فتح أيسر الباب وما كاد يخطى خطوة خارج غرفته حتى رأى ما جعل قدميه تتيبس غير قادرة على الحركة فظل واقفا مكانه كأنه أصبح جماد فهو رأها تجلس على ارجوحتها المفضلة يدفعها أمير بيده كأنها طفلة صغيرة يدللها والداها ولكنه يراها تجلس بصمت لم تفعل شئ سوى الامساك بذلك الطرف المعدنى للارجوحة حتى تمنع سقوطها نتيجة اهتزازها فسمع صوتها تناشد أمير ان يكف عن دفع الارجوحة فربما رأسها سيصيبه الدوار
– أمير كفاية كده بقى
ارادته ان يستمع لكلامها فهى منذ خروجهم الى الحديقة رغبة من أهليهم حتى يتسنى لهم الحديث بحرية وأن يتعرف كل منهم على الاخر عن كثب وهى ترغب فى ان يتركها بمفردها مع حزنها الرابض بين جدران قلبها رفعت ثراء رأسها لمحت أيسر قادماً إليهم وقف على بعد أمتار قليلة منهما أجفلت ثراء عندما رأت الدم يتساقط من يده وهو يقف ينظر اليهم كأنه خارج لتو من عراك فنهضت سريعاً من مكانها تقترب منه بلهفة تريد معرفة ماذا حدث له فقالت بخوف:
– أيسر فى ايه وايه اللى خى ايدك انجرحت كده ايدك بتنزف
فذلك النزف لايقارن بنزف ذلك الذى يحتضنه بين ضلوعه فقلبه يقطر لوعة وأسى إلا انه استطاع أن يقول:
– مفيش حاجة يا أنسة ثراء انا انجرحت وانا مش واخد بالى انا سمعت صوت الزغاريد فخرجت اقولك مبروك على الخطوبة
ابتلع تلك الغصة التى علقت بحلقه فتقدم أمير منهم واضعا يده بجيبه ينظر اليه نظرة المنتصر قائلا:
– الله يبارك فيك عقبالك انت كمان ثراء يلا علشان كنت عايز اكمل كلامى معاكى بخصوص موضوع مهم
استدارت اليه ثراء برأسها تنظر اليه نظرة خاوية كخواء روحها ولكن عادت ونظرت الى أيسر قائلة:
– عن اذنك يا أيسر وشوف حاجة طهر جرح ايدك علشان مينزفش زيادة
تطالبه بإيقاف نزف الدم من يده فمن سيضمد جراح ونزيف قلبه الذى بدأ يشعر هو بألم نبضاته فهز رأسه رغبة منه فى ان تنصرف حقاً من أمامه قبل ان يرتكب حماقة ليس له سبيل على مواجهة اخطارها وعواقبها فربما سياخذها من يدها يفر هاربا من هنا ولكنه يعلم جيدا انه اذا فعل ذلك سيعرض حياتها للخطر فعائلتها لن تتركها تهنئ بعيش معه وهى من ستجلب لهم القيل والقال لذلك قرر ان يخنق هو كل شعور طغى على قلبه سينتزع هو قلبه حفاظاً عليها فليعانى هو فى سبيل سعادتها فليس كل الحب أنانية فربما نصيبه الأكبر هو فى التضحية فهو لم ينل او يحقق معظم أمانيه واحلامه فلتصبح هى الاخرى حلم ليس له سبيل لتحقيقه فلتظل هى فكرة تراود عقله وجنون يكتنف قلبه
خرجوا جميعهم الى حديقة المنزل فتقدمت ميرا وهى تبتسم لثراء ابتسامة عريضة ربما تراها منها أول مرة
– ألف مبروك يا ثراء بجد انا فرحتلك اوى مبروك يا أمير انت مش هتلاقى عروسة احسن من ثراء
ولكن أدركت ثراء ان سر سعادة ميرا انها ستترك المنزل وهذا ما تتمناه ميرا دوماً وليس لأنها تشعر تجاهها بمشاعر المحبة او الاخوة فاستطردت ميرا قائلة:
– ما تغنيلنا حاجة يا ثراء على فكرة ثراء صوتها جميل أوى وهى بتغنى
زجرتها ثراء بنظرة مستاءة فهى الآن ليست بمزاج تتحمل به دعابتها السخيفة الا انها وجدت تشجيع من الآخرين فرضخت بالاخير لرغبتهم فبدأت بالغناء وهى تتنقل بخطوات متريثة وعيناها ترصد انفعالات أيسر اختارت أغنية ” القاسى” لعل بذلك أيسر يفهم شيئا مما تعنيه بكلمات تلك الأغنية
القاسي، باين عليه الحب لكن قاسي
بيبص في عيوني وعامل ناسي
من وسط كل الكون لمس إحساسي
تعب لي قلبي وكله من لهفة عينيا
أول ما أشوفه الشوق إليه يتدارى فيا
وأجري عليه وأنا فاكرة مش باين عليا
وأتاري قلبي سبقني راح من بين إيديا
القااااسي
يا عيونه قولوا و يا قلبه ما تخبوش كفاية
الليل بطوله و دمعته سهران معايا
دي عينيك منين ما بروح بلاقيهم ورايا
عذبت روحك ليه كده إيه الحكاية
القاسي، باين عليه الحب لكن قاسي
بيبص في عيوني و عامل ناسي
من وسط كل الكون لمس إحساسي
القااااسى
انتهت من الغناء لتستمع لتصفيق حار من الجميع فمدت يدها تكفكف دموعها المتساقطة رغما عنها قبل ان تستدير إليهم فتقدم منها أمير يشيد بجمال صوتها
– صوتك فعلا جميل اوى يا ثراء كل يوم بكتشف فيكى حاجة جديدة تخلينى أعجبك بيكى زيادة
حولت ثراء بصرها لذلك الخاتم باصبعها قائلة:
– شكرا يا أمير
عندما همت برفع رأسها ثانية وجدت أيسر قد ذهب فربما عاد الى غرفته ثانية ،ظل الحاضرين يتسامرون وقتاً طويلاً وهى تجلس بصمت بالكاد يخرج صوتها عندما تجيب على سؤال يسألها اياه اى من الموجودين فتمنت ان تتسابق عقارب الساعة وتنتهى تلك الجلسة فانهيارها قد بات وشيكاً فلن تحتمل الصمود أكثر من ذلك فالأمر برمته بدأ بالضغط على أعصابها وقوة تحملها وصبرها على ان ترسم تلك الابتسامة المزيفة على شفتيها حان موعيد رحيل أمير وعائلته فظلت ثراء تتحين تلك الفرصة التى تصبح فيها بمفردها بغرفتها الخاصة الا انها عندما ولجت الى غرفتها وهمت بغلق الباب لمحت والداتها تناديها :
-ثراء استنى
ابتعدت ثراء عن الباب لتعبر فيروز الى الداخل فاغلقت الباب خلفها نظرت اليها ثراء قائلة:
– أيوة يا ماما فى حاجة ولا إيه
ابتسمت لها فيروز تسحبها من يدها تجلسها بجوارها على حافة الفراش الوثير مدت فيروز يدها ترفع وجه ابنتها تتفرس فى ملامحها باهتمام بالغ فزفرت بخفوت قائلة:
– حبيبتى فى ايه مالك حساكى مش مبسوطة ولا سعيدة دا مش شكل واحدة النهاردة كان قراية فاتحتها قوليلى يا ثراء فى ايه ولو انتى مش حابة الموضوع ولا العريس وافقتى ليه يا قلبى
خفضت ثراء وجهها تمنع تسرب الدموع من عينيها فحاولت جاهدة ان يخرج صوتها متوازناً:
– لاء يا ماما مفيش حاجة انا بس قرب الامتحانات موترنى فعلشان كده جايز انتى حاسة ان انا مش مبسوطة
هزت فيروز رأسها بعدم اقتناع قائلة:
– مش مصدقاكى يا ثراء انا امك واقرب واحدة ليكى واعرفك بس من ملامح وشك ازاى كنتى مبسوطة او لاء انا لم شوفت أمير يوم عيد ميلادك واهتمامه انه يلفت نظرك افتكرت ان ممكن تكونى معجبة بيه بس مكسوفة تقولى ولما اتقدملك فرحت ان بنتى الصغيرة كبرت وبقت عروسة وهتتجوز لكن اللى شفته النهاردة عرفنى ان انا غلطانة وانتى عارفة انا وباباكى ميهمناش غير سعادتك ومصلحتك فلو مش حابة تكملى فى الموضوع قولى يا ثراء احنا الحمد لله مش محتاجين ان انتى لازم عريسك يبقى غنى او ابن ذوات لأن انتى وباباكى مش محتاجين ده يعنى لو الخطوبة مكملتش مش هنزعل يعنى فيا حبيبتى قوليلى
نظرت ثراء لوالداتها قبل ان تنهض عن الفراش تقف أمام المرآة لتشرع فى خلع حجابها فندت عنها زفرة خافتة قبل ان تستدير اليها قائلة:
– ماما انا خلاص وافقت على الخطوبة وكمان انا اصريت ان مفيش جواز قبل ما اخلص دراستى علشان يبقى عندى وقت أعرف أمير كويس وصدقينى لو جه الوقت اللى مش هقدر أكمل فيه هقولك محدش عارف فى ايه فى المستقبل “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم”
فارتاحى يا ماما من التفكير وسيبى كل حاجة تمشى زى ما ربنا يريد
باءت محاولات فيروز بجعل ثراء تبوح لها بمكنون قلبها بالفشل فاستدارت اليها قبل ان تخرج من الغرفة قائلة:
– عيزاكى تعرفى يا ثراء انا معنديش اغلى منك فى الدنيا وعندى استعداد اتحدى اى حد علشانك
خرجت فيروز من الغرفة فأبدلت ثراء ثيابها وذهبت إلى فراشها وضعت رأسها على الوسادة وظلت تحملق فى سقف الغرفة بعينان متحجرتان فمن يراها يظنها انها جثة هامدة الا ان صوت أنفاسها ودقات قلبها مازالا يعلنان أنها على قيد الحياة ولم تفارقها بعد..!!!
________
حل الصباح بعد ليل شعر البعض انه لن ينتهى وانه لن ينبلج الصباح معلنا عن بدأ يوم جديد لايعلم احد كيف سيكون وكيف سينتهى .وصل منير وضحى أمام احدى اقسام الشرطة لتحرير واقعة الشروع فى الاعتداء على ضحى من طرف شقيق زوجة أبيها فوالداها أصر على ان يثأر لها على ذلك الجرح الذى ألم برأسها بسبب أشرف الا ان ضحى أصابها التردد فنظرت الى والداها قبل ان يدلف الى الداخل
– بابا ما بلاش حكاية المحضر دى انا خايفة اشرف ينتقم مننا او يعمل فينا حاجة انت عارفه دا انسان مش كويس
مد منير يده يضغط على يد ابنته باطمئنان قائلا:
-متخافيش يا حبيبتى انا معاكى وانا مش هسيب حقك يا ضحى دا كان ممكن السافل ده يضيعك خليه ياخد جزاءه خلينا نخلص منه هو واخته ويخرجوا من حياتنا لأن انا خلاص مبقتش طايق فايزة وعايز أطلقها
نظرت اليه ضحى بحزن قائلة:
– بس نص الشقة باسمها يا بابا وهى مش هترضى تسيب الشقة
كست خطوط الاجهاد وجه منير قبل ان يقول:
– احنا هنسيبلها الشقة تشبع بيها ونشوف اى مكان بعيد نعيش فيه ونبعد عن الأشكال دى بقى ياضحى لأن انا مش مستعد اضحى بيكى علشان خاطر شقة انتى اهم عندى حتى لو هنقعد فى الشارع بس مفيش أذى يحصلك ويلا بينا بقى
وصلوا الى غرفة الظابط المسئول عن تحرير المحاضر ابلغه منير القصة كاملة فأمر بتحرير محضر بالواقعة وارسال قوة للقبض على أشرف حسب اقوال منير وضحى فى الشروع فى الاعتداء عليها ، عاد منير وابنته الى شقتهم فسمع صوت طرقات عالية فتح الباب وجد فايزة تقف على الباب تنظر اليه نظرات نارية وصدرها يعلو ويهبط من شدة غضبها بعد علمها من جيران شقيقها ان بعض من افراد الشرطة ألقوا القبض عليه ولكنها كانت خارج المنزل فى تلك الآونة فبعد معرفتها بما حدث لشقيقها ذهبت الى منزل زوجها فقالت:
– انت اللى بلغت عن أشرف يا منير وديت اخويا فى داهية
نظر اليها منير ببرود قائلا:
– اه انا اللى عملت كده ويارب يتحبس وياخد جزاءه وانا غلطان ان مقدمتش فيكى بلاغ انتى كمان انك شريكته كان زمانهم قبضوا عليكى وريحونى منك
اتسعت حدقتيها بعد حديث زوجها فهو أصبح لايبالى بما يفعل فهو يريد ان يزج بها الى السجن هى الاخرى
– وكمان بلغت عنى انا كمان يا منير والله ما هسيبك
امسكته من تلابيب ملابسه تهز جسده بغيظ كأنها تريد ان تنزع روحه من جسده فخرجت ضحى من غرفتها بعد سماع صوت شجار فايزة مع ابيها فتقدمت منهم تبعد يد فايزة عن والداها قائلة:
– ابعدى ايدك عنه كاتك كسر ايدك متمديش ايدك عليه يلا انتى كمان هتروحى فى داهية زى اخوكى
دفعتها ضحى عن والدها فترنحت فايزة فى وقفتها فنظرت اليها تبتسم ابتسامة هازئة قائلة:
– انتى بتدافعى عن ابوكى دلوقتى خليه يقولك أمك ماتت ازاى واللى كان هو السبب فى موتها هو السبب هو اللى خلاها تموت بحسرتها
ملأ الذهول كيان ضحى وهى تستمع لكلام فايزة فهى كل ما تعلمه عن وفاة أمها انها أصيبت بمرض خطير أودى بحياتها وجدت نفسها تنظر لوالدها نظرة متسائلة ان ينكر ما قالته هذا المرأة فوجدته يتهرب من نظراتها فأيقنت ان ربما حديث فايزة يحمل بعض الحقيقة جلست ضحى على أقرب مقعد وجدته فقدميها لم تعد تقوى على الوقوف بعد سماع ذلك الحديث الصادم ،خرجت فايزة من المنزل فأغلق منير الباب خلفها فنظر خلفه وجد ضحى تبكى قائلة:
– بابا ايه الكلام اللى بتقوله الست ده ازاى انت السبب فى موت ماما قولى يابابا
انهارت ضحى أكثر بالبكاء فماذا يحدث لها جلس منير على مقعد مجاور لها وبدأ فى سرد ما حدث لوالداتها منذ زمن طويل
– صدقينى يا ضحى انا كنت بحب أمك جدا وكنا عايشين مبسوطين وربنا رزقنا بيكى وكنا عايشين مستورين لحد ما فى يوم ظهرت فايزة فى حياتنا كانت ساكنة فى شقة فى العمارة دى بعد ما أطلقت من جوزها الاولانى اتصاحبت على مامتك كانت مامتك طيبة ومكنتش تعرف نية فايزة انها عايزة تاخد منها جوزها بدأت تقرب منى انا فى الأول صدتها بس بعد كده فضلت تحاول معايا لحد ما فى يوم عرضت عليها انا الجواز مكنتش حابب اعمل حاجة فى الحرام وفعلا اتجوزتها من ورا مامتك كانت فى الوقت ده ابتدت تشك ان فى حاجة بينا بس انا كنت بنكر لحد ما فى يوم كنت عند فايزة ومامتك طلعت وشافتنا سوا ففايزة قالتلها ان هى تبقى مراتى هى كمان والدتك مستحملتش كده حست ان غدرت بيها لما اتجوز عليها واحدة كانت معتبراها صاحبتها فلما امك خرجت من البيت كانت بتجرى فى الشارع وكنت انا بجرى وراها ومن صدمتها مكنتش شايفة العربية اللى كانت جاية بسرعة وخبطتها لما راحت المستشفى وكانت بتموت قالتلى انها مش مسمحانى وماتت ياضحى وهى زعلانة منى فضلت احس بالذنب كل يوم فى حياتى لحد ما بقيت زى ما انتى شيفانى مريض بأمراض الدنيا كلها وخصوصا لما عرفت فايزة على حقيقتها وان انا بغبائى زمان ضيعت أمك بسببها منها لله فايزة
استمعت ضحى الى حديثه كاملا وظلت تبكى وهى تتخيل تلك المعاناة التى عانتها والداتها بسبب ان زوجها نظر الى امرأة اخرى فكم من نساء مقهورات بسبب ازواجهن وتفضيلهم لنساء غيرهن ولكن كل رجل يتذرع بذلك بحجة انه رجل وانه يفعل ما يحلو له وان الشرع قد كفل له مثنى وثلاث ورباع من الزوجات
تركت ضحى مكانها تريد الذهاب الى غرفتها فقوتها انهكها كثرة البكاء فهى لن تقوى أيضاً على ان تقول شيئا فهو والداها ولا تنكر اعتناءه بها منذ وفاة والداتها وحرصه على تربيتها ورعايتها فهى الآن تشعر بالاختناق فهى لن تستطيع ان تعيد الزمن للوراء ولن تستطيع محاسبته أيضاً..!!!
________
ظل أشرف يدور حول نفسه يضرب بيده جدار تلك الزنزانة التى يقيم بها حالياً بعد القاء القبض عليه تأفف احد الرجال من كثرة حركته التى أصابته بالسأم فهم من مكانه قائلا:
– انت يا بنى انت ما تتهد وتقعد فى حتة وجعتلنا دماغنا ببرطمتك دى وخيلتنا معاك رايح جاى اتهد بقى احسن ما اهدك انا انا دماغى مش فيقالك انت جاى فى ايه ياض انت
اذدرى أشرف ريقه بخوف من نظرات هذا الرجل فيكفى تلك الجروح فى وجهه لتنبأه انه رجل عتيد الإجرام فجاهد اشرف على ان يخرج صوته طبيعياً
– انت بتسأل ليه سيبنى فى حالى وخليك فى حالك يا جدع انت
اخرج ذلك الرجل سكينا صغيرا يلتمع نصله تحت تلك الاضاءة الخافتة التى تنير تلك الزنزانة وضعها على وجنة اشرف بتهديد
– انت بترد عليا ياض انت انت مش عارف انا مين دا انا اقتلك واتوايك هنا والدبان الازرق ميعرفش ليك طريق انا الكبير هنا يا حيلتها انطق انت جاى فى ايه
لم يجد مفر سوى ان يخبره بتلك التهمة التى أودت به الى ذلك المصير
– ااانا جاى فى شروع فى اعتداء على بنت
نظر اليه الرجل باشمئزاز فبصق بوجهه قائلا:
– اتفوه عليك وعلى اشكالك مش عيب عليك معندكش ام اخت تخاف يتردلهم اللى كنت هتعمله بوظتوا الاجرام بعمايلكم السودة وعملتولنا سمعة وحشة دا انت النهاردة هيتعملك حفلة
اشار الرجل بيده للرجال الذين يفترشون الأرض بأن ينهضوا للترحيب بهذا الزائر الجديد ولكن على طريقتهم الخاصة فالتفوا جميعا حول أشرف يصفقون وينشدون بصوت واحد
– يا حلوة يا بلحة يا مقمعة شرفتى اخواتك الأربعة
اراد اشرف الهرب من الحصار حوله فلم يجد مهرب او مخرج ولكن عندما هم هذا الرجل بضربه بالسكين فى وجهه ليترك بذلك جرح لا ينساه سمع صوت حارس الزنزانة ينادى باسمه
– فين أشرف غريب رد يا متهم
رفع اشرف يده كأنه وجد حبل نجاه فخرج صوته ملحاً
– انا اهو انا أشرف غريب
تفرق الرجال من حوله ليهرب أشرف من أمام ذلك الرجل ولكنه نظر اليه بابتسامة صفراء ربما تحمل بعض الوعيد اذا عاد الى الزنزانة مرة أخرى، وصل اشرف الى غرفة الظابط وجد رجل اخبره بأنه المحامى الخاص به
– ايوة يا أستاذ أشرف انا المحامى بتاعك وكلتنى اختك السيدة فايزة غريب وانت ان شاء الله هتخرج دلوقتى لعدم كفاية الأدلة
تنفس أشرف الصعداء بعد سماع حديث محاميه فهو لو كان عاد ثانية الى تلك الزنزانة فربما لن يخرج منها على قدميه نظر للمحامى بامتنان مع وعد منه بأنه سيقرضه مبلغا كبيرا من المال نظير خروجه من هنا وتعهد بقرارة نفسه ان لن يمرر فعلة زوج شقيقته مرور الكرام فغضب جم يهدر بداخله الا انه استطاع ان يوارى كل ذلك خلف قناع الهدوء فبعد اتمام الاجراءات اللازمة خرج اشرف برفقة المحامى من غرفة الظابط المختص وجد شقيقته تنتظره بالخارج فأقبلت عليه مسرعة تتحسس وجهه لترى اذا حدث له أى مكروه قائلة:
– أشرف انت كويس حد عملك حاجة
ابتسم لها أشرف يربت على كف يدها الموضوع على وجنته يطمئنها قائلا:
– انا كويس يا فايزة متخافيش وليا حساب مع جوزك ده صبره عليا
نظر المحامى الى فايزة يعدل من وضع نظارته على عينيه يبتسم ابتسامة خبيثة:
– ايه رأيك يا ست فايزة خرجتهولك اهو زى ما وعدتك فين بقى بقية الأتعاب بتاعتى وعايز الفلوس اللى اتفقنا عليها متنقصش مليم واحد
ربت أشرف على كتفه قائلا:
– اتعابك دى عندى يا متر وبزيادة كمان وكمان لو ليك فى …
مال أشرف على أذنه يهمس بتلك الكلمات حتى لا تستمع شقيقته لهم
– لو ليك فى الحريم عندى ليك واحدة تنسيك أهلك كمان هترجعك ٢٠ سنة لوارا يا متر
سال لعاب المحامى بعد سماع كلام أشرف بتمنيه له بجلب له امرأة لمزاجه الخاص فهو يعلم ان لا يوجد انثى بكامل قواها العقلية ستنظر إليه فرد عليه بلهفة:
– اه اه ليا ولو جبتها مش عايز بقية الأتعاب كمان
شعر أشرف بأنه أصبح الآن مسيطرا على ذلك المحامى ببضع أمنيات وأصبح كالخاتم بإصبعه فربما هذا المحامى سيصبح ذات فائدة كبيرة له فى المستقبل اذا تعرض لأى محنة تزج به بالسجن سيستطيع هو تخليصه منها بحنكته الواضحة فى علم القانون وأيضاً بشهواته الدنيئة التى تجلت على ملامح وجهه منذ سماع بشأن تلك المرأة التى سيجلبها له..!!!
_________
تقدمت جليلة من فيروز الجالسة تحتسى قهوتها بالحديقة قائلة بابتسامة بشوشة قائلة:
-ست فيروز ثريا هانم جت جوا وقاعدة مع لبنى هانم فجيت اقولك
وضعت فيروز فنجان القهوة من يدها تترك مكانها بابتسامة واسعة:
– ايه ده ثريا جت أمتى انا بقالى فترة مشوفتهاش ولا هى بتيجى
ولجت فيروز الى داخل القصر تتبعها جليلة فلمحت إمرأة بملامح ارستقراطية هادئة تتحدث مع لبنى فاقتربت منها فيروز قائلة:
-اهلا ثريا عاش من شافك ايه الغيبة دى كلها بقالنا فترة مش بنشوفك
نهضت ثريا عن مقعدها تقترب من فيروز تحتضنها بابتسامة:
-ازيك يا فيروز وحشتينى أوى وفين ثراء انا سمعت انها اتخبطت معقول تتخطب من غير ما أعرف وهو فين أبوها انا ليا معاه حساب جامد علشان ميقوليش على خطوبة ثراء
ابتسمت لبنى ابتسامة صفراء قائلة من بين شفتيها:
– دا لسه كلام يا ثريا لسه الخطوبة متمتش متخافيش مفاتكيش حاجة بس العيب بقى على ولاد عمك عزام وجمال انهم مكتمين على الخبر ولسه مقلوش لحد
جلست ثريا تضع ساق على الأخرى قائلة بمزاح:
-لو الموضوع كده انا هسامحهم طالما الخطوبة لسه ما اتعملتش والا كده كنت هزعل جدا وخصوصا من جمال ولا علشان انا يعنى بابايا وباباهم كانوا ولاد عم ميبقاش ليا حق ان انا اعرف واتعامل زى الغريبة
اقتربت منها فيروز تجلس جوارها تربت على يدها باعتذار:
– ثريا متزعليش والله لسه ما عملناش خطوبة ولا حاجة ثم مين يعنى اللى هيختار لثراء فستان خطوبتها غيرك دا انتى مفيش فى ذوقك
ابتسمت ثريا قائلة:
– تسلمى يا حبيبتى
ظلن يثرثرن حول أمور عدة وعندما حان موعد انصراف ثريا واثناء خروجها من المنزل علقت عيناها بصورة جمال المعلقة على الجدار تلك الصورة التى التقطت له وهو بصباه.شاب ربما كان فى منتصف العشرينات بملامحه الوسيمة التى كانت تغرم بها كل فتاة تقابله حينها..!!!
بعد مرور ثلاثة أيام…!!!
قضت ثراء معظم ليلتها فى المذاكرة ولكنها عادت تحدق بذلك الخاتم الذى ترتديه باصبعها فى يدها اليمنى ونظرت أيضاً إلى ذلك السوار الفضى الذى ترتديه بمعصمها كأنها تقف على مفترق طريق لا تعرف اى اتجاه تسلك هل تذهب وتخبر أيسر بحبها ام تكمل فى خطبتها لأمير فلو اخبرت أيسر بما تريد تخشى ان ينظر اليها على انها فتاة وقحة وقعت فى حب حارسها بل وذهبت واخبرته بذلك فهى تخشى ان تفقد احترامها لذاتها فهى مثل اى فتاة تريد ان تكون مبادرة الاعتراف بالحب من جانب الحبيب ولا تريد اى اعتراف بل اعتراف امام الجميع تريد ذلك الميثاق الذى سيربطها به أمام الله وأمام الناس نظرت الى ساعة معصمها فشهقت بصوت خافت فهى انغمست فى افكارها متناسية بذلك ان اليوم هو اول يوم باختبارات نهاية العام الدراسى
– يا خبر ابيض انا سرحت وناسية ان النهاردة فى امتحان
هرولت الى غرفة ثيابها فارتدت ما يناسبها تلمم اغراضها سريعا تهبط الدرج كأنها بسباق قابلتها والداتها قائلة:
– ثراء مالك بتجرى ليه كده فى ايه
استدارت ثراء اليها برأسها ومازالت تسرع الخطى للخروج قائلة:
– الامتحان يا ماما انا مستعجلة لما نرجع نتكلم
خرجت الى الحديقة وجدت أيسر ينتظرها بجوار السيارة فنظرت اليه قائلة:
– انت ليه يا أيسر مرنتش عليا وقولتلى ان هتأخر عن الامتحان زى ما بتعمل كل مرة
نظر اليها أيسر ببرود قائلا:
– ليه هو خطيب حضرتك متصلش بيكى وقالك انك هتتأخرى على الامتحان ولا كنتوا بتتكلموا طول الليل ونسى يقولك نور اوضتك طول الليل كان شغال يعنى حضرتك كنتى صاحية ولا أمير بيه نساكى كل حاجة بهدياه وكلامه الحلو وشكله الوسيم هو اولى انه يفكرك مش أنا
حدقت به ثراء متعجبة من هجومه عليها فى الحديث ولكنها الآن ليس لديها متسع من الوقت لترد عليه فاشارت اليه بركوب السيارة
– يلا بينا يا أيسر علشان متأخرش على الامتحان وبعدين هبقى اعرف ارد عليك وعلى كل الكلام الكتير بتاعك ده بس الحق الامتحان الأول
استقل أيسر السيارة بعد أن اتخذت هى مقعدها فى الخلف قاد السيارة بسرعة شعرت بها ثراء فما الذى اصابه هذا الصباح فهى تجنبته منذ ذلك اليوم الذى تم به قراءة الفاتحة ووضعت خاتم أمير باصبعها ارادات البعد عن رؤيته حتى يتسنى لها ان تفكر جيدا فى حياتها القادمة ولم يزدها هذا البعد سوى التخبط بقراراتها ولم تصل بالنهاية الى شئ يخفف من ضيقها
– بقولك أيه يا أيسر لو ناوى تموتنا النهاردة استنى اخلص امتحان الأول براحة انت طاير بالعربية ليه كده
نقر باصابعه على مقود السيارة قائلا بحدة:
-مش حضرتك بتقولى انك متأخرة على الامتحان وعايزة توصلى بسرعة هو مفيش حاجة عجباكى خالص انتى عايزة ايه جننتينى معاكى بعد كده ابقى خلى خطيبك هو اللى يوصلك هو يستحملك ويستحمل التناقض اللى انتى فيه ده انا معنديش خلق لكده وياريتك ترفدينى وتريحينى بقى من ده كله
نظرت اليه ثراء مشدوهة من حدته التى وصلت منه الى حدة الجرأة فى حديثه معها، فغرت فاها وهى لم تعى بعد ان أيسر القى كلامه بوجهها كأنه أب يعاقب طفلته الصغيرة على انها ازعجته فى وقت لايصح لها فيه بذلك
– لاء انت فعلا النهاردة اتجننت يا أيسر بس والله لولا ان ورايا امتحان وعايزة اطمن على ضحى ما كنت عديتهالك على خير وهعتبر نفسى مسمعتش حاجة وان كان على رفدك مش هرفدك يا أيسر هخليك كده تستحمل التناقض اللى انا فيه
فأردفعت ثراء رنين هاتفها فرأت رقم أمير ارادت استفزاز أيسر أكثر ففتحت الهاتف ترد بهدوء قائلة:
– السلام عليكم صباح الخير يا أمير
استمع أيسر لكلامها فانحرف بالسيارة جانباً فهو كان على وشك الاصطتدام بسيارة أخرى فأطلقت ثراء صرخة رعب سمعها أمير فقال بخوف:
– ثراء مالك فى ايه بتصرخى ليه كده انتى كويسة ردى عليا
استعادت ثراء هدوءها لتجيبه قائلة:
– لاء مفيش انا كويسة يا أمير كنت بتتصل خير فى حاجة
قبل ان يجيبها التمعت فكرة شريرة فى رأس ثراء فقامت بفتح مكبر الصوت حتى يستمع أيسر لما يقوله أمير
-لاء بس حبيت اطمن عليكي واسمع صوتك الجميل ده يا فاتنتى الصغيرة وكنت عايز اقولك بالتوفيق فى الامتحان انا بعد الايام علشان تخلصى ونعمل حفلة الخطوبة
وصل أيسر الى حافة صبره فزاد من سرعة السيارة وثراء مازالت سعيدة بتعكير صفو مزاجه الا يكفيه ما فعله بها فهى ستبر بقسمها لنفسها من انها ستذيقه ما تعانيه هى من حيرة أمرها، أنهت ثراء المكالمة وفى وقت قياسى كانت أمام الجامعة فحمدت الله أنهم وصلوا سالمين التقطت انفاسها تحاول ان تعيد إليها هدوءها ترجلت من السيارة اخذت حقيبتها وأغراضها تناهى الى سمعها صوت أيسر يخاطبها قائلا:
– اتفضلى على امتحانك يا فاتنته الصغيرة أحسن البيه قلقان عليكى اوى يا حرام مش كنتى تقليله ييجى يروحك البيت بعد ما تخلصى الامتحان طالما هو مش قادر على بعدك أوى كده وخايف عليكى
رفعت ثراء حاجبها تحدق في وجهه ارادت إكمال إثارة غضبه فابتسمت ابتسامة خفيفة قائلة:
– وأنت بتقول فيها يا أيسر أمير فعلا هييجى بعد ما اخلص امتحان باى
لوحت له بيدها مبتعدة ينظر لاثرها بعينان تحولت للون قاتم فلو يملك هو زمام أمورها لعاقبها على ما تفوهت به الآن فموجة عاتية من الغيرة جاشت بصدره وبقلبه ظل يضرب المقود بيده لتنفيث غضبه شعر بالاختناق فترك السيارة فحل رابطة عنقه ليلتقط انفاسه التى سلبتها إياه الغيرة التى ملأت جوارحه
تقابلت ثراء مع ضحى رأت علامات الحزن والأسى على وجهها وعيناها ذابلتان من كثرة البكاء فهى علمت ماحدث لها عندما ارادت الاطمئنان عليها عبر الهاتف لتخبرها ضحى بكل ماحدث لها ومعرفتها بحقيقة وفاة والداتها
ربتت ثراء على ذراعها قائلة:
– يلا بينا دلوقتى علشان الامتحان ولما نخلص نقعد نتكلم يا ضحى
اومأت ضحى موافقة قائلة:
– ماشى يا ثراء انا عارفة ان عندك هموم برضه ومش عايزة ازود همومك بهمومى
حاولت ثراء المزاح معها قائلة:
أهو نحط همك على همى يبقوا همين يا ضحى
اختلجت ابتسامة على ثغر ضحى من محاولة ثراء فى ان تسرى عنها فهى دائما ما كانت تفعل ذلك،دلفوا الى القاعة الدراسية التى سيؤدوا بها الاختبار وضعت كل منهن تركيزها فى حل الاختبار حتى شارف الوقت على الانتهاء بعد اعلان الانتهاء المحدد للاختبار خرجن من القاعة فذهبن لمكانهن المفضل جلست ضحى مطأطأة الرأس فمدت ثراء يدها ترفع وجهها قائلة:
– خلاص يا ضحى اللى حصل حصل هتعملى ايه مش بايدك تعملى حاجة ولا انك ترجعى الزمن لوارا باباكى اه غلط بس مامتك ده قدرها وعمرها فى الدنيا كان لحد كده
نظرت اليها ضحى بعينان باكيتان قائلة:
– بس بابا السبب انه كسر قلبها وكسر ثقتها فيه وضحك عليها وهو متجوز ومقلهاش هو برضه ليه يد فى اللى حصلها
تنهدت ثراء بحزن قائلة:
– عارفة كل اللى بتقوليه يا ضحى بس خلاص باباكى فضل يأنب ويعاتب فى نفسه زى ما قالك وكمان هو مقصرش فى تربيتك ولا رعايتك وكان دايما واقف فى صفك قصاد مراته
سحبت ضحى محرمة ورقية من حقيبتها تجفف دموعها قائلة:
– وهو ده اللى معذبنى ان مش قادرة اتكلم ولا الومه بس لما افتكر ان اتحرمت من أمى بسبب اللى عمله هو واللى تنشك فى بطنها فايزة دى بزعل يبتليها بغراب اعور ينقرها من عينها فايزة بنت أم فايزة
لم تفلح ثراء فى كبت ضحكتها التى صدرت منها بعد سماع حديث ضحى الممتزج بالفكاهة
-حتى فى عز حزنك بتنكتى يا ضحى
انتبهت ضحى لما قالته فضحكت هى أيضاً بعد ان ادركت ما تفوهت به
– هو انا قولت إيه دلوقتى وايه اللى قولته ده حتى فى مأساتى هبلة وبخرف فى الكلام
أقتربت منها ثراء تحتضنها تربت على ظهرها قائلة:
-ربنا يبعد عنك وعنى الحزن يا ضحى المهم حاولى تفرفشى علشان لما نخلص امتحان هتسافرى معايا الساحل
ابتعدت عنها ضحى قائلة:
– ثراء انتى لسه ناوية تكملى فى موضوع الخطوبة ده يعنى هتتجوزى أمير
قبل ان تجيبها ثراء لمحت قدوم أمير يبتسم لها من بعيد فاقترب منهن قائلا:
-السلام عليكم اخبارك ايه يا ثراء
اجابته ثراء بصوت منخفض قائلة:
– الحمد لله تمام انت برضه اصريت وجيت وعطلت نفسك
زادت ابتسامته اتساعاً وهو يقول:
– مفيش اى حاجة أهم منك أنتى يا ثراء يلا هتروحى
وقفت ثراء فاعتذرت ضحى مغادرة إلى منزلها سارت ثراء بجوار أمير لاتعرف ماذا سيفعل أيسر عندما يراه برفقتها الآن شعرت بالسوء لكونها تريد أستغلال أمير وعواطفه الظاهرة فى ازعاج أيسر ومضايقته وكلما عاتبت نفسها على ذلك يوسوس لها عقلها بأنها لا ترتكب خطأ
_________
فتحت عنايات جفونها تشعر بثقل فى جسدها وبألم يكاد يمزق صدرها فجسدها أصبح شديدة الحرارة فربما أصابتها بالحمى من كثرة وجودها فى هذا المكان الرطب طفقت تنادى بصوت واهن
– يارب يارب طول فى عمرى شوية لحد ما الحق يرجع لاصحابه يارب
سمعت صوت صرير الباب يفتح فربما تلك المرة الأولى التى تسعد برؤية تلك المرأة الخبيثة فهى اذا علمت بشأن مرضها ستحرص على ان تتلقى العلاج اللازم فهى لم تنهى بعد مهمتها معها ،أقتربت منها المرأة متعجبة انها لم تجدها جالسة ككل مرة تأتى اليها فيها فشعرت بوجود علة بها فأقتربت منها تتحسس حرارتها فنظرت اليها مندهشة قائلة:
– ايه ده انتى درجة حرارتك مرتفعة أوى انتى بالشكل ده ممكن تموتى يا عنايات فقوليلى هو فين قبل ما تموتى انطقى ما اهو مستناش ده كله وبرضه معرفش هو فين
رمقتها عنايات بنظرات كارهة ففى أشد حالاتها سوءا تريد ان تحصل منها على ما تريد ولكن استطاعت عنايات ان تهمس بصوت منخفض:
– هو ده كل اللى هامك برضه مش هقولك وهموت وسره يموت معايا وخليكى انتى كده لحد ما فيوم تلاقيه جايلك لما يعرف الحقيقة ويطلع على جتتك القديم والجديد
أمسكتها تلك المرأة من تلابيب ملابسها تهز جسدها بحنق شديد قائلة:
– اخرصى انتى فاكرة انك بتمسكينى من ايدى اللى بتوجعنى موتى ولا غورى فى ستين داهية انا مش خايفة منك ولا من حد
ابتسمت عنايات ابتسامة واهنة فهى تعلم انها من داخلها تشعر بالخوف الا انها تحاول ان تدارى خوفها خلف قناع الشجاعة الواهية
– انتى كدابة انتى من جواكى خايفة ومرعوبة كمان عارفة ليه علشان لو الدكتور جمال الرافعى عرف ان ابنه لسه عايش بعد السنين دى كلها وانه ممامتش لما اتولد زى ما هو فاكر مش هيرحمك يا ثريا هانم …!!
اترك رد