عَن عَبد الله بن مَسْعود رضي الله عنه قَالَ : ما من شيء أحق بطول السجن من اللسان.
١٠–” شبح الخوف “
ساعة بأكملها وهو يحاول إقناعها بالأمر ، فأحياناً يشعر أنها على شفير الموافقة ، لتعود من جديد وتبدى قلقها من الأمر ، فهو لن يقضى يومه بإقناعها ، فهو بدأ يسأم من الحديث معها ،وربما أتخذ قراره ، بأن سيفعل ما يريده سواء شاءت بذلك أم أبت
فترك مكانه ووقف أمامها يستجلب دموعه الزائفة وهو يقول :
– يعنى كل ده يا إلهام ومخوننانى وأن أنا مش هبقى أمين على بنتك
زفرت إلهام بتيه وهى تقول :
– أنا مش قصدى كده يا فاروق أنت عارف أن الشغلانة دى سكة اللى يروح ميرجعش ودى بنتى برضه
عاد يجلس بجانبها وهو يقول :
– هو أنا هخليها تشتغل شغل من اللى بالك فيه ، لاء طبعاً دا زى ما قولتلك هتبقى مغنية بس فى المحل للعرض وبس مش للمس
نظرت إليه قائلة بتفكير :
– طب ده هيحصل إزاى وجدتها هى الواصية عليها ومش هنقدر نخدها منها
حك فاروق فكه بتفكير هو الآخر ، فمالبث أن قال بغيظ :
– أه الولية القرشانة دى مش هتسكت ، أنا عارف هى لسة متبتة فى الدنيا ليه كده ، بس المهم دلوقتى أنك موافقة ، ونبقى نشوفلها حل
هبت إلهام واقفة وهى مغمغمة :
– لما نبقى نشوف يا فاروق دلوقتى قفل على الموضوع ده
تركته وذهبت للمطبخ ، فتمدد فاروق على الأريكة ، والإبتسامة تملأ فاه ، فهو تجاوز العقبة الأولى ، التى تمثلت بخوفه من رفض إلهام للأمر ، ولكنه كالعادة إستطاع إحتواء الأمر ، وحصل على مبتغاه ، والآن سيفكر فيما سيفعله ليستطيع جلب ليان من بين يدى جدتها
_______________
منذ تلك المحاضرة المشئومة ، التى ترى أن هذا الرجل قد أهدر بها كرامتها ، وهى عقدت إتفاقاً مع رهف ، ان أثناء تلك محاضرته ، تجلسان متباعدتان عن بعضهما البعض ، حتى لا يحدث ما حدث مرة أخرى ، فهى تتذكر عندما هاتفتها رهف تبدى أسفها لها على ما حدث ، فهى لا تلومها فهى غير مذنبة ، ولكن ذلك الرجل هو الذى تعامل معها بأسلوب مهين
جلست فى آخر القاعة ،تحاول أن تخفى نفسها عن عيناه تقوم بتدوين ما يقوله ، ولكنها لا تتحمل أن تسمع صوته ، فهى تريد ان تنحر عنقه ، حتى يكف عن الكلام ، أمسكت القلم بين أصابعها ، تخط بيدها على صفحات دفترها ما يتلوه عليهم ،تضغط بأصابعها على القلم ، فهى على وشك كسره فهل ستتحمل ان ترى هذا الرجل حتى ينتهى العام الدراسى ؟ فربما ستصاب بضيق في التنفس
ينظر رفيق لشقيقته مطمئناً ، انها لم تعود ترافق تلك الفتاة ، فهو يشعر بالراحة لأنه لم يعد يراها تجلس بجوارها ، فربما تكون امتنعت عن حضور المحاضرات ، أو ربما تركت الكلية ، وسيكون هذا أفضل بالنسبة له ، بالرغم من أنه لا يعرف الفتاة جيدا ، ولم يعد يتذكر ملامح وجهها ، ولكنه يريدها أن تظل بعيدة عن شقيقته
انتهت المحاضرة ، فتنفست ليان الصعداء عندما رأته يخرج من باب القاعة ، وهى تتمنى ان تسقط السماء على رأسه
فدمدمت بغيظ هامسة لذاتها :
–:” فى ستين داهية تاخدك يا دكتور رفيق”
قامت من مكانها ، وذهبت لتجلس بجوار رهف لحين موعد بدء المحاضرة التالية
فرمقتها رهف وهى مقطبة الجبين وقالت :
–:” احنا هنفضل بالنظام ده يا ليان ما خلاص بقى تعالى اقعدى جمبى فى محاضرة دكتور رفيق”
ردت ليان برفض قاطع :
–:” لاء مش عايزة أبقى قاعدة قدامه كده ولا يشوفنى وعلشان ما يحصلش اللى حصل قبل كده”
مسدت رهف على ذراعها بحنان وهى تقول :
–:” المحاضرة دى عدا عليها كتير إنسى بقى دا احنا خلاص قربنا نمتحن امتحانات الترم الأول”
فرقعت ليان أصابعها قائلة :
–:” أه فكرتينى فى ملزمة عايزين نشتريها علشان الامتحانات”
أماءت رهف برأسها وقالت :
–:” بعد ما نخلص المحاضرات نروح نشتريها يلا بقى مش هتاخدى حاجة من السوبر ماركت بتاعى”
تبسمت ليان لها وهى تقول:
–:” هاتى يا أختى ماهو السوبر ماركت ده اللى جابلى الكلام معاكى لبان”
حركت رهف رأسها وهى تجيل ببصرها داخل حقيبتها :
–:” اه معايا فى بالفراولة وبالبرتقال وبالموز تاخدى ايه”
رفعت ليان حاجبها قائلة :
–:” دا انتى بقى مبضعة فى الشنطة يا رهف “
وضعت رهف يدها على فمها ، لتكتم صوت ضحكتها وهى تقول:
–:” اه التموين لسه جاى طازة”
حاولت ليان تمالك ضحكتها حتى لاتخرج منها بصوت عالى ينتبه عليه الحاضرين :
–:”والله ماحد مودينى فى داهية غيرك أنتى والسوبر ماركت المتنقل بتاعك ده”
أثناء نظرها تجاه باب القاعة ، لمحته واقفاً يتحدث مع أحد الطلاب أمام الباب بالخارج ، فماتت البسمة على شفتيها ، وتجمدت تعابير وجهها ، تشعر بدماءها تسير حارة بعروقها ، فكلما وقع بصرها عليه ، يزداد الكره بقلبها ، فمحاولة نسيانها لما حدث ، لا تجدى نفعاً ، فما أن تراه تظل تدمدم بسخط ولا تخلو كلماتها من رجاءها بأن تراه بأسوء حال ، أو أن لا ترى وجهه مرة أخرى
______________
منذ عملها بتلك الوظيفة ، تحسنت أحوالهما المادية قليلاً ، فهى تستطيع الآن على الاقل ، شراء أدوية والدتها ، فهى تشكر الله على توفيقها فى الحصول على تلك الوظيفة ، قامت بتحضير طعام الإفطار حتى تطعم والدتها وتعطيها أدويتها قبل الذهاب إلى عملها
فنادتها بصوتها الرقيق قائلة :
–:” ماما يلا يا حبيبتى افطرى علشان تاخدى الدوا واروح انا الشغل”
أقتربت منها والدتها قائلة بحب :
–:” حبيبتى تسلم ايدك يا قلبى وربنا يا بنتى يوفقك ويرزقك يارب”
ردت سارة بإبتسامة :
–:” تسلملى دعواتك الحلوة دى يا ماما يلا انا بقى علشان متأخرش على الشغل”
قامت بانهاء ارتداء ثيابها وضبطت حجابها وأخذت حقيبتها ، فقبلت يد والدتها ، وخرجت من الغرفة متجهة إلى عملها ، كانت تسير بابتسامة على وجهها ولكنها اختفت عندما رأت ذلك الشخص السمج ، الذى لا يمل من مضايقتها
فأقترب منها وهو يطالعها بنظرات سمجة :
:” صباح الفل على عيونك يا ست البنات”
همست سارة قائلة :
–:” لا إله إلا الله والله ما هى ناقصة رخامتك على غيار الريق انت كمان”
دار حولها وهو مازال يمطرها بغزله القمئ :
–:” يا قمر عبرنا حتى بكلمة بابتسامة”
أطلقت سارة نهدة عميقة :
– :” الرحمة من عندك يارب ارحمنى منه بقى”
أسرعت بخطواتها ، حتى تستطيع اللحاق باحدى الحافلات التى تمر من الشارع الرئيسى ، حتى تتخلص من سماجة هذا الشخص الذى لا يفعل شئ بحياته سوى مضايقة الآخرين
وصلت الى الشركة بميعادها ، فولجت بخطوات سريعة تكاد تصطدم بنسرين التى ابتسمت على تصرفها فمنذ قدومها وهى نشأت بينها صداقة
فإبتسمت نسرين وهى تقول :
–:” ايه يا سارة براحة هو فى حد بيجرى وراكى”
وضعت سارة يدها على صدرها تلتقط أنفاسها :
–:” أنتى عارفة زمان أستاذ أكمل هيوصل دلوقتى ومينفعش الموظفين ييجوا بعد صاحب الشغل”
ربتت نسرين على كتفها وقالت :
–:” لاء متخافيش أستاذ أكمل مبيدققش فى الحاجات دى اللى ممكن يعمل كده دكتور رفيق بس اليومين دول مشغول فى امتحانات الكلية فمتقلقيش أوى كده لما دكتور رفيق بقى يرجع ييجى الشركة الصبح يبقى من الفجر لازم تبقى هنا “
عدلت سارة من وضع حقيبتها على كتفها وهى تقول :
–:” أنا مشفتوش إلا قليل جدا”
تأبطت نسرين ذراعها قائلة :
–:” علشان بس التدريس في الكلية غير كده بتبقى الشركة واقفة على رجل وهو موجود”
:” باين عليكم بتخافوا منه أوى”
قالت سارة عبارتها ، بعدما توقفت عن السير أمام الغرفة ، التى يقع بها مكتبها
فأماءت نسرين برأسها وهى تقول :
–:” مش بيقولك من خاف سلم وده ينطبق عليه مقولة اتق شر الحليم إذا غضب”
قالت سارة وهى تلج غرفة المكتب :
:” ربنا يستر الحق أخلص الشغل اللى ورايا أشوفك فى البريك سلام”
لوحت لها نسرين بيدها قبل أن تنصرف قائلة :
–:” سلام يا قمر ومتنسيش هنتغدا مع بعض”
عادت كل منهما لعملها ، فدلف أكمل الشركة ، وأثناء مروره من أمام غرفة مكتبها ،وجد نفسه يرتد بخطواته وينظر اليها وهى منكبة على الأوراق التى بين يديها ، لا يعرف كيف شقت الابتسامة شفتيه ؟ فهى منذ مجيئها للعمل هنا ،وهو لا يعلم سر الراحة ، التى يشعر بها عندما يراها او يتحدث معها ، نهر نفسه بقوة على ما يفعله ، فتسابقت خطواته فى الدخول الى مكتبه ، وهو يأنب نفسه على ما يشعر به ، فكيف له أن ينسى أنه رجل متزوج وليس هذا فقط فهو لديه طفلة أيضاً ؟
_______________
بدأت إمتحانات الفصل الدراسي الأول لجميع الطلاب ، فدأبت ليان على تأدية الامتحانات بشكل جيد ، مخلفة ورائها أى شعور بالحقد والكره تجاه ذلك الشخص ، الذي تأدى الآن الامتحان فى مادته الدراسية ، فلو كان الأمر بيدها ربما كانت ملأت دفتر إجابتها ، بتلك الكلمة التى تختزنها فى قلبها تجاهه وهى ( أنا بكرهك يا دكتور رفيق بكرهك بكرهك)
أفاقت على حالها ، كأنها كانت بحلم ، عندما سمعت صوتاً يعلن عن إنتهاء الوقت المحدد للامتحان ، فقامت بتسليم دفترها وخرجت من القاعة
قابلت رهف التى أسرعت بسؤالها :
–:” ها عملتى ايه النهاردة فى الامتحان”
نظرت ليان لورقة الأسئلة وهى تقول :
–:” الحمد لله حليت كويس وأنتى عملتى إيه يا رهف”
إبتسمت رهف قائلة بتفكه :
–:” عيب عليكى دا أنا مسبتش فتفوتة فى الامتحان حليته كله دا سهل أوى إمتحان الجغرافيا ده”
لطمت ليان وجنتها وقالت :
:” يالهوووى جغرافيا إيه يا بنتى إحنا فى تجارة”
زوت رهف حاجبيها وهى تقول بدهشة مزيفة :
–:” لا يا شيخة يعنى إحنا مش كان عندنا إمتحان جغرافيا “
نظرت لها ليان بقلق قائلة :
–:” هو أنتى دخلتى إمتحان غلط ولا ايه فى يومك ده ولا بتشتغلينى”
أتسعت إبتسامة رهف وهى تقول :
–:” يا ستى بهزر معاكى علشان النهاردة كان آخر إمتحان وهناخد اجازة نص السنة وأنتى هتسافرى بلدكم ومش هشوفك”
تطلعت إليها ليان قائلة بحزن :
–:” إن شاء الله نتقابل على خير واحنا مع بعض على التليفون لحد ما نرجع الكلية تانى هتوحشينى يا رهف”
تهدلت ملامح رهف هى الأخرى بحزن وقالت:
–:” وأنتى كمان والله يا ليان هتوحشينى اوى خلى بالك من نفسك سلام”
أحتضنتها ليان وربتت على ظهرها قائلة:
–:” وانتى كمان يا رهف خلى بالك من نفسك مع السلامة”
ربتت رهف هى الاخرى على ظهرها ، قبل أن يفترقا :
–:” الله يسلمك يا حبيبتى”
أنصرفت ليان بعد توديع رهف ، متجهة الى السكن الجامعى لتلملم اغراضها ،وتعود الى بلدتها ، فهى اشتاقت الى أخيها وجدتها ، رأت شريكاتها فى الغرفة يستعدن للمغادرة الى منازلهن ، ولكنها لم تعرهن أدنى اهتمام ، فهذه حالتها معهن دائما ، فهى سأمت من أحاديثهن السخيفة عن هؤلاء الشباب الذين تعرفن عليهم اثناء دراستهن ، فهى قد نصحتهن بضرورة الابتعاد عن هذا الطريق ، ولكنهن قد استهزئن بها ونعتوها بالرجعية
أخذت حقيبتها متجه إلى محطة القطار ، فاستقلت ذلك القطار المتجه الى بلدتها ، كانت روحها تتسابق مع عجلاته و لا تطيق صبراً ، لكى ترى شقيقها وجدتها ورؤية أرض أبيها ، غفت قليلاً ولكنها أفاقت من نومها مع صوت وقوف عجلات القطار ، عند وصوله الى وجهته
وصلت إلى المنزل فتحت الباب تنادى بصوتها الخلاب :
–:” باسم تيتة أنا جيت أنتوا فين”
خرج باسم من غرفته قائلاً بسعادة :
–:” لى لى حبيبتي حمد الله على السلامة”
احتضنها وظل يدور بها ، سعيدا بعودتها ، فهى شقيقته الوحيدة وهو يحبها جدا
فترجته ليان وهى تقول:
–:” كفاية يا باسم دماغى لفت جامد حرام عليك”
أفلتها باسم ، فوضعت يدها على رأسها ، ريثما تستعيد توازنها ، فهتف بها باسم :
–:” وحشتينى اوى يالى لى البيت من غيرك مالوش طعم”
إبتسمت له ليان وهى تقول:
–:” انا رجعت اهو فين تيتة يا باسم”
اشار باسم بيده لغرفة جدته قائلاً بحزن :
–:” فى اوضتها جوا بس هى تعبانة شوية”
اندفعت ليان الى غرفة جدتها لكى تراها ، فنبرة الحزن بصوت شقيقها جعلت الخوف ينشب بقلبها ، فأقتربت من الفراش تناديها برفق وهى تربت بخفة على يدها :
–:” تيتة تيتة علية أنا جيت”
فتحت علية عيناها وقالت بوهن :
–:” حبيبتى حمد الله على السلامة نورتى البيت”
جلست ليان بجانبها ، وأنحنت تقبلها على جبينها وهى تقول:
–:” مالك يا تيتة فيكى إيه أنتى تعبانة ولا اية”
حركت علية رأسها بالنفى ، لكى تطمأنها فقالت :
–:” أنا كويسة يا حبيبتى مفيش حاجة”
تطلعت إليها ليان بقلق بالغ قائلة:
–:” باين عليكى تعبانة يا تيتة يلا نروح للدكتور”
أقترب منهما باسم وهو يقول :
:” روحت بيها للدكتور الصبح وكشف عليها”
نظرت إليه ليان بتساؤل :
–:” وقال ايه يا باسم”
أطرق باسم برأسه أرضاً وهو يقول :
–:” قال لازم ترتاح يا ليان وتيتة مش بتسمع الكلام”
نهرته علية بصوتها الواهن قائلة :
–:” بس يا واد يا باسم متقلقهاش أنا كويسة يلا غيرى هدومك علشان تاكلى”
عندما همت علية بترك فراشها ، منعتها ليان وأصرت عليها بالراحة فقالت:
–:” خليكى مرتاحة أنا هحضر الأكل أنتى لازم ترتاحى هغير هدومى وأجهز الأكل”
ذهبت الى غرفتها لتبديل ثيابها ، والخوف يتأكلها على صحة جدتها ، التى اذا حدث لها مكروه لا تعلم ماذا سيحدث لها هى و شقيقها ؟ أو ماذا سيكون مصيرهما وهما لا يملكان أحد بحياتهما سواها
________________
جلست منى تفكر وتفكر ، كيف تقنعه بهذا الأمر؟ فهى لا تسأم من الحديث عن ذلك الأمر مراراً وتكراراً ، وكيف لا وهى أم وتريد الاطمئنان على أبناءها
فاقت من تفكيرها على صوت ابنتها تناديها وهى تقول :
–:” مامتى يا مامتى كان فى رواية سبتها على السرير هى فين”
أتاها صوت أخيها رفيق وهو يدلف من الباب برفقة مالك عائدين من العمل :
–:” انا رميتها فى الزبالة الصبح “
شهقت رهف ودبت الأرض بقدميها وهى تقول :
:” هااا رميتها ليه كده يا أبيه حرام عليك”
جلس رفيق على مقعد وجده بطريقه ، فهو يشعر بالإرهاق ، فأجابها قائلاً بحزم :
–:” معجبتنيش الرواية يارهف فرميتها”
عقدت رهف ذراعيها قائلة بإستياء :
–:” هو أنت يعنى قراءتها يا أبيه”
مسد على شعره برفق وهو يقول :
–:” كفاية بس الإسم بتاعها ثم إزاى تشترى رواية كده”
تقدم منه مالك قائلاً بفضول :
–:” هى اسمها إيه يا أبيه ها إسمها إيه قولى”
مد رفيق يده وضربه على ذراعه بخفة وهو يقول :
–:” بطل ياض أنت أكيد يعنى مش رواية زى اللى فى دماغك القذرة دى”
ضحك مالك وقال :
–:” أنا دماغى قذرة دا أنا دماغى زى الفل ، فلة شمعة منورة يا أبيه”
نظرت منى لأبناءها ، ووضعت يدها على وجنتها وهى تقول :
–:” هو ليه أنا حاسة إن أنا قاعدة زى الأطرش فى الزفة”
سحب رفيق رابطة عنقه وهو يزفر براحة:
–:” متشغليش بالك يا أمى وأنا جعان عايز أكل وإن كان على الرواية يا رهف هجبلك غيرها بس حاجة تستحق القراءة مش تفاهات”
جلست رهف بجانبه ، فأحاط كتفيها وأدناها منه ، فإبتسمت له قائلة بطاعة:
–:” ماشى يا أبيه وكويس إن لسه مكنتش قراءتها لأن لو كنت رميتها وأنا قراءتها ومخلصتهاش كان زمانى عملتلكم مناحة دلوقتى”
جذبها مالك من يدها وهو يقول :
–:” ما تسيبك من الروايات وتعالى نلعب سوا يا رهف”
صفقت رهف بحماس وقالت :
–:” ماشى بس هنلعب إيه يا مالك “
فكر مالك وقال :
–:” تعالى نلعب بنك الحظ”
تبسم رفيق على تفكير أشقاءه قائلاً :
–:” بنك الحظ! أنت مبتكبرش ابدًا يا ابنى”
خلع مالك عنه سترته ووضعها على ذراعه وهو يقول:
–:” انا هلعب مع أختى هو أنا هلعب فى الشارع”
تركت منى مكانها ، وقالت وهى تتجه صوب المطبخ :
–:” غيروا هدومكم وتعالوا اتعشوا وبعدين العبوا براحتكم”
بعد الانتهاء من تناول الطعام ، افترشوا الأرض فى حديقة المنزل ، وبدأ مالك اللعب مع رهف ، وجلس رفيق بجانب والدته ، يراقبهما بابتسامة على تصرفاتهما الطفولية ، ولما لا يبتسم لهما وهما أبناءه وليس أشقاءه فحسب
فانتبه على والدته تناديه قائلة:
–:” رفيق فى حاجة عايزة اقولهالك بس متتعصبش واهدى خالص ماشى”
نظر لها رفيق قائلاً بإهتمام :
:” نعم يا أمى خير فى ايه هو مفيش موضوع بيعصبنى غير موضوع الجواز هو ده اللى عايزة تكلمينى فيه”
هزت رأسها بحركات متتابعة وهى تقول:
–:” ايوة يا أبنى هو ده”
جذب رفيق شعره بخفة ، محاولاً الحفاظ على رابطة جأشه وكز على أسنانه قائلاً بغيظ :
–:” هو أنا هقولها كام مرة يا أمى إن أنا مش عايز أتجوز”
ربتت والدته على يده قائلة بلين وهى تعدد صفات العروس :
– :” دى العروسة المرة دى دكتورة وجميلة وبنت ناس يا حبيبى تقول للقمر قوم وأنا أقعد مكانك ، وهتعجبك أوى والله”
وضع رفيق رأسه بين يديه بيأس من إلحاح والدته فى ذلك الأمر ، الذى بات كالمزحة السخيفة ، التى مل من سماعها طوال السنوات الماضية ، فهو الآن سعيد بحاله ، فهو لا يريد زوجة تصيبه بالغضب الشديد من تصرفات بنات حواء
ولكن قبل أن يعلن عن رفضه القاطع ، سمع صوت رنين هاتفه ، فوضع الهاتف على أذنه فأتاه صوتها الناعم وهى تقول:
– حبيبى
أنتفض رفيق من مجلسه وإبتعد عن مكان وجود والدته وأشقاءه ، فوقف أسفل إحدى الأشجار وهتف من بين أسنانه قائلاً:
– أنتى عايزة منى إيه بالظبط ، ليلى بطلى تصرفاتك دى ،أنا قولتلك خلاص اللى بينا أنتهى من زمان ، وأنا مش هرجعلك لو عملتى إيه فهمانى ، أنا خلاص بكرهك
لم تنفعل ليلى لحديثه ، بل ظلت هحافظة على هدوءها قدر المستطاع ، فردت قائلة بثقة :
– بتكرهنى ؟ طب طالما كده متجوزتش ليه لدلوقتى يا رفيق ، علشان تعرف بس إن أنا لسه فى قلبك ومش قادر تحب واحدة غيرى ، وأكبر دليل على كده أنك مش قادر تشوف واحدة تانية غيرى تبقى حبيبتك ومراتك
رد رفيق بتهكم :
– وليه متقوليش إن أنا متجوزتش علشان أنتى كرهتينى فى صنف البنات والستات كلهم
– رفيق اللى أعرفه ، قلبه ميقدرش يكره ، يقدر يحب وبس
قالتها ليلى بثقة ويقين ، فقبل أن تسترسل بحديثها ، أغلق رفيق الهاتف وعزم على تغيير رقم هاتفه ، لعلها تكف عن مضايقاتها له ، فهو لن يعود إليها ، حتى لو كان ترياق حياته موضوع بين يديها ، ولو أصرت على الإقتراب منه ، سيجعلها ترى وجهه الأخر ، فحتى الآن مازال يتعامل معها بهوادة ولطف ، ولكن ربما هى مصرة على إخراج أسوء طباعه ، التى أكتسبها بعد خذلانها له
______________
مر أسبوع بأكمله ، منذ عودتها الى المنزل ، وكل يوم تشعر بالخوف أكثر فأكثر ، فهى تشعر ان حالة جدتها الصحية تسوء يوماً عن أخر ، بالرغم من تظاهرها بأن كل شئ على ما يرام
سمعت صوت جرس الباب ففتحت الباب بابتسامة عندما رأت ماجد ووالده ، فأشارت لهما بالدخول وهى تقول :
–:” اهلاً وسهلاً اتفضلوا”
ولج محسن يتبعه ماجد ، فنظر لها محسن قائلاً:
–:” يزيد فضلك يا بنتى عاملة ايه”
ردت ليان قائلة :
–:” الحمد لله يا عمى نحمد ربنا “
سبقتهما ليان لغرفة الصالون ، فأضاءت المصباح الكهربائى ،ودعتهما للدخول ، فجلس ماجد بجوار والده وهو يقول:
–:” احنا سمعنا إن تيتة علية تعبت جامد فجينا نشوفها هى عاملة إيه دلوقتى”
أجابته ليان والحزن يسكن بصوتها :
– :” الحمد لله ربنا يشفيها ، ثوانى على ما أنادى تيتة”
ذهبت الى غرفة جدتها ، لتخبرها بشأن مجئ محسن وابنه ماجد للاطمئنان عليها ، فهى تشعر بسعادة ترفرف بداخل قلبها منذ مجيئه ، على الرغم من الحزن والقلق اللذان تشعر بهما بسبب أوضاع جدتها الصحية
خرجت علية من غرفتها للترحيب بهما فنهض محسن من مكانه قائلاً:
–:” ألف سلامة عليكى يا حاجة علية ازيك يا باسم”
رد باسم قائلاً :
– ” الحمد لله يا عمى”
لم تتحمل قدميها الوقوف كثيراً ، فجلست علية وهى تقول :
–:” الله يسلمك يا أبنى أخبارك ايه يا ماجد”
تقدم منها ماجد وقبل يدها وهو يقول :
–:” الحمد لله يا تيتة علية ألف سلامة عليكى”
ربتت علية على كتفه ، وتبسمت بوجهه قائلة :
–:” الله يسلمك يا حبيبى “
جلست ليان و عيناه تراقبها من حين لأخر ، وحين يدرك أن ربما سيكتشف أمره يخفض بصره سريعاً إلى الأرض
تناول محسن كوب العصير من يد ليان ، فنظر لعلية قائلاً :
–:” على فكرة يا حاجة علية متولى السمسار بلغنى أن فى واحد عايز يشترى الأرض وهو جاهز يدفع الفلوس وممكن يوصل كمان يومين ويتمم الموضوع قولتى إيه”
أماءت علية برأسها وهى تقول :
” على خير إن شاء الله ربنا ييسر الحال”
سمعت ليان حديثهما ، بشأن بيع الأرض ، فشعرت بالحزن فهى قد كانت تدعو دائماً ، أن لا تباع تلك الأرض ، وبالفعل ظلت بضعة أشهر لم يتقدم أحد لشراءها ، ولكن ربما أملها هذا سينتهى ، فالأن يوجد من يريد شراءها ، فهل ستطأ قدم أحد غريب أرض والدها؟ هل ستصبح ملك لغيرهم؟ كم هو بشع هذا الشعور الذى تشعر به ؟ فماذا يحدث لها ؟ لماذا أصبح قلبها يكن مختلف المشاعر حيال كل أمورها ؟ قلبها النقى الذى لم يكن يعرف سوى السعادة والحب
فبعد مرور يومان ،علمت من شقيقها أن الرجل ، الذى سيقوم بشراء الأرض قد حضر ، وهو يجلس الآن داخل غرفة المعيشة، وجدت نفسها تلج إلى الغرفة كالإعصار ، ولكن عندما رأت الرجل شلت الصدمة أطرافها
فغمغمت بدهشة و صدمة :
– أنت !!!
________________
يتبع….!!!!!!!!!!!
أ
١٠–” شبح الخوف “
ساعة بأكملها وهو يحاول إقناعها بالأمر ، فأحياناً يشعر أنها على شفير الموافقة ، لتعود من جديد وتبدى قلقها من الأمر ، فهو لن يقضى يومه بإقناعها ، فهو بدأ يسأم من الحديث معها ،وربما أتخذ قراره ، بأن سيفعل ما يريده سواء شاءت بذلك أم أبت
فترك مكانه ووقف أمامها يستجلب دموعه الزائفة وهو يقول :
– يعنى كل ده يا إلهام ومخوننانى وأن أنا مش هبقى أمين على بنتك
زفرت إلهام بتيه وهى تقول :
– أنا مش قصدى كده يا فاروق أنت عارف أن الشغلانة دى سكة اللى يروح ميرجعش ودى بنتى برضه
عاد يجلس بجانبها وهو يقول :
– هو أنا هخليها تشتغل شغل من اللى بالك فيه ، لاء طبعاً دا زى ما قولتلك هتبقى مغنية بس فى المحل للعرض وبس مش للمس
نظرت إليه قائلة بتفكير :
– طب ده هيحصل إزاى وجدتها هى الواصية عليها ومش هنقدر نخدها منها
حك فاروق فكه بتفكير هو الآخر ، فمالبث أن قال بغيظ :
– أه الولية القرشانة دى مش هتسكت ، أنا عارف هى لسة متبتة فى الدنيا ليه كده ، بس المهم دلوقتى أنك موافقة ، ونبقى نشوفلها حل
هبت إلهام واقفة وهى مغمغمة :
– لما نبقى نشوف يا فاروق دلوقتى قفل على الموضوع ده
تركته وذهبت للمطبخ ، فتمدد فاروق على الأريكة ، والإبتسامة تملأ فاه ، فهو تجاوز العقبة الأولى ، التى تمثلت بخوفه من رفض إلهام للأمر ، ولكنه كالعادة إستطاع إحتواء الأمر ، وحصل على مبتغاه ، والآن سيفكر فيما سيفعله ليستطيع جلب ليان من بين يدى جدتها
_______________
منذ تلك المحاضرة المشئومة ، التى ترى أن هذا الرجل قد أهدر بها كرامتها ، وهى عقدت إتفاقاً مع رهف ، ان أثناء تلك محاضرته ، تجلسان متباعدتان عن بعضهما البعض ، حتى لا يحدث ما حدث مرة أخرى ، فهى تتذكر عندما هاتفتها رهف تبدى أسفها لها على ما حدث ، فهى لا تلومها فهى غير مذنبة ، ولكن ذلك الرجل هو الذى تعامل معها بأسلوب مهين
جلست فى آخر القاعة ،تحاول أن تخفى نفسها عن عيناه تقوم بتدوين ما يقوله ، ولكنها لا تتحمل أن تسمع صوته ، فهى تريد ان تنحر عنقه ، حتى يكف عن الكلام ، أمسكت القلم بين أصابعها ، تخط بيدها على صفحات دفترها ما يتلوه عليهم ،تضغط بأصابعها على القلم ، فهى على وشك كسره فهل ستتحمل ان ترى هذا الرجل حتى ينتهى العام الدراسى ؟ فربما ستصاب بضيق في التنفس
ينظر رفيق لشقيقته مطمئناً ، انها لم تعود ترافق تلك الفتاة ، فهو يشعر بالراحة لأنه لم يعد يراها تجلس بجوارها ، فربما تكون امتنعت عن حضور المحاضرات ، أو ربما تركت الكلية ، وسيكون هذا أفضل بالنسبة له ، بالرغم من أنه لا يعرف الفتاة جيدا ، ولم يعد يتذكر ملامح وجهها ، ولكنه يريدها أن تظل بعيدة عن شقيقته
انتهت المحاضرة ، فتنفست ليان الصعداء عندما رأته يخرج من باب القاعة ، وهى تتمنى ان تسقط السماء على رأسه
فدمدمت بغيظ هامسة لذاتها :
–:” فى ستين داهية تاخدك يا دكتور رفيق”
قامت من مكانها ، وذهبت لتجلس بجوار رهف لحين موعد بدء المحاضرة التالية
فرمقتها رهف وهى مقطبة الجبين وقالت :
–:” احنا هنفضل بالنظام ده يا ليان ما خلاص بقى تعالى اقعدى جمبى فى محاضرة دكتور رفيق”
ردت ليان برفض قاطع :
–:” لاء مش عايزة أبقى قاعدة قدامه كده ولا يشوفنى وعلشان ما يحصلش اللى حصل قبل كده”
مسدت رهف على ذراعها بحنان وهى تقول :
–:” المحاضرة دى عدا عليها كتير إنسى بقى دا احنا خلاص قربنا نمتحن امتحانات الترم الأول”
فرقعت ليان أصابعها قائلة :
–:” أه فكرتينى فى ملزمة عايزين نشتريها علشان الامتحانات”
أماءت رهف برأسها وقالت :
–:” بعد ما نخلص المحاضرات نروح نشتريها يلا بقى مش هتاخدى حاجة من السوبر ماركت بتاعى”
تبسمت ليان لها وهى تقول:
–:” هاتى يا أختى ماهو السوبر ماركت ده اللى جابلى الكلام معاكى لبان”
حركت رهف رأسها وهى تجيل ببصرها داخل حقيبتها :
–:” اه معايا فى بالفراولة وبالبرتقال وبالموز تاخدى ايه”
رفعت ليان حاجبها قائلة :
–:” دا انتى بقى مبضعة فى الشنطة يا رهف “
وضعت رهف يدها على فمها ، لتكتم صوت ضحكتها وهى تقول:
–:” اه التموين لسه جاى طازة”
حاولت ليان تمالك ضحكتها حتى لاتخرج منها بصوت عالى ينتبه عليه الحاضرين :
–:”والله ماحد مودينى فى داهية غيرك أنتى والسوبر ماركت المتنقل بتاعك ده”
أثناء نظرها تجاه باب القاعة ، لمحته واقفاً يتحدث مع أحد الطلاب أمام الباب بالخارج ، فماتت البسمة على شفتيها ، وتجمدت تعابير وجهها ، تشعر بدماءها تسير حارة بعروقها ، فكلما وقع بصرها عليه ، يزداد الكره بقلبها ، فمحاولة نسيانها لما حدث ، لا تجدى نفعاً ، فما أن تراه تظل تدمدم بسخط ولا تخلو كلماتها من رجاءها بأن تراه بأسوء حال ، أو أن لا ترى وجهه مرة أخرى
______________
منذ عملها بتلك الوظيفة ، تحسنت أحوالهما المادية قليلاً ، فهى تستطيع الآن على الاقل ، شراء أدوية والدتها ، فهى تشكر الله على توفيقها فى الحصول على تلك الوظيفة ، قامت بتحضير طعام الإفطار حتى تطعم والدتها وتعطيها أدويتها قبل الذهاب إلى عملها
فنادتها بصوتها الرقيق قائلة :
–:” ماما يلا يا حبيبتى افطرى علشان تاخدى الدوا واروح انا الشغل”
أقتربت منها والدتها قائلة بحب :
–:” حبيبتى تسلم ايدك يا قلبى وربنا يا بنتى يوفقك ويرزقك يارب”
ردت سارة بإبتسامة :
–:” تسلملى دعواتك الحلوة دى يا ماما يلا انا بقى علشان متأخرش على الشغل”
قامت بانهاء ارتداء ثيابها وضبطت حجابها وأخذت حقيبتها ، فقبلت يد والدتها ، وخرجت من الغرفة متجهة إلى عملها ، كانت تسير بابتسامة على وجهها ولكنها اختفت عندما رأت ذلك الشخص السمج ، الذى لا يمل من مضايقتها
فأقترب منها وهو يطالعها بنظرات سمجة :
:” صباح الفل على عيونك يا ست البنات”
همست سارة قائلة :
–:” لا إله إلا الله والله ما هى ناقصة رخامتك على غيار الريق انت كمان”
دار حولها وهو مازال يمطرها بغزله القمئ :
–:” يا قمر عبرنا حتى بكلمة بابتسامة”
أطلقت سارة نهدة عميقة :
– :” الرحمة من عندك يارب ارحمنى منه بقى”
أسرعت بخطواتها ، حتى تستطيع اللحاق باحدى الحافلات التى تمر من الشارع الرئيسى ، حتى تتخلص من سماجة هذا الشخص الذى لا يفعل شئ بحياته سوى مضايقة الآخرين
وصلت الى الشركة بميعادها ، فولجت بخطوات سريعة تكاد تصطدم بنسرين التى ابتسمت على تصرفها فمنذ قدومها وهى نشأت بينها صداقة
فإبتسمت نسرين وهى تقول :
–:” ايه يا سارة براحة هو فى حد بيجرى وراكى”
وضعت سارة يدها على صدرها تلتقط أنفاسها :
–:” أنتى عارفة زمان أستاذ أكمل هيوصل دلوقتى ومينفعش الموظفين ييجوا بعد صاحب الشغل”
ربتت نسرين على كتفها وقالت :
–:” لاء متخافيش أستاذ أكمل مبيدققش فى الحاجات دى اللى ممكن يعمل كده دكتور رفيق بس اليومين دول مشغول فى امتحانات الكلية فمتقلقيش أوى كده لما دكتور رفيق بقى يرجع ييجى الشركة الصبح يبقى من الفجر لازم تبقى هنا “
عدلت سارة من وضع حقيبتها على كتفها وهى تقول :
–:” أنا مشفتوش إلا قليل جدا”
تأبطت نسرين ذراعها قائلة :
–:” علشان بس التدريس في الكلية غير كده بتبقى الشركة واقفة على رجل وهو موجود”
:” باين عليكم بتخافوا منه أوى”
قالت سارة عبارتها ، بعدما توقفت عن السير أمام الغرفة ، التى يقع بها مكتبها
فأماءت نسرين برأسها وهى تقول :
–:” مش بيقولك من خاف سلم وده ينطبق عليه مقولة اتق شر الحليم إذا غضب”
قالت سارة وهى تلج غرفة المكتب :
:” ربنا يستر الحق أخلص الشغل اللى ورايا أشوفك فى البريك سلام”
لوحت لها نسرين بيدها قبل أن تنصرف قائلة :
–:” سلام يا قمر ومتنسيش هنتغدا مع بعض”
عادت كل منهما لعملها ، فدلف أكمل الشركة ، وأثناء مروره من أمام غرفة مكتبها ،وجد نفسه يرتد بخطواته وينظر اليها وهى منكبة على الأوراق التى بين يديها ، لا يعرف كيف شقت الابتسامة شفتيه ؟ فهى منذ مجيئها للعمل هنا ،وهو لا يعلم سر الراحة ، التى يشعر بها عندما يراها او يتحدث معها ، نهر نفسه بقوة على ما يفعله ، فتسابقت خطواته فى الدخول الى مكتبه ، وهو يأنب نفسه على ما يشعر به ، فكيف له أن ينسى أنه رجل متزوج وليس هذا فقط فهو لديه طفلة أيضاً ؟
_______________
بدأت إمتحانات الفصل الدراسي الأول لجميع الطلاب ، فدأبت ليان على تأدية الامتحانات بشكل جيد ، مخلفة ورائها أى شعور بالحقد والكره تجاه ذلك الشخص ، الذي تأدى الآن الامتحان فى مادته الدراسية ، فلو كان الأمر بيدها ربما كانت ملأت دفتر إجابتها ، بتلك الكلمة التى تختزنها فى قلبها تجاهه وهى ( أنا بكرهك يا دكتور رفيق بكرهك بكرهك)
أفاقت على حالها ، كأنها كانت بحلم ، عندما سمعت صوتاً يعلن عن إنتهاء الوقت المحدد للامتحان ، فقامت بتسليم دفترها وخرجت من القاعة
قابلت رهف التى أسرعت بسؤالها :
–:” ها عملتى ايه النهاردة فى الامتحان”
نظرت ليان لورقة الأسئلة وهى تقول :
–:” الحمد لله حليت كويس وأنتى عملتى إيه يا رهف”
إبتسمت رهف قائلة بتفكه :
–:” عيب عليكى دا أنا مسبتش فتفوتة فى الامتحان حليته كله دا سهل أوى إمتحان الجغرافيا ده”
لطمت ليان وجنتها وقالت :
:” يالهوووى جغرافيا إيه يا بنتى إحنا فى تجارة”
زوت رهف حاجبيها وهى تقول بدهشة مزيفة :
–:” لا يا شيخة يعنى إحنا مش كان عندنا إمتحان جغرافيا “
نظرت لها ليان بقلق قائلة :
–:” هو أنتى دخلتى إمتحان غلط ولا ايه فى يومك ده ولا بتشتغلينى”
أتسعت إبتسامة رهف وهى تقول :
–:” يا ستى بهزر معاكى علشان النهاردة كان آخر إمتحان وهناخد اجازة نص السنة وأنتى هتسافرى بلدكم ومش هشوفك”
تطلعت إليها ليان قائلة بحزن :
–:” إن شاء الله نتقابل على خير واحنا مع بعض على التليفون لحد ما نرجع الكلية تانى هتوحشينى يا رهف”
تهدلت ملامح رهف هى الأخرى بحزن وقالت:
–:” وأنتى كمان والله يا ليان هتوحشينى اوى خلى بالك من نفسك سلام”
أحتضنتها ليان وربتت على ظهرها قائلة:
–:” وانتى كمان يا رهف خلى بالك من نفسك مع السلامة”
ربتت رهف هى الاخرى على ظهرها ، قبل أن يفترقا :
–:” الله يسلمك يا حبيبتى”
أنصرفت ليان بعد توديع رهف ، متجهة الى السكن الجامعى لتلملم اغراضها ،وتعود الى بلدتها ، فهى اشتاقت الى أخيها وجدتها ، رأت شريكاتها فى الغرفة يستعدن للمغادرة الى منازلهن ، ولكنها لم تعرهن أدنى اهتمام ، فهذه حالتها معهن دائما ، فهى سأمت من أحاديثهن السخيفة عن هؤلاء الشباب الذين تعرفن عليهم اثناء دراستهن ، فهى قد نصحتهن بضرورة الابتعاد عن هذا الطريق ، ولكنهن قد استهزئن بها ونعتوها بالرجعية
أخذت حقيبتها متجه إلى محطة القطار ، فاستقلت ذلك القطار المتجه الى بلدتها ، كانت روحها تتسابق مع عجلاته و لا تطيق صبراً ، لكى ترى شقيقها وجدتها ورؤية أرض أبيها ، غفت قليلاً ولكنها أفاقت من نومها مع صوت وقوف عجلات القطار ، عند وصوله الى وجهته
وصلت إلى المنزل فتحت الباب تنادى بصوتها الخلاب :
–:” باسم تيتة أنا جيت أنتوا فين”
خرج باسم من غرفته قائلاً بسعادة :
–:” لى لى حبيبتي حمد الله على السلامة”
احتضنها وظل يدور بها ، سعيدا بعودتها ، فهى شقيقته الوحيدة وهو يحبها جدا
فترجته ليان وهى تقول:
–:” كفاية يا باسم دماغى لفت جامد حرام عليك”
أفلتها باسم ، فوضعت يدها على رأسها ، ريثما تستعيد توازنها ، فهتف بها باسم :
–:” وحشتينى اوى يالى لى البيت من غيرك مالوش طعم”
إبتسمت له ليان وهى تقول:
–:” انا رجعت اهو فين تيتة يا باسم”
اشار باسم بيده لغرفة جدته قائلاً بحزن :
–:” فى اوضتها جوا بس هى تعبانة شوية”
اندفعت ليان الى غرفة جدتها لكى تراها ، فنبرة الحزن بصوت شقيقها جعلت الخوف ينشب بقلبها ، فأقتربت من الفراش تناديها برفق وهى تربت بخفة على يدها :
–:” تيتة تيتة علية أنا جيت”
فتحت علية عيناها وقالت بوهن :
–:” حبيبتى حمد الله على السلامة نورتى البيت”
جلست ليان بجانبها ، وأنحنت تقبلها على جبينها وهى تقول:
–:” مالك يا تيتة فيكى إيه أنتى تعبانة ولا اية”
حركت علية رأسها بالنفى ، لكى تطمأنها فقالت :
–:” أنا كويسة يا حبيبتى مفيش حاجة”
تطلعت إليها ليان بقلق بالغ قائلة:
–:” باين عليكى تعبانة يا تيتة يلا نروح للدكتور”
أقترب منهما باسم وهو يقول :
:” روحت بيها للدكتور الصبح وكشف عليها”
نظرت إليه ليان بتساؤل :
–:” وقال ايه يا باسم”
أطرق باسم برأسه أرضاً وهو يقول :
–:” قال لازم ترتاح يا ليان وتيتة مش بتسمع الكلام”
نهرته علية بصوتها الواهن قائلة :
–:” بس يا واد يا باسم متقلقهاش أنا كويسة يلا غيرى هدومك علشان تاكلى”
عندما همت علية بترك فراشها ، منعتها ليان وأصرت عليها بالراحة فقالت:
–:” خليكى مرتاحة أنا هحضر الأكل أنتى لازم ترتاحى هغير هدومى وأجهز الأكل”
ذهبت الى غرفتها لتبديل ثيابها ، والخوف يتأكلها على صحة جدتها ، التى اذا حدث لها مكروه لا تعلم ماذا سيحدث لها هى و شقيقها ؟ أو ماذا سيكون مصيرهما وهما لا يملكان أحد بحياتهما سواها
________________
جلست منى تفكر وتفكر ، كيف تقنعه بهذا الأمر؟ فهى لا تسأم من الحديث عن ذلك الأمر مراراً وتكراراً ، وكيف لا وهى أم وتريد الاطمئنان على أبناءها
فاقت من تفكيرها على صوت ابنتها تناديها وهى تقول :
–:” مامتى يا مامتى كان فى رواية سبتها على السرير هى فين”
أتاها صوت أخيها رفيق وهو يدلف من الباب برفقة مالك عائدين من العمل :
–:” انا رميتها فى الزبالة الصبح “
شهقت رهف ودبت الأرض بقدميها وهى تقول :
:” هااا رميتها ليه كده يا أبيه حرام عليك”
جلس رفيق على مقعد وجده بطريقه ، فهو يشعر بالإرهاق ، فأجابها قائلاً بحزم :
–:” معجبتنيش الرواية يارهف فرميتها”
عقدت رهف ذراعيها قائلة بإستياء :
–:” هو أنت يعنى قراءتها يا أبيه”
مسد على شعره برفق وهو يقول :
–:” كفاية بس الإسم بتاعها ثم إزاى تشترى رواية كده”
تقدم منه مالك قائلاً بفضول :
–:” هى اسمها إيه يا أبيه ها إسمها إيه قولى”
مد رفيق يده وضربه على ذراعه بخفة وهو يقول :
–:” بطل ياض أنت أكيد يعنى مش رواية زى اللى فى دماغك القذرة دى”
ضحك مالك وقال :
–:” أنا دماغى قذرة دا أنا دماغى زى الفل ، فلة شمعة منورة يا أبيه”
نظرت منى لأبناءها ، ووضعت يدها على وجنتها وهى تقول :
–:” هو ليه أنا حاسة إن أنا قاعدة زى الأطرش فى الزفة”
سحب رفيق رابطة عنقه وهو يزفر براحة:
–:” متشغليش بالك يا أمى وأنا جعان عايز أكل وإن كان على الرواية يا رهف هجبلك غيرها بس حاجة تستحق القراءة مش تفاهات”
جلست رهف بجانبه ، فأحاط كتفيها وأدناها منه ، فإبتسمت له قائلة بطاعة:
–:” ماشى يا أبيه وكويس إن لسه مكنتش قراءتها لأن لو كنت رميتها وأنا قراءتها ومخلصتهاش كان زمانى عملتلكم مناحة دلوقتى”
جذبها مالك من يدها وهو يقول :
–:” ما تسيبك من الروايات وتعالى نلعب سوا يا رهف”
صفقت رهف بحماس وقالت :
–:” ماشى بس هنلعب إيه يا مالك “
فكر مالك وقال :
–:” تعالى نلعب بنك الحظ”
تبسم رفيق على تفكير أشقاءه قائلاً :
–:” بنك الحظ! أنت مبتكبرش ابدًا يا ابنى”
خلع مالك عنه سترته ووضعها على ذراعه وهو يقول:
–:” انا هلعب مع أختى هو أنا هلعب فى الشارع”
تركت منى مكانها ، وقالت وهى تتجه صوب المطبخ :
–:” غيروا هدومكم وتعالوا اتعشوا وبعدين العبوا براحتكم”
بعد الانتهاء من تناول الطعام ، افترشوا الأرض فى حديقة المنزل ، وبدأ مالك اللعب مع رهف ، وجلس رفيق بجانب والدته ، يراقبهما بابتسامة على تصرفاتهما الطفولية ، ولما لا يبتسم لهما وهما أبناءه وليس أشقاءه فحسب
فانتبه على والدته تناديه قائلة:
–:” رفيق فى حاجة عايزة اقولهالك بس متتعصبش واهدى خالص ماشى”
نظر لها رفيق قائلاً بإهتمام :
:” نعم يا أمى خير فى ايه هو مفيش موضوع بيعصبنى غير موضوع الجواز هو ده اللى عايزة تكلمينى فيه”
هزت رأسها بحركات متتابعة وهى تقول:
–:” ايوة يا أبنى هو ده”
جذب رفيق شعره بخفة ، محاولاً الحفاظ على رابطة جأشه وكز على أسنانه قائلاً بغيظ :
–:” هو أنا هقولها كام مرة يا أمى إن أنا مش عايز أتجوز”
ربتت والدته على يده قائلة بلين وهى تعدد صفات العروس :
– :” دى العروسة المرة دى دكتورة وجميلة وبنت ناس يا حبيبى تقول للقمر قوم وأنا أقعد مكانك ، وهتعجبك أوى والله”
وضع رفيق رأسه بين يديه بيأس من إلحاح والدته فى ذلك الأمر ، الذى بات كالمزحة السخيفة ، التى مل من سماعها طوال السنوات الماضية ، فهو الآن سعيد بحاله ، فهو لا يريد زوجة تصيبه بالغضب الشديد من تصرفات بنات حواء
ولكن قبل أن يعلن عن رفضه القاطع ، سمع صوت رنين هاتفه ، فوضع الهاتف على أذنه فأتاه صوتها الناعم وهى تقول:
– حبيبى
أنتفض رفيق من مجلسه وإبتعد عن مكان وجود والدته وأشقاءه ، فوقف أسفل إحدى الأشجار وهتف من بين أسنانه قائلاً:
– أنتى عايزة منى إيه بالظبط ، ليلى بطلى تصرفاتك دى ،أنا قولتلك خلاص اللى بينا أنتهى من زمان ، وأنا مش هرجعلك لو عملتى إيه فهمانى ، أنا خلاص بكرهك
لم تنفعل ليلى لحديثه ، بل ظلت هحافظة على هدوءها قدر المستطاع ، فردت قائلة بثقة :
– بتكرهنى ؟ طب طالما كده متجوزتش ليه لدلوقتى يا رفيق ، علشان تعرف بس إن أنا لسه فى قلبك ومش قادر تحب واحدة غيرى ، وأكبر دليل على كده أنك مش قادر تشوف واحدة تانية غيرى تبقى حبيبتك ومراتك
رد رفيق بتهكم :
– وليه متقوليش إن أنا متجوزتش علشان أنتى كرهتينى فى صنف البنات والستات كلهم
– رفيق اللى أعرفه ، قلبه ميقدرش يكره ، يقدر يحب وبس
قالتها ليلى بثقة ويقين ، فقبل أن تسترسل بحديثها ، أغلق رفيق الهاتف وعزم على تغيير رقم هاتفه ، لعلها تكف عن مضايقاتها له ، فهو لن يعود إليها ، حتى لو كان ترياق حياته موضوع بين يديها ، ولو أصرت على الإقتراب منه ، سيجعلها ترى وجهه الأخر ، فحتى الآن مازال يتعامل معها بهوادة ولطف ، ولكن ربما هى مصرة على إخراج أسوء طباعه ، التى أكتسبها بعد خذلانها له
______________
مر أسبوع بأكمله ، منذ عودتها الى المنزل ، وكل يوم تشعر بالخوف أكثر فأكثر ، فهى تشعر ان حالة جدتها الصحية تسوء يوماً عن أخر ، بالرغم من تظاهرها بأن كل شئ على ما يرام
سمعت صوت جرس الباب ففتحت الباب بابتسامة عندما رأت ماجد ووالده ، فأشارت لهما بالدخول وهى تقول :
–:” اهلاً وسهلاً اتفضلوا”
ولج محسن يتبعه ماجد ، فنظر لها محسن قائلاً:
–:” يزيد فضلك يا بنتى عاملة ايه”
ردت ليان قائلة :
–:” الحمد لله يا عمى نحمد ربنا “
سبقتهما ليان لغرفة الصالون ، فأضاءت المصباح الكهربائى ،ودعتهما للدخول ، فجلس ماجد بجوار والده وهو يقول:
–:” احنا سمعنا إن تيتة علية تعبت جامد فجينا نشوفها هى عاملة إيه دلوقتى”
أجابته ليان والحزن يسكن بصوتها :
– :” الحمد لله ربنا يشفيها ، ثوانى على ما أنادى تيتة”
ذهبت الى غرفة جدتها ، لتخبرها بشأن مجئ محسن وابنه ماجد للاطمئنان عليها ، فهى تشعر بسعادة ترفرف بداخل قلبها منذ مجيئه ، على الرغم من الحزن والقلق اللذان تشعر بهما بسبب أوضاع جدتها الصحية
خرجت علية من غرفتها للترحيب بهما فنهض محسن من مكانه قائلاً:
–:” ألف سلامة عليكى يا حاجة علية ازيك يا باسم”
رد باسم قائلاً :
– ” الحمد لله يا عمى”
لم تتحمل قدميها الوقوف كثيراً ، فجلست علية وهى تقول :
–:” الله يسلمك يا أبنى أخبارك ايه يا ماجد”
تقدم منها ماجد وقبل يدها وهو يقول :
–:” الحمد لله يا تيتة علية ألف سلامة عليكى”
ربتت علية على كتفه ، وتبسمت بوجهه قائلة :
–:” الله يسلمك يا حبيبى “
جلست ليان و عيناه تراقبها من حين لأخر ، وحين يدرك أن ربما سيكتشف أمره يخفض بصره سريعاً إلى الأرض
تناول محسن كوب العصير من يد ليان ، فنظر لعلية قائلاً :
–:” على فكرة يا حاجة علية متولى السمسار بلغنى أن فى واحد عايز يشترى الأرض وهو جاهز يدفع الفلوس وممكن يوصل كمان يومين ويتمم الموضوع قولتى إيه”
أماءت علية برأسها وهى تقول :
” على خير إن شاء الله ربنا ييسر الحال”
سمعت ليان حديثهما ، بشأن بيع الأرض ، فشعرت بالحزن فهى قد كانت تدعو دائماً ، أن لا تباع تلك الأرض ، وبالفعل ظلت بضعة أشهر لم يتقدم أحد لشراءها ، ولكن ربما أملها هذا سينتهى ، فالأن يوجد من يريد شراءها ، فهل ستطأ قدم أحد غريب أرض والدها؟ هل ستصبح ملك لغيرهم؟ كم هو بشع هذا الشعور الذى تشعر به ؟ فماذا يحدث لها ؟ لماذا أصبح قلبها يكن مختلف المشاعر حيال كل أمورها ؟ قلبها النقى الذى لم يكن يعرف سوى السعادة والحب
فبعد مرور يومان ،علمت من شقيقها أن الرجل ، الذى سيقوم بشراء الأرض قد حضر ، وهو يجلس الآن داخل غرفة المعيشة، وجدت نفسها تلج إلى الغرفة كالإعصار ، ولكن عندما رأت الرجل شلت الصدمة أطرافها
فغمغمت بدهشة و صدمة :
– أنت !!!
________________
يتبع….!!!!!!!!!!!
أ
تم نسخ الرابط