ورجعت لجدتي، حكيتلها اللي حكاهولي، ووقت ما كنت بحكيلها، كانت بتسمعني وهي ساكتة، وفضلت ساكتة لحد ما خلصت خالص، ومع اخر كلمة خرجت مني، قربت مني وقالتلي..
-اللي قالهولك الراجل المهبوش ده مش هو كل الحقيقة، وكمان في كتير مش حقيقي، هو بس عارف القشور، إنما الحقيقة كلها عندي انا.. وانا بقى هحكيهالك.
-اللهم صلي عالنبي، انا كنت حاسس انك هتجيبيلي من الاخر، احكي ياستي احكي.
مسكت الورقة والقلم وبدأت اكتب ورا ستي اللي ابتدت تحكيلي الحكاية الصح، ومش الصح وبس، لا، دي كمان حكتهالي بالتفاصيل…
درب الجماميز
٢
-شوف ياواد ياابن بنتي، قبل ما احكيلك الحكاية اللي عرفتها من احفاد نصرت، زي ما عرفت عنه كتير من حكاياتهم عليه، خليني اقولك حاجة مهمة اوي.. الشيخ نجدت القاضي، او ابو نصرت يعني، لا هو ولا ابنه سابوا حد محتاج علاج من سحر، او حتى فشلوا معاه، مافيش بس إلا واحد، القاضي سابه ومارضيش يساعده لإنه ماكنش محتاج مساعدة، وده هحكيلك عليه في حكاية نصرت اللي هحكيهالك بعد الحكاية دي.. اما بقى عن حكاية نجلاء، او ام رياض زي ما بيقولوا عليها، فدي حكايتها مع الشيخ القاضي حكاية.. والحكاية بتبتدي من لما الراجل اللي بيشتغل في المحل عند عنتر، دله على الشيخ نجدت، ولإن ام رياض كان جنانها وتشنجاتها وقتها زادوا، فعنتر سمع كلام الراجل وراحوا للشيخ، وبعد ما راحوا له وقعدوا معاه، وعنتر حكاله عن اللي بيحصل لام رياض بالظبط، بص له نجدت القاضي وسكت شوية، وبعد سكوت وتقليب للحكاية في دماغه، اتكلم الشيخ وسأله..
-قولي ياعنتر.. هو اللي بيحصل لمراتك ده ابتدا يحصلها من امتى؟
جاوبه عنتر وهو باين على وشه الحزن والضيق..
-من بعد ما اتنقلنا من الغورية لدرب الجماميز بشهر، وانا بصراحة كده ياشيخنا شايف إن بيت درب الجماميز ده هو السبب، اه هو السبب، الولية كانت زي الفل لحد ما سكننا في البيت الشؤم ده.
لما عنتر قال للشيخ كده، رد عليه برد مهم اوي..
-وطب ولما انت شايف إن البيت هو السبب، ماجيبتش شيوخ ليه عشان يقروا فيه، وبعدين هو لو البيت السبب زي ما انت بتقول كده، ليه مراتك بالذات هي اللي اتصابت، مع إن البيت يعني عايش فيه بنتين، او بناتك يعني، والاتنين أنسات، يعني مُعرضين انهم يشوفوا اي حاجة غريبة في البيت بسهولة، طب بلاش دي، اشمعنى مراتك حالها اتقلب بالشكل ده بعد شهر بالذات، ليه مش من اول ما سكنتوا مثلًا؟!
-بصراحة ياشيخ مش عارف، مش عارف ومش لاقي اجابة على اسئلتك الاخيرة دي، بس السؤال الأولاني عندي له اجابة، انا مش ماجيبتش شيوخ، لا انا جيبت.. من بعد التعب الغريب اللي صاب مراتي ده، جيبت مقرئين من جامع السيدة ومن جامع الحسين وخلتهم يقروا في البيت قرأن.
-طب ولما قروا.. حصلت حاجة غريبة؟!
لما نجدت سأل عنتر السؤال ده، جاوبه عنتر بسرعة ومن غير تفكير..
-لا.. الصراحة ماحصلش، وده اللي مخليني مستغرب ومخلي برج من نفوخي هيطير.
سكت الشيخ شوية بعد كلام عنتر، وبعد سكوته ومن غير أي كلام زيادة، قام نجدت وقف وقال لعنتر..
-عالبركة، يلا بينا على بيتك ياعنتر.
وفعلًا ياابني، قام نجدت مع عنتر وراحوا على بيته في درب الجماميز، ومع دخول نجدت للبيت، فضل ساكت، مابيتكلمش، ملامحه جامدة، لا متضايق ولا مخنوق ولا اي حاجة، وفضل على الحال ده لحد ما عنتر وسع له السكة وخلى مراته تلبس طرحة ولبس واسع، وخلاه دخل لها وهو معاه.. ومع دخوله، كان نجدت مركز مع ام رياض، باصص في عينيها، وبعد ما دخل وقعد على كرسي جنب سريرها، سألها وهو بيبص لابنها رياض اللي نايم عالسرير جنبها وهو لسه حتة لحمة حمرا..
-قوليلي ياست ام رياض، ايه اللي بيحصلك لما بتنامي، بتشوفي كوابيس، احلام، بتحسي بخنقة؟!
جاوبته ام رياض وهي بتبربش وبتهته في الكلام..
-لا.. لا يااخويا.. لا.. لا.. مابشوفش، مابشوفش احلام، ولا كوابيس، انا ببقى قاعدة في حالي، ومرة واحدة بغيب عن الدنيا، ولما بفوق، بيقولوا لي اني فضلت اتشنج واعمل حاجات زي اللي بيعملوها سكان السرايا الصفرا.
بص نجدت لعنتر وبعد كده بص لام رياض وابتدا يقرا قرأن، ومع قرايته، مافيش حاجة حصلت!.. لا الست اتشنجت ولا اتنفضت ولا عينيها ابيضت زي ما بيحصل مع الملبوسين، دي فضلت زي ما هي لحد ما الشيخ خلص، بس هو بقى بعد ما خلص ولقى ان قرايته ماكشفتش حاجة، بص لعنتر وقال له..
-طيب.. انا كده مش كاشف حاجة، وعشان اعرف اكتر، محتاج اقعد مع بقية سكان البيت واتكلم معاهم، ينفع تجيبهملي؟!
جاوبه عنتر بسرعة..
-قصدك بناتي يعني؟!.. اه طبعًا ينفع يامولانا، دقايق ويبقوا قدامك.
وبعد دقايق كان خرج نجدت من اوضة ام رياض وقعد في الصالة، وبعد ما قعد بشوية، خرجوا له البنتين، الكبيرة واللي كان اسمها نعمة على اسم امها، ودي عندها ١٦ سنة، وورد البت الصغيرة اللي كان عندها ١٤ سنة.. قعدوا الاتنين قدامه وابتدا يسألهم عن البيت وعن لو بيشوفوا جواه حاجة، لكن الغريب بقى ان البنتين قالوا انهم مابيشوفوش حاجة، وبرضه عنتر ابوهم قال انه مابيشوفوش حاجة ومابيحصلوش حاجة، يعني كده اهل البيت كلهم بما فيهم ام رياض كمان، مابيشوفوش حاجة غريبة، وام رياض بس، هي اللي بيصيبها اللي بيصيبها ده من غير اي داعي!
استغرب الشيخ نجدت وحس انه لأول مرة قصاد حالة مالهاش تفسير، وعشان كده قال لعنتر انه هيروح وهيصلي وهيدعي ربنا انه يبينله ويكشفله سبب اللي بيجرالهم، وبعد ما قاله كده، روح بيته وصلى فعلًا ونام، بس ماشافش اي حاجة في منامه، لا شاف جن مثلًا بيحذره انه يبعد عن أهل البيت، ولا شاف كابوس فيه اهل البيت متربطين بسلاسل، ولا حتى شاف ام رياض وهي بتطلب منه استغاثة زي الحالات اللي بيروحلهم، ولا اي حاجة، ولا الهوا.. إنما تاني يوم بقى، وبعد ما الشيخ نجدت خلص صلاة العصر في الجامع، ووقت ما كان راجع لبيته، لقى واحدة مستنياه قبل مدخل البيت عنده، وتفتكر انت بقى مين الواحدة دي؟!
-مين ياستي؟!
-ورد بنت عنتر.. اول ما شافت الشيخ نجدت قربت منه وقالتله انها عاوزة تحكيله على حاجة مهمة، حاجة ماينفعش تتحكي في الشارع، وعشان كلامها ده، دخلها بيته وقعدها معاه هو ومراته، وابتدا يسمع منها…
-انا.. انا جاية لك ياسيدنا الشيخ عشان الكلام اللي هقولهولك ده، ماينفعش اقوله لحد غيرك، احنا من بعد ما ابونا اتجوز خالتي نجلا، واحنا حياتنا زي الفل، وفضلت حياتنا زي الفل حتى بعد ما سكننا في بيت درب الجماميز، لكن الدنيا ابتدت تتقلب وخالتي نجلا ابتدت تتعب من بعد ما.. من بعد ما اختي نعمة ابتدت تخرج من البيت كتير بحجة انها رايحة السوق، وكانت بتغيب كتير.. وبعد ما حصل اللي حصل لخالتي ده، ولما ربطته بغياب اختي في السوق، واللي ماحدش كان دريان بيه بسبب تعب خالتي، وانشغال ابويا بيها وبشغله، قررت اراقبها، ولما راقبتها، عرفت انها بتطلع اوضة في سطوح بيت قريب مننا، ولما واجهتها وقولتلها اني هقول لابويا، قالتلي اني لو عملت كده، هتروح تقوله على الجوابات والنظرات اللي بيني وبين فتوح ابن الجيران، وساعتها ابويا هيتأكد من كلامها لأنها معاها جواب من جوابات فتوح، وبكده هتبقى هي صادقة وانا كدابة وبداري على عملتي باتهامي ليها، ووقتها، ابويا مش بعيد يدبحني ويطلعها هي البريئة الطاهرة.
بعد ما ورد خلصت كلامها، سألها الشيخ نجدت..
-طب وتفتكري ايه العلاقة بين الاوضة اللي اختك بتطلعها من وراكوا، وبين اللي بيحصل لام رياض؟!
-مش عارفة ياشيخ.. بس اللي انا عارفاه ومتأكدة منه كويس اوي، ان ده له علاقة بده، ما هو من ساعة ما حال خالتي نجلا اتقلب بالشكل ده، ويمكن من قبلها كمان، واختي بقت بتغيب برة، وده مالوش الا تفسير واحد، وهو ان اختي ليها علاقة باللي بيحصل لمرات ابويا، بس ايه علاقته وده حصل ازاي، مش عارفة.. هي.. هي ممكن تكون بتعملها عمل، ممكن، وممكن تكون الاوضة دي فيها دجالة او دجال.
-طب يابنتي، ممكن تديني عنوان الاوضة دي وتقوليلي هي في انهي نمرة بالظبط؟!
بعد ما سأل الشيخ عن عنوان البيت اللي فيه الأوضة، وخده من ورد، قرر انه هيروح الاوضة دي تاني يوم الصبح لإنه كان عنده جلسة يومها، بس في نفس اليوم بالليل، ام رياض الحالة اشتدت عليها اوي، اشتدت لدرجة انها فضلت تتشنج وتتشنج لحد ما مرة واحدة سكتت خالص، ومع سكوتها نفسها اتقطع وفارقت الدنيا، ولإن وقتها، واللي هو زمان اوي اوي، قبل بقى الملك فاروق والملك فؤاد، كان الطب الشرعي مش زي دلوقتي، فالست طلعلها تصريح دفن بأنها ماتت بسكتة قلبية، واتدفنت، بس بعد العزا وبعد ما كل حاجة هديت، الشيخ نجدت ماهديش، ده خد بعضه وراح للأوضة، وبعد ما طلع عالسلم ولقى بابها مفتوح، بص جواها وركز اوي، كان واقف فيها شاب بيلم حاجته او العفش بتاعه!.. قرب نجدت ودخل الأوضة، وقبل ما الشاب ده يسأله انت مين او بتعمل ايه هنا، اتكلم نجدت وقال له…
-انت عملت ايه في ام رياض؟!
بلع الشاب ريقه وقال له باستغراب، كان باين اوي إنه مصطنع وبيحاول يداري حاجة وراه..
-ام رياض مين؟.. انا.. انا ماعرفش واحدة بالأسم ده، وبعدين انت مين اصلًا؟!
-انا نجدت ابن القاضي إسماعيل، او زي ما بيقولوا عليا، الشيخ القاضي، وبالنسبة بقى لام رياض، فانا وانت عارفين كويس اوي إن بنت جوزها الكبيرة، البت اللي اسمها نعمة، كانت بتجيلك هنا، ومن وقت ما بقت تجيلك، والولية حالها اتدهور، وفضلت تدهور وتدهور لحد ما ماتت.
-ما تموت ولا تولع بجاز، في داهية، دي تستاهل النار دُنيا واخرة، وبعدين انا عارفك، سمعت عنك كتير من الناس عالقهاوي، سمعت انك راجل مجدع وبتساعد اللي محتاج مساعدة من غير مقابل.
ابتسم الشيخ ابتسامة ثقة وقال للشاب اللي قصاده..
-طب ما تحكيلي!
قعد الشاب على الارض قصاده وابتدا يحكيله وهو سرحان..
-من سنين، كان في راجل اسمه عبد العال، الراجل ده كان وارث عن ابوه فلوس كتير، كان غني، اتجوز واحدة غلبانة اسمها نحمده وخلف منها تلات صبيان، الكبير سعد، والاصغر منه سعيد، والصغير خالص كان رضا.. انا، انا اللي بعد ما اتولدت ابويا ساب امي ورمانا، بقى همه الحريم واللف وراهم، بس امي، كانت وتد، ربت اخواتي وطلعتهم شباب يعتمد عليهم، اشتغلوا واتجوزوا وسافروا بعيد عن المحافظة اللي كنا عايشين فيها، اما ابويا بقى، ف لفه ورا الحريم وقعه في واحدة جابت داغه، اتجوزها لأنه ماكنش عارف يطولها في الحرام، وبعد جوازهم، خلته يسكر في ليلة ومضته وبصمته على اللي وراه واللي قدامه، وبعد ما عملت كده، موتته، ومش عارف بقى خلته يشرب خمرة وحشيش وافيون لحد ما مات، ولا حطتله سم في الخمرة، مش عارف.. لكن اللي اعرفه انها موتته وخدت اللي وراه واللي قدامه وطفشت، اما انا بقى، ف بعد موت امي، اتمرمطت، كنت عيل صغير عنده ١٣ سنة، لفيت عالموالد وبقيت حلانجي، من الشغلانة دي للشغلانة دي، لحد ما رسي بيا الحال على شغلانة نفاخ الجاز، بقيت كل يوم اسحب جركن الجاز والشعلة وانزل اتحنجل عالقهاوي، ومن قهوة لقهوة، لبيات على رصيف ليلة، لبيات جوة زريبة في ليلة تانية، لحد ما خدت الأوضة دي وقعدت في درب الجماميز، بس النصيب بقى خلاني شوفت مين، شوفت نجلا ومعاها نعمة بنت جوزها، عرفتها من اول ما شوفتها، ملامحها كانت ماتغيرتش كتير، السنين ماغيرتش صفارها ولا نظرات عيونها اللي يتدب فيهم رصاصة، كانت زي ما شوفتها اول مرة ليلة جوازها من ابويا، قادرة.. ومن اليوم ده وانا حطيت خطتي، راقبتهم وعرفت بيتها وعرفت كل حاجة عنها، وابتديت العب عالبت نعمة، خلتها حبتني، وكمان اقنعتها ان مرات ابوها دي مابتحبهاش، وان فلوسها كلها هتروح لرياض ابنها، ولإن الزن على الودان أمر من السحر، ولعب الحبيب بعقل حبيبته احسن مليون مرة من أي عمل، فانا اقنعتها انها تحط لنجلا في الاكل بودرة، والحقيقة انها ماكانتش بودرة، ده كان برشام مطحون، برشام من اللي بيوزعوه على العيانين اللي بيروحوا المورستان، برشام يهيج التور ويخليه يتشنج ويثور، ولما البت سمعت كلامي وحطتلها البرشام المطحون ده في الاكل، الولية ابتدت تهلوس وتتشنج، واهي.. بعد ايام من اللي كان بيحصلها ماتت، وانا كده مرضي، لا عايز فلوس ولا عايز ورث ولا عايز اي حاجة.. خلي الفلوس للواد رياض لما يكبر، جايز يبقى بني أدم كويس لما ظروفه تبقى كويسة، وجايز لما يطلع ويلاقي عنده قرش يتسند عليه، واب بيحبه ويربيه، مايبقاش نسخة تانية مني.. نسخة تانية من نفاخ الجاز اللي انتقامه هيعيشه الباقي من عمره في تأنيب ضمير، اما بقى البت نعمة، فانا لا حبيتها ولا حتى لمستها، مع إن والله كان في إيدي أذيها وأذي ابوها واعمل معاها كل اللي انا عاوزه، لكن لا، هي كفاية اوي اللي اتورطت فيه بسببي، ودلوقتي ياشيخ.. دلوقتي بس.. اقدر اقولك اني عملت اللي انا عاوزه، واني هسيب كل حاجة وهعمل اللي اتعودت اعمله من بعد موت امي.
قام الشيخ وقف وسأله وهو بيمسح دموع نزلت منه غصب عنه..
-اللي هو ايه يانفاخ الجاز؟!
-الهروب ياقاضي.. الهروب.
ومرة واحدة قام رضا بسرعة وزق الشيخ القاضي وطلع يجري برة الأوضة، ولإن الواد كان رفيع وسريع، والشيخ القاضي كان سنه كبير، فملحقش يجيبه، واختفى نفاخ الجاز من وقتها وماحدش شافه تاني، اما عنتر بقى، ف بعد موت مراته، باع البيت اللي في درب الجماميز ورجع تاني الغورية، ولما الشيخ القاضي راحله وحكى له على اللي حصل، كَدبه، كَدبه وقاله إنه مش مصدقه وإن مستحيل بنته نعمة اللي رباها تعمل كده، ومش كده وبس، ده كمان كان باين عليه إنه مش هامه اوي موت نجلاء، هو اصلًا ماحبهاش، هو في الأول حَب فلوسها وحَب رعايتها لولاده، ومع الوقت ولما خلفت منه، بقى رياض واللي هو الولد اللي كان بيتمناه طول عمره، بقى هو كل حياته، اما نعمة بقى، فدي اتجوزت ابن تاجر صاحب ابوها، ولما كبرت جالها مرض خلاها تلف عالدكاترة وماتلاقيش علاج، وفي الاخر ماتت وهي مش لاقية حل للصداع الغريب اللي كان بيجيلها، وكإنه انتقام ربنا عزوجل بسبب اللي عملته في نجلا، اما ورد بقى، فاتجوزت ابن الجيران اللي كان بيحبها، طب وعنتر؟.. عنتر عاش يربي رياض لحد ما مات، وبعد موته، ورث رياض كل حاجة، بيت الغورية والدكاكين وكل اللي ورثه ابوه عن امه، وبس، بكده تبقى اتقفلت القصة، بس بقفلتها، بتتفتح قصص وحكايات جديدة، قصص بطلها الشيخ القاضي وابنه.. نصرت القاضي.
لما جدتي وصلت لحد هنا سألتها..
-الله!.. طب واللي قالهولي عم احمد!.. ده ماحكاليش التفاصيل دي خالص!
-ايوه ياابني ماحكهاش لإنه وارد اوي يكون مايعرفهاش، او ممكن يكون عارفها بس السن والزهايمر خلوه ينسى كتير منها، او حتى يغير احداث فيها.
-اه والله.. معاكي حق ياستي، ده انا لما روحتله ماكنش فاكرني، لا وكمان حكالي حكاية ام رياض واصلها زي ما كانت حكاياها للناس وهو مصدقها اوي، مع إنها ضحكت عليهم وعليه، دي لا طلعت معلمة بنت معلم ولا نيلة، يلا.. ربنا يشفيه ويعفو عنه، بس تعرفي، انا ليا وجهة نظر في إن ليه عم احمد حكالي الحكاية دي بالذات.
-ليه ياابو العُريف؟!
-عشان رضا او نفاخ الجاز شبهه، الفرق اللي بينهم بس إن رضا عرف ينتقم من نجلا، مرات ابوه اللي سرقت ورثه، اما عم احمد بقى..
قاطعتني جدتي..
-ف خايب، هو وابوه اخيب من بعض، وابوه اخيب منه كمان، راجل الفلوس الحرام ملت عينيه وخلته مشي ورا ابو دودة لحد ما وقع في شر اعماله، بس تعرف.. رضا نفاخ الجاز مش اشطر من احمد البسطاويسي ولا حاجة، اكيد ربنا رد فيه اللي عمله في نجلا ونعمة، ربنا ياابني مابينساش ولا بيغفل ولا بينام.
-ونعم بالله ياستي، بس قوليلي صحيح، انتي قولتيلي في الأول إن الشيخ نجدت، او ابو نصرت يعني، ساب حد ومارضيش يعالجه، ليه بقى؟!
-هقولك.. بس عشان اقولك، لازم احكيلك حكاية نجدت من الأول، حكايته هو وابنه اللي اتولد جوة قبر زي ما بيتقال عنه، ولما احكيلك والحكاية تمشي بينا، هتعرف هو ليه سابه ومارضيش يعالجه، وكمان هتعرف إن نصرت، زي ما ساعد ناس كتير وحل مشاكل اكتر، زي مشكلة دكان ارزاق مثلًا، فهو برضه وقفت قدامه في نهاية حياته مشكلة كبيرة، مشكلة بيت العجوز.. واللي بسببها نصرت حس إنه عاجز وضعيف لأول مرة في حياته، ما هو ياابني اللي يسمح للشيطان إنه يخدعه، يبقى يستحمل أذاه.. وده اللي حصل معاه، مع نصرت ابن نجدت ابن القاضي إسماعيل.. واللي هحكيلك حكايته من اول يوم ميلاده، لحد يوم مماته.
ولحد هنا بتنتهي الحكاية دي، ومن بعدها بتبدأ حكاية جديدة، حكاية الشيخ نصرت مع بيت ملعون.. بيت ماحدش دخله إلا وخرج منه ميت، طب عايز تعرف حكاية نصرت مع البيت؟!.. لو عايز تعرف فانت هتلاقي الحكاية دي في العدد الروائي التاني من سلسلة روايات حكايات جدتي، رواية نصرت، واللي هتبقى موجودة بإذن الله في معرض القاهرة الدولي للكتاب، في صالة ٢ جناح a33.. في الفترة من ٢٦ يناير، لغاية ٦ فبراير.. ولو عاوزين تشوفوني وتاخدوا توقعيات على الرواية ونتناقش في اي حاجة تحبوها بخصوص القصص، فهتلاقوني بإذن الله في المعرض يوم الجمعة ٢٧ يناير والجمعة ٣ فبراير.. اشوفكم على خير.. هستناكم.. وزي ما انا هستناكم فاستنوني قريب اوي وقصة جديدة من قصص عم جاد، القصة الكاملة لام قويق، فاكرينها؟!.. ماتقلقوش، هرجع قريب وهحكيهالكوا زي ما حكهالي عم جاد، سلام… اشوفكم في المعرض على خير.
تمت