تسارعت دقات قلبه كمن يعدو بطريق طويل ليس له نهاية فأجابها قائلا:
–عايز أقولك ان انا…
ترك جملته معلقة بالهواء فابتعدت هى قليلا عنه تعاود النظر اليه قائلة:
–ان انت إيه يا أيسر
خشى لسانه الإفصاح عما يريد قوله فهو أصبح قاب قوسين أو أدنى من تحقيق ما يريد فعاد إليه إصراره بعدم البوح لها بحقيقته مرة أخرى فابتسم بتوتر قائلا:
–كنت عايز اقولك ان انا بحبك
افتر ثغرها عن ابتسامة ساحرة فأراحت رأسها على كتفه وهى مازالت مبتسمة قائلة:
–كل الوقت ده علشان تقولها يا أيسر مش هستغرب علشان انت اساسا مقولتليش انك بتحبنى الا لما كنت خلاص ناوى تسيبنى فى الدنيا دى من غيرك بس ساعتها كنت هموت وراك يا أيسر مكنتش هقدر أعيش لو كنت ضيعت منى
زادهُ حديثها طرباً عازفة على أوتار قلبه فشعر بيقين انه عندما سيطلب منها الغفران ستغفر له فربما عشقها له سيكون منقذه هبت نسمات عليلة محمولة بشذى عطور الورود من حديقة القصر من تلك النافذة التى تراقصت ستائرها بفعل الهواء تشهد على عناق محبين يبوح بأسرار العشق والشوق
_________
ظل شهاب يجوب غرفته ذهاباً وإياباً فمنذ استماعه لما حدث بين والده وسيرين وهو لا ينفك يدور حول نفسه كمن أوشك على الإصابة بالجنون فماذا يفعل هو الآن؟ فى تلك الكارثة التي ستحل على رأس عائلة بأكملها طفرت عبرة من احدى عينيه وهو يتذكر كيف أخذته افكاره ومشاعره وأنساق هو خلفها ليشعر بالحب تجاه إمرأة من المحال أن تكون له فأتضح أنها زوجة أبيه ..أبيه ذلك الرجل الفاضل الذى ما كان ينفك عن تذكيرهم بأصولهم العريقة وكيفية الحفاظ على العادات والتقاليد والأعراف
ليجده يقترن بامرأة ينظر لها بعض الفئة المجتمعية نظرة دونية لجرأتها سمع طرق على باب غرفته فأذن للطارق بالدخول
دلفت ميرا الى الغرفة قائلة:
–فى ايه يا شهاب مالك من ساعة الفرح وانت مش على بعضك حصل ايه
كف شهاب عن الحركة ليرتمى على احد المقاعد يضع رأسه بين يديه قائلا:
–مفيش بس كنت مصدع شوية هى دى كل الحكاية
أقتربت منه ميرا تربت على كتفه قائلة :
–شهاب انت ليه ما بتصارحنيش بالحقيقة ودايما بعيد عنى انت مش المفروض اخويا الكبير ليه محدش فيكم مهتم بيا وبمشاعرى او انه يخاف عليا ليه خلتونى ادور على الإحساس ده من حد غيرك انت وبابا
قطب شهاب حاجبيه وهو يرى ثورة شقيقته عليه بحديثها ولكنها ربما تقول الحقيقة فهو لم يكلف نفسه مرة عناء ان يجلس برفقتها ويعلم ما تريده او ما أصابها
فرد قائلا:
–ميرا انا..
انزلقت دمعة على وجنة ميرا مسحتها باصرار قائلة:
–انت ايه يا شهاب خلاص اعتبر نفسك مسمعتش حاجة منى تصبح على خير ملوش فايدة الكلام معاك
ما كادت تصل الى باب الغرفة حتى وجدته يناديها قائلا:
–ميرا خلاص استنى تعالى قوليلى مالك فى ايه وزعلانة ليه كده
تركت مقبض الباب واستدارت اليه قائلة:
–لسه واخد بالك يا شهاب بس انت اتأخرت أوى فى سؤالك ده
ليس لديه هو طاقة على الجدال الآن ولكن ما رأه على وجهها جعله يصمت ولكنه ترك مكانه يقترب منها يسحبها معه وجلساً سويا على احد الارائك الموجودة بالغرفة نظر إليها يحتضن يديها بين كفيه ربما تلك هى المرة الأولى التى تراه ميرا يعاملها بعطف أخوى فدائما ما ينهى نقاشه معها سريعاً كأنه غير عابئ بما يصيبها
فابتسم بخفة قائلا:
–قوليلى يا ميرا ايه اللى مزعلك انا عارف ان انا كنت بعيد عنك وعمرى ما كنت ليكى الاخ اللى بتتمنيه سامحينى
عاودت دموعه بالتساقط قطبت ميرا حاجبيها فتلك هى المرة الاولى التى ترى بها دموع شقيقها مدت يدها تمسح دموعه قائلة بخوف:
–شهاب انت بتعيط هو ايه اللى حصل انا اول مرة فى حياتى اشوفك كده
فبما يخبرها هل يخبرها بما رأه وسمعه اليوم هل يخبرها بزواج أبيهم من سيرين هل يخبرها بتلك العاصفة التى ربما ستقتلع جذور ذلك المنزل وتهدمه على رؤوسهم جميعاً
–حاسس ان انا تعبان اوى يا ميرا تعباااان
كلما تذكر تلك المرأة التى أتت عليه لحظة وشعر نحوها بمشاعر لا يحق له بها و بأنها زوجة أبيه تهدر بداخله نيران على وشك إحراق كل شئ حى بداخله اغمض عينيه يريح رأسه للخلف تجلس بجانبه شقيقته التى ظلت تربت على يده مواسية له وهى لاتعلم ما أصابه ؟ ولكنها ظلت بجواره فمن كان يستمع لها أصبح الآن زوج ابنة عمها وهى غير راغبة فى مضايقتهم او أن تهدم ذلك التفاهم الذى نشأ بينها وبين ثراء وزوجة عمها فربما سيأتى الوقت ويصبح لها شهاب الشقيق الذى تتمناه
________
فى الصباح..جاهدت ثراء على فتح جفونها المطبقة بنعاس تغشاها جعلها لا ترى بوضوح فهى تشعر بثقل رأسها كأنها تحمل أطنانا ولكن ذلك الضوء المنبعث من خلف الستائر جعلها تتململ بنومها وهى تتثائب فردت ذراعيها تتمطى بكسل فاصتطدمت يدها بيد بجوارها جعلتها تفتح عينيها بسرعة نظرت بجوارها وجدت أيسر مستلقياً على بطنه يخفى نصف وجهه بالوسادة يتعارض لون شعره الأسود مع غطاء الوسادة الأبيض فكرت كم هو وسيما وربما تجده بعض النساء فاتناً بتلك الوسامة ولون عينيه وملامح وجهه المليحة وتناسق جسده فربما اذا لم يكن حارسا كان سيكون احدى الشخصيات الشهيرة فى عالم الفن
فهمست قائلة:
–هو ايه اللى بفكر فيه ده دلوقتى
ابتسمت على تفكيرها وكم تلك المشاعر التى تراودها بشأنه ذهبت الى الحمام اغتسلت وخرجت تؤدى صلاتها وبعد أن أنتهت اقتربت من الفراش التفتت حولها يميناً ويساراً كأنه تتأكد من خلو الغرفة من أحد سيتلصص عليها أو يراها وهى تقترب من وجنته تقبله بخفة خشية من إيقاظه
ولكنها لم تستطيع الابتعاد فوجدته يمسك يدها يفتح احدى عينيه قائلا بنعاس:
–صباح الخير يا حبيبتى
ردت عليه بخفوت قائلة:
–صباح النور
اعتدل بجلسته فأزاح الغطاء عنه تصاعد الدم إلى وجنتيها بخجل وهى تراه يترك الفراش مرتدياً سروال قصير لا يكاد يصل إلى ركبتيه يدلف الى الحمام تركت هى الاخرى الفراش ازاحت الستائر جانباً تستنشق نسمات الصباح الباردة تجعلها تلفحها ترطب من حرارة وجنتيها فهى لم تعى حتى الآن ما يحدث معها أنها زوجة أيسر تقيم معه بغرفة واحدة بل يجمعهم فراش واحد ضمت رداءها إليها تعقد ذراعيها بابتسامة من تلك النشوة التى صرخت بعروقها ،فى خضم أفكارها وجدته يحيطها بذراعيه شهقت بخفوت فهى لا تعلم متى خرج من الحمام فهى لم تنتبه لخروجه او اقترابه منها الا عندما وجدته يضمها إليه
وجدته يهمس بأذنها:
–مالك سرحانة فى ايه وبتفكرى فى ايه
استدارت بين ذراعيه تنظر له باسمة وهى تقول:
–أكيد بفكر فيك أنت
استند بكفيه على سور الشرفة يحاصرها بينه وبين ذلك الجدار المنخفض ينظر اليها بحب
–وانا عايزك على طول تفكرى فيا يا ثراء وتفكرى ان انا محبتش ولا هحب حد غيرك
وجدته يرفعها يجلسها على حافة السور جلست مبتسمة تنظر إليه تحيط عنقه بذراعيها فابتسم لها قائلا:
–أنتى مش خايفة وأنتى قاعدة كده
نظرت ثراء خلفها رأت تلك المسافة بين الشرفة والأرض فأى خطأ يحدث يجعلها تفقد توازنها ستقع وسيدق عنقها فى الحال
الا انها حولت بصرها إليه قائلة:
–تؤتؤ مش خايفة طالما معاك أنت يبقى مش هخاف علشان أنت أكيد مش هتخلى حاجة تحصلى على طول كنت معايا أنت الأمان والحماية ليا يا أيسر
لو تعلم كم تلك الآلام والأثام التى يشعر هو بها، فقلبه أثم معذباً بين عشقه ورغبته بالانتقام فما سبيل له غيرها ستكون سلاحه وأداته ستكون جنته وجحيمه ولكن فليترك تفكيره هذا جانباً الآن فليغتنم هو تلك اللحظات الثمينة بقربها
افتر ثغره عن ابتسامة قائلا بحب:
–طب يلا علشان تاكلى يا قلبى انتى ما أكلتيش من امبارح
حكت ثراء رأسها بتفكير قائلة:
–هو انا مأكلتش طب ليه فاكرة أن أكلت أنا وأنت أمبارح
حملها ودلف للغرفة وهو يبتسم بوجهها :
–لاء ما أكلناش ثم يلا علشان نلحق نجهز علشان نسافر نقضى شهر العسل أينعم هو مش شهر هو أسبوع لو كان بامكانى كنا فضلنا سنة عسل يا حبيبتى
تذكرت رفضه لاقتراح أبيها بشأن سفرهم لقضاء شهر العسل بإحدى الدول الأوروبية معللاً بذلك أنه لن يقبل أن يسافر وهو لم يدفع التكاليف كاملة فأصر هو على أخذها لاحدى المدن السياحية على أن يكون هو معيلها بتلك الرحلة وليس أحد أخر ، شعرت هى بالسعادة كونه يرفض كل تلك الفرص الممنوحة له مصراً على أن يكون هو من ينفق على زوجته حتى وإن كان لن يوفر لها نصف ما تحصل عليه عادة بحياتها ،فكل رفض منه تزداد له عشقاً فهو معتد بكبرياءه ذلك الكبرياء الذى أخضع قلبها لسطوة عشقه
________
دلفت مايسة الى تلك الغرفة التى اصبحت تقطنها شقيقة والداتها تحمل بيدها صينية محمولة بطعام الإفطار
فأقتربت من الفراش قائلة بابتسامة:
–خالتو خالتو اصحى علشان تفطرى
فتحت عنايات عينيها بعد سماع صوت ابنة شقيقتها اعتدلت بجلستها تبادلها الابتسام قائلة
–صباح الخير يا مايسة انتى تعبتى نفسك ليه يا حبيبتى
وضعت مايسة الطعام أمامها قائلة:
–تعبك راحة يا خالتو هروح اعملك الشاى على ما تفطرى
خرجت مايسة من الغرفة تنهدت عنايات بتعب فزوج شقيقتها بالرغم مما كان يحدث بينهم من خلافات وشجارات الا إنه لم يأبى اقامتها معهم بنفس المنزل
نهضت من فراشها ودلفت للحمام اغتسلت وخرجت تؤدى صلاتها فهى لم تصلى مرة بحياتها إلا عندما عاد اليها تعقلها وضميرها ظلت تناجى الله أن يغفر لها ما فعلته تتضرع اليه بالدعاء وبعد ان انتهت من صلاتها بدأت فى تناول الطعام
دلفت مايسة مرة اخرى تحمل بيدها كوبين من الشاى قائلة:
–حرما يا خالتو الشاى اهو وجيت اشرب الشاى معاكى
ونرغى مع بعض على ما ماما ترجع من السوق
ابتسمت لها عنايات تاخذ منها كوب الشاى خاصتها جلسن سويا على تلك الأريكة الخشبية الموضوعة اسفل نافذة الغرفة
بدأت عنايات حديثها قائلة:
–صحيح يا مايسة فرحك اتأجل وعلشان ايه إتأجل
ارتشفت مايسة من كوبها قبل ان تقول:
–ايوة يا خالتو وكان المفروض خلاص هنتجوز بس حصل ظروف
انتبهت عنايات لما تقوله فسألتها باهتمام:
–ظروف ايه دى خير
نظرت مايسة من النافذة قبل ان تعاود النظر لخالتها قائلة:
–أصلى خطيبى عفيفى الاسطى اللى هو بيشتغل عنده عمل حادثة وعفيفى بيعزه اوى وبيعتبره اخوه علشان كده اجلنا الفرح على ما يخف ان شاء الله
ربتت عنايات على يد مايسة قائلة:
–ان شاء الله ربنا يتملك فرحتك على خير
ابتسمت مايسة لخالتها وازدادت ابتسامتها اتساعاً عندما نظرت من النافذة ووجدت عفيفى يلوح لها انتبهت خالتها عليها فنظرت حيث تنظر
فابتسمت عنايات بمكر قائلة:
– هو خطيبك ده اللى عمال يشاورلك بس باين عليه انه مدلوق أوى
خجلت مايسة من حديث خالتها قائلة:
–لو كان الباشمهندس حسام موجود دلوقتى كان زمانه
جرى على الورشة
ردت عليها عنايات قائلة:
–هو الاسطى بتاعه شديد اوى كده
اجابتها مايسة وهى تضع كوبها الفارغ بجانبها:
–ابدا والله الباشمهندس حسام رضوان طيب اوى بس هو بيحب يناكف فى عفيفى
سمعت عنايات الاسم فقطبت حاجبيها بتفكير فارادت التأكد مما سمعته فسألتها قائلة:
–حسام رضوان هو ده اسمه يا مايسة
ابتسمت مايسة قائلة:
–لاء هو اسمه حسام عاطف رضوان بس الكل بيقوله حسام رضوان علشان جده وجدته هم اللى ربوه بعد ما ابوه وامه ماتوا فى حريقة زمان سمعت الكلام ده من بابا
وماما قبل كده
انتفضت عنايات من مكانها فسقط كوب الشاى من يدها تريق محتواه على الأرضية
وهى تهتف بذهول قائلة:
–مش معقولة مستحيل هو لسه عايش مامتش زى ما كنا مفكرين هو عايش عايش
طفقت تردد تلك الكلمة بابتسامة مصدومة بعض الشئ تنظر اليها ابنة شقيقتها وهى لا تفقه شئ مما تقوله فماذا أصابها بعد سماع حديثها معها؟
ردت مايسة قائلة:
–مالك يا خالتو هو مين ده اللى عايش ومامتش
انتبهت عنايات على ابنة شقيقتها فجلست مرة أخرى تحثها على الكلام:
–مايسة قوليلى متعرفيش كان اسم امه اللى ماتت ايه
حكت مايسة رأسها بتفكير تحاول تذكر اسم تلك المرأة فهى سمعته ايضا من أبويها ردت بعد تفكير قائلة:
–لا والله يا خالتو مش فاكرة عمالة افتكر برضه الاسم تايه منى بس ليه بتسألى على اسم أمه
خشيت عنايات الإفصاح عما لديها الآن فهى تريد ان تتيقن من صحة ظنها أولا ً لم تنتظر دقيقة اخرى ارتدت حجاب رأسها خرجت من الشقة وصلت أمام الورشة التى تقع بجوار البناية السكنية التى تقع بها شقة شقيقتها وصلت أمام الورشة وجدت عفيفى منهمكاً فى تصليح احدى السيارات
فأقتربت منه قائلة:
–السلام عليكم أنت عفيفى
رفع عفيفى رأسه بعد سماع الصوت قائلا:
–ايوة حضرتك اؤمرى
أقتربت هى منه تهتف قائلة :
–انا أبقى خالة مايسة خطيبتك خالتها عنايات
ألقى عفيفى الأدوات من يده يسحب مقعد خشبى يشير اليها بالجلوس:
–يا الف اهلا وسهلا اتفضلى حضرتك اؤمرينى
حدقت به عنايات بابتسامة عريضة:
–الأمر لله يا ابنى اصل عرفت من مايسة ان صاحب الورشة عامل حادثة فحبيت اجى اشوفك واطمن عليه
مسح عفيفى يده بمنشفة وهو مازال مبتسم المحيا كعادته:
–اه الاسطى حسام بس الحمد لله بقى أحسن ويمكن كام يوم كده وينزل الورشة تانى أصل الحادثة كانت كبيرة أوى الحمد لله انه خرج منها سليم
أرادت عنايات استدراج عفيفى فى الحديث فقالت بصوت يشوبه الحزن:
–يا عينى على أمه لما عرفت اللى جراله تلاقيها كانت هتتجنن ولا يجرالها حاجة
–لاء هى أمه ماتت اللى يرحمها هو عايش مع جدته وجده هم اللى مربيينه
قالها عفيفى وهو يستند على السيارة ينظر لخالة زوجته المستقبلية
فأستطرد قائلا:
–معلش الكلام اخدنا ونسيت اجبلك حاجة تشربيها
أفتر ثغرها عن ابتسامة متوترة قائلة:
–لا ولا يهمك بس هو أنت تعرف اسم أمه إيه
تعجب قليلا من سؤالها الا انه أجابها قائلا:
–أمه على ما أظن كان اسمها هالة
اذدرت عنايات لعابها بعد سماع الاسم فهو نفسه إسم تلك المرأة فكل الدلائل التى سمعتها اليوم جعلتها تتيقن من أن ذلك الشاب المدعو حسام رضوان هو بذاته ابن جمال الرافعى وسليل تلك العائلة الثرية والتى كانت هى وثريا السبب فى ابعاده عن والديه بسبب تفكير شيطانى إلا أنها أرادت التمهل بشأن ذلك الأمر فلو ثريا علمت بأنه مازال على قيد الحياة لن تتوانى عن التخلص منهم سوياً لذلك يجب أن تكون حذرة تلك الأيام القادمة حتى يحين موعد إخبار كل من يهمه الأمر بما حدث منذ سنوات طويلة من مؤامرة خبيثة أفضت بالنهاية إلى إبعاد شاب كان سينشأ فى كنف أبويه الحقيقين
________
جلس أيسر على تلك الرمال الناعمة مبتسماً وهو يرى زوجته تبنى بالرمال بيتاً أشبه بطفلة صغيرة يصحبها والدها بنزهة فهو حقا يشعر كأنها طفلته وهو يرى مدى تعلقها به
رفعت رأسها تنظر اليه تهتف بحماس شديد قائلة:
–شوف يا أيسر البيت اللى بنيته جميل أوى إزاى
بادلها ابتسامتها قائلا:
–اه يا حبيبتى جميل أوى بس أنتى بنتيه مش شبه القصر بتاعكم ليه
أفتر ثغرها عن ابتسامة وضاءة قائلة:
–علشان ده هيبقى بيتى أنا وأنت عيزاه زى البيوت اللى بتبقى زى المزرعة الصغيرة ويكون فيه جنينة مزروع فيها ورد كتير وخصوصا ورد الجورى علشان بحبه وفى أسطبل خيل وتجيبلى حصان وفى أوض أطفال كتير علشان ولادنا
بعد تلك الكلمة أطرقت رأسها خجلاً فكيف سيكون شعورها عندما تنجب منه طفلاً صغيراً ؟ فلابد أن لاتوجد سعادة ستضاهى سعادتها فى ذلك الوقت،غرز أصابعه بالرمال يقبضها بين كفه يلعن نفسه مراراً وتكرراً ، ركض بعض الصغار حولهم فسقط أحدهم على ذلك البيت الرملى فتهدم
نظرت اليه ثراء كأنها على وشك البكاء قائلة:
–بيتنا أتهد يا أيسر
رسمت بكلماتها ما ستكون عليها حياتهم مستقبلاً فكأن تلك الكلمة الدلالية إشارة على ما ستؤل إليه أمورهم إلا أنه حاول طرد الحزن عنها
فابتسم لها قائلا:
–ولا يهمك يا حبيبتى أنا هعملك البيت بجد وهيبقى حقيقة مش بيت مبنى بالرمل وهنفذلك كل اللى أنتى حلمتى بيه يلا علشان نتمشى شوية
نهض من مكانه مد يده لها لتنهض هى الأخرى وضعت يدها بيده سارا سويا يحاوط كتفيها بحنان وضعت هى الاخرى ذراعها خلف ظهره تحيط بها خصره تميل برأسها على كتفه تجعل مياه البحر تداعب قدميها وهى تسير بجواره حافية فالأسبوع أوشك على الإنتهاء وسيعودون غدا إلى المنزل
ظلت صافى تنظر من النافذة لعله تراه قادماً مثلما اعتاد ان يأتى للاطمئنان عليها وعلى جدتها منذ أن تعرفن عليه بذلك اليوم الذى أنقذها به ليأتى بعد ذلك عدة مرات للاطمئنان عليهن ولكنه تغيب عنهن منذ أكثر من أسبوعين فهل حدث له مكروه فهى حتى لاتملك رقم هاتفه لتطمئن عليه
سمعت صوت سعال جدتها فتركت النافذة تقترب منها:
–تيتة مالك يا حبيبتى
ابتسمت فريدة بوجه حفيدتها تطمئنها قائلة:
–لاء يا حبيبتى انا كويسة بس مالك كده عماله تبصى من الشباك زى ما تكونى بتدورى على حاجة ضايعة منك
توترت صافى مخافة من كشف جدتها لها فابتسمت بتوتر قائلة:
–لا ابدا انا ببص على الشارع عادى مفيش حاجة هقوم اعملك حاجة تاكليها
فرت صافى هاربة إلى المطبخ قبل ان تستمر جدتها فى سؤالها بدأت بتحضير الطعام ولكنها سمعت صوت طرقات على الباب احكمت وضع حجابها على رأسها فتحت الباب وجدت أيسر هو الطارق
ابتسم لها قائلا:
–السلام عليكم اسف لو كنت جيت فى وقت مش مناسب
بادلته صافى الابتسام قائلة:
–لا ابدا متقولش كده اتفضل يا أستاذ أيسر
دلف أيسر للداخل وهو يحمل بيده عدة أكياس بلاستيكية وضعها على الطاولة التى تتوسط الصالة قائلا:
–انا بس جيت اطمن على جدتك وعليكى وهمشى على طول علشان عارف انكم عايشين لوحدكم وميصحش حد يشوفنى بجلكم هنا
تركت صافى الباب مفتوح على مصراعيه تقدمت قليلا إلى الأمام قائلة:
–حضرتك تنورنا علشان كده غبت الفترة اللى فاتت
قبل أن يجيبها أشتم أيسر رائحة شئ على وشك الاحتراق فهتف قائلا:
–انا شامم ريحة حاجة بتتحرق
ضربت صافى جبهتها بيدها وهى تركض ناحية المطبخ فاستطاعت انقاذ الطعام قبل أن يحترق كاملا فزفرت بارتياح قائلة:
–الحمد لله لحقته الأكل كان هيشيط
خرجت فريدة من غرفتها بعد سماع صوت أيسر خرجت للترحيب به قائلة:
–اهلا يا ابنى نورت البيت
نظرت الى تلك الأعراض الموضوعة على الطاولة فهتفت به قائلة:
–مكنش ليه لازمة يا ابنى تتعب نفسك وتجيب الحاجات دى كلها
أجابها أيسر قائلا:
–تعبك راحة وكمان جبتلك الدوا اللى كانت الآنسة صافى بتدور عليه ومش لقياه وهيكفيك فترة ولو خلص خلى الانسة صافى تبلغنى اجبلك غيره
ربتت فريدة على كتفه بامتنان شديد قائلة:
–تسلم يا ابنى والله احنا تعبناك معانا
سحبت جزدانها من جيبها تخرج منه النقود فابتسمت له قائلة:
–اتفضل يا ابنى ده حق العلاج
رفض أيسر اخذ النقود منها فهتف بنفى قاطع قائلا:
–بتعملى ايه يا حاجة انتى كده كأنك بتشتمينى دى حاجة بسيطة
رفض كل محاولاتها فى دفع النقود خرجت صافى من المطبخ تضع الطعام على المائدة تشير إليه قائلة:
–طب اتفضل حضرتك كل معانا علشان يبقى عيش وملح
نظر إلى تلك الساعة التى تزين معصمه فهو يريد العودة إلى صغيرته الآن التى ربما تبحث عنه فهو لم يخبرها بشأن خروجه فهى كانت نائمة فهتف معتذرا:
–أنا أسف بس لازم أمشى دلوقتى ولو احتاجتى اى حاجة دى نمرة تليفونى اتصلى عليا سلام عليكم
ناولها ورقة مدون بها رقم هاتفه قبل أن يخرج أسرعت هى فى احضار هاتفها للاحتفاظ بالرقم تعجبت جدتها من تورد وجنتيها وابتسامتها العريضة التى أصبحت تراهم كلما حضر أيسر إلى منزلهن فخشيت أن تكون صافى
بدأت فى الانجذاب إليه حتى وإن أظهر لهن شهامته فهن بالاخير لا يعلمن شيئاً عنه سوى إسمه فقط
________
وقف متولى وعباس أمام الضابط مطأطأين الرأس لا ينبتون ببنت شفة بعد أن تم ترحيلهم من الإسكندرية إلى مديرية الأمن القاهرة فارتعدت أجسادهم بعد سماع صوته الغاضب قائلا:
–احسن ليك انت وهو تنطق والا والله العظيم مش هتعرفوا ايه اللى ممكن يجرالكم هنا وانتوا اكيد مجربين انطق ياض منك ليه مين اللى حرضكم من البداية على خطف بنت الدكتور جمال
تقدم متولى منه يحاول تقبيل يده قائلا:
–ابوس ايدك يا باشا احنا والله ما عملنا كده بمزاجنا ده واحد هو اللى وذنا نعمل كده وكمان احنا منعرفش شكله كويس ولا حتى اسمه
ابتسم الضابط بسخرية قائلا:
–أنت مفكر ياض انت وهو ان هصدق كلامكم ده لاء اصحوا واعرفوا انتوا وقعتوا فى ايد مين ولا تحبوا بقى اعملكم حفلة أستقبال أظن بعدها مش هتقدروا تنكروا
خرج عباس عن صمته قائلا بتوسل هو الآخر:
–وربنا يا باشا هى دى الحقيقة اللى قولنهالك احنا فعلا مشفناش شكله ومنعرفش غير أن اسمه البوص بس
أشار اليهم الضابط بتهديد قائلا:
–بص أنت وهو انتوا تقولوا على مواصفات الراجل اللى بتقولوا عليه ده واحسن ليكم متحاولوش تكدبوا والا هتلبسوا الليلة كلها لوحدكم دا خطف وشروع فى قتل يا روح امك انت وهو
لعن متولى وعباس حظهم العثر فهم لم يجنوا من ذلك غير المهانة والذل وليس هذا نهاية المطاف فهناك سجن بانتظارهم أيضا حرك عباس ومتولى رأسيهما بخنوع سمع الظابط طرق على باب الغرفة أذن للطارق بالدخول ليدلف شاب يحمل بيده أوراقا بيضاء خاصة بالرسم
فهتف قائلا:
–انا جيت يا افندم علشان رسم المواصفات اللى هيقولوها
اشارت اليه الضابط بالجلوس فهتف بعباس ومتولى قائلا:
–اقعدوا بقى معاه وقولوله مواصفات البوص بتاعكم ده
بدأ الرسام فى رسم الخطوط الأولية يستمع لتلك المواصفات التى يقولها عباس تارة ومتولى تارة أخرى وبعد مرور مزيد من الوقت انتهى الرسام من رسم تلك الملامح التى اخبره بشأنها هذان الرجلان دلف الضابط بعد انتهاءه اخذ الورقة ينظر لتلك الملامح لعله يتعرف على صاحبها
فوضعها أمام أعينهم قائلا:
–هو ده شكله انت وهو
هزوا رأسيهما سويا بالموافقة قائلين:
–أيوة يا باشا هو ده
ضغط على زر صغير موضوع على مكتبه فدلف العسكرى يؤدى التحية العسكرية فأمره الضابط قائلا:
–خدهم على الحجز
خرج متولى وعباس برفقة العسكرى حتى وصلوا الى الزنزانة دفعهم العسكرى بقوة قائلا:
–يلا يا متهم منك ليه خش يلا
نظر عباس وجد متولى يجلس منزوياً فى أحد الأركان جلس بجواره قائلا:
–خلاص رحنا فى داهية يا متولى
رفع متولى رأسه من بين ذراعيه يصرخ بوجهه:
–أنت السبب فى ده كله يا عباس من الأول قولتلك نبعد عن الموضوع ده بس انت اللى فضلت تعاند لحد ما ضيعتنا
بعد ان انتهى متولى من لوم عباس على ما ألت اليه أمورهم ترك مكانه يجلس بمكان أخر بعيدا عنه
هاتف الضابط جمال للمجئ لعله يتعرف على تلك الصورة فوصل جمال الى مكتبه دلف يستريح على المقعد
مد له الضابط يده بالصورة قائلا:
–دكتور جمال انا كلمتك تيجى علشان احنا تقريبا رسمنا صورة للى كان بيخطط لخطف بنتك والاتنين اللى كانوا معاه اكدوا ان ده شكله وان اسمه البوص هو ده اللى يعرفوه عنه
تذكر جمال ذلك الاسم الذى أخبرته به زهرة قبل رحيلها عن المشفى
–كان فى برضه بنت اشتغلت عندى فى المستشفى لما شكيت فيها اعترفت برضه ان اللى زقها عليا واحد اسمه البوص
أخذ الورقة يمعن النظر بها ليتعرف على ذلك الشخص المجهول
قطب جمال حاجبيه بتفكير قائلا:
–هو ملامحه فيها شبه من دكتور كنت اعرفه اسمه شريف عبد العزيز كان شغال عندى فى المستشفى بس اكتشفت أنه بيتعامل مع مافيا لبيع الاعضاء فبلغت عنه واتحبس ومن ساعتها معرفش عنه حاجة معقول يكون هو
شعر الضابط بأمل من أن تلك القضية على وشك أن تفك طلاسمها فهتف قائلا:
–جايز يكون هو وحب ينتقم منك على العموم دى بداية كويسة ان عرفنا مين يكون البوص ده وأنا مش هرتاح إلا لما أجيبه وأقبض عليه
تذكر جمال الآن ذلك المشهد وهو يرى شريف بداخل قفص الاتهام بعد إصدار الحكم عليه وصراخه وتوعده بأن يجعله يندم أشد الندم على الزج به بالسجن وأنه سينتقم منه إلا إنه لم يعر ذلك انتباهاً ظنا منه أنه كلام أنفعالى يهذى به
_______
أوقف أيسر السيارة أمام ذلك الصرح العملاق الذى يحمل شعار عائلة الرافعى ولا يعرف لماذا أصرت زوجته على احضاره الى هنا
فالتفت اليها قائلا:
–أنتى اصريتى تجبينى هنا ليه يا ثراء
ترجلت ثراء من السيارة تشير اليه ان يترجل هو الآخر قائلة:
–تعال بس علشان عملالك مفاجأة
ترجل من السيارة وهو لايعى حتى الآن ماذا تريد منه؟ وماهى تلك المفاجأة التى بانتظاره ؟ دلفوا إلى الداخل حتى وصلوا الى غرفة تقع بالطابق الثالث من المبنى
فتحت ثراء الباب تدعوه للدخول قائلة:
–تعال يا حبيبى ادخل
ولج أيسر خلفها فأغلقت هى الباب جال ببصره بالغرفة فهى غرفة مكتب بها أثاث عملى أنيق
فنظر إليها قائلا:
–مكتب مين ده يا ثراء
أقتربت منه ثراء قائلة:
–ده مكتبك أنت يا حبيبى
كأنه لم يسمع ما تفوهت به الآن فابتسمت على ملامحه المذهولة فاستطردت قائلة:
–ايوة ده مكتبك علشان أنت هتشتغل هنا وتدير نصيبى من مجموعة الشركات على ما أخلص دراسة وأجى اشتغل معاك انا عارفة أن ممكن تلاقى الشغل صعب فى الأول بس هتتعلم بسرعة وفى موظفين كفاءة جدا هنا هيساعدوك تتعلم كل حاجة علشان عايزة نبقى مع بعض فى البيت والشغل كمان
انتظرت رده على حديثها فرفع يده يضعها على يديها التى تريحها على صدره قائلا:
–ثراء أنتى جيبانى هنا وأبقى قدام عمك عزام دا مش طايقنى ومش بعيد ييجى يرمينى من الشباك لو شافنى هنا
علمت ثراء ما يرمى إليه زوجها فهى تعلم مدى الجفاء بينه وبين عمها عزام ولم تخلو مقابلات عمها بزوجها فى المنزل من محاولة عمها من الحط من شأنه مذكراً إياه بما كان عليه وكيف أصبح الآن محاولا بذلك المساس بكرامته وكبرياءه إلا انها رأت زوجها يتفادى التعامل معه محافظاً على بروده فى معاملته له
فهتفت قائلة:
–انا عارفة أن عمو عزام مش بيعاملك كويس بس خليك معايا أنا أنت متجوزنى انا ولا متجوزه هو
ابتسم على قولها فأقترب منها هامسا:
–علشان خاطرك أنتى بس يا ثراء أنا مستعد استحمل عمايل عمك
لم يمهلها فرصة للرد فكان عناقه أسرع من حديثها تعلقت بعنقه متناسيه أنهم ليس بغرفتهم فهو دائما ما يجعلها غير راغبة فى أن تتذكر شئ سواه هو، ولكن انفتح الباب على مصراعيه بقوة فارتعدت بين أحضان زوجها من صوت صفق الباب نظرت خلفها وجدت عمها يقف على الباب
عيناه تنذر بسحابة من الشر قائلا:
–ايه اللى سمعته ده والبنى آدم ده بيعمل ايه هنا انتى فعلا هتخليه يدير نصيبك فى الشركة يفهم ايه ده كمان فى شغلنا دى تجارة دهب وألماس مش بنبيع خضار احنا علشان كل من هب ودب يشتغل شغلنا
انتفخت أوداج أيسر من كم تلك الاهانات التى اسمعه إياها عزام فكم يتمنى هو الآن من رمى ما بداخله بوجهه الا أنه استطاع الحفاظ على رابطة جأشه
فسمع زوجته قائلة:
–عمو أيسر دلوقتى بقى جوزى ودى حاجة متزعلكش وأيسر ذكى جدا وهيتعلم كل حاجة بسرعة
لم ينتظر عزام ان يسمع كلمة اخرى فهو يعلم أن ابنة شقيقه أصبحت لاترى أحد سوى ذلك الرجل الذى سلبها عقلها فأى مجادلة ستكون عقيمة بغير فائدة أو نتيجة ،بعد خروج عزام أعادت النظر لزوجها
فحاولت التخفيف من ضيق ملامحه التى انكمشت ضيقا من كلام عمها:
–حبيبى متزعلش من كلام عمو ولو بتحبنى توافق
افتر ثغره عن ابتسامة خفيفة قائلا:
–علشان خاطرك أنتى بس يا ثراء
فتلك هى الفرصة التى كان بانتظارها فالأن بدأت اللعبة الكبرى بينه وبين عزام أو إذا صح القول لعبة الحياة فهو أن يخرج منتصراً ظافراً بكل شئ أو أن يخرج خالى الوفاض متحسراً ونادماً على فقدان تلك الحسناء التى لا يملك أغلى منها بحياته التعيسة بأسرها،عادوا إلى المنزل أقترح عليها نيل قسط من الراحة لرغبته فى اخذها بالمساء فى نزهة بالسيارة أطاعته على الفور لتمر عدة ساعات ويحل المساء
دلف أيسر الى الغرفة وجدها قد انتهت من ارتداء ثيابها أقترب منها مبتسما يمد يده يحاوط وجهها بيده يناظرها بشوق كبير وقفت بين يديه ساكنة تتطلع إليه بعشق قد أضناها ولكن ربما رحم القدر قلبها وأصبحت زوجته الآن
اقترب منها هامسا:
–خلاص يا قلبى خلصتى علشان نخرج
التقطت انفاسها اللاهثة جراء قربه المهلك منها فهمست بصوت ناعم:
–ايوة خلاص يا حبيبى هنروح فين
آسر يدها بين كفه قائلاً بابتسامة:
–هنتمشى شوية على كورنيش النيل الجو النهاردة جميل
هزت ثراء رأسها بحماس كبير قائلة:
–ماشى يلا بينا
خرجوا سويا من غرفتهم وصلا الى السيارة يقودها أيسر وهى تتوسد كتفه فكل دقيقة بقربها لايريد منها الابتعاد عنه،وصلا الى وجهتهم قام أيسر بركن السيارة على احد جانبى الطريق فترجل من السيارة فتح الباب بجانبها فمد يده لها فوضعت يدها بكفه تترجل هى الأخرى ،تشابكت أيديهم فجلس وأجلسها بجانبه
ومازال محتضن كفها الرقيق بين يده قائلا:
–هجبلك عصير تشربيه ولا اجبلك اى حاجة تاكليها
ابتسمت له ثراء قائلة:
– لاء هاتلى عصير كفاية أنا مش جعانة
اتسعت ابتسامته قائلا:
–احلى كوباية عصير لاجمل ثراء فى الدنيا
وماكاد يخطى خطوة مبتعداً عنها حتى اصطتدم بفتاة فبادر بالاعتذار قائلا:
–أنا آسف يا آنسة
عقدت الفتاة حاجبيها بتفكير الا انها ابتسمت تهتف قائلة:
–ايه ده دكتور أيسر حضرتك متعرفنيش انا كنت طالبة عندك فى القسم فى كلية التجارة بس غريبة ان حضرتك مكنتش موجود السنة دى فى الكلية
اذدرد أيسر ريقه وخاصة عندما وجد زوجته تترك مكانها تقترب منهم لتعرف ماذا يدور بينهم فنظرت اليه ثراء باستفهام حاول أيسر الخروج من ذلك المأزق
فابتسم بتوتر قائلا:
–حضرتك غلطانة يخلق من الشبه اربعين
الا ان الفتاة عاودت التأكيد على صحة ظنها وانها ليست مخطئة:
–دكتور أيسر حضرتك درستلى سنتين معقول مش هعرف حضرتك
طالعته ثراء بعينان تطالبه بالتفاصيل لما سمعته الآن ،سحب يدها يذهب تاركاً تلك الفتاة واقفة مكانها،ظل يجرها خلفه وهى متعجبة من صنيعه الا انها أبت ان تتحرك خطوة واحدة ومدت يدها تزيح يده القابضة على رسغها بقوة تكاد تكسر عظامها
يتبع…..!!!!!
اترك رد