رواية بعد الغياب الفصل 4
ملفوف على جسده النحيل
شعره مبلول وعيونه حمراء وفيها حزن غير مفهوم
قرب مني.. كنت حاسة كأنه قرفان مني.. فانكشمت بخوف.. حسيت أنه انكماشي جرحه.. وقف قريب مني، مسكني من عضودي بيديه الثنتين.. ووقفني..
وقفت جواهر عن الكلام وهي ترتعش..
نجلاء بترقب وكأنها بتضرب جواهر: واللي يرحم والديك.. مو وقت انفعالاتك.. كملي لي..
جواهر تبلع غصتها: حضني بقوة..
وقال بصوت مليان حزن: سامحيني جواهر.. سامحيني.. أدري أنه غلطتي أكبر من سماحج.. بس أنا ما كنت في وعيي، غضبي سيرني.. أدري أنج موب فاهمة علي.. وأدري أنج تكرهيني عقب الشيء الحقير اللي سويته.. بس أوعدج أني ما أخليج تشوفين وجهي الكريه مرة ثانية..
نجلاء بترقب قاتل: وعقب؟؟
جواهر وهي تلمس شفايفها، كأنها تتحسس مكان قبلته الوحيدة: نزل قامته الطويلة و باسني، وراح.. كانت أول وأخر مرة يلمسني، يحضنني.. ويبوسني.. وراح..
نجلاء بتلهف: وين راح؟؟
جواهر وعيونها كأنها تراقب شيء غير مرئي: أخر مكان ممكن يخطر ببالك؟؟
نجلاء بنفاذ صبر: وين يعني؟؟
جواهر برنة حزن: الجبهة / للخفجي
في نفس ليلة الجمعة الشهيرة، قبل صلاة الفجر بساعة في الدوحة
والساعة 6 مساء في الولاية اللي تسكن فيها عائشة..
تلفون شقتها يرن، التقطت السماعة، وردت بصوتها الرزين المعتاد: هالو
صوت بكاء مكتوم على الطرف الثاني
عائشة بقلق:who’s that??
يرد بصوت باكي: أنا يا خالتي
عائشة حست أن قلبها انتزع من مكانها بكل قسوة، وحد داس عليه بوحشية وبدون رحمة، عمرها ما شافته أو سمعته يبكي، حتى يوم ماتت أختها قبل كم سنة، مع أنه كان مراهق صغير، ماشافت له دمعة، كانت تدري أنه يبكي بغرفته، بس ماسمح لأحد يسمعه أو يشوفه
شنو هالشيء الكبير اللي صار، وخلاه يبين ضعفه قدامها لهالدرجة، عائشة بصوت خانقته العبرة: حبيبي وش فيك؟؟ أبوك صار له شيء؟
– هو بحزن: لا
– عيل ليش تبكي يا قلبي؟؟
– انخرط في بكاء حاد، خلا قلب عائشة يموت ألف مرة في الدقيقة: أنا حيوان يا خالتي، حيوان وحقير، وأستحق الذبح.. ما أستحق أكون إنسان يمشي على الأرض.. الحيوانات أحسن مني
عائشة مو قادرة تستوعب سيل الشتائم اللي هو قاعد يشتم نفسه فيهم: حبيبي قل لي وش فيك، حرام اللي تسويه فيني..
بصوت حزين: أنا حيوان وهمجي ومنحط، وش تبين أقول لج أكثر من كذا.. أنتي أصلا لازم تتبرين مني، لأنه حرام وحدة عندها أخلاق عالية مثلج، يكون ابن اختها إنسان منحط مثلي..
عائشة وهي خلاص بتنجن: لا تجنني، أنا أكثر وحدة تعرف أخلاقك وتدينك، أدري أنك ماراح تسوي شيء غلط..
هو بغضب: لا سويت، كله من أبوي الله يسامحه، استفزني بانتقاصه لرجولتي، باتهاماته اللي ماقدرت استحملها… وإلا ليش أحط السبب على أبوي، كلام أبوي حرر بس الحيوان اللي داخلي
عائشة ارتاحت شوي وكأنها بدت تستوعب الحكاية: أنت لمست جواهر؟؟
هو بغضب ناري: شنو لمستها؟؟ هذي كلمة إنسانية راقية.. أنا اغتصبتها، اغتصبت طفلة.. قلت لج أنا حقير ونذل وحيوان.. أكيد إنج تكرهيني الحين..
عائشة وهي تبتسم لأفكار ابن أختها المثالية زيادة عن اللزوم: يا حبيبي..هذي زوجتك، ليس سويتها قضية أكبر من اجتياح العراق للكويت
هو وهو يتنهد: على طارئ الكويت، أنا طالع بكرة الجبهة.
عائشة بصدمة حقيقية: أنت مجنون؟؟
هو بغضب: أنا مجنون من يوم وافقت أبوي على هالمهزلة
عائشة: فديتك أنت، وغلاتي عندك، حرام عليك أبوك الشايب، أبوك ماعنده غيرك، وفي أخر أيامه، وزوجتك وأهلها مالهم غيرك.. وأنا…
هو بحسرة: خلاص خالتي والله مو طايق نفسي، أنا أصلا من بداية الحرب، وأنا أبي أنضم للمتطوعين، بس أبوي و أهل جواهر هم اللي كانوا مربطين يدي، بس الحين خلاص ما أقدر أحط عيني بعين حد. وأنا وصيت أفضل عليهم كلهم، وأدري أنه بالشوفة، ويسد مكاني.. وأنتي يا خالتي.. ماشاء الله عليج ما تحتاجين حد، وجدي وخوالي موجودين الله يخليهم لج..
عائشة بحزن: هذا قرارك النهائي؟؟
هو بحزن أكبر: إيه عيوش.. أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه..
عودة لبيت نجلاء ومسلسل الأسرار اللي بدأته جواهر
نجلاء باستغراب: الجبهة مرة وحدة؟؟
جواهر بحزن: تخيلي لهالدرجة كان قرفان مني وموب طايقني.. مستعد يرمي نفسه تحت دبابة عشان يخلص مني..ومن مجرد فكرة أنه تنازل ولمسني..كأنه لمس حشرة قذرة مو إنسانة…. ياليته داسته دبابة وقتها وارتحت منه.. يمكن وقتها كنت حزنت عليه.. وظلت له بقلبي ذكرى طيبة..ومأساة حياتي ماصارت..
نجلاء باستفهام: ليه شاللي صار عقب؟؟
جواهر بحسرة: المهم هو اللي صار عقب؟؟
#أنفاس_قطر#
بعد الغياب/ الجزء الخامس/24/12/2008
#أنفاس_قطر#
الساعة 11 وربع صباحا
المكان/ البنك العالمي الإسلامي(على فكرة مافيه بنك بهالأسم)
من أكبر بنوك الشرق الأوسط، وله فروع في كل العالم/ لحكومة قطر نسبة كبيرة من أسهمه، عشان كذا الحكومة هي اللي اختارت المدير العام له
في مكتب المدير العام في الفرع الرئيسي للبنك
كان المدير يتصل من موبايله:
– هلا أبو محمد
– …..
– جبت نوف؟؟
– ……
– مشكور مشكور، ولا عليك أمر إذا وصلتها البيت، أبيك تمر علي في البنك شوي
– ……
– في أمان الله
سكر تلفونه، ورجع لأشغاله اللي ما تنتهي، بس اللي عمرها ما شغلته عن الاهتمام بعياله
في نفس البنك، في مكان ثاني/ كان عدد العملاء خفيف، وموظفتين قاعدين يسولفون مع بعض، في انتظار لحضور أي عميل، وحدة منهم لابسة عباية وشيلة، والثانية تايور البنك الرسمي مع حجاب من نفس اللون
الثانية تقول: الله.. هو مافيش عملاء النهاردة، غريبة..
الأولى: تدرين، يوم جذي ويوم جذي..
– بلاش حكاية شذي وشذي، أصلي مابهزمهاش..
– اشربي وراها ماي وأهضميها
– بايخة أوي..
– وأنتي أبيخ..
– يا وحشة..
– يالسنكيحة..
– الله الله ..ماقلنا مابلاش الضرب تحت الحزام ده..
– والله إنج عسل يا نادية (تضحك)
– وانتي تئلاية بصل وتوم (تضحك)
– أفا.. أشوف الصحبة خربانة اليوم
– أنتي اللي ابتديتي..
– زين خلاص أرفع الراية البيضا، راضية؟؟
– راضية.. شفتي المدير النهاردة؟؟
– أي مدير؟؟ مديرنا؟؟
– لا الراس الكبيرة..
– آه.. لا.. تدرين نادر ما نشوفه..
– وإيه حكاية التنهيدة دي يا بت يا فوزية؟؟
– ما أدري من يوم أسمع طاريه، أعتفس، يخرب بيته ما يعطي وجه بالمرة، شلع قلبي… وبعدين أنتي أول من سأل.. ليش تسألين؟؟
– بأسمع أنه هيمسك منصب كبير، وهيترقى، وربنا يرحمه من أشكالنا.
– فوزية بخوف: الله لا يقوله يشيلونه من عندنا
– يعني هو أنتي طايلة حاجة، دا حتى ما بنشفوش إلا فين وفين.
– عادي المهم أنه نشوفه وبس
دخل عميلين للبنك، ورجعوا نادية وفوزية لشغلهم باهتمام.
في بيت نجلاء
الساعة 11 ونص
جواهر تطالع الساعة: نجلاء فديتج بأروح عندي محاضرة الساعة 1.
نجلاء حست أنها بتموت: طالبتج طلبة جواهر، اتصلي في السكرتيرة قولي لها تعلق إعتذار، أنتي نادر جدا ما تغيبين، خلي البنات يكيّفون اليوم، وبعدين أنتي ما عندج إلاّ محاضرة وحدة.
جواهر برفض: لا ، مافيه سبب أعتذر
نجلاء بإصرار: طالبتج، وغلاتي عندج، وغلاة حمودي، وغلاة أخوج عبدالعزيز، اقعدي تغدي عندي اليوم، وكملي لي سالفتج.
جواهر باستسلام: الله حسيبج، ماخليتي لي مجال، زين خليني أتصل بالسكرتيرة أقول لها تعلق إعتذار للبنات عند القسم وعلى باب القاعة.
قامت نجلاء تطلب من الشغالة تجيب لهم كيك وعصير، وجواهر تسوي الاتصال.
لما رجعت كانت جواهر خلصت اتصالها، ووجهت كلامها لنجلاء: زين نجلاء أنا أبي أتوضأ عشان الظهر بيأذن الحين، وعقب أوعدج أقول لج كل اللي تبين..
في البنك/ بعد صلاة الظهر
كان المدير في مكتبه، يجري اتصال مع مدير أحد الأفرع للبنك، دخل عليه سكرتيره، أشر له المدير بيده أنه يسكت لحد ما يخلص اتصاله.
أول ما خلص التفت عليه، وسأله بنبرة هادية: شنو فيه خليفة؟؟
– هذا بو محمد يقول أنك طالبه، وقاعد ينطرك برا.
– خليه يدخل، وبعدين مافيه داعي تخليه ينطر برا، دام ماعندي ضيوف ولا عملاء، خله يدخل على طول
– إن شاء الله ..
دخل أبو محمد المكتب الكبير البالغ الفخامة، وسلم على الرجال اللي جالس ورا المكتب، واللي لما شافه، قام من ورا المكتب لتكشف وقفته الرشيقة الواثقة عن طوله الفارع وعرض صدره وعضلاته البارزة بتناسق من تحت الثوب الناصع البياض المكوي بدقة..
وجلس هو وياه على الجلسة الصغيرة الموجودة في الزاوية.
بومحمد: سم بوئبدالعزيز، آمرني
(هو) بنبرة صوته المؤثرة اللي كانت أحد أسلحته في اجتماعاته مع خصومه في السوق: فيه موضوع بأكلفك فيه، وطبعا سر بيني وبينك لحد ما أقرر أيش بأسوي.
– أكيد يا (…..) أنت ئارف (عارف) أنه اهنا (إحنا) أخوان.(بو محمد بنبرة واثقة بلهجته المميزة ببقايا لهجته ألأصلية)
– أدري يا أفضل جعلني ما خلا منك ولا من نفعتك.
– تيب.. آمرني..
– سكت (هو) فترة، وبعدها قال بتعب: أم العيال يا أفضل..
– وقتها أفضل حس كأن كل الهوا اللي في الغرفة انسحب مرة وحدة، وسأل بحذر: وش فيها؟؟
– تنهد (هو) : أبيك تشوف وين مكانها،وشنواللي صار لها، وتبلغني، وعقب أنا بأقرر أيش أسوي..
– أفضل بنبرة لوم: إيش اللي زكرك بأم العيال عقب كل هالسنين.
– ومن قال أني نسيتها؟؟
– فئايلك (فعايلك) اللي ما يسويها صاهي (صاحي)
– أفضل.. ((هو) نبرة تهديد ولوم)
– أفزل وإلا ما أفزل.. انت ئارف (عارف) أني ما كنت مقتنع باللي سويته من البداية، والله لولا كلاك وكلا أبوك (غلاك وغلا أبوك)، وجميلكم اللي في رقبتي ورقاب عيالي، أني ما كنت أشترك مئك في اللي سويته.
– أفضل.. خلاص اللي راح راح، واللي سويته أنا كنت ومازلت مقتنع أنه كان في مصلحة العيال وأمهم. اللي أبيه منك الحين تسوي اللي طلبته منك.
– وأيش اللي زكرك فيها ئقب (عقب) هالسنين؟؟ماجاوبتني
– يا أفضل، أنا والله مانسيتها، من يوم خذيت العيال وأنا على طول كنت أحلم حلم مرعب، أنها متعلقة بالعرش، وتطلب من الله سبحانه، ينتقم لها مني، الحلم هذا كان يجيني على فترات متباعدة، وكنت أستعيذ بالله من الشيطان.. بس خلال الشهور الأخيرة، الحلم صار يجيني دايم، والله يا أفضل أني لا عاد ليلي ليل، ولا نهاري نهار، خايف أنه ربي يكون غضبان علي، طالبك يا أخوي، أنك تعرف لي مكانها.
– آسف.. (أفضل بإصرار)
– شنهو؟؟ ( هو بغضب)
– فيه شيء ما تئرفه (تعرفه) يا بو ئبدالعزيز، ويمكن يزئلك (يزعلك) مني لأني سويته من وراك.
– وش هو؟؟ قل لي.. وأوعدك ما أزعل..
– تزكر قبل خمس سنين لما جبتكم من المطار وأنتو راجعين من أمريكا، تزكر أني وصلتكم للبيت، وئقبه (عقبه) استأذنت، وقلت لك ئندي(عندي) مشوار زروري (ضروري) لازم سويه.
– (هو) بهمس: إيه أذكر، شنو كان المشوار؟؟
– أفضل بهدوء: رهت لبيت أم العيال؟؟
– (هو) بغضب: أشلون يطاوعك قلبك تسويها من وراي؟
–
– أفضل بغضب أكبر: إلا أنت اللي أشلون طاوئك قلبك تهرم أم من عيالها.
– (هو) بحزن: واللي يرحم والديك أفضل، أنت كنت عارف أسبابي وقتها ومقتنع فيها.
– أفضل بحزن: بلاك ما شفتها يوم بلغتها الخبر، والله تمنيت الأرض تنشق وتبلئني (تبلعني)، تمنيت أني مت قبل زاك اليوم، تمنيت…
– (هو) يقاطعه، مو قادر يستحمل بقية الوصف: خلاص أفضل خلاص…… قل لي شنو صار يوم رحت لبيت أم العيال؟؟
– أفضل بحزن عميق: ما لقيته..
– (هو) بصدمة بالغة: شنهو؟؟
#أنفاس_قطر#
بعد الغياب/ الجزء السادس/
#أنفاس_قطر#
في مكتب (…) استكمالا لحواره مع أفضل
– (هو) يقاطعه، مو قادر يستحمل بقية الوصف: خلاص أفضل خلاص…… قل لي شنو صار يوم رحت لبيت أم العيال؟؟
– أفضل بحزن عميق: ما لقيته..
– (هو) بصدمة بالغة: شنهو؟؟
– المنطقة كاملة انشالت، وانبنى مكانها مدارس وملائب(ملاعب) وئمارات(عمارات)، مالقيت هد (حد) أساله، زليت (ظليت) أدور مسل(مثل) المجنون في المنطقة، إحساسي بالزنب يزبهني (بالذنب يذبحني) من اللي سويته قبل 12 سنة، قلت خلاص جات اللحزة(اللحظة) اللي أكفر فيها عن زنبي. بس الله يبي يئاقبني (يعاقبني) على اللي سويته..
– خلاص يا أفضل خلاص، الله رايد كذا، لو فيه نصيب بنلاقيها، مع أني خايف على عيالي، أدري أكيد إنها تزوجت وعندها درزن عيال، وما أبي أدخل عيالي في دوامة.. بس اللي الله كاتبه بيصير…..
– وأنت شدراك أنها تزوجت؟ (أفضل بتشكيك)
– أنا متأكد، وحدة مثلها لا تعليم ولا شغل وش بتسوي غير إنها تتزوج. يعني بتقعد 17 سنة بدون زواج (هو بلهجة واثقة) اللي أنا كنت خايف منه، أنه لو احنا لقيناها، أشلون أقدم لعيالي أمهم الجاهلة اللي عندها درزن عيال غيرهم..
أنت أكثر واحد عارف أني حرمت نفسي من كل شيء عشان عيالي، وعشت حياتي ناسك، ومارضيت أتزوج عشان ما أدخل عليهم مرت أبو، وحكاية أنه أمهم اللي يظنونها ميتة تطلع لهم هي وزوجها وعيالها، شيء بيأثر في نفسيتهم وبيربك حياتهم ويعقدها، ما أدري الله وش كاتب، بس الله لا يكتب إلا خير.
في بيت نجلاء/ بعد صلاة الظهر بشوي
جواهر جالسة وعلى رجلها حمودي تلاعبه باللعبة اللي هي جايبتها له.
نجلاء بحماس: هاه حجية، حطي حمودي جنبج وكملي لي.
جواهر تحضن حمودي بحب: لا خليه بحضني وأنا بأسولف لج، يالموذية.
نجلاء بلهفة: وراح أخونا رشدي أباظة للجبهة.. وش صار عقب؟؟
جواهر بحزن: في ذيك الليلة، طلع بدون ما يقول لي شيء، وغاب يومين، وكنت أحسب أنه لما قال لي أنه خلاص ماراح تشوفين وجهي أنها كلمة ساعة غضب،
يتبع ,,,,
👇👇👇